السبت 19 شوّال 1445 هـ :: 27 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الفرح بفضل الله وقبول الطاعة


عناصر المادة
أهمية الفرح بالحق.
هدي النبي في الفرح.
أنواع الفرح.
فرح المنافقون.
علامات القبول.

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد:

أهمية الفرح بالحق.

00:01:04

فإن المؤمن الحق ما بين فرح بطاعة وأمنية بقبولها، فيفرح إذا جاء موسمها ويرجو ربه أن يقبلها منه إذا قام بها.

تجد ما بين رمضان والحج طاعات كثيرة، فرمضان بما فيه من هذه العبادات إلى الحج وما فيه من العبادات وما بينهما من ستة شوال وأشهر الحج عبادات عظيمة متوالية، نكون في أول رمضان والنفس تتوق وتفرح وتقبل، والحقيقة أن الفرحة بالطاعة شيء عظيم، سواء كانت فرحة بقدوم رمضان، فرحة بالحج، وفرحة بالعبادات الأخرى فرضها ونفلها.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَسورة يونس57-58، فيقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بك وبما أنزل إليك من عند ربك: بِفَضْلِ اللّهِ يعني: يا أيها الناس الذي تفضل به عليكم وهو الإسلام وأحكامه، وَبِرَحْمَتِهِ أي: التي رحمكم بها وأنزل إليكم بها هذا الدين وعلمكم ما لم تكونوا تعلمون، وبصركم بمعالم الأحكام، وبين لكم شعائر الإسلام وهدي القرآن، فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ فإن الإسلام الذي دعاهم إليه، والقرآن الذي أنزله عليهم، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وأموالها وكنوزها، بفضل الله هذا القرآن، وبرحمته أن جعلكم من أهل القرآن، وقال بعض السلف: فضله الإسلام ورحمته القرآن، وجاء عن ابن عباس: بفضل الله القرآن، وبرحمته حين جعلهم من أهل القرآن؛ ولذلك يقول محمد بن كعب: إذا عملت خيراً حمدت الله عليه فافرح فهو خير مما تجمعون من الدنيا.

فنعمة الدين المتصلة بسعادة الدارين لا نسبة بينها وبين جميع ما في الدنيا مما هو مضمحل وزائل، أي نسبة؟ ما في نسبة، وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته لأن هذا يوجب انبساط نفوس المؤمنين ونشاطه للطاعة وشكر الله عز وجل والرغبة في العلم والإيمان والازدياد منهما، بخلاف الفرح بشهوات الدنيا فإنها تؤدي إلى أشر وبطر؛ ولذلك الفرح التام والسرور الكامل والابتهاج والنعيم الحقيقي قرة العين بالله وبما يعين على طاعته، والمحجوب حقاً الحزين فعلاً المستوحش يقيناً مضطرب القلب المقطوع عن الله وعن عبادته

فنعمة الدين المتصلة بسعادة الدارين لا نسبة بينها وبين جميع ما في الدنيا مما هو مضمحل وزائل، أي نسبة؟ ما في نسبة، وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته لأن هذا يوجب انبساط نفوس المؤمنين ونشاطه للطاعة وشكر الله عز وجل والرغبة في العلم والإيمان والازدياد منهما، بخلاف الفرح بشهوات الدنيا فإنها تؤدي إلى أشر وبطر؛ ولذلك الفرح التام والسرور الكامل والابتهاج والنعيم الحقيقي قرة العين بالله وبما يعين على طاعته، والمحجوب حقاً الحزين فعلاً المستوحش يقيناً مضطرب القلب المقطوع عن الله وعن عبادته

، الله لا يحب الفرحين بالدنيا وزينتها، كما جاء في قصة قارون، لكن أمر المؤمنين بالفرح بفضله ورحمته.

عن أنس رضي الله عنه: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: (وماذا أعددت لها؟) قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله، قال: (أنت مع من أحببت) قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنت مع من أحببت)[رواه البخاري3688 ومسلم2639]متفق عليه، إذن هذا فرح الصحابة بالبشارة العظيمة: (أنت مع من أحببت)، يعني: نحن نحب أقواماً ولم نبلغ منازلهم ولا أعمالهم ولا مقاماتهم لكن حبنا لهم يلحقنا بهم، هذه نعمة كبيرة، ولماذا لا نفرح؟

هدي النبي في الفرح.

