ملامح شخصية موسى عليه السلامالكليم موسى عليه السلام، نعيش معه هذه اللحظات في هذه المحاضرة، ونسأل الله عز وجل أن يجعلها مجلس ذكر يحفنا فيه بملائكته وتغشانا سكينته ورحمته، أيها الإخوة: إن الأنبياء قد عاشوا مع أممهم أمة واحدة لكل نبي وموسى عليه السلام عاش مع أمتين، وفي مرحلتين وتاريخين، فعاش مع أمة القبط مع موسى ثم مع بني إسرائيل بعد هلاك قوم موسى، وهو الذي شرفه الله تعالى بكلامه فقال عز وجل: وكلم الله موسى تكليما، واصطفاه على الناس: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، كان مخلصا وكان رسولا نبيا، وناديناه من جانب الطور الأيمن، وقربناه نجيا، وهو الذي اصطنعه الله تعالى لنفسه، قال: ثم جئت على قدر يا موسى واصطنعتك لنفسي، وهو الذي برأه الله فقال: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها، هذا النبي الكريم من أكثر الناس تابعا يوم القيامة ولا عجب فقد عمل في الدعوة إلى الله هذه السنوات الطويلة، وبذل الجهود العظيمة، وقام في الدعوة خير قيام، فكان أتباعه كثر، فروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم، فقلت ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه .... المزيد |
مقولة شيخ الإسلام ضد التتارلقد مر في تاريخ الأمة الإسلامية عظماء ومجددون لهذا الدين، رفع الله قدرهم في الدنيا ونظن أن لهم البشرى والحسنى في الآخرة، ومن هؤلاء شيخ الاسلام أحمد ابن تيمية رحمه الله عز وجل، الذي كان مبرزاً منذ صغره، منذ أن جاء ذلك الشيخ من حلب إلى دمشق فسأل عن اسمه لما بلغه من حفظه فلما دل عليه ومع شيخ الاسلام وهو غلام صغير لوح، فأمره أن يمسح ما فيه وأملى عليه عشرين حديثا وسأله كم يحتاج من الوقت لحفظها فكانت الكتابة كافية في حفظها فسردها عليه، ثم محاها وأملى عليه عشرين أخرى وهكذا حتى عرف الشيخ أنه سيكون لهذا الغلام شأن عظيم، وناظر شيخ الاسلام يهوديا وكان عمر شيخ الاسلام إحدى عشرة سنة فبين له كثيرا من الشبهات وأزالها ولعل ذلك اليهودي قد أسلم من دعوة ذلك الغلام، وأيضا فإنه رحمه الله قد جلس للتعليم منذ سن مبكرة جدا، وقعدة وهو ابن تسعة عشرة سنة، وأفتى وهو ابن واحد وعشرين سنة، وأجرى الله على يديه كثيرا من الخير، من تعليم الخلق وجهاد الأعداء، ومقاومة البدع ونبذ الانحرافات، والجرأة على من كانوا يتبوؤون الأماكن العالية، ومع ذلك فإنه رحمه الله صدع بالحق وبين، كادوا له فصبر، وأوذي فسجن وضرب وجلد ومنع من الكتابة والأوراق وكتبه وصودرت كتبه وهو صابر محتسب، وهو الذي جاهد الكفار والمرتدين وكشف أستار المنافقين في عصره، وكان أمارا بالمعروف نهاءا عن المنكر، حتى أنه كان ليخرج مع تلاميذه فيغشون السوق فما وجدوا من أدوات المنكر أو أوعية الشراب كسروه وأراقوه .... المزيد |
مفسدات القلوبإن هذا القلب هو الملك على سائر الأعضاء، وهو الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ولما كان القلب هو الملك والجوارح هي الجنود المؤتمرة بأمره، ولما كان هو المسؤول عن الرعية، وهو الراعي والجوارح هي رعيته، لما علم عدو الله إبليس بذلك أجلب على هذا القلب بالوساوس والشهوات، وصار يحاول إفساد قلوب بني آدم بشتى الوسائل التي يستطيعها؛ ذلك أنه قد أخذ على نفسه العهد بأن يفسد من ذرية آدم من يستطيع، والله استثنى خلقًا من خلقه فقال إلا عبادي، هؤلاء العباد ليس لك عليهم سلطان عباد الله المتقون، وأما الناس الغافلون وأصحاب الشهوات والشبهات فإن لكل منهم نصيبا من الشيطان بحسب الضلال الذي أضلهم به، ولا يمكن أن ينجو إنسان يوم القيامة إلا إذا جاء بقلب سليم من الشهوات والشبهات كما قال الله عز وجل: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .... المزيد |
