الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

ملامح شخصية موسى عليه السلام


عناصر المادة
مقدمة
شهامة موسى -عليه السلام- ورجولته
رجوع موسى -عليه السلام- إلى الله وأوبته إليه
لجوء موسى -عليه السلام- إلى الله في كل الأمور
قوة موسى -عليه السلام- في العقل والجسم
وفاء موسى -عليه السلام-
تواضع موسى -عليه السلام-
رأفة موسى -عليه السلام- ورحمته
ثقة موسى -عليه السلام- بالله
صدق  -عليه السلام- ووضوحه
رفق موسى -عليه السلام-
حكمة موسى -عليه السلام- وتدرجه في الدعوة
غضب موسى -عليه السلام- إذا انتهكت محارم الله
صبر موسى -عليه السلام- على طلب للعلم والدعوة
قدرة موسى -عليه السلام- على اتخاذ القرارات السريعة الصائبة
قوة موسى -عليه السلام- في عرض الحق والحجة
ثقة موسى -عليه السلام- بنصر الله
استشعار موسى -عليه السلام- لحجم المسؤولية
زهد موسى -عليه السلام- في الدنيا واختياره للآخرة
قبول موسى -عليه السلام- النصيحة من الغير
شدة حياء موسى -عليه السلام-

مقدمة

00:00:05

الكليم موسى ، نعيش معه هذه اللحظات في هذه المحاضرة، ونسأل الله أن يجعلها مجلس ذكر يحفنا فيه بملائكته، وتغشانا سكينته ورحمته.

أيها الإخوة: إن الأنبياء قد عاشوا مع أممهم أمة واحدة لكل نبي، وموسى عاش مع أمتين وفي مرحلتين وتاريخين، فعاش مع أمة القبط مع موسى، ثم مع بني إسرائيل بعد هلاك قوم موسى.

وهو الذي شرفه الله -تعالى- بكلامه، فقال عز وجل: وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: 164].

واصطفاه على الناس: يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي [الأعراف: 144].

 كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا * وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا [مريم: 51 - 52].

وهو الذي اصطنعه الله -تعالى- لنفسه، قال: ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى * وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [طـه: 40 - 41].

وهو الذي برأه الله، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب: 69].

هذا النبي الكريم من أكثر الناس تابعاً يوم القيامة ولا عجب، فقد عمل في الدعوة إلى الله هذه السنوات الطويلة وبذل الجهود العظيمة وقام في الدعوة خير قيام، فكان أتباعه كثر، فروى ابن عباس عن النبي ﷺ قال: عرضت علي الأمم، فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحد، حتى رفع لي سواد عظيم، فقلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق، ثم قيل لي: انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء، فإذا سواد قد ملأ الأفق، قيل: هذه أمتك ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفاً من غير حساب [رواه البخاري: 5705].

هذا الحديث الذي في الصحيح يبين عظم هذا النبي الكريم، وأن أتباعه كانوا كثر جداً، وأنهم سواد عظيم، ولذلك فإن له من الأجر مثل أجورهم؛ لأنه كان السبب في هدايتهم، وأنه كان قدوة لهم.

هذا النبي الكريم الذي كان موحداً على شريعة يعقوب حتى قبل أن يبعث، وكان في بني إسرائيل دين وتوحيد.

لقد تميز هذا النبي الكريم بصفات، وعن سمات شخصيته نتحدث وبعض خصاله موضوع الحديث.

لقد تميز موسى أيها الإخوة- بصفات كثيرة طيبة، وكانت شخصيته حقاً شخصية فذة، كانت شخصية نادرة، وحق له أن يكون بهذه الصفات وقد اصطفاه الله وهو الذي كلمه مباشرة دون واسطة، وبما أن الأنبياء قدوة لنا، فإن النظر في صفاتهم والتعلم منهم هدف نسعى إليه.

شهامة موسى -عليه السلام- ورجولته

00:04:05

كان من الصفات التي اتسم بها: الشهامة والرجولة، فقد كان رجلاً عظيماً.

ومن شهامته: أنه لما رأى المرأتين تريدان السقيا ولا من معين، بل إن هؤلاء القوم يسقون ولا يأبهون لهما تقدم فأزاح الحجر العظيم ثم سقى لهما.

وجاء في الحديث عن عمر أنه قد أزاح هذه الصخرة التي وضعها هؤلاء الرعاة على البئر، ثم نزع منها دلواً واحداً، فسقى لهما، فأعاد الصخرة ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان، قال: ما خطبكما؟ فحدثتاه، فأتى الحجر فرفعه، ثم لم يستق إلا ذنوباً واحداً، حتى رويت الغنم" قال ابن كثير -رحمه الله-: "إسناد صحيح" [رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: 31842].

رجوع موسى -عليه السلام- إلى الله وأوبته إليه

00:05:23

اتسمت شخصية موسى أيضاً بأنه رجاع إلى الله -تعالى-، شخصية أوابة، رجاعة إلى الله -تعالى- بالتوبة والاستغفار، فإنه لما دخل: الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ [القصص: 15].

