الأحد 10 ربيع الآخر 1446 هـ :: 13 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

زواج المسيار 2


عناصر المادة
الخطبة الأولى
أنكحة وتساؤلات
أحق الشروط بالوفاء
الشروط الصحيحة في النكاح
الشروط الفاسدة في النكاح
الخطبة الثانية
أمثله على الشروط الفاسدة
لا تسألوا أهل الجهل

الخطبة الأولى

00:00:04

 إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَسورة آل عمران:102.يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاسورة النساء:1.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاسورة الأحزاب:70-71، أما بعد:

أنكحة وتساؤلات

00:01:05

فالحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها، وجعل بيننا وبينهن مودة ورحمة، وجعل هذا النكاح وهذا العقد عقداً مقدساً في الشريعة له شروطة، وله واجباته وأركانه، وقد تقدم الكلام على ذلك في الخطبة الماضية، ويُعلم من كلام العلماء في شروط النكاح وأركانه مدى أهمية هذا العقد، ومكانته في الشريعة.

ولما استعرت الشهوات في هذا الزمان، وكثرت المغريات والفتن، وعم الشر، وظهر التبرج والسفور، ولم يغض كثير من الرجال أبصارهم، وعمت المغريات التي فيها إثارة الفتن سواءً كان ذلك في صورة تمشي، أو صورة تتحرك، أو صورة مطبوعة بحيث صار ما يقع من العيون على هذه الصور أمر كثير جداً قد أثار الشهوات من واقع النساء في التبرج، ومن هذه الأفلام، وخاصة منها الخليعة التي تثير الشهوات، لجأ كثير من الناس إلى طرق يريدون بها قضاء الوطر والشهوة، ومن هؤلاء من وفقهم الله تعالى لتحصين أنفسهم بالزواج الشرعي، والنكاح الإسلامي المبني على هذه الشريعة المباركة، ومنهم من وقع في المحرمات، وقع في الكبائر، وقع في الفواحش والزنا، وقع في انتهاك حرمات الله وحدوده، فويل لهم من عذاب يوم أليم.

ومن الناس من ركب الصعب والذلول لأجل الحصول على عقد بأي طريقة كانت ليتوصل به إلى وطء المرأة، فدخل بعضهم في بعض الأنكحة المحرمة كنكاح المتعة وغيره، وركب بعضهم طريق الحيل، طريق بني إسرائيل في التحايل على شريعة الله تعالى، ويزعم بعضهم أنه اشترى امرأة من الخارج، وآخرون يقولون: بأن الخادمة مثل ملك اليمين يطأها متى شاء، وبعضهم يذهب إلى أماكن معينة فيها بنات، وكاتب أنكحة، وشهود يتزوج، ثم يطلق، وبعضهم يقول: وهبت نفسها لي فتزوجتها بموافقتها، بلا ولي، ولا شهود، ولا مهر، إلى آخر ذلك من الاختراعات والحيل التي يريدون بها التوصل إلى تحليل ما حرم الله، فما هي حكم هذه العقود، ثم طلعوا علينا بزواج سموه: "زواج المسيار"، قالوا فيه: إن الرجل يتزوج المرأة، فيقيم عندها أو عند أهلها، ويشترط عليها أن لا مبيت، ولا نفقة، أو أنه يأتيها بالنهار دون الليل، ونحو ذلك، فنريد أن نعرف ما حكم هذا النكاح؟ وغيره من الصور المتقدمة، وما حكم الزواج بنية الطلاق الذي يفعله بعضهم إذا ذهب إلى بلاد الغربة، أو إذا سافر سفراً؟ وما حكم إخفاء النكاح؟ لأنه لا يريد مشكلات مع الزوجة الأولى، فهو يسر به، ما حكم كل هذه الأشياء؟.

لا بد قبل معرفة حكم بعض هذه الأنكحة -أيها الإخوة- من الاطلاع على قضية الشرط في الزواج، ما هو؟ ما أنواعه؟ ما هو الملزم من غير الملزم؟ ما هو الذي يفسد العقد، والذي لا يفسد العقد؟ وما هو الشرط المباح الصحيح؟ وما هو الشرط المحرم؟ فهلم بنا إلى جولة مما ذكره أهل العلم في هذه المسألة؛ لأن كثيراً من الأنكحة الموجودة معلقة بشروط، فما حكم هذه الشروط؟ وبناءً عليه يعرف حكم هذه الأنكحة.

