الأربعاء 10 جمادى الآخرة 1446 هـ :: 11 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الطرق الشرعية للعلاج النفسي


عناصر المادة
العلاج بالرقية
بث الشكوى إلى الله
التأمل في معاني التحصينات الشرعية
علاج الكبر
علاج الغيرة والعشق
علاج الهم والحزن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
ومرحبًا بكم جميعاً، وهذه فرصة طيبة أن نلتقي في هذا المؤتمر، الذي نسأل الله  أن يوفقنا فيه لما يحب ويرضى، وأن يجزي بالخير من أعده.
الحقيقة أن البرنامج، والإعداد، والموضوعات فيها فائدة كبيرة للباحثين، وكذلك أشكر إخواني الذين ساهموا في هذه الندوة، وأيضاً الذين قاموا على إعداد هذا المؤتمر نسأل الله  أن يجزيهم خيراً.
ودائماً الواحد يتطلع إلى إصابة الحق؛ لأن الحق عزيز، وهو المقصود من الأبحاث والمؤتمرات أن يصل الإنسان إلى الحق، أن يصل الإنسان إلى ما يرضي الله ، أن يصل الإنسان إلى النفع، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء ًوأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [سورة الرعد:17].
المؤتمر نسمع كثيراً، نقرأ كثيراً، ولكن يبقى الشيء الذي ينفع في الحقيقة هو ما أريد به وجه الله، وما كان مبنيًا على خبرة وعلم، إِنّ َخَيْر َمَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [سورة القصص:26]، اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظ عَلِيمٌ [سورة يوسف:55]، حفيظ تدل على الأمانة، وعليم تدل على الخبرة، وكذلك قوي أمين.

أيها الإخوة: الموضوع في الطب النفسي، والشرع والطب النفسي هناك ملاحظات مهمة جداً:

أولها: ليس هنالك تعارض بين الشرع والطب النفسي، بل إن الشرع يأمر بالأخذ بكل ما هو مفيد ونافع، وهنالك نجد أحياناً تصادمات بعضها وهمي، وبعضها ناتج عن جهل بالحقائق، فالطب النفسي ميدان شريف، يقدم أصحابه مساعدات كبيرة لأصحاب المعاناة إذا احتسبوا، وأرادوا وجه الله في قضية علاج الاكتئاب، أو القلق الحاد، ونحو ذلك.
يحصل الطبيب النفسي والمعالج كذلك أجراً عظيماً من خلال أحياناً إنقاذ نفس بشرية من الانتحار، هذا يقع، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [سورة المائدة: 32].
فيها مساعدة الصغير والضعفاء، النبي ﷺ سمى الطفل ضعيفاً: إني أحرج عليكم حق الضعيفين[1]، ففيها معالجة للأطفال، مثلاً صعوبات التعلم، إنقاذهم من براثن الاعتداء، أو التعرض لما يقع للأطفال من العدوان، بما فيها الاعتداءات الجنسية.
كذلك فيها رد جميل للكبار عندما تعالج قضية الاكتئابات لدى الكبار، أو مشاكل متعلقة بالذاكرة.
أيضاً الطبيب والمعالج في علم النفس يمكن أن يكون سبباً في الحفاظ على الأسر من التفكك، ويؤدي إلى تماسكها.
وأيضاً علاج قضية المخدرات، وما يسلط على شباب الأمة، الشاهد أن هنالك مصالح شرعية كبيرة؛ يمكن أن تتحقق بقضية الطب النفسي من خلال الأطباء والمعالجين فيه.
لكن نحن نعلم بأن الطبيب النفسي المسلم يختلف عن غيره من جهة أن هناك أولاً: ثوابت ليست عند غيره، مثلاً: قضية القرآن والسنة هذه قطعية، بينما الأشياء التي تأتي بالتجارب والخبرات قابلة للصح والخطأ.
فعنده مرتكزات على سبيل المثال الدين يقدم لنا، الشرع يقدم لنا معادن العلاجات، مثلاً العسل، الحجامة، الحبة السوداء، الحبة السوداء شفاء من كل داء[2] هذا حديث صحيح وثابت، هذا الحديث يمكن يوفر أوقاتاً كثيرة جداً على الباحثين، فالباحث قد يبحث في "الكرنب"، يمكن يبحث في أشياء كثيرة هل يوجد فيها علاج؟ قد يوجد في بعضها، الله خلق لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ [سورة الجاثية:13]، لكن لما يختصر لك الطريق، ويقول: في الحبة السوداء شفاء من كل داء، هو معناه يقدم لك كباحث معلومة يمكن أن تستفيد منها جداً، وتختصر وقتاً بشكل كبير جداً.
وأيضاً فإن العلاجات أو التجارب هذه النفسية والنظريات عندما لا تتعارض مع الشرع مباحة.
مثلاً: أحياناً يعطينا العلاج بالموسيقى، يعطينا علاجاً بقضية نقل المريض من إدمان على المخدرات إلى الإدمان على الجنس، بعض المعالجين يمكن يفعل هذا، يرى أنه علاج الإدمان بإدمان، ويقول: أنقله من إدمان على المخدرات إلى إدمان على الجنس بالحرام، يعني: بالزنا، ليس هو إدمان على الزوجة، الإدمان على الجنس. هل هذا علاج شرعي صحيح؟
الشاهد أن الشرع يختصر لنا الطريق، وينير لنا الدرب في ثوابت، ليست قضية احتمالات، مثلاً يقينا من أشياء كثيرة، من المحرمات.

