إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله بعد شهر الصيام وهذا العيد عيد أهل الإسلام، نسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يضاعف لنا الأجر والمثوبة.
معالجة الشريعة للذنوب المنتشرة والعادات السيئة
هناك ذنوب مستحكمة، وعادات في الشر متأصلة تكون موجودة أحياناً في النفوس، فالسؤال الكبير: كيف نتعامل مع هذه الذنوب وهذه العادات؟ وكيف نتغلب عليها؟
لأن ملاقاة الله بقلب سليم، ملاقاة الله بنفس طاهرة، تنقية النفس من هذه الذنوب والكبائر والمعاصي، وهذه العادات السيئة، هذا من أمان المسلم، ومن المطالب العظيمة، فكيف يتعامل الإنسان مع ذنوب مستحكمة أو عادات متأصلة في النفس مخالفة للشريعة؟
الجواب على هذا السؤال يعود بنا إلى النزول الإلهي لهذه الشريعة أول ما نزلت.
ألم تنزل هذه الشريعة على قوم وهم العرب في أول أمرهم كان عندهم شرك فاشٍ وكبائر ضاربة الجذور في المجتمع، وعادات سيئة مستحكمة؟
كان عندهم شركيات كثيرة ابتداءً من عبادة الأوثان إلى الحلف بغير الله، وأد البنات، شرب الخمر، ربا الجاهلية، أشياء كثيرة كانت منتشرة مستحكمة ومتأصلة ضاربة الجذور في النفوس وفي المجتمعات؛ لما نزلت لهذه الشريعة كيف عالجت هذه الأمور؟ كيف تم التعامل مع واقع كهذا؟
إذا استطعنا أن ننفذ إلى هذه المعالجة الربانية لهذه المنتشرات في النفوس والمجتمعات في ذلك الوقت بالتأكيد سنقتبس فقها ًعظيماً نستطيع أن نتعامل به مع ما في نفوسنا من هذه الأشياء، ومع ما هو موجود في نفوس الآخرين مما يحتاجه الدعاة في التعامل معهم.
والله قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة: 3]، وقال: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 153].
وأمر بسلوك هذا الصراط المستقيم، وحذر من سلوك السبل المعوجة، وحذر من الشيطان، وامتن الله علينا بحنيفية سمحة، وقال: يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النساء: 26].
يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ جميع ما تحتاجون إلى بيانه ممن أمور الحق، وحتى الباطل يبينه لاجتنابه، وأمور الحلال وكذلك الحرام للحذر منه، وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ من السابقين الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين: وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ حتى تأتوه طاهرين، وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .
وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا [النساء: 27]
إذن، يعملون على خط مخالف لخط الشريعة تماماً، ما تريد الشريعة تأسيسه يريدون هدمه، ما تريد الشريعة اجتثاثه وإزالته يريدون تقريره ونشره.
وسائل وطرق الشريعة في معالجة الذنوب
ما هي الوسائل والطرق التي سلكتها الشريعة لما نزلت في التعامل مع هذه المستحكمات والمنتشرات؟
معالجة الشريعة للشرك
طريقة الوعظ، وعظ النفوس، ومخاطبة العقول والفطر السوية، فمثلاً: كان الشرك ضاربا ًأطنابه في العرب، يعبدون الأصنام التي لا تنفع ولا تضر من دون الله أو مع الله، فخاطبهم الله، انظر هذه الخطابات خطابات إقناعية وتنفع حتى الآن في مواجهة الملاحدة، الملاحدة الآن الذين ينكرون وجود الله أو المتشككين، وفيه نفر من الشباب اليوم أو من الذين اجتالتهم أيدي الشياطين عندهم هذا التلوث في مسألة حتى الربوبية، ما هو فقط الشرك والوحدانية، حتى الربوبية فيها اختلال عند البعض.
فمثلاً: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [لقمان: 25].
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا [النحل: 20] يعني أنتم تعبدون أوثاناً لا تخلق، أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ [النحل: 17]؟ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ [فاطر: 3]؟
لاحظوا الأسئلة، هذه أسئلة خطيرة تزلزل كيان المشركين: أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ [الأحقاف: 4] آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل: 59] أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا [النمل: 61]
انظر إلى الأسئلة: أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ [النمل: 60] للملاحدة يقول: أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم: 10]، أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [الطور: 35 - 36].
ترى هذه الأسئلة لها معانٍ، أسئلة تخاطب عقل ونفس هذا الملحد أو المشرك أو المتشكك.
وعندما سمع الصحابي جبير بن مطعم كان في أول أمره مشركاً، لما سمع النبي ﷺ يقرأ هذه الآيات في الطور: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور: 35]، خلقوا أنفسهم؟ خلقوا السموات والأرض؟ وجدوا من العدم هكذا بدون موجد؟ قال: "كاد قلبي أن يطير" [رواه البخاري: 4854] يعني بلغت مبلغها في نفسه، قال: "وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي" [رواه البخاري: 4023].
ثم إن المناقشات كانت تأتي بالتفاصيل: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ [سبأ: 22] فنفى عنهم الملك، قال: وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ [سبأ: 22] نفى الشراكة، وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ [سبأ: 22] نفى الإعانة: وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: 23] نفى الشفاعة.
ليس لهم ملك، ولا شراكة، ولا إعانة، ما أعانوا الله، وليس لهم شفاعة عنده، يعني ما لهم مكانة، إذاً لماذا تعبدونهم؟
إذاً، هذه التقريرات لما يذكر مثلاً نعمه وآلاءه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا [الروم: 21]، وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ [الروم: 22]، وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ [الروم: 23]، أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا [الفرقان: 45] فيه آيات في سورة الأنعام وسورة النمل وسورة الفرقان، فيه أسئلة عظيمة.
إذاً، هذا أسلوب من الأساليب، أسلوب مخاطبة العقل، النفس وما بقي فيها، إذا كان بقي شيء من الفطرة.
وخطاب لهذه النفوس لهذه العقول.
واستفهامات إنكارية وتقريرية قوية جداً.
معالجة الشريعة لوأد البنات
لو انتقلنا مثلاً إلى عادة أخرى من العادات الجاهلية: وأد البنات، كان عندهم كره البنات والبنت عار ولا تدافع ولا تحارب ولا تجلب الرزق، ضعيفة في جلب الرزق، هذه خلاص، عندهم القتل والتخلص منها.
لما تأتي إلى قوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ [التكوير: 8 - 9] ما هذا؟ وعظ، يخبر أنه يوم القيامة، وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ؟ ليس سؤالاً لها سؤال محاسبة، ما لها ذنب، هي موءودة، وقع عليها الجرم ولم تجرم، لكن السؤال هو سؤال توبيخ وحساب لوائدها وليس لها.
وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ كان أهل الجاهلية يدسونها في التراب، فإذا سئل المظلوم فما بال الظالم؟ هذا سؤال التوبيخ للقاتل، أراد الله أن يوبخ قاتلها الذي قال الله عنه: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل: 58 - 59] كلاهما عنده أمران أحلاهما مر، أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [النحل: 59].
