الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، ونسأل الله أن يجعلنا ممن تولاه إنه سميع مجيب
منزلة طاعة الوالدين في الإسلام
الوالدان وما أدراك ما الوالدان شأن عظيم في كتاب الله وفي سنة رسول الله ﷺ، الوالدان برهما من أجلّ الطاعات، وأعظم القربات، وأوجب الواجبات، الإحسان والإكرام والإفضال، فعل الجميل بالقول والأعمال والأفعال التي فيها إحسان تقرُّبًا إلى الله تعالى، وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء: 23]، وصية الله لعباده وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ [العنكبوت: 8]، أمر بهما وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ [الإسراء: 23 - 24] قرن شكره بشكرهما أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان: 14]، أحب الأعمال إلى الله بعد الصلاة على وقتها بر الوالدين، يُقدَّمان في الجهاد أحيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد مرضات الله في مرضاتهما، رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد [رواه الترمذي: 1899، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3506].
بر الوالدين باب عظيم من أبواب الجنة
برهما باب عظيم من أبواب الجنة، الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه والحديث في الترمذي. بر الوالدة، الجنة تحت رجليها، قالﷺ: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها [رواه النسائي: 3104، وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي حسن صحيح: 3104] ، رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة [رواه مسلم: 2551].
بر الوالدين كفارة الكبائر، يا رسول الله إني أصبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ قال: هل لك أم؟ قال: لا، قال لك من خالة؟ قال: نعم، قال: ((فبرها)).
لما قتل القاتل القتيل جاء رجل إلى عمر قال: هل من والديك أحد حي؟ قال: نعم
قال: ((أمك؟)) قال: لا والله إنه لأبي قال: انطلق فبرّه وأحسن إليه فلما انطلق قال عمر: "والذي نفس عمر بيده لو كانت أمه حية فبرها فأحسن إليها رجوتُ ألا تطعمه النار أبداً"
بر الوالدين سبب إجابة الدعاء وتفريج الكربات
بر الوالدين سبب إجابة الدعاء وتفريج الكربات كما وقع لأصحاب الغار الثلاثة انفرجت الصخرة شيئاً يرون السماء منه، لما سأل الأول ببر والديه اعتراف بالجميل، وعقوقهما من أعظم الكبائر، ولذلك كان فعل الصحابة والسلف في بر الوالدين شأن عظيم، والنماذج كثيرة، وفي زمننا هذا كذلك من أحوال الصالحين أمثلة كثيرة، الإحسان بالقول، عدم رفع الصوت فوق صوتهما، طاعتهما في غير معصية الله، مناداتهما بأحب الألفاظ إليهما، تقبيل اليد والراس، الإنفاق عليهما تعليمهما ما يحتاجانه، وجلب السؤال عما يستفتيان فيه، إدخال السرور عليهما، استئذانهما في السفر، والأصل طاعة الوالدين في كل ما يأمران به إلا أن يكون معصية الله لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف [رواه البخاري: 7257، ومسلم: 1840].
ثانياً: هذه أصول في طاعة الوالدين أن يكون الشيء الذي يأمران به فيه منفعة لهما.
وثالثاً: ألا يكون هناك مضرة على الابن في إنفاذه، قال القرافي - رحمه الله -: " وكما نمنعه من إذَايَتِهِمَا، نَمْنَعُهُمَا من إذايته " [الفروق للقرافي: 1/146]، وقال العدوي المالكي - رحمه الله -: "وكذا لا يجب طاعتهما فيما كان في تركه ضرر، مثل: أن يأمراه بترك معيشة أو صناعة يحتاج إليها" [حاشية العدوي على كفاية الطالب: 2/425].
قال شيخ الإسلام: "ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين" [الفتاوى الكبرى لابن تيمية: 5/381].
وهذا فيما إذا فيه منفعة لهما ولا ضرر" يعني عليه، لاحظ معي الآن بدأنا ندخل في الضوابط في صلب الموضوع، أحكام بر الوالدين، بر الوالدين يحتاج إلى فقه، بر الوالدين ليس أمراً سهلاً، هناك دقائق، مسائل، تفصيلات، أحوال.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر - يعني عليه - فإن شقّ عليه ولم يضره وجب - يعني فيه مشقة عليه لكن ما يصل درجة الضرر به يجب يتحمل المشقة وإلا فلا" [الفتاوى الكبرى لابن تيمية: 5/381]
قال ابن دقيق العيد: "فلا يجب على الولد طاعتهما في كل ما يأمران به، ولا في كل ما ينهيان عنه باتفاق العلماء" [إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: 2/275]، إذن، هناك أشياء لا تلزم، مثال: معصية لله شيء، ما لهما فيه منفعة أو على الولد فيه مضرة، احفظوا هذه الضوابط، هذه تفتح لك آفاق وتضبط لك المسائل، هذه الأصول.
ضابط العقوق عند أهل العلم
ما هو ضابط العقوق؟ متى يعتبر فعل الولد عقوقًا؟ الولد ذكر أو أنثى ابن أو بنت، كل ما فيه أذية كل ما يتألم بسببه الوالدين نفسيًا أو بدنيًا سواء كان قليلاً أو كثيراً، أي شيء فيه إيلام أو أذية نفسية أو بدنية يعتبر عقوقًا.
قال ابن حجر الهيتمي: "ضابط العقوق الذي هو كبيرة أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين".[الزواجر عن اقتراف الكبائر: 2/115].
أي عرفاً.
متى يكون العقوق كبيرة؟ لأنه قد يكون العقوق صغيرة، لكن العقوق فيه إثم ليس فيه كلام، إذا كان الإيذاء كبيراً فالعقوق كبيرة وإذا كان قليلاً فإنه صغيرة فالإثم فيه فيه، إذا حصل إيلام أو إيذاء نفسي أو بدني القليل والكثير حرام لكن الكثير كبائر.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في فتح الباري "والمراد به - أي العقوق - صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل إلا في شرك أو معصية مالم يتعنّت الوالد" [فتح الباري لابن حجر: 10/406].
اعمل كذا، لماذا؟ يا أبت هناك ضرر عليّ، مزاج! ممكن أحقق لك ما تريد بدون ضرر عليّ إذا فعلناه بالطريقة الفلانية يقول: لا، مزاج، هنا وصلنا لمرحلة التعنُّت، إذا صار الوالد متعنتاً، نحن الآن نريد أن نضع ضوابط قبل ما ندخل في التفاصيل؛ لأننا الآن سندخل في مسائل، إذا طلب المال، قضاء دين الوالد، اذهب اقترض لي اشتر لي كذا، زوجني، طلّق زوجتك، ستأتي المسائل لكن لا بد أن نضبط الضوابط والقواعد أولاً، الآن أصلنا أصولاً ووضعنا قواعد وضوابط فلننطلق في الأحكام، أحكام وردت في الشريعة، ثم فتاوى للعلماء في مسائل ووقائع تتعلق ببر الوالدين.
