الأحد 30 جمادى الأولى 1446 هـ :: 1 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

تفسير قوله تعالى: " وجعلنا بعضكم لبعض فتنة "


عناصر المادة
معاني قول الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}
تسليط المبتدعة على أهل السنة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

معاني قول الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا}

00:00:24

نستهل درسنا هذا بآية هي دعاء يقول الله تعالى: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5].

وقال أيضًا: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [يونس: 85].

وهذه الآية  رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا في هذا الزمان مهمة جدًا بالنسبة لنا وذلك لأسباب كثيرة.

وقبل أن نعرف حاجتنا إليها في هذه الزمان دعونا نعرف تفسير هذه الآية.

ما معنى:  رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ؟ [الممتحنة: 5]، ماذا تظنون أن يكون المقصود بهذه الآية: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا  [الممتحنة: 5]؟ العلماء لهم في هذه الآية أقوال:

القول الأول: لا تسلّطهم علينا فيظنوا أنهم على الحق ونحن على الباطل؛ لأنهم سيقولون: ما سلّطنا عليهم إلا لأنه يحبنا ويكرههم، إلا لأننا نحن على الحق وهم على الباطل، ولذلك سلّطنا عليهم، يظن الجاهل أو الغافل أو الضال أو المجرم أن الله إذا مكنّه، إذا جعل له فرصة في الهيمنة أنه على الحق، وإذا قهر غيره من المستضعفين المؤمنين يقول: الله ما سلّطنا على هؤلاء إلا لأنهم على باطل، فالقول الأول في الآية: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا يعني: لا تسلّطهم علينا، ولا تجعلنا مقهورين مغلوبين تحتهم، فيظنون أنفسهم على الحق وأننا على الباطل، وهم يزدادون قوة وشراسة، ونحن نزداد ضعفًا، فلا تجعلنا فتنة للذين كفروا بتسليطهم علينا، هذا معناه، ومن خلال المعاني سنكتشف لماذا نحن اليوم نحتاج هذه الآية حاجة ماسة، وأن كثيرًا من المسلمين فعلاً عندهم مشكلة؟ عندما نرى الكفار هم المتغلبون، الآن نحن في هذا الزمان من المتغلّب؟ من المتقدّم دنيويا؟ ومن الذي له الغلبة دنيويًا؟ الكفار لا شك واضح، وينظر المسلم حوله فيرى أن المسلمين مقهورون مغلوبون أذلاء مستضعفون، الجرائم عليهم تقع والمذابح تقع، فتحدث فتنة عظيمة فيقول الناس: لماذا الله يسلّطهم علينا؟ معناها هم على الحق ونحن على الباطل؟ ليس كل مسلم يستطيع أن يستوعب أن هناك مدة استضعاف ومدة ابتلاء، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ  [آل عمران: 140]، وأن الله يسلّط الكفار أحياناً لأسباب منها: بعد المسلمين عن دينهم ويكون هذا عقوبة لهم، ومنها: أن يملي للظالم حتى إذا أخذه أخذه أخذاً أليماً، ومنها: أنه يبتلي العباد من الذي ضاعت موازينه؟ ومن الذي عنده موازين حق ثابتة؟ حتى لو رأى تسلط الكفار، يقول: هناك آيات تدل على ذلك، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ  [النساء: 79]، في غزوة أُحد حصلت للمسلمين هزيمة، في غزوة حنين أولها أيضًا، لكن في غزوة أحد، أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا [آل عمران: 165] لماذا؟ هل هناك شك؟ النبي ﷺ على الحق وهو قائد المعركة في أُحد ونحن أصحابه على الحق، لا يوجد على الأرض أصلاً مسلمون غير هؤلاء إذن أَنَّى هَذَا لماذا انتصروا؟ لماذا نحن هُزمنا؟ لماذا قُتل منا سبعون؟ ألسنا على الحق؟ لماذا وقع بنا هذا؟  قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران: 165]، نحن الآن في حاجة ماسة في هذا الزمان إلى تصور هذا المفهوم؛ لأنه يحل كثيراً من الإشكالات عند كثير من المسلمين ويقيهم أنواعًا من الانحرافات والانتكاسات؛ لأن هناك ناس والَوا أعداء الله قالوا: مادام الكفار هم المسيطرون، إذن نحن معهم، نحن مع الغالب، نحن معهم.

لابد أن نعزز إيماننا اليوم بآيات ونستلهم منها ما هو التحليل الصحيح للأحداث التي تقع، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5]، دعاء يدعو به المؤمنون، ومن معانيه: لا تسلّطهم علينا فيظنوا أنهم على الحق وأننا على الباطل، فيكون ذلك فتنة لهم. قال مجاهد: "لا تعذّبنا بأيديهم فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا" رواه البخاري في صحيحه معلّقًا. [رواه البخاري: 6/149]، وقال قتادة: "لا تظهرهم علينا فيُفتتنوا بذلك يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحق هم عليه" [تفسير الطبري: 22/569]. وقال أبو مجلز: "لا تظهرهم علينا فيروا أنهم خير منا" [تفسير الطبري: 12/251].