00:05:38

النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرح سر واستنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، لكن يفرح بماذا؟ يفرح بدخول الناس في الإسلام، يفرح بدخول ناس لهم مكانة في الدين لإعزاز الدين، لما أسلم عكرمة بن أبي جهل وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، لما رأى عليه الصلاة والسلام وثب إليه فرحاً وما عليه رداء حتى بايعه، والحديث في الموطأ وعند عبد الرزاق قال النووي: روي مرسلاً ويجوز الاحتجاج به لشواهده.

طيب حرص النبي صلى الله عليه وسلم على دخول الناس في الإسلام سيجعله عندما يدخلون وخصوصاً أعيانهم يفرح؛ لأن هذا من مصلحة الدين، فرح بالإسلام عدي بن حاتم من وجهاء العرب، قال عدي: فرأيت وجهه تبسط فرحاً. رواه الترمذي وحسنه الألباني.

كان عليه الصلاة والسلام يفرح بظهور الحق، فرح لما جاء واحد من خبراء العرب من القافة ومعرفة الأثر وشهد بصحة نسب أسامة بن زيد إلى أبيه رضي الله عنهما، وكان المنافقون قد طعنوا في ذلك، فكان أسامة أسود كالفحم وزيد أبيض كالقطن، طعن المنافقون في نسب هذا من هذا؛ لأنهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم يحبهما، من أحب الناس إليه، فسر سروراً عظيماً، حتى دخل على عائشة وأسارير وجهه تبرق فرحاً واستبشاراً، لماذا؟ لوجود شاهد عربي الآن خبير بدون ما يسئل شهد، هذا كتم للمنافقين، ودحض للذين يقعون في أعراض الناس.

فرح النبي صلى الله عليه وسلم بظهور براءة عائشة قال: (أبشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك) قالت: وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه.[رواه البخاري باب إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة].

فرح عندما اختارته عائشة لما نزلت آية التخيير فقالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة؟ قالت: ففرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث عند مسلم وأحمد.[رواه مسلم1478]

كان يفرح إذا سمع خبراً يصدق بعض ما أخبر به، كما جاء في قصة تميم الداري، فالنبي عليه الصلاة والسلام حدثهم عن الدجال، وجاء تميم الداري وحدثهم عن قصة بحرية عجيبة تؤكد ما قال النبي عليه الصلاة والسلام ففرح، جاء عند الترمذي: (إن تميماً الداري حدثني بحديث ففرحت فأحببت أن أحدثكم)[رواه الترمذي2253]وذكر قصة الدجال الطويلة.

كان عليه الصلاة والسلام يفرح إذا حصل لبعض أصحابه خير، كما فرح بتوبة الله على كعب بن مالك، يفرح لأن بعض أصحابه يعني حصل أو وصل إلى نتيجة عظيمة في العلم، مثل أبي عرف أي آية أعظم في كتاب الله، قال: (ليهنئك العلم أبا المنذر)[رواه مسلم810].

يفرح بسماع الكلام الجميل، يعني المقداد في يوم بدر لما قال للنبي عليه الصلاة والسلام: لا نقول كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن نقاتل عن يمينك وعن يسارك، ومن بين يديك ومن خلفك، فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسره ذاك.[رواه البخاري4609]رواه البخاري.

فرح بمبادرة الصحابة إلى طاعة الله، لما دعاهم للتصدق وجاء واحد بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، وتتابع الناس، حتى اجتمع كومان من طعام وثياب، قال الراوي: "حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة"[رواه مسلم1017]رواه مسلم، ليش؟ سروراً بما فعل المسلمون من البذل والعطاء والجود والصدقة والمبادرة، والآن سدت حاجة المحاويج.