أولاً: بر الوالدين مقدم على جهاد الطلب، لاحظ، قلنا: جهاد الطلب؛ لأن جهاد الدفع له أحكام أخرى، قال العلماء: يحرم الجهاد إذا منع الأبوان أو أحدهما منه بشرط أن يكونا مسلمين.
إذن، الطاعة فيه للوالدين المسلمين إذا كان الوالدان كافرين هذه مسألة أخرى ما يلزم فيها الطاعة في هذه الحالة؛ لأن برهما فرض عين عليه، والجهاد فرض كفاية الذي هو جهاد الطلب، فإذا تعين الجهاد صار فرض عين هو الآخر، فلا إذن، فإذا اقتحم العدو بلد للمسلمين وجب على أهلها الدفاع، وصار الدفاع الآن جهاد الدفع حكمه فرض عين على أهل البلد، هنا صار حق الله وحق المسلمين فرض عين، أما جهاد الطلب وعندما لا يلزم العدد لجهاد الدفع في الأحوال التي لا يكون فيها فرض عين فإن طاعتهما واجبة ففيهما فجاهد مع أنه كان الجهاد مع النبي ﷺ ومع ذلك قال: اذهب إليهما ففيهما فجاهد فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ فاستأذنه في الجهاد فقال ﷺ: أحي والداك؟ قال الرجل: "نعم" قال: ((ففيهما فجاهد)) رواه [رواه البخاري: 3004، ومسلم: 2549].
ثانياً: استئذان الوالدين للسفر إذا كان الوالدان أو أحدهما لا يحتاجان الولد في خدمة أو تمريض ونحو ذلك، فلا حرج عليه أن يسافر السفر المأمون الذي لا خطر فيه بدون إذنهما ولا يُعدُّ ذلك عقوقًا، وإن أخبرهما بسفره براً بهما وتطييبًا لخاطرهما فهو أولى وأفضل، أما السفر الخطير الذي لا يؤمن فيه الهلاك كالسفر للجهاد فلا بد من إذنهما ما لم يكن الجهاد فرض عين، قال الكاساني الحنفي - رحمه الله - في بدائع الصنائع: "الأصل أن كل سفر لا يؤمن فيه الهلاك ويشتد فيه الخطر، لا يحل للولد أن يخرج إليه بغير إذن والديه" [بدائع الصنائع: 7/98]، هذه قاعدة في السفر، متى يلزم طاعة الوالدين إذا قالا لك ما تسافر فلا تسافر؟ قلنا: أول شيء إذا كانا يحتاجانه فلو سافر ضاعا، ما في أحد ينفق ولا أحد يخدم، ويحتاجان نفقة، ويحتاجان خدمة، فلا يجوز للولد أن يسافر، لماذا؟ إذا سافر ضاعا.
إذا كان عندهما من يكفيهما، عندهما ما يغنيهما، عندهما من يخدمهما، قال: أريد السفر، ننظر هل السفر خطر؟ إذا خطير نقول: لا إلا بإذنهما؛ لأنها سيقلقان وينزعجان ويضطربان بهذا السفر، لكن إذا كانا لا يحتاجانه، وليس السفر خطيراً، والولد له حاجة في السفر، طلب علم شرعي يحتاجه يجب عليه أن يتعلمه، معيشة ووظيفة ما يجد في مكانه ولا بد أن يسافر لأجل أن يعتاش يتاجر نقول: لا، يحتاجانك والسفر غير خطير، سافر لا يكون عقوقًا وأنت محتاج للسفر، وكل سفر لا يشتد فيه الخطر يحل له أن يخر إليه بغير إذنهما إذا لم يضيعهما، هذا الشرط الأول ذكرناه، انعدام الضرر، ومن مشايخنا من رخص في سفر التعلم بغير إذنهما؛ لأنهما لا يتضرران بذلك بل ينتفعان به، لما الولد يحفظ القرآن، لما الولد يحفظ السنة، لما الولد يحفظ فقهاً، ينتفعان به في الدنيا وفي الآخرة، قال الكاساني: فلا يلحقه سمة العقوق" [بدائع الصنائع: 7/98]. يعني حينئذ انتهى كلامه - رحمه الله -.
وقال السرخسي في شرح السير الكبير: "وكل سفر أراد الرجل أن يسافره غير الجهاد لتجاره، أو حجِّ أو عمرة، فكره ذلك أبواه وهو لا يخاف عليهما الضيعة عندهما من يكفيهما فلا بأس بأن يخرج؛ لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة" [شرح السير الكبير: 196]. وخصوصًا في زمن الاتصالات، ممكن كل يوم يطمئنهم، كل ساعة يطمئن، من زمان تخرج القافلة تأخذ لها شهر ما يسمعان عنه شيئًا، وشهر حتى يقضي حاجته، وشهر حتى يرجع، الآن لا، المحذور انشغال بال الأبوين، القلق، فيه حل الاتصالات، قال: لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهراً والآن نقول: فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع كثير منه بالاتصال والتطمين قال: "إلا أن يكون سفرًا مخوفًا عليه منه، فحينئذٍ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء لأن خطر الهلاك فيه أظهر" [شرح السير الكبير: 196].
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في حكم السفر في طلب العلم بدون إذن الوالدين، والعلم نقصد العلم الشرعي، العلم الآخر الدنيوي الآن مبذول تجده تقريباً في كل مكان، وإذا ما وجدته تطلب عن بُعد، إذا ما وجدته عن قرب الآن صار هناك فتح مجالات كثيرة في التعليم، وإذا ما في مجال فيه مجال آخر،يعني الواحد ليس بلازم يروح بعثة، مجالات التعلم كثيرة، وفيه ماجستير ودكتوراه ودراسات عليا موجودة، لا يلزم أن يحزن أبويه، لا يقول: أنا أريد دكتوراه من الجامعة الفلانية في أمريكا، ليس لازمًا ما دام عندك شيء يقوم بحاجتك بقية قضية أنه تتفلسف فيها زيادة وتحزن أبويك لا داعي لها.