قال الله: وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ [الأنعام: 137] من الذي زين؟ من الفاعل في الآية؟ الشركاء، ما هو المفعول؟ قتل الأولاد، وكذلك زين للمشركين، قدم المفعول به، قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ ، من الذي زين؟ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ .
لما كان في الجاهلية قتل الأولاد عموما ًخشية الفقر أمراً موجوداً، والآن لكن بأسلوب عصري، ما هو؟ الإجهاض.
فيقولون: نحن نتدارك من قبل، ما يحتاج ننتظر يولد ثم ندفن، نقتله من قبل، الإجهاض، قال الله: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام: 151] لا تقتلوا أولادكم خشية الفقر، لا تجهضه فضلاً عن أن تقتله إذا ولد، خشية الفقر تقول: من وين أصرف عليه؟ من وين أجيب له؟ من وين أطعمه؟ خلاص، الذي خلقه يتكفل به: نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ والآية الأخرى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ [الإسراء: 31].
مرة قدم الآباء نحن نرزقكم ثم الأولاد وإياهم ومرة قد الأولاد قال: نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً .
إذن، عالجه بالتوكل على الله والإيمان، وأن الرزق بيد الله، وإذا اعتقدت أن الله هو الرزاق، وهذا من توحيد الربوبية، فالله يرزقك ويرزقه، الله يتكفل به، أنت لم تخلقه،كما أن خلقه ليس إليك، فكذلك رزقه ليس عليك. أنت سبب تكسب وتطعم، لكن الذي يسوق الرزق، الذي يقدر الرزق هو الله، وقد يأتي للولد رزقه من غيرك ومن غير طريقك.
معالجة الشريعة للخمر
نوع آخر من السبل المسلوكة أو الوسائل في الكتاب والسنة: قضية تحضير النفوس لتلقي الحكم وتهيئة الناس للاستجابة، ثم الأمر بالشيء أو النهي عن الشيء حسب الحكم؛ مثلاً الخمر: الخمر كانت عادة فاشية متأصلة في الجاهلية، ومنتشرة، والعجب العجاب كيف استطاعت هذه الشريعة بقيادة محمد بن عبد الله ﷺ أن تحرر النفوس من سلطان الخمر؟
هذا الكلام نحتاجه اليوم في معالجة أي آفة من الآفات كإدمان المخدرات من الأشياء المستعصية، فهذا التجذر للخمر في الجاهلية، في كل مكان مستعملة ويشربونها في بيوتهم ومنتدياتهم، وتجارة كاملة، زراعة، وعصراً، تصنيعاً، تعبئة، تسويقاً، ترويجاً، بيعاً، حملاً، ضيافة، تقديماً، منادمة، واجتماعاً عليها، وللعرب أشعار في مجالس الخمر وشربها، والمنادمة، هذا نديمه في ذلك، كيف جاءت هذه الشريعة بما يزيل، بما يجتث هذه الآفة الخطير المدمرة لعقل المعطلة للإنتاج، المسببة للمصائب والمشكلات والقطيعة والقتل والطلاق وسائر الآفات الاجتماعية؟ كيف كانت المعالجة؟
لا شك أن المعالجة والتحليل مرت بمراحل، ومنها: إعطاء إشارة: وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل: 67] التفريق بين السكر والرزق الحسن تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا يعني فرق بين الرزق الحسن، يعني كأنه أي واحد يتاجر أن يصنع أو يزرع أو يشارك في العملية، ترى انتبه، فيه فرق عند الله بين أنك تتخذ من العنب سكراً أو أن تتاجر بها فاكهة وأن تأكلها رطبة، فيه فرق كبير عند الله. وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ ؛ لأنه كان يصنع الخمر أيضاً من التمر، عملية تخمر، ممكن تخمر العنب، تخمر أيضاً التمر المنقوع، ممكن، فتتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً، فيه فرق كبير، تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا .
ثم إشارة أخرة أقوى من السابقة، قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ [البقرة: 219]، فبدأ بالخطر، الأخطر هذا، فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ .
إذاً، فيه تحذير شديد اللهجة الآن أطلق في الموضوع، ورغم اجتماع الأمرين المصلحة والمفسدة في هذا، لكنه قرر بوضوح وجلاء: أن المفسدة أكبر، قال: وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا يعني أن الخمر ممكن يكون فيها فائدة، فقد تسبب دفئاً في البرد إذا شرب، أو لذة، وفيها تجارة وأرباح، لكن: وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا .
ثم نزل إجراء آخر تقييدي في تحريم صلاة السكران، الآن تقررت الصلوات الخمس، تقررت الفروض الخمسة، طيب الآن فيه تأثير للخمر عليها، فكيف ستعالج القضية؟
قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ [النساء: 43]، فلن يستطيع أن يشرب الخمر مثلاً بعد المغرب؛ لأن العشاء قريبة، الظهر والعصر، فلن يبقى معه إلا بعد العشاء وبعد الفجر، فضاق الوقت على شراب الخمور، صار فيه تقييد.
ثم نزل التحريم الشامل القاطع كما نعلم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ [المائدة: 90] يعني عطف الخمر على الشرك، الأوثان، الأنصاب، الأزلام التي كانوا يستقسمون بها في الجاهلية، وهذه الأوثان التي كانوا يعبدونها من دون الله، وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ قال: رِجْسٌ أولاً، رِجْسٌ هذه كلمة تبغض هذا إلى النفس.
ثانياً: مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ .
فإذاً، أولاً عطف الخمر على الشرك، على الأنصاب والأزلام، وصفها بأنها رجس، وصفها بأنها من عمل الشيطان، ثم جاء الأمر الصريح فَاجْتَنِبُوهُ كن أنت في جانب وهو في جانب، أقوى ألفاظ التحريم.
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ربط الفلاح بترك الخمر.
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ إذاً استعراض لمفاسد الخمر، حتى يكون هناك أيضاً إقناع لأصحاب العقول السليمة، والفطر المستقيمة، فيها مفاسد عظيمة فأي عاقل سيتركها لما فيها من المفاسد والشر.
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة: 91] هذا خطاب قوي فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ترغيبي، بعد كل هذا البيان: هل أنتم منتهون؟
ولذلك كان في استدعاءات لعملية تحريم الخمر من أصحاب النفوس والعقول والقلوب التي تفرق بين الحق والباطل، يعني عمر لا زال يقول : "اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً" فنزلت، قال عمر : "انتهينا" [رواه أبو داود: 3670، وصححه الألباني].
وحصلت الاستجابة الفورية الشاملة من الصحابة بعد التهيئات الكثيرة، والأشياء الإيمانية، والوعظ والترغيب في الترك، وبيان المفاسد، وقبح هذا المشروب.
