أحداث مثيرة في حياة العلامة الألباني 1إن الله شرّف أهل الحديث وجعل لهم مكانًا عليا، واصطفاهم من خلقه وجعل لهم فضلا نديًا بحفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم وما بذلوه من الجهد العظيم في الذب عنها وتمييز ما دخلها، هؤلاء نجوم الأرض الذين يهتدى بهم كما أن للسماء نجوما يستضاء بها ويهتدى بها، هم الذين قيضهم الله تعالى واصطفاهم من خلقه، فكان لهم هذا السبق العظيم في حمل السنة وتبليغها، نضّر الله تعالى وجوههم، نضّر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، وعلى رأس هؤلاء في هذا العصر أيها الإخوة محدث العصر العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمة الله عليه، وفي هذا الدرس سنتناول شيئًا من سيرته، هذا الرجل الإمام العلم الذي من حقه علينا أن نتعرف شيئًا من حياته، ونشر مآثر العلماء واضح في كتب التاريخ والسير التي ألفوها، فهم لا زالوا يكتبون عن أهل العلم عبر العصور مبينين مناقبهم ومآثرهم، ليقتدى بهم من بعدهم، مصداقًا لقوله تعالى: واجعلنا للمتقين إماما .... المزيد |
اجتهاد السلف في العبادةلاشك أن المسلم مطالب بعبادة الله سبحانه وتعالى في جميع الأوقات والأحيان، ووظيفة المسلم هي عبادة الله سبحانه وتعالى، وهذه العبادة شرف ويكفي أن الله سبحانه وتعالى خاطب عباده خاطب المؤمنين بقوله: قل يا عبادي، ونحن أيها الإخوة مقصرون كثير جدًا في العبادة، وما سبب الهزائم والنكبات التي أصبنا بها إلا تقصيرنا في العبادة، وما ساد سلفنا ولا تقدموا ولا انتصروا إلا بالعبادة، ونحن إذا قارنا حالنا بحالهم لوجدنا البون شاسعًا، والفرق عظيمًا، ولعرفنا إذا قارنا الأحوال بالأحوال لماذا نحن في المؤخرة، ينقصنا اليوم لأجل أن نكون في المقدمة ينقصنا عدد كبير من أولياء الله سبحانه وتعالى، كان المتقدمون فيهم من أولياء الله من لا يحصى كثرة، فكان لو حاربهم أحد انتصروا عليه؛ لأن الله قال في الحديث القدسي: من عادى لي وليًا فقد آذنه بالحرب، وكم فينا اليوم من أولياء الله؟ .... المزيد |
مواقف تربوية مؤثرة من سيرة العلماء"إن الله سبحانه وتعالى قد طلب منا أن نكون ربانيين {كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ}، والرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، وهذه الأمة علماؤها الذين ساروا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، علماء ربانيون، مواقفهم تربي الناس، ما هو الموقف التربوي أيها الإخوة؟ هو كلمات أو تصرفات يقوم بها العالم أو طالب العلم أو الداعية، أو مسلم من المسلمين، صاحب نية حسنة، ينفع الله بها، تستقر في النفوس، تعمل عملها في النفوس، وأبدأ بكلام لابن الجوزي رحمه الله، يبين هذا المفهوم، يقول رحمه الله في صيد الخاطر، معبرًا عن تأثره الشخصي بهذه القضية، قال: ولقيت جماعة من علماء الحديث لقيت مشايخ أحوالهم مختلفةٌ، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم، وكان أنفعهم لي في صحبة العاملُ منهم بعلمه، وإن كان غيره أعلم منه، ولقيت جماعةً من أهل الحديث يحفظون، ويعرفون، ولكنهم كانوا يتسامحون في غيبةٍ يخرجونها مخرج جرحٍ وتعديلٍ، ويأخذون على قراءة الحديث أجرة، ويُسرعون بالجواب؛ لئلاَّ ينكسر الجاه، وإن وقع خطأ. ولقيت عبدالوهَّاب الأنماطي، فكان على قانون السلف؛ لم يُسْمَع في مجلِسهِ غيبةٌ، ولا كان يطلبُ أجراً على سماع الحديث، وكنتُ إذا قرأتُ عليه أحاديث الرقائق بكى، واتَّصل بكاؤه، فكان وأنا