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في طلب العلم الشرعي: إن كان هناك ضرورة لبقائه عندهم فهذا الأفضل مع أنه يمكن أن يبقى عندهم مع طلب العلم نقول: اليوم بين قوسين خصوصاً في عصر الشبكات والقنوات بدأت الآن تظهر والحمد لله قنوات تدرس العلم الشرعي، هذه قناة زاد التعليمية الآن تدرس علماً شرعيًا منهجيًا، يعني ليس بمجرد تطلع لك دروساً ومحاضرات، لا، تعطيك دروساً من البداية، تدريس منهجي، الفصل الأول، الفصل الثاني، السنة الأولى، الفصل الأول، الفصل الثاني، السنة الثانية، وهكذا تمشي؛ علوم القرآن، مصطلح الحديث، أصول الفقه، الفقه نفسه، التفسير، شروح الأحاديث، السيرة، ظهرت الآن قنوات تدرس العلم الشرعي بطريقة منهجية والذي في الشبكات أعظم وأعظم، الآن في شبكة الإنترنت مواقع تدرِّس العلم الشرعي بطريقة منهجية وتسمع الشيخ حياً وتسأل وتناقش، فما صار ضرورة الانتقال الفيزيائي الجسدي مثل الأول، لكن إذا وجد شيء قال الشيخ في السفر: إذا كان هناك ضرورة لبقائه عندهم فهذا الأفضل مع أنه يمكن أن يبقى عندهم مع طلب العلم لأن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله، والعلم من الجهاد، وبالتالي فيكون بر الوالدين مقدمًا عليه، إذا كانا في حاجة إليه أما إذا لم يكونوا في حاجة إليه، ويتمكن من طلب العلم أكثر إذا خرج؛ لأنه هو مع بقائه يمكن يقرأ في الكتب ويسمع في الأشرطة والآن يسمع من "الساوند كلاود" السحابات الإلكترونية، ما عاد من أشرطة مثل أول، السحابات الإلكترونية، هذه عبارة عن خوادم مبثوثة في العالم، تجمع فيها المواد الصوتية والمرئية، حتى مخطوطات الكتب، لو قال: أريد أتأكد الآن أن هذه الكلمة في الكتاب المطبوع ما فيها تحريف! يفتح في المكتبة الوقفية والمكتبات الموجودة في الشبكة والموسوعات، هناك مخطوطات يتطلع على المخطوطة وينظر هذه اللفظة يا ترى فعلا مطبوعة صحيحة وإلا حُرِّفت في الطباعة، قال: أما إذا لم يكونا في حاجة إليه ويتمكن من طلب العلم أكثر إذا خرج فلا حرج عليه أن يخرج في طلب العلم في هذه الحال، ولكنه مع هذا لا ينسى حق الوالدين في الرجوع إليهما وإقناعهما إذا رجع، فالآن قد يتمكن من العودة كل شهر بالطيران؛ لأن الطائرات الآن أيضاً أثرت في الموضوع، صار مسألة تسكين نفوس الوالدين، تسكين النفسية برؤية الولد، هذه لها بهجة، دخلتك عليهما لها بهجة فيها أجر لك، ما يكفي فقط بالهاتف وحتى بالشاشة وبالصورة، دخلتك عليهما لها بهجة الآن ممكن عن طريق رحلات الطيران أن يرجع ويذهب ويرجع ويذهب يتعب نعم ويتكلف لكن يقدر حجم وأهمية وأثر هذا البر وكم فيه من الأجر، قال: ولكنه مع هذا لا ينسى حق الوالدين في الرجوع إليهما، وأما إذا علم كراهة الوالدين للعلم الشرعي؛ لأنه الآن ممكن يكون هناك أب علماني والعياذ بالله، أب مرتد، الآن هناك انتشار لإلحاد وكفر وفسق وفجور، فإذا كان الوالد يكره الدين، انظر حتى العلماء ذكروا الحالات والعياذ بالله، قال الشيخ: "أما إذا علم كراهة الوالدين للعلم الشرعي فهؤلاء لا طاعة لهما ولا ينبغي لهما أن يستأذن منهما إذا خرج؛ لأن الحامل لهما كراهة العلم الشرعي" وهذا سيدخلنا في مجالات خطيرة، يعني يكره العلم، يكره الدين، يمكن يدخل في الكفر والعياذ بالله، والحاصل أنه لا يلزم استئذان الوالدين في السفر المأمون الغالب فيه السلامة، إذا كانا لا يحتاجان إليه في الخدمة والنفقة.
استئذان الوالدين في السفر لطلب الرزق
نأتي إلى مسألة وهي حكم السفر لطلب الرزق، ما هو لطلب العلم، وهذه حالة الآن منتشرة كثير من الناس، مثلاً في اليمن يريد السفر إلى الخليج، يبغى يعيش ما حصل هناك عيشة، هو نفسه قلق هو نفسه يأتي يقول: أنا في قلق أنا تركت والدين، واحد في مِصر محتاج سافر إلى بلدة ثانية فيها مجالات عمل، والناس تسافر إلى المكان القريب والبعيد في طلب الرزق، هو يلحق رزقه في الأخير، يقول: أنا ما وجدت هنا، ما وجدت زراعة ولا تجارة ولا صناعة ولا وظيفة، أريد أن أسافر في طلب الرزق، نقول: إذا كان فقيراً محتاجاً مضطراً للإنفاق على نفسه وعياله، واحد عنده زوجة وأولاده فلا بأس بالسفر ولا تجب طاعتهما ماداما لا يضيعان بذهابه، أما إذا وجد عندهما عمل وما يغنيه فلا يسافر إلا بإذنهما، أحياناً بعض الناس يقول: ترى أنا هنا أجد لكن في كندا تعرف أرقى، نقول: لا يا أخي، أنت ما تضحي بالوالدين لأجل الأرقى، ما دام في بلد الوالدين الذي يكفي، هناك ما يكفي ما تسافر.
حق الوالدين في مال الولد
مسألة: ما حق الوالدين في مال الولد؟ مال الولد حلال للأب وأطيب ما أكل الوالد من مال ولده؛ لأن ولده من كسبه الآن تدور الناس المكاسب الحلال، يقول لك: أين الحلال؟ وأين أحل الحلال؟ الله قال: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا [الأنفال: 69] فجعل أحل الحلال في العالم غنائم الجهاد المشروع في سبيل الله، الزراعة بعض العلماء جعلوها رقم اثنين لأن فيها توكل على الله أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ [الواقعة: 64]، شيء ينبت، رب العالمين يخرجه من الأرض من هذه المباحات والصناعة والتجارة من أبواب الرزق قال ﷺ: إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من كسب أولادكم [رواه أبو داود: 3530، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1487].
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي مالاً وولدًا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال ﷺ: أنت ومالك لأبيك [رواه ابن ماجه: 2291، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1486]. هذه اللام أنت ومالك لأبيك هذه قال العلماء فيها كلاماً مهمًا، قالوا: هذه ليست لام الملك، هذه لام الإباحة، فيه فرق إذا قلنا: هذه لام الملك أو لام الإباحة، لأنك إذا قلت: لام الملك، الأب يأخذ المال يتملكه كله تلقائياً، يعني أي شيء يدخل في حساب الولد تملك تلقائي، لكن لما نقول: للإباحة يعني يباح للأب أن يأخذ منه متى شاء ما شاء بشروط، قال ابن القيم - رحمه الله -: "واللام في الحديث ليست للملك قطْعًا، ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث، وإلا تعطّلت فائدته ودلالته" [إعلام الموقعين: 1/91].