كان عليه الصلاة والسلام إذا جاءه ما يفرحه سجد شكراً لله، الفرح بفضل الله ورحمته مثل فرحة كعب بن مالك بتوبة الله عليه، يعني لما قال له قائل: أبشر بتوبة الله، يعني سجد شكراً، ونزع ثوبيه وأعطى الذي وصل إليه صوته أولاً، نزع عليه، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يبرق وجهه من السرور لما جاءه كعب يقول: (أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك)[رواه البخاري4418].

أنواع الفرح.

00:10:38

هذا الفرح بفضل الله، فالفرح يعني بالطاعة، بقدوم رمضان، بالحج، بمواسم العبادة، الفرح بيوم عرفة، الفرح بالأضحية، الفرح يأتي عاشر محرم يصام مع تاسوعاء، الفرح بستة شوال، الفرح بختم القرآن، الفرح بنصر الله، نسأل الله أن ينصر المسلمين، الآن ملاحم تدور معارك، الآن مواجهة بين الحق والباطل، مواجهة بين الظالم والمظلوم، مواجهة بين الإيمان والطغيان، غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَسورة الروم2-4، يفرح المؤمنون بهزيمة الكفر، يفرح المؤمنون بانتصار الأقل شراً على الأكثر شراً، الأقل كفراً على الأكثر كفراً، يفرح المؤمنون بزوال طغيان، يفرح المؤمنون بانتصار أهل الإيمان والدين.

وكذلك يعني من الفرحة الشهداء: فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَسورة آل عمران170، فرحين بما آتاهم الله من فضله من الخير والكرامة والرزق، فرحين الله وفقهم للشهادة وتفضل بها عليهم وأنعم، وجاءهم الآن من رزق الجنة.

من الفرح الإيماني الفرح برؤية أهل الإيمان: عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحكت"[رواه البخاري3036 ومسلم2475]متفق عليه، وجرير كان من ملوك اليمن، يعني: من أبناء ملوك اليمن وسلالة وجاء الرجل وبايع وتواضع، ما بقي في ملك أهله.

من الفرح يعني فرح الصحابة بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة: لما يأتي المعلم المزكي المربي، لما يأتي نبيهم المنتظر، كما جاء في البخاري عن البراء بن عازب قال: "أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وكانا يقرآن الناس، فقدم بلال وسعد وعمار، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: فخرج الناس حين قدمن المدينة في الطرق، وعلى البيوت من الغلمان والخدم يقولون: جاء محمد، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم"[رواه ابن حبان6281]وهذا الحديث عند ابن حبان صحيح.

وعن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ببعض المدينة فإذا هو بجوار يضربن بدفهن ويتغنين -جوار يعني: بنات صغيرات- ويقلن:

نحن جوار من بني النجار *** يا حبذا محمد من جار

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله يعلم إني لأحبكن)[رواه ابن ماجه1899]رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

في فرح بلقاء العلماء: البخاري لما قدم نيسابور، البخاري الإمام العظيم الحافظ الكبير أمير المؤمنين في الحديث، استقبله أربعة آلاف رجل على الخيل، سوى من ركب بغلاً أو حماراً وسوى الرجالة، يقول الإمام محمد بن يعقوب بن الأخرم: ففرحت فرحاً شديداً، وقال ابن عساكر رحمه الله: إن شيخه منصور بن ماشاذة الأصبهاني حدث عن شيخه، أبي منصور من أعيان العلماء: أنه قدم بغداد حاجاً في سنة أربعة وعشرين فلم يبق بها من المذكورين أحد إلا تلقاه وسروا بقدومه، وعقد المجلس في جامع القصر، عقد لهم مجلس العلم مجلس الحديث.

لما قدم الشافعي على الزعفراني نزل عليه، فكان الزعفراني يكتب للجارية ما يصلح من الألوان كل يوم لطعامه، فدعا الشافعي يوماً الجارية ونظر في الكتاب فزاد بخطه لوناً اشتهاه، يعني: نوعاً من أنواع، لوناً يعني: نوعاً من أنواع الطعام، فلما حضر الطعام أنكر الزعفران اللون الذي لم يأمر به، يعني: في إضافة، فسأل الجارية فأخبرته، فلما نظر في الرقعة ووجد بخط الشافعي أعتق الجارية فرحاً بذلك، أعتق الجارية فرحاً أن ضيفه الكبير الشافعي طلب نوعاً من طعام، كأنه يعني ما في بدون كلفة هكذا طلب منه، طلب كأنه بيته ما رأى غضاضة من ذلك ففرح.