ثم هناك أساليب شرعية في معالجة الأمراض النفسية، لأن الله ﷺ خالق النفس فهو يعلم ما يصلحها، يعلم علل النفس، يعلم الأدواء والأمراض، أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [سورة الملك:14]، أتقنه، وأحسنه، وعلمه لطف ودقّ في السرائر، والضمائر، والخبايا، والخفايا، فهو  ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله[3]، يقول: الإيدز، السرطان، نقول: قطعاً له علاج، لكن من الذي يعلمه؟ علمه من علمه، وجهله من جهله.
والإنسان كما تعتريه أمراض عضوية تعتريه أمراض نفسية، والشرع يرشد إلى أشياء فيها علاجات لأمور عضوية، مثلاً كالعسل، والحجامة، والحبة السوداء، ماء زمزم، الكمأةمن المن وماؤها شفاء للعين[4]، وهذه قضية عضوية، ولكنه كذلك يقدم لنا أشياء لعلاج الأمور، العلل النفسية، اليأس، الإحباط، الاكتئاب، الهلع، الجزع.

كذلك هناك علل نفسية مرتبطة بأدواء البشر، كجنون العظمة، الغرور، الحقد، الحسد، وما جاءت به الأنبياء من الأدوية التي تشفي من الأمراض، فيها كثير مما لم يهتدي إليه الأطباء بعد، إذاَ وظيفة الطبيب المسلم فعلاً أن يستخرج ما يوجد في الشريعة من مكامن الأدوية.
بعض الأشياء الحسية لها آثار نفسية، يعني: مثلاً النبي ﷺ وصف لنا التلبينة، وأخبر أنها تجم فؤاد المريض، طيب هذه قضية إجمام فؤاد الحزين، تذهب ببعض الحزن، الحديث في البخاري[5].
العلماء شرحوا التلبينة، الحساء المصنوع من الدقيق أو النخالة، وقد يخلط بالعسل فهو شيء حسي، لكن له أثر نفسي ولو قرأنا في القرآن سنجد أن هنالك أشياء في الآيات القرآنية تدل على أن المحسوسات لها آثار نفسية إيجابية.
مثلاً: حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ [سورة النمل:60] معناها: الخضار هذا الخضرة لها أثر نفسي في ابتهاج النفس، صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ [سورة البقرة:69] اللون الأصفر الفاقع إلخ.
إذاَ يمكن أن نستخرج من القرآن والسنة أشياء كثيرة تساعدنا على الشفاء، وعلى العلاج، ورأس ذلك هو الإيمان بالله ، فلذلك تجد قمة التخلف لما تذهب إلى ناس أحيانًا في مؤتمرات علمية كبيرة، عندهم مسألة وجود الله فيها نقاش، فيقول لك: عندنا نظريتان: أول نظرية تقول: أن الله موجود، نظرية أخرى تقول: ما هو موجود، لكن يمكن يكون موجود، ويمكن ما يكون موجود، ما عندنا إلى الآن في العلم شيء يقطع بإنه هو موجود، ولا ما هو موجود، المسألة إلى الآن تدخل في قضية.
نحن عندنا الله خالق الكون.

إلى الآن نناقش هو موجود ولا ما هو موجود؟ هذا يناقشه الدكاترة، والكبار في بعض البلدان، هذه قمة التخلف، إنه يوجد من لا يعرف الله، ولا يقر بوجوده، وعنده إن المسألة محتملة ممكن يكون موجود، ويمكن يكون لا، إلى الآن ما انتهوا من قضية وجود الله ما هذا؟
فأين هذا من مؤمن يؤمن بأن الله حي، عليم، قدير، خلق النفس، خلق الكون ، أول، ظاهر، باطن، هذه معاني مهمة جداً في منطلقات العلاقات النفسية.
يقول ابن القيم رحمه الله: "إن القلب متى اتصل برب العالمين، وخالق الداء والدواء، ومدبر الطبيعة، ومصرفها على ما يشاء، كانت له أدوية أخرى غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه، والمعرض عنه"[6].
فهذا القلب القريب من الله عنده مجال للشفاء ليس هو عند القلب البعيد عن الله
ويقول في كلام نفيس آخر: "إن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذيبه إلا السرور بمعرفته سبحانه، وفيه قلق لا يسكنه إلا الفرار إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره، ونهيه، وقضائه، وقدره، وفيه فقر وفاقة لا يسدها ولا يغنيها إلا محبته، والإنابة إليه، والأنس به"[7].

فإذاً: الدراسات التي قام بها بعض الأطباء المسلمين في مسألة العلاجات الشرعية، وأثرها في معالجة الأدواء النفسية، وقاسوا أشياء، مثلاً: قياس أثر العبادة على مادة الأندومورفين المقاومة للألم، قضية مثلًا قياس مستوى مادة الإنترلوكينسكس في الدم المسؤولة عن تلف الشرايين بالنسبة في بعض العلاقات الشرعية، يعني مثلاً: لما نقول له: أريدك تقرأ الفاتحة سبعاً، والمعوذات ثلاثاً في وقت كذا، ثم تقاس أشياء جسدية لها إمكانية في القياسات المخبرية، ليكتشف إنه ما الذي رفع هذه النسبة؟ وما الذي خفض هذه النسبة في الأشياء الضارة؟ وما الذي أوجد؟ لأنه هنالك طبعاً ولا شك في الظواهر النفسية أشياء جسدية في المقابل تظهر أحياناً في التحليلات.

