وعرفنا قبل سنوات ولاحظنا انتفاع الشباب بالتمسك بالدين، وقامت هناك صحوة إسلامية مباركة في مجتمعات المسلمين، كان من أثرها: رجوع كثير من الشباب إلى الله .
والذي لاحظناه قبل فترة أن هذا التيار قد شمل النساء أيضاً، وربما يكون عدد الذين يلتزمون بالإسلام في أوساط النساء الآن أكبر من عدد الرجال، وهذا والحمد لله مؤشّر طيب، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يزيد من فضله، ولذلك اللاتي أقبلن على الدين من النساء في المجتمع، يحتجن احتياجاً كبيراً إلى تبيين حقائق، وتأصيل أمور، والتنبيه على أشياء، وتبيين أحكام تحتاج إليها المرأة المسلمة؛ حتى لا تتبعثر الجهود، ولا تحصل هناك انحرافات في التصورات ولا في السلوك، كان لا بد من إيضاح كثير من المسائل، وتبيين ما أصّله علماء أهل السنة والجماعة في قضايا تهم المرأة المسلمة، وفي هذه العجالة لم يكن هناك وقت كبير في الكلام على أشياء وقواعد في هذا الموضوع، ولكن لعلنا نستعرض بعضها إن شاء الله، فسنفصل الكلام إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: الكلام على أوضاع تهم النساء بشكل عام.
وثانياً: الكلام على أوضاع تهم الطبيات واللاتي يشتغلن في حقل الطب بشكل خاص.
ونختم كلامنا عن بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالمرأة في هذه الأيام مثل الصيام وزكاة المال وزكاة الفطر، ونسأل الله السداد والإخلاص.
أثر المرأة المسلمة في إصلاح المجتمع
أولًا: الذي ينظر إلى واقع المرأة المسلمة اليوم يرى أنها تدخل في المجتمع دخولاً أساسياً، فهي إما أن تكون أُماً لأطفال أو زوجة، أو أخت، أو مدرّسة، أو طالبة، أو طبيبة، ونحو ذلك.
وهذا الدخول من المرأة في المجتمع بأن لها أثر ولا بد.
فأما إذا كانت المرأة سيئة -والعياذ بالله- بعيدة عن دين الله، متصفة بالفسق والفجور، فإنها أثرها سيكون سيئاً عليها وعلى غيرها، ونحن الآن إذا نظرنا في حديث الرسول ﷺ لوجدنا انضباطه كثيراً على الواقع.
يقول الرسول ﷺ: إن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء [رواه مسلم: 2742]. وإنه يُخشى على هذه الأمة من فتنة النساء، والذي ينظر اليوم إلى الواقع يرى هذا بشكل جلي والفتن التي تحصل والشهوات التي تثور اليوم، هي شاهد لما ذكره الرسول ﷺ، وتحققت مخاوفه -مع الأسف- في مجتمعنا.
فلو نظرنا في واقع الأسواق، وواقع الاتصالات الهاتفية، وغيرها، فسنجد أن الفساد عظيم، لذلك كان لا بد من سلوك طريق الجد في الدعوة إلى الله؛ لإصلاح الأوضاع، والرجل مهما تكلم، فقد لا يعدو دوره في النصيحة، أو الخطابة، أو الكلمة التي يلقيها، ويبقى الدور الرئيسي والأساسي في إصلاح المرأة اليوم على بنات جنسها من النساء، ولذلك الاحتكاك والتداخل بين النساء لا يمكن أن يكون بشكل كبير وحرية تامة إلا بالنسبة للمرأة، قد ينصح الرجل أخته أو زوجته أو أمه، ولكن لا يستطيع أن يدخل مثلاً في أوساط طالبات المدارس، أو في أوساط طالبات الجامعة، أو الطبيبات، أو المدرسات، ونحو ذلك، من أجل ذلك كان لا بد من استشعار المسؤولية أمام الله ؛ وخصوصاً إذا تذكرنا بأن النصوص الآمرة التي توجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست مخصصة بالرجال إطلاقاً، بل إنها موجهة للرجال والنساء، لذلك الدعوة إلى الله، وتنبيه النساء وتعليمهن ووعظهن، من الأمور المهمة.
وكثير من النساء قد يقلن: ليس لنا علاقة بما هو خارج بيوتنا، نحن مسؤولات فقط عما في البيت، وهذا من المفاهيم الخاطئة، إذ كيف ترى المرأة منكراً في المستشفى مثلاً، أو بين ممرضات، أو بين الطبيات، أو في المدرسة، أو في الجامعة، ثم لا تقدم على إنكاره بالحدود الشرعية، وأقصد بكلمة الحدود الشرعية: ألا يتعدى الإنكار للوقوع في مفاسد أخرى، فالإنكار الفردي بمعنى النصح والتوجيه والإرشاد من المرأة لأختها المرأة، هذا أمر مهم، أما إذا وصلت القضية إلى مجال عام، فهنا لا بد من تدخل الرجال فيها؛ خصوصاً إذا كان الطرف المنكر عليه رجلاً صاحب مسؤولية، فعند ذلك لا يكون من المناسب أن تتدخل المرأة بنفسها لتنكر على الرجال، وتنبّه وتنصح وتتكلم بشكل مباشر، وقد حصلت حوادث أثبتت أن بعض من تعرضن لهذا قد وجهن بإهانات لا تناسب ولا تليق بصيانة المرأة المسلمة وكرامة المرأة المسلمة، ولذلك كان لا بد من التعاون بين النساء الصالحات والرجال الصالحين في عملية إنكار المنكر، هذا من جهة.
أثر وجود القدوة الصالحة في المجتمع المسلم
من جهة أخرى إيجاد القدوات الصالحة في المجتمع من الأمور المهمة، والقدوة دائما مؤثرة حتى على عهد الرسول ﷺ كانت القدوة من الأشياء الأساسية في التربية، ونضرب مثالاً يتضح به الأمر؛ عندما جاء وفد من الناس من مضر مجتابي النّمار عراة، أو شبه عراة؛ من الفاقة والفقر وضيق العيش، الرسول ﷺ كان هو القدوة العليا، ماذا فعل؟ حثّ الناس على الصدقة، ثم تقدم رجل من المسلمين بصدقة عظيمة، فتتابع الناس بعده، هذا الرجل من المسلمين كان سبباً في اقتداء الناس به في الصدقة. [رواه مسلم: 1017].
وقد يقول واحد من الناس: إن الرسول ﷺ القُدوة الأساسية موجودة فنقول: ومع وجود الرسول -صلى الله عليه وسلم- فكان لذلك الرجل أثر، وكان قُدوة مع وجود القُدوة الأساسية، وهذا يبين أهمية القُدوة حتى مع كون الرسول ﷺ موجود، ولذلك لا تحتقر امرأة نفسها، وتقول: أنا لا أؤثر، وأنا لا أصلح للنصح، وأنا لستُ بأهل للقُدوة، وأنا لا أصلح أن أكون مثالًا، لا، كلٌ مكلّف بما يستطيع أن يؤديه، على حسب طاقته، و لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286]. فالقُدوة تتجزأ، والداعية جهوده يمكن للإنسان أن يكون ممارساً لنوع من أنواع الدعوة بحسب حاله.
مداخل الشيطان على المرأة المسلمة
فالشاهد من الكلام: أن كثيراً من الناس قد تقول مدخل شيطان آخر، كان المدخل الأول: مالي وللمجتمع، أنا لست مسؤولة عن المنكرات خارج بيتي.
