التحذير من اتباع خطوات الشياطين
الشياطين لها طرق تظهر فيها عداوتها للمؤمنين وتلبيسها، ويظهر فيها أيضاً محاولة الانحراف بالمسلمين عن شريعة الله ، ولذلك يقول الله في القرآن محذراً لهذا الموضوع: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [البقرة: 208].
ونحن تكلمنا في المرة الماضية على معنى: ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً يعني تمسكوا بجميع شرائع الإسلام وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ الشيطان له خطوات وله سبل وله همزات، هذه الأشياء كلها هي الطرق التي يعادي فيها الشيطان ابن آدم.
قدم العداوة بين الشيطان والمؤمنين
العداوة بيننا وبين الشياطين قديمة جداً، ليست حديثة في هذا العصر، ولا في بعثة الرسول ﷺ، ولكن قديمة جداً بقدم البشرية، فكان أول عدو لأبينا آدم وزوجه هو: إبليس -لعنه الله-.
العداوة بيننا وبينه قائمة منذ زمن بعيد، منذ قدم البشرية.
وهذا العدو الشيطان عدو لعين، ماكر خبيث، له في طرقه وتحيلاته على المسلمين تلبيسات كثيرة، تخفى حتى على المخلصين من المسلمين.
تحذير القرآن من سبل الشيطان
لذلك تجد القرآن والسنة مليئان بالنصوص المحذرة التي تكشف هذه المسألة.
وكما أن الله يكشف في القرآن سبل المنافقين، وطرق المنافقين، والأعذار التي يتقدم بها المنافقون، فإنه كذلك يكشف لنا سبل الشيطان، وحيل الشيطان، وألاعيب الشيطان.
وبعض هذه الأشياء التي سنسمعها ربما يحس الإنسان عند سماعها بأنه الآن يدري أنه واقع فيها.
وخطوات الشيطان، وسبل الشيطان، وهمزات الشيطان، هي التي رسمها الشيطان، يعني بعض الطرق ليست من اختراع البشر، هي من اختراع الشيطان.
وشياطين الإنس، وشياطين الجن، هناك تعاون وثيق جداً بينهما؛ لذلك حذرنا الرسول ﷺ من اتباع السبل التي تؤدي إلى جهنم وترك الصراط المستقيم، وأخبر على أن على رأس كل طريق أو كل سبيل من هذه السبل التي تؤدي إلى جهنم شيطان يدعو إليه، من شياطين الإنس والجن.
وهناك تعاون وثيق بين شياطين الإنس والجن في اختراع سبل المنكر، وفي التحايل بها على عباد الله، وإيقاعهم فيها، وفي تزيينها لهم: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ [الأنعام: 121]، أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا [مريم: 83].
هناك تعاون وثيق، وبعضه قد يبدو فيه الشيطان لبعض شياطين الإنس، يبدو فيه الشيطان الجني عياناً، فيتكلم مع الشيطان الإنسي، وقد يخططان معاً لبذر الشر والفتنة في صفوف المسلمين.
لذلك الله يحذرنا من هذه الأشياء في القرآن.
واعلموا: أن جميع هذه المذاهب الهدامة التي ظهرت: الشيوعية والقاديانية والإباحية، ومذهب الطبائعيين، وفرق المعتزلة والجهمية، وغيرها من الفرق القديمة والحديثة كلها الذين أسسوا هذه الطرق أساساً شياطين الإنس والجن .
وأحياناً يكون التخطيط بطريق الإحياء من شيطان الجن لشيطان الإنس، فيزخرف له هذه الطريقة المبتدعة ويحسنها له، فهذا الرجل تدخل في ذهنه، فيعجب بها، ويدعو إليها، فيتكون عنده طريق بدعي كامل في الاعتقادات أو العبادات، وهكذا..
ولذلك الله يحذر المسلمين ويأمرهم أن يدعوه للخلاص من همزات الشيطان، ويقول الله آمراً رسوله ﷺ: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون: 97 - 98].
ومعنى كلمة: يَحْضُرُونِ يعني أعوذ بك يا رب، ألتجئ بك يا رب من حضور الشياطين في أموري، يعني مثل أن يحضرون عند النكاح، عند الجماع، أو عند الطعام، أو عند الذبح، أو عند الأكل، لذلك شرعت لنا التسمية.
ويقول ابن كثير -رحمه الله- في التفسير: فالتسمية مطردة للشيطان.
كلمة: "بسم الله" تطرد الشيطان.
والله يشبه كثيراً من الذنوب يضرب لها أمثلة بأشياء متعلقة بالشيطان؛ مثل قول الله : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة: 275] الذي يأكل الربا معروف {لا يقومون} يعني لا يقومون من قبورهم عند البعث {إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} الذي يركب الإنسي ويدخل فيه، ويسبب له الصرع، هذا من شياطين الجن، يعني من الشياطين الذين هم العصاة والكفرة والفسقة من الجن، يعني ما يدخل في الإنسي جني مسلم تقي أو عابد أو فقيه، وإنما الذي يدخل فيه الكافر من الجن والفاسق منهم أو الفاجر، فلما يدخل هذا الجني في الإنسي، ويبدأ الإنسي هذا يتخبط من الصرع، يعني يتعثر في مشيته، ويهيم على وجهه، وينقلب ويقع، الله يضرب لآكل الربا بأنه إذا قام من قبره يوم القيامة للبعث، فإنه يقوم ويمشي مشية المتخبط والمتعثر كما يمشي المصروع الذي ركبه الجني إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ يعني مسه الشيطان أو تلبس به ودخل فيه.
طرق الشيطان في إغواء الإنسان
وذكرت في خطبة الجمعة الماضية مسألة مهمة جداً في قضية الشيطان هذه، قد تكون أهم من الكلام الذي سنتكلم عنه الآن، لكن لن نفصل فيه، ألا وهي: الطرق التي يسلكها الشيطان لإغواء عباد الله، يعني مثل: قعوده في الصراط المستقيم، يعني إذا جاء الإنسان يجاهد يخذله، وإذا جاء ينفق في سبيل الله يخذله، وإذا جاء يدعو إلى الله يخذله، وإذا جاء يتزوج يخذله، وإذا يروح للحج يخذله؛ لأن إبليس قال: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف: 16] كل ما يأتي واحد يعمل عملاً يخذله عن هذا العمل، ولذلك ورد حديث عن الإمام أحمد، صحيح عظيم في كيفية عصيان العبد المؤمن للشيطان عندما يقعد له في كل طريق.
وذكرت أيضاً أنه: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء: 119] يعني من سبل الشيطان: أنه يأمر المسلمين بتغيير خلق الله.
وذكرنا أمثلة لهذا.
وذكرنا أنه يزين لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر: 39] يعني تزيين المنكر، يعرض الشيطان المنكر على الإنسان المسلم بطريقة جميلة جداً يوقعه فيه، حيث أن بعضهم بعدما ينتهي من المنكر يستغرب كيف وقع فيه؛ لأنه يراه قبيحاً لكن بعدما فعله وانتهى منه، فيستغرب الإنسان كيف حصل هذا؟
لأن الشيطان فعلاً يزين للإنسان.
-طبعا- تزيينه للبدع وتزيينه للمعتقدات الفاسدة، وتزيينه للطرق الفلسفية والكلامية، وتزيينه لأشياء كثيرة في الاعتقادات والعبادات والمعاملات للإنسان هذا موضوع مهم جداً، لكن لن يكون هذا هو وقت طرح هذا الموضوع، ربما يكون في وقت إن شاء الله في المستقبل نتوسع فيه أكثر؛ لأنه مهم جداً قضية كيف يعمل الشيطان مع الإنسان حتى يغويه ما هي السبل؟ وما هي الوسائل؟
نزغ الشيطان بين الإخوة المسلمين
من الأشياء التي يعملها الشيطان نذكر هذا لأهميته: نزغ الشيطان بين الإخوة المسلمين، قال الله -تعالى- في سورة الإسراء: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء: 53] يعني يبذر في صفوفهم، وفي أوساطهم العداوة والبغضاء والفتن والتفرقة بينهم، لهذا يوسف بعدما تولى مقاليد الملك حمد الله على أنه أنقذه من أشياء كثيرة، وعلى أنه جمعه مع إخوته الذين نزغ الشيطان بينهم، فقال يوسف : وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي [يوسف: 100].
فإذاً، العداوة بين الإخوة الأشقاء أو الإخوة في الدين سببها الشيطان، ينزغ بينهم بوسائل كثيرة جداً.
لذلك يجب الحذر منه.
من هذه الأشياء أشياء ذكرها الله في القرآن: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا [المجادلة: 10].
من الأشياء التي يعملها الشيطان: النجوى، لماذا؟ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا يخلي اثنين يتكلمون مع بعض بهمس، بجانب شخص ثالث ما يسمعهم، فهذه العملية تسبب الحزن في نفس الشخص الثالث، فتسبب الفرقة والقطيعة والعداوة بين المسلمين، هذه طريقة واحدة من الطرق.
وكما ذكرت لكم بأن طرقه كثيرة، ليس الآن مجال استقصائها.
والشيطان يحاول بشتى الوسائل أن ينسي الإنسان ذكر الله -تعالى- والعمل الصالح، ولذلك الله يقول محذراً ومنبهاً: وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 68].