(2) معالم في طريق العبوديةفي هذه الحلقة بدأ الشيخ بالإجابة على أسئلة المحاضرة السابقة: معالم في طريق العبودية(1)، وقد بدأ الشيخ بالإجابة على سؤال شابٍ يسأل عن الصحبة الصالحة، وما يشعر به من مصاحبة الصالحين، والقرب منهم، وما يشعر عند البعد عنهم من التقصير، الذي يؤدي إلى اتهام النفس بالنفاق، فهل يترك صحبتهم حتى يكون في مستواهم، ثم ينضم إليهم؟ .... المزيد |
(1) معالم في طريق العبوديةمعالم في طريق العبودية، هذا الطريق الذي شرعه الله عز وجل، ووضح معالمه في القرآن وأرسل الأنبياء وبعثهم؛ لكي يبينوا للناس هذا الطريق، ويسلكوه فيتبعهم الناس ويسيرون وراءهم، فيكونوا هم القدوات والأئمة الذين يؤتم بهم في هذا الطريق، هذا الطريق أيها الإخوة طريق الشرف، والعبودية أرقى المراتب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال: لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله، ظن بعض الجهلة من المتصوفة وغيرهم أن في هذا الحديث حط من قدره عليه الصلاة والسلام، ولكن في الحقيقة أن في هذا الحديث رفع لدرجته صلى الله عليه وسلم، وإظهارًا لفضل الله عليه وأن أفضل كلمة يوصف بها عليه الصلاة والسلام من ألفاظ الثناء والمدح هي: أن يكون عبدًا، إنما أنا عبد .... المزيد |
مصاحبة الصالحينإن من أنواع العابدة حضور مجالس العلم، ومصاحبة الصالحين لأن صحبة الأخيار من علامات الأبرار وصحبة الأخيار من دين الإسلام وصحبة الأخيار من مقتضى عقد الولاء الذي عقده الله بين المؤمنين، وموالاتنا للمؤمنين تفرض علينا أن نصاحبهم، فمصاحبة الأخيار إذا من المواضيع العقدية، مواضيع العقيدة قبل أن تكون موضوعا من مواضيع الآداب أو الأخلاق والسلوك، لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله فموادتنا إذا لأهل الإيمان من صميم هذا الدين، وينبغي أن يتذكر المسلم يوم يعض الظالم على يديه فيقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ياوليتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، وعند انتقائك للإخوان والمصاحبة للأصدقاء تذكر يوم يكون الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين، وإذا أردت أن تلازم أشخاصا فتدبر حديثه صلى الله عليه وسلم: لا تصحب إلا مؤمنا .... المزيد |
محبة الله والطريق إليهاإن محبة الله تعالى والطريق إليها موضوع له أهمية عظيمة في حياتنا التي نعيش فيها اليوم، فمن الأسباب المهمة الملجئة لطرق الموضوع أنه إذا تأمل الإنسان نفسه، وتأمل من حوله، فإننا نجد أيها الإخوة أن كثيرا من عباداتنا مثل الصلاة وغيرها قد تحولت إلى عادات فصرنا ندخل المساجد ونكبر وراء الإمام ونقوم بالركعات ثم نسلم ونحن لم نفقه من أمر الصلاة شيئا وصار يأتي الصيام ويتناول الواحد السحور بعملية أوتوماتيكية، ثم يفطر وهكذا يمر الشهر شهر رمضان وهو لم يستفد من الصيام شيئا، ويذهب الواحد إلى الحج وقد تثور في نفسه بعض المشاهد في بعض المشاهد أشياء تذكره بالله عز وجل ولكن إذا كرر هذه العبادة فإن هذا الحماس وهذا التأثير يتلاشى، كذلك يا إخواني كثير من الذين يتمسكون بالإسلام ويلتزمون به يكون تمسكهم في الإسلام في البداية على غير أساس صحيح لأنهم دخلوا في هذا التمسك تقليدا لا محبة لله عز وجل، تقليد يرى من حوله يصلون فيصلي، ويرى من حوله لا يسمعون الأغاني فيترك الأغاني ويرى من حوله يقصر ثوبه مثلا فيقصر ثوبه تقليدا لا حبا في الله عز وجل، فبعد فترة من الزمن ينتكس هذا الشخص وينقلب على عقبيه. .... المزيد |