المدخل الشيطاني الثاني في الموضوع: ماذا تفعلين أنت؟ وماذا يمكن أن تقدّمي؟ دعي المجال لغيرك من أصحاب الكفاءات، فتتراجع المرأة عن أداء مهمتها، وهذه سلبية كبيرة، فإذن، إذا لم تتحركي أنت وتتحرك الأخت الأخرى والأخرى، ويتحرك الرجال أيضاً، فكيف يتغير الواقع خصوصاً أنه في أوساط الناس هناك إشكالات ومحذورات ومنكرات تقع لا يمكن أن يدري عنها الرجال، لا يمكن أن تدري عنها إلا المرأة المسلمة.
دور المرأة المسلمة في تعلُّم الفقه وتعليمه
والرسول ﷺ مع أنه كان الرسول ﷺ إلا أنه جعل من نسائه مثل عائشة وأم سلمة مرجعاً للنساء في أحكام كثيرة، منها: أحكام الطهر والحيض والدماء، وغيرها.
فكانت عائشة وأم سلمة من المراجع التي يرجع إليها النساء في قضايا تتعلق بالأحكام مع وجود الرسول ﷺ، فكن همزة وصل ينقلن للرسول ﷺ ما يدور في أوساط النساء.
ومثال على ذلك: "طاف بآل محمد ﷺ نساء يشكين أزواجهن من الضرب، فلما علم رسول الله عن طريق نسائه بما تم صعد المنبر وخطب في الناس وقال: ليس أولئك بخياركم، ليس أولئك بخياركم [رواه أبو داود: 2146، والنسائي في الكبرى: 9122، والحاكم في المستدرك: 2765، والطبراني في الكبير: 786، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود: 1863]. فعرف رسول الله ﷺ المشكلة عن طريق النساء، الرجل مهما كان عالياً في مكان علمي أو دعوي أو توجيهي فإنه لا يستطيع أن يُلمّ بما يدور في أوساط النساء، لذلك دور النساء في نقل الاستفسارات والأسئلة التي تتعلق بالنساء إلى العلماء ولو بالهاتف تتصل وتسأل عن العلماء المعروفين الثقات، حتى لو كلّفت نفسها واتصلت خارج بلدها فتنقل ما يجري من الأحداث والأشياء التي تحتاج إلى الأجوبة، هذه من الأمور المهمة، وإلا فقد يأتي إنسان يتكلم فلا يدري عن أي شيء يتكلم.
نقطة أخرى من الأشياء العامة المهمة بالنسبة للمرأة المسلمة، عرفت عن طريق كثير من الاستفسارات التي توجّه وتكوّن عندي انطباع بأن حاجة المرأة المسلمة للعلم الشرعي مهمة جداً، وصار الواحد يتمنى أن يكون هناك من النساء من هي متقفهة بأحكام الحيض مثلاً، حتى ترشد بنات جنسها إلى هذه الأحكام، هذا على سبيل المثال، بدلاً من أن تضطر المرأة أن تُحرج في بعض الأسئلة، وكثير من النساء يمنعهن الإحراج أو الحياء عن التفقُّه في الدين، وهذا لا يسمى حياءً شرعياً، بل هو خجل، ولذلك يقول مجاهد -رحمه الله- كما ورد في صحيح البخاري: "لا يتعلّم العلم مستحي ولا مستكبر" [رواه البخاري: 1/38].
فإذن، أن تتفرغ المرأة لطلب العلم أو تخصص جزءاً من وقتها لهذا الأمر على الأقل، هذه مسألة مهمة.
نماذج من نساء السلف في حفظ العلم
وقد عُرف في نساء المسلمين في السابق من كن من المتفقهات مثل عائشة -رضي لله عنها- وغيرها، ومثل بنت سعيد بن المسيّب الذي جلس زوجها عندها شهراً يتعلم منها ما تعلمته من أبيها" [سير أعلام النبلاء: 4/234].
وبنت الإمام مالك -رحمه الله- التي كانت تجلس وراء الباب، والطالب يقرأ على أبيها من الموطأ، فربما سهى الإمام مالك وشرد ذهنه فيخطئ القارئ، فلا يصحح له لسهو حصل معه، فتدق المرأة -بنت الإمام مالك- الباب فيقول الإمام مالك للقارئ: ارجع، فالخطأ من عندك، فيرجع القارئ يقرأ مرة أخرى فيكتشف الخطأ.
فإذن، وجود نساء يتفقهن على الأقل بالقضايا التي تهم المرأة والأحكام الفقهية التي تهم المرأة، هذا أمر مهم.
لكن هناك لا أقول انحرافات، وإنما بعض الأخطاء في طلب العلم، وقد تكون هذه الأخطاء راجعة إلى أخلاق شخصية في نفسية المرأة المتعلمة؛ كأن تكون مثلاً امرأة عندها نوع من الاعتزاز برأيها أو الغرور به، فقد يدفعها هذا الخلق أن تأخذ قولاً من الأقوال بغير تمحيص، وبغير بحث عن دليل، أو بغير رجوع إلى أقوال العلماء، فقد تخبر به غيرها، فتقع إشكالات عظيمة، وأخطاء جسيمة، وقد تكون غير سريعة الفهم، أو تخطئ في فهمها فإذا قرأت عبارة فهمت عكس المقصود فهنا لا بد أن تنتبه المرأة المتعلمة إلى هذه الأشياء، والله عندما قال في القرآن أن الرجال قوامون على النساء، وأن الله رفع الرجال فوق النساء درجة، يدخل في هذا الاستعداد لطلب العلم، فلذلك نجد أن العلماء عند الرجال أكثر منه عند النساء؛ بسبب استعداد الرجل الذي فضّله الله عليها بالتلقي والفهم أكثر من المرأة، لكن هذا لا يعفي المرأة من مسؤولية طلب العلم، أو أن يوجد في صفوف النساء من تتخصص في دراسة بعض الأحكام الشرعية.
أهمية استشارة المرأة للمخلصين من الرجال
مسألة أخرى؛ من دافع الإخلاص والحماس لخدمة الدين قد تقع المرأة في نوع من التجاوزات التي لا يجوز أن تقع فيها شرعاً، فتتعدى على شيء من تخصص الرجال، وفي هذه الحالة يقتضي أن تقف هذه المرأة مع نفسها وقفة تجرُّد وإخلاص لله وتراجع مواقفها لتنظر هل ما تفعله صحيح أم لا؟
والمشكلة الآن أن هناك كثير من المخلصات يردْن العمل للإسلام والدعوة إلى الله ولكنهن لا يجدن توجيهاً سليماً، أو لا يجدن الشخصية التي ترشد وتعطي الرأي السديد في الأمور والمشاكل التي تقع.
لذلك من المسؤولية الملقاة على المرأة: أن تبحث على من يرشدها إلى الصراط السوي والسلوك الصحيح والعلاج الناجح في مواجهة كثير من مشاكل الحياة، والاستشارة التي علّمنا الله إياها في القرآن فقال واصفاً المؤمنين: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [النساء: 34]. بل إنه قصّ علينا في القرآن قصة امرأة كافرة كان سبب نجاحها في قيادة قومها أنها كنت تستشريهم، وهي بلقيس ملكة سبأ التي قال الله عنها: قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ [النمل: 32]. فحصل لها الانقياد حتى من الرجال قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ [النمل: 33]. لا أقصد الاستشهاد بهذه القصة على قيادة المرأة، لا، بل إن الرسول ﷺ قال في حديث ابن عمر في البخاري: لن يفلح قومٌ ولّوا أمرهم امرأة [رواه البخاري: 4425]. ولذلك قال العلماء: لا يجوز أن تتولى المرأة ولاية عامة مطلقاً، فلا تكون خليفة للمسلمين، ولا تكون قائدة في الجيش ولا تكون قاضية، بل إن لها وظائف معينة قد لا يؤديها إلا هي، مثل: المدرّسة والطبيبة النسائية فهذه لا يمكن، المفروض أن النساء هن اللاتي يعملن في هذا المجال.