أحق الشروط بالوفاء

00:06:30

أما الشرط في اللغة فهو الإلزام والالتزام، وينقسم الشرط إلى قسمين شرط شرعي، وشرط جعلي، فالشروط التي اشترطها الشارع في العقود والتصرفات، والعبادات وإقامة الحدود، ونحو ذلك، هذه شروط شرعية كاشتراط الولي في النكاح: لا نكاح إلا بولي[رواه الترمذي (1101)]، والشروط الجعلية لم ترد في الشريعة، ولكن يشترطها المكلف بإرادته، كما يشترط الواقف شروطاً معينة للوقف أن يكون الوقف مثلاً على طلبة العلم الفقراء، فلا يصرف إلى غيرهم، وشروط الموصي أن يُجعل جزء من التركة لذبح أضاحٍ مثلاً فلا يصرف في غيرها، أو الشروط التي يكون فيها منفعة لأحد طرفي العقد، والشروط الجعلية هذه المعتبرة مقيدة بقيود شرعية معينة فليس للشخص أن يشترط أي شرط يريده، بل لا بد أن يكون الشرط غير منافٍ للشريعة.

لقد ثبت اعتبار الشرط في الإسلام ما لم يخالف حكم الله، وحكم رسوله، وأوجب الوفاء به، قال الله تعالى: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْسورة البقرة:177.

وعن عقبة بن عامر عن النبي ﷺ قال: إن أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج[رواه البخاري (2721)]رواه البخاري.

فأحق الشروط بالوفاء الشروط التي تكون موجودة في النكاح، ومعنى هذا أن الشارع يقر الشروط إذا كانت شرعية، وقد ورد بذلك الحديث عن النبي ﷺ: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً، أو أحل حراماً[رواه الترمذي (1352)]، وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط.

ونحن في موضوعنا موضوع النكاح ما يتعلق به من الشروط معلوم أنها إذا كانت شروط شرعية أو جعلية لا تتعارض مع الشريعة فإن الشريعة تقرها: و أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج[رواه البخاري (2721)]؛ لأنه هذه الشروط وقعت في مقابل استحلال فرج كان محرماً، فاستحل ذلك الفرج بهذا الشرط، فكان الشرط -إذا كان شرعياً لا يخرج عن نطاق الشريعة- من أحق الشروط بالوفاء، وقد يرد الشرط صريحاً في العقد، منصوصاً عليه، فيجب اعتباره، والعمل به، كأن تشترط المرأة في عقد النكاح مثلاً أن لا يُخرجها من بلدها، ونحو ذلك، وقد لا يكون الشرط مذكوراً في العقد لكنه مما تضمنه العقد، أو دل عليه العرف، والعرف سمي عرفاً لتعارف الناس عليه، ومن ذلك: زف العروسة إلى المتزوج، هل تكون في بيت أبيها، أو في بيته، فإن الأعراف تختلف في هذا، فإن أُهمل ذكر الزفاف عند العقد رجع فيه إلى العرف.

والأعراف التي يعمل بها، والتي ينطبق عليها قول العلماء: "المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً" هي الأعراف الموافقة للشريعة، أما إذا خالف العرف الشرع فلا يلتفت إليه، ولا يعمل به؛ لمخالفته للشريعة، وكانوا في الجاهلية كما قلنا تعارفوا عندهم عرفاً أن نكاح الشغار والمتعة والاستبضاع أمور سارية، ومنتشرة، ومتعارف عليها بينهم، فليس كل ما انتشر بين الناس من الأعراف توافق عليه الشريعة، فالمعروف عرفاً، والمشروط شرطاً يشترط أن يكون مما توافقه الشريعة، وتقره.