رجع إلى الله، فقال: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ [القصص: 16 - 17]، فهو يعرف ربه وهو موحد، وهو موحد منذ صغره على دين قومه، وكان فيهم التوحيد، وهو على شريعة يعقوب -عليه السلام- قبل أن يوحى إليه.

ونلاحظ أنه تعهد ألا يكون نصيراً للمجرمين؛ لأن الإنسان المسلم لا يجوز له أن يستعمل ما آتاه الله من قوة في الشر، وإنما يستعملها في الخير، قال: رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ  بهذه القوة وهذه الصحة والعافية، فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ .

لجوء موسى -عليه السلام- إلى الله في كل الأمور

00:06:59

اتسمت شخصية موسى بصدق اللجوء إلى الله في كل الأمور، فنجده عندما خرج من هذه المدينة من عند القبط خائفاً يترقب يدعو ربه: قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 21]. ولما قرر أن يتوجه إلى مدين لم يكن يعرف الطريق أبداً، فلذلك دعا الله فقال: قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ [القصص: 22].

وفعلاً هداه الله لسواء السبيل في طريقه إلى مدين، ولسواء السبيل في الحق فجعله نبياً.

وكذلك نلاحظ أنه يسأل الله العون وقضاء الحاجة وهو يقول: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص: 24]، فأنا محتاج إلى رحمتك وخيرك يا رب.

قوة موسى -عليه السلام- في العقل والجسم

00:08:05

وكذلك فقد اتسمت شخصية موسى بالقوة في العقل والجسم، وهذه القوة التي قضى بها على ذلك القبطي لما وكزه وكزة قضى عليه.

ولما رفع الحجر العظيمة عن البئر فسقى لهما، ولذلك قالت المرأة: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: 26].

وقوته كانت مؤهلة له للقيادة {زاده الله بسطة في العلم والجسم}.

ومن صفات القائد خصوصاً عندما يكون أمر الجهاد بالسلاح: قوة البدن.

ولما قاد موسى الجيش ضد الجبارين ليدخلها ومن معه عليهم، كان قائداً قوياً، وكان ذا بدن رزقه الله -تعالى- بركة فيه وقوة.

وفاء موسى -عليه السلام-

00:09:11

ومما اتصف به عليه السلام: الوفاء، الوفاء بالوعد والصدق فيه، فإنه لما وعد أبا الزوجة أن يرعى له الإبل ثمان سنين أو عشراً وفى له وأكمل الثمان.

ولما كان موسى نبياً كان اللائق بأخلاق الأنبياء أن يأتوا بالمستحب ولو كان لا يجب عليهم، ولذلك سأل يهودي ابن عباس : أي الأجلين قضى موسى؟ فقال حبر العرب: قضى أكثرهما وأطيبهما [رواه البخاري: 2684 ].

واعتماده في ذلك على ما جاء عن النبي ﷺ كما رجح الحافظ -رحمه الله-؛ لأنه قد صرح برفعه في طريق عكرمة عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ سأل جبريل: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمهما وأكملهما [رواه أبو يعلى: 2408].

وفي رواية: "أوفاهما" [رواه الطبراني في الأوسط: 8372 ].

وفي رواية: "أتمهما وأطيبهما عشر سنين".

فقال سعيد الذي روى الحديث عن ابن عباس: "فلقيني اليهودي الذي سأله، فسأل له ابن عباس، فأعلمته أنه قضى عشر سنين، قال اليهودي: صاحبك والله عالم، يعني ابن عباس عالم، فهذا اليهودي كان عنده علم بأي الأجلين قضى موسى .

ولما رأى موسى طمع الرجل الصالح متعلقاً بالزيادة، وهو يقول له: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ [القصص: 27]، فكانت نفس الرجل الصالح تود العشر، ومتعلقة بالعشر، لكن خفف عليه إلى ثمان، وبقيت نفسه متعلقة بالعشر، ولذلك اتجه موسى إلى إتمام الزيادة كرماً منه، ولا أراد ألا يخيب ظن هذا الرجل الصالح فيه.

تواضع موسى -عليه السلام-

00:12:06

لقد اتسمت شخصية موسى ﷺ بالتواضع، كان ذلك جلياً في مواضع كثيرة، وتواضعه لربه عجيب، ويدل على ذلك إخباته له وسؤاله إياه، وأما للصالحين فإن تواضعه للخضر كان كبيراً: قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا [الكهف: 69]، لا أعصي لك أمراً، فأنت تأمر وأنا أنفذ.

رأفة موسى -عليه السلام- ورحمته

00:12:39

لقد امتازت شخصيته ﷺ بالرأفة والرحمة، كان ذلك ظاهراً عندما كان رحيماً ببني إسرائيل بقومه، سأل الله لهم أشياء، ولما أخذتهم الصعقة قال: قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ [الأعراف: 155].

وسأل ولا زال يسأل ربه حتى أحياهم له.