بدأت الآن قضية العلاج بالأمور الشرعية، هذا الدكتور محمد شريف طبيب باكستاني، له أبحاث مثلاً في قضية علاج الاكتئاب في شهر رمضان، وعلاقة شهر رمضان في معالجة الاكتئاب، وأنه أجرى على 64 مريضا بالاكتئاب علاجات قسمهم إلى مجموعتين، وأعطى 32 مريضًا العلاج الطبي فقط، وأعطى العلاج الطبي، وقضية قيام الليل، والتهجد، والقرآن، والدعاء، والاستغفار إلخ.ووجد في التجربة هذه أيضاً عدداً من الحالات.
البروفيسور مالك أيضاً له إسهامات في هذا الجانب وأبحاث فيها، في قضية أثر العلاجات الشرعية على هذه الأدواء النفسية، التي يقاس بعض آثارها في التحليلات الطبية، وتظهر آثار لهذا، ففي فرق في علاج من يؤمن بالقرآن، من لا يؤمن بالقرآن، بالرقيةحينما ترقي واحدا ويؤمن بما يرقي به، وواحدا لا يؤمن بما يرقى به، هل يكون لهذا فرق في الموضوع؟
من عظمة القرآن أنه يؤثر حتى في غير المؤمنين في الرقية، كما ثبت في صحيح البخاري[8] في علاج أبي سعيد الخدري للديغ المشرك بسورة الفاتحة، فارقاه بسورة الفاتحة وبرئ اللديغ من سم.

ما علاقة سورة الفاتحة بالسم؟ السم: قضية عضوية تدخل بهذه إبرة العقرب إلى الجسم، تنتج حمى، وتنتج أشياء آثار أخرى ضارة، ما علاقة سورة الفاتحة بالموضوع؟ ما علاقة القرآن بالموضوع؟ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَاهُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة الإسراء:82]، هذا قضية وجود الشفاء، الإيمان بالله، والاستشفاء بكلامه، والاستشفاء بكلامه عبادة، يعني: لو واحد قال أنا سأقرأ القرآن بنية الرقية نقول: تؤجر على هذا؛ لأنك تتعبد بالعلاج بكلامه؛ لأنه ذكر لك أنه أنزل كتابه للعلاج، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَاهُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة الإسراء:82] شفاء "نكرة"، في سياق؟ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَاهُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة الإسراء:82] تفيد العموم، يعني: شفاء للأمراض الجسدية، والنفسية، والعقلية.

قضية الوسواس على سبيل المثال هناك وسوسة أحيانا في وجود الله، والملائكة، والغيبيات عموماً، في وسوسة تتعلق بقضية الطهارة، وسوسة العبادات، وفي وسوسة متعلقة بالجراثيم، مثلاً يأتي واحد عنده وسوسة في مسك مقابض الأبواب مثلاً، أو العملات النقدية، طبعاً في بعضها لا شك، نعرف هي حقيقة، الأبحاث التي أجريت على عربات التسوق، المليمتر الواحد في مقبض عربات التسوق ممكن يحتوي على أكثر من ألف ومائتين نوع من الميكروبات، وبعض الناس يضع طفله، والولد يعض على مقبض العربة، وأثبتوا طبيًا أن وضع الأطفال في عربات التسوق يمكن أن ينقل لهم أنواع من الأمراض، لا شك أن بعض هذه الأشياء صحيحة، فيها ميكروبات لكن الخوف لهذه الدرجة، أو إصابة بالفوبيا نتيجة واحد ما يبغي يمسك عملة لأنه كم واحد مسكها قبله؟ يمكن أربعمائة وخمسين شخص كل واحد عنده كل هذه الميكروبات وكذا قضية تهويل الأشياء، فالوسوسة سواء كانت شك في الغيبيات، في وجود الله لها علاج، تصورات يأتي بها الشيطان إلى الإنسان لها علاج، سواء عن الله تعالى، أو ملائكته، أو دينه، بعض الناس ممكن يسأل، خصوصًا إذا عاش في أنواع معينة من البيئات تشككه في أشياء كثيرة.
تجد أن العلاجات الشرعية جاءت بخطوات، يعني: مثلاً قال: فليقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [سورة الإخلاص:1]، يعني: إذا جاء له وسوسة عن الله واحد.
اثنين: يقول: آمنت بالله ورسله.
ثلاثة: ينتهي[9].
أنا أتمنى أن يسلط في الأبحاث النفسية عن قضية الانتهاء، هذه التي وردت في الشرع، هي كلمة، ولينته ينتهي عن هذا التفكير، ينتهي، طيب قضية إنه ينتهي، أو يترك، أو يقلع بأمر نبوي ولينته، ومصدر الأمر هذا ما هو طبيب، أو ما هو عميد، أو وزير، أو أمير، مصدر الوحي، لما يصير سلطان الوحي قوي علينا جدًا يصير عندنا العلاج سهل، يعني يمكن أن نستجيب، وأن نقلع. إلخ.

كم يكون دور الطبيب أو المعالج النفسي عظيماً عندما يعالج الوسوسة في قضية الطهارة، لماذا؟ لأنه أنت تنقذه من كره العبادة؛ لأن الوسوسة ستؤدي إلى كره الصلاة، يعني: تكبيرة الإحرام دائمًا يعيد ويعيد، الفاتحة يعيد ويعيد، ويرجع، ويعيد في الوضوء؟
في أسباب خفية مثل أن هناك شيطان متعلق بالوسوسة، قضية دراسة علاقة الشياطين بالأمراض النفسية مهمة، لأجل جلب العلاجات الشرعية للمحاولات الشيطانية المسببة لهذه الأمراض.
مثل أمراض الوسوسة في الطهارة، وكيف نستطيع من خلال العلاجات الشرعية أن نعالج مثل هذه، وأحيانًا تجد العلاج طمأنة الشخص المشتكي من أن وضعه ممتاز جداً، وهو حقيقة كذا، يعني: ما هو ضحك على المريض، مثال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة - يعني: فحماً يحترق ويتفحم - أحب إليه من أن يتكلم به. أكيد هذا الشيطان يقول له: الله كذا، ويجيب له شكل، وصورة قبيحة، إلخ.

