الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فموعدنا كما نعلم في هذه الليلة عن درس فقهي عن أحكام الجمعة.
التنبيه على بعض الأمور المتعلقة بالأبحاث الفقهية
وقبل الدخول في تفاصيل هذا فإنه لابد لي من التنبيه على بعض الأمور المتعلقة بالأبحاث الفقهية كمثل هذا البحث.
بادئ ذي بدء كلنا نعلم جميعًا أن الله قد تعبدنا بالدليل من القرآن والسنة، وأنه لابد لكل حكم يصدره إنسان أو يتكلم أو يفتي به في قضية شرعية أن يكون منبثقًا عن القرآن أو السنة أو ما دل القرآن والسنة عليه مثل الإجماع أو القياس الصحيح أو المصلحة الراجحة.
فكان من منهجي في هذا البحث المتواضع أن أمشي فيه على طريقة المحدثين مثلما صنف الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- صحيحه فجمع الأحاديث على شرطه ورتبها على الأبواب التي كثير منها فقهي، وجعل عليها استنباطات وعنون عليها عناوين اتضح فيها فقه البخاري -رحمه الله تعالى-.
وكذلك كثير من الأئمة مثل ابن خزيمة وغيره، ولذلك كان بعض الفقهاء ممن مشوا على هذه الطريقة تجنبوا الوقوع في مزالق وقع فيها غيرهم ممن صنف في الأحكام، فلذلك كان منهج الشوكاني مثلًا في "نيل الأوطار" أو الصنعاني في "سبل السلام" أو ابن حجر -رحمه الله- في "فتح الباري" ممن أتى بالدليل أولًا، ثم تكلم على شرحه وفرع الأحكام والقواعد الفقهية المستنبطة من الحديث في ذلك.
أيها الإخوة: سأحرص على البداية على الابتداء بإيراد الحديث أولًا، ثم إيراد كلام أهل العلم عليه، وإن كان هناك تفاصيل دقيقة أوردها في ثنايا البحث.
ثانيًا: أن هناك كثير من الأحكام قد لا توجد في كتب الفقه المشهورة أو قد تكون مستجدة في هذا الزمان أو صعب علي الترجيح أو استحال لقلة علمي في هذا الجانب، فاضطررت إلى اللجوء لأهل العلم والذكر، وقد اعتمدت أساسًا على الترجيح في بعض المسائل أو على الفتاوي العصرية مما يتعلق بأحكام الجمعة على ثلاثة من أعلم أهل الأرض في هذا العصر، وهم: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -حفظه الله تعالى وأمد في عمره ونفع به الإسلام والمسلمين،-، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين الفقيه المعروف، وكذلك الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ممن له باع في الحديث وعلومه وشروحه.
قبل أن نبدأ أقول: الحديث عن الأحكام طويل جدًا، وأنتم ترون حجم البحث، وأنا أعلم بأن الوقت لن يتسع لإيراد كل جزئياته، وسأمر مرورًا سريعًا على بعض الأحكام، ومن شاء أن يسجل من الإخوة الأشياء التي تحتاج إلى تفصيل فيما بعد، لعل الله أن يتيح فرصة أخرى للكلام عليها فله ذلك، وجزاكم الله خيرًا.
فأسأل الله قبل ذلك المسامحة في التقصير الذي هو نتيجة الجهل وقلة العلم، وأعتذر أيضًا لمشايخي الكرام ممن هم أولى مني بكثير من البحث في هذا الموضوع قبل الخوض فيه، ومن علامات الساعة: أن يؤخذ العلم عن الأصاغر.
فضل الجمعة
أما الجمعة فقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة، ومنها الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن رسول الله ﷺ قال: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة إلى آخر الحديث [رواه البخاري: 881، مسلم: 850].
وإذا كان الحديث معروفًا فسأكتفي بكلمة الحديث للدلالة على البقية، وحكم سريع من هذا الحديث كما ذكر ابن حجر -رحمه الله تعالى- في "الفتح" أن فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة.
وذكر بعض أهل العلم أن الحكمة فيه أن تسكن النفس في الرواح إلى الجمعة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه.
وكذلك حمل المرأة على الاغتسال، وفيه تعظيم الجمعة، وأن المبادر إليها كمن ساق الهدي في الحج، لكن الذي يسوق الهدي في الحج يسوقه بدنة حقيقية أو بقرة، أما الذي يذهب إلى الجمعة فإنما يأتيه مثل التقرب بثوابها من الثواب.
وكذلك حضور الملائكة وغيره من الأشياء التي تدل على فضل الجمعة.
وكذلك هذا الحديث فيه كلام عن الساعات، وعن أجر كل من حضر في ساعة معينة، وأنا لا أتكلم الآن عن الساعة مع أن هناك بحثًا فيها لأن الموضوع يطول، ولكن ورد في بعض الأحاديث أنها خمس ساعات، وفي حديث آخر ورد زيادة العصفور بين الدجاجة والبيضة وهو حديث صحيح فصارت ست ساعات، وهذه الست ساعات لها علاقة بموضوع تحديد وقت صلاة الجمعة كما سيأتي، ولكن سأذكر نقطتين سريعتين:
الأولى: لو قال قائل: هل الذي حضر في بداية الساعة الأولى كمن حضر في آخر الساعة الأولى، مع أن لكليهما بدنة؟
فأجاب أهل العلم بأن بدنة الأول تختلف عن بدنة الثاني من حيث الجودة، فلذلك يكون له أجر أكثر ممن جاء في آخر أكثر من البدنة التي يأتي صاحبها في آخر الساعة الأولى.
الثانية: أن الخطيب قد يحدث في نفسه نوع من الحرج أو نوع من التضايق ربما إذا قرأ هذا الحديث؛ لأنه لن يكون من المبكرين، لأن هذا خاص بالناس عامة سوى الخطيب والإمام، فيقول الشيخ ابن عثيمين مجيبًا على هذا: أنه ربما كان له من جراء تمسكه بالسنة وإتيانه على الوقت كما كان الرسول ﷺ يأتي مثل ما له من الأجر باحتسابه الإتيان كما كان رسول اللهﷺ يأتي.
في فضائل يوم الجمعة حديث عن ابن عباس قال -وهو حديث إسناده صحيح كما قال محقق الزاد-: اجتمع أبو هريرة وكعب، فقال أبو هريرة : إن في الجمعة ساعة لا يوافقها رجل مسلم في صلاة يسأل الله فيها شيئًا إلا آتاه إياه، فقال كعب: أنا أحدثكم عن يوم الجمعة إنه إذا كان يوم الجمعة فزعت له السموات والأرض والبر والبحر والجبال والشجر والخلائق كلها إلا ابن آدم والشياطين وحفت الملائكة بأبواب المسجد يكتبون من جاء الأول فالأول حتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام طووا صحفهم فمن جاء بعد جاء لحق الله لما كتب عليه، وحق على كل حالم أن يغتسل يومئذ كاغتساله من الجنابة والصدفة فيه أعظم من الصدقة في سائر الأيام، ولم تطلع الشمس ولم تغرب على مثل يوم الجمعة، فقال ابن عباس: "هذا حديث كعب وأبي هريرة وأنا أرى إن كان لأهله طيب يمس منه" وهذا الحديث كما قدمت "إسناده صحيح".
وورد في أحاديث مرفوعة أخرى ما يؤيد بعض الأجزاء من هذا الحديث، قال ابن القيم -رحمه الله-: "وشاهدت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه إذا خرج إلى الجمعة يأخذ ما وجد في البيت من خبز أو غيره فيتصدق به في طريقه سراً" [زاد المعاد: 1/ 395].
حكم الجمعة
أما قضية فرض الجمعة، فإن الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة: 9].
قال الشيخ الموفق -رحمه الله تعالى-: الأمر بالسعي يدل على الوجوب إذ لا يجب السعي إلا إلى واجب، والتوبيخ الذي ورد أيضًا يدل على الوجوب كذلك، وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن محمد بن سيرين قال: "جمع أهل المدينة قبل أن يقدمها رسول الله ﷺوقبل أن تنزل الجمعة..." إلى آخر الحديث [مصنف عبد الرزاق الصنعاني: 3/ 159].
وكذلك هذا بالنسبة لأول حدوث الجمعة، قال العلامة الصديق حسن خان في "الموعظة الحسنة": "الجمعة حق على كل مكلف واجبة على كل محتلم بالأدلة المصرحة بأن الجمعة حق على كل مكلف وبالوعيد الشديد على تاركها وليس بعد الأمر القرآني المتناول لكل فرد في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ... [الجمعة: 9] الآية..
الوعيد الشديد لمن ترك الجمعة من غير عذر
ولذلك ورد الوعيد الشديد على لسان رسول الله ﷺ لمن تركها من غير عذر، فقال في الحديث الصحيح: من ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات من غير ضرورة طبع الله على قلبه [رواه أحمد: 22558، وقال محققو المسند: "صحيح لغيره"]، وقال: من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه [رواه أبو داود: 1052]، وقال: من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين [رواه الطبراني في الكبير: 422].