فأقصد بكلامي أهمية الاستشارة للمخلصين حتى تصل المرأة إلى رؤيا واضحة في كثير من الأشياء التي تواجهها.
هناك مسألة كنت أتكلم فيها مع بعض المسؤولين عن توجيه البنات وتعليم البنات، فكان هذا المسؤول يشتكي من نقطة وهي أن بعض النساء لا يحسن الدعوة إلى الله فتقول امرأة مثلاً لمن معها: لا تلقوا السلام على بقية النساء غير المتلزمات، فيقول: فيحدث نتيجة لهذا انقسام بين أناس أصلاً مسلمين، صحيح أن بعضهم فسقة، لكن الأصل فيهم أنهم مسلمون وسبّب هذا عداوات، سبّب إشكالات كثيرة، وسبّب الهجر والتقاطع والمشاكل التي انعكست بشكل سلبي على الدعوة إلى الله في ذلك المكان الذي يتحدث عنه هذا الرجل.
فلذلك أقول: أن الحكمة مطلوبة، الحكمة مهمة، يجب أن نكون على القدر المطلوب من الحكمة في مواجهة الفساد الموجود، فأما الثورة عليه بعنف والسب والشتم، فهذا لن يغير شيئاً، بل إنه على العكس، سيزيد شقة الخلاف وتباعد وجهات النظر، ويوجد حاجز بيننا وبين من يريد أن نقدم لهم النصيحة، ولذلك ليس من الحلول الناجحة الآن مقاطعة الفاسقات في المجتمع، قد نرجع إلى أقوال بعض أهل العلم فنجد أن هذا علاجاً، فيقول أهل العلم: يُترك السلام على الفاسق والمبتدع تأديباً لهم حتى يشعروا بغربتهم، والدليل: ما فعل الرسول ﷺ في قصة كعب بن مالك عندما أمر بهجر الثلاثة الذين عصوا رسول الله ﷺ، فكان هجرهم سبباً لرجوعهم إلى الحق وتوبتهم إلى الله وعقاباً لهم على ما اقترفته أيديهم. [رواه البخاري: 4418، ومسلم: 2769].
لكن الآن لا بد أن ندرس الواقع، ونأخذ بأقوال أهل العلم المعاصرين في مثل هذه المسائل، فالآن الذين يقعون في الفسق هم أكثرية المجتمع، فلو أن هناك طائفة من النساء مثلاً التزمن بشرع الله وقررن مقاطعة المجتمع من حولهن، مجتمع النساء، لا سلام ولا كلام ولا زيارة ولا محادثة، ولا شيء، لماذا؟ لأن النساء فاسقات، والفاسق يُترك السلام عليه تأديباً له كما ذكر أهل العلم، ما هي النتيجة؟ قال العلماء: يُترك السلام على الفاسق لردعه حتى يرجع، فهل ترك السلام الآن، ترك الكلام من الأشياء التي تحمل الفاسقات على الرجوع؟ الجواب، لا بل إن النتيجة بالعكس يمكن تقول: عساها ما سلّمت، وأنا ماذا يضيرني إذا لم تسلّم، أنا عندي ستون زميلة وصديقة غيرها، ولذلك أقول: إن هذا الحكم قد لا يصلح تطبيقه الآن، وإنما نرجع إلى كيفية مواجهة الرسول ﷺ للكفار في مكة، كيف كان يواجههم؟ هل قاطع الكفار وقال: أنا والقلة المؤمنة التي معنا نحن على الإيمان نقاطع هذا المجتمع ولا نكلمهم أبداً؟ لا، وإنما كان يدعوهم بالحسنى، وكان ربما دعاهم إلى وليمة وكلّمهم وهم عليها، فلذلك الداعية الناجحة هي التي تهشّ في وجوه الناس وتكلمهم وتشعرهم بأنها حريصة على مصلحتهم، وبأنها تريد لهم الخير، وتعمل الأشياء التي تشعرهم بالسرور والسعادة مثل تقديم الخدمات لهم، مثل إهداء الهدايا، هذه أشياء تجلب السرور والمحبة، هذه الطريقة أنجح بكثير من أن نقول: النساء فاسقات نترك السلام عليهن والكلام معهن ما يصلح، هذا الكلام الآن في هذا الوضع الذي نعيشه على الأقل لا يصلح، قد يصلح في عصر قادم، الله أعلم، إنما الآن هذا الموقف غير صحيح. انتقل بكلامي وأقول: التنبيهات والقواعد والأصول في قضايا تتعلق بالمرأة بشكل عام في العلم الشرعي والدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموقف من الدولة والأسرة وتربية الأولاد وقضايا الزواج، هذه أشياء كثيرة جداً، كل واحدة تحتاج إلى حديث مستقل، لكن ضيق الوقت سيمنعنا عن الاستطراد في قضايا من هذا النوع، ولعله تكون هناك إن شاء الله فرص خاصة لمناقشة كل مشكلة على حدة.
عزل الرجال عن النساء في مجال الطب
انتقل إلى مسائل تتعلق بالطبيبات ومجال العمل، الواقع الذي نعيش فيه الآن تكثر فيه الانحرافات، سواء كان عن جهل أو عن خبث نية، فأحياناً نجد أن عزل النساء عن الرجال فيه تقصير كبير في مجال الطب مثلاً، فليس هناك في الواقع عزل كامل في هذا الجانب، ولذلك سيحدث تبعاً لهذا مشاكل تتعارض مع شريعة الله، وستقع الطبيبة المسلمة أو دارسة الطب مثلًا في إشكالات شرعية نتيجة وجودها في بيئات مختلطة، بل حتى مع أقارب المريضة التي تراجع هذه الطبيبة من الرجال، فهنا نذكِّر بأمور: الأول: الحجاب الذي فرضه الله صيانة للمرأة وأمر الله المؤمنات بأن يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب: 59]. وأمر الرسول ﷺ المرأة نفسها وأذن لها أن ترخي حجابها ورائها شبرين إسبالًا لا للخيلاء، لكن حتى يكتمل الستر.
وفي البيئات التي يحدث فيها اختلاط يكون الحجاب أمر مهم جداً، ويكون التساهل فيه أمر خطير، فقد تدخل المرأة مثلا غرفة في المستشفى فترى أنها لوحدها فقد تكشف الوجه وتضع الخمار وهي مثلاً لم تقفل الباب، فتفاجأ برجل يدخل عليها لأي سبب من الأسباب ربما أخطأ في الغرفة، فتكون النتيجة أن يرى هذا الرجل عورة المرأة أو جزءاً منها على الأقل، السبب: التساهل في أمر الحجاب، قد تسير المرأة في ردهات المستشفى وفي طرقاته وتتنقل من غرفة إلى غرفة، وليست كل المستشفيات فيها مرضى من النساء فقط، لا، قد يحدث أن يكون المستشفى فيه مريضات ومرضى من الرجال، فإذا ما التزمت المرأة بالحجاب فإنها تؤدي بذلك إلى أن يرى الرجال شيئاً من عورتها التي أمرها الله بسترها، وهذا يترتب عليه إثم عظيم ومخالفة صريحة لأمر الله ورسوله، هذا من جهة، والكلام عن الحجاب كلام طويل، لكن نكتفي بهذه الإشارة.