ولذلك بعض المسلمين الذين يذهبون إلى الخارج، أو يحاورون الكفار على شبكة الإنترنت، بعض الكفار يقول للمسلم: أنتم في آخر الأمم وأذلاء ومهزومون، ونحن غلبناكم اقتصاديًا وعسكريًا وإعلاميًا وإلى آخره، نحن فوقكم ونحن غلبناكم على ماذا هذا الدين الذي أنتم عليه الإسلام؟ ما نفعكم؟ هناك من الكفار من يلقي الشبهات يقول: دينكم ما نفعكم نحن غلبناكم، كيف نرد؟ هل كل مسلم يفقه أن يقول: الدنيا ليست كل شيء، هناك آخرة، لو غلبتمونا في الدنيا فأنتم ستكونون مغلوبين في الآخرة، وإذا دخلتم النار حُقراء أذلاء يوم القيامة سنضحك عليكم ونضحك منكم، فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين: 34]، سنضحك منكم، والذين يضحك أخيرًا هو المنتصر، ثم يا أيها الكفار أنتم غلبتمونا كل الزمان في الدنيا؟ نحن ما كنا فوقكم في عهد الخلفاء الراشدين؟ ما أسقطنا الروم وفارس والقبط؟ فتحنا مصر والمغرب والهند والسند ووصلنا للصين؟ نحن ما كنا فوقكم في عهد هارون الرشيد أين وصلت فتوحات المسلمين؟ ما كنا فوقكم لما غزا سلاطين آل عثمان وصلنا إلى فيينا وفرنسا، نحن ما كنا فوقكم لما قامت دولة الإسلام في الأندلس وأخذنا أسبانيا وما بعدها؟ فأنتم تتصورون أنكم أخذتم كل الدنيا يا أيها الكفار؟ كلها كل العصور كل الدهور؟ لا، أنتم حصلت لكم غلبة في أوقات معينة، وجاء التتر واحتلوا وكسروا، وجاء الصليبيون في حملاتهم وأجرموا وفعلوا، وهذا العصر الحديث الذي نحن فيه الآن، ليس كل مسلم يستطيع أن يرد يقول: الغلبة الحقيقية غلبة الآخرة، ثانياً: أنتم ما غلبتمونا في كل الدنيا، نحن غلبناكم في حطين، وفي عين جالوت، والقادسية، واليرموك، غلبناكم في معارك كثيرة، ومحمود الغزوني لما فتح الهند فانتم لا تتصورا أن الدنيا كلها لكم، وحتى لو قال اليهود: نحن غلبناكم اليوم، نقول: ونحن المسلمون غلبناكم في بني قريظة وخيبر وبني النضير، غلبناكم في معارك كثيرة، وأجليناكم وقهرناكم وعلونا عليكم، وفرضنا عليكم الجزية، فليس كل الأوقات في الدنيا أنتم غلبتمونا، وهذا الذي نحن فيه الآن من تسلُّطكم علينا؛ بما كسبت أيدينا، نحن الذين ابتعدنا عن ديننا وعصينا الله، ووقعت الأمة في أنواع من الشرك وأنواع من البدع وأنواع من الكبائر والمعاصي، ما تسلّطتم علينا فقط بقوتكم، لا، نحن ضعفنا، تخلّفنا عن تمسكنا بديننا، وسنغلبكم إن شاء الله، ويأتي عيسى بن مريم ويقتل قائدكم الأعلى الدجال، ويرينا أثر الدم في الحربة، وسيقهر المسلمون في آخر الزمان اليهود والصليبين، فحتى نهاية الدنيا ليست لكم، نهاية الدنيا لنا، آخر الزمان الغلبة للمسلمين، ويوم القيامة إذا دخلنا نحن الجنة، كل واحد من المسلمين له مقعد من النار ومقعد من الجنة، سيرث اليهودي أو النصراني أو الكافر مقعد المسلم الذي في النار، والمسلم يدخل الجنة، كما ثبت في الحديث الصحيح، وسيطلّع المسلم من الجنة فيرى الكافر تحته في النار فيقول له: قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا [الأعراف: 44]، سيحدث، الآن هذا القول الأول في الآية. القول الثاني: لا تسلّطهم علينا فيعذبونا ويفتنونا في ديننا، إذن، القول الأول: لا تسلّطهم علينا فيقهرونا ويظنون أنهم على الحق وأننا على الباطل. القول الثاني: لا تسلطهم علينا فتكون الفتنة أن يعذبونا ويفتنونا عن ديننا ونغير تحت التعذيب، قال ابن عباس: "لا تسلّطهم علينا فيفتنونا" ، وقال مجاهد: "لا تسلّطهم علينا فيضلونا" تفسير [تفسير الطبري : 22/569].

إذن، هناك فتنة أخرى ممكن يفتنها الكفار للمسلمين؛ أن يعذبوهم فيرغموهم على الكفر، أو أن يفتنوهم بالشبهات فيدخلوهم في الكفر، أو يفتنوهم بالدنيا وبهجرتها، فيتبّعوهم، فإذن، لا تسلّطهم علينا فيضلونا، لا تسلّطهم علينا فيفتنونا عن ديننا، القول الثالث:  رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5]، وهذا قول أيضًا مهم ولطيف، وأشار إليه صاحب التحرير والتنوير من المفسرين المعاصرين - رحمه الله -، وهذا القول الثالث: "اصرف عنا الأخلاق السيئة حتى لا يفتتن الكفار، فإذا رأوا أخلاقنا السيئة قالوا: ما هذا الدين؟ هذا دين سوء" [التحرير والتنوير: 28/148].

ما دام المسلم يغش، ويخلف المواعيد، وفظاً وغليظاً، ما هذا الدين؟ فكأن المعنى: لا تجعلنا ممن لا يُحسن تطبيق السنة ويتبع هواه ويعصي ويخالف هدي الإسلام فيقول الكفار: ما هذا الدين؟ يأخذون فكرة عن الإسلام من تصرفات المسلمين، فيكون معنى: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5]، يعني: لا تجعلنا على طريقة سيئة، كما يرى بعض الكفار مسلمين يزنون ويشربون الخمر ويأكلون الربا ويُخلفون المواعيد ويكذبون، فيقول الكفار إذا رأوا هذا: ما هذا الدين؟ فواحش مخدرات وكذب وإخلاف مواعيد وغش وفظاظة، هذا دين سوء، لماذا نتبّع دينًا مثل هذا؟ هذا الدين الذي تريدون أن ندخل فيه، تدعوننا إلى دين مثل هذا، فظاظة وغلظة وكذب وإخلاف مواعيد وغش وفجور، أنتم يا أيها المسلمون نراكم عندنا في المراقص ونراكم عندنا في الملاهي، ونراكم عندنا في دور البغاء، ونراكم عندنا في بارات الخمور، ونرى شبابكم يأخذون مخدرات، ونراهم أيضاً كذابين ونصابين ويكذبون علينا ويسرقون، فما هذا الدين؟ هذا معنى آخر في قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5]، فنكون عصاة، فيأخذون فكرة عن الإسلام سيئة بسبب أعمالنا السيئة، قالوها بلغاتهم مرارًا: أنتم تقدمون مثلاً سيئًا عن الإسلام.

بعض الكفار ما أسلم، ولما قيل له: لم لا تسلم؟ قال: انظر هؤلاء المسلمين، كيف طريقتهم ؟ كيف تريدني أسلم وأنا أراهم غشاشين وكذابين ونصابين ومخدرات وخمور وزنا؟ بماذا أفضليتكم علينا ؟ فهذا معنى ثالث، وكلها صحيحة يعني رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5]، يعني لا تسلّطهم علينا فيظنون أنهم على الحق، لا تجعلهم في قوة وغلبة فيظنون أنفسهم على الحق، ثانيًا: لا تجعلهم يفتنونا بالتعذيب بالقوة أو بالشبهات أو ببهرجة الدنيا.

ثالثاً: لا تجعلنا على سيرة سيئة فينفروا من الإسلام بسببنا.