وإذا كان الشرط مقارناً للعقد -عند كتابة العقد شرطوا عليه شروطاً- فلا بد من الوفاء، وإذا كان الشرط متقدماً على العقد أخبروه عن هذه الشروط قبل العقد بيوم، أو يومين، أو غير ذلك، ثم جاء العقد بالإيجاب والقبول فإن هذه الشروط المتقدمة على العقد الصحيح أنه يجب الوفاء بها.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: هو الظاهر من المذهب، وهو المفهوم من كلام أحمد؛ لأن الوفاء بالشروط، والعهود، والعقود يتناول ذلك؛ ولأن اتفاقهم على الشرط قبل العقد لا يزيله العقد، فلو اتفقوا على هذا الشرط، وبعد يوم أو يومين عقدوا العقد بإيجاب وقبول، وولي وشاهدين، فإن الشروط المتفق عليها قبل هذا العقد داخلة فيه، فإذا كانت الشروط متأخرة عن العقد، فلا يلزم الوفاء بها؛ لأن العقد قد انقضى وتم على ما مضى.

الشروط الصحيحة في النكاح

00:12:34

وهذه الشروط -أيها الإخوة- التي في النكاح تنقسم إلى قسمين: صحيح وفاسد، والصحيح نوعان: شرط يقتضيه العقد، كتسليم المرأة إلى الزوج، وتمكينه من الاستمتاع بها، فهذا الأمر من مقتضيات عقد النكاح، ولا يمكن أن يكون نكاحاً إلا بذلك فلا يُحتاج إلى شرطه؛ لأن الشريعة قد شرطته أصلاً؛ لأن العقد يقتضي ذلك ضمناً، شرطته ضمناً؛ لأن العقد يقتضي ذلك، فلا يحتاج الإنسان إلى شرطه في العقد، وإذا ترافعا إلى القاضي سيجبرها على تسليم نفسها إذا امتنعت؛ لأن هذا من مقتضيات العقد.

والنوع الثاني من الشروط الصحيحة: شرط نفع معين في العقد لا يلزم إلا باشتراطه، كأن تشترط المرأة أن لا يتزوج عليها، أو لا يخرجها من دارها، أو لا يفرق بينها وبين أولادها، أو أن ترضع ولدها الصغير من غيره، أو أن تكمل دراستها، أو أن تستمر في وظيفتها، ونحو ذلك من الشروط، فهذه الشروط إذا لم تتعارض مع الشريعة فهي شروط مباحة، إذا شرطوها عليه في العقد، وقبل بها، لزمه الوفاء بها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِسورة المائدة:1، فإذا امتنع الزوج عن الوفاء بها، ورفض الوفاء بها بعد العقد، وبعد الزواج؛ فإن للزوجة حق المطالبة بفسخ العقد؛ لأن الزوج لم يف به، ودخلت معه على هذا الشرط الصحيح، وإذا تنازلت الزوجة أو سكتت عن ذلك، فإن العقد باقٍ على حاله صحيح مستمر، وبهذه المناسبة نقول: لا ينبغي لأولياء الزوجة أن يُحرجوا الزوج باشتراط أشياء عليه، خصوصاً إذا كان من أهل الديانة؛ لأن كثرة الشروط تعقد الموقف، وتشي بأنهم لا يثقون به مثلاً، ونحو ذلك، وهذا ربما يؤدي إلى شيء من النفور بينهما، لكن إذا خافوا، أو حصلت خشية، فاشترطوا ذلك، فلا بأس عليهم.

والنوع الثاني من الشروط: الشروط الفاسدة -انتبهوا معي للقضية؛ لأننا نتحدث عن مسألة ستوصلنا إلى حكم زواج المسيار، وغير المسيار، والزواج السيار السائر والواقف، سيتبين حكم هذه الأنكحة من خلال فقه قضية الشروط-.

النوع الثاني من الشروط: الشروط الفاسدة، والشروط الفاسدة على نوعين أيضاً:

أحدهما: ما يفسد بنفسه مع بقاء العقد على صحته، العقد صحيح باقٍ، والشرط فاسد لاغٍ، مثل أن يشترط عليها أن لا مهر لها، أو أن يرجع عليها بالمهر بعد ذلك فيأخذه منها، أو يشترط عليها أنه لا نفقة لها، أو أن نفقته عليها، أو أن لا يطأها، ونحو ذلك من الشروط، فهذه الشروط ذكر عدد من أهل العلم أنها شروط فاسدة لكنها لا تُفسد العقد، فالعقد صحيح، ولكن الشرط فاسد، وللزوجة أن تطالب بحقها.

