الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ :: 31 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

أحداث مثيرة في حياة العلامة الألباني 1


عناصر المادة
مقدمة
مولد الألباني ونشأته
بداية دراسة الألباني وذكائه
تحول الألباني من دراسة الفقه إلى علم الحديث
عمل الألباني في النجارة
اختلاف الألباني مع أبيه في بعض القضايا العلمية
انتقال الألباني إلى مسكن منفرد عن أسرته
تحويل الألباني دكانه إلى مجلس علم
الألباني في المكتبة الظاهرية
شغف الألباني بكتابة الأسانيد
قناعة الألباني بالرزق
دعوة الألباني إلى عقيدة السلف
فهرسة الألباني لمخطوطات المكتبة الظاهرية
بعض الكتب التي درسها الألباني لطلابه
سعة صدر الألباني في النقاشات العلمية
التقاء الألباني بكبار العلماء
رحلات الألباني إلى مصر
اهتمام الألباني بكافة علوم الشريعة
محنة الألباني وأذيته وصبره
ذب الألباني ودفاعه عن عقيدة السلف
تطبيق الألباني للعلم مباشرة
بعض السنن التي أحياها الألباني
إحياء الألباني لصلاة التراويح
دفع الألباني لتكاليف نفقات السفر مع طلابه
جلد الألباني وصبره
طريقة الألباني في النقاشات
محاربة الألباني للتقليد الأعمى لا يعني التفلت من الضوابط
سعة أفق الألباني واطلاعه على الكتب العصرية
لقاء الألباني بأحمد شاكر
الألباني في الجامعة الإسلامية
تلميذ الألباني "نافع الشامي"
تلميذ الألباني "عبد الرحمن الباني"

مقدمة

00:00:06

الحمد لله الذي شرف أهل الحديث وجعل لهم مكانا علياً، واصطفاهم من خلقه وجعل لهم فضلاً ندياً، بحفظ سنة النبي ﷺ وما بذلوه من الجهد العظيم في الذب عنها وتمييز ما دخلها.

هؤلاء نجوم الأرض الذين يهتدى بهم كما أن للسماء نجوماً يستضاء بها ويهتدى بها.

هم الذين قيضهم الله -تعالى- واصطفاهم من خلقه، فكان لهم هذا السبق العظيم في حمل السنة وتبليغها: نضر الله -تعالى- وجوههم،  نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها [رواه أ].

وعلى رأس هؤلاء في هذا العصر محدثه: محدث العصر العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمة الله عليه-.

وفي هذا الدرس سنتناول شيئاً من سيرته.

هذا الرجل الإمام العلم الذي من حقه علينا: أن نتعرف على شيء من حياته، ونشر مآثر العلماء واضح في كتب التاريخ والسير التي ألفوها، فهم لا زالوا يكتبون عن أهل العلم عبر العصور، مبينين مناقبهم ومآثرهم، ليقتدي بهم من بعدهم، مصداقاً لقوله تعالى: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان: 74].

فهؤلاء أئمة أهل التقوى -رضي الله تعالى- عنهم.

وهذا المحدث -رحمه الله- حياته فيها أحداث كثيرة وعبر بالغة من أولها إلى آخرها.

وكذلك إذا أردنا أن نلخص حياة هذا الرجل بكلمة أو نصفه بكلمة فإنك تعرف مع الألباني الجلد.

خلاصة حياة هذا الرجل: الجلد.

مولد الألباني ونشأته

00:02:46

ولد -رحمه الله تعالى- في عام 1914 - 1333 للهجرة، في أشقودرة عاصمة ألبانيا يومئذ، من أسرة متواضعة يغلب عليها الاشتغال بالعلوم الدينية.

وكان والده الحاج نوح من كبار مشايخ ذلك البلد، تلقى علومه في إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية.

وعندما بدت نذر فرض القوانين الغربية تلوح في الأفق ومضايقة النساء في حجابهن وإلزام الناس بالقبعة.

وكان والد الشيخ إماماً في مسجد في ألبانيا في عهد الملك "أحمد زوغو"، أحس الأب أنه لا بد من الانتقال، فهاجر إلى بلاد الشام، ويمم شطر دمشق، وذلك لما ورد فيها من الأحاديث، وكان يعرفها من قبل.

وعمر الشيخ حين وصل دمشق كان تسع سنين، محمد ناصر الدين الألباني كان يبلغ من العمر تسع سنين.

بداية دراسة الألباني وذكائه

00:04:11

وبدأ بدراسة اللغة العربية ولم يكن يعرف منها شيئاً البتة عندما وصل إلى دمشق، والتحق وإخوته بمدرسة جمعية الإسعاف الخيري، حتى أشرفوا على نهاية المرحلة الابتدائية، وتعلم فيها الشيخ مختلطاً بالطلاب: اللغة العربية.

وهذا يبين لنا أن من ابتلي بمصيبة معيشة أولاده في بلاد الغرب ففقدوا اللغة العربية، أن من وسائل التعليم المهمة: الاختلاط بأصحاب اللسان العربي.

هناك بعض الناس يعيشون في الخارج أبناؤهم لا يعرفون العربية مطلقاً، والاحتكاك والمخالطة والمعايشة من أعظم وسائل تعلم هذه اللغة.

كما أن بعض الناس عندنا يريدون الذهاب إلى بلاد الغرب ليعيشوا وسط الكفار بزعمهم، فيتعلموا اللغة الإنجليزية مثلاً، ويعيشون في وسط عائلة أجنبية كافرة في الغالب.

ولما هبت أعاصير الثورة وأصاب المدرسة حريق أتى عليها انتقلوا إلى مدرسة أخرى، ولكن والد الشيخ لم يقتنع بتلك الدراسة فسحب أولاده من المدرسة.

وكان الشيخ على أية حال: قد حصل على الشهادة الابتدائية في أربع سنوات.

يقول الشيخ: يبدو أن الله فطرني على حب اللغة العربية، وهذا الحب هو الذي كان سبباً  كسبب مادي بعد الفضل الإلهي أن أكون متميزاً متفوقاً على زملائي من السوريين في علم اللغة العربية، ونحوها.

وأذكر أيضاً جيداً: أن أستاذ اللغة والنحو حينما كان يكتب جملة أو بيت شعر على اللوح، ويسأل الطلاب عن إعرابه، يكون آخر من يطلب منه ذلك هو الألباني، وكنت وقتئذ أعرف بالأرناؤوط؛ لأن كلمة: "الأرناؤوط" اسم شعب، مثل نقول: العرب، ويتفرع منهم بنو تميم، وبنو فلان، وبنو فلان.

"الأرناؤوط" شعب يتفرغ منهم الألبانيون، والبشناق، وغيرهم.

وكان الأستاذ يخرجني آخر واحد إذا عجز الطلاب عن الإعراب، فيناديني: "يا أرناؤوط" أيش تقول؟

فأصيب الهدف بكلمة واحدة، فيرجع ويعير الطلاب، ويقول: مش عيب عليكم هذا أرناؤوطي يتفوق عليكم وهو ليس بعربي وأنتم العرب لا تعرفون الإعراب؟

لا شك –أيها الإخوة- أن مدرس اللغة العربية له أثر كبير جداً في تحبيب الطالب في اللغة أو في تنفيره عن اللغة.

ولذلك فإن على مدرسي اللغة العربية بالذات مسؤولية كبيرة جداً في تحبيب اللغة إلى النشء.

هذه اللغة التي فقد الاهتمام بها في هذا الزمان، وصرت ترى اللحن الجلي والخفي، وأنواع التكسير في الكلام، وغزو العامية أمراً كثيراً جداً.

وسحب والد الشيخ ولده من المدرسة، وكانت رمية من غير رام، فلو استمر به تلك السنة لعل استمراره لم يكن ليؤدي إلى دراسة الشيخ وتبحره في العلم الشرعي.

وكان والد الشيخ سيئ الرأي في المدارس النموذجية.

بدأ الشيخ حياته بالقراءة عالية جداً جداً كما يبدأ الشباب في ذلك الوقت، فكان يأخذ من الباعة قصص ويقرأها: أرسين لوبين اللص الأمريكي، عنترة بن شداد، قصص ذات الهمة والبقال، ونحو ذلك، يشتري القصص ويقرأ، بوليسية على شيء شعبي على أمور من الخرافات والأساطير، هذه قراءته، لكن الله إذا أراد شيئاً هيأ له أسبابه.

ولا شك أن توجه الشيخ لعلم الحديث من بعد هذه القصص، لا شك أنه منحة إلهية وتوفيق رباني، ما في ذلك ريب.

تحول الألباني من دراسة الفقه إلى علم الحديث

00:09:28

كان والد الشيخ -رحمه الله- يدرسه الفقه الحنفي وعلم الصرف، وحضر عند الشيخ سعيد برهاني قراءة مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح بالفقه الحنفي.

وقرأ شيئاً من كتب النحو والبلاغة العصرية، دفعه والده لقراءة كتب الأحناف، وختم على والده القراءة تجويداً.

كيف اتجه الشيخ لعلم الحديث؟

ذات يوم من الأيام والشيخ يأخذ كتب ألف ليلة وليلة وعنترة بن شداد إذا به يجد مع بائع الكتب مجلة لفتت نظره، وهي: مجلة المنار التي كان يصدرها العلامة الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-.