ومما يدل على أنه ليس للملك أن الابن يرثه أولاده، يعني لو قلت: كل درهم يدخل على الولد تلقائيًا يصير ملكًا لأبيه، معناها الولد إذا مات كل شيء على الأب مباشرة؛ لأنه هو المالك، لكن اللام - انظروا الفقه - الفقه والله مهم، قالوا: اللام للإباحة ليست للملك، المال ما زال مِلْكًا للولد، لكن الأب يُباح له أن يمد يده ويأخذ، لكن المال مال الولد، فلو كان ماله ملكا لوالده لم يأخذ المال غير الأب.
وقال الشافعي: "فإن الله لما فرض للأب ميراثه من ابنه فجعله كوارثِ غيره، وقد يكون أنقصُ حظًا من كثير من الورثة" يعني واحد عنده ابن وأب ومات عنده أب وأم وابن وزوجة ومات، قسّمها: الأب السدس لوجود الفرع الوارث، والأم السدس، والزوجة الثمن، والباقي لابن الميت الذي هو حفيد الأب، إذن، نصيب الابن أكبر من نصيب الأب، قال الشافعي: "فجعله كوارث غيره، وقد يكون أنقصُ حظًا من كثير من الورثة، دلّ ذلك على أن ابنه مالك للمال دونه" [الرسالة للشافعي: 1/468].
شروط وقيود شرعية للأخذ من مال الولد
مع قولنا بجواز أخذ الوالد ما شاء من مال الولد وأن اللام للإباحة، يُباح لك يا أيها الوالد تمد يدك وتأخذ لكن مع ذلك هناك أربعة شروط وقيود وهي: قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - الإنسان إذا كان له مال فإن لأبيه أن يتبسط بهذا المال وأن يأخذ من هذا المال ما يشاء لكن بشروط أربعة:
الشرط الأول: ألا يكون في أخذه ضرر على الابن، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به في البرد وماله غيره، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه وماله غيره، فإن ذلك لا يجوز للأب.
ثانياً: ألا تتعلق به حاجة الابن، فلو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس له مال يشتري سيارة أخرى فليس له أن يأخذ به ما تتعلق حاجة الولد، يعني ما يأخذ أثاث البيت ويقول له: جلس على البلاط، ويأخذ السيارة ويقول له: روح مشي، والبلد مسافات، ما يأخذ أدوات الورشة يقول: دبر نفسك، هذه أشياء تتعلق بها حاجة الولد.
ثالثاً: ألا يأخذ المال من ولد ليعطيه ولداً آخر؛ لأن هذا يغيظ الولد المأخوذ منه المال، يقول لسان حاله: يا أبت أنا أرضى أن تأخذ لك، لكن تأخذ مالي وتعطيه إخواني، لا، هذا يوغر الصدور، قال الشيخ" "ألا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لابن آخر لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء؛ ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً فإن كان محتاجاً فإن إعطاء الأبناء لحاجة دون إخوته إعطاء الذين لا يحتاجون ليس فيه تفضيل، حينئذ يعني ما أعطاه مزاج يحبه أكثر، لا، لكن هذا الولد محتاج، ولا يتضرر الابن الآخر المأخوذ منه، لا يتضرر.
رابعاً: أن يكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "قال رسول الله ﷺ: إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها [رواه الحاكم: 3123، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 2564]، رواه الحاكم وصححه الألباني في الصحيحة، وعّلق عليه قال: "وفي الحديث فائدة فقهية هامة وهي أنه يبين أن الحديث المشهور: أنت ومالك لأبيك ليس على إطلاقه؛ بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء، كلا، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه"[سلسلة الأحاديث الصحيحة: 6/138]، فالأب عندما يمد يده ويأخذه يقال له: تحتاج، عندك حاجة تدفع إيجار نفقة فاتورة جوال تتزوج، عندك حاجة خذ، أما تأخذ بدون حاجة لا.
مسألة :ماذا بالنسبة للأم، ويطرح بعضهم سؤالاً فيقول: المواليد تأتيهم هدايا، البنت يجيبون لها هدايا ذهب، الابن يجيبون له ملابس أو يجيبون له هدايا أيضاً، هل يحق للأم أن تستولي على هدايا أولادها الصغار الرضع، هؤلاء المواليد حديثاً جاءت لهم هدايا ممكن الأم تأخذها؟ مكافآت تحفيظ القرآن، هذه مسائل فيها بعض الأولاد صح صغار، لكن تأتي لهم مكافآت، الجواب: إذا كان للصبي مال جاءه عن طريق الهبة أو المكافأة أو غير ذلك فهو ملك له وليس للأم أن تتصرف فيه لكن إذا احتاجت إلى شيء منه فهل لها أن تأخذ مثل الأب؟ أنت ومالك لأبيك [رواه ابن ماجه: 2291، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1486]. هناك خلاف بين الفقهاء، فمنهم من قال: إنها ليست كالأب وأن النص ورد في الأب أنت ومالك لأبيك وإنه هي عندها زوج ينفق عليها في الغالب، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - الهدايا التي تُهدى للمولود أول ما يولد هي ملك له، والأم ليس لها ولاية على ولدها مع وجود أبيه، فمع وجود الأب الولي على مال الصبي هو الأب، هذه المسألة لها امتدادات يعني الآن هناك بعض الصغار عندما يكون الصبي يتيمًا، أمه موجودة وأبوه مات، يكون له مال من أبيه، ممكن الأم تأخذ، يأتي له أحيانًا راتب من الدولة أو من جمعيات خيرية، يجوز الأم تأخذ؟ قد يكون الولد من أصحاب الإعاقة والاحتياجات الخاصة ويُجعل له أحيانا راتبًا من بيت المال، ولد مريض مزمن له راتب احتياجات خاصة ممكن إذا كان له أب فالأب هو وليه فما يجوز الأم تأخذ، وعلى هذا فلا يحل لها أن تتصرف فيه إلا بإذن أبيه، فإذا أذن فلا بأس سواء كان المولود بنتاً أو ابناً، الحق في المال للأب، لا للأم، انتهت فتوى الشيخ، ومن الفقهاء من قال: الأم مثل الأب، يعني إذا احتاجت تأخذ، لكن على كل حال إذا كانت الأم فقيرة تحتاج إلى نفقة فلها أن تأخذ من مال ولدها قدر حاجته، يعني في جميع الحالات لو كانت الأم محتاجة ما عندها، والصغير هذا عنده مال فنفقتها منه، وعليه واجب إذا ما في أحد ينفق عليها، فيجوز لها أن تأخذ بقد حاجتها نفقة لا تملُّكا يعني توسُّعا.
