01- مقدمة حول قصص القرآن الكريمفإن قصص القرآن آيٌ عظيم فيه عبر وعظات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن)) [رواه مسلم: 1924، والترمذي: 2894، واللفظ له]. وذلك لأن القرآن قد اشتمل على التوحيد، وهذا ثلث، وعلى الأحكام، وهذا ثلث، وعلى القصص، وهذه ثلث، فقصص القرآن ثلثه، فيها أخبار، وعِظات، وآداب، وبينات أنزلها الله –سبحانه وتعالى- لنأخذ ما فيها من هذه الفوائد، ونتعرف على ما فيها من العبر، ونتدبرها، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى}[يوسف : 111]. وفي هذه المقدمة لقصص القرآن الكريم نستعرض -على وجه الإجمال- بعض ما في هذه الآيات؛ آيات القرآن العظيمة، فنجد فيها قصة خلق آدم -عليه السلام-، وأن الله –سبحانه وتعالى- أوحى بذلك إلى الملائكة، وكانت الملائكة قد رأت ما يفعل الجن في الأرض، من سفك الدماء، والإفساد، فظنت الملائكة أن الإنس من ذرية آدم سيعملون مثل عمل الجن! .... المزيد |
مثل الحق والباطل في القرآن{أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} مثل مائي يفهه أهل البادية، ومثل ناري يفهمه أهل الصناعة، المثل المائي يفهه العرب، والمثل الصناعي يفهمه العجم: {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء} هذا المثل المائي {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا} [الرعد: 17] هذا مثل طبيعي أن ينزل الماء من السماء، والأودية تحتوي الماء، وأن تسيل وتحتفظ بهذا الماء، وأن السيل يكون على وجهه، .... المزيد |
الحلقة الثلاثون: آية (2) التكاثرقال الله -تعالى-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}: يبيَّن الله -عزَّ وجلَّ- أن قد شغلتكم المباهاة والمفاخرة والمكاثرة بالمال والعدد عن طاعة ربِّكم وما ينجيكم من سخطه، حتى مُتم ودُفنتم في المقابر، قال قتادة: نزلت في اليهود، لما قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، شغلهم ذلك حتى ماتوا ضُلَّالاً، وقد وعظ النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أصحابه؛ كما جاء في بعض الرِّوايات فقال: ((ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم التَّكاثر)) فجعل التَّكاثر مقابل الفقر، وهو طلب الكثرة بالغنى، ويجمع ما سبق أنَّ التَّكاثر المُلهي هو كُلُّ ما أشغل عن طاعة الله -تعالى-. .... المزيد |
الحلقة التاسعة والعشرون: آية (12) الملكقال الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}. تدور هذه الآية الكريمة على خشية الله -تعالى-، وبيان فضل أهل الخشية وعظيم أجرهم، وتثبيتهم على عملهم، وحثٍ لغيرهم على التَّشبه بهم، فالخشية: خوفٌ مع تعظيم، وهذا لايكون إلَّا مع العلم بالله -تعالى-، ولذلك خصَّ الله العلماءَ بالخشية في قوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فالخوف لعامَّة المؤمنين والخشية للعلماء والمقرَّبين، والخشية من أعظم ثمرات الهداية، وقد امتدح الله -سبحانه وتعالى- الذين يخشونه بالغيب أي: وهم غائبون عن أعين النَّاس في السِّرِّ والخلوة، وبيَّن اللهُ -عزَّ وجلَّ- أنَّ عاقبة هؤلاء المغفرة والأجر الكبير. .... المزيد |
الحلقة الثامنة والعشرون: آية (1) المجادلةقال الله -تعالى-: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}. تُسمَّى هذه السُّورة بالمجادلة. نزلت هذه الآيات الكريمات في خولة بنت ثعلبة وقيل خويلة وزوجها أوس بن الصامت، لما اشتكته إلى الله وجادلته إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما ظاهرها وحرَّمها على نفسه، بعد الصُّحبة الطَّويلة، والأولاد، وكان هو رجلاً شيخاً كبيراً، ولا شك أنَّ الظِّهار -وهو قول الرَّجل لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي- منكرٌ عظيمٌ ولا يجوز، ومن وقع فيه فعليه كفَّارة مغلَّظة: إعتاق رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، وق كان الظِّهار طلاقاً في الجاهلية، وكان هذا أول ظهارٍ في الإسلام فبيَّن الله حكمه وشرع له هذه الكفَّارة ولم يعتبره طلاقاً. .... المزيد |