وأنا أستغرب من بعض النساء اللاتي يبدين زينتهن للرجال كيف ترضى المرأة المسلمة أن تعرض نفسها كسلعة فتضع مثلاً أدوات الزينة والمكياج وتتنقل بين الرجال وكل واحد ينظر إليها ويشبع عينيه من النظر إلى هذه المرأة فهنا في هذه الحالة كرامة المرأة تُهان، وصيانتها تنحط وتنكشف وتكون لا قيمة لها، كل واحد ينظر، النظر مجاناً مفتوح، وهذه قضية بالإضافة إلى أنها غير شرعية تغضب الله فهي بالإضافة إلى ذلك تنقص من قدر المرأة ولذلك حتى الذين يتكلمون على المرأة المتحجبة ويوجهون إليها سهام النقد والتجريح هم في داخل أنفسهم ينظرون إليها نظرة الاحترام حتى لو لم يظهروا هذه النظرة؛ لأنها ما جعلتهم يرون شيئاً من عورتها فهم في الداخل يحترمونها رغماً عنهم لكن قد يصل بهم الفسق والمعصية إلى أن يتكلموا عليها وعلى حجابها؛ لأن هؤلاء الفسقة يريدون حقيقة أن تصبح المرأة كالسلعة ينظر إليها من شاء، فهنا ينبغي للمرأة المسلمة أن تقطع الطريق على هؤلاء وتلتزم بأمر الله حتى ترغم أنوف اولئك الفسقة وتقطع عليهم ما يريدون الوصول إليه من إشباع شهواتهم وغرائزهم وأقول: إن الاستهزاء بالحجاب وغيره صار سمة -والعياذ بالله- من سمات الناس في هذا العصر حتى من أقرب الناس إلى المرأة، تجد اللمز والغمز في الحجاب حتى الأب أحياناً والأخ يتجه، بل إن بعض الأمهات وصل بهن الأمر إلى نزع الحجاب من رؤوس بناتهن، وإرغام بعض الآباء للبنات بتقديم الضيافة إلى الأجانب، ومن أسباب هذا: هذه المسلسلات التلفزيونية التي تحكي الواقع فيها تمثيل لأدوار نساء مسلمات في القديم، هذه التمثيلات التي تعرض أحياناً بمناسبة شهر رمضان أو تعرض على أنها من ضمن البرامج الإسلامية ذات أثر خطير جداً وسيئ على النساء، حتى إن واحدة من النساء لما رأت مسلسلاً يتعلق بنساء الصحابة تخرج بعض الفاسقات لتمثل دور صحابية من الصحابيات والعياذ بالله من هذا الفعل الذي يفعلنه، احتجت امرأة على ابنتها وقالت لمجموعة من البنات المتحجبات: لماذا أنتن بهذا التزمُّت والتشدد؟ ولماذا تضعن هذا الحجاب الذي ليس عليه دليل ولا له أصل؟ ما هو دليلك يا أيتها المرأة المتكلمة؟ قالت: هؤلاء نساء الصحابة في التلفزيون نراهم ما عليهن غطاء وجه، بناتنا يردن أن يصرن أحسن من الصحابة؟ الصحابيات ما عليهن غطاء وجه، من أين أخذت هذا المفهوم وهذا التصوُّر؟ من هذا المسلسل.
الكلام في قضايا الحجاب طويل.
مسالة اختلاط المرأة بالرجال
ننتقل إلى مسألة أخرى من واقع المستشفيات وواقع الطبيبات، وهي قضية اختلاط المرأة بالرجل، اختلاط المرأة بالرجل أحياناً قد يكون له دوافع وكما علمت قد توجد بعض الحصص في المراحل المتقدمة في الدراسة يدرس فيها البنات أو الطالبات مع الطلاب في فصل واحد، أو يكون المدرس للطالبات رجلاً، أو يكون الاستشاري الذي يرجعن إليه في مناقشة بعض الحالات رجلاً، وحالات أخرى تؤدي إلى اختلاط المرأة بالرجل، وهذا النوع من الاختلاط مع مرور الزمن ربما أول ما تدخل طالبة وحدها إلى فصل فيه طلاب، تشعر بالحياء والخجل الشديد، وقد تتوارى بجانب من جوانب الفصل وتحاول أن تستر نفسها بكل وسيلة، وربما يكون أول مرة تكلمت فيها امرأة مع طبيب، أو مع استشاري، تكون في غاية الخجل، وفي غاية الاستحياء، ولا تتكلم إلا بالأشياء القليلة جداً، لكن المسألة كما ذكر ابن حجر -رحمه الله- في تعليقه على حديث رواه الإمام البخاري عن الرجل الذي زنا ولدُه بامرأة مخدومه. [رواه البخاري: 6827]. أحدهم كان في بيته خادم، فزنا بامرأة صاحب البيت.
السبب: يقول ابن حجر -رحمه الله-: "فهذا الاختلاط المؤدي إلى مزيد من الاستئناس والألفة أدى إلى وقوع المحرّم" [فتح الباري لابن حجر: 12/141].
فالآن قد لا تكون المشكلة هي أول مرة تكلمت فيها الطبيبة مع الاستشاري أو الأخصائي، ولا تكون المشكلة مثلاً أول مرة دخلت فيها الطالبة مع مجموعة من الطالبات في فصل، وكان المدرّس رجلاً، لكن المشكلة أن يؤدي كثرة الاختلاط وكثرة المجالسة إلى نوع من الأُلفة والاستئناس توقع في المحظور الشرعي، فتجد المرأة مثلاً تتجاوز في حدود الكلام وتبدأ مع الزمن تعتبر هذا الطبيب مثل أخيها، فتبدأ تكلمه وتحادثه بطريقة لا تحادث بها إلا أخاها في البيت، ويسقط حجاب الكلْفة بين الرجال والنساء، فتخاطبه كأنه رجل عادي من محارمها، وقد يؤدي هذا إلى وجود نوع من الاستئناس المؤدي إلى المزاح مثلاً والضحك وتبادل الطرف والنكات بين الطبيات والأطباء من الرجال، ولو وصلنا إلى هذا المستوى فهذه قضية خطيرة، ونكون في هذه الحالة قد ارتكبنا إثما عظيماً، ونكون قد انتهكنا حدود ما أنزل الله، أنا ما أضخم هذه القضية أقول: هذه مثل الزنا لا، لكن أقول: إن هذا أمر محرم لا يجوز، وبعض الشر أهون من بعض، ولكن كله شر وكله إثم، نقول: نعم، ليس إثم التي تزني مثل إثم التي تتبادل أحاديث مع رجال ليس لها داعي، أو مثلاً تمزح معهم وتضحك، لا، لكن نقول: هذا شر وهذا شر، وهذا عليه إثم وسيئات، وهذا عليه إثم وسيئات، وهذا يؤدي إلى عقاب الله وهذا يؤدي إلى عقاب الله، ولكن جهنم دركات والعذاب يتفاوت، والسيئات تتفاوت بحسب الذنب، فالواحد لا ينظر إلى صغر المعصية كما قال السلف، ولكن ينظر إلى من عصاه، يا أختي لا تنظري إلى صغر المعصية تقولين: هذه المعصية صغيرة، ماذا حصل عند التساهل بالكلام مع بعض الأطباء؟ شيء بسيط، لا تنظري إلى صِغر المعصية، ولكن انظري إلى من عصيتِ.
الأصل بالمرأة المسلمة أن تقر في بيتها
نعود إلى مسألة سبق أن ذكرناها في كلامنا تتعلق بقضايا الطب ذكرنا أن الأصل في المرأة أن تقر في بيتها وقال الله آمرًا نساء المسلمين وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33].