 ما ترون أن هذه الآية مهمة جدا في هذا الزمن؟ الآن فهمها مهم جدًا؛ لأنها تعالج واقعاً الآن، هذا شيء نعاني منه الآن، وهناك آية أيضاً شبيهة ومهمة أن الواحد يتفطن لما فيها من المعاني؛ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ [الفرقان: 20]، قال ابن القيم - رحمه الله -: "وهذا عام في جميع الخلق امتحن بعضهم ببعض، فامتحن الرسل بالمرسل، إليهم، وامتحن المرسل إليهم بالرسل، وامتحن العلماء بالجهال، والجهال بالعلماء، وامتحن الأغنياء بالفقراء، والفقراء بالأغنياء، وامتحن الضعفاء بالأقوياء، والأقوياء بالضعفاء، وامتحن السادة بالأتباع، والأتباع بالسادة، وامتحن الرجل بامرأته وامرأته به، وامتحن الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وامتحن المؤمنين بالكفار، والكفار بالمؤمنين، وامتحن الآمرين بالمعروفين والناهين عن المنكر بمن ينهونهم ويأمرونهم، وامتحن المأمورين بهم. أشار إلى هذا المعنى ابن القيم في إغاثة اللهفان.

وإذا جئنا إلى تفصيله امتحن الرسل بالمرسل إليهم هل بلغوهم؟ هل صبروا على أذاهم؟ هل أحسنوا توضيح الحجج والبينات لهم؟ "وامتحن المرسل إليهم بالرسل" هل اتّبعوهم؟ صدّقوهم؟ آمنوا بهم؟ نصروهم؟ امتحن العلماء بالجهال، هل علّموهم وتدرجوا معهم في العلم وأعطوهم الأساسيات قبل الفرعيات؟ وهل واصلوا معهم التعليم؟ وهل فتحوا صدورهم لهم؟ وامتحن الجهال بالعلماء، هل استفتوهم أو على الهوى ماضين؟ هل نصروهم؟ هل وقروهم؟ هل احترموهم؟ هل عززوا العلماء؟ هل فتحوا المجال للعلماء؟ هل أخذوا عن العلماء؟ هل نصروا العلماء؟ هل كانوا حول العلماء؟ هل استفتوا العلماء؟ هل قدروا العلماء؟ امتحن الأغنياء بالفقراء؛ هل أعطوهم حق الله من الزكاة؟ هل تصدقوا عليهم؟ هل رحموهم؟ هل أشفقوا عليهم؟ هل عاونوهم؟ هل أعطوهم مما أفاء الله عليهم من الأموال؟ "وامتحن الفقراء بالأغنياء" هل حقدوا عليهم وحسدوهم؟ هل سرقوا منهم وآذوهم لمجرد أنهم أغنياء؟ ما رضوا بقضاء الله وقدره، قال: لماذا غني؟ آخذ مالك غصبًا عنك، هل لما صاروا عندهم أُجراء وفّوا بالعمل؟ امتحن الضعفاء بالأقوياء، أيضاً الضعيف يمكن ما يرضى بالقضاء والقدر، يقول: لماذا هذا قوي وأنا ضعيف؟ لماذا هذا صحيح وأنا مريض؟ لماذا هذا غني وأنا فقير؟ فيعترض على قضاء الله وقدره ويحسد ويحقد، "وامتحن الأقوياء بالضعفاء" هل أعانوهم؟ هل نصروهم؟ هل قاموا معهم؟ وامتحن الرجل بامرأته؛ هل علّمها؟ وعظها؟ ذكرها؟ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاة [طه: 132]، أمرها وعن المحرمات صانها وأبعدها، "وامتحن المرأة بزوجها" هل أطاعته؟ هل أعطته حقه؟ هل إذا ناداها إلى الفراش أجابته؟ وهل في بيته خدمته؟ وفي غيبته حفظته ولماله صانته؟ ولأولاده ربتهم؟ امتحن الزوجة بالزوج، "امتحن الرجال بالنساء" [شفاء العليل: 244]، هل حفظوا حق النساء الضعيفات، إني أُحرّج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرأة  [رواه الحاكم: 211، والبيهقي في الصغرى: 3258، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2447].  

هل غضوا النظر عنهن؟ هل حفظوا عورات النساء؟ حفظوا نفسيات النساء؟ حفظوا حقوق النساء؟ وكذلك امتحن النساء بالرجال، هل المرأة ترضى أن تكون تحت الولي في الزواج وترضى أن تكون تحت إذن الزوج في الخروج والدخول؟ هل رضيت أن لها نصف الإرث الذي له إذا كانوا أولاداً ذكوراً وإناثاً، أو اعترضت على الشرع، وقالت: لماذا نحن مالنا مثل الرجل؟ ولماذا لازم محرم في السفر؟ ولماذا لا بد من الولي في النكاح ؟ فإذن امتحن النساء بالرجال، وامتحن الرجال بالنساء، امتحن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بمن يأمرونهم وينهونهم، هل أمروهم بعدل وعلم ورفق أم أمروهم بجهل وظلم وطغيان وعنف ونفّروهم؟ امتحن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بمن يأمرونهم وينهونهم؟ كيف ساروا بهم في الأمر والنهي؟ وامتحن المأمورين والذين ينهون عن المنكر هل ارتدعوا لما نُهوا؟ هل كفّوا لما زجروا؟ هل أطاعوا لما أُمروا بالخير؟ لما قيل له: صلّ يا فلان، ذهب للصلاة أو زاغ أو رد عليه قال: لا شأن لك، هذه حرية شخصية، وكذلك لما نهوهم عن المنكر فعلاً كفوا عنه، وشكروا هذا الآمر الناهي، جزاك الله خيراً، والله انت تحسن إلينا، أنت تسعى في الخير وتريد لنا الخير، والله حقك أن تُطاع، نحن مقصرين وكلامك صحيح على العين والرأس، وإلا: ما فهمّك وما دخلك؟ كيف يكون المسلم فتنة لغيره؟ هذا المفهوم الذي في الآية مفهوم عظيم، والحقيقة لا بد أن نستجلي هذا المعنى في القرآن، هذه آيات عظيمة، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5]، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [يونس: 85]، وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ [الفرقان: 20].