وهذه كلها وغيرها أحاديث صحيحة كما تجدونها في صحيح الجامع وغيره.
وكذلك حديث ابن مسعود الذي رواه الإمام مسلم أن النبي ﷺ قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم [رواه مسلم: 652].
وحديث مسلم: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين [رواه مسلم: 865].
على من تجب الجمعة ؟
فإن سأل إنسان: على من تجب الجمعة؟
فإن رسول الله ﷺ قد أخبر على من تجب الجمعة، فقال: تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبياً أو مملوكاً .
وفي رواية أخرى: الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة أو صبي أو مريض وهو حديث صحيح [رواه أبو داود: 1067].
وكذلك من أهل الأعذار في عدم حضور صلاة الجمعة ما يفهم من قوله ﷺ وهو حديث حسن: الجمعة على من سمع النداء [رواه أبو داود: 1065]، فإن الذي لا يسمع النداء لا تجب عليه صلاة الجمعة.
فأما المريض فإن عدم وجوب صلاة الجمعة واضح للمشقة غير أن صاحب "الكافي" وغيره من الفقهاء قال: "إن حضر الجمعة فإنها تجزئ عنه" يعني تسقط عنه الفريضة، ولا يلزمه صلاة الظهر كما لو كان في بيته من غير حضور.
وكذلك تنعقد به، لما تأتي قضية العدد المشترط للجمعة تتضح أهمية المسألة؛ لأنه لو كان اثنان أو ثلاثة فكان هو الثاني أو الثالث فتنعقد الجمعة بوجوده كما شرح لنا ذلك شيخنا عبد العزيز الأحمد -جزاه الله خيرًا-.
أما قضية المرأة والصبي واضحة، فالعبد المملوك لانشغاله بخدمة سيده وكونه تحت تصرفه لا يملك وقته.
النداء الذي يسمع به الجمعة
أما الذي لا يسمع النداء، فالآن عندنا قضية مسألة سماع النداء هل العبرة فيها لما كان على عهد رسول الله ﷺ فقط أم يدخل فيها الإسماع الذي يحدث باستخدام مكبرات الصوت في هذه الأيام؟
يقول الشيخ ابن عثيمين مجيبًا على هذا السؤال: أن الذي يعتمد هو ما كان عليه الإسماع في عهد الرسول ﷺ وذلك ما وضحه الفقهاء بقولهم: إذا سكنت الريح ولم يكن هناك عوازل وكان المؤذن صيتًا وفي الظروف العادية المعتادة هو الفصل في قضية الإسماع وعدم الإسماع، يقول الشيخ ابن عثيمين : فلو فرض أنه لا يسمع بغير وجود المكبر فإنه لا يجب عليه تلبية النداء، وسيأتي مزيد تفصيل لهذا في قضية جواز انعقاد أكثر من جمعة في المدينة الواحدة.
وقت الجمعة
بالنسبة لوقت الجمعة فهناك أحاديث كثيرة جدًا سيطول الوقت لو عرضتها، وكثير منها صحيح، الخلاصة منها: وهو الرأي الصحيح -إن شاء الله- أن الجمعة لها وقتان: وقت قبل الزوال، ووقت بعد الزوال أو عند الزوال وبعده.
فأما انتهاء الوقت فإنه بحلول صلاة العصر بالاتفاق.
أما ابتداء الوقت فقد اختلف فيه الفقهاء، فمنهم من اعتبر وقت الجمعة مثل وقت العيد من الضحى إلى العصر، ويكون على هذا أطول وقت صلاة معروف، ولكن الأحاديث تدل على أنه من قبيل الزوال فصاعدًا، يعني من الرسول ﷺ أو بعض الصحابة ثبت أحاديث صحيحة أنهم صلوا الجمعة قبل الزوال وعند الزوال أو بعده، فمن الأحاديث: ما رواه ابن أبي شيبة من طريق سهيل بن غفلة، قال ابن حجر في "الفتح": "إسناده قوي": أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس.
وكذلك عند ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق: أنه قال : أنه صلى خلف علي الجمعة بعد ما زالت الشمس، قال ابن حجر: "إسناده صحيح" [فتح الباري، لابن حجر: 2/ 387]، وهذا محمول على المبادرة عند الزوال أو التأخير بعده قليلًا.
وكذلك الأحاديث الواردة في صحيح البخاري وغيره في قضية الاحتجاج بالظل، ظل الحوائط، والاحتجاج بقضية القيلولة، وبسطها الآن سيطيل المقام بنا.
فهذه هي الخلاصة: أنها تجوز قبل الزوال وعند الزوال أو بعد الزوال كل هذا وقت لصلاة الجمعة، فإن رأى الإمام أن يعجل بها لمصلحة عجل بها قبل الزوال، وهذا يوضح الفرق بينها وبين وقت صلاة الظهر.
الإبراد بصلاة الجمعة
ومن الأشياء الأخرى المرتبطة بهذا: قضية الإبراد لصلاة الجمعة؛ لأنه ورد في الحديث الصحيح أن الرسول ﷺ كان إذا كان الجو بارداً عجل بها، وإذا كان الجو حاراً أبرد بها.
الأذان يوم الجمعة
أما بالنسبة لقضية الأذان يوم الجمعة، فورد في كلام الشراح والفقهاء: الأذان الأول، والأذان الثاني، والأذان الثالث.
فأما الأذان الأول فهو الذي يكون عند صعود الإمام للمنبر.
الأذان الثاني هو إقامة الصلاة، ويطلق على الإقامة أذانًا، الأذان الثالث هو الذي زاده عثمان كما سيأتي، وإن قيل عن الأذان الثاني الأذان الأول فهو صحيح باعتبار وقته؛ لأنه يكون أولًا باعتبار الوقت، وإن قيل عن الأذان الذي عند صعود الإمام للمنبر الأذان الثاني فهو باعتبار أن كلمة: الأذان، تطلق على الأذان فقط من غير الإقامة، وبذلك يزول الإشكال في الأحاديث التي تتكلم عن وقت الأذان بالنسبة للجمعة، ففي ذلك أحاديث كثيرة ولكن ذكرها مما يطيل المقام.
أما إذا اشتد الحر يوم الجمعة فكما ذكرنا فإن السنة الإبراد وتأخير الصلاة قليلًا، قال يونس بن بكير في الحديث الذي رواه ابن خزيمة والبخاري: سمعت أنس بن مالك وناداه يزيد الضبي يوم الجمعة في زمن الحجاج، فقال: يا أبا حمزة قد شهدت الصلاة مع رسول الله ﷺ وشهدت الصلاة معنا، فكيف كان رسول الله ﷺ يصلي؟ قال: "كان رسول الله ﷺ إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة".
قال يونس بن بكير: أخبرنا أبو خلدة قال: قال : بالصلاة-يعني أنس قال: بالصلاة- ولم يذكر الجمعة، وقال بشر بن ثابت: حدثنا أبو خلدة قال : صلى بنا أمير الجمعة ثم قال لأنس : كيف كان النبي ﷺ يصلي الظهر؟ [رواه البخاري: 864، وابن خزيمة: 1842].
الشاهد: أن ابن حجر يقول في الشرح: قصد أنس طبعًا هو الكلام عن وقت صلاة الجمعة هي التي وقع وصفه بالإبراد وعدم الإبراد.
بالنسبة إذا حصلت الجمعة في مطر، فورد حديث صحيح رواه ابن خزيمة وصححه الشيخ ناصر في تعليقه عليه، وعنون عليه ابن خزيمة بقوله: أمر الإمام المؤذن في أذان الجمعة بالنداء للصلاة في البيوت ليعلم السامع أن التخلف عن الجمعة في المطر مباح.
ما هو الحديث؟
عن ابن عباس أنه أمر المؤذن أن يؤذن يوم الجمعة، وذلك في يوم مطير، فقال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال له: ناد الناس فليصلوا في بيوتهم، فقال له الناس : ما هذا الذي صنعت؟ قال: قد فعل هذا من هو خير مني، أفتأمروني أن أخرج الناس أو أن يأتوا يدوسون الطين إلى ركبهم" [رواه ابن ماجه: 939، وابن خزيمة: 1864، وقال الألباني: "صحيح الإسناد"].
فيكون نص الأذان في هذه الحالة يكون نص الأذان بدل "حي على الصلاة" الأذان طبيعي حتى "حي على الصلاة" بدلًا من أن يقول: "حي الصلاة، حي على الفلاح"، يقول: "صلوا في رحالكم، صلوا في رحالكم"، ثم يقول: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله".
هل يشترط أن يكون المطر غزيرًا حتى تحدث هذه الرخصة؟
اشترط هذا بعض الفقهاء ولم يشترطه غيرهم، وردوا على من اشترطه بالحديث الذي رواه ابن خزيمة أيضًا عن الصحابي: أنه شهد النبي ﷺ زمن الحديبية وأصابهم مطر في يوم الجمعة لم تبتل أسفل نعالهم، فأمرهم النبي ﷺ أن يصلوا في رحالهم" [رواه أبو داود: 1059، وابن خزيمة: 1863].