الآن نحن نفرح باجتماع الناس في الحرم، نفرح باجتماع الناس الأعداد الهائلة في صلاة التراويح، فرحنا بذلك، ونفرح إن شاء الله مراراً وتكراراً، نسأل الله أن يبلغنا رمضان، ورمضان ورمضان، وأن يتقبل منا، وأن يجعلنا ممن أعانهم على ذكره وشكره وحسن عبادته.

أحياناً يخص الشخص بفضل، فيفرح بفضل الله: النبي عليه الصلاة والسلام لما قال لأبي بن كعب: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك:لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِسورة البينة1قال أبي: وسماني؟ قال: (نعم) فبكى أبي.[رواه البخاري3809 ومسلم799]أخرجه البخاري ومسلم، سماني؟ يعني: الله نص على اسمي، طيب بكى من أي شيء؟ من شدة الفرح والسرور، وقيل: خوفاً من تقصيره في شكر النعمة.

النبي عليه الصلاة والسلام كان يفرح بإسلام، مثلاً غلام اليهودي لما أسلم ومرض: وأتاه النبي عليه الصلاة والسلام يعوده قعد عند رأسه وقال: (أسلم) وأبوه أشفق عليه وقال: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم وأسلم، خرج النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار).[رواه أحمد12962].

كم فرح المسلمون بإسلام عمر بن الخطاب، ونحن ينبغي اليوم أن نفرح لما نسمع بإسلام أعداد من الناس ومساجد تبنى في الأرض.

فرح أبو هريرة بإسلام أمه رضي الله عنهما، قال: "كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، ودعوتها يوماً وأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت عليه الصلاة والسلام وأنا أبكي قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اهد أم أبي هريرة) قال أبو هريرة: فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فصرت إلى الباب -يعني: عند باب بيت والدته- فإذا هو مجاف -يعني: مغلق- فسمعت أمي خشف قدمي صوتاً، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضت الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت وأنا أبكي من الفرح، قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وأثنى عليه وقال خيراً، قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحبب لي أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم حبب عبيدك هذا -يعني: أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين)، فما خلق مؤمن -يقول أبو هريرة- يسمع بي ولا يراني إلا أحبني)[رواه مسلم2491]رواه مسلم، معنى ذلك: الذي يبغض أبو هريرة ماذا يكون؟ ليس بمؤمن: كافر.. منافق.. زنديق.. مشرك.. من أعداء الدين، ما في مؤمن يسمع بي إلا أحبه، فالذي ما يحب أبو هريرة ماذا يكون؟ بنص الحديث ومفهومه.

من الفرحة الفرحة بهلاك الظالمين، هذه فرحة إيمانية: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْسورة يونس58بالقرآن وبالإيمان وبالدين، وأيش؟ ونجاة المؤمنين وهلاك الظالمين، عن حماد قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج فسجد، هذا ظالم، كم سفك من دماء؟ يمكن مئات الآلاف، قال حماد: ما كنت أرى أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت إبراهيم بكى من الفرح.

من الفرحة الفرحة بهلاك الظالمين، هذه فرحة إيمانية: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْسورة يونس58بالقرآن وبالإيمان وبالدين، وأيش؟ ونجاة المؤمنين وهلاك الظالمين، عن حماد قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج فسجد، هذا ظالم، كم سفك من دماء؟ يمكن مئات الآلاف، قال حماد: ما كنت أرى أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت إبراهيم بكى من الفرح.