صغير السنِّ حينئذٍ يعملُ بكاؤه في قلبي، ويبني قواعد الأدب في نفسي، وهذا هو الشاهد: يعملُ بكاؤه في قلبي، ويبني قواعد الأدب في نفسي، وكان على سمت المشايخ الذين سمعنا أوصافهم في النقل، ولقيت أبا منصور الجواليقي، فكان كثير الصمت، شديد التحرِّي فيما يقول، متقناً محقِّقاً، ورُبَّما سُئل المسألة الظاهرة التي يبادر بجوابها بعض غلمانه فيتوقَّف فيها حتى يتيقَّن، وكان كثير الصوم، والصمت، فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما، ففهمتُ من هذه الحالة: أنَّ الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول." .... المزيد |
مائة فائدة من العلامة ابن عثيمينإن الحديث عن العلماء ليبعث الرهبة في النفس؛ لأننا نتحدث عن من؟ عن ورثة الأنبياء، وإذا مات العالم العظيم انثلم في الإسلام ثلمة حتى يخلف الله غيره، وقد فجعنا وفجع المسلمون بوفاة أحد ورثة الأنبياء في هذا الزمان ممن نحسبه، وهو الشيخ الفقيه الزاهد محمد بن صالح ابن عثيمين رحمة الله عليه، ونحن نعلم أن الموت نهاية كل حي، ولذلك لا بد أن نعكف على علوم العلماء وأخبارهم؛ لأن المقصود ليس إثارة الأحزان ولا تقليب المواجع والوجدان، ولكن الاقتداء والاستفادة والتعلم من علومهم، والتشبه بسيرتهم فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح هذا الشيخ الذي ولد رحمه الله في السابع والعشرين من رمضان في عام ألف وثلاثمئة وسبع وأربعين للهجرة، وأنفق نحوًا من خمسين سنة من حياته يعلم دين الله تعالى .... المزيد |
فضل العلم على المالإن الله سبحانه وتعالى أنزل علينا الكتاب والحكمة يعظنا ويذكرنا، وفرض علينا تعلم هذا العلم علم الكتاب والسنة، {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ }، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فالجهل موت، والعلم حياة، وكثير منهم من الناس أموات في عالم الأحياء، والحياة تكون بالنور، والنور ينال بالعلم، وكل آية وحديث في الكتاب والسنة فيها مدح العلم وأهله، فالمقصود بها علم الشريعة، هذا العلم الذي جعله الله سبحانه وتعالى فرقانًا وفرق بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وكذلك فإنه أشهد أهله على أعظم حقيقة وهي الألوهية كما في قوله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ }، ولا شك أن العالم أفضل من العابد من وجوه كثيرة، وأن موت ألف عابد أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه، كما قال عمر رضي الله عنه .... المزيد |
ضوابط في إنكار المنكر 2من الأمور التي يحسن الانتباه إليها، والتفريق بينها وبين حالات أخرى: إرجاء إنكار المنكر لمصلحة شرعية، مثلاً: لو نهيت الآن واحد عن منكر يفعله، قد لا يتقبل منك، لكن لو قويت علاقتك به، ووطنت صلته معه، ثم أنكرت عليه لكان الإنكار ناجحًا، فنقول هنا: إن تأخير إنكار المنكر لمصلحة شرعية، لا يعني إلغاؤه، وليس من الصحيح إلغاء عملية الإنكار إذا كان يمكن تأخيرها، إذا كان يمكن تأخيرها أجدى الإنكار فأخرها، لكن لا تلغيها .... المزيد |
ضوابط في إنكار المنكر 1إن النهي عن المنكر من الأمور العظيمة التي أمر الله بها، فقال سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقدمه الله سبحانه وتعالى على الإيمان به، فقال عز وجل: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، وقدمه سبحانه وتعالى أيضًا على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، مع أنه فرض كفاية، ومع أن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فرض عين، فقال سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وبعكس ذلك المنافقين {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ}، قال أبو هريرة رضي الله عنه: كنتم خير الناس للناس، تأتون بهم في الأقياد والسلاسل حتى تدخلوهم الجنة .... المزيد |