فقال النبي ﷺ: الله أكبر -وهذه كلمة تقال للإعجاب بالشيء- الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة[10] يعني: الحمد لله الذي جعل نصيب الشيطان منك فقط إنه يوسوس لك بهذا، ما استطاع أن يفعل أكثر من ذلك، ويقال: للمريض بكل بساطة.
جاءوا ناس من الصحابة قالوا: يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به -يخر من جبل ولا يتكلم به- قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان[11].
يقال للمريض: الشيء الذي أنت الآن تجده في نفسك من الوسوسة عن الله أو الملائكة، أنت تكرهه أو تحبه؟ تبغضه ولا أنت مبسوط منه؟ يقول لك: لا، أعوذ بالله، هذا أنا أكرهه.

إذا هذا الكره هو العلاج؛ لأنك أنت تطمئن، وتقول: هذا صريح الإيمان، كرهك له صريح الإيمان، شوف هذا العلاج موجود في الحديث، موجود في النص الشرعي، وهذه فائدة العلم الشرعي إنه يعطينا مكامن العلاج، ووسائل، وأساليب للعلاج، وسائل وأساليب تجعل مثلاً المريض يطمئن بعد أن كان فزعاً خائفاً.
يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ انظر التدرج الشيطاني، فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليستعذ بالله، ولينته بجمع الروايات، وليقل: آمنت بالله ورسله، ويقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [سورة الإخلاص:1]، إذاً في عندنا أربع علاجات لهذا النوع.
طريقة التعرض لمنع الاستجابة، الطرق الطبية الأخرى التي تفيد في أنواع من الوسوسة، وما يتعلق بالله إلى قضية مثلاً الوسوسة من الجراثيم، إلخ.
مسألة أثر الصلاة، علاج الصلاة للأدواء النفسية، الآن لما يقول: "إذا حزبه أمر صلى"، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ [سورة الحجر:97]، طيب العلاج؟ هو الآن ضاق، في الآن هجوم نفسي تسبب عنده توتر، ضاقت نفسه، ماذا يفعل؟ قال: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [سورة الحجر:98]، يعني: هذا العلاج، يعني: هذا ضيق الصدر عبارة موجودة في كثير من الأمراض النفسية، التشخيص، الأعراض، ضيق الصدر، مرض ثاني؟ ضيق الصدر، مرض ثالث؟ ضيق الصدر، طيب العلاج؟ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ [سورة الحجر:97]، وما العلاج؟ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [سورة الحجر:98]، ولذلك كانت الصلاة تفريج الهموم، وعلاج الاكتئابات، وأرحنا بها[12]، وقرة عيني في الصلاة[13]، فهي مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، طاردة للأدواء، مقوية للقلب، مغذية للصدر، للروح. إلخ.

وكل ما كانت أخشع، يعني ما فكرت بشيء فيها أبداً غير الله وكلامه
هذا السجود هو فيه استرخاء، هو ممكن يسترخي عندك في العيادة، وأغمض عينيك واسترخ، لكن لما يسترخي في السجود ترى يؤجر أكثر قطعاً مما يؤجر في الاسترخاء عندك في العيادة، الاسترخاء عندك في العيادة ممكن يكون جزءًا من العلاج ما في تعارض، ولكن هناك استرخاء آخر يحصل مع الله، هناك استرخاء مع الطبيب النفسي، أو المعالج النفسي، في استرخاء أعظم منه يكون مع الله.
يقول الدكتور محمد نجاتي: فوقف الإنسان في الصلاة أمام ربه في خشوع، واستسلام، وتجرد يبعث في نفسه الهدوء والسكينة، والاطمئنان، ويقضي على القلق، وتوتر الأعصاب الذي تحدثه ضغوط الحياة، فإذاً أنت ممكن عندك علاجات نفسية، مثلاً قضية الاسترخاء لكن المريض يؤجر عليها، دله عليها بدل ما يكون فقط مجرد علاج، قد يستحضر شيئاً صالحاً، ونية حسنة يؤجر عليها، وقد لا يستحضر، وكذلك عقار طبي.

العلاج بالرقية

00: 20: 33

والرقية بالقرآن مع بعض، أنا لا أقول: إنه الطبيب أو المعالج، لازم هو يرقي لكن على الأقل يعلم المريض الرقية. الآن لما يقول: فليضع يده على الذي يألم من جسده، وليقول: بسم الله، أعوذ بالله وبعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر[14].
النبي ﷺ كان إذا اشتكى أحد من أهله وضع يده اليمنى"[15]، وليس اليسرى لماذا؟ اليمنى فيها شيء، ممكن مخبرياً أنت لا تعرف لماذا اليمنى؟ لكن في شرع يقول لك: إنه اليمنى لها أثر، ويمسح، تقرأ شرح الحديث يقول: يمسح تفاؤلاً بزوال الوجع.
ترى هذا علاج، هذا شيء من العلاجات النفسية، يعني المسح تفاؤلاً بزوال الوجع، فلما تقرأ، وترقي، تنفث بالمعوذات، وين الأثر بالهواء والنفس الخارج بالقرآن؟ هذا هو العلاج، أين المؤثر في الموضوع؟ الرقية، أين المؤثر فيها؟أين العامل المؤثر؟ وهذا القرآن في المصحف، لو حطيته كذا خلاص؟ لا ما في شيء انتقل، كيف ينتقل؟ إذا خرج القرآن من قلب صادق، وما كان في ممانعات تمنع، وكان العلاج ما فيه بدع بطريقة المعالجة، وصح اعتقاد القارئ، وصح اعتقاد المرقي نفع العلاج قطعاً، الله أثبت إن هذا فيه علاج، وشفاء، شفاء ليس علاج، وبعدين شفاء ما فيه سايدفكس، يعني: قطعًا ما يحتاج تدور فيها؛لأنه كل ما قرأنا وصفات في هذا نتروع، لأنه يريدون يحموا أنفسهم من الإجراءات القانونية، فيقول لك: وإن هذا يسبب، يعني: أشياء مخيفة، أنا والله أرى إنه من أسباب الخوف والقلق إنه يكتب في وصفات الأدوية المهولة.
على أية حال هذا شيء ما فيه سايدفكس، ما تخاف إن هذا يسبب الإدمان للمريض، وهذا ينومه، أنا ما أقول: لا تستعمل هذه العقاقير، استعمله بحكمة وحسب القانون الطبي، وحسب التجارب، وحسب، إلخ، لكن أنت عندك أيضاً شيء ثمين تقدمه للمريض، في قضية علاج قطعي يقيني، وما له أضرار جانبية.