عرفنا أن من الفتنة أن يسلط الكافر فيذل المسلم فيقول الكافر: ما دام أنا غلبته الله يحبني، ويقول الظالم والباغي: ما دام الله أعطاني صلاحيات وأعطاني سلطة وأعطاني قوة إذن هو يحبني ولذلك سلّطني وأعطاني هذا المنصب وأعطاني هذه القوة وجعلني أغلب غيري إذن يحبني إذن انا على حق، مع أن القضية كلها قد تكون استدراج في استدراج وإمهال في تأخير؛ ليأخذه أخذ عزيز مقتدر، ليس إلا، يعني فقط فتنة، عرفنا أيضا الصورة أن المسلم يُفتن بالقهر والتعذيب من الكافر فينحرف عن دينه ويقول: ما هو الدين الذي يجعل الواحد يتعذّب هذا التعذيب، أنت لاحظ المعنى؛ لأنه خلاص نحن خلقه وتحت قهره وتدبيره وتصريفه يفعل فينا ما يشاء، لكن لازم نحن نعرف هناك أسباب وهناك حِكم، يعني أن المسألة ليست عشوائية مثلاً أنه تقع مذابح للمسلمين عشوائية، لا، هناك وراءها حكم، هناك وراءها أسباب، عندما يصير للمسلمين ذل أو هزيمة أو مذبحة مثل ما نشاهد الآن في الشام أو غيرها، هل تفكر أنها قضية عشوائية؟ معاذ الله، الله حكيم وعليم وخبير، ما يمكن أن يكتب على المسلمين شيئاً عشوائياً، لا بد وراءها حِكم عظيمة، هنا موقف استجلاء الحكم ومعرفة لماذا؟ وكذلك هناك أسباب وسنن إلهية انطبقت، ما هي هذه السنن؟ ما هي المقدمات التي أتت بهذه النتائج؟ ماذا فعلنا حتى حصل فينا كذا؟ ماذا فعلنا؟ وهذا هو السؤال الأول إذا صارت أي مذبحة للمسلمين: ماذا فعلنا حتى صار فينا ؟ كذا هذا السؤال المنطقي والحقيقي والسؤال المفيد.

والفتنة أيضاً تكون على جهال المسلمين لما يروا الكفار متسلطين يقولون: معناها هم صح، ربنا ما سلطهم إلا لأنهم صح ونحن غلط، هذا الكلام يقوله كثيرون اليوم، وفيه ناس ألحدوا بسببه، وتركوا الدين بسببه، أو صاروا في شك، وحتى تراه ليس مسلمًا ثابتًا مثل الشاك في دينه، ليس على أساس قوي، عبادته ضعيفة، مهزوز بسبب هذه القضية؛ أن بعض العامة يُفتنون بتسليط الكفار وهزيمة المسلمين والمذابح التي تحدث لهم، وهكذا ليس كل العامة عنده قدرة أن يستوعب مفهوم الابتلاء، أن الله يبتلي مثل ما يبتلي بالخير مثل ما يبتلي بالمال ويبتلي أيضًا بنصر المسلمين يبتليهم بالنصر هل يشكرون؟ هل يطغون؟ هل يبغون في الأرض بغير الحق؟ هل يريدون علوًا وفسادًا؟ وإلا الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج: 41]، مثل ما يبتلي الله المسلمين بنصرهم وإعطائهم مالاً، فإذا صار عندهم مال هل يقولون: والله الله ما أعطانا إلا لأنه يحبنا، لا، ممكن يكون أعطاكم لأجل أن يمهلكم وتطغون في المال وتذنبون وتزداد معاصيكم وتزداد كبائركم وتزدادون ذنوبًا فيأخذكم، ليس شرطًا أنه ما أعطاك إلا لأنه يحبك وما أعطاك إلا لأنك على حق، لماذا؟  إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا [آل عمران: 178]، أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ [المؤمنون: 55، 56]، لا. وكذلك لو أعطى الكفار، لابد أن يفهم جمهور المسلمين اليوم أن الكفار اقتصادياتهم أعلى والتقنية أعلى والإعلام أعلى والقوة العسكرية أعلى، لكن هل إعطاء الله لهم هذا لأنه يحبهم؟ لا، إن الدنيا عند الله لا تساوي جناح بعوضة  ولو كانت الدنيا عند الله تساوي جناح بعوضة فقط ما سقى منها كافراً شربة ماء  [رواه الترمذي: 2320، وابن ماجة: 4110، والحاكم: 7847، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 5292].  لو كانت الدنيا عند الله تساوي جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء، إذن، عندما يعطيهم أو يسلطهم أو يجعلهم غالبين أبداً لا تعني أنهم على حق، ولا أنه يحبهم.