الحلقة السابعة والعشرون: آية (29) الفتحقال الله -تعالى-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}. وصف الله في هذه الآية رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه من المهاجرين والأنصار بأكمل الصِّفات، وأجلِّ الأحوال، وأنَّهم {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} أي: جادُّون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، وأنَّهم متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، فإنك{تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} أي: وصفهم كثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود، يَبْتَغُونَ بتلك العبادة فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا، وهذا وصفهم الذي وصفهم الله به، مذكور بالتَّوراة هكذا، وأما مثلهم في الإنجيل فإنهم كزرعٍ أخرج فراخه، فوازرته فراخه في الشباب والاستواء، يعجبُ الزُّرَّاعَ من كماله واستوائه، وحسنه واعتداله، كذلك الصحابة -رضي الله عنهم-، هم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج النَّاس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه. .... المزيد |
الحلقة السادسة والعشرون: آية (2) الحجرات{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} إنَّ المجتمع المسلم له آدابٌ مع الله ومع نبيِّه -صلَّى الله عليه وسلَّم-، والتَّعظيم له، واحترامه، وإكرامه، فأمر الله عباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالله وبرسوله من امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، وأن يقوموا بأوامر الله، متَّبعين لسُنَّة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في جميع أمورهم، و أن لا يتقدِّموا بين يدي الله ورسوله، ولا يقولوا حتى يقول، ولا يأمروا حتى يأمر، فإنَّ هذا حقيقة الأدب الواجب مع الله ورسوله، وهو عنوان سعادة العبد وفلاحه، وبفواته تفوته السَّعادة الأبدية، والنَّعيم السَّرمدي. .... المزيد |
الحلقة الخامسة والعشرون: آية (53) فصلت{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}: هذه الآية فيها وعدٌ من الله لعباده بإن يطلعهم على شيءٍ من خفايا هذا الكون ومن خفايا أنفسهم حتى يتبيَّن لهم الحقُّ، فقال الله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا} أي: سنظهر لهم دلائلنا وحججنا على أنَّ هذا القرآن حقٌّ منزَّلٌ من عند الله، والآيات التي في الآفاق الدَّالَّة على أُلوهيته وربوبيته ليست هي الفلكية فقط؛ بل كُلُّ شيءٍ في هذه الحياة من تدبَّره وتأمَّله قاده إلى التَّصديق بعظم الله -سبحانه وتعالى-، وسيجد الأنسان نفسه منقادةً إلى الإيمان بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم-. .... المزيد |
الحلقة الرابعة والعشرون: آية (51) غافر{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}: تتحدَّث هذه الآية عن حقيقةٍ عظى وهي وعد الله لأنبيائه وأوليائه بالنَّصر وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة، فمهما طال الزَّمن واشتدت الفتن وكثرت المحن، وقد تكرر معنى هذه الآية في آياتٍ أخرى بأساليب متنوعة، فقال الله: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} وقال: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} وقال: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} والنَّصر له صورٌ متعددِّةٌ؛ فقد يكون بالغلبة المباشر والقهر للأعداء على أيدي هؤلاء الرسل والمؤمنين، وقد يكون النصر بإهلاك المكذبين بالآيات الكونية ونجاة الأنبياء ومن معهم، هذا في الدنيا ولهم العاقبة في الآخرة بالفوز بالدَّرجات العلى من الجنَّة. .... المزيد |
الحلقة الثالثة والعشرون: آية (23) الزمر{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} يخبرنا الله -تعالى- في هذه الآية عن صفات كتابه المنزَّل، فذكر له خمس صفات: فهو أحسن الحديث بلاغةً وأحسن جميع الكتب المنزَّلة، وهو كتابٌ مجموعٌ يُتلى ويبقى حجَّةً على مرور الأزمان، وأنَّه متشابهاً في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف، وأنَّه مثاني: مفردها مثنى، مؤخوذة من التثنية وهي التكرار؛ لأنَّه تتكرَّر فيه القصص والأحكام ونحوه، وأنَّه تقشعر منه جلود المؤمنين عندما يمرُّون على آيةٍ تتحدَّث عن عظمة الله -سبحانه وتعالى- أو تذكر هول عذابه، وتلين إذا تُليت آياتُ الرَّحمة وجزاء المحسنين في الجنَّة. .... المزيد |