الحلقة الثانية والعشرون: آية (56) الأحزاب{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}: يبين الله -سبحانه وتعالى- أن لمحمدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- منزلة عظيمة، حيث أنَّه يذكره في الملأ الأعلى ويثني عليه، وأنَّ صلاة الله على نبيِّه دليل على كمال حاله ورفعة درجته وعلو منزلته عنده وعند خلقه، وشرَّف الله نبيَّنا بهذه الصَّلاة في حياته وبعد موته، فصلاة الله على ببيِّه هي ثناؤه عليه وذكره في الملأ الأعلى بين الملائكة، وصلاة الملائكة عليه ثناؤهم عليه ودعاؤهم له، وصلاة العباد تشريفٌ وتعظيم لشأنه، فابتدأ الله ذلك بقوله: {إِنَّ اللَّهَ} وذلك لإدخال المهابة والتَّعظيم على الحكم بذكر لفظ الجلالة، ثُمَّ ثنَّى بالملائكة وخصَّهم من بين المخلوقات؛ لأنَّهم أشرف المخلوقات، ثُمَّ أمر الله المؤمنين بالصَّلاة عليه، وذكر ذلك بصيغة المضارع {يُصَلُّونَ} لأنَّها تفيد الدَّوام والاستمرارية. .... المزيد |
الحلقة الحادية والعشرون: آية (34) لقمانقال الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. إنَّ هذه الأمور هي مفاتيح الغيب الخمسة التي استأثر الله بها فلا يعلمها إلَّا هو تعالى، ولا يطلع عليها أحداً من خلقه كائناً من كان، فلا يعلمها نبيٌّ مرسلٌ ولا ملكٌ مقرَّبٌ ولا وليٌّ مخلصٌ فضلاً عن غيرهم، فقد يطلع الله بعض عباده على بعض الأمور الغيبية كأشراط السَّاعة ونحوه وهو ما قد أخبرنا عنه وبيَّنه لنا نبيُّنا محمدٌ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ومفاتيح الغيب الخمسة هي: السَّاعة، ونزول المطر، والله عنده وحده علم الأجنَّة، ويعلم الله ماذا تكسب الأنفس من كسبٍ دنيويٍ وكسبٍ أخروي، وكذلك لايعلم إلَّا الله متى ستموت كُلُّ نفسٍ وفي أيِّ أرض. .... المزيد |
الحلقة العشرون: آية (68) القصصقال الله -تعالى-: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. يقرِّر سبحانه وتعالى في هذه الآية حقيقةً مهمَّةً ينبغي أن ترسخ في عقل كُلِّ مسلمٍ، وهي: أنَّه سبحانه وتعالى وحده المتفرِّد بالخلق والاختيار، ليس له في ذلك منازعٌ ولا معقِّبٌ سبحانه وتعالى، فيخلق ويختار ويصطفي ما يشاء؛ والخلق في كلام العرب هو ابتداع الشَّيء على طريقة مبتكرة، وكُلُّ شيءٍ خلقه الله فقد ابتدأ خلقه من غير تقليدٍ لشيءٍ سبق، فالتَّنوع الهائل في المخلوقات يدلُّ على قدرةٍ وخبرةٍ وعلمٍ وحكمةٍ، فلله في كُلِّ شيءٍ خلقه قصدٌ وغايةٌ وليس عبثاً. .... المزيد |
الحلقة التاسعة عشر: آية (183) الشعراءقال الله -تعالى-: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. تتحدَّث هذه الآية عن قصة شعيب مع قومه، حيث كان قومه من أهل مدين تجَّاراً، وكان موقع مدين استراتيجياً حيث تمرُّ فيها قوافل القرى المجاورة، فكان اقتصاد مدين قائمٌ على التِّجارة، ولكنَّهم استغلُّوا موقعهم وتجارتهم فصاروا يفرضون على النَّاس ضرائب على المارِّين ويقطعون الطَّريق ويأخذون الأموال، وكانوا يطفِّفون في المكيال والميزان، وكانوا على شركٍ وكفرٍ، وقد قيل أنَّهم هم أول من سنَّ بخس النَّاس أشياهم واعتبروه ذكاءً في البيع والشِّراء، فبعث الله إليهم شعيباً ليدعوهم إلى التَّوحيد أولاً ثُم لمعالجة المشاكل الاقتصادية والتِّجارية. .... المزيد |
الحلقة الثامنة عشر: آية (115) المؤمنون{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} هذه الآية الكريمة تتحدَّث عن حكمة الله -تعالى- في الخلق، والحسبان هنا: هو الظَّنُّ، والعبث: هو كُلُّ عملٍ خلا من الفائدة، وهو استفهام ليس لمعرف الجواب، وإنَّما هو للتَّقرير، كما ان فيه توبيخ وتقريع وإنكارٌ على من لم يدرك المقصد من الخلق، فهل تظنُّون أنَّما خلقناكم بلا فائدةٍ؟ كلَّا، فلا يتناسب ذلك مع الحيكم -عزَّ وجلَّ-، وهذه آيةٌ عظيمةٌ جداً، ومثلها قول الله -تعالى-: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} وفي هذه ردٌّ عظيم على الملاحدة من الذين ينكرون البعث. .... المزيد |