فكلمة: "تبتل أسفل نعالهم" يدل على أن المطر ليس بشديد، والله تعالى أعلم.
التبكير والمشي لصلاة الجمعة
بالنسبة لقضية التبكير والمشي هل يبتدئ التبكير للجمعة من بعد الفجر أم من بعد طلوع الشمس؟
هذا مبني على الخلاف في ابتداء اليوم، هل يبدأ اليوم من بعد الفجر أم من بعد طلوع الشمس، وكلاهما من أقوال العلماء، ولكن ذكر بعض أهل العلم أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ذهب إلى الجمعة قبل طلوع الشمس أو عند انبساطها، وذكر ابن القيم في "الزاد" أيضًا في شرح حديث: بكر وابتكر أي خرج في بكرة النهار إلى الجمعة.
وكذلك في شرح حديث: مشى ولم يركب [رواه أبو داود: 345، وابن ماجه: 1087] أيضًا فائدة: أن المشي إلى الجمعة أفضل من الركوب، فمن استطاع أن يمشي فهو أفضل بالنسبة له.
وقد أوجب الله السعي إلى الجمعة وترك العمل بقوله تعالى: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9].
وهذا السعي يبطل أشياء كثيرة، فمن الأشياء التي يبطلها: البيع، وهل يفسد البيع ؟ يعني هل يعتبر البيع فاسداً لم يقع، أو وقع مع الإثم؟ مبني على الخلاف في القاعدة الأصولية: هل النهي يقتضي الفساد مطلقًا أم لا؟
وقال بعض أهل العلم: إذا نودي بالأذان حرم اللهو والبيع والصناعات كلها والرقاد، وأن يأتي الرجل أهله، وأن يكتب كتابًا، وبهذا قال الجمهور. أورده في "الفتح".
فبمجرد الأذان الذي يكون عند صعود الإمام تبطل هذه الأشياء كلها، ويجب المبادرة، يعني لو ما بادر يأثم.
فأما الأجراء فقد تكلم الشيخ ابن عثيمين في شرحه لبلوغ المرام: أنه يجب عليهم أن يحضروا الجمعة حتى لو ألزمهم رب العمل بالبقاء في مكان العمل فإنهم لا يجيبونه ويحضرون إلا الحراس أو الذين يتولون شؤون الأمن، ويختل الوضع بعدم وجودهم فإنه يرخص لهم في البقاء، ويكتفى بالضروري منهم، يعني أقل عدد ممكن أن يجلس يجلس.
وأيضًا من آداب المشي إلى الجمعة، من أحكام المشي إلى الجمعة: السكينة.
أما السكينة في تعريفها كما قال في "حاشية الروض المربع": السكينة التأني في الحركات، واجتناب العبث والوقار والهيبة، وكف البصر، وخفض الصوت، وعدم الالتفات.
كل هذا يدخل في ضمن الأمر بالمشي إلى الجمعة بالسكينة.
والأمر بالمشي بالسكينة هذا في الجمعة وفي غير الجمعة.
العدد في صلاة الجمعة
بالنسبة لقضية العدد في صلاة الجمعة، ما هو العدد الذي لا تنعقد الجمعة إلا به؟
هناك أقوال كثيرة للعلماء بعضهم يشترط اثني عشر رجلًا، استنبطه من سبب النزول في سورة الجمعة وهو أنه لما انفض الناس عن الرسول ﷺ ولم يبق معه إلا اثنا عشر رجلًا، وهذا عليه إيرادات كثيرة، وهو قول مرجوح.
وبعضهم قال بالأربعين، فالذي قال بالأربعين، ومنهم بعض فقهاء الحنابلة وغيرهم فإنهم اعتمدوا على حديث: قال جابر: "مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر" [رواه الدارقطني: 1579].
لكن قال حافظ عصره الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى ورحمهم كلهم- قال: "هذا حديث ساقط لا يحتج به؛ لأنه من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن وهو ضعيف".
وأود أن أقف هنا وأقول : من رمى الوهابية كما يقولون عنهم ويزعمون بتسميتهم بأنهم حنابلة متعصبون للمذهب الحنبلي، فهذا أحد الأدلة على بطلان كلامهم، لأن هذا الشيخ سليمان حفيد إمام الدعوة ومن أركان الدعوة في عصره يذهب إلى الرأي الصحيح يترك كل ما قال في الدليل ولا يتبع إلا الحديث الصحيح، فلما تبين له أن حديث الأربعين ضعيف لم يأخذ به، هذا فيه رد على من افترى عليهم وقال بأنهم متعصبون للمذهب الحنبلي.
ونحن نعرف جميعًا بأن التعصب المذهبي مقيت مقيت مقيت.
أما خلاصة قضية العدد، فبعض العلماء قال: تنعقد باثنين، وبعضهم بثلاثة، وهذان القولان أقرب الأقوال إلى الصحيح.
فأما من قال أنها تنعقد باثنين، فقال: صلاة الجمعة مثلها مثل صلاة أي جماعة أخرى ليس هناك فرق، وعلى من فرق الدليل، فبماذا تنعقد صلاة الجماعة؟
تنعقد باثنين، إذًا، صلاة الجمعة تنعقد باثنين واحد يخطب والآخر ينصت، فهو قول الشوكاني وصديق حسن خان والألباني من المتأخرين، وقول طائفة من السلف المتقدمين.
أما من قال بالثلاثة تنعقد بثلاثة فإنهم استدلوا بأدلة فقالوا: إن الله -تعالى- يقول: إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9]، فهنا عبر بالجمع، والجمع في لغة العرب لا يطلق على أقل من الثلاثة، أقل الجمع ثلاثة، فقال: لم يأمر الله بالسعي إلا عندما يكون ثلاثة فأكثر، يعني ينطبق عليهم مسمى الجماعة.
وقالوا أيضًا : استدلوا بحديث رواه أبو داود: أن أي ثلاثة في جمع لا تقام فيهم الصلاة استحوذ عليهم الشيطان".
ولكن أساس الاعتماد عندهم على ما ورد في الآية وهو قول الشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين وغيرهم من المتأخرين، وقالت به طائفة من السلف أيضًا.
إقامة الجمعة في أكثر من مكان
قضية إقامة الجمعة في أكثر من مكان،؛ الأصل أن الجمعة لا تقام إلا في مسجد واحد في المدينة، لا يجوز أن تقام في غيره، لكن هذا كان الحال طبعًا على عهد الرسول ﷺ، لكن بعد عهد الرسول ﷺ اتسع البنيان، وكبرت المدن، وكثر الناس والمستوطنون، فيقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في "الفتاوي": إقامة الجمعة في المدينة الكبيرة في موضعين للحاجة يجوز عند أكثر العلماء، ولهذا لما بنيت بغداد ولها جانبان أقاموا فيها جمعة بالجانب الشرقي، وجمعة في الجانب الغربي، وجوز ذلك أكثر العلماء، والحاجة في هذه البلاد وفي هذه الأوقات، هذا على عهد ابن تيمية، تدعو إلى أكثر من جمعة إذ ليس للناس جامع واحد يسعهم، ولا يمكنهم جمعة واحدة إلا بمشقة عظيمة.
هل تجب الجمعة على المسافر؟
هذه مسألة يحتاج إليها المسافرون وغيرهم ممن يفتي الناس طبعًا، فأما قضية هل على المسافر جمعة؟
في الحديث الصحيح عن عمر أنه صوب فعل من ذهب إلى من ذهب في السفر قبل النداء، وقال: لا حرج عليك في هذا، فيجوز للمسافر أن يسافر قبل النداء هذا على الراجح.
وبعضهم مثل ابن القيم -رحمه الله- ذهب في "الزاد" إلى أنه إذا جاء الصباح فالأفضل له أن ينتظر فيصلي ثم يسير. ولكن إذا كان المسافر في مدينة، يعني هو لا يزال في سفر ولكن في مدينة، فهل يجب عليه وحان وقت صلاة الجمعة ونودي بالصلاة هل يجب عليه أن يذهب؟
الأرجح: أنه يجب عليه أن يذهب، ومما قاله ابن تيمية : وكذلك يحتمل أن يقال بوجوب الجمعة على من في المصر من المسافرين، وتجب عليهم الجمعة تبعًا للمقيمين، لأن قوله تعالى: إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ [الجمعة: 9] يشمل من في البقعة من المسافرين وغيرهم فيجب عليهم أن يلبوا النداء.
عدم جواز التفريق بين اثنين
من أحكام الجمعة كذلك: عدم جواز التفريق بين اثنين وفي هذا أحاديث.
وكذلك عدم جواز تخطي الناس، ومن الوعيد على تخطي رقاب الناس ما ورد في الحديث الحسن: أن الرسول ﷺ قال: من تخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا يعني وصل الوعيد باعتبار أن له صلاة ظهر وليس جمعة لمن تخطى رقاب الناس.