لقد بدت هذه الرحمة بأهله وزوجته  فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ [القصص: 29].

فقد كان حذراً خائفاً على أهله، ولذلك قال: امكثوا؛ لأنه لا يعلم هل عند النار عدو أو مسالم؟ ولذلك قال لأهله: امكثوا، ولأن الليلة باردة أراد أن يأتي لهم بشيء يستدفئون به، ولذلك قال: أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ، فهو حريص رفيق بزوجته يريد لها الدفء في البرد، فذهب يلتمس من النار جذوة تستدفئ بها زوجته.

ثقة موسى -عليه السلام- بالله

00:14:16

اتسم موسى ﷺ واتصف بثقته بالله -تعالى-، لقد كانت الثقة بربه عظيمة، وهذا واضح في مواطن كثيرة، ومن ذلك أنه لما رأى فرعون ووراءه الجنود يوشكون على اللحاق به وبمن معه فإنه لم يستسلم ولم يخف منهم، وإنما قال بلسان الواثق بربه: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62] مع أنه كان بالنسبة لمن معه قد بلغوا الإياس، وأنه لا سبيل لهم إلى النجاة، ولذلك فإنهم أعربوا عن يأسهم، وقالوا:  إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء: 61].

ولكن هذا النبي الكريم قال: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62]..

صدق  -عليه السلام- ووضوحه

00:15:29

لقد اتصف موسى ﷺ بالصدق والوضوح، ولذلك كان واضحاً في عرض الدعوة، ولما قال له فرعون إنك قتلت نفساً، قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ [الشعراء: 20] لقد كنت على ضلال واعترف بذلك، وكان صادقاً واضحاً.

وكذلك فإنه كان يتحدث بنعمة ربه في قوله: فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء: 21].

رفق موسى -عليه السلام-

00:16:02

لقد اتصف موسى بالرفق وكان ذلك واضحاً في دعوته إلى الله، فامتثالاً لقول الله: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا [طـه: 44].

وكذلك كان رفيقاً بقومه رفيقاً بأهله رفيقاً بأصحابه، رفيقاً بالتابع الذي معه وهو يوشع بن نون.

حكمة موسى -عليه السلام- وتدرجه في الدعوة

00:16:28

وكان موسى ﷺ أيضاً متصفاً بالحكمة، ومنها: التدرج مع الخصم في المحاجة والمناظرة، وتنويع الأساليب: أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ  [الشعراء: 30].

لقد تدرج معه في الدعوة من اللين إلى القوة، ولم يكن خط موسى واحداً مع فرعون في الأسلوب، فإنه بدأ باللين كما قال الله:  فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى  [طـه: 44]، وقال له: وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى [طـه: 47].

لكن لما تبين له أن فرعون معاند، وأنه يرفض الحق، ماذا قال موسى؟

كثير من الناس حينما يتكلمون في مسألة اللين في الدعوة لا يذكرون إلا الآية الأولى، لكن كان لموسى ﷺ منهجاً آخر أيضاً مع المعاندين، ولذلك قال موسى لفرعون لما تبين له العناد من فرعون والإصرار على الباطل: قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ في قرارة نفسك: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا [الإسراء: 102] مثبوراً يعني هالكاً، وهذه كلمة شديدة يقول لفرعون الطاغية الملك يقول: وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا .

هذا بعدما تبين له عناد الرجل وإصراره على الباطل، تبين له إصراره على الباطل.

ومن حكمة موسى في الدعوة: اختيار الزمان والمكان المناسب لإقامة الحجة، ولذلك: قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ يوم العيد الذي يتزين فيه الناس، وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى [طـه: 59] الزينة.

وعندما تكون الشمس في الضحى غير مبهرة للأبصار ولا مؤذية للعيون، وفي الوقت نفسه فإن الساحة واضحة في هذا الوقت من النهار كل الوضوح، ليس بعد الغروب ولا في الليل ولا في الفجر ولا في منتصف النهار في الظهيرة، وإنما ضحى، الضحى الساحة المكشوفة أحسن الأوقات إنارة، وعدم إزعاج للأعين، فأرادها مكاناً وزماناً مناسبين ليرى الناس المعجزة من الله، وينقلب الأمر على فرعون، وتقوم الحجة على الناس.

غضب موسى -عليه السلام- إذا انتهكت محارم الله

00:19:22

لقد كان موسى ﷺ متصفاً بالغضب إذا انتهكت محارم الله: فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا [طـه: 86] عندما رآهم قد وقعوا في الشرك مرة أخرى، وهم الذين قالوا له قبل ذلك: اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف: 138] فغضب من هذا الموقف، كيف يسألون إلهاً غير الله الذي نجاهم قبل قليل من فرعون وجنوده؟

ولذلك فقد كان مسارعاً إلى إنكار المنكر وإزالة معالمه، وكل ما يتعلق به، فقال في الصنم والوثن الذي اتخذه السامري: لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا  [طـه: 97].