وعن عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس: أن أباه لما تحقق موت الحجاج تلا قول الله تعالى: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَسورة الأنعام45، ولذلك لمن يموت اليوم ظالم وإلا نتخلص من طاغية طبعاً المؤمن يفرح، وليش ما يفرح؟

من الفرح: الفرح بثواب الله، فرح الصائم بالفطر وبلقاء ربه، كما في رمضان، يقول الله عز وجل: (الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي)، و(الصوم جنة)، و(للصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقى ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)[رواه البخاري7492 ومسلم1151]رواه البخاري ومسلم، يعني الآن يفرح أن الله أتم عليه اليوم، ويفرح أن الله أباح له عند المغرب ما كان قد حرمه عليه قبله؛ ولذلك يعني الفرح بتناول الطعام بعد الجوع والعطش طبيعي، لكن يصير فرحة إيمانية لما تفرح بما أباح الله لك مما كان قد منعك عنه.

يفرح عند لقاء ربه لما يرى الثواب الذي أعطاه الله إياه عند الموت، إذا تنزلت الملائكة، أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، إذن هنا قضية الفرح برحمة الله وبشرع الله مثل ما فرح المسلمون بقدوم موسم الطاعة في رمضان، يفرحون كل رمضان يأتي لماذا؟ لأن في بشائر، تفتح أبواب الجنان تغلق أبواب النيران، هذا شهر العتق، هذا شهر يجود فيه الله على عباده، هذا في ليلة القدر خير من ألف شهر يا أخي عبادة ليلة ولا أكثر من ثلاثة وثمانين سنة فضلها، يتجلى فيه قوة المسلمين، اتحاد المسلمين، عبادة واحدة، كل المسلمين في الأرض، الناس في العالم تسأل ما هو الصيام؟ حتى الفقراء يفرحون بقدوم رمضان؛ لأن فيه شهر الإحسان، وإخراج الزكاة، وإطعام الطعام، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان: (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم)[رواه النسائي2106].

طيب الآن الفرح بالعيد من أي وجه يعني؟ إتمام العبادة، يفرح المسلم بأن وفقه الله لصيام رمضان كاملاً، يشكر ربه على هذه النعمة، فناس ما بلغوا رمضان وناس ما أتموا رمضان وناس بلغوا رمضان وما استطاعوا الصيام، فإذا أنعم عليك ببلوغ الشهر وبصيامه وبإتمامه وجاء العيد يا للفرحة، يا للفرحة بالتمكين من العبادة، والإعانة على العبادة.

ثم يعني في عيد الفطر يفرح قوم زينوا الصيام، وكملوا القيام، وكفوا الألسن، وعفوا الأبصار، وصفوا القلوب من الأكدار، فعادوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، لماذا لا يفرحون؟ حق لهم أن يفرحوا يستبشروا، فهم يرجون ثواب الله: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)[رواه البخاري38 ومسلم760]، الواحد يرجو، أفراح المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما هو بمولاهم إذا فازوا بإكمال طاعته وحازوا ثواب الأعمال، هذا معنى قول الله: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَسورة يونس58.

ما فرح أحد بغير الله إلا بالغفلة، الغافل فرحه فرح لهو واتباع هوى، فرح بمعصية؛ ولذلك في فرح مذموم: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَسورة القصص76يعني: الأشرين البطرين المتعلقين بالدنيا، وفرحوا بالحياة الدنيا: وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَاسورة الشورى48، وقارون أيش قالوا له؟ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَسورة القصص76لازمه الفرح حتى صار خلاص بطر وأشر، صار من الأشرين البطرين، لا يشكر الله على ما أعطاهم، صار باغي يبغي، صار بخيل.

والفرح يكون أحياناً بالبلاء كما يكون بالرخاء، لكن ينبغي يعني الواحد أحياناً درجة الصبر واليقين حتى ربما فرح بابتلاء لما يرجو فيه من تكفير السيئات والذنوب ورفع الدرجات وكتابة الحسنات، والمؤمن لا يبطر مثل ما ذكر الله عن ذلك الشخص: وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌسورة هود10فعنده الفخر وعنده الفرح خلاص يعني راح الفقر راح المرض صار البغي وصار الجور وصار الطغيان وصارت المعاصي، وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ يعني: صحة سعة رزق بعد مرض وفقر، لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ بطر فخور، هذا ليس من صفات المؤمنين، ليس هذا هو الفرح الشرعي، الكافر يفرح بالدنيا ولا يلتفت إلى نداء الآخرة، وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌسورة الرعد26، ففرحه قاصر مذموم، يعني: سليمان أيش قال لملكة سبأ؟ فرح أهل سبأ بهديتهم وهي تافهة دنيوية: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَسورة النمل35، أيش جواب سليمان عليه السلام قال؟ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَسورة النمل36، تفرحون بهذه الدنيويات، أنا أفرح بالإيمان، أنا أفرح بالوحي، أنا أفرح بنصر الله.