مسألة: هل للابن أن يطالب والده بالمال الذي أقرضه إياه؟ الأب اقترض من الابن، هل يجوز للابن أن يقول: سدّد لي المال الذي أقرضتُك يا أبت؟ بالله ترجعه لي، المطالبة تجوز أو لا؟ وإذا تعنّت الأب هل يجوز للابن أن يرفع دعوى على والده في قضية استحصال هذا الحق أو المال المقرض؟
الجواب: إذا كان الوالد فقيراً يحتاج للمال وكان الابن غنياً فيجب على الابن أن ينفق على والده ويعطيه ما يحتاجه من المال، وحينئذٍ فلا يجوز للابن أن يجعل هذا المال قرضًا، يقال للولد: هذه نفقة واجبة عليك، ما يجوز تسجلها ديناً على أبيك أصلاً، أما إذا كان الأب غنيًا غير محتاج إلى المال، أو كان الابن فقيرًا لا يستطيع الإنفاق على أبيه فلا حرج على الابن في هذه الحالة أن يقرض أباه.
نأخذ مثالاً: ابن عنده راتب بالكاد يكفيه هو وزوجته وأولاده لآخر الشهر، يكون العداد مصفر، فيه حاجات فعلية، الأب لما أخذ الولد الراتب قال الأب: سلّفني، الابن ما عنده سعة، الراتب بالكاد فلو سلفه في الحالة هذه يجوز أن يقول: رجع لي؛ لأنها تتعلق حاجة الولد بالمال، ولا يجوز للأب أن يماطل إذا كان قادراً على الوفاء، ومماطلة ولده المحتاج ظلم، وإذا كان الوالد معسرًا لا يجد وفاء لهذا الدين، فلا يجوز للابن أن يطالبه بماله بل يجب عليه وجوباً إنظاره حتى يجد سعة، قال الله تعالى في كل المقترضين المعسرين: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة: 280]، فكيف لو كان المعسر الأب نفسه والمقرض الابن نفسه؟ فيكون الإنظار واجبًا على صاحب المال تجاه غريمه المعسر الأجنبي فكيف إذا كان الغريم هو الوالد؟ ويجوز للابن أن يطالب أباه بالدَّين الذي في ذمّته إذا كان الأب قادراً على الوفاء، غير أن الأمر إذا وصل إلى القضاء فإنه لا يجوز حبس الأب بسبب دينه ابنه، فإذا قال الولد: أعطني يا أبت المال الذي أقرضتك، قال: لا يوجد، الابن يحتاج المال، رفع دعوى في المحكمة، القاضي يلزم الوالد بالسداد، لكن ليس لدرجة أن يُسجن الوالد في دين ابنه الذي أعطاه إياه، والآن هناك وسائل كثيرة لتحصيل المال مع وجود ما يسمى بالحكومة الإلكترونية، الآن الرواتب تنزل في حسابات في البنك، السفر، إذن وجوازات وتأشيرات، رخصة بناء البلدية، والكهرباء، إصدار عداد وترخيص، الماء ما يأتيك إلا، الآن عندما يماطل الواحد في حقوق الغير ممكن الحكومة تقفل عليه؛ لا سفر، حساباته في البنك تتوقف، ما في إصدار رخصة كهرباء ولا بناء ولا بلدية، ولا، فالمماطلون يسارعون بالسداد؛ لأنه تعطلت مصالحه، حتى خط الهاتف ممكن يقطعوه عليه حتى الكهرباء ممكن يقطعها عليه، التحكم الآن كامل ممكن الآن إرغام المقتدر على السداد بدون إدخاله للسجن؛ لأنه سيصبح مشلولاً، فما نحتاج ندخله السجن، لاحظ الآن كيف الأمور ماشية في العالم، قضية التحكم وقضية دخول الناس في المنظومات العالمية في الاتصالات والسفريات والبنوك، تحكم، فممكن إرغام المماطلين على السداد بإقفال كل شيء عليهم سدد، قال ابن قدامة - رحمه الله -: "وليس للولد مطالبة أبيه بدَين عليه، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: له ذلك؛ لأنه دين ثابت فجازت المطالبة به كغيره" [المغني لابن قدامة: 6/63].
وقلنا: إذا الأب محتاج، الولد ما يطالب، إذا الابن محتاج، والأب غير محتاج، الابن يطالب، ولو استقرض الأب من الولد فإن للولد مطالبته عند غير الحنابلة؛ لأنه دين ثابت فجازت المطالبة به كغيره، وقال الحنابلة: لا يطالب لحديث: (أنت ومالك لأبيك) وهناك رسالة فقهية مفيدة اسمها دعوى الولد على والده في الفقه الإسلامي حرر فيها الشيخ عبد الله آل خنين المسألة في مذهب الحنابلة وأثبت أن معنى عدم مطالبة الابن أباه في دين إنما هو منع التنفيذ عليه لا مجرد المخاصمة وإثبات حقه عند القاضي، فقال: ويظهر من مذهب الحنابلة جواز مخاصمة الولد أباه في الدين وإثباته في ذمته فيقول للقاضي: يا شيخ أنتم ما تسجنون أبي في حقي لكن أثبت الدين على أبي حتى إذا مات أنا آخذ حقي من التركة فما تروح تتوزع على الورثة قبل ما آخذ حقي يعني هذه كفائدة، قال: "والأظهر قول الجمهور، فلا يُسجن والد من أب أو أم بدين ولد لما استدلوا به مسألة نفقة الأبوين المحتاجين" وحكى ابن المنذر - رحمه الله - إجماع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد" [الإجماع لابن المنذر: 48].