معالجة الشريعة للربا
لو انتقلنا إلى مثال آخر: الربا، الربا كان شيئاً فاشياً منتشراً، أساسي في المعاملات والعقود بين العرب، منتشر في زمنهم عندهم وعند غيرهم، من أسس الاقتصاد في ذلك الزمان، أساس قوي جداً، كيف تمت المعالجة؟
أولاً: التفريق بينه وبين الحلال، مثل قضية الخمر تماماً، قال: وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم: 39] ترى الذي ينمو عند الله ويربو ويكثر عنده: الزكاة والصدقة، لكن الربا لا، عند الله ما فيه خير، ولا ينميه لصاحبه، ولا يكثره له، ففرق كبير بينه وبين الزكاة، مثل "سكراً ورزقاً حسناً"، وهذه الإشارة واضحة هنا.
ثم جاء النهي عن فاحش الربا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً [آل عمران: 130]، وهذه ربما تكون مقنعة لبعض الناس الذين يقولون مثلاً: الفقير هذا لما يصير عليك الربا كثير كيف يدفع؟ كيف يسدد؟ فيعني بالنسبة لهم قد تكون نعم مقنعة إنه أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً فوائد مركبة، خلاص ما يستطيع، لا يستطيع الفقير، يمكن لو الفائدة قليلة ممكن يؤدي، ولو على مسافة زمنية طويلة، لكن المركبات هذه خلاص، يمكن في الأخير يؤخذ هو وأولاده عبيد عند المرابي، فجاءت: لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً .
ثم جاء التحريم الشامل القطعي للربا قليله وكثيره، فقال الله: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: 275]، لاحظ كيف من المعالجات ذكر البديل، من معالجات الحرام ذكر البديل: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا .
ثم جاءت توطئة للحكم، قبل الحكم، ترى اللي يسمع الكلام يا فوزه عند الله.
قال: فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة: 275] ترى هذا ترغيب أيضاً؛ لأن يقال له: الذي أخذته سابقاً من الربا هو لك، فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ هذه معالجة من عدة جهات في الآية، يعني بيان البديل، والتهيئة بالموعظة، وأنه أنت لك ما مضى، قبل معرفة الحكم لك ما كسبت فيما سبق، يعني إذا حرمنا عليك لن نقول لك: أخرج ما عندك قبل نزول التحريم، لا، هو لك.
ثم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا نصف المائة، واحد في المائة ما بقي من الربا، اتركوا كثيره وقليله، إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [البقرة: 278] ربطها بالإيمان، إن كنتم مؤمنين، يا أصحاب الإيمان، يا من تدعون الإيمان، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ جاء التهديد فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة: 279] في الدنيا وفي الآخرة فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ حتى قال بعض المفسرين: يقال للمرابي يوم القيامة خذ رمحاً وترساً، خذ وحارب ربك، فيقول: ما أعجزني.
وفي الدنيا يشن الله عليهم حرباً في الاقتصاد فيدمرهم تدميراً شاملاً، فيسقط اقتصاد أهل الربا وينهار، وهذا له عدة صور وحوادث مشهورة في البشرية، معروفة إنه هذا الانهيار العظيم في كذا، وهذا الفساد العظيم في كذا، وهذا كذا، كلها، معروفة صورها، سببها هذا.
وسبحان الله، سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت: 53] الآن توصلوا، بخبرائهم وبالتجربة إلى أن الفائدة الصفرية هي الحل، فبدأوا يلعبون في موضوع النسبة، وما يسمى بمعدل الفائدة، ينزلوه، حتى يكادوا يوصلوه للصفر فعلاً في بعض الحالات، وإلى قريب من الصفر، نصف المائة وواحد في المائة، وهذا شهدناه ترى، هذا في حياتنا نحن الآن، بل صار لدرجة أنهم أوصلوه إلى الفائدة السالبة، يعني تضع فلوساً في البنك تدفع عليها، مو تأخذ واحداً في المائة وفائدة قليلة، أو ما تأخذ شيئاً أبداً، لا، تدفع عليها.
لاحظوا، ترى هذه من آيات الله أن يتوصل أساطين الكفر ودهاقنة الاقتصاد في العالم إلى أن الفائدة الصفرية بل إلى الفائدة السالبة إنها هي الحل للتضخم والبطالة والكساد، وأنواع المضاعفات والآفات التي تطرأ على الاقتصاد.
كان من العلاجات في موضوع الربا: الإعلان الواضح الشامل العام في أكبر المنابر، وعلى أوسع مدى في الإعلان في موضوع الربا: أن النبي ﷺ لما قام خطيباً في يوم عرفة وقد اجتمع معه مائة وأربعة وعشرون ألفاً، أكبر اجتماع في تاريخ الإسلام، في عهد النبوة. أمام مائة وأربعة وعشرين ألف شخص في عرفة في حجة الوداع أعلن النبي ﷺ إعلانا ًخطيراً، ما هو؟ قال: ((ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع) كل شيء من أمر الجاهلية، تبني نسبة الولد إلى غير أبيه، ربا، نكاح المحارم، نكاح زوجة الأب، أي شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع، قال: ودماء الجاهلية موضوعة)) لإغلاق باب الثارات، الثأر الجاهلي، وقتل الأبرياء، وأنه إذا قتلوا واحداً من قبيلة ترد القبيلة الأخرى بقتل كذا واحد من قبيلة القاتل، وناس ما لهم علاقة، وأبوه، أخو عمه خاله... يا الله قتل، قال ﷺ: ودماء الجاهلية موضوعة خلاص، لا ديات، ولا كفارات، ولا قصاص، دماء الجاهلية موضوعة، نبدأ الآن... دماء الجاهلية موضوعة، قال: وربا الجاهلية موضوع)) ترى هذه إلغاءات مهمة، ((ربا الجاهلية موضوع)) خلاص، ما في أي عملية ربوية قامت آثارها انتهت الآن، من هذه اللحظة ما في، ما أحد يطالب الآخر بربا البتة، ولا في مقترض ملزم بدفع الربا للمقرض، خلاص انتهينا، قال: وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع)) هذه من وسائل المعالجة، أن القدوة والآمر بالشيء يبدأ بنفسه، وأهل بيته، قال: وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله [رواه مسلم: 1218] أي واحد العباس أقرضه الفائدة ملغية، الربا ساقط.
معالجة الشريعة للزنا والعلاقات المحرمة
هذه حكم، والله حكيم، والشرع محكم، لكن تحتاج الآن إلى عقول تتدبر، كيف تمت المعالجة، حتى نحن نستفيد من واقعنا؟
التدرج مثلاً في موضوع الزنا والعلاقات المحرمة، وما الذي حصل في معالجة العلاقات المحرمة.
