هل نحن مسلمون؟ 2

وأنا سألت مرة الشيخ ابن باز قلت له: لو أن أهلي قالوا لي ما أحضر حلقة العلم التي أنت تدرّس فيها هنا في المسجد ما هو الحكم؟ قال: تعصيهم؛ لأنهم يمنعونك من غير فائدة، لا يحتاجون إليك، فلو أنهم أمروك بعدم حضور حِلق العلم وعدم الصلاة في المسجد، تطيع من؟ تطيع الله، هذه مسألة مهمة، تطيع الله، تطيع الرسولﷺ،  أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ _{^{[الأنفال: 20]}} وعندما قال لقمان لابنه أن يبرّ بوالديه، ماذا قال له بعد ذلك؟ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا _{^{[لقمان: 15]،}} لكن يا جماعة حق الوالدين عظيم جدًا جدًا؛ خصوصاً إذا أمروك بطاعة الله، أمروك بشيء ليس فيه معصية، قال لك أبوك: اذهب اشترِ لي شيئًا لازم تروح تشتريه إذا لم يكن فيه معصية، قال لك أبوك: اذهب اشتر لي دخان سجائر، تشتري أو ما تشتري؟ السجاير حرام، فلو قال لك أبوك: اذهب اشتر لي سجاير من الدكان ماذا تفعل؟ ما تشتري ببساطة، الناس الآن ما عندهم هذه القضايا غير موجودة، نحن نربي أولادنا على أشياء عجيبة نحن ما نربيهم على طاعة الله ورسوله، نربيهم على أشياء كثيرة تخالف الإسلام، تخالف الدين، ويأتي واحد يقول: يا شيخ كيف جعلت الدخان حراماً؟ نحن سمعنا قبل قليل بعض الناس يقولون: مكروه، فأقول لك: يا أخي الكريم تبغى حكم الله أو تريد حكم الشيطان؟ تريد حكم الله في المسألة فاقرأ قول الله  في القرآن وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ _{^{[الأعراف: 157]}}، ولو مسكت الآن عاقلاً من الناس وقلت له: الدخان طيب أو خبيث؟ ماذا يقول؟ هل هناك أحد يقول: أن الدخان طيب؟ فلما يقول الله  ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ الدخان خبيث، فإذن، الدخان حرام؛ لأن الله يقول: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ 

ما أتينا بشيء من عندنا، من القرآن، الدليل على تحريم الدخان من القرآن ليس بالقياس ولا بغيره، قبل القياس وقبل كذا موجود في القرآن.

تكلمنا عن شهادة ألا إله إلا الله، شهادة ألا إله إلا الله تستلزم أشياء كثيرة، لكن دعونا نتكلم الآن قليلاً في هذه العُجالة عن: أشهد أن محمداً رسول الله.

ذكرنا لكم أن توحيد الله  توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، متضمنة شهادة ألا إله إلا الله وأن شهادة أن محمداً رسول الله تتضمن توحيد الاتباع، يعني ما نتبع إلا الرسول ﷺ ، لو خالف قول الرسول ﷺ قول إمام مسجد، نتبع قول الرسول ﷺ، لو خالف قول الرسول ﷺ عالماً كبيراً من العلماء نتبع من؟ قول الرسول ﷺ، لو خالف قول الرسول ﷺ قول عظيم من العظماء أو كبير من الكبراء نتبع قول الرسول ﷺ، فإذن، الذين يقدِّمون أقوال الرجال على قول الرسول ﷺ فإنهم كما قال ابن عباس: "أخشى أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟" [رواه أحمد: 3121، وابن عبد البر في جامع بيان العلم: 2381، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه بلفظ: أراهم سيهلكون أقول: قال النبي ﷺ، ويقول: نهى أبو بكر وعمر]. مع أن أبا بكر وعمر من أفضل الناس، فابن عباس يقول لهم: هذا قول الرسول ﷺ يقولون: لكن أبا بكر قال كذا، فيقول: يوشك ان تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم: قال رسول الله، وتقولون: قال: أبو بكر وعمر، فإذن، نقدّم قول الرسول ﷺ على قول أي واحد كائنًا من كان؛ لأن الله قال: أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ  _{^{[الأنفال: 20]،}} ما قال: وأطيعوا الله وفلان الفلاني وأطيعوا الله والشيخ الفلاني لكننا نسترشد بأقوال العلماء علماء السلف الصالح - رحمهم الله - ومن سار على نهجهم من أهل العلم في وقتنا هذا نسترشد بشروحٍ لنصوص القرآن والسنة، ونسترشد بفقههم، وإلا من غير أهل العلم سنضيع، تصوروا حالنا من غير علماء، لا يوجد من يفتي للناس ولا من يقول للناس ويعلّم الناس، كيف يعرف الناس الحق؟ والعلم دين الله  متين، دين الله  ليس بالسهل، فلا بد لهم من علماء يعرفون هذا العلم.

من ضمن أشهد أن محمداً رسول الله أيضًا تعظيم سنن الرسول ﷺ السنن مهما كانت صغيرة لا بد أن نعظم السنة، فمثلاً: بعض الناس يفهمون أن كلمة سنة يعني ممكن أن يعملها الواحد أو أن يتركها، هذا أحد التعاريف، ليس هو التعريف الوحيد.