صناعة الأجيال"في ظل ما نعيشه من الأحداث المفجعة، والأزمات الموجعة، والصراع العالمي بين الإسلام والكفر، وهذا الزمن الذي عم فيه كثير من اليأس والقنوط على المسلمين، وخيم على قلوب كثير منهم الإحباط، وأطبق على أفئدتهم ألا يجد أن تتحدث الأقلام عن أهمية صناعة الأجيال، وتربية الأبطال، وإبراز المواهب وصقل النفوس؛ لتتربى على الإيمان والعمل والبناء وتحقيق المشروعات العظيمة لنهضة هذه الأمة فانهض؛ فقد طلع الصباح ولاح مُحْمَرُّ الأديم! تبلد في الناس حب الكفاحِ *** ومالوا لكسبٍ وعيش رتيب يكاد يـزعزع مـن هـمتي *** سدور الأمين وعزم المريب أنت من حولك إخوانك وزوجتك وأبناؤك، وطلابك، وأنت بحاجة إلى أن تجعل من الجميع أفرادًا نافعين، وأن تعمل ما يمكن عمله في نفوسهم للتميز والإبداع. إن التحفيز والتشجيع اليوم في ظل الخمول الموجود وما تحتاجه الأمة من العمل الكثير أمر مهم جدًا، إنها معرفة كاشفة، وبصيرة نافذة وقدرة واعية لتربية الإبداع والتميز في النفوس، وهذا الترشيد اللآزم لكي تقبل على الطاعة والعبادة، وعلى الجهاد والعلم والدعوة، وعلى الصبر على الأذى، وعلى تربية النفس والآخرين" .... المزيد |
حق العالم على المسلمالحمد لله الذي جعل في كل زمانٍ بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله الموتى، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجهالة والردى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن آثارهم على الناس، وما أقبح آثار الناس عليهم، ينفون عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ولما قال الله جل وعلا في الكتاب العزيز: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ}، قال علماؤنا في التفسير: المراد بأولي الأمر: بها العلماء العاملون، الذين يعلمون الوحي ويعملون به ويعلمونه للناس، وأشهد الله العلماء على أعظم حقيقة في هذا الكون، وفضَّلهم بالشهادة عليها على الملائكة، فقال الله جل وعلا: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ} هذه أعظم حقيقة أيها الإخوة، من أشهد الله عليها؟ أولو العلم، ونفى الله المساواة بين العلماء والجهال، فقال جل وعلا: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}. .... المزيد |
المشاركة الأخوية في الطاعاتديننا دين تكاتف وتآزر وتشاور وتعاون وتلاحم، إنها صلات بين افراده، هذه صلاة مفروضة، وهذا حج، وتلك جمعة، وهذان العيدان عبادات تزيد التعاون، الصيام توحيد، والزكاة كذلك مواساة بين الغني والفقير، هكذا شرع الله من العبادات ما يزيد الأخوة بين المؤمنين، وكذلك جعل في المعاملات أيضًا من الأحكام ما يصون علاقاتهم، فلذلك لا يبيع الإنسان على بيع أخيه، وكذا لا يشتري على شراء أخيه، لا يسوم على سوم أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، لا يجوز النجش، ولا الغش ولا الربا. الأخوة الإيمانية قائمة على هذه الرابط الدينية، إنها أقوى الروابط وأوثقها، ولأهميتها حصر المؤمنون فيها، فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، كأنه لا وجود لهم بدونها .... المزيد |