التدرج في العلاج:
وحتى الشرع لما يدلنا على العلاج بالأخف فالأخف، بالأسهل فالأسهل، أول شيء، قال: إن يكن الشفاء ففي ثلاث: شربة عسل، فبدأ بالعسل، حلو الطعم، مفيد، مغذي، جميل، طيب، مفرح، هو من الأدوية المفرحة بالمناسبة، في مأكولات وأدوية مفرحة، وفي أشياء محزنة، طيب العسل مفرح.
الثاني: قال: شرطة المحجم، فيها إخراج دم، فيها ألم فصد.
الثالث: كية بنار، وأنهى أمتي عن الكي[16]، لأنه يكره، وإذا ما له داعي ما يعالج، وأحياناً ترى بعض الكبار، الذين نسميهم أطباء شعبيين، إذا كانوا غير مشعوذين، وغير جهلة عندهم حكمة.
مثلاً: شخص من هذا احتبس صوته، حصل له ظرف معين ففزع، فلم يطلع صوته، قال: أتوني. ضعوا له، مددوه، أخذوا الحديدة هذه، وأوقد النار، وهو ينظر فزعاً، ووضع الحديدة ويوقد عليها زيادة، وتحمر، وهذا المريض فزع، حتى صارت تتوهج، ثم أخذ جنب المريض، فصرخ المريض، وكان هناك طشت ماء تحت السرير، فهو غمسه في الطشت طلع الصوت وهذا مع هذا، يعني: الحبسة التي كانت انفكت، طلعت.
أحيانًا أنا ما أنكر إنه علاجات بعض المعالجين النفسانيين هي بالحيلة جيد، الحيلة المباحة مباحة، الحيلة المباحة مباحة أليست تهيؤات أحياناً تكون؟ خلاص تعالجوا ببعض الحيل المباحة، لكن لا يجوز لنا أن نعالج بأشياء غير شرعية، هذه العلاج بالموسيقى قطعاً، عندنا نص: لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها[17]، فمهما قيل ومهما أتوا بأشياء وأبحاث، ما يمكن نصدق، نحن مسلمين ما يمكن.

بث الشكوى إلى الله

00: 25: 29

ثم نحن في قضية العلاجات النفسية في بث، يشكو للطبيب، يتكلم وكذا، أيش المانع أن يرشده إلى شيء آخر أعلى درجة مع هذا؟ وهو: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [سورة يوسف:86]؛ لأنه بث الشكوى إلى الله يريح.
النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رجع مهمومًا مغمومًا من الطائف، يعني: مكة طردوه، والطائف صدوه، وطردوه أين يذهب؟ ما يستطيع يدخل مكة، ما دخلها إلا بجوار رجل مشرك بعد ذلك، لكن ما استفاق إلا بقرن الثعالب، مهموماً من الغم الذي ركبه، يعني إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، لكن عافيتك أوسع لي قضية[18] بث الشكوى لازم نعلم المريض كيف يبث شكواه إلى الله، اختلِ به.
ومشكلة بعض رسائل الجوال صارت ما تجذب إلا إذا صار فيها إيحاءات جنسية، اختلِ بها، استمتع بما انكشف من ثوبها الأسود، وفي الأخير الكعبة، يعني: أنت ما بتجرجرني على العلاج إلا إذا عملت لي إيحاءات جنسية في الموضوع، ممكن تعطيني إياها بطريقة؛ لأنه أحياناً بعض الكلام يثير أشياء ما لها داعي.