الحلقة السابعة عشر : آية (11) الحجقال الله -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}. هؤلاء المتذبذبون في الإيمان المضطربون في الإعتقاد، لا ثبات لهم ولا استقرار؛ فإن أصابهم خيرٌ من وراء اتِّباع دينٍ أنسوا به، وإن أصابتهم مصيبة تركوه، وقد نزلت هذه الآية في قومٍ من الأعراب كانوا يأتون المدينة من البداية مهاجرين فيقيم أحدهم فيها، فيصبح المعيار والمقياس: إن صحَّ بها جسمه وولدت زوجته غلاماً وكثر مالُه، قال: هذا دينٌ حسنٌ، وقد أصبت فيه خيراً وبقي عليه، وإن مرض وولدت زوجته بنتاً، وقلَّ ماله، قال: ما أصبت منذو دخلت هذا الدِّين إلَّا شراً، فينقلب عن دنيه؛ فأنزل الله هذه الآية، وحرف الشَّيء: طرفه، فهو عُرضةٌ للسُّقوط في الرَّدة والنِّفاق، وهكذا.. .... المزيد |
الحلقة السادسة عشر: آية (63) مريم{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا}. ذكر الله -تعالى- في الآية التي قبل هذه جناتِ عدنٍ: وهي جناتُ الإقامة التي لا يخرج منها مَن دخلها، ثُمَّ ذكر في هذه الآية وصْفَ أهل الدُّنيا الذين يستحقُّون هذه الجنَّة، وتلك: أي هذه، وجاءت الإشارة إليها بتلك: تعظيماً وتفخيماً وتنوهياً بها وبشرفها وعظمها، ونعطيها لبعادنا المتَّقين وليست لأيِّ أحدٍ، وهذا فيه زيادة مدحٍ لها، ونُورث: أي نعطي ونهب بدون مقابل، وعبَّر الله بالتَّوريث عن التَّمليك؛ لأنَّه تمليكٌ في حالٍ مبتدأ بعد انقضاء أجل الدُّنيا، ولأنَّ ملك الميراث من أقوى أنواع التَّمليك؛ لأنَّه لايعقبه فسخٌ ولا إبطالٌ، وقيل: أنَّ الله أورث عباده المتَّقين المساكن التي كانت لأهل النَّار لو آمنوا. .... المزيد |
الحلقة الخامسة عشر: آية (36) الإسراء{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}. لاتقف: لا تتبع؛ لأن القفو: اتِّباع أثر الشَّيء، والله يرذد عباده في هذه الآية ألا يتبعوا ما ليس لهم به علم من قول أو فعل، ولابُدَّ أن يتثبتوا قبل أن يقدموا على أي شيءٍ، وقال النووي: "ينبغي لكُلِّ مكلَّفٍ أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلَّا كلاماً ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسُنَّة الامساك عنه؛ لأنَّه قد ينجرُّ الكلام المباح إلى حرامٍ أو مكروهٍ، وذلك كثيرٌ في العادة والسَّلامة لا يعدلها شيءٌ. .... المزيد |
الحلقة الرابعة عشر: آية (92) النحلوَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) النحل .... المزيد |
الحلقة الثالثة عشر: آية (86) يوسف{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} يخبر الله -تعالى- عن حال نبيِّه يعقوب بعد أن أُخذ ابنه يوسف ثُمَّ أُخذ الأخ الآخر، فاغتم واهتم فعاتبه بنوه أنَّه يُهلك ويُتلف نفسه بذكره ليوسف وأخيه، أرادوا أن ييئسوه من رجوع يوسف فردَّ عليهم أنَّه يشكو بثَّه وحزنه إلى الله -تعالى-، فهذه صورة الوالد المفجوع المنفرد بهمه وحزنه، فيكضم حزنه ويتجلَّد، ويؤثِّر ذلك في جسده ويبكي حتى تبيَّض عيناه من الحزن والكمد، ويفقد بصره، ثم يبين لمن حوله أنه لا يشكو ولا يبث لهم حزنه، وإنَّما لله -تعالى-. وهذه الكلمات فيها قُوَّة الإيمان بالله -تعالى-، والإحساس بحقيقة الألوهية. فالشَّكوى: إظهار ما بك من مكروه أو مرضٍ ونحوه، والبثُّ: الإخبار عن هذه الشَّكوى والألم، والحزن مما لا يقدر على إخفائه. وبيَّن نبيُّ الله يعقوب أنَّه لا يُظهر ذلك إلَّا لله -تعالى- وحده. .... المزيد |