النوع الثاني من الشروط الفاسدة: ما يُفسد النكاح من أصله، مع فساده في ذاته، فهو فاسد مفسد، لا يصح معه النكاح، الشرط فاسد ومفسد للعقد، مثل نكاح المتعة، فإذا قال: زوجتك ابنتي شهراً، أو تزوجتك شهراً، زوجتكها شهراً، أو أسبوعاً، أو ساعة ونحوه، فهذا شرط فاسد مفسد للعقد، والعقد باطل من أساسه، والمعاشرة زنا وحرام، أو نكاح الشغار، أو نكاح التحليل، هذه شروط فاسدة مفسدة للعقد، مثل أن يقول: أزوجكها على أن تطلقها لتحل لزوجها، ونحو ذلك، لزوجها الأول، هذه شروط فاسدة مفسدة للعقد.

والشروط الصحيحة نوعان:

الأول: ما يتضمنه العقد، وإن لم يذكر في صلبه، فلا حاجة لذكره إذن؛ لأنه لازم باللزوم، كما ذكرنا في قضية اشتراط تسليم المرأة لزوجها، والاستمتاع بها، واشتراط النفقة والسكن على الزوج، اشتراط النفقة والسكن على الزوج لا حاجة لاشتراطه؛ لأن الشريعة شرطته، وأن الشريعة جاءت به: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْسورة النساء:34، فالنفقة عليه لزوجته رغماً عنه، تؤخذ منه بالقوة، وإذا أعسر صارت ديناً عليه، وإذا امتنع ألزمه القاضي بدفع النفقة، النفقة واجبة على الزوج، هذا من مضمون العقد، الشريعة دلت عليه، والعرف دل عليه، والعادة وعقد النكاح يتضمنه حتى لو لم ينصوا عليه.

وما يتضمنه العقد نوعان:

أحدهما: ما يتضمنه العقد بدلالة الشرع، كما تقدم.

والثاني: ما يتضمنه العقد بدلالة العرف، كالأمور التي تعارف عليها الناس من غير مخالفة للشرع، أو إضرار بحق أحد الزوجين، مثل تحديد النفقة، والكسوة والمسكن، وزيارة أهلها، ونحو ذلك، فهذا يتضمنه العقد تلقائياً، لكن لن تحد الشريعة فيه حداً محدوداً، ولم تقل: يا أيها الزوج، أنفق خمسمائة، أنفق ألفاً، ونحو ذلك، هذه مسألة متروكة للعرف، ومتروكة لإعسار الزوج ويساره، وقدرته واستطاعته، وما تحتاجه الزوجة، ونحو ذلك.

إذا قيل: يجب على الزوج أن يسكنها شرعاً -يعني سكن يلائم مثلها بالمعروف، بما تعارف عليه الناس-، فلو أسكنها سكناً ليس فيه دورة مياه، ولا مطبخ مثلاً، فلا يقوم لها استمتاع بحياتها الزوجية بدون ذلك، والعرف يقتضي سكناً بمثل هذه المرافق الأساسية، فهذه اشتراطها عرفي داخل مع العقد، أما الشروط الصحيحة التي لا تخالف مقتضى العقد كأن لا يسافر بها، أو لا يخرجها عن بلدها، أو أن تشترط عليه رضاع ولدها من غيره، أو أن تكمل دراستها، أو وظيفتها تستمر فيها، ونحو ذلك، فهذه شروط مباحة إذا التزم بها، ووافق عليها لزمه الوفاء بها، فإن امتنع كان للزوجة طلب الفسخ كما تقدم.

والشروط التي لا تخالف الشريعة هي من إنشاء العاقد لا من إنشاء الشارع، فاشتراط الرجل على امرأته مثلاً في عقد الزواج تقسيط المهر، أو تأجيله أو أن يجعل جزء مقدم، وجزء مؤخر، أو أن تشترط عليه ألا ينقلها من بلدها مثلاً، ونحو ذلك، فهم الذين اشترطوها ليست مشروطة بالشرع، من إنشائهم لا من إنشاء الشارع.