فإن كان غنيًا أو له عمل يتكسب منه ما يكفيه فلا يجب على الولد أن ينفق عليه، فلو جئنا في مسألة وجوب النفقة يعني قال الأب: أعطيني نفقة راتب شهري يا أيها الولد، قال الولد: يا أبت عندك خير وعندك عمائر وعندك إيجارات والذي يأتيك أكثر من حاجتك تبغى مني نفقة، لم؟ النفقة شرعاً عندما أنت تكون محتاجاً وأنا عندي زيادة يجب أن أعطيك نفقة أرتب لك راتباً شهرياً، حق ما فيها كلام، لكن لما أنت عندك خير، الآن مشكلة التعنت، والله هذه مصيبة، يأتيك بعض الآباء عنده عمائر وعنده خير، والولد مسكين فقير، عنده راتب لا يكفيه ولم يتزوج بعد، أو تزوّج حديثاً ولم يخرج من ديون الزواج، ويأتي الأب يقول له: أثبت لي ولائك لي، اجعل لي راتباً، يا ابن الحلال أنت الآن كل هذا عندك، وأنا وضعي كذا، هذه ورطة، أجعل لك راتباً، فهنا ينبغي أن يذكر الآباء يقال: يا جماعة اتقوا الله، صح بر الوالدين، لكن بر الوالدين ما يجوز أن يجعل سيفًا مسلطًا على رؤوس الأبناء المساكين ونسلخ فيهم، لا، ارحم الولد، نحن الآن نوجب عليه أن ينفق عليك لو كنت محتاجاً، لكن إذا هو محتاج تقول له: أعطيني راتباً ومع ذلك نقول: يا أيها الولد إذا استغنيت عن خمسمائة ريال أعطها أباك، سكّن نفسه، طيّب خاطره، ادفع ما عنده، أحياناً ترى مع كبر السن وتغير العقل تصير بعض المطالب ليست وجيهة، طالب شيئاً ليس منطقيًا، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا [الإسراء: 23]، يعني دارهما، ويمكن الوالد يفكر إنه لا يثبت الولد آيات الولاء والطاعة لي إلا تعطيني ولو خمسمائة، تعطيني شهرياً ولو خمسمائة، كأن هذه الآن التي تعبّر عن الطاعة، فنقول للولد: يا أخي إذا استطعت تستغني عن أي شيء في سبيل تثبت لوالدك أنك ما زلت على الولاء والطاعة وتسلم المقسوم دائماً فافعل.
إذا احتاج الأب للزواج، هذه والله محرجة الصراحة؛ لأن الولد أمه عنده الزوجة الأولى، وجاء الأب يقول للولد: زوجني، وإذا ماتت زوجته العملية واضحة، الأب يحتاج يجب على الولد أن يزوّج أباه إذا احتاج.
وقد يقول الأب: أمك مريضة ما تتحمل، أنا أريد زوجة تعفني وهذه ما تكفيني، ويمكن هذه الأم ما تريد أولاداً والأب يريد أولاداً، هناك أسباب؛ افرض الأب طلع عنده فجأة طاقة إضافية -سبحان الله- أحيانًا يأتي بعض الناس طفرة بعد الأربعين وبعد الخمسين، هذه حقيقية لا تظنوا المسألة أوهام، ما أدري يمكن الله أودع في البشر طاقات ما ندري عنها فجأة كذا بعد مدة معينة الأب يصير عمره خمسين زوجوني، ماذا قال العلماء؟ "ويلزم الرجل إعفاف أبيه إذا احتاج للنكاح" قال ابن قدامة في المغني: "لأن ذلك مما تدعو حاجته إليه ويستضر بفقده كالنفقة" [المغني لابن قدامة: 8/216]، هناك أسباب، أحياناً الأب يحتاج إلى امرأة تؤنسه تدلكه تعطيه أدويته في وقتها، هناك أسباب للزواج، ليس أحياناً فقط سببها الفراش والشهوة، هناك أسباب أخرى، يمكن هذه الأم تغيرت نفسيتها، يمكن صارت مشغولة، الآن هذه الأم عندها مثلاً ست بنات زوجتهم، وثلاث أبناء تزوجوا، ما تنفّس هذه إلا ولدت تلك، ما تطلع من هذه وهي ذاهبة، ومرة عند هذه ومرة عند هذه، وهذا المسكين الذي اسمه زوج جالس محكوم عليه أن يكون وحيدًا فريدًا، فقال: يا عيالي أمكم انشغلت بكم وبأخواتكم وأنا انظروا لي حل، فإذا احتاج الأب، ولا يكون ليس قادرًا، فقط يأخذ البنت وينظر إليها ولا يعطيها حقها ولا يعمل شيئاً، لا، إذا كان الأب محتاجاً زوجوه، وإذا كان الأب فقيراً وتزوج، نفقة الزوجة الثانية على من؟ هذه المسألة فيها مستتبعات، الفقه مهم جداً؛ لأن الفقه هو الذي يعالج لنا الواقع، وهذه الشريعة كاملة، هذه التفاصيل لا توجد في القانون الأمريكي والأوروبي، ما في إلا الدمار والله، إنه شيء مؤلم، أسمع قبل يومين يقول واحد لاجئ مسكين سوري إلى أوروبا، يقول: شاب وزوجته عمرها سبعة عشر سنة، أول ما وصل المطار، من هذه؟ زوجتي، عمرها سبعة عشر، القانون يقول: ممنوع تكون الزوجة أقل من ثمانية عشر، عزل وضعوها في مبنى وهو في مكان آخر، تصوروا عزلوه عن زوجته الشرعية، الظلمة الكفرة، لأن القانون عندهم الزواج لا يوجد قبل ثمانية عشر، ولو قال لهم عند وصوله المطار: عشيقتي، هذا ما عند الغرب من سفالات، أما الفقه هنا، أحكامنا وسعادتنا واستقرارنا وحلولنا هنا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "على الولد الموسر أن ينفق على أبيه وزوجة أبيه وإن لم يفعل ذلك كان عاقاً لأبيه قاطعاً لرحمه مستحقاً لعقوبة الله تعالى في الدنيا والآخرة" [مجموع الفتاوى: 34/101].
فإذن، ما هي هذه الحالة؟ أب احتاج للزواج وتزوج وصار محتاجاً ما عنده نفقة، ونفقة زوجته الجديدة، والابن الله موسّع عليه، لو الابن ما أعطى الأب نفقة الزوجة الجديدة يكون عاقاً؛ لأن الأب محتاج للزواج، والابن مقتدر، وصار عند الأب زوجة لها نفقة، فتح بيتاً؛ إيجار، كهرباء، فواتير ماء، أكل، ملابس.
وإذا طلب الوالد من الولد مالاً ولم يكن عند الولد مال، فقال الأب: اقترض لي، فهل يلزم الولد أن يطيعه أم لا؟
الجواب: لا يلزم الولد أن يقترض، فيكفي أن يقول لوالده: ما عندي، وأنا ما يجب عليّ شرعًا أن أشغل ذمتي، ما يجب عليّ شرعًا أن أتحمل مسؤولية وأشغل ذمتي، الدَّين شديد، والشهيد يُغفر له إلا الدَّين، فأنا إذا عندي أعطيك أما تلزمني أني أقترض شرعًا فلا يُعد هذا عصياناً.
مسألة: هل يلزم الابن أن يسدد دين أبيه بعد وفاة الأب؟ لا بد الأولاد يسددوا عنه وإلا يعتبر عقوقاً أم ماذا؟
بلغني أحد الإخوة قال: يا شيخ عندنا في البلد مع الأسف إذا مات الأب وعليه ديون، أولاده يقفون عند القبر ويقولون من يطالب أبانا؟ فيأتون فيقولون: أموالنا عندكم، قال: ثم يتبخرون، فهل يجب على الأولاد أن يسددوا دين أبيهم بعد وفاته؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : "دَين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه، لكن يُقضى من تركته، أما تركة الميت فهي مجال للقضاء بلا ريب" [منهاج السنة النبوية: 5/232].