كان عمر الشيخ وقتذاك سبع عشرة سنة، فأخذها الشيخ، أخذ "مجلة المنار" وفتحها، المجلة فيها مقالات كثيرة فقرأ فصلاً للشيخ محمد رشيد يتكلم فيه عن مزايا كتاب الإحياء للغزالي، وينقده من بعض النواحي كالصوفيات، والأحاديث الواهية، وذكر أن لأبي الفضل زين الدين العراقي كتاباً وضعه على الإحياء خرج فيه أحاديث الإحياء، وميز صحيحها من ضعيفها، وهذا الكتاب اسمه: "المغنى عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار".

"الأسفار" الأولى معناها الكتب، والأسفار الثانية جمع السفر، الرحلة، فتلهف الشيخ للكتاب الأصلي، كتاب العراقي، هذا شيء قذفه الله في قلبه، لا تستطيع أن تقول أنه أتى بتوجيه بشر إطلاقاً، كيف وقع على المجلة؟ وكيف أنه أعجب بما حصلت الإشارة إليه وسعى لاقتناء الكتاب كتاب العراقي؟ هذا لا يمكن أن يفهم أنه بتوجيه من بشر، أربع مجلدات استعارها من دار الحلبي مطبوعة على ورق أصفر ناعم، لم يكن الشيخ يقدر على شرائها، ولكنه استعارها واستأجرها مدة طويلة، فلما حضر وقت إعادتها كان لا بد له من نسخها، فأخذ يخطها بيده وينسخها باستخدام مسطرة من كرتون مقوى، وخطوط متوازية، حتى نسخ الجزء الأول، ثم نسخ الكتاب كله، يعني كتب بيده ألفين واثنتي عشرة صفحة، بخط اليد، يريد أن يعيد الكتاب ولا بد أن ينقله، نقله بخط يده.

كيف رزق الجلد لإتمام الكتاب؟

هذا شيء من الله، طالب أول ما يطلع على كتاب شرعي يأخذه وينسخ ألفين وإحدى عشر صفحة بيده، هذا شيء لا يعاد مثيله في هذا الزمان، ما سمعناه ما سمعنا أن واحداً عمره ثمانية عشرة سنة أخذ كتاباً أربع مجلدات ونسخ ألفي صفحة بيده، ما سمعناه.

وبدأ الشيخ يبحث عن معاني الكلمات الغريبة التي تمر به؛ لأن مستوى كتاب العراقي بالنسبة للشيخ أعلى من مستواه بكثير في ذلك الوقت.

بدأ بالرجوع إلى مراجع اللغة العربية، وبدأ يأخذ ويكتب المعاني، ويضع حواشي على هذا الكتاب الذي خطه بيده، وموجود عنده موجود في مكتبة الشيخ إلى الآن، هذا المخطوط الذي خطه بيده، مع تعليقاته عليه.

لم يكن لأبيه نوح رد فعل إيجابي على ما فعله الشيخ، بل كان رد فعله سلبياً، ولم يحبذ اشتغال ولده بالحديث، وكان يضيق ذرعاً بما يفعله ولده، ويقول: علم الحديث صنعة المفاليس.

وفعلاً أكثر المحدثين كانوا فقراء؛ لأن الحديث يحتاج إلى رحلة، والرحلة تحتاج إلى نفقات، وشراء أجزاء وأحبار وأقلام وانصراف عن الدنيا وعن الكسب، إلا الشيء اليسير، هذا الاشتغال بالحديث، منهك ومضني.

ولكن لما حبب الله للشيخ هذا العلم انطلق فيه.

ولا زال الشيخ يعرف لمحمد رشيد رضا هذا الفضل، ويشير إلى ذلك في مؤلفاته.

عمل الألباني في النجارة

00:14:44

ومن ناحية التجارة اتجه الشيخ في البداية إلى النجارة، وتعلمها من خاله، ومن شخص آخر في دمشق يكنى بأبي محمد، عمل في النجارة سنتين، ثم لاحظ أن هذه الصنعة تهد القوة وتشغل كثيراً، فلم ينجذب إليها، لكن لكسب العيش اشتغل في ترميم البيوت القديمة، وفي الشتاء يتعطل عمل النجارة، فيمر على والده في دكان إصلاح الساعات، وكان أبوه صاحب صنعة في هذا المجال، فاقترح والده عليه ما دام في الشتاء تعطلت النجارة: تعال وتعلم تصليح الساعات، فتخرج بهذه المهنة على يد أبيه، وفتح دكاناً خاصا به.

اختلاف الألباني مع أبيه في بعض القضايا العلمية

00:15:44

كان الشيخ يعيش جواً حنفياً متعصباً، وكان والده من بين الأرناؤوط يعتبر مرجعاً في الفقه الحنفي ويستفتونه ويسألونه. وكان الشيخ رزق اتجاهاً آخر، ولكن لم يعجب أبوه ذلك -كما تقدم- ولم يشجعه على اتجاهه الجديد، وبدأت المفارقات، بدأت الاختلافات في التوجهات.

فلما رزق الشيخ دراسة السنة والأحاديث بدأ يطلع على الخلل والأخطاء الموجودة أمامه في البيئة على ضوء الأحاديث التي يدرسها ويقرأها، فمثلاً كان يصلي في المسجد الأموي، المسجد الأموي فيه قبر، اطلع الشيخ على أحاديث في تحريم اتخاذ المساجد على القبور، وعند ذلك بدأ يراجع نفسه في قضية الصلاة في المسجد الذي فيه القبر.

وبالتالي ترك الصلاة في المسجد الذي فيه قبر وكتب نواة لكتابه العظيم: "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد".

ثم أتت مسألة أخرى، وهي: قضية تعدد الجماعات في المسجد، فجامع التوبة الذي كان بجوار منزل والده كان يؤم فيه الشيخ البرهاني الحنفي، وإذا غاب وكل والده، وفي العهد العثماني قديماً كان الأحناف يصلون قبل الشافعية؛ لأنه كان مذهب العثمانيين الحنفي، فيقدم الجماعة الأحناف قبل غيرهم في الصلاة، وهذه من سيئات التعصب المذهبي، ما كان المسلمون يصلون جماعة واحدة، وإنما كل أصحاب مذهب يصلون جماعة منفصلة.

وفي بعض المساجد كان يوجد أربعة محاريب لكل مذهب محراب، فلما رأى الشيخ هذا الوضع جماعتين في مسجد واحد، لا يصلي هؤلاء وراء هؤلاء، ولا هؤلاء وراء هؤلاء، بحث المسألة فتبين له أنه لا بد أن يصلي في الجماعة الأولى.

وكان قد وصل إلى سدة الحكم: "تاج الدين بن بدر الدين الحسيني".

بدر الدين الحسيني كان محدث عصره، وكان شافعي المذهب، ولده على مذهب أبيه شافعي، لما صارت له مقاليد الأمور قدم جماعة الشافعية على الأحناف بالصلاة، فصار الشافعية يصلون قبل الأحناف، الشيخ أين سيصلي؟

مع الجماعة الأولى، الجماعة الأولى من هم؟

الشافعية.

أبوه أين يصلي؟

مع الجماعة الثانية.

بدأت المشاكل.

أبوه يرى الولد يخالفه ولا يصلي وراءه، ويصلي في الجماعة الأخرى، فكادت تقوم قيامته بسبب مخالفته ولده لمذهبه، والشيخ ماض في سبيله.

لما غاب البرهاني أناب والد الشيخ، فصار إمام الأحناف والد الشيخ فازدادت المسألة سوءاً، لا يصلي وراء أبيه الإمام.

ثم أراد والد الشيخ أن يسافر فأناب الألباني، فاعتذر الألباني، قال: أنت تعرف رأيي أنا أصلي في الجماعة الأولى كيف أصلي بالجماعة الثانية؟

وبتحريك من بعض الحاقدين والحاسدين تطورت القضايا وزادت المشكلات إلى أن جلس مرة استدعاه أبوه، قال له: اسمع ولا تغضب.

وضعه في زاوية الغرفة، ثم قال له: هل صحيح أنك غيرت مذهبك ولم تعد حنفياً؟ وهو يقترب منه شيئاً فشيئاً، ويرتفع صوته ويغلي.

والشيخ قال: أنا لم أسمع بهذا من قبل، حاول تهدئة الأمور، لكن في النهاية قال له أبوه: اسمع إما الموافقة وإما المفارقة، فاستمهله ثلاثة أيام.

انتقال الألباني إلى مسكن منفرد عن أسرته

00:20:39

ثم قرر الشيخ أن ينتقل إلى مسكن آخر، وهو لا يملك درهماً ولا ديناراً.

وقدم له والده خمساً وعشرين ليرة سورية.

وكان الشيخ في ذلك الوقت قد أسس نواة من أصحابه الدعاة، وكان أحدهم له حانوت يبيع فيه الحبوب، واستأجر الشيخ في نفس المكان دكاناً له، واقترض مائتي ليرة حتى استطاع استئجار المحل، وبدأ بتصليح الساعات في المهنة التي يعرفها، وقد جاوز عمره العشرين.

وهنا في هذا العمر كتب كتاب: "الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير"، هذا الكتاب كتبه وعمره واحد وعشرين، أو اثنين وعشرين سنة.

والكتاب طبعاً لم يطبع إلى الآن من المخطوطات، والشيخ ينقح ويزيد ويصحح طيلة حياته.