كان الزنا منتشراً، كانت العلاقات المحرمة ضاربة أطنابها، كان الخليلات والأخدان والخدينات منتشرة، كيف هيئت النفوس؟ كيف استقر الإيمان فيها استقراراً سابقاً على نزول الحكم بحيث إذا نزل الحكم تتم الاستجابة؟
وكيف على الجانب الإيجابي، يعني الترغيب في ترك الحرام، والأجر لمن ترك الحرام، والتعويض من الله لمن ترك الحرام في الدنيا وفي الآخرة، وذكر البدائل، يعني مثلاً الزواج علاج للزنا، لكن في الجانب الآخر لا بد من عقوبات؛ لأن بعض النفوس ما يكفيها إنه في زواج، ممكن يزني وهو متزوج، وممكن ما يستطيع يتزوج مثلاً، وممكن ما... ما يكفي جانب الترغيب مثلاً لأنه لك أجر لو تركت الحرام وأنت إذا غضضت البصر، وإذا رفضت العلاقة المحرمة، ودعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ويوم القيامة تكون من السبعة الذي يظلهم الله، ومن ترك الحرام، ويوسف جاءت القصة العظيمة كيف ترك يوسف الحرام ، ولاذ بجانب الملك العلام، ودعا الله ولجأ إليه؟ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ [يوسف: 33 - 34]، وأنه تحصن بجناب الله، أعوذ بالله، قال: مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ [يوسف: 23] هذه الجوانب لو ما أفادت مع بعض الناس في موضوع الحرام، كيف عولجت القضية في الجانب العقابي؟
من أوائل الإجراءات التي نزلت وهي آية ربما لا يفطن لمعناها كثيرون، ويقرؤونها ربما يتعجبون يستغربون، لكن ما يدركون المعنى والمقصود منها: وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حبس في البيت فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً [النساء: 15] خلاص الذي يعثر عليها في هذه الحالة، شهد الشهود، ثبتت الجريمة تحبس في البيت حتى تموت، ما لها خروج نهائياً: حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ، وهذه كلمة أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً مهمة؛ لأنها تشير إلى شيء سيأتي بعد ذلك.
إذن، قضية الحبس في البيت.
الإجراء الثاني: إيذاء لكن قبل نزول الحد، قال الله: وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا [النساء: 16] سؤال: يَأْتِيَانِهَا الضمير يعود على أيش؟ يَأْتِيَانِهَا يأتيان أيش؟ الفاحشة، لاحظوا وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا "اللذان" يعني الزاني والزانية، الذكر والأنثى، وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا يعني يأتيان الفاحشة مِنكُمْ فَآذُوهُمَا يعني أوقعوا عليهما عقاباً، لكن قبل نزول الجلد والرجم، جلد المائة والرجم، إيذاء لكن ما كان فيه جلد مائة والرجم ، فَآذُوهُمَا "آذوهما" طبعاً توبيخاً، تعييراً، ضرباً، حبساً، "آذوهما" أوقعوا عليهما عقاباً لكن ما زال العقاب غير معين، نفسي، بدني، "آذوهما"، فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا [النساء: 16] الذي أجرم يعاقب، إذا غير سلوكه وتاب وندم ورجع أقلع لازم يتغير موقفنا منه، فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا ، فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا [النساء: 16] أوقفوا العقاب، أوقفوا التوبيخ، أوقفوا الذم، أوقفوا أي شيء من أنواع الإيذاء، فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا اتركوهما خلاص إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا [النساء: 16].
ابن عباس فسر: "آذوهما" بقوله: "النيل باللسان، والضرب بالنعال" [الجامع لأحكام القرآن، القرطبي: 5/86] "النيل باللسان" توبيخاً تقريعاً، يا فاجر، يا كذا، ما خفت الله، ما... "والضرب بالنعال".
ثم جاء السبيل القويم والحكم المستقر النهائي، ما أحكمه عز وجل، ما أتاهم مباشرة بقضية الرجم والجلد المائة، لا! أيش قبلها؟ إجراءات، طبعاً مع بيان شناعة الفاحشة إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء: 32] يعني بيان قبح الزنا، إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ، فقال الله في سورة النور: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ يعني غير المحصنين فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور: 2] يعني للردع، لردع الآخرين أيضاً، يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين.
والمحصن المتزوج الذي كفاه الله، أحصنه، يسر له النكاح، وقدر له الحلال، ولكنه ما اكتفى به، اكفنا بحلالك عن حرامك ما حصل، ما هي العقوبة؟ شنيعة جداً جداً، الرجم بالحجارة حتى الموت، يا لها من عقوبة، قال ﷺ: خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة نفي سنة لماذا؟ تغريب سنة لماذا؟ من مصلحة هذا الزاني غير المحصن أن يغرب عن مكان الجريمة حتى تنقطع علاقته بكل من يعينه عليها، أو يشترك معه فيها.
وأيضاً بعد الفضيحة يبدأ حياة في مكان آخر ناس لا يعرفونه ولا يعرفهم، صفحة جديدة لمدة سنة، بعد السنة ممكن يرجع إلى موطنه الأول وتكون قد ذهبت فورة الفضيحة الأولى، يرجع الآن يبدأ العلاقة من جديد بعدما مرت عليه سنة في مكان غير مكان المعصية، اذهب إلى بلدة كذا مدينة كذا فيها ناس يعبدون الله فاعبد الله معهم.
جلد مائة ونفي سنة، قال: والثيب بالثيب جلد مائة والرجم [رواه مسلم: 1690] هذا دليل من قال من العلماء بالجمع بينهما للمحصن، والقول الآخر: الرجم فقط.
وصل الأمر في موضوع تقرير حكم الزنا هذا لدرجة أن ماعزاً والمرأة جاءا يطلبان إقامة الرجم عليهما، يعني تجذر الحكم في المجتمع لدرجة أن من وقع بعد ذلك، بعض من وقع جاء يطالب: أقم علي الحد، "طهرني" [رواه مسلم: 1695].
وهذا ليس واجبا ًعلى من وقع في الفاحشة وهو محصن، حتى من وقع في الفاحشة وهو محصن ليس واجباً عليه أن يأتي ويعترف، ولا أن يأتي إلى المحكمة ويقول: ارجموني، طهروني، يستتر بستر الله، ويتوب إلى الله.
أما لو وصل أمره إلى الحاكم والقاضي، وثبت عليه، خلاص، فيه بينة، شهود أربعة، أو الحبل بالنسبة لها، خلاص إذاً صارت بينة، أو الاعتراف.
معالجة الشريعة لقضية الرقيق
موضوع التعامل مع الرقيق، في الجاهلية كان التعامل مع الرقيق من أسوأ ما يمكن، يعني استعباد وحشية، وتعامل بشع، كيف جاء الأمر بتحسين حال الرقيق؟ فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم [رواه مسلم: 1661]، وليناولهم منه لقمة أو لقمتين، إذا ما أجلسه معه في الطعام، يناوله لقمة أو لقمتين فإنه ولي حره ودخانه [رواه معناه البخاري: 5460] وهو عانى في الطبخ، فلماذا ما تعطيه شيئاً وقد تعلقت نفسه به؟
ثم قضية الإعتاق، الترغيب في العتق من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار، حتى فرجه بفرجه [رواه البخاري: 6715، ومسلم: 1509].