التأمل في معاني التحصينات الشرعية

00: 27: 00

ثم وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [سورة الإسراء:82]، الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِاللَّهِ [سورة الرعد:28]، ترى هذه أشياء قطعية والمعوذتان لما قال: ما تعوذ متعوذ بمثلهما قط[19]، ماذا في المعوذات؟ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [سورة الفلق:1]، الصبح، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [سورة الفلق:2] للعموم، ما خلق: سحر، عين، عقرب، حية، ظلام، حرامي، خوف، جرثومة، مكروبات مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [سورة الفلق:2].
انظر التحصينات الشرعية ماذا تنطوي عليه من المعاني، هذا مهم في المعالجات، أول شيء إنه يأوي إلى ركن شديد، نرى في العلاج النفسي لازم يأوي المريض إلى ركن شديد، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ [سورة الفلق:1]، هذا الركن الشديد، الْفَلَقِ ۝ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [سورة الفلق:1، 2] ما: عموم، وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ [سورة الفلق:3]، وهذا القمر إذا ظهر آية الليل، وما يكون في الليل من الآفات، والنفاثات في العقد: السواحر، وحاسد إذا حسد سواء كان يصيب بالعين، أولا يصيب بالعين، الحاسد عموماً، وبعد ذلك تقرأ الناس قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۝ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۝ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [سورة الناس:1-6]، ماذا بقي؟ ماذا بقي من أنواع الشرور؟ من الجنة والناس كلها.
فهذا الاعتصام علاج نفسي بالركن الشديد، وهو الله ، الانطراح بين يديه، الشكوى إليه، البث إليه، تكرار كلامه، النفث بالنفس الخارج بالقرآن، وهو البركة، أو شرب زمزم الماء المبارك الذي فيه شفاء، كما أخبر -عليه الصلاة والسلام-، تركيبة نفسية في العلاج مهمة جداً، القضية ما هي فقط الاكتئاب، القلق، الأرق، هناك أدواء نفسية أيضاً، طبيب مسئول عنها أخلاقياً، مثل الكبر، أي جنون العظمة، يسموه ناريسسزم، النرجسية.

علاج الكبر

00: 29: 07

انظر العلاجات الواردة في القرآن عن الموضوع، أول شيء تحريم الكبر، طيب مناقشة المتكبر عقلياً، وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ [سورة الإسراء:37]، تخرق الأرض؟ تخرق الأرض بمشيك؟ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا [سورة الإسراء:37]، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ [سورة الأنعام:35]، فيه تحدي، لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا [سورة الإسراء:37]، تتكبر، ثم بيان عاقبة الكبر في الدنيا والآخرة، يعني: لما يقول: يحشر المتكبرون كأمثال الذر في صور الرجال مثل صورة النملة، هو رجل في حجم النملة، يطأه الناس بأقدامهم إلى سجن بولس في النار[20].
ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر[21]، والنار وكلت بالمتكبرين، والله النرجسية أو جنون العظمة ليس مرض، تعال في عندك علاجات ترى قوية جداً؛لأنها تهز الواحد، يعني: يؤمن بالجنة والنار سيعالجه هذا، ليش ما يعالجه؟ إذا طرح عليه بالقوة بالتأكيد، قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ۝ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۝ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ۝ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ [سورة عبس:17- 20]، وخرجت من مجرى البول مرتين، مرة من أبيك، ومرة من أمك.
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ [سورة عبس:21]، وهكذا تصور له حتى القدوات الحسنة، وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا [سورة الفرقان:63]، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [سورة الحجرات:13]، وهكذا علاج الأشر، والبطر، وعلاج الشره والطمع، وجوع النفس، وعلاج الحسد، الحسد لأنه داء من أدواء النفس عظيم الأذى لها ولغيرها.

علاج الغيرة والعشق

00: 30: 49

كذلك فإننا نجد مثلاً علاج الغيرة موجودة عند النساء، وعند الرجال أيضاً، ممكن يأتي لك زوج المرأة بزوجته يقول: انظر لي هذه لما تزوجت الثانية تحولت غرفة نومي إلى مائتين وخمسة وعشرين قطعة، مفصولة بعضها عن بعض.
العشق، أليس هذا مرض نفسي؟ العشق، التعلق بغير الله، هذا العشق إذا تمكن من القلب يصير عبداً للمعشوق، وهذه امرأة العزيز حوت البلاوي، عشقت يوسف، طبعاً استحسان المعشوق، والطمع للوصول إليه، الآفتان، كيف حسمت العلاج الشرعي؟ لما يبدأ لك بغض البصر الحيلولة بين العاشق والمعشوق من جهة النظر؛ لأن النظر هو الذي يزيد القضية تهيجاً، وقلع مادة العشق من أصلها؛ لأنه القلب إذا كان موحداً مقبلاً على الله لا يبقى له مجال إنه يمتليء بصور المعشوقين، وكذلك لما الواحد يكون متعلقاً بالله، محباً لله ما في مجال يزاحمه حب أعظم، ولذلك يوسف صرف عنه السوء والفحشاء، وهكذا صارت نفسه متعلقة بالله ، أحيانا يقول مثلًا علماؤنا في علاج العشق: أذا عشق امرأة أن يتزوجها، لم يرى المتحابين مثل النكاح، شيء جيد، طيب إذا كان المعشوق ذكراً؟ لأنه أحياناً يصير العشق بين الذكور.

فلا بد من قطع الطمع للوصول إلى العلاجات التي ذكرها ابن القيم: لا يرى له أثراً، ولا يسمع له حساً، ولا خبراً، هي قضية الإبعاد التام، وهناك علاجات كثيرة في هذا الموضوع مذكورة في كتب علمائنا، حتى قالوا: تأمل قبائح المعشوق، ماذا يوجد في أنفه، ماذا يوجد في مواطن أخرى.
وكذلك معالجة الشهوات المتأججة، وما تسببه من الاغتصاب، والمشكلة أنا أظن إن هناك تعقيدات جنسية رهيبة، في آفات نفسية داخلة في الانحرافات الجنسية، لدرجة إنه صار في الجنس مع الألم، الجنس مع الإذلال والإهانة، الجنس مع البهائم شلون؟ التلذذ بالاغتصاب، التلذذ بوطء العجائز، هذا السعار الموجود الذي تؤججه الأفلام؟ هذه أشياء نفسية الآن تحتاج إلى علاجات.