وهنا نأتي إلى درس عظيم، وهي: قضية اتباع الحق ولو خالف أقرب الناس، الإنسان يتبع الحق ويطيع الله ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

لكننا نريد أن نشير إلى مسألة مهمة، وهي: أهمية مداراة الأب أو الكبير في العائلة في مثل هذا الظرف الحرج.

فالآن بعض الشباب يهديهم الله في البيوت فيتمسكون بالإسلام ويمتنعون عن المحرمات، ويغشون المساجد، وحلق العلم والطاعات، وقد لا يروق ذلك لبعض آباءهم الذين يرون أن توجه الولد صار فيه شطط وغلو، وأنه تزمت، وأن هذا ليس في مصلحته فيقوم على ولده، ما هو موقف الولد؟

طبعاً الموقف واضح لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإذا جاهده على المعصية فلن يقبل، لكن لا بد من مداراة للأب لأنه أب:  فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان: 15].

ولم تزل علاقة الشيخ بأبيه طيبة لم يحصل انقطاع وقطيعة كاملة.

لكن الأب أعلن عدم رضاه عن توجه ولده.

تحويل الألباني دكانه إلى مجلس علم

00:23:17

حول الشيخ دكانه إلى مجلس علم، وذكرنا بحياة الصحابة الذين لم يكن ينفصل عندهم طلب الرزق مع طلب العلم، فيطلبون الاثنين، يطلبون الرزق ويطلبون العلم.

فحول الشيخ دكانه إلى مجلس علم، حدثني واحد من الإخوان يصلي معنا في هذا المسجد بعد وفاة الشيخ قال: كنت أدرس في مدرسة ثانوية داخلية ما كانوا يسمحون لنا بالخروج إلى أي مكان، وكنا نسمع عن الألباني، ويشوهون سمعته، ويقولون: هذا الوهابي، وهذا.. وهذا.. ولو علموا أننا نذهب إليه لعاقبونا عقاباً شديداً، فكنا نحتال للذهاب للألباني في الدكان بحجة تصليح الساعات، فنقول: والله الساعة خربت نحتاج نذهب ونصلح الساعات، ونذهب للشيخ الألباني في الدكان، فنجلس عنده فيسمعنا شيئاً من أحاديث الأربعين النووية، أو شيئا من كتاب "سبل السلام" للصنعاني.

وإذا كانت الساعة خربانة فعلاً صلحها لنا مجاناً، ويرفض أن يأخذ أجرة التصليح مع فقره وحاجته، ويقول: أنتم طلبة علم، ما يأخذ أجرة التصليح، ويقول: أنتم طلبة علم، كيف آخذ منكم؟

فعندما يقول بعض الشباب الآن: تتعارض الوظيفة مع الدراسة، وتتعارض الأعمال مع طلب العلم.

نقول: لا بد من إيجاد مجالاً للتوفيق.

ونعم إن الأعمال الحرة أرحب مجالاً في التوفيق من الأعمال الوظيفية، فأنت قد لا تستطيع أن تقرأ في الوظيفة أشياء من العلم، مع أن بعض الناس يذهبون الأوقات في قراءة الجرائد والأشياء التافهة، والآن يقرأ كل الإيميل، وكل الأشياء، ويدخل في المواقع؛ لأنه صار الآن الإنترنت يدخل المكاتب، فقد يضيع بعض الناس وقته في هذا في مكاتبهم، ولا يبحثون عن شيء يطلبون فيه العلم، مع أنه قد يوجد في هذه الوسيلة أو يوجد في هذه الشبكة من المواقع العلمية التي نسأل الله أن تزداد ما يمكن من خلال المكتب أن يطلع الشخص في أثناء الفراغ أو وقت الغداء إذا كان جاداً وصاحب همة يدخل على بعض المواقع العلمية، ويطلع على ما فيها ويقرأ ويستفيد.

تقدم الشيخ لخطبة زوجته الأولى -رحمها الله- وتزوج، يقول الشيخ: إن والده كان يمر عليه في الدكان، ويطمئن على ولده، وقال له عبارة مرة من المرات: أنا لا أنكر أنني استفدت منك.

وكان للشيخ أخ يقال له: محمد ناجي، يعمل في مصنع، وعمله نجار، وهو مع كونه عامي لكن كان يحفظ كلام أخيه، ويذهب إلى المصنع وينشره على الموظفين في المصنع والعمال، حتى صار شيخهم مما يسمع من أخيه، وينقل.

لما كبرت الحلقة في الدكان، والدكان صغير، استأجر الشيخ مع مجموعة من إخوانه محلاً لإلقاء الدروس، فصار عنده شيء من الفسحة في محله، يقول الشيخ: من توفيق الله -تعالى- وفضله علي أن وجهني منذ أول شبابي إلى تعلم هذه المهنة، إصلاح الساعات، ذلك أنها حرة لا تتعارض مع جهودي في علم السنة، فقد أعطيت لها من وقتي ثلاث ساعات زمنية فقط، ماعدا الثلاثاء والجمعة، وهذا القدر يمكنني من الحصول على القوت الضروري لي ولعيالي وأطفالي على طريقة الكفاف طبعاً، فإن من دعائه ﷺ:  اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً ، فكان رزقهم كفافاً لا يزيد ولا ينقص.

الألباني في المكتبة الظاهرية

00:28:07

لما صار الشيخ يحتاج إلى مزيد من الكتب تيمم شطر المكتبة الظاهرية، يمم وجهه شطر المكتبة التي كانت خزانة للمخطوطات والكتب، ومستودعاً عظيماً جداً لها، وصار يقرأ فيها، يمكث ثمان ساعات، إلى ثنتي عشرة ساعة.

وحدثني تلميذه محمد عيد العباسي: أن الشيخ كان يفتح دكانه أحياناً يومين فقط في الأسبوع لكسب العيش، والباقي في المكتبة، وفي هذه المكتبة كان يجلس على طاولة يكون فوقها المخطوطات والطاولة تتسع لأربعة أشخاص، فلا يعجب ذلك بعض الحاضرين، هذه الطاولة ما بقي الآن مكان لأحد يجلس عليها، فوجهوا الشيخ إلى غرفة في المكتبة الظاهرية، غرفة صغيرة، وأعطوه مفتاحها، وصار يجعل فيها المراجع حتى لا يتعب الموظفين بإحضار الكتب ونقلها، وتركوا عنده بعض المخطوطات، ولعل الجامعة في دمشق قد طلبت منه عمل شيء من البحث وكانت الغرفة مقابل هذا البحث، وكان مع الشيخ مفتاح يأتي فيدخل فيقرأ.

إذاً، الدرس العظيم هو: الجلد والصبر في القراءة.

مشكلة الشباب اليوم أنهم لا يستطيعون ولا جزءاً مما كان يفعله الشيخ -رحمه الله-.

ولو قلت لواحد: اقرأ ساعة يومياً.

يقول: ما أستطيع.

فغرقوا في أشرطة الأناشيد والمسابقات والأشياء الخفيفة، وأعرضوا عن العلم الجاد، أعرضوا عن القراءة في كتب السلف وفي كتب العلم، واكتفوا بالسندوتشات من هذه الكتيبات الخفيفة، فهذا حدهم في العلم.

ولا شك أن هذه كارثة أن يتدهور مستوى الإنسان العلمي ليصبح مجموعة أشرطة أناشيد، وبعض الكتيبات التي حتى لم تعد تطاق، وصارت القضية في مطويات جديدة، صارت هي زادهم حضراً وسفراً.

ولذلك فإننا يجب أن نحمل أنفسنا على قضية الجلد في الطلب، وأن نعلم أن هؤلاء العظماء ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بالجلد في الطلب، وأن كون الشيخ يقف على سلم المكتبة الظاهرية، يصعد السلم يبحث في الرفوف العلوية ويبقى ساعات فوق السلم هذه ليست وقفة مريحة على الإطلاق، الوقفة على السلم تتعب أكثر من الوقفة على الأرض، والشيخ واقف على السلم يأخذ ويقرأ ويبحث ويدون ويكتب.

شغف الألباني بكتابة الأسانيد

00:31:21

كان شغوفاً بالكتابة ينقل الأسانيد، وكتب في الكراريس الكبيرة في مشروعه العظيم: تقريب السنة بين يدي الأمة أربعين ألف حديث، وعكف على جمع الطرق من هذا الكتاب ومن هذا الكتاب، ومن هذا الكتاب، قراءة وكتابة، قراءة وكتابة، وهكذا وصل الشيخ إلى ما وصل إليه رحمة الله عليه.

قناعة الألباني بالرزق

00:31:49

رزق القناعة في الرزق، وهذه مسألة مهمة فإن عدداً من الشباب اليوم لم يعطوا القناعة في هذا، ولذلك يجرون وراء الدنيا، وإذا جروا وراءها ماذا يبقى للدين والعلم؟ ماذا يبقى -أيها الإخوة-؟

فلو صارت قناعة ولا نريد تقليد الآخرين في التحف التي يضعونها في بيوتهم، والإجازات التي يقضونها في البلدان والنفقات، ونحو ذلك من الجري واللهاث وراء تقليد ما عند فلان وفلان، والتأثر بالزوجات والنساء، لو كانت عندنا قناعة لبقيت لدينا أوقات لطلب العلم لكن عندما تضيع الأوقات بين لهو ولعب وبين انشغال بالدنيا من جراء عدم القناعة، فمتى نؤتى الوقت للطلب والجد والقراءة وحضور الدروس؟

دعوة الألباني إلى عقيدة السلف

00:32:46

والشيخ -رحمه الله- وإن انطلق في مسيرته العلمية المباركة في الجمع والقراءة والكتابة، لكن رزق اتجاهاً دعوياً عزيزاً في ذلك الوقت، فكان يتجول للدعوة إلى عقيدة السلف ومذهب السلف، من الدكان إلى الدار التي استأجروها، إلى الجولة في دمشق، إلى بقية بلدان سوريا ومدنها من حلب وحمص وحماة واللاذقية، وهكذا..