وبعضهم قال بالكراهة.
وبعضهم قال بالتحريم، وهو الأرجح.
وقد استثنى بعض العلماء من كراهة التخطي أو تحريم التخطي ما إذا كان في الصفوف الأولى فرجة فأراد الداخل سدها، فقال بعضهم يجوز.
لماذا الجواز؟
أولًا : لعموم الأمر بسد الفرج.
ثانيًا: أن الناس المتقدمين في الأمام الذين سيتخطى الداخل رقابهم هم الذين فرطوا وتركوا سد الفرج، فسقط حقهم في التخطي، فيجوز للداخل أن يتخطى حتى يسد الفرجة؛ لأن الناس في البداية هم الذين قصروا وتركوا الفرج فسقط حقهم في عدم التخطي.
وبعض العلماء قال: أكره التخطي مطلقًا سواء وجد فرجة أو لم يجد فرجة، لما في ذلك من إشغال الناس والمرور بينهم خصوصًا إذا كان في الخطبة، وحديث النهي عن التخطي عام سواء كان قبل الخطبة أو أثناء الخطبة.
وممن يستثنى من حكم التخطي: الإمام إذا كان لا يستطيع الوصول إلى المنبر إلا عن طريق تخطي الناس، وهذا قليل من واقع بناء المساجد الموجود.
وكذلك من أنابه الإمام أو الخطيب لإكمال الجمعة إذا صار هناك شيء في الصلاة فكذلك يجوز له أن يتخطى.
ومن التفاصيل الدقيقة التي وردت عن بعض السلف في قضية التخطي ما ورد في مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: إن رأيت أمامي فجوة دونها الناس أتخطاهم إليها؟ قال: لا، قلت: أرأيت إن تخللهم إليها أتخللهم إليها تخللًا؟ قال: وكيف؟ قلت: كأن يكون الرجلان لا يتماسان؟ قال: نعم، إن كنت لا تتخطى أحدًا، قال له إنسان: فكيف إنسانان يتماسان بركبتيهما فأتخطى ركبتيهما، قال: لا، يعني إذا كان ما في تماس يسهل المرور، وهذا قول من أعدل الأقوال، إذا ما كان هناك إيذاء ما كانوا متماسين، وكانت فرجة فيذهب ويتخطى.
وكذلك ورد النهي عن إقامة الرجل لأخيه في الجمعة، وأن يجلس مكانه.
وكذلك ورد الأمر بالسواك والادهان وغيره من لبس الملابس الطيبة ولا وقت لذكره الآن.
تقديم المفارش وحجز الأماكن
قضية تقديم المفارش إلى الصلاة من البدع وحجز الأماكن في المساجد ومواصلة السجاجيد من البدع.
ورخص ابن تيمية في إزالة السجاجيد، وقال: هذا غصب للأرض، وتكلم في حكم الصلاة في الأرض المغصوبة عند هذا الموضوع.
التنفل قبل صعود الإمام إلى المنبر
أما بالنسبة لقضية التنفل قبل صعود الإمام إلى المنبر، فقد ورد فيه أحاديث صحيحة عن الرسولﷺ منها حديث سلمان: لا يغتسل الرجل يوم الجمعة ثم قال في الحديث: ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلى آخر الحديث.
الشاهد منه: ثم يصلي ما كتب له .
فهذا يبين أن المستحب لمن دخل المسجد يوم الجمعة في أي وقت أن يصلي قبل أن يجلس ما شاء نفلًا مطلقًا غير مقيد بعدد، ومن قيده بعدد فقد ابتدع في الدين، وهذا يدل على أنه ليس هناك للجمعة سنة قبلية كما وضحه ابن الحاج في "المدخل" وغيره ممن تكلم في أمور البدعة.
حكم خطبة الجمعة
أما حكم خطبة الجمعة، فهو واجب.
وقال بعضهم: شرط.
ومن الأدلة على الوجوب: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة: 9] فإن ذكر الله يشمل الصلاة ويشمل الخطبة؛ لأنه لا شك أن الخطبة من ذكر الله.
كيفية إجابة المؤذن يوم الجمعة
إذا جلس الإمام على المنبر وأذن المؤذن، فورد حديث في صحيح البخاري في كيفية الإجابة، لما جلس معاوية على المنبر سمع المؤذن يقول: الله أكبر، الله أكبر، قال: الله أكبر، الله أكبر، فلما قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، قال معاوية: وأنا، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال معاوية: وأنا.
قال ابن حجر: في هذا إباحة أو إجزاء الإجابة بلفظة: أنا، عندما يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، لكن كما يقول الشيخ محمد بن عثيمين -جزاه الله خيرًا-: بأن هذا لا يعني الاستحباب، بل المستحب والأكمل والأفضل أن يجيب باللفظ الكامل، ومعاوية إنما رواه بالمعنى .
الخطبة على المنبر واتخاذ المنبر
أما الخطبة على المنبر واتخاذ المنبر وكيف صنع، فورد في صحيح البخاري أحاديث عن هذا وشرحها ابن حجر.
أما كونه يخطب قائمًا، ففي البخاري: كان النبي ﷺ يخطب قائمًا ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن.
وفي رواية أخرى للإمام أحمد ومسلم وغيرهم: "كان يخطب قائمًا ويجلس بين خطبتين ويقرأ آيات ويذكر الناس".
وفي رواية لأبي داود وهي صحيحة: "كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم ثم يقوم فيخطب"[رواه أبو داود: 1092].
من فوائد هذا الحديث:
أولًا: مشروعية الجلوس بين الخطبتين، فلو لم يكن القعود مشروعًا ما احتيج للفصل بالجلوس، وما روي عن جلوس عثمان في الخطبة أو معاوية فإنما كان لعذر من مرض وغيره يمنع الوقوف، وورد تكذيب أحد الصحابة للناس لمن زعم أن الرسول ﷺ خطب قاعدًا، أما قضية أنه يجلس فلا يتكلم، كلمة (فلا يتكلم)، تظهر فائدتها فيما لو خطب الخطيب جالسًا لعذر، فإذا انتهى من الخطبة الأولى سكت ثم بدأ في الخطبة الثانية، إذا كان لا يستطيع القيام، لكن بالنسبة بين الخطبتين يجوز للخطيب ولغيره من الحضور الدعاء سرًا في كل واحد في نفسه، لأنه كما قال الإمام ابن القيم في "الزاد": يحتمل احتمال قوي أن يكون هذا داخل في ضمن ساعة الاستجابة، فلذلك لا بأس الإنسان أن يدعو، ولا يواظب على دعاء معين، حتى لا تصبح بدعة، أن يدعو وهو جالس والإمام جالس بين الخطبتين.
استقبال الإمام للمأمومين
بالنسبة لقضية استقبال الإمام للمأمومين فمما ورد في هذا أحاديث؛ منها: أن الرسول ﷺ كان يستقبل الناس بوجهه.
الخطيب يستقبل الناس بوجهه، أما المأمومون فإنهم يستقبلون الخطيب بوجوههم.
هل يلزم من استقبال المأمومين للخطيب أن ينحرفوا عن وضعهم في الصف، وأن تنحني الصفوف كما قال الفقهاء؟ ذكر الشيخ ابن باز وابن عثيمين وغيرهم: أنه لا تنحرف الصفوف، بل يبقى كل واحد على وضعه في الصف، ويستقبل الإمام بوجهه، يستدير الإمام بوجهه فقط، لكن لا ينحرف انحرافًا.
أما الإمام هل يسن له أن يتلفت يمينًا أو شمالًا؟
يقول الشيخ ابن عثيمين: لا يسن للإمام أن يتلفت يمينًا ولا شمالًا؛ لأنه لم ينقل عن النبي ﷺ ذلك.
وكذلك فإن الإمام مقصود وليس بقاصد، يعني الإمام أصلًا يستقبل الناس الجالسين بوجهه لو انحرف فات على غيره من المأمومين استقباله، فلذلك السنة أن ينظر إلى الأمام فقط لا يستدير يمينًا أو شمالًا، ولو زعم من زعم بأن هذا من آداب المحادثة والمخاطبة أن يتلفت، لكن ما نقل عن الرسول ﷺ أنه تلفت، الذي نقل عنه أنه استقبل الناس بوجهه.
مضمون خطبة الجمعة
بالنسبة لمضمون الخطبة كانت خطبته ﷺ تقريراً لأصول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وذكر الجنة والنار، وما أعد الله لأوليائه، وما أعد لأعدائه وأهل معصيته، فيملأ القلوب من خطبته إيمانًا وتوحيدًا ومعرفة بالله وأيامه، لا كخطب غيره التي إنما تفيد أمورًا مشتركة بين الخلائق وهي النوح على الحياة والتخويف، فإن هذا لا يحصل الإيمان بالله في القلب ولا التوحيد له ولا المعرفة الخاصة به ولا التذكير بأيامه ولا بعثًا للتقوى على محبته والشوق إلى لقائه، فيخرج السامعون ولم يستفيدوا فائدة غير أنهم يموتون، هذا ابن القيم يأتي بكلام فيه نوع من التعريض بالأئمة الذين لا يحسنون في خطبهم إلا المواعظ المقتصرة على ذكر الموت فقط، فلا يخرج الحاضرون إلا بأنهم سيموتون وتقسم أموالهم ويبلي التراب أجسامهم.
فيا ليت شعري أي إمام حصل بهذا وأي توحيد ومعرفة وعلم نافع حصل به كما قال في "الزاد".
ومن تأمل خطب النبي ﷺ وخطب أصحابه، وجدها كفيلة ببيان الهدى، والتوحيد، وذكر صفات الرب، وأصول الإيمان بالكلية، والدعوة إلى الله، وذكر آلائه التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم بأسه، والأمر بالذكر وشكره الذي يحببهم إليه، فيذكرون من عظمة الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه، إلى آخر كلامه.
وذكر أيضًا عن تغير الخطبة ثم طال العهد وخفي نور النبوة وصارت الشرائع والأوامر رسومًا.
فأيها الإخوة: لابد من أن تشتمل الخطبة على جميع هذه المقاصد، لكن ما هو الغرض الأساسي في الخطبة؟
ليس الغرض الأساسي في الخطبة شرح الأحكام أو الاقتصار على الرد على المذاهب المنحرفة وغيرها، إنما لا بد أن تشتمل الخطبة على الموعظة سواء كانت كلها موعظة بالمفهوم الواسع للموعظة الذي لا يقتصر فقط على ذكر الموت والتراب والبلى وتقسيم الأموال، أو كان شاملًا بجانب الموعظة على فوائد أخرى، إنما لا بد أن يكون هناك موعظة.
ولصديق حسن خان-رحمه الله تعالى- كلام جيد في خطبة الرسول ﷺ ومقاصدها، إذا رأى الإمام رجلًا جاء وهو يخطب فماذا يفعل؟
أولًا: إذا جلس شاهده يجلس أولًا يسأله أركعت ركعتين أم لا؟ فإذا أجابه بالنفي عند ذلك يأمره بأن يركع ركعتين؛ كما بوب ابن خزيمة على القصة في حديث سليك الغطفاني لما جاء فأمره الرسول ﷺ أن يركع ركعتين.
الركعتان هذه واجبة، يجب على الداخل أن يأتي بها، ومن أدلة وجوبها: أن الشارع تسامح بأن يذهب المصلي شيئًا من الإنصات لكي يصلي ركعتين، مع أن الإنصات واجب، فدل هذا على وجوب الركعتين.
كذلك اتفقوا على أن تحية المسجد غير واجبة على الإمام؛ لأنه لم ينقل عن الرسول ﷺ أنه لما دخل صلى، فيستثنى من عموم الأمر بالتحية.
وكذلك للخطيب أن يأمر في خطبته وينهى ويبين الأحكام التي يحتاج إليها.
هذه فائدة تؤخذ من حديث سليك الغطفاني -رحمه الله-، وروايات أخرى متعددة، قال الشافعي: "أرى للإمام أن يأمر الآتي بالركعتين ويزيد في كلامه ما يمكنه الإتيان بهما قبل إقامة الصلاة، يعني هذا لو جاء متأخر جدًا.
الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة وحكم رفع اليدين في الدعاء
بالنسبة لقضية الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة فهي مشروعة وثابتة، ودعاء الاستسقاء هو الدعاء الوحيد الذي يباح فيه للإمام أن يرفع يديه، وغير ذلك من الأدعية من البدعة أن يرفع الإمام أو المأمومون أيديهم أثناء الخطبة.
وثبت الرفع في الحديث في البخاري: حتى رؤي بياض إبطيه، وهو رفع خاص كما قال أنس بن مالك في رفع الإمام يديه في الخطب.
سألنا الشيخ ابن عثيمين: لماذا لا يرفع المأمومون أيديهم؟
قال: لأنهم يتبعون الإمام، وورد عن أحد السلف أنه لما رأى الناس يرفعون أيديهم قال: قطع الله أيديهم، لأنهم أتوا بأمر بدعي.
مقدار القعدة بين الخطبتين
أما القعدة بين الخطبتين، فقد ورد فيها أحاديث تقدمت، لكن قال صاحب "المغني": لم يجبها أكثر أهل العلم لأنها جلسة ليس فيها ذكر مشروع فلم تجب.
ما هو قدر الجلسة بين الخطبتين؟
لم يرد هناك نص واضح في تحديد مدة الجلسة.
بعضهم قال: بقدر قراءة سورة الإخلاص.
وبعضهم قال: بمقدار جلسة الاستراحة في الصلاة.
والشيخ ابن عثيمين قال: دقيقة، دقيقة ونصف، لا بأس في هذا، ما ورد هناك شيء محدد.
وهذه كلها أقوال العلماء.
هل تشترط الطهارة للخطبة؟
الأرجح: أنها لا تشترط للخطبة، فلو خطب الخطيب وهو محدث والمؤتمون كذلك، ثم لما جاء وقت الصلاة ذهبوا فتوضئوا وصلوا جازت.
لكن ما هو الأفضل والسنة والمستحب؟
أن يكون متطهرًا.
حكم الاعتماد على عصا أو قوس في الخطبة
هل السنة الاعتماد على عصا أو قوس؟
ثبت أن الرسول ﷺ اعتمد على عصا أو قوس، لكن يقول الشيخ عبد العزيز بن باز: الأمر واسع في هذا، وليس هناك شيء واضح إن اعتمد فلا بأس وإن ترك فلا بأس، وليس واضح في أنه من السنة، يعني الحديث الوارد لا يؤخذ منه أنها سنة.
الشيخ ابن عثيمين يقول: إذا شاء أن يتكئ على شيء فليتكئ على طرف المنبر.
وقال ابن القيم في "الزاد": أن اتكاء رسول الله ﷺ كان قبل اتخاذ المنبر لما كان يخطب على الأرض.
الشيخ الألباني يقول: أما بالنسبة للخطيب الصحيح لا يشرع له أو لا يستحب في حقه الاتكاء، وإنها سنة للعجزة، وهي سنة عادة لا سنة عبادة.
رفع الخطيب صوته
رفع الصوت في الخطبة من السنة ويكون رفعًا دائمًا.
والشيخ ابن باز يقول عندما سألته : هل يغني المكبر الموجود الآن عن رفع الخطيب لصوته؟ فقال: المهم فعل ما يحصل به المقصود، لكن لابد أن يكون بهمة عالية وعناية حتى يؤثر في النفوس.
ابن عثيمين يقول: لا يغني وجود المكبرات في هذا العصر عن رفع الصوت، بل يجب أن يرفع صوته كما كان كأنه منذر جيش ويجب أن يكون هناك حماسة لأن المقصود تحريك الناس.
كيفي يستفتح الخطيب الخطبة؟
فيه روايات مجملة وروايات مفصلة، الروايات المجملة تقول: فحمد الله وأثنى عليه، وروايات مفصلة فيها ذكر خطبة الحاجة المعروفة.
السؤال الآن: هل يحمل المجمل حمد الله وأثنى عليه على خطبة الحاجة أم لا يحمل؟
الشيخ عبد العزيز يقول: لا أعرف في هذا شيئًا، توقف في المسألة.
من ناحية الجواز يجوز، يجوز أن يقول: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله فاطر السموات والأرض، أي استفتاح، لكن ما هي السنة؟
الشيخ ابن عثيمين يقول: لا أعلم في هذا شيء قطعي، ولكن رواية مسلم تدل على أنه وقع على الأقل في استفتاحه جزء من خطبة الحاجة؛ لأن رواية مسلم فيها جزء من خطبة الحاجة مصرحًا، صرح الراوي في وصف الخطبة بأن الرسول ﷺ قال: وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة [رواه مسلم: 867].
وفي رواية النسائي بسند صحيح: وكل ضلالة في النار [رواه النسائي: 1578].
الشيخ الألباني يقول: "الحمل متعين ويسن لكل خطيب يستفتح أن يبدأ بخطبة الحاجة".
هذه السنة لكن كما ذكرنا الجواز جائز أن يستفتح بأي شيء، بأي استفتاح مشروع.
بالنسبة لآية الحشر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ.. [الحشر: 18] الآية.
هذه ما وردت في نص خطبة الحاجة، لكن وردت في حديث مسلم في الأعراب الذين أشفق عليهم الرسول ﷺ وجمع الناس، فهذا الجمع ليس خطبة جمعة.
ولذلك لا يؤخذ أن هذه الآية توضع في خطبة الحاجة، لكن إن وعظ بها الخطيب تذكيرًا للناس فهذا جيد.
وأيضًا أنا أتتبع بعض الأشياء التي زعم بعض الناس أنها استفتاح مشروع في الخطبة مثل عبارة: "وما قل وكفى خير مما كثر وألهى"، فهذا كما بين الشيخ الألباني -جزاه الله خيرًا- أنه حديث ثابت لكن ليس في الخطبة، فإن قاله أحيانًا في الخطبة جائز، لكن هو حديث عن الرسول ﷺ في غير الخطبة.
وقال في "حاشية الروض المربع": ويباح أن يخطب من صحيفة كقراءته في الصلاة من مصحف، لأنه ثبت أن عائشة كانت أمرت مولاها ذكوان أن يقرأ أن يؤم بها في الصلاة من مصحف وهو حديث صحيح، فقاس العلماء جواز قراءة الخطيب من أوراق على جواز قراءة الإمام أو المصلي من مصحف.
بالنسبة للشهادتين أوجب شيخ الإسلام وتلميذه وغيرهما الشهادتين في الخطبة، وهما مشروعتان في الخطاب والثناء، قالوا: وكيف لا يجب التشهد الذي هو عقد الإسلام في الخطبة، وهو أفضل كلماتها فتأكد هنا ذكر الشهادة له ﷺ لدلالته عليه، ولأنه إيمان به والصلاة عليه دعاء له ومشروعيتها أمر معروف عند الصحابة -رضوان الله عليهم-.
وقال ابن القيم: خصائص الجمعة الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله وتمجيده والشهادة له بالوحدانية ولرسوله بالرسالة، إلى آخر كلامه.
حكم قول: "أما بعد" في الخطبة
مشروعية قول: أما بعد، في الخطبة ثابتة في صحيح البخاري وغيره: أن الرسول ﷺ في خطبة الجمعة وغيرها كان يقول: أما بعد، فلذلك هي سنة، وإن أتى بغير أما بعد من الأساليب التي تعني إرادة الفصل بين الكلامين يعني أما بعد معناها مهما يكن من شيء بعد، وهي المراد منها الفصل بين الكلامين، فإن أتى بشيء آخر مثل هذا وإن، كما قال الله هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ [ص : 55] ، يعني من العبارات التي تدل على الفصل بين الكلامين يجوز، لكن السنة أن يقول: أما بعد وجوابها كما قال أهل اللغة يقتضي اقتران الفاء به، يعني أما بعد فإن خير الحديث كلام الله، أو غير ذلك.
اشتراط الحمد والثناء في الخطبة
اشتراط الحمد والثناء فيه خلاف مشهور، لكن ينبغي للخطيب أن يثني على الله وعلى رسوله ﷺ يقول الشيخ ابن باز: اشتراط الحمد والثناء فيه خلاف، فمن باب الابتعاد عن الخلاف، ينبغي للخطيب أن يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله.
نسبة الخطبة الأولى للثانية
ما هي نسبة الخطبة الأولى للثانية؟
إذا كانت الأولى ربع ساعة تصير الثانية خمس دقائق؟ ليس هناك شيء واضح في هذا، الشيخ ابن عثيمين يقول: استدل بعض الفقهاء من أن الرسول ﷺ في الصلاة كان يجعل الركعة الثانية نصف الأولى، كذلك يجعل الخطيب الخطبة الثانية أقل من الخطبة الأولى أو بمقدار نصفها أو نحو ذلك، ما في شيء محدد.
حكم قول الخطيب: صلوا على نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم-
بالنسبة لقول الخطيب: "صلوا على نبيكم محمد ﷺ فإن الله قال: إن الله وملائكته يصلون على النبي" إلى آخر الكلام المعروف.
يقول الشيخ الألباني: ليس هذا من السنة في شيء ولو قالها الإمام فلا نجيبه حتى ولو قال: اذكروا الله، لأن الرسول ﷺ ما ثبت عنه أنه قال: وصلوا على نبيكم أو قال: اذكروا الله.
وهذا الآن بين الناس واقع وكثير، يقول: صلوا على نبيكم، فيقول الناس كلهم: ﷺ، بصوت مرتفع، أو يقول: اذكروا الله، تحصل المسجد يرتج يقولون: لا إله إلا الله، مع أن المأمور الإنصات وليس الجهر بالذكر.
الشيخ ابن عثيمين يقول: صلوا على نبيكم فإن الله يقول في كتابه كذا، في كل خطبة هذا غير مشروع، والمواظبة عليه بدعة.
الشيخ ابن باز يقول: إن قصد بها تعليم الناس أنه يستحب لهم الصلاة على النبي ﷺ في يوم الجمعة أو ليلة الجمعة كما ورد في الحديث فهذا حسن، لكن أنا ظني أن كثيرًا من الخطباء لا يكون هذا المقصود في أذهانهم عند التلفظ بها، بل يظنون أن هذا من شروط الخطبة ويستمرون عليه.
فالآن الكلام صار واضحاً نوعًا ما، المداومة والمواظبة بدعة، لكن إن قصد أن يعلم الناس أحيانًا ويذكرهم بأن الصلاة على الرسول ﷺ سنة في يوم الجمعة وفيها أجر فلا بأس بذلك.
حكم المواظبة على ختم الخطبة الأولى أو الثانية بأستغفر الله لي ولكم
قضية المواظبة على ختم الخطبة الأولى أو الثانية بأستغفر الله لي ولكم، ورد في حديث ضعيف، فالمواظبة عليه دائمًا ليس من السنة.
الدعاء في الخطبة
نأتي على قضية الدعاء في الخطبة، الدعاء في الخطبة هذه مسألة شائكة نوعًا ما، لأن بعض العلماء استدلوا بعمومات فقالوا: يستحب للخطيب أن يدعو أثناء الخطبة، لكن لم يرد في نص صحيح أن الرسول ﷺ واظب على دعاء في وقت معين في الخطبة كما هي حال الناس اليوم.
الآن الخطباء يواظبون مواظبة على الدعاء في الخطبة الثانية في وقت معين بعد ما ينتهي من الكلام دائمًا يدعو، هذا بدعة، يقول الشيخ ابن عثيمين: وضع الدعاء في مكان معين في الخطبة مثل الخطبة الثانية أو كونه بصيغة معينة مثل: اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وغيره دائمًا في كل خطبة هذا اتخاذه سنة دائمًا لا ينبغي، والأولى والمستحب للخطيب أن يترك الدعاء متعمدًا في بعض الخطب حتى يعرف الناس أنها ليست من السنة، لأن ظني الآن أن تقريبًا أكثر الناس ينكرون على عدم الدعاء في الخطبة، ترسخ في نفوسهم الدعاء في الخطبة واجب، وإذا لم تدع في الخطبة، بعض الصلاة يقولون: خير يا أخي عسى ما شر ليش نسيت الدعاء؟ ويحس أن الخطبة فقدت جزءًا منها، فيقول الشيخ ابن عثيمين: والأحسن أن يخطب أحيانًا بخطب ليس فيها دعاء أبدًا حتى يتعلم الناس.
الشيخ الألباني نفس الكلام تقريبًا لكن يضيف إضافة، يقول: إذا دعا الإمام بشكل عارض، يتكلم عن الزنا مثلًا فقال وهو في عرض الكلام قال: اللهم طهر فروجنا وقلوبنا وأعذنا من هذه الذنوب والمعاصي وطهرنا منها لا بأس بهذا.
لاحظ:
أولًا: أنه ليس دعاء بصيغة معينة.
ثانيًا: أنه ليس مؤقت بوقت معين في الخطبة.
ثالثًا: أنه جاء اتفاقًا، يعني من السجية وهو يتكلم دعا بدعاء، فهذا لا بأس به.
مسائل متفرقة عن خطبة الجمعة
الموضوع طويل وفيه تفاصيل كثيرة، وأنا حرصت على جمعها، وقد لا أكون قد دعمت كل نقطة بالأدلة الكافية، لذلك لابد من النقاش في بعض الأمور، ويجب أن لا تتقبل المسألة هكذا، يعني واحد ما اقتنع بأدلة الموضوع أو ما اقتنع فيه شرعًا، المفروض أن يتوقف فيه ويسأل أو يبحث حتى يصل إلى اليقين، وأنا أتابع شيئًا ما في الموضوع فربما ننتهي من قضية الخطبة على الأقل؛ وأذكر لكم بسرعة الآن أو يمكن في آخر الكلام أذكر العناوين الباقية.
ثبت أن الرسول ﷺ في الخطبة قرأ سورة براءة، حديث صحيح.
الآن سورة براءة سورة طويلة، والله يقول: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4] هذا الحديث يقول الشيخ الألباني في شرحه : نعم تطول الخطبة.
طبعًا طالت بقراءة سورة براءة ولكن لكل قاعدة شواذ مثل صلاة المغرب فإن الرسول ﷺ كان يخفف القراءة فيها دائمًا، لكن ثبت أنه قرأ مرة بالأعراف في صلاة المغرب. حديث صحيح.
فنحن لا نجعل الإطالة سنة مستمرة فإن رأى الخطيب أن المصلحة تقتضي أحيانًا إطالة الخطبة إما بقراءة مثل قراءة سورة براءة يعتبر تطبيق للسنة أو بعض الأحكام الشرعية فإنه يجوز ذلك.
وهذا من السنة العارضة لا من السنة الغالبة، وهو التوفيق وهو كلام جيد في هذا الموضوع.
عند ذكر الله أو عند الدعاء في الخطبة الخطيب يشير بيديه بالمسبحة أو بالمشيرة كما يطلقها العلماء، والسبابة اسم جاهلي؛ لأن العرب كانوا يسبون بها فسميت سبابة، الاسم الإسلامي المسبحة أو المشيرة، في مصنف عبد الرزاق عن الزهري قال : سألته عن رفع اليدين في الجمعة، فقال : حدث وأول من أحدثه عبد الملك. يعني أحدثه وواظب عليه، هذا بالنسبة لقضية رفع اليدين.
الآن فيه مسألة مهمة، الآن الخطيب يخطب، وقام أحد الناس فاعترض عليه أثناء الخطبة مع أن الأمر بالإنصات.
هذه الحادثة تتفرع عليها مسائل :
من المسائل إذا أتى الخطيب في أثناء الخطبة ببدعة كأن يخوض في الأسماء والصفات على غير معتقد السلف ويشرح للناس أشياء خاطئة، ويشرح أن الله في كل مكان، ويريد أن يثبت هذا، وهذا مخالف لعقيدة أهل السنة، الآن هل يقوم الإنسان وينكر عليه؟ لو ابتدع بدعة في الخطبة وجالس يشرع في البدعة، يعني شيء مستنكر، ما هو شيء بسيط يتغاضى عنه، يقول الشيخ ابن عثيمين: لا أرى ذلك، لماذا؟ يقول لأن هذا سيسبب بلبلة في المسجد، وأنت تكلم الخطيب، والخطيب يرد عليك.
وأيضًا كان هذا كلام الشيخ الألباني لكنه أضاف إضافة جيدة، قال: لكن إن كان المعترض على الخطيب رجل إذا تكلم لن يجرؤ الخطيب على مجادلته كأن يكون قاضي البلدة مثلًا أو رجل له مكانة قوية بحيث إذا اعترض اعتراضاً شرعياً صحيحاً، لن يحدث هناك جدال فيجب عليه أن يعترض ويصحح للناس، وإذا تمكن من التصحيح بعد الخطبة فهو أولى، لكن الخشية من انصراف الناس والفكرة الخاطئة في أذهانهم، وكان من أهل المكانة الذين إذا قام يتكلم لا يصبح هناك بلبلة في المسجد وجدال فيجب عليه أن يقوم ويغير كما قام هذا الصحابي وغير، وقال: قبح الله تلك اليدين في نصف الخطبة.
وسيأتي مسألة أخرى تتفرع عليها وهي هل يجب الإنصات إذا تكلم الإمام بأمور مخالفة للشرع في الخطبة؟ قضية الاستماع إلى الخطبة، أو أن الملائكة تستمع، والناس يجب عليهم الاستماع، كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
متى يبتدئ امتناع الناس عن الكلام؟
الحديث يقول: "إذا كان يوم الجمعة" قال الرسول ﷺ: "البدنة والبقرة والكبش" ثم قال: فإذا خرج الإمام طووا صحفهم يستمعون الذكر".
قال ابن حجر: فيه إشارة إلى أن منع الكلام من ابتداء الإمام في الخطبة، لأن الاستماع لا يتجه إلا إذا تكلم، بعض الحنفية قال : يحرم الكلام بمجرد خروج الإمام، واستدلوا بحديث، قال ابن حجر : وهو حديث ضعيف.
الناس الذين يأتون الخطبة ثلاثة نفر كما قال ﷺ: يحضر الجمعة ثلاثة نفر رجل حضرها وهو يلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكون ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحد فهو كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام.
أحاديث الإنصات كثيرة لكن هناك بعض المسائل: إذا توقف الإمام عن الكلام مثل الجلسة بين الخطبتين هل يجوز لأحد أن يتكلم؟
من ناحية الجواز يجوز.
وكذلك إذا صعد على المنبر وجلس والمؤذن يؤذن قبل أن يبتدئ الإمام في الكلام يجوز، وإذا نزل الإمام من على المنبر قبل أن تقام الصلاة أو يبدأ في الصلاة يجوز، لكن طبعًا يبقى الأفضل والسنة والمستحب الإنصات في هذه الأوقات كلها، لكن أحيانًا قد يحتاج الإنسان إلى الكلام مثلًا يؤدب ولده أو ينصح واحداً أو ينبه على قضية بالنسبة للناس الجالسين، أو عطس إنسان في أثناء الجلسة بين الخطبتين وحمد الله فيشرع له أن يشمته.
هذا في الجلسة بين الخطبتين، بعض العلماء يرى أنه لابد أن ينصت وأن الجلسة بين الخطبتين أصلًا تشبه السكوت للتنفس وأنها قصيرة فلابد أن ينصت فيها أيضًا، ما هو المراد بالإنصات؟
المراد بالإنصات السكوت مطلقًا، وهذا يشمل عن مكالمة الناس وكذلك ذكر الله ، كلمة ينصت ما حدد فيها كلام الناس فيشمل فيها ذكر الله، فلذلك لا يجوز لواحد أن يقول في المسجد : لا إله إلا الله ويرفع صوته بالتهليل أو بالصلاة على رسول الله من المأمومين.
مسألة: لو عطس الإمام في الخطبة فحمد الله، ماذا يفعل المأمومون؟
إذا واصل الإمام الكلام لا يجوز لهم أن يتكلموا، فلذلك لا يشمتونه، أما إذا توقف أو أعطى فرصة للكلام، طبعًا هذا غير مشروع أن يتوقف في الخطبة، الأصل أن الإمام يعطس ويحمد الله ويواصل الخطبة، فإذا واصل فلا كلام، بالنسبة للوعيد في قضية الكلام هناك حديث صححه أحمد شاكر -رحمه الله- في المسند من حديث ابن عباس مرفوعًا: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارًا، والذي يقول: له أنصت ليست له جمعة [رواه أحمد: 2033].
فقالوا كالحمار يحمل أسفارًا؛ لأنه العلة الجامعة بين الحمار الذي يحمل أسفارًا وبين المتكلم أن كلاهما لا يستفيد من الكلام، لأنه عندما يتكلم لا يستفيد من كلام الإمام ولم يسمعه، ولذلك ابن عمر مرة من المرات تكلم إنسان في الخطبة وقال له إنسان آخر: أنصت، بعد الخطبة قال للذي قال: أنصت، قال: لا جمعة لك، وأما صاحبك فحمار.
ما معنى: "لا جمعة له"؟
قال بعض العلماء : يعني لا جمعة كاملة له، وقال بعضهم : ليس له أجر البتة، وإنما غاية ما هناك أن الجمعة قد أجزأته، يعني ما دام صلاها ما تجب عليه الصلاة، ولا صلاة الظهر طبعًا بدلًا منها، يعني كل الذي طلع منه الإجزاء، وهذا ورد في حديث صحيح أن الرسول ﷺ مرة قرأ براءة من على المنبر فكان أبي بن كعب وأبو ذر جالس كل واحد منهما بجانب الآخر، فأبو ذر استغرب قال لأبي في الصلاة: متى أنزلت هذه؟ يقول لأبي في الصلاة في الخطبة يقول: متى أنزلت هذه؟ فسكت أبي، فقال: متى أنزلت هذه، ثلاث مرات، لما انتهت الخطبة قال أبي لأبي ذر: ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت، فذهب أبو ذر للرسول ﷺ قال: صدق أبي [رواه أحمد: 21287، وقال محققو المسند: "حديث صحيح، وهذا إسناد قوي"].
مسألة: إذا كان الكلام محرماً، هل تجوز الإشارة؟
هناك قاعدة حسنة، ذكرها ابن حجر في "الفتح" قالوا -يعني العلماء- : إذا أراد الأمر بالمعروف فليجعله بالإشارة.
الحقيقة أن هذه المسألة فيها خلاف بين السلف بعضهم قال: لا إشارة ولا غير إشارة.
وبعضهم أجاز الإشارة، مثلًا إنسان يتكلم بجانبك في الخطبة، هل يجوز أن تشير له بالسكوت فتضع إصبعك على شفتيك مثلًا تنصته للخطبة.
الشيخ عبد العزيز يقول: لا حرج في هذا، وبهذا قال أيضًا جماعة من أهل العلم من القدامى، وابن عمر رأى رجلين يتحدثان. وهو حديث صحيح رواه الطبراني، يتحدثان والإمام يخطب يوم الجمعة فحصبهما، مسك كف حصى وحصبهم.
واحد أمامك أو خلفك أو عن يمينك عورته مكشوفة تشير له بأن يغطي عورته، أمر بالمعروف.
الجواب: نعم، يعني هذا الأرجح والله أعلم.
الأمر بمعروف أو النهي عن منكر في الخطبة متعين بالإشارة قال به جماعة كبيرة من أهل العلم، وورد ما يؤيده من الصحابة، والإيماء أو الغمز بالعين من الأشياء التي من ضمن الإشارة طبعًا.
بالنسبة لقضية الإمام المبتدع، نحن فاتنا نقطة أو فتوى لابن تيمية يقول: إذا كان الإمام مبتدعًا فإنه يصلي خلفه الجمعة وتسقط بذلك والله أعلم.
هذا إذا ما كانت بدعته كفرية، أما إذا كانت بدعته كفرية فلا تصح الصلاة خلفه أساسًا.
بالنسبة للخطيب المبتدع أو الذي يشرح البدعة ويتكلم بالبدعة ورد في المصنف عن عبد الرزاق عن الثوري عن مجاهد بن سعيد قال: "رأيت عامرًا الشعبي وأبا بردة يتكلمان والحجاج يخطب حين قال: لعن الله الكذابين" الحجاج كان على الخطبة يلعن الصحابة أو بعض الصحابة، مثلًا عبد الله بن الزبير وغيره، فقلت: فرأى عامر الشعبي وأبا بردة يتكلمان والحجاج يلعن فقال لهما: أتتكلمان والإمام يخطب؟
فأجاب أحدهما بقوله: إنا لم نؤمر أن ننصت لهذا، يعني إذا الإمام جالس يسب في الصحابة مثلًا أو جاء ببدعة عظيمة، فإنه أحيانًا على الكلام هذا بناء على هذه الحادثة لا يلزم الإنصات أساسًا، وجواز أن يتكلم الواحد مع الثاني حتى يبين للمأمومين أن هذا الكلام لغو وكلام باطل لا يجب الإنصات إليه أساسًا له وجه من فعل بعض السلف.
ليست قضية ترجيح، أقول : له وجه من فعل بعض السلف.
إذا عطس المأموم في أثناء الخطبة، يقول: الحمد لله في نفسه، يقول الشيخ ابن عثيمين: لا يجوز للناس تشميته حتى لو رأى شفتيه تتحركان، يعني لو أني رأيت شفة الذي جنبي يتحركان بالحمد لا يجوز لي أن أشمته، لا كلامًا ولا في نفسي، وبعض العلماء قال: شمته في نفسك.
ورد أثر عن ابن عمر أنه كان إذا كان الرجل بجانبه غمزه وهو يتكلم وإذا كان بعيدًا أشار إليه أن اسكت يعني بالإشارة.
بالنسبة لمسألة استئذان الإمام إذا أراد الإنسان أن يخرج من المسجد، أنا سأطرح القضية الآن للبحث؛ لأني في الحقيقة ما انتهيت من البحث فيها، وسألت بعض أهل العلم فما كان عندهم جواب عنها، ورد في بعض الآثار في مصنف عبد الرزاق والله أعلم بصحته الآن ما يعني أن بعض الناس عندما كانوا يقومون من المسجد والإمام يخطب فإنهم يشيرون بالاستئذان للانصراف، يعني واحد انتقض وضوءه يريد أن يجدد أو يذهب لأمر ما طارئ، فقال بعض أهل العلم من قول الله : وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ [النور : 62] ، قالوا: الأمر الجامع هذا يشمل خطبة الجمعة، ويشمل الجهاد وأشياء كثيرة، فلم يذهبوا حتى يستأذنوه، هذا نص عام فيعم أيضًا استئذان الإمام حال الخطبة.
وقالوا: الاستئذان بثلاثة أصابع، بعض السلف في الرواية في مصنف عبد الرزاق قالوا: الاستئذان بثلاث أصابع.
لكن أنا الآن أذكر القضية ذكرًا فقط بدون ترجيح.
إذا نعس إنسان بجانبك، في مصنف عبد الرزاق عن ابن طاووس عن أبيه أنه كان يقول: "إذا نعس الإنسان يوم الجمعة خرج عن مجلسه، فأما التخطي فلا، ولكن ليتزحزح وليوقظه من حوله".
الشاهد: في الموضوع الذي نتكلم فيه ليوقظه من حوله، يعني ممكن بحركة منك أن توقظ النائم، لكن الإنسان إذا نعس أساسًا في الصلاة يتحول من مجلسه، يعني يتبادل هو مع الذي بجانبه.
كيف يتبادل مع الذي بجانبه هل يقول: تعال مكاني؟ كيف يفهم الذي بجانبه؟ المشكلة الآن أن أكثر الناس فيهم جهل، يعني لو أشرت له يقول: أيش يبغى هذا؟
سألت الشيخ عبد العزيز كيف يحدث هذا؟
فقال: بالإشارة، يعني يشير إليه بالتبادل، تعال تبادل معي، فيذهب مكانه ويأتي ذاك مكانه، قالوا: إذا ما تيسر هذا يرجع إلى الوراء، يقوم ويجلس في مكان آخر، وإن كان هذا فيه صعوبة لأن الناس قد أخذوا أماكنهم وليس هناك مجال فيستعيذ بالله من الشيطان، ويحاول أن يركز في الخطبة، وأن يطرد النعاس عن نفسه.
مسألة: إذا دخل المأموم المسجد ووجد الخطيب يخطب، هذه واضحة يصلي ركعتين، إذا دخل الإنسان المسجد فوجد المؤذن يؤذن الذي قبل الخطبة، فهل يصلي ركعتين مباشرة أم يردد مع المؤذن ثم يصلي ركعتين؟
فيها قولان لأهل العلم، كل واحد له حجة، بعضهم قالوا: يصلي ركعتين مباشرة، لأن الترديد مع المؤذن سنة، والاستماع والإنصات للخطبة واجب فيقدم مصلحة الواجب على مصلحة السنة فيفوت الترديد ويصلي ركعتين.
الشيخ عبد العزيز بن باز يقول: بل إنه يردد ثم يصلي ركعتين، فقلت له: الإنصات واجب يعني الرسولﷺ أمر بالإنصات فلابد ...؟
قال: وكذلك الرسول أمر بالترديد، قال: ثم إنه لن يفوت جزءًا كبيرًا من الخطبة، يعني إذا فات سيفوت الأذان وبعده بقليل لأنها أصلًا خفيفة.
المهم، للعلماء قولان، ولا أرجح الآن، هذا إذا دخل والمؤذن يؤذن.
هل يسن إلقاء السلام أو هل يجوز إلقاء السلام على المصلين؟
يستحب إذا كان قبل الخطبة، إذا كان أثناء الخطبة لا يجوز لأنه سيشغلهم برد السلام، وهذا ينافي تمام الإصغاء، ابن عثيمين يقول: حرام.
من القضايا التابعة للخطبة: قضية تقصير الخطبة وإطالة الصلاة كما هو السنة التي وردت عن الرسول ﷺ ووصف صاحبها بأنه فيه مظنة الفقه؛ لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني وجوامع الألفاظ، فيتمكن من التعبير بالعبارة الجزلة المفيدة، فلذلك وصفه بالفقه إذا قصر الخطبة.
طبعًا من فقهه أن يجمع فيها جوامع الكلام أو يحاول أن يركز فيجعل يأتي بأكثر الألفاظ أو بأكثر المعاني في أقل الألفاظ.
المسائل الباقية:
ما الذي ثبت أنه قرأ الرسول ﷺ في أثناء الخطبة من الآيات، وما الذي ثبت أنه قرأ في الصلاة؟ ما حكم ترك الصلاة بعد سماع الخطبة؟
الساعة التي في الجمعة ونبذة عنها.
بماذا تدرك الجمعة؟
هل يجهر المسبوق بركعة؟
هل يجهر بالركعة الثانية والا ما يجهر؟
باب الصلاة بعد الجمعة، وما هي السنة في هذا؟
الصلاة في الحوانيت والدكاكين، والصلاة أمام الإمام، والصلاة في السوق، أو في الدور العلوي أو في القبو أو في مبنى منعزل عن المسجد كما يحدث أحيانًا للنساء، إذا صلى وليس بينه وبين الإمام حائل، إذا صلى وهو لا يرى الإمام ولا يرى من يرى الإمام، الذي تفوته الجمعة ماذا يفعل؟
مسألة في قول الله : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض.
بدع الجمعة وهي مسألة مهمة جدًا، وفيها كثير من الأشياء التي يفعلها البعض.
التحلق قبل الصلاة، النهي عن التحلق والحكمة فيه.
الصلاة في الزحام إذا ما تمكن من أن يسجد ولا يركع مثل ما قد يحدث للبعض في الحرم مثلًا لا سجود ولا ما في مكان أساسًا، وإذا اشتد الحر هل يتكئ على شيء أو يسجد على شيء أم لا؟
وهناك أحكام أخرى لم آتي بها معي، لكن أساسًا الوقت ضيق، والأشياء كثيرة.
وأقول ختامًا: هذا الذي قدمته الآن هو عرضة تمامًا لوجود الخطأ فيه، وإذا حصل هذا فإنما هو من قلة العلم، الإنسان يؤتى من قلة علمه ومن جهله وإنما هو جهد المقل.
أستغفر الله -تعالى- من خطئي وزللي، وأرجو منكم المعذرة وخصوصًا على الإطالة التي أطلت بها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.