وكلما كان العبد المُعتق أكمل في الصفات كان الأجر أكثر.
وجعلت الكفارات في العتق.
إذن، الأمر بالإحسان، وبالوالدين إحساناً، وبذي القربى، و...، و...، و.... وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء: 36] يعني أحسنوا إليهم، وحتى الأشياء اللفظية: لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، كلكم عبيد لله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي [رواه مسلم: 2249].
وفيه عقوبات على من قذف مملوكه، من قذف مملوكه وهو بريء جلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال [رواه البخاري: 6858، ومسلم: 1660] إلا أن يكون فعلاً هذا العبد أو الأمة فعلاً قد زنى، أما يقول له: يا زاني، وهو بريء، هذا السيد الذي رمى ظلماً وافتراءً وبهتاناً سيجلد يوم القيامة.
مراعاة الحاجات المعيشية: هم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه [رواه البخاري: 30، ومسلم: 1661].
هذه قضية بيع الحر وأكل ثمنه، خطيرة جداً في الإسلام، قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة هذا في الحديث القدسي رجل أعطى بي يعني اليمين والعهد، وبالله العظيم ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه وقد حصل هذا في الأرض كثيراً، فيا ويل من باع حراً وأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطِ أجره [رواه البخاري: 2227].
وضيق الإسلام في موضوع مصادر الرق: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا [محمد: 4] فصار هذا مصدره الوحيد: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء [محمد: 4]، وإذا ما من عليه خلاص بقي في الرق حتى تضع الحرب أوزارها.
والعتق -كما قلنا- والترغيب فيه: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ [البلد: 11 -13] سواء المالك لها أعتقها أو واحد اشتراها وأعتقها.
كفارة اليمين فيها عتق.
من لطم عبده، قال: من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه [رواه البخاري: 1657].
كفارة الظهار فيها العتق.
كفارة القتل الخطأ فيها عتق.
الجماع في نهار رمضان فيها العتق.
الواحد الحر يتزوج مملوكته، فيه حالات معينة يجوز.
وإذا أعتقها وتزوجها، لا إله إلا الله، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران [رواه البخاري: 97، ومسلم: 154].
قضية المكاتبة، فتح الباب، فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [النور: 33] إذا كان يريد تحرير نفسه، ويشتري نفسه منك بالتقسيط، قسط عليه فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا هذه المكاتبة: أن يكاتب سيده على مال يدفعه إليه ليعتق نفسه.
وجعل فيها الولاء علاقة، الولاء لحمة كلحمة النسب [ابن حبان في صحيحه: 4950، والحاكم في مستدركه: 7990، وقال الألباني: "صحيح لغيره" كما في الإرواء: 1668] لها تأثير على الإرث.
معالجة الشريعة للحلف بغير الله
من الأشياء التي كانت متفشية في الجاهلية: الحلف بغير الله، فكانوا يحلفون مثلاً: "واللات والعزى" كثير، يحلفون بالأوثان، بالأصنام، بالطواغيت، يحلفون بالآباء، يحلفون بالكعبة، كان منتشراً. ما هي الإجراءات التي جاءت بها الشريعة لمعالجة وضعية الحلف بغير الله؟
قال ﷺ: من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله[رواه البخاري: 4860، ومسلم: 1647] كما أن لسانه نطق بالشرك فلينطق بالتوحيد، هذا إجراء، الذي هو في الضد، العلاج بالضد.
ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق [رواه البخاري: 4860، ومسلم: 1647] يعني لو واحد قال للثاني: تراهن؟ تراهن على مائة ريال كذا كذا...؟ تراهن؟ أراهن، راهن، وراهنوا بعض.
أيش كفارته؟
الندم والتوبة، والاستغفار، والصدقة؛ لأنه قال: ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق ، لما أراد إخراج الباطل أمر بإخراج من البر، "تعال أقامرك" يعني فيها دفع فلوس في المقامرة، قال: ادفع في الحق. أنت قلت أنك ستدفعها في الباطل، ادفع في الحق.
من حلف باللات والعزى ثم جاء التغليظ، يعني من حلف بغير الله أو أشرك ، ممكن يكون كفراً أكبر أو شركاً أكبر، أو كفراً أصغر أو شركاً أصغر بحسب الاعتقاد. إذا اعتقد أن المحلوف به مثل الله أو أعظم، هذا كفر وشرك أكبر، وأما إذا ما اعتقد ذلك وحلف به، ولا يعتقد أنه يعظمه مثل الله أو أكثر، فلا يكون كفراً أكبر أو شركاً أكبر، يكون أصغر. الشرك يكون شركاً أصغر، لكن خلاص، لما علم عمر بن الخطاب بهذا الحديث، ما أحد يحلف بأبيه، لا تحلفوا بآبائكم [رواه البخاري: 3836]، قال: ما حلفت بأبي ذاكراً ولا آثراً [رواه البخاري: 6647] يعني خلاص بعد ذلك ما صار على لساني أبداً، انتهينا انتهينا.
معالجة الشريعة للتشاؤم والتطير
كان فيه تربية للنفوس تجعل التنفيذ تنفيذاً حقيقياً، تجعل الالتزام التزاماً واقعياً، هذه من الفائدة التي نستفيدها في التعامل مع مثل هذه الأشياء المنتشرة أو المتأصلة.
والذين عندهم تشاؤم ويطلقون الطير وإذا ذهبت يميناً سافروا، تزوجوا، باعوا، وإذا راحت شمالاً ألغى السفرية، وألغى الزواج، وألغى البيعة، الذين عندهم مبدأ التطير هذا، ما هو الحل؟ ما هو العلاج؟ جاء معاوية بن الحكم السلمي، قال للنبي ﷺ: "يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية -أنا كنت منغمساً- وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يتطيرون؟" فيه عندهم التشاؤم هذا، بصوت البوم، شكل البوم، شكل الغراب، ذهاب الطير شمالاً إذا أطلقها، تشاؤم بأشياء كانت عند العرب، إذا وقف البوم على بيت قالوا: فيه مصيبة ستحدث، فيه واحد سيموت أكيد من أهل البيت خلاص، ما دام البوم وقف عليه، خلاص! جاء الغراب، صوت الغراب، نعيق الغراب، المصيبة! طبعاً في زماننا هذا كثير الآن يتشاءم بالأعور، يتشاءم بحماته، ويتشاءم بالرقم 13.
وبعدين صفقات على مستوى، فيه أدوار فيه ناطحات سحاب في جنوب شرق آسيا للبيع، دور كذا... حسب الأدوار البيع، يبيعون بالأدوار، ويبيعون بالشقق، كذا مرقمة حتى المصعد 1، 2، 3، 10، 11، 12، 14، 15، 16، أين الدور الثالث عشر؟ لا يوجد، ليش؟ دور 13 ما ينباع.
"يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالاً يتطيرون؟ قال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم يعني لا تتردد ولا تقف، امضِ، غراب، بوم، طير... ما كأنك رأيت شيئاً، ما في علاقة، أيش علاقة البوم والغراب بالسفرية والزواج والبيعة؟ امضِ.