السُّنة منها واجبة ومنها مستحبة، ليست كلمة السنة دائمًا تعني أنك تعملها أو لا تعملها، فكثير من الناس تقول لهم: هذه سنة، فيقول لك: أنا مخير أعملها أو ما أعملها! هذا مفهوم خاطئ، لا بد ان تطبّق السُّنة دائمًا، ولماذا الرسول ﷺ دعا إليها سواء كانت هذه السنة كبيرة، من سنة الرسول ﷺ صلاة العيدين من سنة الرسول ﷺ ، صلاة الجمعة من سنة الرسول ﷺ صلاة الجماعة، كيف عرفنا أن صلاة الظهر أربع ركعات؟ يوجد في القرآن آية تقول: صلاة الظهر أربع ركعات؟ لا توجد آية في القرآن تقول: صلاة الظهر أربع ركعات، كيف عرفنا أن صلاة الظهر أربع ركعات؟ من سنة الرسول ﷺ؛ لأن الله لما أنزل عليه القرآن أنزله ومن أغراض بعثة الرسول ﷺ أن يبين للناس ما نزل إليهم من ربهم، الرسول يشرح للناس ويبين فهل يجوز واحد يقول: أنا سأصلي الظهر خمس ركعات، لماذا؟ يقول لأن صلاة الظهر أربع ركعات سنة هذا كلام صحيح؟ ما هو صحيح تأتي أيضاً إلى قضايا صغيرة بعض الناس يفكر أن هذه الأشياء قضية اللحية مظهر الإنسان ثيابه لحيته مظهره من سنن الرسول ﷺ اللحية من سنن الرسول ﷺ حف الشارب حتى لا يطول عن الشفتين من سنن الرسول ﷺ قص الأظفار حلق العانة الاستنشاق الاستنثار غسل ما بين الأصابع من الوسخ ما بين الثنيات هذه التي تنثني ما بين الأصابع من هنا ومن هنا، هذا غسله من السنّة، هذه السنن ينبغي المحافظة عليها، ولذلك الرسول ﷺ دائما يأمر بها ويوصي بها، فبعض الناس تأتي وتقول: يا أخي هذه اللحية سنة الرسول ﷺ لماذا لا تلتزم بها؟ فتجد أجوبة عجيبة، الملخص أنه ما يريد يتبّع الرسول ﷺ هذا الملخص.

بعض الناس قد يزيل اللحية لجهله، ليس لأنه معاند، عرف الحق ويعاند، لا، لكن لا يعرف الحكم، يظن أن المسألة على التساهيل ،  لا يا أخي  لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ  _{^{[الأحزاب: 21].}}

هل تتصور الرسول ﷺ في يوم من الأيام حلق لحيته؟ هل تتصور الصحابة حلقوا لحاهم في يوم من الأيام؟ فلماذا تحلق لحيتك؟ هذا السواك الذي نتسوَّك به من سنن الرسول ﷺ فالتزم به وحافظ عليه، تحريك الأصبع بالتشهُّد وأنت في الصلاة من سنن الرسول ﷺ يجب أن تلتزم بها وتصلي؛ لأن الرسول ﷺ قال:  صلوا كما رأيتموني أصلي _{^{[رواه البخاري: 631].}}

ومن السُّنة أن تحرّك أصبعك في التشهُّد، والآن يأتي واحد يقول، وهذا الكلام سمعناه، يقول: الرسول ﷺ ما كان يحلق لحيته لماذا؟ قال: لأنه ما كان عنده موس حلاقة! عجيب! سبحان الله انظر الكلام، فواحد من الإخوان أجابه قال: ما كان عنده سيف هذا طوله ولو أراد لحلقها بسيفه؟ وكذلك تحريك الأصبع في التشهُّد، واحد يقول: يا شيخ لا تلعب! ما هذا الذي تحرّك يصف سنة الرسولﷺ بأنها لعب تصور، فواحد من الناس من هؤلاء السذج يغفر الله لنا وله قال : تحريك الأصبع ما هو سنة ولا شيء وإنما مرة كان الرسول ﷺ يتشهد فجاءت ذبابة على أصبعه فحركها حتى تطير الذبابة، انظروا إلى الاستهزاء بسنة الرسول ﷺ أحاديث صحيحة منقولة أن الرسول ﷺ كان يحرك أصبعه في التشهد وأنت تقول: والله حركها حتى تطير الذبابة، فإذن، لا بد من الحرص، عليكم بسنتي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة _{^{[رواه أحمد: 17144، وأبو داود: 4607،  وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2549].}} أظن الوقت لا يسمح بإكمال الأشياء الباقية لكن نكتفي بما ذكرناه وبعد عرض هذه التصورات نسأل أنفسنا أيضاً هذا السؤال: هل نحن مسلمون؟ بعد ما عرفنا هذه التصورات ومعنى الشهادتين ومعنى الإيمان ومعنى العبادة ومعنى توحيد الاتباع ومعنى طاعة الله ورسوله وتقديم هذا على العادات وعلى التقاليد وعلى أقوال الناس وعلى سمعت من فلان وسمعت من فلان بعدما عرفنا هذا نسأل الآن هل نحن مسلمون حقاً؟ فلذلك نسأل الله  أن نكون مسلمين نسأل الله  أن نكون على طريقة الرسول ﷺ ونسأل الله  أن يوفقنا وإياكم لاتباع طريقة الرسول ﷺ وسنة الرسول ﷺ ظاهرًا وباطنًا، وأن نتمسك بها ونعض عليها بالنواجذ، ونسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.