لذلك الأصل أن المرأة مجال عملها في البيت؛ ترعى زوجها وتربي أولادها وتقوم على بيته وماله بالمعروف، هذا الأصل وهذا هو المكان الأساسي للمرأة، لكن أحياناً تضطر المرأة للخروج من البيت للدراسة، أو مثلاً للعمل، قد تكون محتاجة مادياً، قد يكون عندها أيتام، قد يكون عندها مثلاً أب كبير في السن وأم كبيرة في السن وإخوة صغار، وهي قد تضطر أن تعيلهم، قد تضطر أن تخرج لتعمل، فعندما تخرج لتعمل ينبغي أن يكون خروجها بقدر الضرورة.
فمثلاً: إذا كان هناك عمل إضافي، ما تحتاج، ليس مفروضا على المرأة، قد تأخذ الإضافي وقد لا تأخذ، وهذه المرأة عندها بيت وعندها أولاد وعندها مسؤولية ما تذهب تأخذ الإضافي طمعاً في المال، والله تعالى قد أمرها بالقرار في البيت إذا كانت ليست بحاجته، فلماذا تخرج من البيت؟ فلذلك يكون خروجها من باب الضرور، والضرورة تقدّر بقدرها، هذه قضية، قد لا تكون المرأة محتاجة لكن يكون المجتمع هو الذي يحتاجها، تكون حاجة المسلمين إليها، يمكن أن ينفق عليها الأب أو الزوج، ممكن، لكن المجتمع المسلم يحتاج مثلاً إلى معلّمات مدرّسات، ما يمكن نأتي برجال، أو يحتاج إلى طبيبات نسائيات مثل التي في التوليد وغيرها من أمراض النساء، الأصل أنه لا نأتي برجال، هذا الأصل لا بد أن يكتفي المجتمع المسلم ذاتياً بالنساء الطبيبات المسلمات فيكون خروج المرأة من البيت في هذه الحالة لا ضرورياً بالنسبة لحاجتها الشخصية، لكن يكون خروجها ضرورياً من أجل المجتمع، فلا بد عندما تخرج أن تشعر بأنها خرجت للضرورة؛ والآن قضية الضرورة هذه قد أصبحت غير ذات بال عند الكثيرين، الآن بعض الناس يضعون نقودهم في البنك، ويمكن لا يوجد مكان آخر من باب الضرورة، صحيح، لكن الذي يضع نقوده في البنك لا يشعر بأنه كأنه يأكل لحم الميتة، وضعها الآن في هذه المحلات الربوية حرام، ولا يجيزه إلا الضرورة، فالذي يرتكب الضرورة يجب عليه أن يشعر بأنه قد فعلها وهو كاره، أنه ليس مسروراً، بالعكس، ودّ أن يرجع عن هذه الأشياء ولا يرتكبها، ويجب أن تكون الطبيبة في عملها إن كانت فعلاً صادقة مع نفسها ومع الله قبل ذلك أن تشعر بالحنين إلى ذلك العش الهادئ الذي هو مسكنها ومستقرها، والذي أمرها الله بالقرار به أن تذكر نفسها بين لحظة وأخرى أنها ما خرجت من بيتها إلا لحاجة المسلمين، للضرورة، ليست خارجة الآن مبسوطة أنها ذاهبة للعمل، مبسوطة أنها تريد تلاقي الناس، مبسوطة أنها تختلط معهم، لا، تستشعر بأنها تقوم بواجبها؛ لأن المسلمين يحتاجون إلى هذا فهو من باب الضرورة، وهذه المسألة ينبني عليها أشياء من ضمنها قضايا التضحية، بما أنها خرجت لحاجة المسلمين، ما خرجت لأنها تحب الخروج، لا، خرجت لحاجة المسلمين المفروض أن تؤدي عملها على أكفأ وجه يخدم المسلمين، والمحك الذي يوضح هذا الأمر لو أن الآن مثلا طبيبة من الطبيبات عندها في اليوم ست مراجعات، أو عشرون مراجعة، وهي تعلم بأن المرأة رقم واحد وعشرين إذا جاءت تراجع ليس هناك نساء، وإنما ستضطر أن تذهب إلى رجل، فالآن هل تقول الطبيبة: أنا لا يهمني، أنا كلفني المستشفى بهذا العدد، وأنا أستلم راتبي على هذا العدد وانتهينا، حتى لو صار في وقت في العيادة أنا ما أجلس ولا أستقبل أحداً، أجلس في العيادة وأنا فارغة وخلاص، ليست نوبتي، و ليس شغلي، تذهب لرجل بكيفها، هذا يدل على أنها ما فهمت أصلاً لماذا هي خرجت من البيت؟ هي مجرد فاهمة أن هذه المناوبة وأن هذا الشيء مفروض من إدارة المستشفى وأن هذا تحليل الراتب وانتهينا، وهي لم تدرك بعد لماذا خرجت، وأهمية التضحية في سبيل الله، فانكشاف عورة امرأة لرجل ليس أمراً سهلاً، وبعد ذلك في قضية التوليد لا يُكشف وجه أو شعر أو ذراع، ينكشف ما هو أعظم من ذلك بكثير، تنكشف العورة المغلظة، العلماء يقسمون العورة إلى مخففة ومغلظة، فالمغلظة هي السوأتان القُبُل والدبر، والمخففة بقية العورات أو مثلاً في حالة المرأة مع الرجل بقية الجسم بصفة عامة، فالآن ليس أمراً سهلاً انكشاف عورة امرأة لرجل في عملية التوليد ولو كانت هذه المرأة عندها إيمان بالله واليوم الآخر وغَيرة على أعراض المسلمات، كان إذا صار عندها وقت تولّد واحدة ولو لم تكن نوبتها وليست مكلّفة به رسمياً ألا تسمح لهذه المرأة أن تذهب إلى رجل وتقول لها: أنا أُشرف على ولادتك، وليست القضية فقط إذا جاءت المريضة ما تردها، لا، أكثر من هذا؛ أنها إذا رأت مريضة تريد أن تذهب إلى رجل أن تذكّرها بالله ، وبالحكم الشرعي، وأنها ما يجوز أن تذهب إلا للضرورة، وأنه ما دام ليس فيه ضرورة، أو فيه طبيبات من النساء حتى لو انتظرت قليلاً وما يترتب ضرر على الانتظار فإنها يجب أن تنتظر حتى تدخل على امرأة تكشف عليها، وهذا الموضوع حساس، حتى أن العلماء قالوا: لو وجد طبيبة كافرة بوذية أو نصرانية وطبيب مسلم، وأرادت المرأة أن تكشف فإنها تذهب إلى الطبيبة الكافرة ولا تذهب إلى الطبيب المسلم، فإذن، استشعار المسؤولية والتضحية في سبيل الله، وأن القضية ليست ثروات وقضية أموال إنما هي قضية أجر وبذل في سبيل الله ، هذه من المفاهيم التي إذا غابت عن النساء اللاتي يشتغلن في مجال الطب تحدث طامات وسلبيات كثيرة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أسرار المريض أمانة لدى الطبيب