انظر إلى العلاج، ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم [رواه مسلم: 537] يمضي في سفره، يمضي في زواجه، يمضي في بيعه.
معالجة الشريعة لظهار الزوج من زوجته
ومن الأشياء التي كانت متجذرة في الجاهلية قضية الظهار، غضب على زوجته دخلها في التعليق، علقها، لا هي زوجة، ولا هي مطلقة، معلقة، لا زوجة ولا مطلقة، لا زوجه لها حقوق يأتيها، ينفق عليها، ولا مطلقة تذهب ترى مصلحتها أو بالمعروف تفعل ما تشاء في نفسها بالمعروف، معلقة،
عادة ذميمة، كان الظهار عندهم خلاص: أنتِ علي مثل أمي! فنزلت الآيات، الدارس للآيات يستطيع أن يستخرج منها أشياء عظيمة: الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ أولاً: إلغاء الفكرة، تقول: أنتِ علي مثل أمي، أنتِ مثل أمي، أنتِ كأمي، ما هي أمك،
نفي، نفي الحقيقة إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ تقرير الحقيقة، الشيء الحقيقي، وإلغاء الشيء هذا غير الحقيقي إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ .
حكم وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا .
والعلاج؟ التوبة وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [المجادلة: 2].
عليه كفارة؟ نعم، وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة: 3 - 4].
سبحان الله.
معالجة الشريعة لقضية التبني
ومن العادات الجاهلية قضية التبني، أن الواحد يمكن يأخذ أي ولد وينسبه لنفسه، ليس من صلبه، لم يولد على فراشه، لم تلده زوجته، من زوجين آخرين، خذ وألصق.
إذا ألصقته بنسبك سيكشف على بناتك، ستنشأ قضايا تتعلق بالمحرمية، سيرث مع أولادك، ستنشأ قضايا متعلقة بالإرث، إلى آخره، حتى قضية العاقلة والديات، ستدخل في أبواب من الفقه في الباطل، سيدخل في أشياء بالباطل.
كيف عالجت هذه الشريعة موضوع التبني هذا، وأن زوجة الابن حرام على المتبني زوجة المتبنى حرام على المتبني لو طلقها أو مات عنها، ويعتبرونه من أكبر الكبائر، أن الواحد يتزوج مطلقة من تبناه. عندهم هذا في الجاهلية عيب كبير، وحرام عظيم.
جاءت الشريعة بالتفريق بين المتبنى والولد الصلبي، الولد الصلب، الذي من صلبك: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ [الأحزاب: 4] لاحظ أَدْعِيَاءكُمْ أنتم الذي دعوتموهم، أنتم... دعواكم هذه، لصقته بنسبك بالباطل وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ [الأحزاب: 4] أنت رحت أخذته وقلت: ابني، هذا فلان بن فلان ونسبته إلى نفسك، وما هو منك، وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [الأحزاب: 4].
والحل؟ أيش نسوي؟
أول إجراء: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ [الأحزاب: 5] بَين نسبه الحقيقي، أرجعه إلى أصله، صحح الخطأ الآن وبين الحقيقة، ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ خلاص، يُجعل له اسم، لكن ما هو اسمك، ممكن يطلع اسمه مثلاً: "سعيد عبد الله بن عبد الرحمن" مثلاً، خلاص، لكن لا ينسب إليك، وليس من صلبك، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ هذه أشياء ممكن تقع فيها أخطاء وأشياء قديمة وقعت وأخطاء، لكن تصحح، وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ تأثمون به وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب: 5].
زيد بن حارثة كان يقال: زيد بن محمد، خلاص، ماشية، زيد بن محمد، لما نزلت الآية: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ رجع إلى اسمه الحقيقي "زيد بن حارثة" خلاص.
كان النبي ﷺ زوجه ابنة عمه زينب -رضي الله عنها-، وكانت ذات حسب ونسب، وقدر الله أن يطلقها زيد، كيف تعالج قضية تحريم زوجة المتبنى وأنه من أكبر العيب وأشد الحرام عندهم أن يتزوجها المتبني؟
كان ذلك بالقدوة، وكان ذلك بتقدير من العزيز العليم، نسف هذا الحكم الجاهلي بأن يتزوج زينب من؟ محمد ﷺ، الذي كان قد تبنى زيداً في الجاهلية، فكان البيان عملياً، ما هو فقط نظري، ما هو فقط الحكم كذا وإنه ادعوهم لآبائهم يا لله اسمك وترى زوجته حلال عليك إذا هو مات أو طلقها، لا، أكثر من هذا، وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ زيداً أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ [الأحزاب: 37] تخشى إنه إذا طلقها زيد أن تزوجها أنت تقول له: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ دعها عندك، لا تطلقها، وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ [الأحزاب: 37] -سبحان الله- شدة الأمر، ما في محاباة ولا للنبي ﷺ، وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ .
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا حتى لو الابن بالتبني تزوجها ودخل بها، قضى منها وطراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [الأحزاب: 37] خلاص، فارقها وانتهى والعدة انتهت، انتهى خلاص. انتهى حكم التبني، وبطلت تلك العادة الجاهلية، ونزلت آيات عظيمة مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب: 40].
معالجة الشريعة للتبرج والسفور
وعندما ننظر كيف عالجت الشريعة موضوع التبرج، السفور، إبداء النساء لزينتهن، كان في تبرج الجاهلية الأولى، كان هذا السفور وهذا التبرج منتشراً قائماً فتنة النساء، كيف جاء الشرع المبين وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33].
كانت المرأة يقول مجاهد: تخرج تمشي بين يدي الرجال، كذا سافرة بدون حجاب.
كانت تشد خمارها، تبدي القلائد والأقراط والعنق و... والآن طبعاً هذا فيه منه كثير، قال قتادة في تفسير كيف يعني كان تبرج الجاهلية الأولى؟ قال: "كانت لهن مشية وتكسر وتغنّج" يعني بالعبارات والكلمات، يعني تتمايل وتتكسر، وتتثنى، وتتكسر وتتميع بالحركات وبالكلام، هذا تبرج الجاهلية الأولى، هذا هو.
وصلت إلى قضية الآن التعري الكامل -والعياذ بالله-.
فكيف جاء النهي عن ذلك؟ كيف جاءت الآيات: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النــور: 31]، يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب: 59]، وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ [النور: 31]، وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا [الأحزاب: 32]، فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ [الأحزاب: 32]، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب: 33] يعني كيف التشريعات العظيمة التي جاءت في محاربة التبرج والسفور، والمحرم، وتحريم الخلوة، والولي في النكاح، والإجراءات الكثيرة جداً، ما تستعطر تخرج إلى عند الرجال، ما يدخل إياكم والدخول على النساء ، الحمو الموت [رواه البخاري: 5232، ومسلم: 2172] كل الإجراءات لتصحيح هذا الوضع الذي كان في الجاهلية بحيث نصل من مجتمع الفاحشة ضاربة فيه أطنابها إلى مجتمع نظيف طاهر عفيف ينشأ فيه الصغار على العفة، على الطهر، على النقاء، على الصفاء، ما فيه الشهوات المحرمة، العلاقات المحرمة. وإذا وقعت أشياء نادرة كانت في العهد النبوية، تحصل لكن نادرة، هذا المجتمع الذي يريده الله.