وإذا اشترط على الزوج شروط مثل هذه الشروط، فإنه يلزمه الوفاء بها، وإذا امتنع جاز للمرة طلب الفسخ، فإن قال الزوج: أنا لا أطيق أن تبقى موظفة، فماذا نفعل؟ لا نجبره على الوفاء، ولكن نقول: لها الحق في طلب الفسخ، إن شاءت أن تتنازل عن الشرط أو تسكت فالعقد باقٍ، وإن شاءت طلب الفسخ، ولبي مطلبها؛ لأن شرطها لم ينفذ، ومثل ذلك أن تختار ألا يتزوج عليها، فهذا الشرط مما اختلف فيه أهل العلم، فقال بعضهم: إنه شرط فاسد؛ لأنها أرادت أن تمنعه مما أحله الله له، وقال بعضهم: إنه دخل عن بصيرة، ورضاً بذلك، فيلزمه الوفاء به، فإذا تزوج عليها كان لها طلب الفسخ، وهذا ما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والرجل إذا أقدم على الشرط أقدم على العقد، وقبل الشرط، فإنه عند ذلك لا بد أن يفي به، فإذا امتنع تكون النتائج على ما تقدم.

وإذا حصل عيب بأحد الزوجين، ولم يرض صاحبه، وهذا العيب يفوت الاستمتاع، كأن كانت المرأة بها جنون، أو برص، ونحو ذلك، أو كان الرجل مجبوباً، أو عنيناً -مقطوع المذاكير-، أو مقطوع الآلة، أو لا قدرة له على الوقاع، فهذا العيب ينطبق عليه خيار الفسخ من الطرف الآخر.

الشروط الفاسدة في النكاح

00:23:30

ولنا أن نُلقي الآن نظرة -أيها الإخوة- على الشروط الفاسدة وأمثلتها:

المثال الأول: إذا اشترط الرجل على امرأته أن لا مهر لها، فإن العقد صحيح، والشرط باطل؛ لأن المهر من حقوق المرأة التي تستحقها، فلا يسقط بنفيه لهذا المهر، قال الله: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةًسورة النساء:4، وقال قتادة: فريضة من الله واجبة، والآية تدل على وجوب المهر، وقد أجمع العلماء على ذلك فلا يصح التواطؤ على تركه، فإذا اشترط الرجل على زوجته أن لا مهر لها، كما يقولون الآن في زواج المسيار: لا مهر لها، يتزوجها ولا يعطيها شيء، مثلاً.

ولنعلم -أيها الإخوة- أن بعض هذه الأسماء مختلف عليها بين الناس، فإذا جئت لإنسان تقول: عرف لي زواج المسيار، أعطاك رأياً، وإذا قلت لثانٍ: عرف لي زواج المسيار أعطاك رأياً آخر، وهكذا.

فنحن نتكلم بغض النظر عن الأسماء، إذا اشترط الزوج عند العقد على امرأته أن لا ينفق عليها، وهذا أيضاً داخل في زواج المسيار الذي يسمونه، في بعض الأحيان، فهذا الشرط باطل، ولكن العقد صحيح، ويلزم الزوج أن ينفق على زوجته: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُهُسورة الطلاق:7، وأذن النبي ﷺ لهند بنت عتبة أن تأخذ من مال زوجها من غير علمه بما يكفيها بالمعروف، ثم إن المرأة قبل العقد لم تستحق النفقة، فكيف تتنازل عنها، تستحق النفقة بعد العقد، فإذا انعقد العقد، وسلمت نفسها استحقت النفقة، فلها المطالبة بها، ولا يعتبر إلغاؤها من قبلها قبل العقد لا يعتبر أن ذلك مسقطاً للنفقة عن الزوج، فإذن يحق لها أن تطالب بالنفقة بعد ذلك، ولكن ما حكم العقد؟ العقد صحيح، توافرت فيه الشروط.