وهناك معنى مهم جدًا في قضية العزة لا بد أن يُدرك؛ لأننا نحن المسلمين وإن صارت فينا مذابح الآن ولو صرنا مقهورين ومغلوبين وفي بلدان كثيرة اذلاء والكفار تسلّطوا علينا، لكن عزة التوحيد في نفس المؤمن أعلى وأقوى من كل القوى التي عند الكفرة، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8]، هناك معانٍ داخلية ليست ظاهرة على السطح، الظاهر على السطح القوة والغلبة العسكرية المادية، التفوُّق التقني الإعلامي الاقتصادي كذا هذا ظاهر، لكن داخل النفس، الكافر ذليل بينه وبين نفسه، مهزوم بينه وبين نفسه، شقي، يعني أنت تتخيل دين الصليب هذا أن الله ثالث ثلاثة، أو هذا الإلحاد، الشيوعية، أنه لا إله، أو أي دين من هذه الأديان أنت تتخيل أن أصحابها مرتاحون نفسيًا، مبسوطون، داخل أنفسهم سعداء؟ هم تراهم يتلذذون، يسافرون بالطائرات الفخمة، ويذهبون إلى المنتجعات السياحية الفخمة، ويغشون الفنادق الفخمة، والمولات الفخمة، ويشترون البضائع الفخمة، أنت ترى هذا في الظاهر، لكن في الداخل، في داخل هذا الكافر، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا [طه: 124] شقي، ولذلك ينتحر كثيرون منهم، ولا يجدون للحياة طعمًا، الآن بعض أغنياء الكفار بدأوا يتوصلون إلى نتائج ما كانت عندهم من قبل، يقول بعضهم: اكتشفنا أنه لذة إعطاء المال أعظم من لذة كسب المال، الآن أنت عندما تكسب لك عشرة مليون، مئة مليون ألف مليون، لو تكسب، أليس فيها لذة؟ الكسب فيه لذة، لكن الإعطاء لذته أعلى، عندما تعطي الفقير تُسعده، وتنقذه تفرح، وتُدخل عليه السرور فأنت تكون مسرورًا، الآن بعض الكفار بدأوا يقولون: ما كنا ندري أن لذة الإعطاء أكبر من لذة الأخذ، فلذلك شرع بعضهم بتوزيع أموالهم ويهبون للكنيسة، لأشياء خيرية، معالجة فقراء، أيتام، تدريس طلاب، معالجة السرطانات، بعض الكفار بدأ يدرك هذا أن لذة الإعطاء أعظم من لذة الكسب والأخذ، وهذا المعنى واحد من معانٍ كثيرة في ديننا، وإذا أدرك الكافر هذا المعنى فهو ما أدرك لذة التوحيد؛ لأنه لو عرف لذة التوحيد ولذة الإيمان بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبياً، والإيمان بالملائكة والجنة والنار، وأن البعث حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق، ومحمداً ﷺ حق، وأن الساعة آتية، وأن الله يبعث من في القبور، ما ذاق الكفار لذة ذكر الله، ما ذاقوا لذة الصلاة، ولا لذة الخشوع ولا لذة الصيام، ولا المعاني العظيمة المفرحة التي تكون في الحج، وإذا رجع الواحد من الحج كم يكون سعيدًا مسرورًا، وإذا عمل عمرة كيف ينشرح صدره، ويحس أن أثقالاً قد سقطت عن منكبيه وكاهليه ويشعر أن حفلة تنظيف حصلت الآن بهذه التوبة، هذه ما أدركوها، ولذلك ينتحر منهم أغنياء وساسة وكبراء، لماذا ينتحرون؟ لأنهم ليسوا سعداء، من الشقاء، وقد نالوا أشياء كثيرة؛ شُهرة، منصبًا، مالاً، لكن ما جعلتهم سعداء، والفرحة ظاهرية، يروح يرقص ويغني ويشرب الخمر ويعاشر النساء بالحرام، هذه لذتها لحظية، عندما يسكر فقط، عندما يزني ويواقع الحرام فقط، إذا انتهت لذة الخمر وانتهت لذة الزنا يرجع إلى شقائه؛ لأن الله جعل الكافر شقيًا، وجعله مهانًا، وجعله ذليلاً، وجعله منغصّ العيش والنفس، فهناك لذات ما اكتشفوها الكفار ولن يكتشفوها حتى يدخلوا في الإسلام، لا يمكن، بعضهم بدأ يحس، تأتيك أحياناً خادمة أو شخص في بعض الأماكن عامل يقول: أريد أصوم معكم، والله أنا وجدت الصيام هذا تمام، هناك كفار الآن في البلد يصومون في رمضان، يقول لك: والله وجدت له طعمًا وجواً غير، لكن لذة الإيمان والتوحيد لن يذوقها حتى يدخل في الإسلام، ولذة الصلاة لن يعرفها حتى يصلي، ولذة السجود ولذة الدعاء ولذة الذكر ولذة تلاوة القرآن ولذة المناجاة، هذه للمسلم.

ونحن تاريخيًا وواقعيًا نرى أنه حصل للمسلمين مذابح كثيرة، الاتحاد السوفيتي هذا كم أبيد فيه؟ أكثر من عشرين مليون مسلم، ستالين وحده قتل إحدى عشر مليون، مذبحة للهندوس في بنغلاديش عام 71 مئة ألف راحوا، الصين الشيوعية ماذا فعلت بالمسلمين في تركستان الشرقية وفي غيرها والإيجور الآن كشغر؟ فيه ثلاثمئة وستين ألف مسلم كشغري قتل، مذابح المسلمين في الحبشة، وكان في السابق إحراق شيوخ نساء أطفال إلى آخره، مذابح حصلت للمسلمين في الفلبين، في البوسنة والهرسك، الشيشان، مذابح للمسلمين كثيرة، والان مذابح في الشام، في العراق، في غيرها، مذابح للمسلمين، لكن السؤال الآن: ما هو الميزان في الحق والباطل؟ يعني نحن إذا قررنا أن بعض الناس عندهم مشكلة في قضية حقيقية في مسألة الربط بين العلو والغلبة والتقدُّم الصناعي والزراعي والتقدُّم التقني، عندهم مشكلة أنهم يقولون: هؤلاء ما تقدموا علينا إلا لأنهم أفضل منا، يعني هو يا ملحد لا يؤمن بالله، أو يقول: يمكن موجود لكن ما هو أكيد، أو يقول: إنه المسيح، أو يقول: إنه ثالث ثلاثة، أو يقول: إن إلهه بقرة، أو يقول: إنه كوكب، أو يقول: إنه إلهه هو الطاقة مثل أصحاب الدورات الشركية الآن؛ دورات الشرك التي دخلت على المسلمين الريكي والطاقة، ويريدون تعليق المسلمين بالأحجار والياقوت والعقيق، إدخال وثنيات جديدة تتلبس بلباس الدورات، بعضها طبعاً فيها صح ولكن في كثير منها شرك وبدعة وباطل ومزاعم ما لها سند علمي لا ديني ولا دنيوي ولا اعترفت بها أصلاً المواقع العالمية أو الجهات المعتمدة دنيويا الجهات العالمية المعتمدة دنيويًا.