معالجة الشريعة للعصبيات الجاهلية
كان في الجاهلية عصبيات جاهلية، يا لفلان، يا لقوم كذا، يا... ويقومون إلى بعضهم نداء، نداء العصبيات الجاهلية، ما رضيها النبي ﷺ حتى لما قال بعضهم: يا للأنصار، ويا للمهاجرين، مع أنها شعارات أصلاً إسلامية، لكن لأنها رفعت بطريقة مواجهة، قال: ما بال دعوى الجاهلية؟ أنا بين أظهركم ما لكم؟ ما بال دعوى الجاهلية؟ قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار؟ وهذه تعتبر إهانة كبرى، فهذا نادى: يا لقومي، وهذا نادى: يا لقومي، وصار اشتباك، قال: دعوها فإنها منتنة يعني كيف كرههم، ذكر اللفظ الذي يجعل الواحد يقشعر، ينفر، ((منتنة)) [رواه البخاري: ومسلم: ].
وحصل بين واحد من الصحابة والآخر شيء فقال له: يا ابن السوداء، فقال ﷺ: أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية [رواه البخاري: 30].
معالجة الشريعة للعلاقات المحرمة
موضوع العلاقات المحرمة بالمناسبة قبل ما يفوتنا هذا، موضوع العلاقات المحرمة كانت في الجاهلية منتشرة وقضية الزاني والزانية والعلاقة علاقة الصداقة بينهما، الأخدان والخدينات، وحتى لو صار الزواج، أيش حكمه؟
الله قال: غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة: 5]، غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ [النساء: 25].
العلاقات هذه حرام، واضح، بجميع درجاتها محرمة، وعلى رأسها الفاحشة.
لو واحد أراد أن يتزوجها بدون تغيير، يعني بدون توبة، أيش الحكم؟ أيش حكم أن الزاني يتزوج زانية؟
جاءت الآية: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً [النور: 3].
لكن في قصة مرثد بن أبي مرثد الغنوي فيها فوائد عظيمة، كان رجلاً شديداً، يعني قوياً، مرثد -رضي الله عنه- بنيته وجسده قوي، وكان يحمل الأسارى من مكة إلى المدينة، يذهب إلى مكة وهي كانت دار شرك، يحمل المسلمين المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة، يحملهم بالليل يخرجهم من مكة إلى المدينة، فهذا رجل فدائي عظيم، وهب نفسه للمستضعفين من المؤمنين، قال مرثد: "فدعوت رجلاً لأحمله، اتفقت معه من المسلمين، وكان بمكة بغيٌّ يقال لها: "عَنَاق"، كان في مكة امرأة بغي تعمل في الزنا -والعياذ بالله-، وكانت صديقته، كذا بنصّ الحديث: "وكانت صديقته" خرجت، -طبعاً- مرثد هاجر وخلاص قطع العلاقة بهذه المرأة، وكانت صديقته، لكن لما رجع في يوم من الأيام إلى مكة ليحمل أحد المسلمين، يكتب الله أن المرأة تواجهه، يعني ظهر في الليل في مكان وعلى ضوء القمر وإذ به يراها وتراه، "فرأت سوادي في ظل الحائط، فقالت: من هذا؟ مرثد؟ الاشتياق، العلاقة المحرمة بعد الفراق، مرثد؟ مرحباً وأهلاً يا مرثد، انطلق الليلة فبت عندنا في الرحل. هذه الآن دعوة، ودعوة إلى علاقة موجودة قديمة، مرثد؟ وترحيب، لاحظ "ترحيب" مرحبا ًوأهلاً يا مرثد، ودعوة تعال، تعال إلينا، تعال معي، انطلق الليلة فبت عندنا، في الرحل. لكن الرجل المسلم هذا بعدما تأصل فيه الإسلام لا يمكن أن يقبل بالعرض المحرم، قلت: يا عناق إن رسول الله ﷺ حرم الزنا، الكيد عظيم، وإذا رفض الطلب، يا للمصيبة، رفض طلبي، في لحظات العملية تمت، "إن رسول الله ﷺ حرم الزنا، فقالت: يا أهل الخيام، هذا الدلدل، هذا الذي يحمل أسراءكم من مكة إلى المدينة" الانتقام فوري، على طول، تنبه كفار قريش "يا أهل الخيام"، هذا الذي يهرب الأسرى، حتى ما نقل إلينا إنه "ما تبغى؟ بوريك"، هذه محذوفة دل عليها السياق. قال مرثد: "فطلبني ثمانية" قام مباشرة، استنفار، ثمانية من كفار قريش، ثمانية جاؤوا بسرعة للمكان، على طول، هجوم، فجاؤوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، يعني بحثوا يحثوا حتى أدركهم البول، فطار بولهم عليّ وأعماهم الله عني، يعني من كرامات هذا الصحابي أنه ما شافوه، مع أنهم طوقوا المكان وهجموا، دخلوا، اقتحموا، يقول: أعماهم الله عني. فجئت إلى صاحبي فحملته، فلما انتهيت به إلى الأراك -هذا الموضع- فككت عنه كبله، يعني هذا القيد الضخم، فجئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله -هذا الشاهد الآن–: أنكحُ عناق؟ تأذن لي أتزوجها؟ ترى أنا نفسي متعلقة بها، واضح إنه فيه تعلق، أتزوجها؟ فسكت عني. هذا يبغى له حكم من السماء، يعني الآن يقول الرجل: أتزوج، ليس زنا، هو الآن يعرض يقول: أتزوج هذه؟ خلاص كان فيه علاقة سابقة، والآن النفس في تعلق، أتزوجها؟ أفأتزوجها؟ فسكت عني، فنزلت: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ [النور: 3]؛ لأنه إذا كان يعتقد بالحكم وخالف زاني، العقد باطل، وإذا كان يعاند وما يعتقد بالحكم فهذا مشرك.
فدعاني، يعني النبي ﷺ فقرأها علي، وقال: لا تنكحها حديث صحيح [رواه النسائي: 3228].
الموضوع هذا موضوع غني، ومهم، ومفيد للغاية، ونستفيد منه كثيراً في واقعنا، سواء واحد يدعو نفسه أو يدعو غيره.
كان في الإكراه على الإماء، الفاحشة، يجعل الإماء تكد، يقول لها: روحي، بيعي نفسك وهاتي الدخل. هذه من مصادر الكسب عند الجاهلية، يطلق الإماء يقول لها: روحي اشتغلي، كدي وهاتي. وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النور: 33] يعني لمن تاب.