قد يقعد الإنسان مع أصحاب المنكر، يقعد معهم ويتجاذب معهم أطراف الحديث ويتأثر بهم ثم يعود إلى وعيه ورشده، ويفكر أنا أجالس مع من؟ وأنا أجالس من؟ من هؤلاء الناس؟ يعود إلى رشده: فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى [الأنعام: 68]. لاحظ أنه كان نسيان من الشيطان، بعدين صار ذكرى: فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 68].
هذا يدل على وجوب مجانبة ومخالفة أصحاب الأهواء والبدع والمفاسد والمعاصي.
سبل الشيطان في إغواء الإنسان
كذلك من السبل بشكل سريع نحن نستعرض السبل: قضية الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، الله أخبر بأنها رجس من عمل الشيطان، لماذا يريد منا الشيطان أن نشرب الخمر ونتعامل بالميسر ونسجد للأصنام والأوثان؟
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ [المائدة: 91] فالشيطان عنده أهداف وعنده وسائل لتحقيق الأهداف.
الأهداف: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ .
ما هي الوسائل؟
فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ .
أهداف أخرى: وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ .
لذلك كان كل من أعرض عن شرع الله وعن دين الله يكون من عقوبة الله له في الدنيا: أن يوكل به قريناً يزين له المنكر والمعصية، ويزيده ضلالاً على ضلاله وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف: 36] مقترن معه دائماً يكون معه، ويزين له الشر.
وضرب الله مثلاً لرجل كان مع رفقة صالحة، وهذه نقطة مهمة جداً، كان مع رفقة صالحة ثم تركهم وضل، ضرب الله له مثلاً برجل استهوته الشيطان فأضلته، فقال تعالى: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى [الأنعام: 71].
قال ابن كثير -رحمه الله- وساق أقوالاً كثيرة لمفسري السلف: أنه رجل كان مع رفقة صالحة طيبة، يعني يتعاون معهم على البر والتقوى، ويتعلم منهم الخير، ويدعو إلى الله معهم، إلى آخره من أعمال الطاعة والعبادة، فحصل له نزغ من الشيطان سبب له مفارقة أصحابه، ففارق أصحابه، الرجل الذي يفارق أصحابه يكون له طرفان في النداء: أصحابه يدعونه إلى الخير ائتنا، ارجع إلينا، عد إلينا، عد إلى هذا الطريق الذي كنت تسلكه، الشيطان يضله، ويقول: لا، اسلك الطريق الفلاني اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ واحد تاه عن الدرب والشياطين تضله زيادة، وكلما جاء له واحد يريد أن يرشده ويدله على الطريق، يقول: تعال هذا الطريق الصحيح، يجيه الشيطان يقول له: هذاك الطريق أزين اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ ماذا يصير واقع هذا الرجل؟ هذا يدعوه إلى النار، وهؤلاء يدعونه إلى الجنة، حيران محتار يعني كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى [الأنعام: 71]، لذلك كثير من هؤلاء الناس يكون الواحد على خير وعلى عمل طيب، ويكون مع رفقة صالحة ثم فجأة يتركهم ويحاولون معه أن يرجعوه بدون فائدة، لماذا؟
الشياطين توسوس وتزين طرق أخرى، فيجلس هذا الشخص في حيرة واضطراب وضياع بقية عمره إلا أن ينقذه الله ويتداركه برحمته.
فهذا يقول ابن كثير -رحمه الله-: كمثل رجل كان مع قوم على الطريق المستقيم فضل فاستهوته الشيطان، حيرته وأضلته عن الطريق.
هذه الوساوس، وهذه الخدع لها أشياء نستطيع أن نقي لها وقايات، يعني الله من رحمته بالعبادة أنه ما أسلمهم إلى الشياطين، وكل شيطان يأخذ من غير حساب.
جعل من السبل، وجعل من الأسباب التي إذا عملها الإنسان تباعد عن الشيطان، ونفر منه الشيطان وتركه، هذه الأشياء كثيرة جداً بعضها أقوال، وبعضها أفعال.
وموضوع الدرس هذه الأقوال والأفعال التي تكون وقاية للإنسان من الشيطان، هذا الموضوع الأصلي.
وسائل الوقاية من همزات الشيطان
الاستعاذة بالله من الشيطان
وكان الكلام الذي راح مقدمة تحتاج إلى موضوع منفصل في ذاته، طرق الإغواء التي يتبعها الشيطان.
الاستعاذة، قال الله -تعالى-: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصلت: 36].
ما معنى الاستعاذة؟
ما معنى كلمة: أعوذ؟
نحن نقرأ قبل الفاتحة: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، ما هي الاستعاذة؟ ولماذا نقولها في أول الصلاة قبل قراءة القرآن؟ لماذا جعل هذا هو الموضع الذي نقرأ فيه الاستعاذة ؟
{أعوذ بالله} أعوذ، عاذ يعوذ يعني التجئ واحتمى بالشخص، أو بالشيء الذي يعيذه مما يريد الفرار منه، والهروب منه.
{أعوذ بالله} يعني الإنسان يعوذ ويلتجئ ويعتصم بالله.
مماذا يعوذ؟
من الشيطان الرجيم، من أي شيء من الشيطان الرجيم؟ شخصيته يعني؟ من همزه ونفخه ونفثه.
وسنتعرف بعد قليل ما هي الهمزات والنفخات والنفثات التي يعملها الشيطان.
هذه الاستعاذة تشرع في عدة مناسبات لو تأملتها تجد فعلاً أنها مهمة جداً.
الاستعاذة عند قراءة القرآن، أنت تقدم على تلاوة كلام رب العالمين وتدبره، والتأمل فيه، ما الذي يقطع عليك طرق التدبر والتأمل في القرآن؟
الشيطان، يوسوس لك.
إذاً، ماذا نحتاج لقطع طريق الشيطان؟
ندعو الله : إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف: 27] المشكلة ما نراهم، وقد لا نقوى عليه، نمسكه مثلاً ونربطه، أو نحجزه أو نقتله، لا نملك هذا، ما عندنا سلطان عليه في هذه الأشياء، ولا نراه.
الله ما يترك المؤمنين هكذا، يكون مع عدوهم السلاح وهم عزل، يعطيهم أسلحة أقوى من أسلحة الأعداء، لو كانت مثلها كان ما أحد غلب، لكن نجد أن كثيراً من الذين يغلبون الشيطان، لماذا؟
بمثل هذه الأشياء.
الاستعاذة عند بداية قراءة القرآن، بداية الصلاة، وعند الوسواس إذا جاء الإنسان، وقال له: من خلق الله -كما سيمر معنا-؟
عند الغضب، الغضب من نزغات إبليس، لذلك لما الرسول ﷺ شاهد الرجل احمر وجهه، وجعل يسب ويشتم، فقال: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما هي هذه الكلمة؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم [رواه البخاري: 3282، ومسلم: 2610] لو قالها لذهب الغضب؛ لأن الغضب من نزغات الشيطان يلزم الاستعاذة منه، حتى يذهب، هذه الهمزة من همزات الشيطان تزول.
مثلاً: عند الخلاء -كما سيمر معنا- عند الخلاء الاستعاذة أيضاً ورادة ومشروعة، وسنعرف لماذا؟
وسوسة الشيطان والوقاية منها
هذا الشيطان يوسوس، يأتي إلى عقل الإنسان يوسوس فيه، وله مداخل، الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، يعني معناه أنه داخل فينا في كل شعرة، وتحت كل عرق وجلد، يمشي هذا الشيطان، مداخله على الإنسان كثيرة جداً منها: الوسوسة، يعني ماذا يفعل؟ يذبح الإنسان أو يقطعه؟
ليوسوس له، يوسوس له في عقله وقلبه، يدخل عليه الشبهات، الشكوك، تثبيط عن العبادة، هذه الوساوس.
والوساوس هذه أنواع منها ما يملك الإنسان بأن ينقاد وراءها ويكفر بالله، أو يبتدع طريقة في الدين، أو يترك العبادة.
ومنها ما يبقى وسوسة، يعني الشيطان يحاول، والإنسان يرد عليه، لذلك الصحابي لما جاء الرسول ﷺ وقال: يا رسول الله إنا أحدنا ليجد في نفسه ما يتعاظم أن يتكلم به؟ قال: يا رسول الله نحن أحيانا تأتينا تفكيرات مثل: من خلق الله؟ أيش لونه؟ كيف الله؟ تأتينا أشياء في عقولنا، ما يتعاظم الإنسان يعني يهاب أن يتكلم به؛ لأنها أشياء تكون كفرية والعياذ بالله، فقال الرسول ﷺ: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة [رواه أبو داود: 5112، وأحمد: 2097، وقال: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"] يعني ما دام القضية بقيت في حدود الوسوسة، ما تعدت الوسوسة، يعني فقط الشيطان يوسوس والإنسان يدفع الوسواس، فالإنسان بخير، ما دام قضية وسوسة، والإنسان يدفع هذه الوسوسة فهو بخير، ولذلك الرسولﷺ قال: الحمد لله كأنها نعمة، يعني شيء طيب الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة يعني حجز الكيد عند الوسوسة فقط ما تعداها إلى أشياء أخرى.
الوسوسة هذه تكون في عباد الله المتقين الصالحين على طريقة أهل السنة والجماعة، ما يوسوس الشيطان لأهل البدع؛ لأن أهل البدع مستولٍ عليهم، ومنته منه أمرهم.