وكان للشيخ دارجة هوائية يتنقل عليها للدعوة، ولم يكن عنده قيمة سيارة في ذلك الوقت.

ولأول مرة يرى الدمشقيون شيخاً يعتم عمامة بيضاء مكورة يركب دراجة هوائية، حتى كان هناك شخص لعله نصراني يقول الشيخ: يصدر مجلة اسمها: "المضحك المبكي" ذكر في الغرائب والنكت: أن هناك شيخ يركب دراجة هوائية.

ولما تبين للشيخ أن لبس العمامة ليس سنة عبادة لبس غطاء رأس عادي مما يلبسه الناس، مثل الغترة، الحطة كما يقولون، والجلباب أو الثوب الواسع، ولم يكن يلبس اللبس الإفرنجي، وإنما يلبس لبساً مما يلبسه المسلمون، ولا يحاول أن يلبس لبس الإفرنج.

ومما ساعد الشيخ أيضاً على شيء من التفرغ: أن رجلاً فلسطينياً أتى بابن له إلى الشيخ الألباني في الدكان، يقول: أريد أن تعلم ولدي هذه الصنعة حتى يسترزق الولد منها، فقال الشيخ: أنا أعلمه بشرط ما يجلس عندي شهرين ثلاثة يأخذ مبادئ الصنعة وينصرف، أخذ الباب وغاب، ولكن يساعدني فيما استفاد مني، فإذا أنا غبت يجلس مكاني في الدكان، فوافق، فكان هذا العامل عنده مساعداً له، فكان الشيخ يذهب وينصرف أيضاً، وبعد سنين قال له: بإمكانك أن تستقل بعملك أنت، فذهب وفتح له محلاً.

فهرسة الألباني لمخطوطات المكتبة الظاهرية

00:35:26

لم يكتف الشيخ بالمكتبة الظاهرية كان يحتاج إلى شراء كتب فاتجه إلى مكتبات تجارية مهمة في ذلك الوقت مثل المكتبة العربية الهاشمية ومكتبة القصيبات، وغيرها، كان يستعير منها ويقرأ منها ويشتري منها على قدر طاقته.

يوم من الأيام أراد الشيخ أن ينسخ كتاباً لابن أبي الدنيا، وكان به مرض فاكتشف في المخطوطة ورقة مفقودة، وكان قد ألزمه الأطباء أو نصحوه بالراحة لأن وضعه في هذه القراءة قد أصابه بالمرض، فلما حصلت قضية الورقة الضائعة هذه عكف الشيخ على عمل فهرسة لمخطوطات المكتبة الظاهرية كلها، وفهرس المكتبة كلها، وهذا جهد عظيم جداً، ولعله أن يكون متبعاً أكثر من قضية الفتح والقراءة في مخطوطات معينة.

وحصلت المكتبة الظاهرية على مخطوطة بيد الألباني، فهرس لسائر المخطوطات الموجودة من الآلاف المؤلفة في هذه المكتبة.

وهذا طبعاً يدل على جلد تكتب مراجع، وتكتب كتبا كاملة لمكتبة عتيقة مكدسة فيها هذه المخطوطات والكتب لا شك أنه شيء عظيم جداً، ولكن ساهم ذلك في اطلاع الشيخ على كتب كثيرة متنوعة.

بعض الكتب التي درسها الألباني لطلابه

00:37:17

لما انطلق الشيخ للدعوة كان له تلاميذ خاصة وكان له عامة يدرسهم، وكان من الكتب التي درسها: "زاد المعاد" يقرأ مقطعاً، ويعلق عليه، ويمتد الدرس قرابة الساعة، ثم نصف ساعة للأسئلة.

طلبوا منه شرح "الروضية الندية في شرح الدرر البهية" فشرحه، ثم شرح "الترغيب والترهيب"، ودرس "الباعث الحثيث"، وكتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" بعضاً من كتاب الاقتضاء لابن تيمية -رحمه الله-، وكان لا يلقي عليهم حديثاً إلا بعد أن يتأكد من صحته.

درس لطلابه عدة كتب.

ثم جعلت شقة خاصة وقف لإلقاء الدروس كانت تمتلئ بالزائرين.

سعة صدر الألباني في النقاشات العلمية

00:38:14

وكان الشيخ الألباني يحضر مجلساً لبهجة البيطار علامة الشام -رحمه الله- فيه أدباء وفيه مباحثات في اللغة والبلاغة للتقوي في اللغة العربية.

وكذلك كان يتردد على بعض الدعاة إلى الله واجتذب بعضهم إلى مجالسه، وكان يخرج مع بعضهم في رحلاتهم فيؤم بهم في الصلاة كما كان يؤم بعدد من الدعاة المشتغلين بالدعوة، ولكنهم مالوا إلى الشيخ في طريقته العلمية، يقول الشيخ محمد عيد العباسي أقرب التلاميذ إلى الشيخ: تركنا غيره لسماحته في النقاشات، وفي الخمسينات الميلادية والستينات كنا نصبر معه للساعة الثانية عشرة ليلاً في نقاشات علمية ليس جدلاً وإنما لنقتنع، ونفهم، والرد على شبهات المخالفين، وكان مقر الدرس في حي الشهداء، وكثيراً ما نرجع للكتب أثناء النقاشات.

وهذه قضية مهمة، الآن بعض الشباب إذا تناقشوا في مجلس نقاشات علمية يذهبون بالجدل بآرائهم وخلفياتهم التي كثيراً ما تكون خاطئة، ولا يكلفون أنفسهم بسحب الكتاب من الرف، سحب الكتاب من الرف مسألة مهمة جداً، ولذلك ينبغي أن يكون في مجالس النقاشات كتب، وينبغي أن يكون هناك رجوع عند الاختلاف لكتب العلماء، افتح الكتاب بدلاً من الجدل على غير أساس، هات الكتاب وافتح الكتاب واقرأ.

التقاء الألباني بكبار العلماء

00:40:06

وكذلك التقى الشيخ بعلماء كبار؛ مثل بهجة البيطار، وحامد الفقي، وسعيد الجابي.

رحلات الألباني إلى مصر

00:40:17

وكانت له رحلات إلى مصر وغيرها وكتب عنه محب الدين الخطيب قال الألباني: من إخواننا في الله الذين لم نرهم ممن رزقهم الله الدفاع عن السنة والذب عنها، والاشتغال بالدفاع عن عقيدة السلف.

كان الألباني -رحمه الله- له في كل شهر من خمس إلى ستة أيام سفر دعوي، يذهب مع المقربين من تلاميذه للدعوة، يذهبون إلى بلد آخر، فينزلون عند أحد الطلاب أو الإخوان في ذلك البلد، ويعقد المجالس العلمية، ويأتي إليه الناس في تلك البلد، يعلم ويشرح ويقرأ ويفتي ويناظر -رحمه الله تعالى-.

ما كان شيخ علم كان شيخ علم وشيخ دعوة.

وهذه من الدروس العظيمة: أن بعض الشباب قد يعكف على الطلب وعلى القراءة لكن لا يزكي ما حصل، ولا بد أن يكون الشخص إذا أراد أن يكون مؤثراً لا بد أن يكون عنده نصيب في الدعوة.

اهتمام الألباني بكافة علوم الشريعة

00:41:36

وكان بسبب تمكنه من علم الحديث واطلاعه الواسع على السنة صار له اهتمام بفروع كثيرة في مجالات متعددة: العقيدة الأخلاق، الآداب، الرقائق، الفقه؛ لأن الاشتغال بالسنة متنوعة، السنة أحاديث متنوعة في كل المجالات، ولذلك لم يكن حصر علم الشيخ في الحديث وإن كان مبرزاً فيه، لكن اشتغل بعلوم أخرى كثيرة كالعقيدة، واهتم بعقيدة السلف اهتماماً بالغاً، وهذه في الحقيقة أيضاً منحة ربانية، الشيخ رزق من الله -تعالى- التوجه لعقيدة السلف.

والله يطلعه من خلال هذه الأحاديث يوفقه إلى المقارنة بينها وبين الواقع: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا تتخذوا القبور مساجد، نهى عن اتخاذ القبور مساجدفيقارن على الواقع، فيجد الاصطدام، فيتجه إلى قضية تمحيص المسألة، وتتكون عنده القناعة من خلال البحث، وهكذا..

محنة الألباني وأذيته وصبره

00:42:48

وهذا مما جلب عليه نقمة طائفتين عظيمتين: متعصبة المذاهب والصوفية، وكانت الشام مملؤة بهم.

وكان كثيراً ما يكون الجمع بينهما في أشخاص متعددين جداً صوفي ومذهبي، والشيخ ينادي بالتحرر من ربقة التقليد الأعمى للمذاهب، وينكر على الصوفية؛ لأن عقائدهم باطلة وفاسدة، فاجتمع عليه الأعادي وأغروا به السفهاء وأوذي في الله ، ووشي به حتى حبس شهراً، وفي القلعة التي سجن فيها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وأقام بها صلاة الجماعة، وأقبل عليه من في السجن، بل والجمعة، حتى قيل: ما صارت من أيام شيخ الإسلام ابن تيمية إلا لما دخلها محمد ناصر الدين، هذه الصلاة، وحبس مرة أخرى ستة أشهر.