وكذلك فإن من الشروط الفاسدة: نفي التوارث بينهما، وهذا كلام سمعناه في زواج المسيار، أو في غيره، أن يقول لها: أشترط عليك أن لا ترثي شيئاً بعد وفاتي، فهذا الشرط فاسد، شرط باطل لا يجوز العمل به، قال الله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ، إلى قوله: فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍسورة النساء:12، فالإرث أثر من آثار عقد النكاح، لا بد من إعطائه لصاحبه، والتنازل عنه قبل العقد تنازل عن لا شيء؛ لأنها لم تستحق الإرث، ولا هو استحقه حتى يتنازل، فإذا انعقد العقد، فالعقد صحيح، والشرط باطل، وترث منه رغماً عن كل أوليائه، ويرث منها رغماً عن كل ورثتها.

فهذه بعض الأمثلة، ونتابع الكلام إن شاء الله بعد قليل.

ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:27:19

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمثله على الشروط الفاسدة

00:27:51

عباد الله، مثال رابع على الشروط الفاسدة: أن يشترط أحد الزوجين على صاحبه عدم الوطء، فهذا شرط فاسد؛ لمخالفته مقصود العقد الذي شُرع من أجله، يخالف مقصود النكاح، ويصح النكاح والشرط فاسد، واختار شيخ الإسلام رحمه الله، أن الزوج إذا اشترط على الزوجة أن لا يطأها فالشرط باطل؛ لأنها لا يمكن أن تُعف إلا بذلك، فلا يمكن أن تتزوج زوجاً آخر وهي في عصمته، فليس لها طريق إلى العفة إلا من طريقه هو، فالشرط فاسد، وأما إذا اشترطت هي عليه أن لا يطأها، فرأى شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا بأس بذلك؛ لأنه يمكن أن يعف نفسه من غيرها، ويتزوج غيرها، أو يتسرى.

المثال الخامس على الشروط الفاسدة: إذا اشترط الزوج على امرأته أن لا قسم لها، هو متزوج بزوجة، فتزوج امرأة أخرى ثانية، وقال: أنا لا أريد مشكلات مع زوجتي الأولى، فأنت على الاحتياط عندما أريد أسير عليك، وهذا الذي أخذوا منه زواج المسيار بزعمهم، ولا يوجد مثل هذا الاسم في كتب الفقهاء، وإنما هو من اختراعات الناس، عندما أريد أسير عليك، في الوقت الذي أريده، فقال: شرطي أن لا قسم لك، فهذا الشرط لاغٍ، والعقد صحيح، بعد العقد يجوز لها أن تطالب بليلتها، فإذا سكتت، ومشت الأمور على ما هي عليه، وقالت في نفسها: أخشى إذا طالبته أن يطلقني، فالعقد صحيح باقٍ على حاله.

وكذلك لو اشترطت هي أن يفضلها على ضرتها، فقالت: أشترط عليك أن لي ليلتين، ولها ليلة، فالشرط باطل لاغٍ، والعقد صحيح، وإذا طالبت ضرتها بليلة وليلة، فيجب عليه الوفاء بذلك.

والزوج لا يملك أن يفضل بين نسائه شرعاً، ويجب عليه العدل بينهن: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك[رواه الترمذي (1140)] يعني: ميل القلب، وجمهور العلماء يقولون: بوجوب العدل بين النساء في كل ما يملكه الزوج، ويقدر عليه، فهذا أيضاً نقطة من نقاط زواج المسيار، قضية أن يشترط عليها أن لا يبيت عندها، أو يأتيها في النهار إذا أراد، وحيث قلنا: أن العدل بين النساء واجب، وليس من حق الزوج اشتراط عدم العدل عند العقد؛ لأن ذلك من حقوق المرأة، فإنها بعد العقد صار حقاً لها، لها أن تتنازل عنه، أو تلزمه به، فتقول له: أنا أسامحك في أن لا تأتيني إلا نهاراً -بعد العقد-، أو تسكت عن المطالبة بحقها في الليلة، والعقد صحيح باقٍ، لكن إذا طالبت يلزمه أن يفي به، وإلا لا يجبرها، لا يستطيع أن يجبرها على البقاء عنده، وتنازل الزوجة عن ليلتها لزوجة أخرى بعد الزواج قد جاء في السنة، فلما أراد النبي ﷺ أن يطلق سودة بنت زومعة، قالت: "يا رسول الله، أمسكني، وأهب يومي لعائشة"، وأرادت أن تحوز على الفضل في بقائها عنده، وتكون زوجته في الدنيا والآخرة، فوافقت على أن تهب يومها لعائشة، فصار النبي ﷺ يقسم لعائشة يومها، ويوم سودة.