كذلك من الأمور التي تقع فيها المرأة في عالم الطب، مع الاستشاري تحتاج أن تناقش بعض الأوضاع وأنا ما عندي إحاطة كاملة بهذا الأمر، لكن أتوقع مثلاً ربما بعض الحالات النفسية أو أشياء أخرى، نفترض أن امرأة تعرضت لشيء بينها وبين زوجها فنتج عنه حالة مرضية فجاءت إلى طبيبة وقصت عليها القصة الآن يا جماعة أسرار المرضى أمانة، يا أيتها الأخوات الكريمات أسرار المرضى أمانة، وإذا اطلعت الطبيبة على أشياء داخل البيوت وستطلع لا بد أنها تطلّع من خلال الاحتكاك مع المريضات تطلّع على قضايا بيوت وتطلّع على أسرار عوائل وتطلع على علاقات زوجية، وأشياء، فأقول: إن هذه المسائل من أسرار المسلمين التي لا يجوز كشفها إلا للضرورة، والرسول ﷺ قال: المجالس بالأمانة [رواه أحمد: 14693، وأبو داود: 14693، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 2330]. وقال: إذا حدّث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة [رواه الطبراني في الأوسط: 2458، والبيهقي في الشعب: 21161، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 486]. يعني: لا يجوز إخراجه إلى الغير، يعني تلفت حتى يتأكد أن ما أحد يسمعه، ثم تكلم لك أباح لك بشيء لا يجوز لك أن تفشيه فقد يحدث مثلًا في بعض الاجتماعات وإلا بعض المناقشات تساهل فتأتي واحدة أحياناً ليس من باب الاستشارة ولا من باب شيء، تقول: أنا اليوم جاءتني واحدة وظهر عندها كذا وكذا، واسمها كذا واكتشفت أنه بينها وبين زوجها مشاكل، وأنه حدث، وتجلس والعياذ بالله من هذه الآفة الذميمة من باب إبراز النفس، وأنها جاءت لها أشياء، وأنها اطلعت على فضائح وعلى أسرار، وأن عندها أسرار وعندها خبايا، وعندها أخبار المجتمع فتأتي وتقول: جاءتني فلانة الفلانية وتسمّيها بالاسم ، أو راجعتني واحدة من قبيلة كذا أو من جماعة كذا، فقالت لي أشياء، وتجلس تقول هذه الأشياء، أقول: يا جماعة أن هذه الأسرار لا يجوز إفشاؤها، هذه أمانة في عنق هذه الطبيبة التي اطلعت عليها، لو أن الطبيبة اضطرت إلى مناقشة هذا الوضع مع استشارية فتبدي لها من حالة المرأة بقدر الضرورة تقول: والله هذه المرأة التي في السرير الفلاني في الغرفة الفلانية حالتها كذا وكذا، ولا تخبر إلا بالقْدر الضروري للاستشارية، أو لمن تناقش معها الأمر.
أو مثلا واحدة ما عرفت ماذا تفعل في هذه الحالة تأتي إلى أخت لها في الله من الطبيبات، تقول: هذه المريضة مثلاً ما رأيك أن نتعاون على علاجها؟ أو نتعاون على تخفيف آلامها؟ أو على تهدئة نفسها؟ أنت تحكي لها كذا، وأنا أؤكد على كلامك، أشياء تدعو إليها الضرورة والحاجة، وليس كلام مجالس البيوت.
تعليم العقيدة الصحيحة من خلال الطب
كذلك من الأشياء المتعلقة بالطبيبة أن مجال الطب مجال مهم لتعليم الناس العقيدة وخصوصاً أسماء الله وصفاته وأقصد بالذات قول الله عن إبراهيم وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء: 80].
وقال الرسول ﷺ في الدعاء الذي يُدعا للمريض: اللهم رب الناس أذهب الباس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت [رواه البخاري: 5675، ومسلم: 2191]. وفي رواية: لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر بلاءً ولا سقماً والشافي هو الله ، أول شيء تحتاج الطبيبة أن تذكّر نفسها بهذا حتى لا يصيبها الغرور لو أنها نجحت في علاج امرأة ونجح العلاج فما تشعر الطبيبة بالغرور، وأنها هي التي شفت المرأة لا، هذا أولاً، هذه قضية مهمة جداً لنفس الطبيبة، هذا المفهوم العقدي المتعلق بالعقيدة مهم بالنسبة للمريضة، فتوضح الطبيبة للمريضة أن الشافي هو الله، وأن هذا الدواء الذي أنا أعطيك إياه وهذا الفحص وهذا العلاج وهذا التصوير، هذا التحليل، هذه كلها أسباب فقط، وأن الله يمنع هذه الأسباب من أن تعمل ما تستفيدين شيئاً وقد يقدِّر الله أن تنفع هذه الأسباب فتستفيدين وأن الشافي أولًا وآخراً هو الله ، ويا أختي الطبيبة أذكّرك بذلك الغلام المؤمن في قصة أصحاب الأخدود الذي ضرب لك مثلاً مهماً في هذه المسألة، فالله أعطى ذلك الغلام المؤمن في قصة أصحاب الأخدود المقدرة على أن يزيل أمراض الناس بإذن الله، فيبرئ الأكمة والأبرص والأعمى كما أعطي ذلك لعيسى ، بل إن عيسى أعطي أيضاً إحياء الموتى بإذن الله ماذا كان يقول ذلك الغلام الصغير للناس؟ كان يقول للناس وهو يعالجهم: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوتُ الله لك فشفاك [رواه مسلم: 3005]. فإذن، تعليم المريضة بأن الشفاء من الله؛ لأن بعض الناس يغيب عنهم هذا الأمر يمكن يصدقون من ناحية المبدأ، يعني لو أخذت مريضة وقلت لها: هل أنا الذي شفيتك؟ تقول: لا، الله الذي شفاني، لكن إذا جئت على المجال العملي تجد أن الأمر مختلف، فمثلاً تجد بعض أولياء المريضة يقول للطبيب أو للطبيبة: أرجوك يا دكتور أن تزيل أو تشفي هذا المرض، أو أرجوك يا دكتور ويأتي بألفاظ لا يصلح إطلاقها إلا على الله ، فهنا لا تكتفي الطبيبة بالسكوت وتقول: هذه جاهلة، لا، تعلمها تقول: الشفاء من الله، وتأتي لها بأدلة من القرآن والسنة على هذا الكلام.
ثالثاَ في هذا الموضوع: أن تحفظ الطبيبة الأذكار التي تقرأ على المريضة وتستعملها.
وهذه المسألة ربما يُغفل عنها الآن، الرسول ﷺ علّمنا أدعية نقولها عند المرضى؛ اللهم رب الناس أذهب الباس [رواه البخاري: 5675، ومسلم: 2191]. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك [رواه أحمد: 2137، وأبو داود: 3106، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5766]. فالآن الطبيبة لا بد أن تحفظ هذه الأذكار وإذا جاءتها المريضة تقولها بصوت مسموع حتى تعلم المريضة بأنها تستخدم الدعاء لها في العلاج، وأن المسالة ليست اعتماد على الأدوية والعلاجات والأشياء المخبرية والتصوير، لا، وإنما القضية ارتباط بالله ، وإذا وضعت يدها على المريضة تقول: بسم الله، وممكن ترقيها وتقرأ عليها وتعلمها أن ترقي نفسها بالمعوّذات وغيرها من الأدعية الواردة، وتعلمها الرقية بالقرآن وتقول لها: إن الله يقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء: 82]. وأن القرآن شفاء يشمل شفاء القلب من أمراض الشبهات والشهوات، وشفاء الجسد من الأمراض التي تنزل به، نقول باختصار: إن إدراك هذه المسألة من الأمور المهمة، وربما وقعت فيها غفلة؛ ولأنها غير منتشرة، ربما تقول الطبيبة: أنا أصير شاذة بين الطبيبات، كيف أقرأ بصوت مرتفع؟ أو كيف أقرأ آيات وأحاديث وهذه جاءت لأجل العلاج؟ نقول: سنّي سنّة حسنة، فيكون لك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
أمور متعلقة بأحكام الصيام والزكاة للمرأة
أظن أني أكتفي بهذه الملاحظات في مجال الطب؛ لأن الوقت ضيق، وآتي الآن على بعض الأشياء المتعلقة بأحكام عن الصيام والزكاة وزكاة الفطر تتعلق بالمرأة المسلمة.