والشيخ أوذي في الله.

إذا كنا نحن الآن في بلد ولله الحمد يغلب عليه العقيدة الصحيحة، ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ما ترى قبوراً في المساجد، ولا ترى توسلات شركية ومجاهرين بالشرك والبدعة في الشوارع، هذا في الغالب، فلا تصطدم إلا في ما لا بد منه مما لا يخلو منه الحال.

لكن الشيخ كان غريباً وسط أناس من المشركين، بل والكفرة من أصحاب وحدة الوجود ومقدسي ابن عربي، والمستنجدين بقبر ابن عربي، وابن عربي طبعاً عقيدته كفر، لكن قبره في الشام مزار يعبد من دون الله، ويستغاث، يعني محي الدين ابن عربي هذا لا تصل إليه من إقبال الناس على مقامه واستشفائهم به وتبركهم به، وطلب قضاء الحاجات، خلاص، محي الدين، هذا الشيخ محي الدين وهو من المشركين.

فالشيخ عانى كثيراً وكان العامة يشحنون عليه يقول واحد من تلاميذه: لدرجة أن واحداً من العامة المشحونين على الشيخ قابله في الشارع مرة فبصق على وجهه، ولولا أن الشيخ تنحى جانباً لجاءت البصقة عليه.

وسبوه: يا وهابي يا وهابي، ونفروا الناس عنه، أوذي في الله، نحن لا نحس بمعاناته لأننا والحمد لله في بيئة سلفية، وهذه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب منتشرة.

لكن الشيخ عاش في بيئة على العكس تماماً، كان غريباً، وهذا فيه درس أن الإنسان المسلم إذا وجد في بيئة تناقض المجتمعات الصحيحة عليه أن يصبر، وأن يعلم أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، وإذا ذهب في الإجازة الصيفية إلى أقربائه وإلى البلد التي جاء منها ووجد الناس على خلاف ما هو عليه من الحق فإن عليه أن يثبت ولا يضعف وأن ينشر الدين ويعلم الناس.

الناس فيهم جهل، يقول واحد من الإخوان: ذهبت إلى جنازة والدتي، فسافرت لذلك والبدع فيها بدع كثيرة جداً، ويعملون سرادق، ويعملون عزاء، وقارئ يقرأ، واحتفال واجتماع وفي السبع والأربعينية، فصارت فرصة في اجتماعهم في البيت لتعليمهم السنة وفي الدفن كم عانينا حتى لا يكتب على شاهد القبر، ولا يجعل كذا، ولا يجعل وشيء استطعنا عليه وشيء ما استطعنا عليه، لكن يقول العامة فيهم اتجاه لتعلم الحق، خصوصاً الذين لم تتلوث فطرهم، فعندما نفتح مثلا موضوع السنة في الأذكار وكيف الأذكار النبوية، قفزت امرأة من القريبات تقول: إي والله أعطنا من هذا العلم، والله نشف حلقنا ونحن نقرأ الصمدية مائة ألف مرة، ليش؟ قالت: هذه يقولون عتق من النار مائة ألف مرة قل هو الله أحد عتق من النار، نشفت حلوقنا وما خلصنا من المائة ألف ما  في شيء يعتق من النار غير هذه؟ مائة ألف صمدية؟

فالعامة يتساءلون عندما الواحد يفتح لهم باباً إلى الحق، باباً إلى السنة، باباً إلى الأذكار الشرعية، يبدأ العامة بالسؤال ويتحرك المجلس، وهكذا يجب أن يكون الداعية إلى الله مثل المطر أينما وقع نفع.

ذب الألباني ودفاعه عن عقيدة السلف

00:48:15

والشيخ -رحمه الله- تجلى دفاعه عن عقيدة السلف في عدة مؤلفات:

منها -كما ذكرنا-: "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد".

ومنها: قضية التوسل الشركي والبدعي التي بينها في مؤلف.

وكذلك تحقيقه لكتاب العلو للذهبي، العلو للعلي الغفار للذهبي، حقق الكتاب مع صعوبة الوصول إلى رجاله لأن كثيرا منهم متأخرين رجال أسانيد العلو، كتاب العلو.

وحقق كتاباً مهما في العقيدة وهو كتاب السنة لابن أبي عاصم، وله فيه مباحث.

فحصل له دعوة إلى عقيدة السلف الصافية النقية وأحيا الله بهذا الشيخ سنناً مهجورة؛ لأنه كان من صميم دعوة الشيخ الدعوة للتمسك بالسنة، الدعوة لتطبيق السنة في وسط كانت السنة فيه مجهولة في كثير من الأشياء جداً، والناس على تعصب مذهبي قد يكون مخالف للسنة أو على جهل، وعلى عادات وتقاليد، وأصعب الأشياء أن تغير العادات والتقاليد، فكان الشيخ -رحمه الله- يسعى في إحياء السنن، ومن السنن التي أحياءها في بلاد الشام: صلاة العيدين في المصلى، وأنها ليست في المساجد، الأصل في المصلى، وكانت لا تصلى إلا في المساجد.

تطبيق الألباني للعلم مباشرة

00:49:41

الشيخ كان عنده ميزة عجيبة التطبيق المباشر، اطلع على حديث على نص لا بد من التطبيق مباشرة، إذا اقتنع به يطبق مباشرة، فقال لأصحابه: هذه الأحاديث تدل على أن الصلاة في المصلى، خارج البلد، يجتمع أهل البلد ويصلون، وليست في المساجد نخرج إلى خارج البلد ونصلي العيد، بدأوا بسبعة عشر رجلاً هو ومن معه سبعة عشر رجل، أقاموا السنة في صلاة العيد، الآن الذين يصلون في المصلى الذي صلى فيه الشيخ أو الذي أحيا سنة الذهاب إليه من خمسة آلاف إلى ستة آلاف شخص، والفضل بعد الله في هذا غير انتقال هذه السنة للأردن ثم الكويت بعد الله للشيخ ناصر الدين الألباني.

في أحكام الجنائز، وأحكام الجنائز طبعاً من كتبه العجيبة التي تدل على نضج  في التأليف، كتاب أحكام الجنائز هذا أنا أوصي باقتنائه وشرائه وقراءته؛ لأنه فعلاً كتاب يتجلى فيه مقدرة الشيخ على الوصول لكتب السنة، وحشد الأدلة في المسائل المختلفة، ويهتم بنقل شروح العلماء وخصوصاً النووي وابن تيمية وابن حجر.

عكف الألباني على ابن تيمية وابن حجر والنووي.

صحيح أن الشيخ لم يكن له علماء كثيرون تتلمذ عليهم، وأنه بسبب ذلك عانى، لكن عصاميته عوضته عن ذلك خصوصاً أنه رزق ووفق للاتجاه لعلماء أفذاذ تتلمذ على كتبهم.

بعض السنن التي أحياها الألباني

00:51:41

ومن السنن التي أحياها في دمشق: سنة العقيقة، وكانت العقيقة غير معروفة عند الناس، المسألة كانت مندثرة، قال أحد طلابه: لما كان يدرسنا كتاب الروضة الندية في الخمسينات، ووصلنا إلى العقيقة دعا طلابه وأصحابه لتطبيقها.

وكذلك من الأشياء أيضاً: تطبيق سنة قيام الليل في رمضان إحدى عشرة ركعة، كانت ثلاث وعشرين ركعة، تقول تمثيلية، كيف يصلونها؟ ولا الضالين آمين، سبح اسم ربك الأعلى، الله أكبر، سمع الله لمن حمده، يكمل، ولا الضالين آمين الذي خلق فسوى، الله أكبر، خلصت ركعتين الآن اللي بعدها والذي قدر فهدى الله أكبر والذي أخرج المرعى ثلاث وعشرين ركعة في ربع ساعة، لك أن تستدل يعني على هذه التمثيلية.

فأحيا الألباني صلاة الليل إحدى عشرة ركعة كما جاء ذلك في السنة يطبقها قولاً وعملاً، قال طلابه: فشعرنا بلذة العبادة.

وأحيا سنة تسوية الصفوف في الصلاة والتراص، وأنا ألفت النظر إلى أن بعض الإخوان ربما لا يطبقون فقه المسألة بشكل صحيح، ويتشددون في هذه القضية، ويلاحقون المصلين بأقدامهم، ويعملون خططاً عسكرية، فيقول: أنا أفتح رجلي، وبعضهم يقول: أنا أضم الرجلين جداً جداً وأقرب هذا الرجل الذي بجانبي، ثم إذا جاؤوا الناس من الطرف الثاني فتحت رجلي فقضيت على الفراغات.

فهذا -يا إخوان- يجب أن يكون تطبيق السنة بفقه، تطبيق السنة بمراعاة المصلحة الشرعية، مراعاة المفاسد.

الناس إذا لم يألفوا سنة لا بد من التمهيد النظري قبل التطبيق العملي، يعني أنت إمام تريد أن تطبق في الجماعة سنة، علمهم إياها أولاً نظرياً، اقرأها عليهم، ثم بعد ذلك عندما يحصل التمهيد النظري بعد ذلك تطبق عملياً.