في فرح بالكذب والخداع، الله قال: لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌسورة آل عمران188هذه نزلت كما قال ابن عباس في أهل الكتاب، كتموا خبر النبي عليه الصلاة والسلام، وفرحوا بكتمانهم، خبر النبي عليه الصلاة والسلام، ففرحوا بأيش؟ فرحوا بالكفر، فرحوا بكتم الحق.

فرح المنافقون.

00:27:24

فرح المنافقون، بل بأي شيء فرح المنافقون؟ بتخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله، ماذا قال؟ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَسورة التوبة81، ففي بعض الناس يفرح إذا فاتته الطاعة، سبحان الله! وفي أهل الإيمان يفرحون إذا جاءت الطاعة، وإذا أقبلت واقتربت فرحوا، فرحوا جاء رمضان، جاء الحج، جاء عشر ذي الحجة، اقترب كذا اقترب، وبعض الناس إذا فاتت الطاعة فرح ارتحنا، فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَسورة التوبة82.

بل بعض يعني أهل النفاق يفرح إذا أصابت المسلمين مصيبة: إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَسورة التوبة50الآن بعضهم والله في المقالات إذا أصابت أهل الإسلام مصيبة يفرح، يعبر عن فرحه يعني، المنافق هذا الزنديق، وكذلك يعني هذه من شدة العداوة للمؤمنين، المنافقون فرحوا بهزيمة أحد، من قبائح اليهود: إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَاسورة آل عمران120، فما بالك أيضاً بالذين يفرحون بالمعاصي، إذا اقترف مصيبة، إذا عثر على امرأة يزني بها والعياذ بالله، وإلا خمر يشربها، وإلا مخدرات يتعاطها فرح، بعضهم يجاهر، يبيت يستره ربه يصبح يكشف ستر الله عليه، وبعضهم يعني يجتمعون للغناء المحرم، والعزف المحرم، والرجال بالنساء والاختلاط المحرم والرقص يفرحون بالمعصية، بعضهم يخلط الطاعة، يعني: يوم العيد الذي هو المفترض أن يكون يعني يوم فرح برحمة الله وفضل الله وإتمام النعمة وبلوغ آخر الشهر، يعملون فيه المعاصي، ولذلك قال بعض السلف لمن بلغه عن قوم في عيدهم أحدثوا فسقاً، قال: إن كنتم أحسنتم في رمضان فليس هذا شكر الإحسان، وإن كنتم أسأتم فما هكذا يفعل من أساء مع الرحمن، بعض الناس يفرح يعني أمور من الدنيا هي بالحقيقة ربما تؤدي لازدياد الغفلة واستيلاء اللهو وانغماس في اللهو، فينبغي للإنسان أن يحذر، لله سطوات لا بد للإنسان أن يراقب ربه.

طيب، هذه طاعات وهذه عبادات وقام بها المسلمون وصاموا وصلوا وعبدوا ودعوا وذكروا وتلوا، يعني ماذا يرجو الإنسان إذا أدى عبادة؟ أن يقبل عمله، هذه الفرحة، هذا الرجاء، هذا التعلق، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَسورة المائدة27، الله جعل لقبول الأعمال أسباباً، وبعد العمل لا بد أن يفكر جيداً في قضية قبول العمل، طبعاً ونحن نفعله نراعي شروط القبول: الإخلاص واتباع السنة، وبعد العمل، طبعاً إخفاء العمل إذا استطعنا أو كان من الشرع إخفاء العمل، وما نسمع ولا نرائي، لكن قد يحدث إن الإنسان يعمل عملاً صالحاً يطلع الله الناس عليه بلا قصد من الفاعل، هذا الذي جاء في حديث مسلم يعني سئل النبي عليه الصلاة والسلام: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: (تلك عاجل بشرى المؤمن)[رواه مسلم2642].