مآسي من الظلم الاجتماعيكلما ابتعد الناس عن دين الله كلما كثر ظلمهم وزادت معاصيهم وحصل من وراء ذلك زيادة في الشقاء والتعاسة، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى، هذه المعيشة الضنك التي تكون لكل من حاد عن منهج الله ولم يطبق دين الله وخرج عن طاعته سبحانه وتعالى، والظلم أمر شنيع، وخطب فضيع، ولذلك حرمه سبحانه على نفسه، فقال في الحديث القدسي: إني حرمت على نفسي الظلم وعلى عبادي ألا فلا تطالموا، والظلم من طبيعة الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، إن الإنسان لظلوم كفار، وعاقبته وخيمة يوم الدين، الظلم ظلمات يوم القيامة، وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما، إن الظلم عاقبته في الدنيا أيضًا إن الله عز وجل يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد، والله تعالى يسلط الظالمين على الظالمين، وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون .... المزيد |
ماذا يحدث تحت الأرضاقتضت حكمة الله تعالى أن جعل النفوس في الخلق في أربع دور، كل دار أعظم من التي قبلها، الدار الأولى: بطن الأم، وذلك الحصر والضيق والظلمات الثلاث، والدار الثانية دارنا هذه التي نشأنا فيها وألفناها، واكتسبنا فيها الخير والشر، وأسباب السعادة والشقاء، والدار الثالثة ا إخواني دار البرزخ، تحت الأرض، وهي أوسع من هذه الدار وأعظم، بل نسبتها إليها كنسبة هذه الدار إلى الدار الأولى، سبحان الله!! إذا كان فوق الأرض هناك حركة طائرات وسيارات وأحياء يمشون ويذهبون ويعمرون ويتحركون فتحت الأرض يا إخوان يوجد حياة عظيمة وحركات كثيرة صعود وهبوط وإقعاد وسؤال وفتنة وفتح أبواب ونوافذ، وهذا سموم يأتي من الشمال وهذا نعيم يأتي من اليمين، وأناس يؤنسون، وأناس مستوحشون، هناك عالم آخر تحت الأرض عدد الناس الذين فيه أكثر من الذين فوق الأرض، لكن الناس كثيرا ما يغفلون عن هذا، والدار الرابعة يا إخوان دار القرار الجنة أو النار .... المزيد |
لمحة عن الفرق المعاصرةإن الله سبحانه وتعالى قد خلق عباده حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم، فالأصل في هذه البشرية التوحيد كما قال ابن عباس رضي الله عنه فيما ورد في صحيح الإمام البخاري رحمه الله كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، وقد بعث الله سبحانه وتعالى محمدا بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، بعثه بالتوحيد وبدين الإسلام، فكان خاتم الأديان، كما أنه صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وكان فيما أنزل عليه قول الله عز وجل وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعا السبل فتفرق بكم عن سبيله، وقال صلى الله عليه وسلم لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، وأخبرنا بأنه لا تقبل من الإنسان أي محدث يحدثه في الدين، لا يقبل منه إحداثا في الدين فقال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .... المزيد |