أما تأتي إلى واحد لا يعرف ذلك ولا يطيق أن يمس إنسان قدمه ولا أصبعه، وينشغل جداً بصلاته، ثم تخرب عليه خشوعه، الواجب من أجل تطبيق سنة الآن يعني لو حصل بالمنكبين لا بأس كمقدمة، بعد ذلك تأتي قضية التراص التي نعرفها، فلا بد من حكمة في التنفيذ، حكمة في التطبيق.

وهذا ما ينقص بعض الذين تتلمذوا على كتب الألباني، وهي: قضية عدم الحكمة في تطبيق السنة، فربما يؤدي إلى الوقوع فيما محرم من أجل سنة، مثل ما قال بعض الإخوان ضرب طرفة يقول: أنا رأيت واحداً في المسجد من بلد من البلدان العرب يلبس بنطلوناً وقميصاً، وجالس للصلاة، يصلي ويرفع القدمين من وراء، ينصب القدمين ويجلس عليها، لا يفترش؛ لأن البنطلون ضيق، قال: فجئت بعد تحية المسجد، فنصحته قلت: يا أخي هذه السنة التورك، وقلت: هذا يمكن حنفي قلت: وأبو حنيفة يقول بالتورك، مع أن أبا حنيفة لا يقول بهذا، قال: لأقنعه، ولا يجوز أن نكذب في أقوال العلماء لنقنع، والغاية لا تبرر الوسيلة، والتورك تنصب اليمنى وتخرج اليسرى من تحت اليمنى.

قامت الصلاة، تقدم الإمام، صلى الإمام جلس ركعتين، الركعة الرابعة، جلس جنبه هذا، جلس هذا للتورك أول مرة في حياته يجلس للتورك البنطلون ضيق وجلس والبنطلون راح.

طبعاً الرجل لملم نفسه على قدر الإمكان وستر نفسه، حتى انتهت الصلاة، بعد السلام التفت على صاحبه قال: هيك بده أبو حنيفة؟ هيك بيعجبه لأبي حنيفة؟

فإذاً -يا إخوان- نعود مرة أخرى إلى قضية: أن الدعوة إلى السنة يجب أن تكون بحكمة، وأن الشخص الذي لا يعرف السنة يعلم السنة، ويؤمر بتطبيقها بدون ما يكون هناك سلبيات أكبر أو مفاسد أكبر.

إحياء الألباني لصلاة التراويح

00:57:19

الشيخ -رحمه الله- كما قلنا- كان أحيا صلاة التراويح هذه، ويقول الشيخ علي خشان وهو من تلاميذه: كان يصلي بنا ثلاث ساعات وهو إمام، ثلاث ساعات إحدى عشرة ركعة، ويطيل الركوع حتى يكون قريباً من القيام، ويطيل السجود ليكون مثل الركوع، والجلسة بين السجدتين والرفع من الركوع على حسب ما ورد في الأحاديث، وكان يبكي ويبكي من خلفه.

كان رقيق القلب، الشيخ ناصر -رحمه الله- فيه مسألة مهمة وهي: أن عدد من الناس إذا قرأوا ردود الشيخ الذي تتميز بالحدة في كثير من الأحيان لا يتصورون أن الشيخ رقيق القلب؛ لأنه يرى الحدة في الأسلوب فلا يتصور أن هناك يوجد في المقابل رقة عجيبة عند الشيخ.

وسألت أحد طلابه الذين صلوا معه من زمان صلاة التراويح هذه عن آيات بكى الشيخ فيها فقال: قرأ مرة سورة غافر قصة المؤمن في سورة غافر وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ [غافر: 41] وسمع نشيجه فيها.

وكان يرتاح بعد كل ركعتين.

وبعض الطلاب كان يريد انتهاز الفرصة بين كل ركعتين ليتقدم ويسأل الشيخ فكان الشيخ يقول: هذا وقت عبادة وليس وقت تعلم، ولا يجيب في هذا الوقت، هذا وقت عبادة، وهذه راحة للعبادة.

دفع الألباني لتكاليف نفقات السفر مع طلابه

00:59:12

يقول الشيخ "عيد": كنا نسافر معه إلى المدن في سيارته وكان معنا من تلاميذه أيضاً محمود الجزائري، ويأبى الشيخ إلا أن يدفع نفقات السفر، ويقول: دعوها تكون خالصة لله، ونحاول أن ندفع فيعزم علينا إلا أن يدفع هو، ولا نكاد نظفر إلا بشيء يسير جداً، والمشوار مكلف خصوصاً في ذلك الوقت، والبنزين وصيانة السيارة.

جلد الألباني وصبره

00:59:40

وقال: كنا ندخل عليه في المكتبة الظاهرية في الستينات نجده منكباً على الكتب، وكان يقول وقت الغداء: هات لي معك حمصاً، أجيب له الحمص يكتفي بلقم ويعود إلى العمل، ويتابع من الثامنة والنصف صباحاً ينتهي دوام المكتبة الواحدة والنصف ظهراً، يذهب الموظفون لفترة الغداء يرجعون العصر هو لا يذهب ويجلس في المكتبة يقرأ ويكتب إلى التاسعة مساء، وهو مستمر في الجلوس، يعني اثنتا عشرة ساعة يومياً يشتغل الشيخ.

هذا الجلد الذي نريد من الشباب أن يتأثروا به.

الجلد -يا إخوان-.

وكان قد خصص يومين لطلب الرزق في الدكان والباقي للمكتبة الظاهرية، ويضحي بالزبائن، والرجل كان متقناً في تصليح الساعات ومخلصاً ولا يغش، والزبائن يقصدونه لأمانته، ومع ذلك يضحي بالزبائن، ولا يفتح المحل في هذه الأوقات الطويلة؛ لأنه يكون مشغولاً بطلب العلم.

الجلد هذا من أهم صفات الألباني العصامية والجلد الصبر ليس فقط في القراءة حتى في أموره الشخصية مثلا أصابته بعض الأورام فقرأ في كتاب أحد الأطباء: أنه إذا صام على الماء أربعين يوماً يكون علاجاً، يعني ما يتناول شيء إلا الماء، فجلس أربعين يوماً على الماء، قال: وكان في هذه المدة يباشر النشاط نفسه في دروسه في مطالعته في قراءته في كتاباته حتى في ذهابه للدعوة في حلب، يركب الباص وهو على صيام الماء هذا.

يقول الشيخ ناصر: ونزلنا في حمص محطة الحافلات وفيها مطعم مشويات، وفتنت فتنة شديدة لرائحة الشواء وأنا صائم على الماء، ومع ذلك صبر ما تناول شيئاً حتى صار وقت إقلاع الحافلة، وركب ومشى.

فالشيخ هذا يميزه في الحقيقة.

من أعظم الدروس في حياته: الصبر والجلد، وسعة الصدر في النقاشات.

طريقة الألباني في النقاشات

01:02:19

وناقش مخالفين وناقش مبتدعة، وناقش متعصبة، وكان في نقاشاته صاحب طريقة فريدة في نقاشاته:

أولا: يحدد نقطة الخلاف؛ لأن كثيراً من المتحاورين قد يكون في الحقيقة ما بينهم خلاف، لكن بسبب سوء العبارات، وعدم معرفة المدخل الصحيح في النقاش، ما يصلوا إلى نتيجة، ولو أنهم حددوا نقطة الخلاف من بداية النقاش ما ضيعوا هذه الأوقات.

يحدد نقطة الخلاف بينه وبين المحاور، ثم يعرض كل من الطرفين رأيه، فيتكلم الشيخ أو الطرف الآخر ويصغي الشيخ له ولا يقاطعه، ولا يتدخل في كلامه، ثم إذا أراد أن يرد لخص كلام الشخص الآخر حتى يتأكد أنه فهم كلامه بشكل صحيح، ثم يرد عليه.

والشيخ رجل متقن، من أهم صفاته: الإتقان (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، ولذلك تتأخر كتبه في الطبع؛ لأنه يريد أن يدقق ويراجع بنفسه، وكان لا يعتمد على الآخرين في المراجعات ويدقق حتى في علامات الترقيم الفاصلة والنقطة والسهم والقوس ونوع الأقواس، وهكذا..

محاربة الألباني للتقليد الأعمى لا يعني التفلت من الضوابط

01:03:58

والشيخ -رحمه الله- أدرك وهو يدعو إلى الكتاب والسنة واتباع الدليل ولو بعد مرحلة متأخرة ربما بعد عشرين سنة أو منذ عشرين سنة أن بعض الشباب في مسألة العودة للكتاب والسنة بدأوا يخطؤون، فبدأ بعض الشباب يقول: خلاص الأئمة رجال ونحن رجال، مثل ما يفهم أبو حنيفة والشافعي أنا كذلك أفهم، وعندهم أحاديث وعندنا الأحاديث، وعندنا النصوص نفهم نحن ونشتغل.

فالشيخ بدأ في وسط متعصب مذهبياً، ولذلك انتقل إلى الناحية الأخرى؛ لأن الإنكار في هذا الوسط يحتاج إلى قوة دفع، فانتقل إلى الناحية الأخرى ثم بعد فترة من الزمن أراد أن يعدل مرة أخرى؛ لأنه لاحظ أن بعض الطلاب الذين يدعون الانتساب إليه قد صاروا يفتون ويتكلمون بطريقة فوضوية جداً، لا ضوابط، لا أصول فقه، لا رجوع إلى شروح العلماء، ولذلك صار عندهم خلط عجيب، وهذه من القضايا التي ينبغي أن يدقق فيها، والتتلمذ على كتب الشيخ من البعض أساؤوا فيه فعلاً وأدرك الشيخ ذلك، ولذلك كان يقول: قمنا بجانب كبير من التصفية ونحن نحتاج إلى التربية، ولكن ما عندنا طاقات أو إخوان يكفون للتربية.