النفس تعلم من عيني محدثها *** إن كان من حزبها أو من أعاديها

كذلك يعني الواحد إذا عمل العمل يهتم قبل الله مني وإلا لا؟ طيب ما علامات القبول، ونحن إذا قدمنا على العبادة نفكر في القبول ونفكر بعدها، إذا داومنا على العمل الصالح دخلنا رمضان وصمنا وقمنا وبعد رمضان استمرينا في أعمال صالحة من صيام أو قيام أو تلاوة وذكر وحرص على الخير وأهل الخير، يا جماعة هذه مدارسة القرآن هذه العبادة، الرسول الملكي مع الرسول البشري كل ليلة من ليالي رمضان يقومان بها، ونحن يعني ما هو عملنا طيب؟ وإذا فعلنا شيئاً في رمضان هل سنكمل بعده؟ فالمداومة مهمة، وصف الله أهل الجنة بأنهم: عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَسورة المعارج23؛ ولذلك من صام لله أو قام لله واحتسب الأجر حري به أن يقبل على النافلة لا ينقطع.

سئل النبي عليه الصلاة والسلام: "أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (أدومه وإن قل)[رواه مسلم782]، كان إذا عمل عملاً أثبته، كان عمل ديمة ديمة، يداوم عليه يواظب عليه لا يقطع: قليل دائم خير من كثير منقطع، (يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)[رواه البخاري1152].

ومن علامات القبول: الإتيان بالحسنة بعد الحسنة، ولذلك رغب الله عباده في فعل الحسنة بعد الحسنة: مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَاسورة الأنعام160، مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَاسورة النمل89، إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍسورة الفرقان70، (اتبع االسيئة الحسنة تمحها)[رواه الترمذي1987]كما جاء في الحديث، فالذنب بعد الذنب عقوبة، والحسنة بعد الحسنة ثواب ومكافأة وثواب، والحسنة بعد الحسنة من علامات قبول الحسنة الأولى، تجيب حسنة ثالثة من علامات قبول الحسنة الثانية، تجيب حسنة رابعة من علامات قبول الحسنة الثالثة.. وهكذا.

الحسنة بعد السيئة جميلة أيضاً: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَسورة الأعراف201، قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِسورة هود114، جاء يعني في الحديث الصحيح: "أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، فقال الرجل: يا رسول الله إلي هذا؟ قال: (لجميع أمتي كلهم)[رواه البخاري526]، فإذن إقامة الصلوات فرضها ونفلها من أسباب تكفير السيئات، هذا درجة من الزنا يكفرها الله بماذا؟ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ.

علامات القبول.

00:35:21

ومن علامات القبول: استشعار حلاوة الإيمان والطاعة والعبادة، يعني: إذا كان صمنا وقمنا ودعونا وتلونا، ما لها أثر؟ ما لها حلاوة؟ ما لها طعم؟ ولما قال في الحديث: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه)[رواه البخاري16]، فإذن في حلاوة للإيمان.

من علامات قبول الأعمال الصالحة: أن تطعم، يا مسلم يا مسلمة، حلاوة الإيمان، تذوق هذا شيء يذاق يحس به؛ لأنه غذاء القلوب، قوت النفوس، علامة على صحة القلب، هذا نتيجة الصلة بالله، هذا ثواب معجل في الدنيا: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.

ثم في علامة مهمة أيضاً: الجمع بين العمل الصالح والخوف من عدم القبول، فنحن لما نتعب في الصيام أو القيام ما نمن على الله بذلك، وهذه أيش تسوى يعني من شكر النعم الكثيرة التي يجب علينا أن نشكرها، أنت تعرف أن كل يوم أنه في عندك ثلاثمائة وستين مفصل مفاصل، وعلى كل مفصل في نعمة يجب يعني هذه أنه نعمها يجب شكرها، قال: (يجزي من ذلك ركعتان من الضحى)[رواه أبو داود5243]، وإلا على كل واحد نعمة يجب أن تشكر، في كل واحد نعمة يجب أن تشكر، (على كل سلامى من أحدكم صدقة)[رواه مسلم720].