لكن قد لا تكفي فإن لم يترك الوالد مالاً بعد وفاته، أو كانت التركة لا تكفي، فلا يلزم الورثة شرعًا أن يقضوا كوجوب، لكن كاستحباب وأفضلية وبر وطاعة وقُربة وأجر، أنك تبرئ ذمة أبيك ولو ما كان ترك سداداً، ما دام عندك سَعة فلم لا تفعل يا أيها الولد؟ فإذن، الذين وقفوا في المقبرة وقالوا: أموالكم علينا، أنت الآن في براءة ذمة الوالد لا بد أن يوافق المطالب على هذا النقل من الذمة إلى الذمّة، وأن يلتزم الولد بالسداد وليس بأن يتهرب، يعني يعملها كأنها فقط ظهور إعلامي سمعة ورياء ورد في الأحاديث الصحيحة: من قام لمسلم مقام رياء وسمعة قام الله به مقام رياء وسمعة يوم القيامة [رواه أحمد: 22322، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد: 240]، راءى الله به وسمّع به، معناها ستكون فضيحة يوم القيامة، هذا مثال يأتي يقول: ديونكم علينا والحقوق التي على أبينا علينا ثم يتبخرون ولا يوفون، التزمت نفّذ، أما تأتي تقول: نحن بررة ونحن نسدد عنه ثم اختفاء، الله المستعان، تصير هذه المسألة قضائية، يعني إذا التزموا بعدين الورثة ممكن الديانة يروحون المحكمة ويشهدون أنه نقلوا الدين إليهم، القاضي يلزمهم بالقضاء، المسألة فيها تكملة، هل يعتبر الحجر على الوالد من العقوق؟ الآن سنوياً في المحاكم تزيد قضايا الحجر على الوالدين أحياناً بنسبة أكثر من 100% إذا كان الحجر بلا سبب أو ظلم للأبوين، يعني مثلا الأولاد يريدون التوسُّع، كل ولد عنده راتب والأب عنده ثروة، ورواتب الأولاد تكفي، يقولون: لا، نريد نحجر على أبينا حتى نأخذ الثروة نستمتع بها، ما يجوز لكم، تحجر على أبيك؟ كيف تحجر عليه أيها العاق؟ فإذا كان الحجر بلا سبب فلا شك أن رفع قضايا الحجر حينئذ إيذاء، تصور أب تأتيه ورقة من المحكمة مرفوع عليه دعوى حجر على أموالك ممن؟ أولادك لماذا؟ يقولون: إنك سفيه! ويقولون: هم الذين يتصرفون في المال أحسن، نحن في آخر الزمان، توقّع أي شيء الآن هذا الرفع بلا شك أنه إيذاء، وهذا الإيذاء عقوق واضح، وإذا كنا نُهينا عن أُف فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء: 23] أدنى مراتب الإيذاء، فكيف باتهامهما بالسفه والعته والجنون والتشهير بهما وإقصائهما عن مالهما والوقوف ضدهما خصماً أمام القضاء؟ فلا شك أن دعاوى الحجر الكيدية عقوق واضح جدًا، بل من أشد صور العقوق؛ لأن دعاوى الحجر هذه الكيدية أمام الناس فيها ليس فقط إشهار فضلاً عما تسببه من أضرار نفسية بالغة على الأب أو الأم؛ والآباء الأن يتوقعون الحنان والعطف والاهتمام والرعاية من الأولاد والعناية من الأولاد، وليس بأن يتوقع أن عليه دعوى مرفوعة، دعوى حجر، أن تأخذ منه ثروته وتعطى لأولاده وهو على قيد الحياة، يقفون أمامه في المحكمة يتهمونه بالجنون والسفه وفقدان الذاكرة، يقولون: الوالد معه الزهايمر وهو ليس عنده زهايمر، وضعه طبيعي، صحيح أنه أضعف، صحيح أنه ما لم يعد عنده نشاط كما كان، لكن ما خرّف، ما زال يعقل اسأله: يصلي أو لا يعقل الصلاة؟ من معه عقل لا بد أن يصلي، لا تسقط الصلاة ما دام يوجد عقل، ولكن إذا كان الحجر فعلاً لمصلحة شرعية، والوالد فعلا عنده سفه وإنفاق في الحرام وتبذير، وعنده طيش وعنده خرف، يبدد ثروته التي هي لأولاده من بعده وللعائلة، لا، هذا من مصلحته ومصلحة العائلة أن يُحجر عليه، لكن إذا كان فعلاً وحقيقة أن هذا هو الواقع؛ لأنه إذا خرّف أي واحد يضحك عليه، يأتي واحد يقول له: وقّع شيك، أعطني كذا، أو أنه فاسق عاصٍ سفيه يبعثر الأموال في الخمور، يعني افرض مثلاً، والعياذ بالله، أبوهم راعي قمار يدخل صالات القمار ويطلع من صالات القمار ويسافر إلى بلدان القمار، وهذا حقيقة ليس افتراء عليه، يجوز لهم رفع دعوى عليه بالحجر أم لا؟ المصلحة الشرعية تقول ذلك إيقافاً للفساد، بل هذا الرحمة بالوالد؛ حتى ما يزداد معاصي، حتى تمسك أمواله، ما يزيد فيها فساداً وفسقاً وفجوراً، وحفاظا على المال من الضياع، يمكن هذا الأب وراءه زوجة أرملة، وراءه بنات مطلقات، ما هن متزوجات محتاجات، إذا بعثرها في القمار أين يذهب البنات، وهؤلاء الضعفة؟ فيكون الرفع حينئذ وجيهاً وشرعياً وحفظاً للمال، ما هي الخلاصة في هذه المسألة؟ قول الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ هناك ناس يفترون على آبائهم في المحاكم يقول: زهايمر والأب سليم وتقي ويحفظ ماله أكثر منهم، هم يريدون يلعبون في المال هم الأولاد، وفيه حالات فعلاً هذا الأب فاسق مسرف مبذر للأموال وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ [البقرة: 220]، فإن كان فيه سفه أو عته أو جنون فلا بأس برفع الدعوى في هذه الحالة والابن يقوم برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتنظر وتقرر هل يحجر عليه أم لا؟ وعلى الأولاد التزام الرفق بالأب أو الأم المحجور عليهما والإحسان إليهما وحفظ حقهما، الآن لما تطلع دعوى حجر وتقبل دعوى الحجر لما يحجز على ماله ليس معناه أن الأولاد يأخذون المال وإنما يُحفظ المال لصاحبه ويُنمّى، يأخذ منه النفقة الشرعية على قدر الحاجة النفقة، وإذا مات صار له ملاك آخرون.