تحريم نكاح امرأة الأب كان عندهم شيء عظيم جداً: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً [النساء: 22].
كان عندهم امرأة الأب تورث مع متاع الأب، وابنه ممكن يطأها، عندهم عادي، فجاء الشرع بإبطال هذا وتحريمه، تحريم البليغ "بعثني رسول الله ﷺ إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه، وآخذ ماله"، بيت مال المسلمين فيئاً، يعني هذا الرجل ما يعترف بالحكم، مرتد هذا، ماله فيء للمسلمين.
معالجة الشريعة لظلم الجاهلية للنساء
قضية ظلم الجاهلية للنساء، وإنهم كانوا يبخسون النساء، وكيف نزلت الآية: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ [النساء: 7].
وقضية أكل حق المرأة ممنوع، كانوا يهينون المرأة، لا يعتبرون، قال عمر: "كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن في ذلك علينا حقاً. واستوصوا بالنساء خيراً، وأحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة.
وأنها لها حق في التملك، ولها ذمة منفصلة مستقلة، تبيع وتشتري، وترث، وتتصدق، وتهب، وترهن، وتؤجر وتستأجر، ولا يجوز الاستيلاء على مالها: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [النساء: 4]، لا يحق لكم أن ترثوا النساء كرهاً.
موضوع عضل المرأة الذي كان في الجاهلية: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء: 19].
ومنع حبس المرأة عن الزواج.
معالجة الشريعة لجملة من الذنوب التي كانت منتشرة في الجاهلية
كان في الجاهلية قضية النياحة، ولطم الخدود، وعدم الرضا بالقضاء وقضية الأقوال المنكرة، ومسألة الميت هذا: واثكلياه، والنائحة والنياحة، وكيف التحريم، وبذكر الإثم العظيم: النائحة إذا لم تمت قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب .
كان متأصل عندهم موضوع سب الدهر وسب اليوم والساعة، سب الشهر يؤذيني ابن آدم يسب الدهر طبعاً "يؤذيني" غير "يضرني" لا أحد يستطيع أن يضر الله، أما الأذية أنه يسبه ويشتمه كثيرون يشتمونه في الأرض، ويدعون له الولد والصاحبة ويسبون الله، لكن هذا الإيذاء هل يضره تعالى؟ لا.
مثلاً قضية التسوية بين الخالق والمخلوق، وما شاء الله وشئت، وكيف عولجت؟
نقض العهد وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ [النحل: 92]، أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]، تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ [النحل: 92] راعوا الأيمان، اتقوا الله.
موضوع الذي عنده أكثر من أربع زوجات، يعني اختر منهن أربعاً وفارق الباقي.
واحد متزوج أختين، طلق أيتهما شئت كما جاء في حديث الضحّاك بن فيروز عن أبيه: إني أسلمت وتحتي أختان قال: طلق أيتهما شئت.
موضوع تقديم البدائل -كما قلنا- النكاح الشرعي بديلاً عن الفاحشة.
إبطال العادات المتبعة في حداد الجاهلية، كيف المرأة كانت تحبس سنة كاملة، وتكون في مكان شر، تلبس شر ثيابها، ولا تمس طيباً سنة، ثم تؤتى بدابة، شف مراسيم الخروج من الحداد، حمار أو شاة أو طائر، فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة، فترمى بها، هذه من الطقوس، كيف تطلع المرأة من العدة في الجاهلية، ترمي بالبعرة، وأيش؟ سنة كاملة محبوسة. فجاء الله -عز وجل- بالعدة، والممنوعات أشياء معينة.
الطواف بالبيت عراة وأمرنا بستر العورة، أرسل النبيﷺ من يعلن تحريم الطواف بالبيت عارياً، مع أنهم يقولون: الملابس التي نطوف فيها عصينا بها وما يليق؟ أيش الحل الذي عندكم؟ قالوا: طف عارياً، انظر كيف ينتقلون مثلاً إلى شيء أشنع وأشد بكثير.
قضية إبطال دخول البيوت من ظهورها عند القدوم من الحج أو العمرة، ودخول البيوت من أبوابها، كيف كان عندهم معتقدات باطلة.
الفخر بالأنساب، والطعن بالأحساب، والاستسقاء بالنجوم، وبالرفاء والبنين، ليش منعت؟
لكره البنات، يقولون: بالرفاء والبنين؛ لأنهم يكرهون البنات، استبدلت، فجاءت الآن تهنئة أهل الإسلام: بارك الله لك، وبارك عليك، بارك الله فيكم وبارك لكم، كما جاء في حديث آخر، قولوا: بارك الله فيك وبارك لك فيها، كما جاء في حديث آخر صحيح: وجمع بينكما في خير بارك الله لك وبارك عليك .
لاحظ الآن كم صيغة ثبتت في النكاح؟
1- بارك الله فيكم وبارك لكم.
2- بارك الله فيك وبارك لك فيها.
3- بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير.
قضية إبطال أعياد المشركين وتأسيس أعياد المسلمين.
قضية إبطال تشاؤم أهل الجاهلية بالنكاح في شوال، أبطل، والنبي ﷺ تزوج عائشة في شوال وبنى بها في شوال، إلغاءً لعادة الجاهلية.
كان عندهم الزواج بين العيدين من أسوأ ما يمكن، إنه راح يموت واحد من الزوجين أو كلاهما، هذا أيضاً من الطيرة، الشرك.
كذلك كانت المعالجات باستغلال الحدث، مثل لما نزل المطر بعضهم قال: مطرنا بنوء كذا، بعضهم قال: مطرنا بفضل الله، هل تدرون ماذا قال ربكم؟ التعليق النبوي بالوحي الإلهي.
مسألة الكسوف، إذا انكسفت الشمس يموت عظيم أو يولد عظيم، ما لها علاقة بالموضوع أبداً، وهكذا..
إبطال الشيء، مثلاً النبي ﷺ بعث علي بن أبي طالب: لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته .
تكسير التماثيل وهدم أي بناء على القبور، وبعث إلى ذي الخلصة، وبعث خالداً، وبعث جرير بن عبد الله البجلي، وبعث.. وبعث. ليش؟ لأصنام، ذي الخلصة، يحرق هذا، ويهدم هذا، ويطرد من كان فيها من كهان المشركين.
قضية مثلاً الشعر عند العرب، كان شعر هجاء، وكان شعر ثأر، كان شعر، كيف الآن صار؟ حسنه حسن، وقبيحه قبيح، والآية التي نزلت في الشعراء: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [الشعراء: 227].
أيها الإخوة: أسأل الله أن يهدينا سبلنا، وأن يتوب علينا، وأن يصلح ذات بيننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.
نسأل الله أن يبعد عنا عُبية الجاهلية، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن ينجينا من أفعالها، وأن يطهر نفوسنا وقلوبنا من معتقداتها وأقوالها وأفعالها، إنه سميع قريب.
اللهم اجعلنا ممن يلقاك بقلب سليم يا أرحم الراحمين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.