طيب الجمع بين العمل الصالح والخوف من عدم القبول مهم؛ لأن الإنسان إذا قال خلاص يعني قال أنا يجزم لنفسه القبول، وأن الله تقبل منه، هذا ربما يستغني عن العمل يتوقف، لكن لما يتعامل مع الله بنفسية: إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَسورة المؤمنون57-61، عرفتم أيها الإخوة الأخوات أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ إذن ماذا نفهم؟ من الذي يسارع؟ الذي يتعامل مع الله بهذه الطريقة، مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ، ويخشى إذا عمل إن الله إنه ما يقبل منه لإعجاب بالعمل رياء فعل، ركن إلى العبادة، ركن خلاص، لذلك عائشة رضي الله عنها ماذا قالت؟ قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ يعني: كيف يعني وجلة خاف أو هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: (لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات)[رواه الترمذي3175].

والله وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف، ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن، هذا كلام مهم، وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف، ووصف أهل الشقاوة بالإساءة مع الأمن، أولئك يحسنون ويخافون ألا يقبل، وهؤلاء يسيئون وهم آمنون من مكر الله، لا يلحقه شيء، لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىسورة البقرة111على مذهب اليهود، نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُسورة المائدة18؛ ولذلك لا بد للواحد دائماً يشعر بالتقصير، أبو بكر يقول: هذا الذي أوردني المهالك، عمر يقرأ: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌسورة الطور7يبكي ويمرض، علي رضي الله عنه كان يشتد خوفه من الله، ليش؟ ويحذر من طول الأمل واتباع الهوى، ويحذر أصحابه من طول الأمل واتباع الهوى، لماذا؟ قال: طول الأمل ينسي الآخرة، واتباع الهوى يصد عن الحق.

من علامات القبول: التوبة النصوح، وسواء كنا يعني في رمضان وبعد رمضان، إذا واحد لازم يجدد التوبة دائماً، شوف سحرة فرعون: قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىسورة طـه72-73لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين، بالله بعدما ذقنا طعم الإيمان والله هدانا وصرنا في اليقين، حل اليقين في قلوبنا، نرجع إلى طاعتك يا فرعون ونختارك، مستحيل لا يمكن، فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا؛ ولذلك لازم الواحد يعني يصير عنده الذنب ندم خوف إخلاع القلب، لا بد حتى يرجع إلى الله، ولا بد من اجتناب الكبائر، هذه من علامات القبول، ألا يكون الإنسان يعود إلى كبائر.

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً، وأن يتقبل منا، وأن يتوب علينا، ونسأله عز وجل أن يهب لنا لساناً صادقاً، وقلباً موقناً، وعملاً صالحاً، ونية طيبة، وحياة سعيدة، وخاتمة حسنة، وأن يغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.

أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 - رواه البخاري3688 ومسلم2639
2 - رواه البخاري باب إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة
3 - رواه مسلم1478
4 - رواه الترمذي2253
5 - رواه مسلم810
6 - رواه البخاري4609
7 - رواه مسلم1017
8 - رواه البخاري4418
9 - رواه البخاري3036 ومسلم2475
10 - رواه ابن حبان6281
11 - رواه ابن ماجه1899
12 - رواه البخاري3809 ومسلم799
13 - رواه أحمد12962
14 - رواه مسلم2491
15 - رواه البخاري7492 ومسلم1151
16 - رواه النسائي2106
17 - رواه البخاري38 ومسلم760
18 - رواه مسلم2642
19 - رواه مسلم782
20 - رواه البخاري1152
21 - رواه الترمذي1987
22 - رواه البخاري526
23 - رواه البخاري16
24 - رواه أبو داود5243
25 - رواه مسلم720
26 - رواه الترمذي3175