الوسوسة تكون للرجل الصالح الذي يعبد الله على بصيرة، على السنة، هذه يوسوس له الشيطان، لذلك ابن تيمية -رحمه الله- في كتبه التي رد فيها على اليهود والنصارى، كتب عظيمة جداً ما زال بعض مخطوطاته مفقوداً إلى الآن، هذه الكتب يقول فيها رحمه الله في أحد العبارات يقول: قالت اليهود والنصارى: إن الشيطان لا يوسوس إلينا في صلاتنا؟ يقولون: نحن نصلي بالكنيسة أو في البيع، أماكن عبادة اليهود نخشع ما يأتينا الشيطان، يعني ما نلاحظ أنه في تشويش، ما نحس أنه فيه تشويش، فقال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في هذا الموضع: وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب؟ بيت خربان، كله شرك وكفر وبدع، لماذا الشيطان يأتي يوسوس فيه؟ ماذا يوجد به من أشياء صالحة تحتاج إلى تخريف؟ كله خربان ولذلك ما يوسوس.
يوسوس على من؟
على أصحاب الطريق الصحيح يوسوس لهم.
البسملة وذكر الله أول الطعام
في مسألة الطعام مثلاً: الطعام، ورد في حديث صحيح عن حذيفة قال: "كنا إذا حضرنا مع رسول الله ﷺ على طعام لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله ﷺ فيضع يده" يعني احترام وتوقير لصاحب الفضل وصاحب العلم والكبير، أنه هو الذي يبدأ في الطعام، هذه سنة "وإنا حضرنا معه طعاماً" في "مرة من المرات "فجاءت جارية كأنها تدفع" فذهبت تضع يدها في الطعام مباشرة "فأخذ رسول الله ﷺ بيدها" أمسكها "وجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب يضع يده في الطعام فأخذ رسول الله ﷺ بيده" قال حذيفة: فقال رسول الله ﷺ: إن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية يستحل بها يريد أن يأكل عن طريق الجارية هذه فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت به، والذي نفسي بيده يعني الله إن يده في يدي مع يديهما إن يد الشيطان في يد الرسول ﷺ مع يديهما يعني يد الجارية والأعرابي [رواه مسلم: 2017].
ذكر الله عن الاستيقاظ من النوم
من الأشياء التي يفعلها الشيطان: أنه يبول، له بول، لكن بوله يوضع في أي محل؟
عن ابن مسعود قال: ذكر رجل عند النبي ﷺ نام حتى أصبح، يعني فاتت عليه صلاة الفجر ونام وما صحى إلا بعد طلوع الشمس، فقال رسول اللهﷺ: ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه أو قال أذنه متفق عليه [رواه البخاري: 1144، ومسلم: 774].
فمن الأشياء التي يفعلها، أي واحد تفوته صلاة الفجر يعلم بأن الشيطان قد بال في أذنيه، وما سمع الأذان ولا التنبيه ولا داعي الخير الذي يجعله ينبعث من فراشه ويقوم إلى الصلاة.
الآن هذه حقيقة يخبر عنها الرسول ﷺ كل واحد يقوم يعلم بأن الشيطان قد بال في أذنيه حقيقة.
أيضاً في قضية النوم، الإنسان ينام في الليل، الشيطان يعمل أشياء من أجل أن الإنسان ما يقوم لصلاة الفجر، فيقول الرسول ﷺ في حديث أبي هريرة المتفق عليه: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم [رواه البخاري: 1142، ومسلم: 776] يعني على شعره، على رأسه يعقد عليه إذا هو نام ثلاث عقد، إذا الإنسان نام يأتي الشيطان ويعقد ثلاث عقد، عقد حقيقية طبعاً، ثلاث عقد.
من الأدلة على أنها حقيقة: أن الرسول ﷺ قال: ثلاث، ولو كانت وسوسة لما صار للعدد معنى، يعقد ثلاث عقد، ما نراها نحن على رأس الإنسان، يضرب كل عقدة، يعني كل عقدة ما محتوى العقدة؟ عليك ليل طول فارقد العقدة هي يقول للإنسان: عليك ليل طول فارقد باقي وقت على الفجر، باقي وقت على الأذان، باقي وقت على الإقامة، باقي وقت تلحق الركعة، باقي وقت. عليك ليل طويل فارقد .
الآن نلاحظ أن كل واحد منا عنده ملك يأمره بالخير، والشيطان يأمره بالشر، أي خاطرة وأي عمل إذا كان خيراً تعرف أنت أنه من الملك، من القرين الصالح، وأي عمل شر تعرف أنه من وحي القرين الفاسد الشيطان.
لو واحد الآن قام وصلى هذه الصلاة نتيجة أمر القرين الصالح، وطاعة الإنسان لهذا القرين، وأي عمل شر هو من وحي القرين الفاسد الشيطان.
فالآن هذا الشيطان الذي يعقد هذه العقد على الإنسان، والإنسان ما يرى هذه العقد، ولكن طبعاً يحس بأثرها، ما هي الأسلحة التي أعطانا الله إياها حتى نتخلص من هذه العقد؟ هذه العقد ما نراها لكي نفكها أو نمنعه من العقد هو سيعقد على رأس كل واحد؟
فيقول الرسول ﷺ: فإن استيقظ الإنسان هذا فذكر الله انحلت عقدة ؛ لأنه يمكن أن يستيقظ وهو يذكر الله وينام مرة ثانية فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة أخرى، فإن صلى انحلت عقدة كل العقد فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان حديث صحيح [رواه البخاري: 1142، ومسلم: 776].
إذاً، ما هي الأسلحة؟
أولاً: ذكر الله.
ثانياً: الوضوء.
ثالثاً: الصلاة.
كل عقدة بسلاح، دواء يزيل هذه العقدة وأكثر من عقدة.
ذكر الله: الحمد لله الذي رد علي روحي وأذن لي بذكره [رواه الترمذي: 3401، وحسنه الألباني: 333].
الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني [رواه أحمد: 23286، وقال محققو المسند: "حديث صحيح"].
الأذكار، هذه ذكر الله إذا قام من النوم الوضوء اللي يفك العقدة الثانية، والصلاة التي تفك العقدة الثالثة، فيصبح الإنسان نشيطاً كما قال الرسول ﷺ: طيب النفس وإلا يصبح خبيث النفس كسلان [رواه البخاري: 1142، ومسلم: 776].
ما تلاحظ واحد تفوته الصلاة، وما يقوم إلا بعدين، يتكاسل، هذه أشياء نلاحظها على أنفسنا، إذا واحد قام متكاسلاً لصلاة الفجر، ما صلى الفجر نلاحظ أن نفسه خبيثة، وأنه كسلان يعني عن الطاعة، حتى الحيوية يفقدها عند القيام، يقوم كسلاناً، وعيونه يالله تفتح؛ مع أنه نام أكثر، لاحظ المسألة ما هي مرتبطة بالراحة في النوم وعدد الساعات، لا، ليست هذه القضية الأساسية، القضية أنك تذكر الله، تتوضأ وتصلي، فتصير نشيطاً، وواحد يستغرب، ما الذي سواه حتى نشط؟ هل أخذ جرعات أو حبوباً منشطة؟
ما أخذ، كل الذي فعله أنه ذكر الله وتوضأ وصلى.
فإذاً، صار طيب النفس نشيطاً، مع أنه يمكن ما يكون نام إلا ثلاث ساعات في الليل، ويمكن واحد نام تسع ساعات وعشر ساعات، ويكون كسلاناً ومتثاقلاً جداً، وخبيث النفس، وما يريد يعمل أي عمل خير، فليست القضية عدد ساعات النوم، القضية الطاعة والمعصية، الطاعة التي تورث النشاط في الإنسان، والمعصية التي تورث التثاقل والتكاسل عن عبادة الله.
الاستعاذة بالله من الشيطان قبل دخول الخلاء
مسألة الحشوش، أماكن الخلاء التي فيها يتبول الإنسان ويتغوط، يقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داود عن زيد بن أرقم: إن هذه الحشوش محتضرة أماكن الخلاء ((محتضرة)) يعني يحضرها الشيطان باستمرار، يعني إذا تبغى تبحث عن عنوان الشيطان الرجيم، أحد العناوين الرئيسية، أماكن الخلاء، تجد الشياطين دائماً يحضرون فيها؛ لأن الشيطان خبيث، ويحب الأماكن الخبيثة ((محتضرة)) يعني تحضرها الشيطان فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث أو الخُبْث والخبائث [رواه أبو داود: 6، وابن ماجه: 296، وأحمد: 19286، وقال محققو المسند: "رجاله ثقات رجال الشيخين"] الخبث والخبائث معروفة، الخُبُث هو جمع خبيث، يعني ذكر الشيطان، والخبائث جمع خبيثة التي هي أنثى الشيطان، فالإنسان أول ما يضع قدمه ليسلك الطريق يقول هذا الذكر يذهب يدخل الخلاء ويقول: أعوذ بالله من الخبث والخبائث.
هذا الذكر يبعد الشيطان عنه.
ولذلك تجد بعض الناس الذين -المعذرة من العبارة- لا يذكرون الله، تجده يستأنس في الأماكن هذه، يرتاح ويطول في الحمام ويجلس فترة طويلة، أو يغني؛ مع أنه مكان قذر ونجس، لماذا؟ لأن الشيطان هناك مبسوط هو وإياه، وجالس يزين له الجلوس، وهذا في مكان الخبيث ومكان النجاسات، وفعلاً تجد هذا، تجد الصالحين يدخل بسرعة ويقضي حاجته ويطلع، وهذاك يجلس وينبسط ويجلس يغني ويشرب الدخان، ويقرأ المجلات الفاسدة، وكذا، من هذا القبيل.
عدم المشي بنعل واحدة
أيضاً من الوقايات الأخرى التي الرسول ﷺ حذر منها: يقول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد: "نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة أو خف واحدة" [رواه أحمد: 11378، وقال محققو المسند: "حديث صحيح لغيره"].
وفي حديث مسلم وأبي داود عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه، ولا يمش في خف واحد، ولا يأكل بشماله [رواه مسلم: 2099].
وهناك رواية تذكر أن السبب في النهي عن المشي في نعل واحدة أن الشيطان يمشي في نعل واحدة.
وذكر هذا ابن العربي -رحمه الله- في شرح الحديث هذا الذي رواه الترمذي وذكره المباركفوري في التحفة.
فإذاً، الإنسان يجب عليه أن يخالف الشيطان، الشيطان طريقة مشيه أن يمشي في نعل واحدة، فيجب على الإنسان أن يخالف ويمشي في نعلين.
قد يكون هناك فوائد أخرى مثل الفوائد التي ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في تعليقه على سنن أبي داود قال: قد يخيل للناس أن إحدى رجليه أقصر من الأخرى إذا مشى بنعل واحدة فيعيبونه بشيء في جسده وما هو موجود فيه، وقد يتعثر في مشيته؛ لأنه ما هو متوازن، فيه أسباب لكن لا مانع أن تكون هذه الأسباب موجودة بالإضافة إلى السبب الآخر.
إنذار وتحذير الأفاعي المتواجدة في البيوت وعدم المبادرة بقتلها
الآن نحن نذكر وقايات، من الجن من يكون على شكل الثعابين أو الأفعى، والأفعى أحياناً تدخل البيوت، الجن هؤلاء الذين هم على صورة الأفاعي بعضهم مسلمون، وبعضهم كفار، فيقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد ومسلم: إن في المدينة جناً قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان [رواه مسلم: 2236].
وفي رواية أخرى: إن في بيوتكم عماراً من الجن يسكنون في البيوت فحجروا عليهن ثلاثاً فإن بدا لكم بعد ذلك منهن شيء فاقتلوه .
وفي رواية مسلم عن سعيد: فإنه كافر [رواه مسلم: 2236].
هذا الحديث أساساً جاء في قصة: أن رجلاً من شباب الأنصار رجع إلى بيته فوجد امرأته على الباب، وكان صاحب غيرة فأهم بها أن يطعنها، فأشارت إليه أن ادخل البيت، فوجد ثعباناً عظيماً فانتظمه بالرمح فانقلب عليه الثعبان، فلا يدرى أيهما أسرع موتاً الفتى أم الحية، كما في الرواية. [موطأ مالك: 2/977].
الآن هذه الأفاعي التي في البيوت يحتمل ثلاثة احتمالات: إما أن تكون جناً مسلماً على هيئة ثعبان، كما قال، أو جناً كافراً، أو أفعى عادية ليس لها علاقة بالجن.
فالآن كيف نعرف نحن المسلمين أن هذا الجن يجب علينا أن نتقي الله في إخواننا من الجن، هذه نقطة مهمة ونعاملهم بالحسنى، ولا نعتدي عليهم، فقد تكون هذه الأفعى من الجن المسلم، فماذا نفعل؟
الرسول ﷺ قال: فآذنوه ثلاثة أيام يعني تقول لها إذا رأيت الأفعى وهذا الكلام توجيه نبوي صحيح، تقول: أحرج عليك بالله أن تخرجي أو أقسم بالله عليك أن تخرجي ثلاث مرات، فإن كانت جنا مسلما فلن يعود، وإن كان كافرا يحتمل أن يعود.
طيب يجي واحد يقول: يا أخي هذا كلام عجيب جداً أيش لون تقول لي: أروح أشوف أفعى في البيت وأقول له: أقسم بالله عليك ثلاث مرات وأتركها كذا؟ وبعدين قد تدخل فيني أو في عيالي؟ لا، أنا أقتلها، فالآن كيف نجيب على هذا الإشكال؟
كانت مشكلة علي حتى بينها لي أحد الأفاضل من أساتذة الحديث في الجامعة الإسلامية، هل في الحديث شيء يقول لك: ما تطلعها برا؟ هل في الحديث شيء يقول لك: لا تطلعها برا البيت؟ ما في، الحديث نهى عن قتلها مباشرة، نحن ما نقتلها مباشرة، لكنك أن تحملها وتطلعها برا البيت أو في عصا أو في شيء تخرجها برا البيت، ما في إشكال، بل إنك يجب أن تخرجها خارج البيت، أنت تقسم عليها بالله ثلاثاً أن تخرج وما تعود، وتطلعها برا البيت من أول مرة، تطلعها برا البيت من أول يوم، ما هو تنتظر ثلاثة أيام وهي عندك في البيت، تخرجها خارج البيت، وإن كانت جناً مسلماً سيخرج بسرعة، تخرجها خارج البيت، تجيب عصا، أو تجيب كيس خيش، وإلا تجيب حاجة وتطلعها برا البيت، أو ممكن تمسكها بشيء، ما في مانع من حبسها ومسكها، وإخراجها، ورميها بعيداً عن المكان الذي فيه الأحياء، أو اللي فيه الإنس، فإذا عادت بعد ذلك حرج عليها في اليوم الأول والثاني وتطلعها، فإذا عادت بعد ذلك فاقتلها، هذا الكلام خاص بالأفاعي أو الثعابين التي ليست من نوع الأبتر وذي الطفيتين، اللي هو ثعبان ما في على رأسه شعر، سقط شعره لشدة سمه، وفي نوع عليه خطان أسودان على ظهره، هذا يسقط الحبل مباشرة، إذا نظرت فيه المرأة الحامل، وقد يذهب البصر، هذا النوع يقتل مباشرة؛ لأن الجن المسلم ما يتشكل فيه.
هذه من الوقايات، الجن قد يتشكلون، فهذه الطريقة هي التي تجعلك لا تعتدي على الجني المسلم، وفي نفس الوقت تقي نفسك وفي اليوم الثالث تقتله.
هذه القصص نادرة الحدوث، ما هو مسألة متكررة الحدوث، هل يحصل الواحد دائماً ثعابين في بيته؟ نادراً ما يجد هذا.
يقول الرسول ﷺ في شأن القرين الذي يكون مع الإنسان: ما منكم من أحد إلا ومعه شيطان قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم [رواه مسلم: 2814].
هل هذا يعني أن الجني أسلم وإلا اللهأعان الرسول ﷺ على هذا الشيطان القرين فأسلم من شره؟
كل الأمرين محتمل.
لكن الراجح: أنه فأسلم من شره، كما وضح ذلك شراح الحديث، يعني أنه ما يتسلط على الرسول ﷺ، ولا يقربه بشر مطلقاً.
وقد تكون هذه الرواية: ((فأسلم)) يعني أنه دخل في الإسلام.
عدم سب الشيطان أو لعنه
من الأشياء التي يفعلها الناس كثيراً مع الشيطان سبه ولعنه، فهل هذا مشروع أم غير مشروع؟
يقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه عنه أبو هريرة في صحيح الجامع: لا تسبوا الشيطان، وتعوذوا بالله من شره [رواه أحمد].
وفي رواية أخرى صحيحة عند أحمد وأبي داود في صحيح الجامع: أن الرسول ﷺ قال: لا تقل: تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت، ويقول: بقوتي صرعته، ولكن قل: بسم الله فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يصير مثل الذباب [رواه أبو داود: 4982، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 3128].
الآن واحد منا قد ينسى شيئاً أو قد يقع في معصية يقوم أيش يسوي؟ الله يلعن الشيطان، ويسب في الشيطان.
لماذا ورد النهي عن سب الشيطان ولعنه في هذه الحالة؟
لأن الحقيقة أن الشيطان شغلك عن التعوذ بالله منه، والاستغفار من الذنب اللي سويته، وذكر الله، شغلك بأي شيء؟ بلعنه وسبه هو شخصياً؟ الآن لما تنسى شيئاً، تقعد تلعن الشيطان وتسب الشيطان، أنت في الحقيقة ماذا فعلت؟ الشيطان ينبسط لما تسبه وتلعنه، لماذا؟ لأنه يشغلك باللعن والسب عن الاستغفار وذكر الله والتوبة، فلذلك نهى الرسول ﷺ عن سب الشيطان، ما هو لأن الشيطان ما يستاهل السب، ولا يستاهل اللعن، بل إن الله قال في القرآن: لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء: 118].
لا يوجد صوت فالكلام مبتور&.........بحدوث حادثة للإنسان من نزغات الشيطان، هذا لا بأس به، ما فيه إشكال، جائز، والله لعن الشيطان في القرآن، أما اللعن والسب الذي يعقب حادثة صارت من نزغات الشيطان، فهذا هو المنهي عنه.
فإذاً، لا تسبوا الشيطان وتعوذوا بالله من شره، أو لا تقل: تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت، ويقول: بقوتي صرعته، يعني أشغلته عن ذكر الله بقوتي، صرعته أشغلته عن ذكر الله وعن التوبة وعن الاستغفار.
ولكن قل: بسم الله فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يصير مثل الذباب [رواه أبو داود: 4982، ].
الشيطان معه أسلحة رهيبة، ولكن معنا أسلحة مضادة مفعولها فظيع؛ تصاغر حتى يصير مثل الذباب.
البعد عن الرائح الخبيثة
أيضا من الأشياء التي ينبغي تجنبها، يقول الرسول ﷺ في الحديث الحسن الذي رواه الطبراني عن عقبة بن عامر في صحيح الجامع: ما من راكب يخلو في مسيره بالله وذكره إلا كان ردفه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه إلا كان ردفه شيطان حديث حسن [رواه الطبراني في الكبير: 895].
ما من راكب يخلو في مسيره يعني في السفر ويمشي في طريق السفر يخلو في مسيره بالله وذكره يقرأ القرآن أو يستغفر، وإذا صعد شرفاً كبر، وإذا نزل وادياً هبط سبح، إلا رديفه ملك.
الملائكة، هذا المخلوقات من عباد الله هؤلاء يكونون عند الطاعات، يحضرون عند الإنسان في وقت الطاعة، وعند الصلوات وعند الوضوء، وعند الذكر.
وبعضها مخصصة لهذا الشيء المعين.
وبعضها ترفع الأذكار إلى الله .
وكما أخبر ﷺ في أحد الملائكة، يقول في الحديث الصحيح: الإنسان إذا قام فتوضأ ويصلي من الليل، فليتسوك قبل أن يصلي، يقول ﷺ: فإنه إذا تسوك، فإن هناك ملكاً من الملائكة يضع فمه على فم المسلم هذا الذي يصلي في الليل، فما تخرج كلمة طيبة قرآن أو ذكر أو تكبير من الإنسان من فمه، إلا ودخلت في فم الملائكة.
تصور الإنسان يحس بهذه الأشياء، بمرافقة الملائكة، يحس بالطمأنينة، ويحس بالفرح، أن ملكاً من الملائكة يضع فمه على فم هذا الرجل، ما يخرج من هذا الرجل شيء إلا ويدخل في فم الملك.
وبما أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
والفم هذا فيه مكان الروائح، ومكان الأشياء التي قد يتقزز منها، فلذلك يسن التسوك قبل الصلاة لماذا؟
حتى ما يخرج من الإنسان هذه الرائحة التي تؤذي الملك، ويضع هذا الملك فمه على فم ابن آدم، هذا الحديث في صحيح الجامع [صحيح الجامع: 720].
وما يخرج منه شيء إلا ويدخل في الملك هذا.
فالآن إذا اشتغل بذكر الله صار معه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه إلا كان رديفه الشيطان.
الأشعار والانشغال بها الكثير، وخصوصاً الشعر الذي ما يحتوي على ذكر الله، ولا يحتوي على تذكير ولا على موعظة، ولا على شيء؛ هذا يكون من أسباب جلب الشياطين.
الحذر من الكلب الأسود
أيضا من الواقيات الأسلحة المأمور بها الإنسان المسلم: أنه إذا رأى كلباً أسود، فإنه يعلم بأنه شيطان، كما قال ﷺ: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان رواه مسلم عن جابر [رواه مسلم: 1572].
هذا كلب أسود نوع من الكلاب يكون فوق عينيه نقطتان صفراء اللون تقريباً، تميل إلى اللون الأصفر، هذا الكلب من أخبث أنواع الشيطان؛ كما أن الجن يتمثل بالأفاعي فإن الكافر منها يتمثل بالكلاب، يكون على هيئة كلب، ما هو أي كلب، الكلب الأسود البهيم، يعني الذي لم يخالط سواده لوناً آخر، وليس السواد الفاتح جداً، وإنما السواد المدلهم، الأسود الشديد السواد، ولذلك الرسول ﷺ قال: يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة .
وفي رواية: الحائض، والحمار والكلب الأسود قالوا: يا رسول الله ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟ فقال: الكلب الأسود شيطان [رواه مسلم: 510].
فلذلك الرسول ﷺ أمر بقتله، وهذا النوع من الكلاب هو من أخبثها وأقلها نفعاً، وأكثرها شراسة. ولذلك قال الإمام أحمد: لا يحل الصيد بالكلب الأسود، ولا اتخاذه للحراسة.
فإذاً، ما يجوز اتخاذ الكلب الأسود أو الانتفاع به، هذا كلام الإمام أحمد.
وهناك بعض المذاهب فيها أقوال أخرى في الموضوع.
فإذاً، الحذر من الكلب الأسود بالذات، استعذ بالله منه؛ لأن فيه شر، تستعيذ بالله من هذا الصنف من الكلاب بالذات، أمر الرسول ﷺ بقتله، إذا استطاع الإنسان أن يقتل الكلب الأسود يقتله.
تعويذ المولود والتكبير في أذنه
أيضاً من الأشياء التي يفعلها الإنسان، وينبغي على الإنسان أن يحتاط، وهذه المرة ليست في نفسك، وإنما في أولادك وذريتك، يقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم : صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان [رواه مسلم: 2367].
وفي رواية أخرى في البخاري عن أبي هريرة: ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد [رواه البخاري: 3431، ومسلم: 2366].
وفي رواية: يطعن بأصبعه في جنبه يعني أول ما يولد الولد ينزل من بطن أمه يطعن الشيطان بأصبعه في جنب هذا الولد فيستهل صارخاً، يعني فيصرخ الولد من طعنة الشيطان بأصبعه في جنب الولد، فيستهل صارخاً من مس الشيطان، غير مريم وابنها، ما طعن الشيطان فيهما لما ولدا، قال العلماء: من أسباب ذلك أن امرأة عمران قالت: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ لما رزقها الله بمريم وقبل أن يرزقها الله: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [آل عمران: 36]؛ فلأنها كانت صادقة في الاستعاذة، فقد جنب الله بنتها مريم، في الحديث غير مريم وابنها، من هو ابن مريم؟ عيسى، فعيسى ومريم ما طعن الشيطان في جنبيهما لما ولدا، ما هو السبب؟
أن الأم قالت: وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا لاحظ كيف أن الدعاء وصل إلى الحفيد؟ الدعاء من الرجل الصالح يتعدى نفعه، ما هو نفس الشخص ولا ولده وإنما ولد ولده، وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا فصار النفع تعدى لمن؟
ما هو فقط للبنت مريم، وإنما لعيسى أيضاً بسبب دعاء تلك المرأة الصالحة.
وهذا يوجب على كل أم حامل أو رجل سيأتيه ولد أن يكثر له من الدعاء، ويعوذه بالله من الشيطان.
ولذلك كان من التعويذات المشروعة: أعيذك بكلمات التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة [رواه البخاري: 3371].
قيل: الهامة هي الدابة المؤذية.
والإنسان عندما الرجل يجامع زوجته ماذا يقول؟
بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا [رواه البخاري: 141، ومسلم: 1434].
هذه عبارات مهمة، حتى الشيطان ما يؤذي ولدك، فقال ابن حجر -رحمه الله-: والحاصل أن إبليس ممكن من مس كل مولود عند ولادته، لكن من كان من المخلصين لن يضره ذلك المس، يعني من كان من المخلصين، أو دعا لولده، صح الشيطان يمسه، لكن مس عن مس يختلف، فقد يكون المس بسبب دعائك لولدك مساً ليس ذا أثر.
وقد يكون إذا كان الرجل معرضاً عن ذكر الله يؤذيه المس ويؤذي ولده.
اجتناب الأماكن الخبيثة
أيضا الرسول ﷺ نهى عن الصلاة في مواضع معينة، لماذا؟
وقاية للإنسان من همزات الشيطان أمرك بأن تجتنب أماكن معينة؛ مثل قوله ﷺ: صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها خلقت من الشياطين [رواه ابن ماجه: 769، عن عبد الله بن مغفل وهو حديث صحيح، صحيح الجامع].
فإذاً، من الأماكن التي لا يصلي فيها الإنسان مبارك الإبل ومعاطن الإبل لماذا؟
يقول رسول الله ﷺ: فإنها خلقت من الشياطين .
البسملة عند الصعود على ذروة البعير
وكما سيمر معنا أن على ذروة كل بعير شيطان، فلذلك لما يركب الإنسان البعير يتأكد في حقه أن يقول: بسم الله؛ لأن في البعير من خصال الشيطان شيئاً كثيراً مثل الشموس والنفور والأنفة التي قد تودي وتهلك الراكب أو تضره، فلذلك يتأكد في حقه أن يقول: بسم الل،ه عندما يركب البعير، وكذلك لا يصلي في مبارك الإبل؛ لأنها خلقت من الشياطين.
الطاعون من الشيطان
هناك أشياء قد ما نستطيع أن نقاومها لكن جعل الله فيها الفائدة للإنسان ،أشياء تفعلها الشياطين لكن ما نستطيع أن نقاومها، ولابد تقع علينا، لكن فيها فائدة عظيمة مثل قول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم عن أبي موسى في "صحيح الجامع": الطاعون وخز أعدائكم من الجن، وهو لكم شهادة مرض الطاعون المعروف، الذي ينتشر في المدن، ويهلك الأمم بأسرها.
وأهلك هذا المرض أناساً كثيرين من صحابة الرسول ﷺ، هذا الطاعون من الأشياء التي تنقله إلى الإنسان: الجن، قال ﷺ الطاعون: وخز أعدائكم من الجن .
هو قد يكون له أسباب واضحة، جراثيم، وكذا، لكن من الأشياء التي تنقل هذه الجراثيم وتصيب الإنسان بها أعداؤنا من الجن، هذا المرض قد لا نستطيع أن نرده، يعني يقع للإنسان ويمرض منه ويموت.
فلاحظ أن الشرع جعل في مقابل هذا العجز من الإنسان على دفع هذا الشر من الجن أن جعل الموت بالطاعون شهادة في سبيل الله، بخلاف الموت من الأمراض الأخرى إلا ما ثبت الدليل بأن الموت من هذا المرض المعين شهادة مثل الموت بذات البطن أو بداء البطن.
الحذر من الأجراس
أيضاً من الأشياء التي تجتنب ويجب أن يتقيها الإنسان: الجرس، فقد قال ﷺ في الحديث الذي رواه أحمد ومسلم: الجرس مزامير الشيطان [رواه مسلم: 2114].
هذه أشياء قد تبدو غريبة، ولكن لأنها غيبية وثابتة بالأحاديث يجب أن يتعلمها الإنسان المسلم: الجرس مزامير الشيطان .
قال بعض العلماء: لأن صوته يشغل عن الذكر.
وقال ابن حجر: الكراهة ناشئة؛ لأن فيه شبهاً بصوت الناقوس وشكله، الناقوس اللي في كنائس النصارى، لكن القضية أعم من هذا الجرس، الجرس مزامير الشيطان، فهو صوت الشيطان.
ولذلك الرسول ﷺ بأمر أن تقطع الأجراس من أعناق الإبل، في أحد الأسفار صار من بعض المسلمين علقوا في أعناق إبلهم أجراساً فأمر ﷺ بأن تقطع، فإن صوت الجرس من الأصوات المذمومة، فيمكن للإنسان أن يتخذ وسيلة للتنبيه غير الجرس طبعاً.
والمقصود بالجرس الجرس المعروف هذا عند العرب الذي فيه هذه التي تدق في الجنبات أو أي صوت يشبه هذا الصوت، يعني يؤدي نفس المفعول صوت الجرس، ويكون في ساعات وفي التلفونات وداخل في أشياء، لكن هناك ساعات ليست تحتوي على صوت الجرس هذا المعروف الناقوس.
وكذلك تلفونات لا تحتوي، فالأولى اتخاذها، وتكون الأجراس في حصص المدارس، فيه وسائل كثيرة غير هذه تنبه، مثلاً هذا الصوت الذي يخرج من الدورية أو سيارة الإسعاف ليس بجرس، فكونه يتخذ للتنبيه، أو بوري السيارة مثلا ليس بجرس فكونه يتخذ للتنبيه ما في حرج.
المقصود النهي عن صوت الجرس، أو عن الجرس نفسه .
من الأشياء التي تقي الإنسان الشيطان ونزغات الشيطان وهمزات الشيطان وكثرة وسوسته أن ينتبه في عملية التثاؤب، يقول الرسول ﷺ: التثاؤب في الصلاة من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع [رواه البخاري: 3289، ومسلم: 2994، واللفظ له].
وفي رواية: فليرده ما استطاع [رواه البخاري: 3289] يعني يأخذ بأسباب رده مثل وضع اليد على الفم، ومثل محاولة أنه ما يفتح فمه عند التثاؤب، وأن يضغط ويغلق الفم، يقول الرسول ﷺ: فإن أحدكم إذا قال: هاه، ضحك منه الشيطان [رواه البخاري: 3289].
إذا خرجت هذه الهاءات في التثاؤب، ضحك منه الشيطان.
وفي رواية أخرى صحيحة أيضاً: فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب [رواه أحمد: 11323، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم"].
صح أن الشيطان يمشي من ابن آدم مجرى الدم، ولكن إذا فتحت فمك في التثاؤب فإنك تفتح باباً إضافياً للشيطان كبيراً يدخل منه.
التأني وعدم الاستعجال
وأيضاً من الأشياء المعنوية يقول رسول الله ﷺ في الحديث الحسن: التأني من الله، والعجلة من الشيطان [رواه أبو يعلى: 4256، والبيهقي في السنن الكبرى: 20270].
فالاستعجال في الأمور من الشيطان فينبغي تجنبها.
ويقول ابن القيم -رحمه الله-: فإنها كانت من الشيطان؛ لأنها تدل على الخفة والطيش وحدة في العقل، تمنعه من التثبت والوقار والحلم، وتوجب وقع الشيء في غير محله، وتجلب الشرور وتمنع الخيور.
التعوذ من الشيطان في الصلاة
فيه نوع معين من الشياطين يأتي للإنسان أثناء الصلاة، أو شيطان معين يأتي أثناء الصلاة، وهذا الشيطان يسمى: "خنزب"، فقد قال عثمان بن العاص للرسول ﷺ: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله ﷺ: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت فأذهبه الله عني [رواه مسلم: 2203].
فإذاً، هذا الشيطان خاص بالوسوسة في الصلاة.
لو واحد شعر أنه ينازع في صلاته من قبل الشيطان، يحاول يركز والشيطان عليه، ويحاول أن يتدبر الآيات والشيطان يصرفه، ويحاول أن يخشع والشيطان يذكره بأشياء، فماذا يفعل؟
يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة.
وكذلك لو كان المكان مهيأ يتفل عن يساره، تحت قدمه اليسرى؛ كما ثبت في الحديث الصحيح.
كيف يعني مهيأ؟
يعني إن كنت تصلي في خلاء، أو في صحراء، أو في أرض فيها حصى أو رمل، أو في بيتك، فإنك ستتفل عن يسارك ثلاثاً، تحت قدمك اليسرى، من وسائل صد الشيطان، الحديث رواه مسلم، صحيح، لا سبيل إلى الطعن والتشكيك فيه.
أما إذا كنت في المسجد، أو فيه سجاد، فإنه ليس من المناسب أن تفعل هذا الفعل.
وفعلك هذا صحيح فيه مصلحة لك لكن فيه ضرر عليهم، من جعلهم يشمئزون، كما نبه شراح الحديث، وكما نبه بعض العلماء المعاصرين على أنك ما تفعل هذا في مساجد الناس اليوم، الذي فيها السجاجيد، لكن إن كنت تصلي وحدك في بر أو على رمل أو حصى أو في بيتك فلا بأس أن تفعل هذا الفعل، وهو سنة.
في الحديث يقول: واتفل عن يسارك .
الفرق بين التفل والنفث أن التفل يصحب النفس فيه ريق، بخلاف النفث أو النفخ.
اتخاذ السترة في الصلاة
ينبغي للإنسان ما يدع حاجة تقطع الصلاة، يمر معنا أهمية السترة في دفع الشيطان في الصلاة.
أيضاً يسن للإنسان أن يشير بأصبعه السبابة، وهو في التشهد، وهو قاعد في الصلاة.
الإشارة بالسبابة في التشهد للصلاة
ما هي الحكمة بالإشارة بالسبابة؟
يقول ﷺ: كان إذا رفع أصبعه يحركها ويدعو بها، ويقول: لهي أشد على الشيطان من الحديد)) يعني السبابة [رواه أحمد: 6000، وإسناد حسن].
فإذاً، ما هي الفائدة من تحريك الأصبع؟ أنها أشد على الشيطان من الحديد، وفيها ترغيم له، وفيها تبكيت له، وفيها رد لوسوسته، وتقييد لشروره ونزغاته.
فانظر -رحمك الله- وقارن بين هذا الكلام النبوي الذي طرح فيه السبب، وأثر هذا الكلام، وبين ما يتفوه به كثير من الذين ليس عندهم علم بسنة الرسول ﷺ فيقولون: هذه الحركة، تحريك الأصبع لعب وعبث، وتبطل الصلاة.
ما يقول: ليست سنة، يقول: عبث، وثلاث حركات تبطل الصلاة.
وهذه قضية ذكرها لي أحد الأشخاص يقول: إن واحداً من أصحابه، أو أقربائه، رآه يحرك سبابته في الصلاة، فجلس ينكر عليه، ويستهزئ فيه، يقول له:أنت يا مغفل، تحريك الأصبع ترى ما هو سنة ولا شيء، هذه مرة الرسول كان جالس يتشهد، فجاءت ذبابة على أصبعه، وجلس يحرك أصبعه، تطير الذبابة، والذبابة ترجع، فبعض الناس ظنوا أن تحريك السبابة سنة، ترى ما هو سنة؛ لأن الذبابة تأتي ويطيرها وترجع.
انظر إلى مقدار الاستهانة والاستهزاء بالسنة والتخريف.
عندك نص صحيح أنها جاءت ذبابة على سبابة الرسول وقعد يحرك فيها ويطردها؟
إطفاء السرج عند النوم
من الأشياء التي تقي الإنسان نزغات الشيطان وشرور الشيطان: يقول ﷺ: إذا نمتم فاطفؤوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم [رواه أبو داود: 5247، وابن حبان: 5519، والحديث صحيح].
وفيه رواية أخرى توضح، في الطبراني عن عبد الله بن سرجس: فإن الفأرة تأخذ الفتيلة فتحرق أهل البيت [رواه أحمد: 20775].
من شرور الشيطان ما اكتفى أنه يعمل شخصياً، لكن أيضاً يدفع بعض الكائنات والمخلوقات لتشاركه في الفساد، السراج كان من أول فتيلة توقد بزيت، الرسول ﷺ أمر بأن تطفأ النار في البيت، ما يجوز أن يبقى نار مشتغلة، والإنسان نائم، لا في نار فرن، ولا نار حطب، ولا نار مصباح فتيلة، ولا شمعة، يجب على الإنسان أن يطفئ جميع النار التي في بيته قبل أن ينام، لماذا؟
يقول ﷺ: لأن هذا الشيطان يدل مثل هذه، يعني الفأرة، وسماها ﷺ: الفويسقة، يدلها تجي الفأرة هذه، وتخطف السراج أو تدفع السراج أو الفتيل هذا فيأتي على أشياء تحترق في البيت، فيحرق على أهل البيت بيتهم.
فإذاً، ليس من السنة إبقاء النار، وفي إطفاء النار سد لباب من الفساد والشر الذي يأتي به الشيطان.
عدم الجلوس بين الشمس والظل
كذلك من الأشياء الأخرى نهى رسول الله ﷺ أن يجلس بين الضح والظل، وقال: مجلس الشيطان حديث صحيح، صحيح الجامع [رواه أحمد: 15421].
وفي رواية أخرى صحيحة: أن رسول الله ﷺ قال : إذا كان أحدكم في الشمس فقلص عنه الظل وصار بعضه في الظل وبعضه في الشمس فليقم [رواه أبو داود: 4821] يعني يقوم يغير مجلسه، ويجلس في مكان ما يكون نصفه ظل ونصفه في الشمس.
لماذا الإنسان ما يجلس ونصفه في الظل ونصفه في الشمس؟
هل فقط على شيء صحي، وأنه ما يصير نصف جسمه درجة حرارته مرتفعة، والنصف الآخر منخفضة، وإلى آخره؟
لا.
السبب أنها مجالس الشياطين، إذا تريد تعرف مجلس الشيطان، فهو يجلس بين الظل والشمس.
فالإنسان لما يجلس في هذا المكان تزداد وسوسة الشيطان له؛ لأنه جالس مع الشياطين، الشياطين تجلس في هذا المكان بين الظل والشمس، فلذلك لا يجوز للإنسان أن يجلس بين الظل والشمس، فيقوم ويجلس، يا يجلس كله في الشمس، يا يجلس كله في الظل.
مواضع يشرع فيها البسملة
يقول الرسول ﷺ مبيناً أهمية قول: بسم الله هذه العبارة لها مفعول عجيب في إبطال كيد الشيطان ودفعه.
بسم الله في أماكن كثيرة منها في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد ومسلم: أن الرسول ﷺ قال: إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله -تعالى- حين يدخل وحين يطعم قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه، قال: أدركتم المبيت والعشاء [رواه البخاري: 2018].
سجود السهو
في عملية الشك في الصلاة، سجود السهو من الأشياء التي تقي الإنسان نزغات الشيطان، يقول ﷺ: إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين على الأقل فإن استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كان الركعة نافلة [رواه أبو داود: 1024] يعني لو صلى أربعاً، الآن يشك، يسجد للسهو، لو كان حقيقة صلى أربعاً، وهذه ركعة زائدة، فيقول ﷺ: كانت الركعة نافلة ما يضيع شيء عند الله، حتى الزائدة تعتبر نافلة لك، والسجدتان نافلة، سجدة السهو الذي ما لها داعي، لكن طبعاً سويتها أنت لأنك شاك، لكن في حقيقة الأمر، أنت صلاتك تامة، والسجدتان نافلة، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تمام الصلاة، هذه الرابعة، والسجدتان ترغمان أنف الشيطان. حديث حسن في صحيح الجامع.
فهذه السجدتان التي للسهو من فوائدها: أنها ترغم أنف الشيطان وتقطع وسوسته؛ لأنك قطعت الشك باليقين.
اتخاذ السترة
من فوائد اتخاذ السترة: يقول ﷺ: إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها [رواه أبو داود: 695] لا يمر الشيطان بينه وبينها.
وفي رواية عند أبي داود لا يقطع الشيطان عليه صلاته .
وفي رواية أخرى: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها، ولا يدع أحداً يمر بين يديه، فإذا جاء أحد يمر فليقاتله فإنما هو شيطان [رواه ابن ماجه: 954].
فصار الآن عندنا سبب من أسباب اتخاذ السترة، ما فائدة اتخاذ السترة؟
يقول بعض الناس: حتى الإنسان ما يروح بصره لبعيد، يحصر بصره عند السترة.
وبعضهم يقول: حتى ما يجي أحد يمر بينه وبين يديه، هذا صحيح، لكن من الأسباب الرئيسية لاتخاذ السترة: أنك إذا اتخذت سترة، ما يمر الشيطان بينك وبين السترة، والشيطان إذا مر بينك وبين السترة، هذا يعني أن الوسوسة ستزيد، هذا يعني أن الإنسان لو صلى في بيته وما معه أحد، أو صلى في بر ولا يوجد أحد، يضع سترة، يجي واحد يقول: يا أخي ما في حاجة تمر، ما في ناس، ما في كذا، لماذا نضع سترة؟ يقول ﷺ في هذا الحديث الصحيح: لا يقطع الشيطان عليه صلاته [رواه أبو داود: 695].
إذاً، فيها منع للشيطان فلذلك يسن أن تجعل السترة لو كنت في أي مكان، حتى ولو كنت خالياً.
بينه وبين السترة ثلاثة أذرع من ذراع المصلي.
وفي تقدير آخر بين موضع سجوده والسترة ممر شاة.
الاستعاذة بالله عند سماع نهيق الحمار ونباح الكلب
من الأشياء الأخرى: إذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً [رواه البخاري: 3303، ومسلم: 2729].
وفي رواية أخرى صحيحة، الرواية الأولى متفق عليها، والثانية في صحيح الجامع، ورواية أحمد والبخاري في الأدب المفرد: إذا سمعتم نباح الكلب، ونهيق الحمار بالليل، فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنهن يرون ما لا ترون، وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل، فإن الله يبعث في ليله من خلقه ما يشاء [رواه أحمد: 14283].
فإذًا سماع نباح الكلب ونهيق الحمار، ماذا نقول ؟
نستعيذ بالله من الشيطان، لماذا؟
لأنها رأت شيطاناً، هذه الدواب لديها قدرة في الرؤية ليست لدينا.
سؤال الله عند سماع صوت الديك
أما إذا سمعنا صوت الديك فماذا نقول؟
نسأل الله من فضله فإنها رأت ملكاً، يعني في آخر الليل إذا قلت الرجل، أو في وقت الظهيرة القيلولة، هذان الوقتان يكثر فيهما بعث الدواب المؤذية، فلذلك إذا استطاع الإنسان يتجنب الخروج من بيته في وقت القيلولة وفي وقت الليل المتأخر في الظلام فإنه لا يخرج إن استطاع عدم الخروج.
عدم الأكل أو الشرب بالشمال
هذا الحديث عام فيه غير الأكل والشرب إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وليشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه، وليعط بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويأخذ بشماله، ويعطي بشماله [رواه ابن ماجه: 3266 من حديث أبي هريرة، وهو في "صحيح الجامع: 384، والسلسلة الصحيحة: 1236].
فإذاً، الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويأخذ بشماله ويعطي بشماله، ونحن يجب أن نخالف الشيطان، ولذلك نأكل بأيماننا، ونشرب بأيماننا، ونعطي بأيماننا، ونأخذ بأيماننا.
هل الشيطان يأكل بشمال ابن آدم وإلا يأكل بشماله، يعني بشمال نفسه؟
كلا الأمرين محتمل.
وقد ورد من القصص التي تذكر أن شيطانين التقيا أحدهما هزيل جداً نحيف يكاد يموت، والآخر بدين وسمين ممتلئ، فتعجب كل واحد منهما من حال الآخر فسأل أحدهما صاحبه: ما السبب؟ فكان يقول الهزيل: صاحبي ما يدعني آكل معه لقمة، ولا أشرب معه شربة، كل شيء يقول: بسم الله، وهذاك قال: أما صاحبي، دائماً آكل باستمرار وأشرب وأتغذى.
البسملة عند نزع الثياب
إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف: 27]، معناها الشياطين أو الجن يروننا ونحن لا نراهم.
لو واحد الآن نزع ثيابه لأي غرض من الأغراض الشرعية، نزع ثيابه، يود الواحد إنه ما يرى عورته الجن، كما أنه ما يرى عورته أحد من الإنس، كذلك لا يريد أن يرى عورته أحد من الجن، كيف؟
يقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني في الأوسط عن أنس أن الرسول ﷺ قال: ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: بسم الله [رواه الطبراني في الأوسط: 7066، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 3610] فصار الآن أنت تقول: "بسم الله" في نفسك إذا كنت في الخلاء، أو قبل الدخول في الخلاء، أو قبل أن تنزع ثيابك، لأي سبب من الأسباب، تقول: "بسم الله" قبل أن تنزع الثياب، ما يرى عورتك الجني.
تغطية الأواني وإغلاق الأبواب
يقول الرسول ﷺ: غطوا الإناء وأوكوا السقاء، وأغلقوا الأبواب، واطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاءً [رواه مسلم: 2012] يعني ما يفك سقاءً مربوطا، ولا يفتح باباً، ولا يكشف إناءً، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عوداً ويذكر اسم الله فليفعل.
هذه قضية غيبية، يوضح الرسول ﷺ أن الآنية المكشوفة سواء كانت للشراب أو للطعام يأتي فيها الشيطان ويلغ فيها.
وكذلك الباب يدخل الشيطان من الباب حتى ولو كان مقفلاً إلا في حالة واحدة، يدخل الشيطان من الباب، متى ما يستطيع الشيطان أن يأكل من هذا الإناء ولا يشرب منه ولا يدخل مع الباب؟
إذا أغلقت الباب، وسميت الله عليه؛ ما يدخل الشيطان البيت، وإذا غطيت الإناء، وربطت السقاء؛ ما يحله الشيطان، ما يفكه.
ولذلك لو واحد ما وجد شيئاً يغطي الإناء إلا أن يضع عليه عوداً، ويذكر اسم الله فليفعل.
فهذه أيضا من الأشياء التي تحرم الشياطين من الانتفاع بما عندك من الطعام والشراب.
منع الصبيان من الخروج عند المغرب إلى ذهاب وقت العشاء
منع الصبيان من الخروج عند المغرب إلى ذهاب وقت العشاء، أقصد إلى ذهاب العشاء؛ كما ورد في الصحيح يقول الرسول ﷺ يقول: اكفتوا صبيانكم عند المساء فإن للجن انتشاراً وخطفة [رواه أحمد: 15167، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 3256].
فيجب أن تنتبه الأم عندما يخرج ولدها إلى الشارع إلى خارج البيت، أن لا يخرج في وقت المغرب، يعني ما يخرج بعد المغرب طبعاً إلا للمسجد للصلاة، الرسول ﷺ يقول: فإنها ساعة فيها الشياطين.
وفي رواية أخرى كلها صحيحة في صحيح الجامع.
إذا استجنح الليل، أو قال: جنح الليل، فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم [رواه البخاري: 3280، ومسلم: 2012].
فإذاً، من الأشياء التي تقي الصبيان الصغار الشياطين أنه ما يتلبسه جني ولا يدخل فيه: أنه ما يطلع بعد وقت المغرب إلى أن يحل الظلام تماماً، هذه الساعة تنتشر فيها الشياطين، فإذا صادفت صبياً فقد تدخل فيه، ولذلك نهى رسول الله ﷺ عن إخراج الصبيان في هذا الوقت.
تسوية الصفوف في الصلاة
من الأشياء: إقامة الصفوف وعدم ترك فرجات للشيطان.
وهذا واضح وفيه أحاديث معروفة عندكم.
قول: "آمنت بالله ورسله" عند الشك في الله
الوساواس التي تأتي للإنسان من التساؤلات، يقول الرسول ﷺ: إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلقك؟ فيقول: الله، فيقول: فمن خلق الله؟ يعني بعد هذه الأسئلة فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم، فليقل: آمنت بالله ورسله فإن ذلك يذهب عنه [رواه أحمد: 26203، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1657].
فإذا الواحد جاء له الشيطان يوسوس من خلق الله؟ ماذا يقول؟ آمنت بالله ورسله.
وفي رواية: يقرأ سورة قل هو الله أحدـ، ويستعيذ بالله من الشيطان.
نوم القيلولة
وبالنسبة لحديث القيلولة قيلوا فإن الشياطين لا تقيل حديث حسن [رواه أبو نعيم في الطب النبوي: 151، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 1647].
فيجب على الإنسان أن يقيل قبل الظهر أو بعد الظهر، الشياطين ما تقيل، من باب مخالفة الشياطين نحن ننام القيلولة، فعدم نوم القيلولة مكروه إلا من ضرورة، نحن الآن أنظمة عملنا مستوردة من الكفار، عند المسلمين ما في شيء اسمه عمل بعد الظهر.
هذا وقت قيلولة، الآن أكثر الشركات تجعل عملها متواصلاً، ما في شيء اسمه قيلولة إلا فيما ندر.
رفع وأكل ما سقط من الطعام
عن جابر، قال: قال رسول الله ﷺ: إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان [رواه مسلم: 2033] توجيه نبوي أيضاً في عدم ترك مجال للشيطان للاستفادة من طعامك، إذا وقعت اللقمة ترفعها وتميط ما بها من الأذى إما تقشره عنه، أو تقطع المكان اللي توسخ بالأرض وتأكله ولا تدعه للشيطان.
وفي تركها نوع من التبذير والإسراف في الطعام وماله، وإلقاء النعمة على الأرض.
وهكذا فيجب على الإنسان لو ما أجابته نفسه أن يأكله، الشرع ما يلزمك بأكلها، يقول: تأثم وحرام لو ما أكلتها، تطعهما لدابة من الدواب، لكن ترفعها من الأرض، وتميط ما بها من الأذى، حتى لا تخلي الشيطان يأخذ من طعامك.
الاستنثار عن الاستيقاظ من النوم
إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه [رواه البخاري: 3295، ومسلم: 238] مكان نوم الشيطان على الخياشيم.
فمن السنة: الإنسان إذا استيقظ أن يتوضأ ويستنثر استنثاراً جيداً؛ لأن الشيطان يبيت ينام الشيطان مكان نومه على خياشيم الإنسان.
الاستعاذة عند الأحلام المزعجة
إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس [رواه مسلم: 2268].
وفي رواية: إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه [رواه مسلم: 2262].
فهذه الأحلام المزعجة ما مصدرها؟
الشيطان.
عدم الاستجابة لوسوسة الشيطان
ورد في الحديث الصحيح: أن الشيطان يأتي ويلعب بالشعرات التي حول دبر الإنسان في الدبر فيوهمه أنه أحدث وهو لم يحدث، فعند ذلك ما يقطع الإنسان صلاته ولا يطلع من الصلاة إلا إذا وجد صوتاً أو ريحاً؛ كما في الحديث الصحيح: أن الشيطان يلعب بالشعرات التي في دبر الإنسان فيوهمه أنه قد أحدث [الحديث رواه البخاري: 137، ومسلم: 361].
انظر إلى العداوة، بأي طريقة، وبأي وسيلة، وسوسة وإلهاء عن العبادة وإشغال للإنسان.
قراءة سورة البقرة في البيت كل يوم
توجيه نبوي يقي الإنسان البيت والأسرة داخلياً، يقول رسول الله ﷺ: اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم فإن الشيطان لا يدخل بيتاً تقرأ فيه سورة البقرة [رواه الطبراني في الكبير: 8643، والحاكم في المستدرك موقوفاً: 2062، وقال: "صحيح على شرطهما"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 1463].
فمن السنة: أن الإنسان يوصي نفسه وأهله بقراءة سورة البقرة في البيت حتى لا يدخل الشيطان.
البعد عن الإسراف
يقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو داود عن جابر في صحيح الجامع: فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان [رواه مسلم: 2084] ما معنى الحديث ؟
هذا الحديث كما قال الشراح: فيه نهي عن التوسع في متاع البيت بغير حاجة، يعني الواحد تكفيه غرفة نوم، أو فراش، أو فراشين، فراش له، وفراش لزوجته، أو فراش له ولزوجته، من المكروه له أن يتخذ في البيت فرشاً إضافية لا يحتاج إليها، لا هو، ولا ضيوفه، إذا نزل عليه ضيوف، فالسنة للإنسان أن يتخذ في بيته من متاعه ما يكفيه هو وأسرته وزوجته وأولاده، ولضيف إذا نزل عليه، إذا كان الرجل كثير الضيوف ممكن يتخذ أكثر من فرش.
لكن إذا كان الإنسان يعلم من حاله أنه ما يحتاج هذه الأشياء كلها فقد نهى الإسلام عن التوسع في هذه الأشياء بغير ضرورة، لذلك تجد بعض الناس بيوتهم ثلاث غرف نوم، أربع غرف نوم، لا يحتاج إليها، تبقى هكذا مغبرة ومخزنة، وما فيها حاجة، لماذا؟ يتوسع ويبعثر هذه النقود، كما قالوا في اتخاذ الفرش الزائدة عن حاجة الإنسان وحاجة ضيوفه سرف واتخاذ عرض الدنيا وزخارفها، ويكون غالبا للمباهاة، يعني إذا ما تستخدمه ما تسوي فيه، غالباً تحصل هؤلاء الناس يباهون به، عندنا ثلاث غرف نوم، عندنا أربع، كذا هذه للمباهاة، فلذلك نهى الإسلام عن هذا.
هذا الفراش الزائد الذي ما أحد ينام عليه، ولا تحتاجه أنت، ولا ضيوفك، ولا أسرتك، من الذي ينام عليه؟
الشيطان، يبيت على هذا الفراش الزائد.
الخاتمة
فانظروا -يا إخواني- ماذا أبقى الإسلام من الأبواب التي يمكن سدها من وساوس الشيطان وكيد الشيطان وعمل الشيطان واستفاد الشيطان من الإنسان إلا وسدها، ما أبقى شيئاً .
وهذه الأشياء مع أنها بسيطة هي مع كثرتها وتواليها على الإنسان، هي التي تخلي الواحد يشرب الخمر، ويزني، ويلتهي عن الصلوات، وعن حضور الجمع والجماعات، مثل هذه الأشياء البسيطة، كم من الناس يلتزمون؟ بها قلة، فلذلك تكثر الوساواس، ما السبب؟
كل واحد يقول: يا أخي هذا الشيطان يوسوس لي في الصلاة، أنا دائماً أشك، وأنا أوسوس، السبب هو أننا لا نطبق هذه التوجيهات الإسلامية التي تقينا شر الشيطان.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجنبا كيد الشيطان ووسوسته، وأن يحمينا من شره وأن يباعد ما بيننا وبينه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.