ننتقل إلى مسألة طاعة الوالدين في طلاق الزوجة، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يكرهها فقال لي: طلّقها، فأبيت فأتى عمر النبي ﷺ فذكر ذلك له فقال النبي ﷺ: طلقها يعني: يا عبد الله بن عمر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، حديث حسن، ومعلوم فعل إبراهيم الخليل جاء أول مرة وكان إسماعيل في الصيد، والصيد كان يأخذ وقتاً، ضرب الباب، خرجت زوجة إسماعيل الأولى ما عرفت من هو؟ كان في الشام وإسماعيل في مكة، تزوج إسماعيل في غياب أبيه، لما جاء الأب الآن ما قال: أنا أبوه، أنا فلان، قال: كيف حالكم؟ كيف عيشكم؟ وهذا بالنسبة لها الآن رجل غريب ما تعرفه، قالت: نحن في شر، نحن في ضيق، ما عندنا كذا، زوجك خرج يصيد لكم، خرج يأتي لك بطعام، وهذا رجل غريب بالنسبة لك، الان مباشرة تسمعين بالزوج ما عندنا وما عندنا، ما هذا؟ هذه امرأة تستحق أن تبقى؟ لا ولذلك قال إبراهيم لها: إذا جاء زوجك قولي له: جاء واحد يقول لك: غير عتبة بابك فكنّى عن الزوجة بالعتبة، لما جاء إسماعيل، ذهب إبراهيم رجع إسماعيل من رحلة الصيد، من جاء في غيابي؟ واحد شكله كذا كذا، ماذا قال؟ قال بلّغيه السلام وقولي له: يغير عتبة بابه قال: "ذاك أبي وأنت العتبة وهو يأمرني بفراقك الحقي بأهلك".
فيها دروس، منها أن الرجل الصالح قد يبتلى بزوجة، هذا إسماعيل نبي، وزوجة نوح وزوجة لوط معروفة القصة -سبحان الله- يعني يمكن أصلح الصالحين يبتلى بزوجة -سبحان الله- الزواج هذا ما تدري تأخذ ثم تكون شيئاً آخر، خفايا حتى على الصالحين، يقع لهم ذلك، لما جاء إبراهيم المرة الثانية، وقد خرج إسماعيل للصيد، طرق الباب خرجت المرأة، من؟ كيف حالكم؟ قالت: نحن بخير ونحن في أحسن حال وعيش، زوجي خرج يصيد لنا، لاحظ المرأة إذا صار فيها أخلاق، خرج يصيد لنا، فيها وفاء، قال: إذا جاء أبلغيه السلام، وقولي له: يثبّت عتبة بابه، ولما رجع إسماعيل، وكان إبراهيم قد غادر، قال: من جاء في غيابي؟ فلان صفته، ماذا قال لك؟ بلغيه السلام وقولي له: يثبت عتبة بابه، قال ذاك أبي وهو يأمرني بإبقائك" ثم جاء إبراهيم فصنع به ما صنع الوالد بالولد والولد بالوالد، وصار اللقاء، وأمر الله ببناء البيت، وحصلت قصة معروفة، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: إذا طلب الأب من ولده أن يطلّق زوجته فلا يخلو من حالين؛ الأول: أن يبين الوالد سبباً شرعياً يقضي طلاقها وفراقها، مثل أن يقول: طلق زوجتك، ما تصلي، ما تتحجب تخرج في ريبة، بين السبب، فيها سوء دين أو سوء خُلُق، ففي هذه الحالة يجيب الولد والده ويطلِّق؛ لأن طلاقها ليس مزاجاً أو تعنتاً من الوالد ولكن حماية لفراش ابنه، أثبت له، قال :هذا الخروج، هذا الرجوع أين هذه العلاقات؟ هذه كيف؟ غيرة على فراش الولد.
الحالة الثانية: أن يقول الوالد للولد: طلق زوجتك، لأن الابن يحبها فيغار لماذا تأتي واحدة تأخذ بلب ولده؟ وإذا صارت الأم يمكن تغار أكثر، طلق، ليش؟ ترى الولد أحبها كثيراً وإلا المرأة ما فيها شيء، دين صح وخُلق صحيح لكن غيرة ماذا يفعل الولد في هذه الحالة؟ شرعاً لا يلزمه أن يطلق، ولماذا يخرب بيته؟ ولماذا يخرب بيته ويشرد أولاده، لماذا؟ يقول: طلقها؛ لأنها ما شالت نعالي، قلت لها: شيلي نعالي، ما شالت نعالي، قلت لها: جيبي الشاي حار جابته بارد، طلقها ليس سبباً شرعاً تخرب بيوت الناس، وهذه تذهب تعاني المطلقة، والولد يعاني، والأولاد يعانون؛ لأنه ما جابت له الشاي في وقت، هذا لا يجاب لا يطاع في الطلاق ولكن قال العلماء: يداري أباه وأمه، يكون خيراً إن شاء الله، ما يصير خاطرك إلا طيب، الله يفرجها وييسرها، يداري بالكلام ويقنع ،وفيها خير وفيها كذا.
سئل الإمام أحمد - رحمه الله - عن هذه المسألة بعينها قال له رجل: إني أبي يأمرني أن أطلق زوجتي، فسأله عنها، قال: هي صاحبة دين وخُلُق، يعني ما فيها علة، فقال أحمد: "لا تطلقها" قال: أليس النبي ﷺ أمر ابن عمر أن يطلّق زوجته حين أمره أبوه عمر، قال الإمام أحمد: "حتى يكون أبوك مثل عمر. عمر كذا، إذا سلك عمر فجاً سلك الشيطان فجاً غير فج عمر إن الله جعل الحق على لسانه عمر وقلبه ما في هوى، حق، لكن ما يكون الابن أيضاً في الرد سليطاً، يأتي الأب يقول: طلق، يقول: لما تصير مثل عمر كلمني.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن رجل متزوج وله اولاد، ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها، فقال: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبر أمه، وليس تطليق امرأته من برها. وفي موضع آخر قال شيخ الإسلام في أم ظالمة قال: "هذه من جنس هاروت وماروت ما يفارقان بين المرء وزوجة".
فإذن، المسألة على الحق والعدل هذه طائفة من الأحكام الشرعية المهمة في أحكام بر الوالدين.
هذه هي الحلقة الأولى ونعدكم بحلقة قادمة ثانية إن شاء الله في هذا الموضوع المهم؛ لأنه بقيت فيه حالات أخرى متعددة وكثيرة وفيها آراء العلماء وأحكام العلماء وفقه العلماء، نتعلم وهذه قضية حياتية معيشية اجتماعية متكررة ودائمة.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وبيوتنا وأولادنا وأنفسنا وذرياتنا.