موضوع الحق والباطل لا بد أن يكون عند المسلم له ميزان صحيح حتى نعرف، مثلاً في التوحيد: الذي يشرك بالله على حق أو الذي يوحده ويعبده وحده لا شريك له؟ نريد نعرف الميزان، هل الأكثرية على حق؟ هل الأغنياء على حق؟ هل الكبراء على حق؟ وما هو الحق؟ ميزان الحق ما هو؟ أنه يكون عنده منصب؟ أنه يكون عنده مال؟ أنه يكونوا أكثر؟ عددهم أكثر؟ ما هو الميزان؟ هل لأن لهم الغلبة العسكرية؟ القوة المادية؟ الله في كتابه العزيز أجابنا عن هذه الأسئلة بعضها جاءت مما حكاه الله من أقوال المكذبين بالرسل التي تعكس هذه الأمور، حكى لنا أقوالهم حتى نرى الباطل الذي يقولوه، كيف فنّده تعالى؟ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشعراء: 111]، أنت اتبعك الطبقة الدنيا من المجتمع، أنت معك الفقراء، قالوا للنبي ﷺ: أنت من معك ؟ بلال حبشي، عمار، أنت معك الفقراء ومعك الصعاليك، ومعك العبيد، اتبعوك العبيد والفقراء، من أتباعك أنت؟ من أنتم؟ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ  هذا قول الملأ في آية أخرى:  فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ [هود: 27]، كذا دخلوا معك على طول صدقوك واتبعوك وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ  [هود: 27]، لا أنتم نسبًا أعلى منا، ولا مالاً أعلى منا، ولا قوة أعلى منا، ولا عدد الأولاد أكثر منا، فالكفار عندما يفكرون في موازين الأفضلية ينطلقون من الموازين الدنيوية، الكفار يقولون للمسلمين: نحن أفضل منكم، لماذا أنتم أفضل منا؟ يقولون: نحن أقوى منكم عسكريًا، أقوى منكم اقتصاديًا، عددًا أكثر منكم، نحن معنا أغنياء، أغنى الأغنياء في العالم، الآن أغنى الأغنياء في العالم كفار أو مسلمون؟ لو جئت لأغنى عشرة أشخاص في العالم بحسب المجلات العالمية منهم، أغنى عشرة في العالم غير مسلمين، وهذا له دلالة، ، لو أن الدنيا عند الله تساوي جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء [رواه الترمذي: 2320، وابن ماجم: 4110، والحاكم: 7847، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 5292]،  إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الآخرة إلا من يحب  ترى هذه موازين تثبيتية، اليوم المسلمون لا بد أن يدركوها، الآن هناك ناس يشكون في الدين بسبب جهلهم بالموازين، هرقل لما سأل أبا سفيان قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قال أبو سفيان: "بل ضعفاؤهم" [رواه البخاري: 4553 ، ومسلم: 1773]. لماذا أكثرية أتباع الأنبياء ضعفاء؟ لأن الغنى والجاه صد الكبراء عن اتباع الأنبياء وقال مثل منطق فرعون وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ [يونس: 78]، يعني تريد أنت تأخذ كل شيء، يعني أنت يا موسى تريدني أسلم لك الجمل بما حمل، يعني أُسلّم لك البلد وأصير أنا شخص عادي!  وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ  فالجواب: أنه لماذا أكثر الأغنياء وأكثر الكبراء ما اتبعوهم؟ لأنه أطغتهم قوتهم وأموالهم، وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا [سبأ: 35]، صاحب الجنتين أيش قال لما تناقش مع المسلم؟ قال له صاحبه وهو يحاوره لما آتاه الله جنتين، أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا [الكهف: 34]،  وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا [الكهف: 35]، فإذن، الذي صدّه أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً، عندي غلمان وعبيد وأولاد وعندي حشم وخدم وعندي وعندي ماذا عندك؟ أنا رصيدي كذا أنت ما رصيدك؟ بيتي قصري كذا، أنت تسكن أين؟ أنا نسبي كذا، أنت من تكون؟ فالموازين هكذا عندهم الأفضلية من هذه المنطلقات، وهذه المنطلقات وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى [سبأ: 37] ، انظر كيف الاختلاف بين موازين الله وموازين البشر، لما قال هذا الفقير المستضعف خير من ملء الأرض من مثل هذا الذي هو صاحب شاره حسنة وأتى على خيل وعنده مال وحري إن خطب أن يُنكح وإن شفع أن يشفّع، وإن قال أن يُسمع لقوله.

تسليط المبتدعة على أهل السنة

00:44:30

من الفتن العظيمة: تسليط المبتدعة على أهل السنة فيقهرونهم ويدخلونهم في بدعتهم، وهذه قد ضل بسببها فئام من المسلمين كانوا على التوحيد فصاروا في الشرك، كانوا على الإسلام فاتبعوا الباطنية وفرق الباطنية، وما أدراك ما فرق الباطنية، لما نجح المعتزلة في النفوذ إلى السلطان في عصر المأمون أحاطوا به، حملوا الناس على بدعتهم بالقوة، استخدموا القوة والسلطان في حمل الناس على بدعتهم، وقيّض الله للأمة الإمام أحمد والبويطي وأحمد بن نصر الخزاعي وكبار، فكثير منهم قُتل، وكثير منهم سُجن وأُوذي وضُرب وجُلِد، وأحمد - رحمه الله - قال المروذي: أبو عبد الله بين الهنبازين -آلة تعذيب هذه جهة تذهب منها يمين وجهة تذهب منها يسار- وهو يتقطع قال ابن الجوزي: "هذا رجل هانت عليه نفسه في الله تعالى فبذلها كما هانت على بلال نفسه" [مناقب الإمام أحمد: 446] كان أحمد لما يقال له: أيش لك؟ يعني خلاص قال: إذا أجاب العالم تقية والجاهل يجهل فمتى يتبين الحق؟ ولذلك لا بد أن نوصي أنفسنا بقضية التمسك بالسنة والحرص عليها ومهما طغى أهل البدعة في البلاد وأكثروا فيها الفساد فنحن نكره البدعة وأهل البدعة والشرك وأهل الشرك ولا نريد هذا ونسأل الله أن يحيينا على السنة ويميتنا عليها ويبعثنا عليها.

بالنسبة لقضية الجانب الذي تكلمنا عنه أن المسلم بسوء سلوكه أو بمعصيته يفتن الكافر، فالكافر يقول: هذا دين، ولذلك المسلم إذا ذهب إلى بلاد الكفار هل يحس أنه سفير للإسلام؟ أنا أمثل الإسلام، لازم أحاسب نفسي ولازم أنظر ولازم أتأكد، ولازم أتنبه لكل كلمة ولكل فعل أو تصرف يصدر مني، إنهم الآن يأخذون فكرة عن الإسلام من خلال تعاملهم معي، فإذا كذبتُ أو غشيتُ أو أخلفتُ موعد أو صرتُ فظًا غليظًا أو أو،  معنى ذلك الآن أعكس لهم صورة سيئة عن الإسلام، ويمكن أتحمل في رقبتي وزر أنني صددتهم عن سبيل الله، ولذلك قال عدد من الكفار لما أسلموا قالوا: الحمد لله أني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين قالوا: الحمد لله أني أخذت العلم عن الإسلام من الكتب والمواقع، وإلا لو آخذ الإسلام عنكم يا أيها الذين تأتونا كان ما أسلمت أبداً، أنتم لا تمثّلوه، إلا من وفقه الله، ذهب سفيرًا للإسلام وتمثّل الإسلام، حكى لي أحدهم قال: أنا احتجت إلى الذهاب، ما كان عندي مكان أصلاً، فسكنت عند عائلة عجوز وشايب من الكفار، يقول: العجوز الكافرة قالت لي وأنا راجع من الجامعة مرة: أنتم ماذا؟ قال لها: ماذا يعني؟ قالت: سكن عندنا قبلك عدد، أجّرنا بيتنا وملحق بيتنا وأجرناه لعدد من الطلاب على أديان مختلفة، لكن أنت الوحيد الذي أنا أدخل وراك على الحمام عندما تذهب أنا أدخل على الحمام ما أجد ولا شعرة وغيرك يعمل الأوساخ، فأنتم ماذا؟