مثال سابع على الشروط الفاسدة: إذا اشترط الرجل على امرأته أن لا تزور أهلها، ولا ترى أقاربها، ولا تدخل بيوتهم، فإن الشرط باطل؛ لأن في ذلك قطيعة للرحم، وهذا لا تقره الشريعة، وللمرأة الحق في المطالبة بأن يأذن لها في زيارة أهلها؛ لأن صلة الرحم عليها واجبة، وهذا شيء تقتضيه الطبيعة والجبلة الفطرية، إلا إذا ثبت للزوج أن أقرباءها يفسدونها عليه، وترجع من أهلها منقلبة على زوجها تذيقه ألوان العذاب، فإن له الحق في منعها؛ لأنه إذا كان قد ثبت الفساد من وراء ذهابها إليهم، وإذا ذهب معها، وجلس معها لينظر ويسمع، فهو أحسن وأفضل.

مثال آخر: إذا اتفق الزوج مع المرأة أو مع وليها على مهرين: سراً وعلانية، مهر سري، ومهر علني، والمهر العلني يقولون: نتباها به أمام الناس، ونقول: زوجناها بمائتي ألف، وهم كذابون، فإنه لم يدفع لهم إلا أربعين ألفاً، مثلاً، فما هو الحكم في ذلك، يصح العقد على ما وقعا عليه، ما حصل عند العقد هو اللازم، ولا عبرة بما يعلن للناس طلباً للسمعة، وأحياناً في بعض البلدان هرباً من الضريبة، فيعلنون مهراً، ويتفقون على آخر، فالمهر الذي انعقد عليه العقد هو اللازم، وهو الذي يجب عليه أن يدفعه، وإذا عقدوا عقدين، فالثاني تأكيد للأول، والعقد الأول بمهره هو الملزم أو اللازم على الزوج أن يفي به.

مثال تاسع: إذا اشترطت المرأة طلاق ضرتها، أجاب النبي ﷺ عن هذا الشرط بقوله: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صحفتها[رواه مسلم (1408)]، كأن عند أختها إناء فيه طعام، فجاءت الثانية التي طالبت بتطليق الأولى، فأخذت إناء طعامها فقلبته، فأبقتها بغير طعام، فهذا حرام، ونهى النبي ﷺ أن تسأل المرأة طلاق ضرتها، فلا يجوز أن تقول له: شرطي عليك إذا تزوجتك أن تطلق الأولى، أو تقول: طلق، ثم أتزوج، فهذا حرام لا يجوز؛ لما فيه من الضرر ولما فيه من السعي لقطع نصيب الأولى.

المثال العاشر: جعل الطلاق حق للمرأة، لا يصح اشتراط جعل الطلاق حقاً للمرأة كالرجل على الصحيح من أقوال أهل العلم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءسورة الطلاق:1، أنتم يا مشعر الرجال، إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّسورة الأحزاب:49، فأنتم الذين تطلقون، فإذا اشترطت عليه أن يكون مصيرها بيده، والطلاق بيدها، فالعقد صحيح، والشرط باطل، لاغٍ لا عبرة به على الصحيح من أقوال أهل العلم.

وبناء على ما تقدم -أيها الإخوة- يتبين حكم زواج المسيار بالتفصيل، وحكم غيره من الأنكحة، وبقيت عندنا أمور تحتاج إلى تغطية، الزواج بنية الطلاق دون أن ينص عليه في العقد، حكم وطء الخادمة على أنها ملك يمين، حكم شراء امرأة من الخارج، والنكاح السري، كأن يأتي بخادمة يعقد عليها زوجة في بلدها، ويأتي بها على أنها خادمة، أو أن يتزوج امرأة في طرف البلد، أو في بلد آخر سراً، فما هو حكم النكاح السري؟

ولعلنا نغطي ذلك في خطبة بمشيئة الله بعد ثلاثة أسابيع من الآن بحول الله وقوته.