بالنسبة لبعض الأمور المتعلقة بالنساء؛ أولاً: بالنسبة لقضية الحيض، قضايا الحيض الآن من المسائل الشائكة؛ لأن أكثر النساء حتى من الأسئلة التي تأتي، تقول: كيف أدري أني طهرت؟ والدم ينقطع ويرجع، ويقترب وقت الفجر، والآن الدم منقطع، وإذا صمت ربما يأتي مرة أخرى؟ عندي الآن ينزل علي كدرة أو صفرة ماذا أفعل؟
فنقول: إذا انتهى وقت العادة المعتادة وانقطع الدم قبل الفجر، فإنك يا أختي تنوين الصيام وتمسكين مع النية قبل الفجر المهم النية قبل الفجر، التي طهرت لا بد تنوي قبل الفجر، لو واحدة من أول رمضان وهي حائض والآن طهرت في نفس الشهر لا بد تنوي قبل الفجر، إذا ما نوت قبل الفجر الصيام غير صحيح يجب أن يعاد؛ لأن الرسول ﷺ قال في الحديث الصحيح: من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له [رواه النسائي في الكبرى: 2655، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 6535].
انقطاع الدم أو الطهر يعرف بشيئين: الشيء الأول نزول القصة البيضاء وهي سائل أبيض يخرج من المرأة عند الطهر بعد انقطاع الدم وانتهاء العادة الشهرية، فإذا رأت هذا السائل تعرف أنها طهرت فتشرع في الصيام والصلاة ،كثير من النساء يقلن: نحن لا نرى هذه القصة البيضاء أبداً ما تنزل علينا فماذا نفعل؟ نقول الطريقة الثانية التي ذكرها العلماء لمعرفة هل الدم انقطع أم لا ؟ تحتشي المرأة بقطن ونحوه، ثم تخرجه فإذا كان نظيفاً ما فيه دم ولا فيه كدرة ولا صفرة؛ لأن الحيض ليس الدم فقط، الحيض هو الدم وما يتصل به من أوله آو من آخره بصفرة، هذا كله حيض يسمى، سواء كان في الأول أو في الأخير، إذا كان متصلاً بالدم جاء قبل الدم مباشرة، أو بعد الدم مباشرة، هذا يعتبر من الحيض، فإذا كانت المرأة قد نظفت تماماً ورأت هذه القطنة نظيفة أو هذا المنديل الذي دسته نظيفاً ما فيه شيء فعند ذلك، وأقصد بنظيف: ليس فيه لا دم ولا صُفرة أو كدرة، وليس ما يخرج مبللاً ببعض الوسائل والإفرازات لا، هذه الإفرازات ما تمنع الحيض، ليست لا علاقة لها بالحيض، فإذا وجدته نظيفاً فإنها تعرف أنها قد طهرت وتبدأ تصوم وتصلي، لنفترض أن امرأة انتهت أيام العادة انقطع الدم دسّت شيئاً قبل الفجر فوجدت المحل نظيفاً فنوت الصيام قبل الفجر، جاء عليها العصر نزل عليها الدم مرة أخرى، وهذا الدم الذي نزل هو دم حيض وليس دم استحاضة أو نزيف أو شيء من الدماء الأخرى غير دم الحيض والنفاس، فماذا تفعل؟
نقول: الصيام بطل الآن، وترجعين حائضاً كما كنت، وما عليك إثم؛ لأنك أصلاً مجتهدة، قدرت أنك طهرتِ وان الدم انقطع، لكن بعد ذلك عاد مرة أخرى والدم ليس لازماً أن يكون متصلاً، يأتي ويذهب، فتقضين يوماً بدل هذا اليوم، فلو أن المرأة انقطع عنها الدم قبل الفجر فنوت الصيام وأكملته إلى المغرب والدم منقطع، فالصيام صحيح ولو نزل عليها الدم ثاني يوم فنقول: اليوم الذي مضى هذا صحيح ومجزئ لا يلزمك إعادته؛ لأنه كان الدم فيه متوقفاً يوماً كاملاً، كذلك بالنسبة للنفساء لو مثلا بعد خمسة وعشرين يوماً من الولادة، انقطع الدم فصلت وصامت بعد خمسة أيام، رجع الدم مرة أخرى، ودم نفاس ليس دم عرق، فنقول: أنتِ رجعتِ نفساء كما كنتِ، وهذا الانقطاع الذي حصل صيامكِ وصلاتكِ فيه صحيح، وما عليك إعادة الصيام؛ لأنه كان أكثر من يوم وهذا هو المذهب.
حكم استخدام حبوب منع الحمل أثناء الصيام
من القضايا المتعلقة بالحيض مسألة أخذ حبوب منع الحيض حبوب منع العادة هذه أو حبوب منع الحمل إذا كانت لا تضر بالجسم، والطبيبة تعرف أكثر من غيرها عن هذا الموضوع، فيجوز أخذها لمنع العادة؛ حتى تتمكن من صيام الشهر كله، لكن لو كان فيها ضرر لا يجوز أن تأخذها؛ لأن الرسول ﷺ قال: لا ضرر ولا ضرار [رواه أحمد: 2865، و ابن ماجة: 2340، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 7517].
ما يجوز بالمرأة أن تضر بنفسها، حتى ولو من أجل أداء العبادة ما يجوز أن تضر بنفسها.
فلو أن مريضة يضرها الصيام لا يجوز لها أن تصوم.
لو قالت: ليس فيه ضرر عليّ، هل الأحسن آخذه أو ما آخذه؟
فنقول: فتوى العلماء مثل الشيخ عبد العزيز بن باز وغيره أن الأفضل ألا تأخذه حتى لو ما كان عليها ضرر؛ لأن الله هو الذي قدر عليها هذا الحيض، وهو الذي رضي لها وأوجب عليها قضاء الصيام وما أوجب عليها قضاء الصلاة ورضي لها بذلك ديناً، فلماذا لا ترضاه هي لنفسها؟ إذا كان الله رضي لك يا أختي أنك إذا نزل عليك الحيض أنك لا تصومين ولا تصلين، وإذا طهرتِ تقضي ما فاتكِ من الصيام، فلماذا لا ترضين بما رضي الله لك؟ فالأفضل عدم استخدام الحبوب نهائياً في أية حال، لكن لو استخدمتها، لو قالت: أنا أريد أخرج للتراويح، وأنا أريد أن أصوم، وأنا ما أريد يفوتني رمضان، إلى آخر الكلام المعروف وأصرت على أخذها، وهي ما تضرها فيجوز، من ناحية الجواز يجوز، لكن الأفضل لا تأخذها.
أقسام الإفرازات الخارجة من المرأة وأحكامها
قد تأتي هناك أسئلة عن الإفرازات التي تخرج من المرأة، الإفرازات تنقسم إلى قسمين، إما ان يكون إفرازاً نجساً كأن يكون من البول أو شيء مختلط بالبول يعني سائل مر على مكان البول قبل خروجه فصار مختلطاً بالنجاسة فهذا إذا نزل على المرأة فيعتبر سائل نجس ويجب غسل المحل والوضوء للصلاة، أما إذا كان الإفراز لما تتبع الأطباء طريقه في الجسم وجدوا أن هذا الإفراز سائل غير نجس، ولا يمر على النجاسة التي في الجسم، ولا يختلط بالنجاسة التي في الجسم، فهذا الإفراز طاهر مثله مثل العرق، وهذه الرطوبة الدائمة التي تجدها المرأة في ملابسها إذا كانت من هذا السائل الذي لم يمر على نجاسة ولا هو نجس أصلاً فيعتبر مثل العرق ما يضر الصلاة، ولا يضر الوضوء ولا شيء.