وهذا منهج الأنبياء تحطيم الأصنام وتكسير الأوثان، بل الإتلاف الذي لا يرجى للصنم بعده إعادة ولا بناء من جديد: لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ، فبرده بمبارد الحديد حتى صار ذرات نسفت في يوم عاصف في البحر، حتى لا يقدر أحد على تجميعه إطلاقاً، ولم يكن تحطيماً جزئياً، ولا تكسيراً إلى قطع كبيرة يسهل تجميعها مرة أخرى، وإنما كان قضاء مبرماً.

صبر موسى -عليه السلام- على طلب للعلم والدعوة

00:21:06

وكذلك فإنه اتسم بصبره العظيم الذي تجلى في طلبه للعلم، وقد قال لغلامه: لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا  [الكهف: 60]، فموسى كان مستعداً أن يمضي سنين حتى يعثر على العالم، مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ  هذا كما أنه عند ملتقى البحرين في هذه المنطقة القريبة، فكذلك هو ملتقى البحرين في طنجة في أقصى الغرب، ولم يكن عنده مانع أن يسافر المسافات الطويلة: حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا [الكهف: 60].

فهذا الصبر على طلب العلم، والصبر حتى بلغ الدعوة، ومن ذلك: أنه صبر على تعنت بني إسرائيل ومكابرتهم، وهم الذي يردون عليه أوامره أمراً بعد أمرٍ، ويخالفون الوحي مخالفة صريحة بحضرة نبيهم؛ كما في قصة البقرة، وفي غياب نبيهم كما في قصة العجل، ومع ذلك يواصل معهم الطريق: اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف: 138]، يقول: إنكم قوم تجهلون يواصل الطريق، فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة: 24].

يشكو أمره إلى ربه، لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي [المائدة: 25]، ولذلك لقي موسى من بني إسرائيل أذى عظيماً جداً، أوذي في الله إيذاء شديداً، حتى قال نبينا ﷺ: لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر [رواه البخاري: 3150، ومسلم: 1062].

وقد نقل موسى ﷺ خبرته في المعاناة إلى النبي ﷺ في قصة المعراج، فقال له: وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك [رواه البخاري: 3207] في الصلوات، أنا عانيت عانيت من بني إسرائيل قالها له في السماء عندما التقى النبيان الكريمان من أولي العزم نبينا ﷺ وموسى ﷺ، قال موسى ينقل خبرته ومعاناته إلى النبي ﷺمحمد: وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك .

وهذا تبادل الخبرات بين الأنبياء، درس للدعاة إلى الله في تبادل الخبرات فيما بينهم.

لقد اتصف موسى بصبره على أذى قومه: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى [الأحزاب: 69].

وصل الأمر بهم أن وصفوه بصفات سيئة وبمرض مشين -كما سيأتي-، لم يكن عنده مانع أن يتعلم ممن هو أقل منه شأناً، فإن الخضر أقل من موسى شأناً.

نعم هو الراجح أنه نبي، لكن فاقه في أشياء من العلم.

لكن في الجملة موسى أرفع منه، ومع ذلك يقول له: عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا [الكهف: 66]، فلا زال يبحث عن رحل الرحلة الطويلة في طلب العلم.

 لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا [الكهف: 62] لقوا التعب، ومع ذلك يواصل الطريق لطلب العلم، ولما يصل يتواضع للعالم ويعده بأنه سيصبر وأنه سيتعلم منه، ويلزمه، على أن تعلمني مما علمت رشداً. وهكذا كان موسى الكليم ﷺ صابراً كما أنه لم يسأم من قومه ويتركهم، مع أنهم سألوه أشياء عظيمة، فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ [النساء: 153] وموسى يصبر.

 يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ [المائدة: 22] منتهى الاستخفاف والاستهزاء، خرجوا ندخل نحن، ومتى يتوقع أن يخرجوا ويتركوا لهم البلد؟ ومن أجل أي شيء يتركون لهم البلد؟ ومع ذلك تبجحوا بهذه الوقاحة.

لكن موسى يحثهم وكذلك الصالحون في القوم ومع ذلك يقولون له: يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة: 24].

إن موسى امتاز بصبره وتصبيره لغيره، ولم يكن الصبر مقتصراً على نفسه فقط، وإنما كان يحاول أن يتصف الآخرون بالصبر، ولذلك لما كان قومه في بلاد مصر مستعبدين مستذلين، وكانوا قد يئسوا من التخلص من بطش فرعون، ولكن موسى الذي بعث إليهم يقودهم ويدعوهم ويخالطهم سراً، وينقل إليهم الوحي من الله : قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف: 128] حريص على أن يصبروا: اصبروا، استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده.

ومع ذلك يقولون له: أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا [الأعراف: 129] ما في فائدة، قبل أن تأتينا رسول وبعدما جئتنا رسول ما تغير شيء.

ولا زال يعدهم ﷺ بالموعود الحق، قال: قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [الأعراف: 129].

إننا نحتاج في هذا الزمان إلى هذا الخلق جداً في نقل الصبر إلى الآخرين وحملهم عليه، وتثبيتهم على الطريق لكثرة المزيغات، والأشياء المسببة للانحراف.

إن هذه على كثرتها -أيها الإخوة- تجعل كثيراً من النفوس تزيغ وتبدأ في الانحراف، فهنا يأتي دور العناصر المثبتة الذين يسيرون على طريق الأنبياء، على طريق الأنبياء في تصبير القوم وتثبيتهم.

قدرة موسى -عليه السلام- على اتخاذ القرارات السريعة الصائبة

00:28:42

لقد اتصف موسى ﷺ بقدرته على حسم الأمور، واتخاذ القرارات السريعة الصائبة، وهذه ميزة عظيمة في تلك القيادة الرشيدة التي كان يتمتع بخصالها، ومن ذلك: أنه لما عبد قومه العجل وفتنوا به، كيف واجه موسى الفتنة؟

رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً، أولاً يعرب لهم عن سخطه العظيم بما فعلوه، قال: يا قوم يعاتبهم: أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي [طـه: 86] فأتوا بهذا العذر السخيف المتهافت: قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا [طـه: 87]، فكأنهم قالوا عبدنا العجل رغماً عنا، وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا  وذكروا الحجة السخيفة المتهافتة.

اتجه موسى إلى وكيله على قومه، والنائب الذي عينه حتى لا تنفلت الأمور، وتعيين النائب قبل الانصراف مهم جداً للأمير أن يعين نائباً، قَالَ يَا هَارُونُ  يا أيها الخليفة الذي جعلتك ورائي، مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي [طـه: 92 - 94]، وجه اللوم إلى قومه عموماً، وهذا التأنيب والتوبيخ الشديد لهم على عبادة العجل، ثم إلى أخيه اللوم خاص لماذا لم يلحق به ليخبره بما حصل؟ ولما فهم عذر أخيه رق له، موسى فيه رقة، فيه رحمة على القوة والانفعال الذي فيه والغضب، لكن موسى كان فيه رقة، ولذلك لما خاطبه هارون بالعبارة المتلطفة: يَا ابْنَ أُمَّ ، ما قال يا ابن أبي ولا يا شقيقي، يَا ابْنَ أُمَّ ليذكره بالرقة والشفقة من جانب الأم التي تكون في جانب الأم أكثر  يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي [طـه: 94]، فعلت ما فعلت عن اجتهاد، بقيت حتى لا يتفرق القوم، فاتجه موسى بسرعة إلى سبب المشكلة ومثير الفتنة، والباعث عليها وهو السامري، فأتى به ليحقق معه بسرعة: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي [طـه: 95 - 96]،  قَالَ فَاذْهَبْ عقوبة عظيمة لك، ما هي؟  فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ [طـه: 97] لا تقدر على مس أحد، ولا يمسك أحد فتكون منبوذاً طريداً طيلة عمرك، وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ عند الله، لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ، وهكذا تم القضاء على الفتنة بعامل السرعة والمبادرة، وحسم الأمور الذي اتسم به موسى ﷺ.

ولا شك أن هذه القدرة الكبيرة من أسباب نجاح هذا النبي الكريم في دعوته.

قوة موسى -عليه السلام- في عرض الحق والحجة

00:32:40

لقد اتصف موسى ﷺ بالقوة في الحجة، القوة في المجادلة، القوة في البرهان، القوة في عرض الحق، الوضوح التام.

لقد كانت مجادلته لفرعون عجيبة: فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ  [الشعراء: 16- 17] فقدم الطلب بوضوح إلى فرعون: أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ .

ففرعون الطاغية شرع يفتح له السجلات القديمة ليعيره بماضيه، وهذا دأب بعض المدعوين العتاة المعاندين إذا جاءه داعية يدعوه ينصحه، قال: أنت أصلاً كنت كذا وكنت كذا وكنت كذا، يعدد عليه أشياء كان يعملها زمن الجاهلية، فماذا قال موسى ؟

 قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ [الشعراء: 18- 19] يمن عليه.

والمفترض الإنسان إذا عمل خيراً أن ينساه، النصيحة ما هي؟ القاعدة العظيمة؟

إذا عملت ذنباً لا تنساه، وإذا عملت خيراً فانسه.

انس الخير الذي عملته، حتى لا تعجب بعملك، اعمل الخير وانساه، والذنب إذا أذنبته لا تنساه أبداً، فرعون هذا بدلاً من أن ينسى الخير الذي عمله إذا به يمن به، فيقول: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ [الشعراء: 18] ثم عملت الجريمة، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ [الشعراء: 19] جحدت نعمتنا عليك وقتلت واحداً منا، ماذا قال موسى في المجادلة والمحاجة؟

اعترف أنه فعل ما فعل في حال الضلال: قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ [الشعراء: 20]، نعم اقترفت ذلك، وكنت من الضالين، فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا  [الشعراء: 21] رجع مرة ثانية إلى النبوة، فرعون يريد أن يغير الموضوع.

النقاش هذا نقاش مهم جداً -أيها الإخوة- لأنه يبين كيف الواحد الداعية يعرض الحق والمدعو يغير الموضوع.

الداعية يعرض الحق والمدعو يحيد ويغير الموضوع، وكيف الداعية يرجعه إلى الموضوع مرة ثانية فيها حكمة بالغة يقول: فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا  [الشعراء: 21] رجعنا إلى النبوة، وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ .

ثم بالنسبة للنعمة التي تقول تتكلم عنها يا فرعون، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ [الشعراء: 22] يعني موسى ما أنكر أن فرعون عمل له أو عمل معه إحساناً في تربيته له، لكن قال له تبني قصراً وتهدم مصراً، تنقذ رجلاً وتهلك أمة، تطعم واحداً وتذبح أعداداً، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ ، أنا واحد وفي المقابل  أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ [الشعراء: 22] الذل منك صائر عليهم، تستحي نساءهم، تذبح أبناءهم، هذه منة أن تحسن إلى واحد وتظلم شعباً بأكمله.

ولا شك أن هذه قوية جداً وفاضحة لفرعون، ومنسية للمنة هذه كلها، وتذكير بجريمة فرعون التي فعلها، يهلك الحرث والنسل، فماذا قال؟

قال فرعون: وما رب العالمين؟

غير الموضوع، انهزم في موضوع المنة والتذكير بالجريمة، قال فرعون: وما رب العالمين؟

قال: رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين، فأنت لست برب السموات يا فرعون، قال لمن حوله: ألا تستمعون؟ غير الموضوع ووجه الكلام إلى الجلساء.

رجع موسى مرة ثانية، قال: أنت وإياهم كلكم، قال: ربكم ورب آبائكم الأولين، ما عنده حجة، بدأ باتهامات بالجنون، اتهام في شخص الداعية، توجيه اتهامات شخصية للداعية، ما عنده حجج يرد بها، أراد أن يحول النقاش إلى تجريحات شخصية، قال: إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون.

يرجع موسى يرد المسألة مرة أخرى إلى الموضوع الأصلي للنقاش: قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ [الشعراء: 28] لم يغير موسى الموضوع، ما في فائدة من التجريح الشخصي اتجه إلى التهديد: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ  [الشعراء: 29] ، فهدد بالسجن، وهذه حيلة الظالم إذا لم يجد جواباً، أن يهدد باستخدام القوة: قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ [الشعراء: 30] استدراج من موسى لكي يرى فرعون المعجزة، دعنا من قضية السجن التهديد بالسجن، ما رأيك أقدم لك دليلاً ناصحاً واضحاً؟ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الشعراء: 31] بمنتهى الاستخفاف، فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ  [الشعراء: 32 - 33]، لما قامت المعجزة فعلاً والبرهان على النبوة، ماذا كان بإمكان فرعون أن يعمل؟

لا شيء، ولذلك مباشرة اتجه أن يقول: إن هذا سحر: قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) سورة الشعراء] ماهر، يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ [الشعراء: 35] غريب فعلاً أن فرعون يقول لمن معه: تأمرون، العادة هو الذي يأمر، فما باله الآن يوجه الخطاب إلى من معه ويقول: فَمَاذَا تَأْمُرُونَ [الشعراء: 35] كيف فرعون يقول: ماذا تأمرون؟

أراد أن يحولها الآن ديمقراطية، وأخذ رأي الأغلبية، ويقول: القرار الآن شورى جماعي، ما رأيكم كلكم أنا لا أريد أن اتخذ قراراً فردياً؟ ماذا تأمرون؟ قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ [الشعراء: 36 - 37].

وكان هناك طبعاً أشياء كثيرة من أقدار الله العجيبة في قصة فرعون.

كيف نجا من الذبح؟

كيف ألقي في اليم؟

كيف وصل هذا إلى أمام قصر فرعون ولم يصل إلى أي مكان آخر؟

كيف أن الله ألقى في قلب المرأة امرأة فرعون أن تصطفيه وأن تتخذه ولداً؟

كيف فرعون لا يعلم الغيب وأنه لو كان يعلم أنه سينشأ في بيته الرجل الذي يكون هلاكه على يديه لذبحه من زمان، لكن لا يعلم الغيب، يتربى موسى في بيت الرجل الذي سيكون هلاكه على يديه، سيهلكه الله بسببه.

فيها عجائب القصة.

وهذا الموقف الذي أراد الله أن يكون سبباً في هداية السحرة، وأن يكون في الناس من يتأثر.

وهكذا صبر موسى ﷺ، وكان يستعمل الأساليب المختلفة، ويذكر الناس بنعمة الله عليهم: اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ [إبراهيم: 6].

وهذا من أساليب الدعوة، وتحبيب الناس إلى ربهم.

ثقة موسى -عليه السلام- بنصر الله

00:41:06

وكان كذلك ﷺ من صفاته: أنه واثق بنصر الله، واثق بنصر الله، ولذلك كان يقول: وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [يونس: 86]، فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 61 – 62].

وهكذا كان يحس موسى بمعية الله -تعالى-.

استشعار موسى -عليه السلام- لحجم المسؤولية

00:41:40

لقد اتصف موسى بتقدير ضخامة المهمة، والحاجة إلى المساعدين، وترك الاغترار بالنفس، فكان يستشعر حجم المسؤولية، ولذلك لما قال الله له: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي  [طـه: 24 - 29]، فهو يعلم أن المهمة ضخمة، وأنه يحتاج فيها إلى مساعد، لم يكن ذا غرور بنفسه فيظن أنه يستطيع أن ينجز المهمة وحده فقط، هذا من ناحية، من ناحية أخرى موسى رحيم ودود يريد أن يكون لأخيه أيضاً خير أن يشاركه أخوه في الخير، ولذلك لا يوجد واحد أمن على أخيه من موسى على هارون، لا أحد أمن على أخيه من موسى على هارون، لا زال يناشد ربه حتى جعل أخاه نبياً معه، وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا [طـه: 29 - 35].

زهد موسى -عليه السلام- في الدنيا واختياره للآخرة

00:43:05

وكذلك فإن موسى اتصف بالزهد في الدنيا واختيار الآخرة عليها، وهذا واضح في حديث النبي ﷺ الذي رواه أبو هريرة قال: جاء ملك الموت إلى موسى فقال له: أجب ربك" جاء ملك الموت بصفة رجل على شكل إنسان من البشر، لم يأت على صفته الملكية، وإنما جاء على صفة بشرية، وكان ملك الموت يأتي من قبلنا عياناً يرونه بالصفة البشرية، فجاء ملك الموت إلى موسى بالصفة البشرية، فقال له: أجب ربك.

طبيعة موسى فيها انفعال، رأى بشراً لا يعرفه وسط البيت، فأدركته الغيرة على أهله، كيف يأتي واحد بشر شخص في وسط البيت؟

موسى لم يعرفه، وموسى عنده غيرة، فماذا فعل بالذي أمامه؟

لطمه، فلطم موسى عين ملك الموت، العين التي في الصورة البشرية، وليست العين التي في الصورة الملكية، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، فرجع الملك إلى الله -تعالى-، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني، قال: فرد الله إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي، فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور؟ جلد الحيوان المعروف الثور، على متن ثور، والثور شعره غزير، فضع يدك على متن ثور، فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة؟ لو غطت ألف شعرة تعيش ألف سنة، عشر آلاف شعرة تعيش عشر آلاف سنة، فجاء العرض قال موسى للملك لما جاءه عرفه وجاءه بالعرض من الله: ضع يدك على متن ثور، فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال ثم: "مه"، يعني بعد السنوات هذه لو عشت، ماذا سيكون بعدها؟ قال: ثم تموت، نهاية كل حي ولا بد، قال: فالآن من قريب ربي أمتني، وتمنى موسى أن يكون في الأرض المباركة مدفنه، وهي الأرض التي رفض قومه أن يدخلوها معه، فتمنى على الله أن يكون قبره فيها.

وفيها فضيلة الدفن في الأرض المباركة، "رب أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر"، قال رسول الله ﷺ: والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر [رواه البخاري: 1339، ومسلم: 2372].

كان من كرامة الأنبياء على ربهم: أنهم يخيرون عند الموت، هل يريد الموت أو يستمر في الحياة؟ ولذلك نبينا ﷺ لما خير شوقاً إلى ربه ماذا قال؟  بل الرفيق الأعلى [رواه مسلم: 2444] اختار أن يلتحق بالرفيق الأعلى.

فكانت هذه القصة التي فيها إرسال ملك الموت إلى موسى في صورة رجل يطلب منه أن يجيب ربه.

وكان ذلك إيذاناً بأن أجله قد حضر وأن ساعته قد دنت.

لكن -طبعاً- كان بقي في حياة موسى مقدار بسيط ما هو؟

مقدار الرجوع رجوع ملك الموت إلى الله بعد اللطمة والعودة مرة ثانية بقي هذا المقدار، فجاء أولاً ليس لأخذ روحه فوراً، وإنما ليخبره أن الموت حضر يستعد أنه سيأخذ روحه بعد قليل، فما عرفه أولاً ورآه بشراً وسط بيته، فمن حدته وغيرته لطمه.

وهكذا ما عرف إبراهيم الملائكة أول ما جاؤوا في صورة بشر، واستغرب من حضورهم، قال: أَلَا تَأْكُلُونَ  [الذاريات: 27].

وهكذا لوط لما جاؤوه في صورة بشر شباب في غاية الوسامة والجمال ما عرف أنهم ملائكة، أضياف نزلوا عليه، ويتمنى لوط أن يكون هؤلاء هذا اليوم العصيب الذي جاؤوا فيه أن يكون في حال أحسن، وأن يكون عنده منعة: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود: 80] ما كان يدري أنهم ملائكة.