علاج الهم والحزن

00: 33: 31

أما قضية علاج الهم، والحزن، والإحباط، والاكتئاب، واليأس، والأشياء التي تتصاعد في العالم تدريجياً؛ لتصبح هي المنافسة، لتكون العلة رقم واحد، فلازم نلتفت فعلاً إلى الأشياء، يعني: ننطلق من قضية الإيمان، والنظرة الإيجابية للابتلاء، ومعرفة حقيقة الدنيا، واجعل الآخرة همك، وقضية الأدعية التي تزيل الهم، والغم، والكرب، يعني لازم تقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم[22].
دعاء الهم والغم اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك[23]، إلخ.

هذه أشياء لا بد أن تقدم للناس، لازم تقدم مع العلاجات الأخرى للناس، تعطيه عقاقير؟ اعطيه عقاقير، تعطيه أشياء، تعطيه حصصاً، معالجات نفسية اعطيه حصصاً معالجات نفسية.
مثل إنه يرشد إلى أن حب الله، والخوف منه، ورجاءه، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والانكسار بين يديه، والانطراح والذل عنده، وسؤاله بأسمائه الحسنى، والحياء منه، والصدق معه، هذه المعاني في الأعمال القلبية وأثرها في علاج العلل شيء عظيم جداً، وأثره كبير، حسن الظن بالله، التحدث بنعمه، الآن العالم يئن تحت وطأة القلق، والأرق، والأرقام المتصاعدة ماذا يوجد في هذا؟ الآن الناس تفقد وظائف، إن الله هو الرزاق، وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [سورة الذاريات:22]، يمين الله ملأ[24]، من أسمائه المقيت، يعني: يوصل الرزق إلى المخلوق، الرزاق .
جاء رجل إلى أحدالسلف قال له، وشكا له حاله، وعلة، واكتئاب، أو عندي أولاد كثر، قال له: أي واحد من أولادك رزقه ليس على الله أرسل لي إياه[25].
هنا علاجات، جاء شخص يريد أن يعصي، قال له: "إذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن في أرضه"، أنت كيف تسكن في أرض الله وتعصيه، إذا أعطاك أحد بيتاتفعل له مشكلة؟ قال: وغيره. قال: "إذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه، إذا أردت أن تعصي الله فكن بحيث لا يراك"[26] من أجل أن لاتكون وقاحة، تعصيه وهو ينظر إليك؟ عيني عينك.

قضية مثلاً العلاج النفسي الموجود في قوله: لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [سورة الحديد:23]، وأثر الإيمان بالقضاء والقدر على شيء، أحياناً بعض الناس عنده تصور للمصائب قبل حدوثها، أنها حدثت حتى يقول المثل الصيني: لا تعبر جسرًا حتى تأتيه، يعني لا تستعجل الحوادث قبل أن تقع.
قضية إن الواحد يخاف من المستقبل والعلماء فرقوا بين الهم، والغم، والحزن، وأن هذا الحزن الآن، والغم نتيجة شيء مضى، والهم نتيجة شيء سيأتي في المستقبل.
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ [سورة آلعمران:173]، لكن فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [سورة آل عمران:173].
حسبنا الله، حسبنا يعني يكفينا كيف أثر هذه الكلمة عليه؟ "حسبي الله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم"، أيش أثر الإيمان بالقضاء، مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [سورة الحديد:22].
آيات السكينة كان ابن تيمية يعالج، وحتى ابن القيم نقل عن شيخه العلاج بآيات السكينة عند الخوف، ثُمَّ أَنْزَلَا للَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ [سورة التوبة:26]، سورة التوبة، وفي سورة الفتح فيه: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ [سورة الفتح:4] فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ [سورة الفتح:18].
السكينة ثبات القلب عند هجوم المخاوف، وهذه السكينة والله إذا نزلت السكينة خلاص، أنت أرشده إلى حلق الذكر؛ لأن السكينة تنزل فيها، وهذا علاج نفسي.
كان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة.
يقول ابن القيم: "وقد جربت أنا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيت لها تأثيراً عظيماً"[27].

أحياناً فيه حركة عضوية ممكن يكون لها تأثير، وهذه ممكن تدرس، مثلاً: في قوله تعالى لموسى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ [سورة القصص:32]، ما هو الجناح؟ اليد، وَاضْمُمْ إِلَيْكَ ضعها على قلبك هنا، إذا خفت من فرعون، إذا فعل لك مشكلة وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ [سورة القصص:32].
ابن عباس يقول في التفسير: "اضمم يدك إلى صدرك ليذهب عنك الخوف".
مجاهد يقول: "كل من فزع فضم جناحه - يعني يده - ذهب عنه الروع"[28].
هذه حركة ممكن الخبراء يبحثوا، هل ضم اليد يكون له أثر؟ ما هو هذا الأثر؟ طبعاً مع ذكر لله تعالى.
لما قلنا: حديث التلبينة مجمة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن[29]، هذا طعام حسي لكن له أثر نفسي، لماذا كانت عائشة تأمر بالتلبين للمريض والمحزون على الهالك؟ مثلاً: مات أبوها، مات زوجها، مات ابنها. تصف لها التلبين، حساء يعمل من دقيق أو نخالة، وقد يوضع معه شيء من العسل.
هناك أمور تحتاج إلى بحث ممكن تجد في التمر، في أشياء أخرى، الله أعلم.
الخروج إلى الأماكن: كان النبي ﷺ يبدو إلى هذه التلاع، رواه أبو داوود[30].
"التلعة" مجرى الماء المنحدر من أعلى الوادي، لماذا؟ قالوا: ترويحاً عن النفس، وطرداً للملل والسآمة.
إذاً في حتى مناظر تفيد في هذا الموضوع، كذلك عندك أذكار تقال في الأرق، ممكن تدربه نفسياً.
لا نريد أن ندخل في موضوع التنويم المغناطيسي، لأن هذا موضوع شائك، وأنا أدع المتخصصين، أنا لا متخصص، لعلي أنا متطفل على المتخصصين، وهم الحمد لله في هذا المؤتمر أنواع، وألوان، وخبرات عظيمة، وأفنوا أعمارهم في الدراسات، والتجارب، والمخابر، والتخصصات المختلفة لكن هو فقط من باب التذكير، هناك أشياء نفيسة موجودة في القرآن والسنة.
هناك مثلا: الإدمان، أنت تقول له: من شرب الخمر في الدنيا فمات -وهو يدمنها- ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة[31]، تقول له: أما أن تشربها في الدنيا هنا، أوفي الآخرة هناك، لا تجتمع لك في الدارين، اختر هنا أو هناك، فهناك حور عين لكن هنا زنا، هناك غناء.