وقال: الله خلقني للعلم ولم أتفرغ للتربية.

وكان يقول في بعض الأحيان: التقليد خير من التفلت من القيود.

يعني الآن بعض الشباب لما يقال: التقليد الأعمى والتعصب المذهبي، ماذا يفهم؟

اضرب المذاهب كلها، لا نريد لا حنابلة ولا شافعية ولا حنفية خلاص نحن نأخذ الأحاديث من البخاري ومسلم والترمذي وأحمد ونفهم ونطبق، فوضى عارمة حقيقة.

لقد أساء هؤلاء إلى دعوة الشيخ الألباني؛ لأنهم قدموا نماذج مشوهة عما يريد الشيخ، لم يرد الشيخ هذه الفوضى، لكن هؤلاء الذين دخلوا بالعرض بدون أساس ولا جلسوا عند العلماء، ولا تأدبوا بآداب العلماء، ولا درسوا أشياء مهمة مثل أصول الفقه، ما الفائدة أن تدرس مصطلح الحديث تحقق وتخرج أسانيد ثم تهجم على الأحاديث تريد أن تفهم منها دون أن يكون عندك أصول الفقه تفهم الناسخ من المنسوخ؟ تهجم على حديث تقول: أطبق هذا قد يكون الحديث منسوخاً، قد يكون شاذاً، فهذه مصيبة وكارثة كبيرة حصلت، انتبه لها الشيخ فيما بعد، وبدأ يقول عبارات مثل هذا، وبدأ يقول: لا ينفك الإنسان عن تقليد حتى العلماء الكبار، قد يضطر في مسألة إلى تقليد غيره.

وإذا أردت أن تدرس المذهب ادرس مذهباً ثم إذا وجدت الحق خارج المذهب اترك المذهب، وأن من أمثل المذاهب في دراسته فقه الشافعية، وكان له كلام في هذا..

الشاهد: أن الشيخ لم يكن يريد انفلات الضوابط، وأن يصل صغار الطلاب إلى الاجتهاد كما فعل بعضهم، وقفزوا إلى الاجتهاد ولم يكن يريد هذه الفوضى، ولكن قد أساء بعضهم الطريق، وأساء الفهم، فلا بد من الانضباط بكلام العلماء والدراسة على العلماء والتلقي عليهم قدر الإمكان، وإذا ما عندك قدرة فلا داعي لأن تدخل في الفتوى ولا في الاجتهاد، إذا لم يبلغ الإنسان مرتبة الاجتهاد فلماذا يدخل في هذه القضية؟

لم يكن الشيخ في البداية يركز على قضية الضوابط لمعيشته -كما قلنا- في وسط التعصب، ونشأ بعض الناس عندهم عجب وغرور وأن باستطاعتهم أن يستنبطوا هم ويجتهدوا، فكانت كارثة على عدد منهم.

والشيخ -رحمه الله- كما قلنا- ما كان فقط يدرس المصطلح، وإنما كان يدرس العقيدة، ومن الكتب التي درسها لطلابه في الخمسينات الميلادية يعني هذا الكلام قديم جداً: كتاب "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"، لعبد الرحمن بن حسن -رحمه الله-.

سعة أفق الألباني واطلاعه على الكتب العصرية

01:09:07

وكذلك كان واسع الأفق مطلعاً على الكتب حتى التي تسمى كتب فكرية أو التي تسمى كتب عصرية، ونحو ذلك، فم ن الكتب التي قرأها وهو العالم السلفي صاحب الحديث المحدث الكبير منهاج الأسد في الحكم لمحمد أسد، وبعض كتب المودودي، وكتاب المعالم لسيد قطب، يقول الشيخ محمد عيد عباسي: قرأناه في حلقة خاصة مع الشيخ الألباني.

وقال الألباني: هذا يمثل دعوة السلف بأسلوب عصري، لما قرأ يمكن فصل جيل قرآني فريد، قال: وهذا يشهد على عدم تعصبه وعلى إنصاف الألباني، أنه إذا رأى حقاً مع شخص آخر حتى ولو لم يكن من المنتسبين إلى العلم يقر به، وقال: هذا يمثل دعوة السلف بأسلوب عصري.

وناقش الشيخ -رحمه الله- بعض أخطاء صاحب الظلال -رحمه الله- ناقشها وبين خطأها، فبين مزاياه، وبين أخطاءه، وهذا عين الإنصاف، فإن في الظلال أخطاء كما يوجد في تفسير قل هو الله أحد وفي غيرها، يوجد بعض الأخطاء ما سكت الشيخ عنها، الشيخ كان صريحاً يتكلم، لكن عندما يرى كلاماً طيباً كان يثني ويقبل، وهذه شهادته فيه.

لقاء الألباني بأحمد شاكر

01:09:34

التقى بأحمد شاكر -رحمه الله- وأثنى عليه جداً، والشيخ أحمد شاكر كان المحدث في بلاد مصر كما أن الألباني كان المحدث في بلاد الشام، واحتفى به أنصار السنة المحمدية، وجعل في لجنة في مشاريع حديثية، يقول تلميذ له: كان يمثل صورة المربي بيننا، وكان ينبهنا إلى التعود على الاعتراف بالخطأ إذا ظهر، ويأبى أن بعض الأشخاص يرفضون الاعتراف، ويقول: ظهر لك اعترف صرح بالتراجع.

ويقول: استفدت منه في الدعوة كنت حليقاً فبالحسنى ناصحني فأطلقت لحيتي.

وفي غياب الشيخ في المجالس: كنا نحضر الأدلة ونحشد الأقوال على خلاف ما كان يذهب إليه ونصففها، فإذا جاء ذكرنا له فكر عليها بالنقض.

ناقش القاديانية في الخمسينيات، وكانت الردود مكتوبة من الطرفين، ولا زال رده على القاديانية مخطوطاً، وكان لما جاء واحد من بلاد الهند ينشر الدعوة القاديانية في الشام.

الألباني في الجامعة الإسلامية

01:10:57

الشيخ -رحمه الله- حج في عام ثلاث وسبعين للهجرة، وكان قبلها في عام ستين واحد وستين ميلادي في تأسيس الجامعة الإسلامية قد استدعي لتدريس مادة الحديث فيها لبروزه في ذلك العلم، وكان يتباحث مع العلماء.

وكان بينه وبين الشيخ ابن باز -رحمة الله عليهما- أخوة عظيمة، ومن ضمن الأشياء التي سأل الألباني فيها ابن باز: مسألة الأموال الربوية المودعة على الأرصدة في البنوك، ماذا نفعل بها؟

فكتب الشيخ ناصر للشيخ ابن باز رسالة يقول: إنني توصلت إلى أن هذه الأموال تنفق في وجوه الخير غير الطعام والشراب واللباس، تعطى لفقراء في غير الطعام والشراب واللباس، مثلاً قيمة محروقات، قيمة بنزين، قيمة حطب، أو مثلاً إصلاح حمامات، طرق، طبع كتب، فيسأله عن رأيه في هذا الاجتهاد.

فكتب إليه الشيخ ابن باز موافقاً له على رأيه، قال: فطبعنا ببعض الأموال الربوية التي جاءتنا كتباً في دعوة السلف ونشرناها.

وكان الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- يحول على الألباني بعض المسائل، فلما طبع أحد مشايخ الباكستان المتعصبين المتحاملين على الإمام أحمد، يطعن في مسند الإمام أحمد، ويقول: إن القطيعي أضاف عليه إضافات، وأحاديث ليست من المسند، ويشكك في أحاديث المسند، حول الشيخ ابن باز هذا للألباني ليبحثه.

فاستعرض الشيخ الألباني أحاديث مسند أحمد فوق خمسة وعشرين ألف حديث، حديثاً حديثاً ليتبين هل فيها شيء من رواية القطيعي، وكتب كتابه: "الدفاع الأحمد عن مسند الإمام أحمد"، ولا زال الكتاب مخطوطاً.

وكان بينه وبين الشيخ ابن باز مشاورات وبينهما صداقة أربعين سنة، لم تتخللها شحناء ولا بغضاء.

وكان الألباني يتمنى أن يكتب كتاباً مشتركا مع ابن باز في مسألة وهي: وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع، وكان يقول: أريد أن يكون هذا الكتاب نبراساً ومثلاً يحتذى لطلبة العلم عندما يرون نقاش العلماء مع بعضهم، فكان يريد أن يكتب رأيه، ويكتب ابن باز رأيه، ويطبع في كتاب واحد، بعدما يطلع هذا على رأي هذا وهذا على رأي هذا، قال: لنقدم للناس لطلبة العلم نماذج عملية في أدب العلماء مع بعضهم.

وإذا كنا نريد أن نربي الناس فلا بد أن يكون ذلك بالشيء العملي.

ولما كان الألباني في المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة درسوا مسألة، وكان الشيخ ابن باز موجوداً، طبعاً اجتمع ثلاثة أقطاب من العلم في الجامعة: ابن باز، والألباني، والشنقيطي.