وهكذا موسى في القصة ما كان يدري أن ملك الموت جاءه على صورة بشر، وهكذا..، ولما استعلم ماذا وراء الحياة المديدة؟ وقيل له: الموت، اختاره من قريب؛ لأن ما عند الله لرسله وأنبيائه والصالحين خير وأبقى، وكل نبي كان يعلم أنه لن يموت حتى يخير، وكانوا يختارون ما عند الله، لأن ما عند الله خير وأبقى.

قبول موسى -عليه السلام- النصيحة من الغير

00:49:39

وقد اتصف موسى ﷺ بقبول النصيحة من الغير، ولذلك لما جاءه رجل من أقصى المدينة يشتد لمصلحته قال: يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ  [القصص: 20] قبل النصيحة وخرج منها خائفاً يترقب، ما كان متوان، ولا أخذته العواطف، ما قال: أمر على أهلي أودعهم، ولا قال: أحزم متاعي وآخذ ما في البيت.

 فَخَرَجَ [القصص: 21] "الفاء" هذا للتعقيب مباشرة حكمة وقبول للنصيحة.

شدة حياء موسى -عليه السلام-

00:50:28

ومن صفات موسى أنه كان رجلاً شديد الحياء يستحي جداً، مع أنه كان شديداً وفيه غضب، ولذلك لما رأى قومه قد عبدوا العجل ألقى الألواح فتكسرت، ولكن ربه عذره لما فيه من الغضب لأجله، لأنه لأجل الله غضب.

ولو أن إنسان ألقى ألواح فيها آيات استهانة بها كفر، لكن ألقى الألواح غضباً مما حصل من قومه من الشرك والكفر في الوقت الذي كان فيه منفعلاً وعنده غضب وشدة وحدة، لكنه كان شديد الحياء جداً، يدل على ذلك حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: ((إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً لا يرى من جلده شيء، استحياء منه، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده، إما برص وإما أدرة؟ انتفاخ في الخصية "أدرة، وإما آفة" يعني وصل الأمر بهم بإيذاء نبيهم أن اتهموه بهذا العيب المشين انتفاخ في موضع العورة، وإن الله أراد أن يبرأه مما قالوا لموسى، فخلا يوماً وحده، وهذا من حياء موسى، ما يغتسل بقرب الناس، يذهب بعيداً عنهم.

ولعل بني إسرائيل كان عندهم أنهم يغتسلون أمام بعضهم البعض.

موسى ما كان يرضى بهذا فخلا يوماً وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل، فلما فرغ بعدما صار نظيفاً في أبهى صورة أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه، أسرع وجرى الحجر، عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، يعني يا حجر هات الثوب، حتى انتهى في عملية الجري إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله وأبرأه مما يقولون، رأوه عرياناً أحسن ما خلق الله، ما في أي عيب، والفرية التي افتروها اتضح أنها كذب، أحسن ما خلق الله، وأبرأه الله مما يقولون، وقام الحجر لما انتهى المقصود من جري الحجر إلى هذا المكان الذي فيه بعض قومه ورأوه وعرفوا أنه كذب ما قيل سابقاً، الحجر وقف وعليه ثيابه، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، أول شيء ستر العورة، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، آثار معلمة تعلم الضرب في الحجر، فذلك قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب: 69][رواه البخاري: 3404، ].

وهذا الحياء من موسى لما كان يغتسل وحده، وكان لا يلقي ثوبه حتى يواري عورته في الماء، كان موسى إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء، فجرى الحجر وجعل موسى يعدو وراءه ويقول: ثوبي حجر، ورآه هؤلاء الأفاكون وكانت براءته في هذه القصة العظيمة، وموسى يعلم أن الحجر لم يجر بأمر من نفسه، أجراه الله، ولكن مع ذلك من حرصه وانفعاله شرع في ضربه، واستمر في ذلك، وكان من المعجزات أن يظهر الله آثار الضرب في الحجر وإلا العادة أن الإنسان إذا ضرب حجر بعصاه أنه لا يؤثر فيه، لكن كان من المعجزات أن تظهر فيه هذه الآثار.

أخذ العلماء من الحديث: جواز النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إلى ذلك من مداواة المرض أو براءة من عيب كما لو أدعى أحد الزوجين برصاً في الآخر وأنه يطلب الفسخ، فتقرير الثقة الذي ينظر للتأكد؛ لأنه ينبني عليه حكم، هذه بينة مطلوبة الآن.

وهكذا كان في هذه الحادثة التي برأ الله موسى من تهمة قومه الذين كانوا في غاية الإفك.

هذه لمحة وطائفة من حياة هذا النبي الكريم، والصفات التي اتصف بها عليه الصلاة والسلام.

نسأل الله أن يجعلنا من الذين يقولون بالحق ويقضون به، وبه يعدلون، وأن يجعلنا من المقتفين لآثار الأنبياء السائرين على نهجهم.

وصلى الله على نبينا محمد.