قضية الرجاء هناك، النفس لا تترك محبوبًا إلا لمحبوب أعظم منه قطعاً، النفس لا تترك محبوبًا إلا لمحبوب أعظم منه، فإذا ما تخيل الجنة وما فيها، ما وردت عليه، ما أيقن وآمن بما فيها هناك أشياء لن تحل، وبعض الأشياء قد تنحل بشكل قاصر.
فهذه الأمور الكثيرة التي جاءت في الشرع، وهذه العلاجات التي ذكرها علماؤنا، وأشار فضيلة الدكتور البروفيسور إلى بعض ما ذكره بعض العلماء، مع قضية الانتباه إلى مسألة، وأشار إلى حديث: أنه لا يمكن لمؤمن أن يذل نفسه، وهذا حديث صحيح أشار إليه البروفيسور.
قضية الخوف من الذنب، الخوف من الموت، هذا ليس سلبي مائة في المائة، يعني: الخوف من الذنب لكن ليس إلى درجة اليأس من رحمة الله، الخوف من الموت لكن ليس إلى درجة إنك تقعد عن العمل، يعني: في بعض أنواع الخوف مهمة، تريد أن تنزع منه الخوف من الله، يعني: علاج نفسي إنك لا تريده يخاف من الله إطلاقاً، لا، في أشياء معينة لا بد أن تبقى، ونحافظ على أصولها فقط نعالج ما يمكن أن تنحو إليه من المناحي السلبية.
تحدث ابن حزم -رحمه الله- في فصل الأخلاق والسيرة عن تجربة له، قال: "كانت فيَّ عيوب، ولم أزل بالرياضة، وإطلاعي على ما قالت الأنبياء" -المقصود رياضة النفس اللي هي غير الرياضة البدنية - والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدمين في الأخلاق وفي آداب النفس" -أعني مداواتها- "حتى أعان الله  على أكثر ذلك بتوفيقه ومنه"، ثم عدد اثني عشر عيباً نفسياً خفيًا في نفسه هو، تجربة شخصية وكيف عالجها؟[32]
ذكر من الأشياء قضية الغضب، والنبي ﷺ أرشد إلى الصمت، إنه إذا غضب، أول شيء قال: لا تغضب، وبعدين قال: يصمت، بعدين قال يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويصمت شوف العلاج، العلاج الشرعي علاج متكامل، إذا تريد باللسان فيه الاستعاذة من الشيطان والصمت، وإذا تبغاه..

  1. ^ أخرجه ابن ماجه: (3678)، وحسنه الألباني سلسلة الأحاديث الصحيحة: (1015).
  2. ^ أخرجه البخاري: (5688)، ومسلم: (2215).
  3. ^ رواه أحمد: (4236)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: (451).
  4. ^ أخرجه البخاري: (4478)، ومسلم: (2049).
  5. ^ أخرجه البخاري: (5689).
  6. ^ زاد المعاد في هدي خير العباد: (4/ 11).
  7. ^ مدارج السالكين: (3/ 156).
  8. ^ رواه البخاري: (2276).
  9. ^ رواه مسلم: (134).
  10. ^ أخرجه أبو داود: (5112)، وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: (6155).
  11. ^ . رواه مسلم: (132).
  12. ^  أخرجه أبو داود: (4985)، وصححه الألباني فيم شكاة المصابيح: (1253).
  13. ^ أخرجه أحمد: (12293)، وصححه الألباني في سلسلةالأحاديث الصحيحة: (1809).
  14. ^ أخرجه مسلم: (2202).
  15. ^ أخرجه البخاري: (5743).
  16. ^ أخرجه البخاري: (5680).
  17. ^ صحيح البخاري: (7/ 110).
  18. ^ أخرجه الطبراني في الكبير: (181)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير: (1182).
  19. ^ أخرجه أبو داود: (1463)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: (1316).
  20. ^ أخرجه الترمذي: (2492)، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد: (434).
  21. ^ أخرجه مسلم: (14791).
  22. ^ رواه البخاري[سورة 6346)، ومسلم: (2730).
  23. ^  أخرجه أحمد: (4318)، وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: (968).
  24. ^ أخرجه مسلم: (993).
  25. ^ موسوعةالرقائق والأدب: (2700).
  26. ^ قصص وعبر: (1/ 40-42).
  27. ^ مدارج السالكين: (2/ 471).
  28. ^ تفسيرالقرطبي: (13/ 284).
  29. ^ أخرجه البخاري: (5689).
  30. ^ أخرجه أبو داود: (2478)، وصححه الألباني صحيح أبي داود: (2240).
  31. ^ أخرجه البخاري: (5575)، ومسلم: (2003).
  32. ^ الأخلاق والسيرفي مداواةالنفوس: (33).