ما مر على الجامعة اجتماع مثل هؤلاء، وكانت أياماً ما شهدناها، لكن يتمنى الإنسان لو شهد تلك الأيام. واجتمع في الجامعة الإسلامية في ذلك الوقت من صفوة العلماء وخيرتهم، ومنهم الشيخ محمد أمين المصري -رحمة الله عليه-، وهو من الأفذاذ الجهابذة المعتنين بالحديث وعلومه، والذي طبق منهج الألباني في دراسة الأسانيد عملياً على طلاب الدراسات العليا والطريقة الشجرية في الأسانيد ودراسة الأحاديث، وكان يعترف للألباني بالعلم، ويقول: أنت أولى مني بهذا المنصب.

لكن الشيخ لم يقدر له الاستمرار في الجامعة.

على أية حال: هذه المسألة كانت من المسائل: اجتماع العلماء، يجتمعون لمناقشة قضايا.

كان من ضمن المسائل التي حدثت: لو أن أحداً من مدرسي الجامعة الإسلامية أو من المدينة ذهب إلى الخارج للدعوة فمات في الخارج، فهل يدفن هناك أم يعاد إلى المدينة؟

فكان رأي الشيخ الألباني يدفن هناك، ووافقه الشيخ ابن باز.

وخالفهما الغزالي والقرضاوي، وقالا: يعاد إلى البلد، ونحو ذلك.

لكن اتفق رأي الشيخ ابن باز والألباني ومحمد أمين المصري على أن السنة أن الإنسان يدفن حيث يموت.

بعد المناقشة بنحو سنة أرسل الألباني -رحمه الله- إلى المغرب وبريطانيا والنمسا للدعوة، مبعوثاً من الجامعة الإسلامية، وذهب الشيخ محمد أمين المصري -رحمه الله- لتصوير مخطوطات إسلامية في أوروبا.

وحدث الحادث العجيب من عناية الله -تعالى- وتقديره ولعلها كرامة من كرامات الشيخ محمد أمين المصري -رحمة الله عليه-: أن الشيخ نقل للعلاج في المستشفى في أوروبا، وتوافق وجود الشيخ الألباني قريباً من ذلك المكان، وتوفي الشيخ محمد أمين المصري في المستشفى، وحضره الشيخ الألباني، وغسله وكفنه.

فكان الذي تولى تغسيل الشيخ محمد أمين المصري صاحب كتاب المسؤولية، والمجتمع الإسلامي، ونظرات في منهج سورة الأنفال، وغير ذلك من الكتب النافعة، الذي تولى غسله وتكفينه هو أعلم الناس بالسنة في هذا الذي كتب أحكام الجنائز، وهو الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

ثم اتصل لكي يسأل عن مقبرة قريبة يوارى فيها الشيخ محمد أمين المصري، فقالوا: أقرب مقبرة تبعد خمس أو ست ساعات بالسيارة، مقبرة للمسلمين، ما في مقبرة قريبة للمسلمين، فاتصل بالجامعة الإسلامية يقول: أرسلوا تذكرة لنقل الشيخ محمد أمين المصري المتوفى إلى المدينة ليدفن.

فقام بعضهم قال: أنت الآن تخالف فتواك؟ تخالف كلامك؟ تقول: يدفن حيث يموت ثم تقول انقلوه؟

قال: ما وجدنا مقبرة إذا كان نقله يتم في ثلاث ساعات أو أربع نحن نحتاج إلى نقله بالسيارة إلى أقرب مقبرة خمس أو ست ساعات، هي هي إذاً، نذهب إلى بلد في أوروبا مسافة خمس أو ست ساعات لنحصل على مقبرة للمسلمين، فهذه الرحلة يقطعها إلى بلد المسلمين، ويدفن فيها، فإنني قلت ذلك اضطراراً، وليس اختياراً.

والشيخ محمد أمين المصري بينه وبين الشيخ الألباني صحبة قديمة، وكان يدرس عنده ويحضر حلقاته في دمشق، وكان يحضر دروسه لما كان يقرأ في الدكان، كتاب جلباب المرأة المسلمة، فأول من لبس الجلباب في مدينة دمشق كما كان الشيخ الألباني قد بين في كتابه هي: زوجة الشيخ محمد أمين المصري، هذه المرأة كما يقول الشيخ محمد عيد العباسي: أول مرة لبست الجلباب الشرعي في مدينة دمشق، وكان الحجاب عند نسائها بالطو إلى الركبة، والباقي جوارب، هذا الحجاب، فأول من اكتست جلباباً من درس الشيخ الألباني، وهذا هو صاحبه الذي معه، ولعلها سنت سنة حسنة فلها وللشيخ وللزوج أجر ذلك في كل من تبعها.

طبعا بالمناسبة الشيخ محمد أمين المصري والشيخ محمد ناصر الدين الألباني عدلاء، فإنهما قد تزوجا أختين.

علاقة الألباني ب "ناصر الترمانيني":

كان الشيخ -رحمه الله- الألباني يتنقل في البلدان.

كان من الذين عايشهم الشيخ من طلابه كان ينزل في مدينة حلب على الشيخ ناصر الترمانيني، وهذا رجل لا زال حياً لكنه متقدم في السن، هذا سيرته فيها عبرة، الرجل هذا كان سباكاً، لكن هداه الله -تعالى- إلى اتباع منهج السلف، وفقه ودرس على الشيخ ناصر الألباني في حلب، وسافر إليه، وتخرج عليه، وكان من المضحين، فكان له بيت صغير وهو فقير وضع جزءاً من بيته الصغير مكتبة، ومكان للدرس والحلقة.

وكان يبيع الخضار على دابة وهي تمشي في الشارع ويمسك الكتاب ويقرأ فيه، هذا من تلاميذ الألباني -رحمه الله-، وهو رجل عصامي، كان عامياً سباكاً صار من كبار طلبة العلم.

تلميذ الألباني "نافع الشامي"

01:21:37

وممن تتلمذ أيضا على الشيخ الألباني: الشيخ نافع الشامي، شيخ إدلب الذي اقتنع بدعوة السلف، وكان له موقف  عظيم في التجرد حقيقة، فإنه كان يعلم الناس أشياء كثيرة قبل أن يهتدي إلى طريقة السلف، فلما هداه الله إليها صعد المنبر، وقال للناس: كل ما علمتكم إياه يجب أن تراجعوني فيه؛ لأني تخليت عنه، لأنه كان يتكلم بأشياء من قديم قبل أن يهتدي إلى طريقة السلف، يقول أشياء فيها بدع وأشياء فيها أحاديث ضعيفة وموضوعة -رحمه الله تعالى-.

فالشيخ ناصر انتهج منهجاً في الإنصاف وربى عليه طلابه، وقضية التراجع عن الخطأ.

ومن الأمثلة على ذلك الشيخ الألباني في كتبه يقول في أحد الكتب: وقعت لفظة سيرة في المسند صبرة وهو خطأ مطبعي، كنت نقلته هكذا مع الحديث في كتاب صفة الصلاة، فضل السجود، وقيدته في الحاشية بالضم، صبرة، وفسرته بالكومة، قال: وهذا والله منتهى الغفلة، واحد يقول في كتاب وينشره على الملأ يقول: أنا أخطأت وهذا منتهى الغفلة لأن هذا المعنى لا صلة له بسياق الحديث كما هو ظاهر، ولا غرابة في ذلك، لأنه يؤكد أنني ألباني حقاً.

وقد استمر هذا الخطأ في كل طبعات الكتاب، فالمرجو تصحيح هذا الخطأ ممن كان عنده نسخة، ويعود الفضل في تنبيه هذا الخطأ إلى فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في خطاب تفضل بإرساله إلي بتاريخ كذا، جزاه الله -تعالى- خيراً، ثم طبع الكتاب طبعة جديدة وصحح الخطأ المذكورة والحمد لله.

هذا التراجع بهذه الطريقة هذا ليس أمراً سهلاً.

ويقول في موضع آخر في السلسلة الضعيفة: "هذا ما وصل إليه علمي، وفوق  كل ذي علم عليم، فمن كان عنده شيء نستفيده منه قدمه إلينا إن شاء الله، وجزاه الله خيراً.

والشيخ يعترف لأهل الفضل بالفضل -كما رأينا-، ولا شك أن هذا يعتبر من أعظم الصفات الأخلاقية للشيخ -رحمه الله-.

تلميذ الألباني "عبد الرحمن الباني"

01:24:26

ومن التلاميذ أيضاً للشيخ الألباني ومن كبار تلاميذه الآن بعد وفاة "محمود مهدي الأسطنبولي" -رحمه الله-، صار من كبار تلاميذ الشيخ الآن تقريباً: عبد الرحمن الباني، المقيم في الرياض، من أشهر تلاميذه، أو من أكبر تلاميذه القدامى الآن، وصار الدرس عنده في البيت في دمشق فترة من الزمن، ثم نقل إلى حي الشهداء.

الشيخ له طلاب -كما قلنا- مثل: عبد الرحمن النحلاوي، وعبد الرحمن الباني، وزهير الشاويش، وراتب النفاخ، وراتب حموش، وغيرهم.

وكان له صفوة من تلاميذه يذهبون معه في أسفاره.

  • ابو اسرائيل

    رحم الله الالباني وجزاه الله عنا وعن الإسلام خير لجزاكم وجزاكم الله خيرا

  • حمزة

    رحم الله الامام الالبانى