لا تسألوا أهل الجهل

00:36:28

والذي أريد أن أنبه عليه -قبل ختام الكلام- أن بعض الناس -أيها الإخوة، مع الأسف- يأخذون الأحكام الشرعية من المجالس، ومن القنوات الفضائية، فيأتي واحد إلى الثاني في المجلس يقول: سمعت عن النكاح الفلاني حللوه، حللوه، من الذين حللوه، من الذين أفتوا بتحليله؟ لا ترى لذلك جواباً، لكن يتناقلون الأحكام بينهم بكل سهولة: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَسورة النحل:116، حرام أن تفتي بغير علم، وأن تنتقل فتوىً بغير علم، وتنقل فتوى بغير تثبت، حرام، تأثم بذلك.

والنقطة الثانية: أن بعض الناس يتأثرون بما يشاهدون في بعض القنوات، وقد أخبرني بعض الإخوان بعد الخطبة الماضية عن شيء من ذلك، يؤتى بطبيب ورجل يمثل دور شيخ، ولا أقول شيخاً، وربما يكون عليه لحية، أو لا يكون، ومذيعة فاجرة، واختلاط من عدد من النساء والرجال في ذلك الاستديو، وبعض الآخرين من المشاهدين، أو من الذين يدلون بآرائهم، ثم يتناولون بالبحث القضية، ويخرجون منها بحكم.

وعندي قاعدة أريد أن أقولها لكم: إذا رأيت من يدَّعي أنه شيخ يجلس في مقابلة مع امرأة متبرجة، أو يشترك معها في الحديث في برنامج ونحوه، فاعلم أن الشيخ مزيف، وأن اللحية مزورة! وخصوصاً عندما يجلسونه بجانب امرأة متبرجة، ويتعمدون ذلك إساءة للسمعة -لسمعة أهل الدين-، وتحطيماً لمكانة العلماء في النفوس، وتتبع معي هذه القضية، لا تجد أحداً يقابل امرأة متبرجة، أو يشترك معها في برنامج -خصوصاً في هذه القنوات الخارجية- إلا وتجده متساهلاً في دينه، متساهلاً في فتاويه، لا تجده ممسكاً بحبل الله المتين، ويمشي على الصراط المستقيم، وهل خلت المسألة من الرجال حتى يكون هذا الشيخ مع المرأة المتبرجة؟! ما يوجد رجال يسألونه ويجيب؟! لا يوجد إلا امرأة! واعجباً!.

بعد ذلك يتبين لك ما حكم الأحكام المتلقفة من أفواه هؤلاء الذين يزعمون أنهم شيوخ، باطلة سخيفة مثل سخفهم، وسخف البرنامج الذي اشتركوا فيه.

ويجب أن نحذر -أيها الإخوة- من الأخطار الوافدة على بلدنا من الخارج، مما فيه إشاعة للفاحشة، إشاعة للفساد، مثل أنهم يتكلمون عن الجنس على المكشوف –الجنس على المكشوف يعني تحطيم كل الروابط الإسلامية والإيمانية والقواعد الشرعية في نفوس الناس-، وهذا الغزو إن لم ننتبه له فلا شك أنه سيكون من أسباب فساد المجتمع.

نسأل الله أن يقي بلادنا هذه وبلاد المسلمين كافة الشرور، اللهم اجعلنا في بلادنا آمنين مطمئنين، واحمها واحفظها بحفظك يا رحمن يا رحيم، اللهم ارحمنا برحمتك يا عزيز يا غفور، ووفق الأئمة وولاة الأمور لكل ما تحب وترضى يا رب العالمين.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ودعاء لإخواننا في بلاد الشيشان الذين حققوا نتائج باهرة في هذه الأيام، اللهم انصرهم نصراً عزيزاً يا رب العالمين، اللهم قيض لهم جنداً من عندك يدكون معاقل الكفرة، إنك على كل شيء قدير، وأقر أعيننا بنصرة الإسلام والمسلمين في ربوع العالمين يا رب العالمين.

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

1 - رواه الترمذي (1101)
2 - رواه البخاري (2721)
3 - رواه الترمذي (1352)
4 - رواه البخاري (2721)
5 - رواه الترمذي (1140) 
6 - رواه مسلم (1408)