وهذا المسلم التاجر لما ذهب إلى الهند فراح وفتح له دكاناً في السوق، وصار يعامل المشترين بأخلاق الإسلام، يعامل الزبائن بأخلاق الإسلام، صدق وأمانة ويبين مواصفات السلعة وعيوبها إذا فيها عيوب ويسهّل عليهم في الدفع، وإذا واحد ما عنده أجّل وإذا كان واحد معسر أسقط عنه، وأمانة، فبعد ذلك قالوا: أنت ماذا؟ فأسلم كثير منهم بسببه، وهكذا كل من مثل الإسلام تمثيلاً صحيحاً صادقاً دقيقًا، فكان مسلماً قولاً وعملاً تصرفاً وفعلاً وحقيقة، هذا سفير الإسلام، إذا ذهب مثل هذا يفتح الله به البلاد والعباد، لكن بالله تصور عندما يتصل واحد على منتدى للطلاب المسلمين في جامعة يقول: عندنا واحد صاحبكم هنا، ساقط أمام النادي الليلي، سكران، ما في أحد يشيله، إذا في أحد يريد يأتي يأخذه للمستشفى أو بيت أو عندكم، هذا بالله من يمثل؟ وما هي الفكرة التي ستؤخذ عن الإسلام من وراء مثل هذا؟ ولذلك رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً [الممتحنة: 5]، هو هذا من معانيها، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً [الممتحنة: 5]، فنذهب نمثل الإسلام أسوأ تمثيل، حتى لا مراعاة حق طريق ولا إشارات ورمي القمامة؛ لأن هؤلاء الكفرة عندهم هذه الأمور، النظام، النظافة، الصحة، الهيئة، هذه عندهم شيء رقم واحد، عندهم هذه هي العنوان، هذه كلها شيء، ولذلك بعضهم ينسب إلى الإسلام التصرف، الهمجية، والفوضوية، وإلى آخره، فكيف لو كان فيه إعلام يشوه الإسلام ويكبر أخطاء المسلمين؟ وهناك ناس تمثل الإسلام غلط، شف عاد الفتنة، الصد عن سبيل الله في أقوى صوره وحالاته، مع أن هذا من ديننا، أعطوا الطريق حقه  [رواه البخاري: 6229، ومسلم: 2121]، من ديننا:  كونوا كالشامة بين الناس [رواه أحمد: 17624، وأبو داود: 4089، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده محتمل للتحسين]، سنن الفطرة، ما رأيكم؟ حفُّ الشارب، إعفاء اللحية، قص الأظفار، حلق العانة، نتف الإبط، وغسل البراجم والمضمضة والاستنشاق والطيب من الدين، من الإسلام، هذا الشكل الظاهر يعتني به الإسلام أيضاً، بينما لو مثلنا الإسلام تمثيلاً حسنًا، وأي واحد يحتك بغير المسلمين فقط امتثل لقول الله ورسوله وطاعة الله ورسوله تلقائيًا بدون تمثيليات، بدون تكلف، سيعطي مباشرة صورة حسنة عن الإسلام، هذا شخص مرض دخل المستشفى، فعاده إخوانه الطلاب أو المعارف من المسلمين هناك، هذا داخل، هذا طالع، ومواساة، وهدية، وكلام طيب، وتكاد الغرفة وقت الزيارة مليئة، هناك جنبه سرير واحد، فيه شخص كافر، لما رأى هذا الوضع التفت على المسلم في وقت ليس وقت زيارة، قال له: يبدو أنك شخصية كبيرة، يبدو أنك مسؤول، أو سفير، أو وزير، تاجر كبير، قال له: لا، أنا طالب، قال له: لا، مستحيل، فالمسلم شرح له، قال: نحن المسلمين عندنا شيء اسمه عيادة المريض، وفيه أجر عظيم، الذي يذهب في الصباح يصلي عليه سبعون ألف ملك يدعون له، وفي المساء الذي يذهب يدعو له سبعون ألف ملك، وهو في خرافة الجنة يعني ثمر الجنة، وهو ماشي طيلة الوقت، وحق المسلم أسلم، هذه ليست تمثيلية أو فبركة إعلامية ، لا، هذا موقف حقيقي، كلما حصل هو تطبيق مباشر لحكم أو أدب من آداب الشريعة، عيادة المريض فقط.

نحن في هذا الزمان والله نتعرض الآن لفتن عظيمة، نحن على هامش ما ذكرناه، الأئمة المضلون يفتنون الناس، من جلدتنا، يتكلمون بألسنتنا وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [المنافقون: 4]، وبعضهم عنده فصاحة وبلاغة، ولكن الكلام الذي يقولونه باطل، كذب، انحراف، مثل هذا الشخص الذي يسب الصحابة ويطعن في عائشة ويشتم معاوية وينكر العقائد الثابتة بالأحاديث المتواترة كنزول عيسى وخروج الدجال ويقول عن أحاديث الدجال أنها أحاديث أسطورية وأخبار أسطورية وتصورات كرتونية طفولية ولا يأبه للحديث في البخاري مسلم متفق عليه، ما عنده هذا، وكثير من المسلمين قد ضلوا به، واحد يعيش في النمسا ويصدر هذه الانحرافات لشباب المسلمين، وبعض الشباب المخدوعين به لما تناقشهم، لكن القضية أنه فتنهم بحلاوة منطقه وفصاحته وبلاغته كذا، وفيه نقطة أخرى مهمة في الفتنة أن بعض أهل الباطل يقولون جزءاً من الحق تلبيسًا وتضليلاً، وقد يكون هو يعتقد بهذا الجزء من الحق، فيأتي هؤلاء الشباب يقول: هذا رجال مثقف، أسلوب، حُجّة، منطق! كذا وانظر الضحايا، الآن يخرج من يفتي أن النصارى ليسوا كفارًا، الله قال في كتابه: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ  [المائدة: 73]، كفرة  والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار  [رواه مسلم: 153]. أتى شخص يقول: نحن وهم كلنا مؤمنون، عندهم إيمان، وعندنا إيمان! أي كافر هندوسي مؤمن، والبوذي مؤمن، والملحد يؤمن بأنه لا إله، كله يؤمن، فصار كله مؤمن!