لو كان هذا السائل نجساً، لكن ينزل باستمرار دائما؟
فنقول: إن هذه المرأة حكمها حكم من به سلس البول، ومثل التي عندها أيضا سلس ريح دائماً يخرج منها الريح بغير إرادتها ما تستطيع أن تتحكم فيها، فهذه تتوضأ لكل صلاة بعد الأذان، بعد دخول وقت الصلاة تتوضأ وضوءاً واحداً للصلاة بسننها وتصلي الصلاة بسننها حتى لو خرج منها سائل وهي تصلي وحتى لو خرجت منها الريح وهي تصلي إذا كان عندها سلس في هذه الأشياء النجسة التي تخرج وتغسل ما أصاب ملابسها من هذه السوائل النجسة.
دم النزيف والتفريق بين الدماء
بالنسبة للنزيف قد يصيب المرأة نزيفاً يخرج منها دم أثناء الحمل، فإذا كان الدم ليس بدم حيض فإنها لا يضرها تصلي وتصوم لأن هذا دم عرق دم نزع وليس دم حيض أو نفاس لكن في بعض الحالات بعض النساء وهي حامل تأتيها الدورة الشهرية الصحيح ان الحمل لا يمنع الدورة الشهرية، بعض النساء ممكن تأتيها الدورة وهي حامل ففي هذه الحالة تعتبر حائض وتمتنع عن الصلاة والصيام.
مسائل متعلقة بالزكاة على المرأة
نأتي على قضية مسائل تتعلق بالزكاة، وأول شيء بالنسبة للزكاة يجب على المرأة أن تخرج من الرصيد المالي الذي عندها 2,5% إذا حال عليه الحول وهذه أسهل الطرق، يعني إذا بدأت باستلام أول راتب في 15 شعبان 1407 إذا جاء 15 شعبان 1408 وفي أثناء الفترة هذه جاء لها رواتب وأنفقت وصرفت وجاءها أُعطيات مثلاً انتداب أو علاوات أو أشياء من هذا القبيل، أو هدايا مالية، المهم ترى الرصيد الذي عندها بعد سنة كاملة تطلع 2,5% منه سواء جاء قبل فترة بسيطة أو فترة طويلة وهذا الأريح والأحوط والأسمح للنفس والأنفع للفقراء ولها الأجر من الله .
زكاة الحلي عند النساء
بالنسبة للحلي الراجح في الحلي أن فيه زكاة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أبي داود بإسناد حسن أن امرأة جاءت إلى الرسول ﷺ ومعها بنت لها وفي يدها سواران من ذهب، مسكَتَان غليظتان من ذهب فقال ﷺ: أتؤدين زكاة هذا قالت: لا، قال: أيسُّرك أن يسوّرك الله بهما سوارين من نار يوم القيامة [رواه أبو داود: 1563، و أحمد: 27578، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: 1396]. ليس معقولاً أن يتوعد الرسول ﷺ المرأة على شيء ليس واجباً، ما توعدها إلا وهو واجب، وقوله: أتؤدين زكاة؟ هذا دال على استمرار الأداء، يعني أنها سنوياً تؤدي.
فالعلماء الذين قالوا أنه ليس فيه زكاة ما دام ملبوساً أو يُعار، والعلماء الذين قالوا زكاته مرة واحدة في العمر، كلما اشترت قطعة تزكيها فقط، وما عليها بعد، هؤلاء ليس الدليل معهم، وإنما الدليل على من قال أن زكاة الذهب والفضة لو كان مستعملاً أو معاراً هو واجب لهذا الحديث الصحيح الذي عُرف، وهذا هو رواية عن الإمام أحمد وهو قول الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- [المبسوط للسرخسي: 2/192]. وأفتى به من المعاصرين سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين وغيرهم من أهل العلم، والنِّصاب الذي إذا بلغ تخرج ثمانين غراماً تقريباً، لو صار ثمانين وأكثر تأخذه للصائغ وتوزنه وتقول له: كم قيمته؟ لأنه هناك عيار 15 وعيار 21 فبعد حساب قيمته تخرج 2,5% من قيمته.
ولو لم يكن عندها سيولة وليس عندها مال تخرج نقداً، تبيع من ذهبها قطعة بقدر الزكاة، أو إذا عندها قيمتها بقيمة الزكاة، ممكن تعطي هذه القطعة لواحدة من الفقراء، ويكون قد انتهى ما عليها من حق الله -عز وجل-.
هل هي التي عليها الزكاة أو زوجها الذي عليه الزكاة؟
الجواب: هي التي عليها الزكاة؛ لأنها هي صاحبة المال .
لو تبرع زوجها بإخراج الزكاة عنها هل يجزئ؟
الجواب نعم، لو تبرع ولدها أو أخوها أو زوجها أو أبوها لإخراج الزكاة عندها فإنه جائز يجزئ ما تطلع شيء، يكفي ما أخرجه هو، لكن بعد أخذ إذنها حتى تكون النية موجودة، يأتيها يقول: تسمحين أن نخرج عنك أو أخرج عنك؟ فتقول له: أذنتُ لك بالإخراج، أو أخرج، فتكون هي قد نوت الإخراج، لكن عن طريق واحد يتبرع لها، فعند ذلك يصح، لكن لو جاء واحد وقال: أنا أخرجتُ عنك وهي ما تدري؟ فهذا لا يعتبر زكاة ولا تصح كزكاة، بل تعتبر كصدقة، وعليها إعادة إخراجها؛ لأنه لا بد من النية قبل الإخراج، يعني لو واحدة مثلاً أخرجت 1000 ريال صدقة في رمضان بعد ذلك جاءت حسبت زكاة الذهب خرج عليها خمسة ألف ريال، زكاة الذهب، هل يصح أن تقول تلك الألف الصدقة التي قبل خمسة عشر يوماً طلعتها أعتبرها من الزكاة ويصير الباقي علي أربعة آلاف؟
الجواب: لا يجوز؛ لأنها ما نوت عند إخراجها أنها زكاة نوتها صدقة فإذن لا بد من النية.
بالنسبة لزكاة الفطر الزوج الذي ينفق على المرأة المكلّف شرعاً بالإنفاق على المرأة مثل الأب والزوج هو الواجب عليه أن يخرج حتى ولو كان المرأة لها دخل وهي في بيت أبيها، فأبوها هو الذي يخرج زكاة الفطر صاعاً عنها أو كانت في بيت زوجها فزوجها الذي يخرج عنها؛ لأنه هو المكلف بالإنفاق عليها، ولو كان لها راتب.
لكن لو قالت: أنا سوف أخرج عن نفسي، فيجوز لها ذلك تخبره وتقول أخرج عن نفسي وتخرج هي عن نفسها، طيب لو أنها موظفة أحبت أن تخرج عن أفراد أسرتها كلهم، فهل يجوز؟ نعم بشرط أن تأخذ إذنهم تقول لأبيها أو لزوجها: أنا أرغب في إخراج زكاة الفطر من مالي، فهل تأذن؟ فإذا أذن لها فتخرج هي من مالها عن الجميع ويجزئ ذلك، ويستحب إخراج الزكاة عن الجنين في بطن أمه، لا يجب وإنما يستحب.