ثم لاحظ تغيرات في الفتاوى من المضلين كيف يفتنون العامة؟ مثلاً: ختان النساء، عند أهل العلم هو مستحب، أو مباح، ويخرج واحد يفتي أنه حرام، وهذا قول غير موجود أصلاً في المذاهب الإسلامية، يأتي واحد في قضايا التساهلات والتنازلات، يأتي شخص سأل شيخًا: أنا طلّقتُ كذا، قال له: أنت غضبان وطلاقك لا يقع، قال: يا شيخ أنا الزعل عادي، أنا كنت أفهم ماذا أقول، قال له: أنت حتفهم أكثر مني، لا يقع، ومع السلامة، الآن لا يوجد أئمة مضلون يقولون: اللي يقول أنت طالء وأنت طالج وأنت طالك، ما دام ليس فيها قاف، يقول: ما دام ما قال طالق ما يقع! هناك انحرافات، مر على المسلمين في أقوال المذاهب شيء من هذا القبيل، وصلت المستوى في الانحطاط بتدخل هؤلاء في الفتوى إلى هذه الدرجة، ومنهم من يقول: مادام بيع الخمور مفيد للسياحة، والربا مهم في الاقتصاد حلال، والله فتنة حقيقة، كنا نقول: والله هذه أشياء مضحكة، من الذي يصدق كلام زي هذا؟ وإذا بالمسألة، وفي ناس مصدقين وماشين وآخذين استباحة محرمات على قضية مسائل متعلقة بالتوحيد، هناك قضية ثوابت في الإسلام والكفر، ولا الولاء للمؤمنين والبراءة من المشركين خلاص انتهت ولا ولا، ونحن ننكر الخطأ ولو فعله واحد من أهل السنة والذي ظاهره التديّن، يعني لو جاء واحد ظاهره التدين وراح صلى بالناس إماماً، وفي صلاة العشاء قرأ البقرة، ماذا نقول له؟ نجامله لأنه متدين والذي فعله عبادة؟ أبداً ننكر عليه، نقول: قال النبي ﷺ: يا أيها الناس إن منكم منّفرين فمن أمّ بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف المريض ذا الحاجة  [رواه البخاري: 702، ومسلم: 466]. أولاده في السيارة دخل يصلي ويطلع، ما فيها مجاملات، هذا فتنة، لكن أين فتنة هذا من فتنة الذي يفتي بالضلال والزيغ والانحراف؟ والذين يفتنون المسلمين عن دينهم بالخزعبلات والأباطيل ويزخرفون القول؟ حجج باطلة وصناعات وبهرجات وشغل أعظم بكثير، الذي يفتن الناس أيضاً: الذي يخالف فعله وقوله ولذلك قال الله: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف: 2 - 3]، تخاطب الآية أي واحد، إمام مسجد، خطيب، طالب علم، داعية، وكلهم، لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ حتى لا تكون فتنة؛ لأن الناس يقولون: إذا هذا فلان فعل كذا، إذا نحن ما علينا شيء، ليس كل الناس يقولون: الله راح يحاسبه، وحتى لو كان الناس يظنون به كذا، وهو يمثل الدين ولكن ما دام هذا شغله في الخفاء وعنده هذه الألاعيب والكذب والغش والتدليس والحرام والعلاقات المحرمة ويتظاهر أنه داعية وأنه شيخ وأنه كذا، الله سيحاسبه، لو هذا كان هانت، لكن بعض الناس يقول: إذا هذا الدين كذا المشكلة هنا، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً [الممتحنة: 5]، هذه منها، إني أنا أطلع أمام الناس على أني أمثّل الدين وبعد لك أعمل أشياء أخرى من الخلف من وراء وبعد ذلك الناس يقولون: إذا كان هذا الدين كذا وبالتالي ممكن يترك منهم التديُّن، وكان يريد يتدين، لكن عندما رأى هذا النموذج ترك، ويمكن هو يكون مثله، ولما صارت له المواقف، هذا نصب عليه فلان وخدعه فلان وغشه فلان، هذا لو واحد فتن شخصًا من العامة، الله راح يحاسب الاثنين، راح يحاسب هذا الذي ظاهره التدين، ويعمل هذه المحرمات بالخفاء، أو من الخلف، أو يطعن، أو يغدر الناس، راح يحاسبه ويعذّبه إلا إذا حسب المشيئة الإلهية، وسيحاسب ذاك الذي قال: أنا تركت التديُّن؛ لأنه فلان عمل لي موقف كذا، والله أنا كنت أريد أن أتدين لكن أغلق عليّ بسيارته وأنا تركت، هو إذا فعل خطأ أنت بهذه البساطة تتنازل عن الدين؛ لأنه في واحد عمل خطأ عليك وأنها تمشي عند رب العالمين، يعني يوم القيامة إذا سألك: لم ما صليت الفجر؟ قال: فلان يصلي الفجر ونصب على واحد في مئة ألف، تظن عند الله أن هذا لا يحاسب وهذا سيحاسب كلا ، عند الله ميزان، الوالد قد يكون فتنة لولده، قد يمثل أمامه الدين تمثيلاً سيئاً وبالتالي الولد يصد عن الدين بسبب سوء تصرفات أبيه،كما أن الولد ممكن يكون فتنة لوالده يوقعه في الحرام ويصر عليه، ومع العاطفة، والزوجة تكمل الناقص، وتدخل المحرمات إلى البيت، فتنة عواطف، المرة هذه فتنة عواطف، وكذلك لو الأب ما عدل بين أولاده، فتنة للمظلومين، كذلك الفتنة إذا اضطهد لدينه، الولد صار الأب يضطهده لدينه، ما يسمح له يصلي في الجماعة، ولا يفعل، وبعض الأزواج مجرمون لو صلت زوجته يطأ عليها، قصص موجودة، فتنة، إذا الله ثبتها ثبتت، هذه امرأة فرعون ثبتت، لكن ما هو كل النساء تتحمل، وإذا ابتليت بزوج فاسق فاجر، ممكن هي تخلع الحجاب وتترك الصلاة وتنساق معه في المحرمات، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً [الممتحنة: 5]، والله هذا دعاء عظيم، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا  [الممتحنة: 5]، فيضل الآخرون بسببنا والله قال: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ [الأنفال: 28]، وكذلك فتنة الرجل بالمرأة، وفتنة المرأة بالرجل، أحد الزوجين بالآخر، وقصص كثيرة، لكن ما هو الشاهد في نهاية الكلام؟ هذه  رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً [الممتحنة: 5]، أن هذا مفهوم عظيم والله دعاء عظيم وأننا نسأل الله بأسمائه الحسنى وهو الله لا إله هو وحده لا شريك له، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، يا ذا الجلال والإكرام، لا تجعلنا فتنة ولا تفتنا يا رب العالمين، أحينا مؤمنين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين .