الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
مناقضة قانون الجذب لعقيدة التَّوحيد
فقد عرفنا في الدَّرس السَّابق بأنَّ قانون الجذب أو خرافة السِّرِّ المزعومة ما هي إلَّا دعوى كفريَّة وشركيَّة، كما قالت نبيتُهم -مؤلفة كتابهم المنشور- بالنَّص في عباراتها الإنجليزيَّة، تخاطب الإنسان الذي يعتنق ويتَّبع قانون الجذب: You are god in physical body.: إنَّك إلهٌ في جسدٍ ماديٍّ، تُخاطب الإنسان قارئ الكتاب ومتَّبع قانون الجذب، لماذا؟ لأنَّهم يعتقدون أنَّ الإنسان يخلق وأنَّه شريكٌ لله في تدبير الأمر، وقد قال الله في كتابه العزيز ردًا عليهم بالنَّص: أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ[الرعد: 16] فقوله تعالى: أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْهذا ردٌّ على أصحاب قانون الجذب وغيرهم ممن يقولون: إنَّ الإنسان يخلق بالترَّكيز والتَّأمل وموافقة ذبذباته لذبذبات المطلوب، سواءً كان المطلوب ثروةً أو شفاءً أو سعادةً أو حبًا إلى غير ذلك، فإذًا هذه الوافدات خطيرةٌ جداً على ديننا وتوحيدنا.
أهمية معرفة المسلم لحقيقة هذه الدَّورات الحديثة
أيها الإخوة والأخوات: ويجب أن نعرف ماذا يطرح في بعض الدَّورات التي تندرج أحيانًا في دورات تطوير الذَّات وهي في الحقيقة تدميرٌ للذَّات؛ لأنَّها إيقاعٌ للذَّات في الشَّرك والوثنية، وإيقاع للذَّات في المخالفات الصَّريحة لعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، بل لأصل الإسلام كما مرَّ معنا سابقًا في قضية الطَّاقة والفونج شوي واليان واليانج والاستشفاء بالطَّاقة والأثيري والشكرات ونحوها الأشياء القائمة على عقيدة وحدة الوجود الكفرية: أنَّ الخالق والمخلوق شيءٌ واحدٌ وعرفنا في قانون الجذب:Law of attraction في الدَّرس السَّابق أنَّ عند هؤلاء القوم أنَّ تضبط ذبذباتك عن طريق طاقتك مع ذبذبات ما تريده وستحصل على ما تريده ستخلقه وستوجده وسينهال عليك الخير الوفير والثَّراء وكُلُّ ما تُفكِّر فيه، وقلنا ماذا يعني أن تقوم نبيتُهم الإسترالية بكتابة كتابها وتصدِّره في فلمٍ، وهي واحدةٌ ممن ينتمي لحركة الفكر الجديد:New thought movement ، التي يؤمن أصحابها بمجموعة من المبادئ الميتافيزيقية ما وراء الطبيعية، ويزعمون أنَّهم يستخدمونها في العلاج وتطوير الذَّات، وهناك مدارس كثيرة وواحدٌ منها قانون الجذب هذا، سبق أن ذكرنا في سلسلة كاملة وقبلها سلسلة أخرى عن عددٍ من الانحرافات المتعلِّقة بهذا الباب، يقولون إنَّ الإنسان يخلق وأنَّه قادرٌ على التَّحكُّم التَّام في مستقبله وصناعة قدره بنفسه، لاحظ أنت تصنع قدرك، والمسألة قائمةٌ أيضاً على قضية الغرور البشري لما اخترعت البشرية -كما قلنا- مخترعاتٍ ومكتشفات في هذا الزَّمن صار في غرور عند بعض البشر، وقالوا سنعالج الموت ولن يموت أحدٌ سننتهي قريبا من مشكلة الموت، وهذا تكذيبٌ لله، قال الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران: 185].
أسباب استيراد بعض نظريات من الشرق والغرب
على أيَّة حال: عندما يتمُّ الاستيراد من الشَّرق والغرب، ويتمُّ إقحامها في سوق الدَّورات تارةً بدافع الشُّهرة وتارةً بدافع الاسترزاق، هذه هي النَّتيجة، بعض النَّاس يقول: العلم الشَّرعي هذا والكتاب والسُّنَّة أشياء قديمة نريد شيئاً جديداً، فيمشون وراء هذه الأشياء الجديدة، فإلى أيِّ شيءٍ ستؤدِّي بهم؟ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ[يونس: 32].
وليس هذا أبداً من باب الحكمة التي يبحث عنها المؤمن وأنَّها ضالته أنَّى وجدها فهو أحقُّ بها، هذا ليس دواء جديد لالتهاب الكبد الوبائي فيُؤخَذ به على إنَّه من الأسباب، لا وإلَّا لقلنا خِذ والأصل في الأشياء الإباحة، لكن هذا نحرٌ للعقيدة وخروج عن الملَّة، فالكون في عقيدتهم الباطنية ذبذباتٌ وتفكيرٌ، والإنسان عبارةٌ عن صور أو مُثُل تحوي ذبذباتٍ هي الأخرى، فإذا استطاع المرء أن يحكم المعادلة بين ذبذباته وذبذبات الكون حصل على ما يريد، بل نصُّوا في كتبهم في بعض مؤلفات قانون الجذب أو السِّرِّ: صار شريكًا في تدبيرها، هذا ليس من كلامنا بل هذا من كلامهم الله ليس له شريك، عقيدة التَّوحيد: لا شريك له، ثُمَّ المسألة لها أيضاً بُعدٌ لا أخلاقيٌّ كما يقولون؛ لأنَّها تدفع النَّاس إلى العلاج بالأوهام والاعتماد عليها، يعني: أنت إذا تريد ثروةً لا تزرع ولا تصنع ولا تدرس ولا تتاجر ولا تتَّخذ من هذه الأسباب، كُلُّ ما عليك أن تُردِّد: أنا ثريٌّ أريد ثروةً، أنا مليونير وركِّز وتأمَّل وفكِّر واضبط ذبذباتك، فإذا أصابتك ذبذباتُ الثَّروة في الكون ستجذبها إليك وتصبح ثريًا، ماذا سيكون حالُ النَّاس إذا تربُّوا على أمثال قانون الجذب وخرافة السِّر هذه؟ وأيُّ شيءٍ سنقدِّمه للمجتمع أو الشَّباب والفتيات عندما تعرض عليهم؟ يعرض قانون الجذب خرافة السِّرِّ ركِّز واضبط ذبذباتك، وأيُّ إنتاج وأيُّ عقلٍ وأيُّ تدبير وأي منفعة وأي إفادة وأي استفادة إذا كان ستُطرح للنَّاس هذه الخرافات لكي يسيروا عليها ويدفعون آلاف لكي يدخلوا في دورات؟ ويدفعون أيضاً مئات الآلاف لشراء الكتب والاسطوانات الأصلية، كما نصَّ عليه بعضهم -وسيأتي كلامه- من مدرِّبين ومشرفين ومنظري هذه النَّظرية الشَّركية الكفرية في العالم العربي، عندما يتمُّ دغدغة عواطف النَّاس سنحقِّق لك أحلامك عبر فانون الجذب، كُلُّها ذبذباتٌ وطاقةٌ مزعومة آمِن بها، وإذا ما آمنتَ بها لن تحصل، فدفع النَّاس إلى الإيمان بالوهم، وقالت مؤلفة الكتاب نبيتُهم بوضوح: إنَّني لا أتضح لك من وجهة نظر التَّفكير التَّفاؤلي أو التَّخيلات المجنونة؛ بل إنَّني أتحدث إليك من مستوى عميق وجوهري للفهم، يعني: لا تظنَّ أنَّ ما أقوله خرافة هو شيءٌ عميق، وفي كتاب السِّر صفحة: 27 و 28 كما قلنا نصَّ كالتالي: إنَّ السِّر الذي هو قانون الجذب هذا يعني: أنَّنا الخالقون لكوننا، وأنَّ كُلَّ أمنيةٍ نبتغي خلقها ستتجَّلى في حياتنا، كفرٌ صريحٌ لا مجال للتَّأويل ولا تطلب معاذير، فهذا تربيةٌ للنَّاس على الكفر من خلال الدَّورات إدخالهم في الشِّرك من خلال هذه الأطروحات، يقول هذا القانون بكُلِّ بوضوح: إنَّ الإنسان هو المسؤول المتحكِّم وحده في كُلِّ شيءٍ يحدث له في هذا الكون، أنت فكِّر في العبارة فهذا هو كلامهم: إن الإنسان هو المسؤول والمتحكِّم وحده، يعني: حتى ليس هو شريك مع الله لا، بل هو الله وهو الخالق، وأن معنى ذلك أنَّه يُولد نفسه ويختار عمره ورزقه، ويختار ساعة موته وساعة مرضه، ويختار وقت شفائه وطريقة شفائه، وإنَّ الإنسان هو المسؤول والمتحكِّم وحده في كُلِّ شيءٍ والله يقول: بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا[الرعد: 31]، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ[الرعد: 2].
فهو يخلقكم وهو يرزقكم ويرسل الملك إذا نفخت الرَّوح ليكتب رزقه وأجله وعمله وشقيٌّ أو سعيدٌ، وهؤلاء يقولون أنت تخلق رزقك وأجلك وعملك وشفاءك وسعادتك وثروتك ومرضك وشفاءك، أنت تخلقه بنفسك وإنَّ الإنسان هو المسؤول والمتحكِّم وحده في كُلِّ شيءٍ يحدث له في هذا الكون، ليس بسبب أعمالك ولكن بسبب أفكارك ومشاعرك وذبذباتك أنت مسؤول عمَّا تصنع وما تُكسب، حتى المرض أنت تجذبه، وكيف الطَّريقة؟ فهذه الدَّورات وهذه العلوم تزرع الغرور الكفري فيمن يتعلَّمها ويدخل يتدرَّب فيها: اسأل الكون والكون سيلبيك وسيجيبك، يعني: بدلاً من أن يقولوا: اسأل الله يعطيك؛ صارت المسألة أنت أطلق الأوامر إلى الكون والكون سيلبِّي راغمًا طلبك، وأنت المسؤول عن فقرك -هذه نصوصهم- لأنَّك تجتذب الفقر إليك، وأنت المسؤول عن ضعف بصرك تقول الاسترالية المزعومة إذا كان بصرك ضعيفًا فضع نظارتك جانبًا -أنا أسألكم: الذي عنده نظارات والذي ما عنده نظارات استعمل عقلك، أنت الآن تقرأ وتُعرض عليك الأفكار والأشياء وقانون الجذب والسِّرِّ والكلام ودورات وكتب- تقول الاسترالية: إذا كان بصرك ضعيفًا فضع نظارتك جانبًا وردِّد بأعلى صوتك: أستطيع أن أرى بوضوح أستطيع أن أرى بوضوح، إنَّني الآن أرى إنَّني الآن أرى، لو وضعت نظارتي جانباً وأكرِّر عشرين مرةً، اختلفت المذهب كم مرةً يكون التِّكرار، فهذا كلام مجانين وهذا ما رأينا، فهذا شغل أهل الجذبة وقانون الجذب، وهذا ليس استهزاء وهذا هو الرَّد وهذا هو الواقع حقيقةً، كرِّر ذلك سترى كيف تكسب بصرك كبصر الصِّقر دون مراجعة الطَّبيب، بالله عليكم حتى عقلاء الكفَّار هل يقولون هذا؟ ردِّد كرِّر: أرى بوضوح أرى بوضوح.
كيف يُصاب الأنسانُ بالمرض عند أصحاب قانون الجذب
فالأمراض التي تراكمت عليك أنت الذي جذبتها إليك بسبب تفكيرك طبقاً لقانون الجذب، يقول صلاح الرَّاشد -أحد المروِّجين لهذا القانون في العام العربي- تكاد كُلُّ الأمراض تنشأ بسبب الخيال الدَّاخلي، يعني: لا تقول أنَّها فيروسات أو جراثيم لا بل أنت بخيالك أنت عشت جوَّ المرض ومرضت بالخيال، هذا في ألبوم من ألبومات قانون الجذب لذا يقول نفسه فإنَّ كُلَّ ما يفعله الإنسان هو نتيجة إرادته المحضة، أو حتى مرض الإنسان هو الذي تسبَّب به وأنَّه هو أيضاً القادر على طرده، إذًا ليس الله هو الشَّافي بل صار الإنسان هو الشَّافي، فأنت بيدك الشِّفاء، فهذا كلامٌ يقول للنَّاس لا تدع الله فبيدك أنت الشَّافي، فلماذا تدعو الله وتلجأ إليه؟ الله ليس هو الذي يمرض ولا هو الذي يشفي أنت الذي تمرض نفسك وأنت الذي تشفي نفسك، فقانون الجذب هذا قانون خارجٌ عن التَّوحيد وعن الدِّين بالكليَّة، فيقول صلاح الرَّاشد: حتى مرض الإنسان هو الذي تسبَّب به وأنَّه هو أيضاً القادر على طرده، وإبراهيم الخليل يقول: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ[الشعراء: 78-82].
إذًا من الذي يشفي؟ الله فلا شافي إلا أنت وقد جاء في البخاري: لا شفاء إلا شفاؤك[رواه البخاري: 5351، ومسلم: 2191].
وبالتَّالي بعد اعتناق أفكار قانون الجذب سيجد الإنسان نفسه مع الوقت وبشكل تلقائي غير محتاج إلى الله .
شبهة: أنَّ الأنسان هو مَن يجذب السَّعادة والبلاء لنفسه والرَّد عليها
فإن لكُلِّ باطلٍ في العصر الحديث من فلسفة علمية فيزيائية شيءٌ يضعوا له متعلَّقاً علمياً ومسحةً علميةً من العلوم الحديثة هو في الغالب هذا سيكون باطلاً، حتى أصحاب العلم نفسه من الكفَّار لن يوافقوا على ذلك، لنأخذ أمثلةً يقول صلاح الرَّاشد: فلو أنَّ شخصًا حافظ على ذبذبات عالية دائمة؛ فإنَّ ذلك الشَّخص سوف لن تأتيه إلَّا أحداثٌ إيجابية أو أحداث تؤول إلى نتائج إيجابية أكبر، هذا كتاب قانون الجذب صفحة: 103. قانون الجذب يقول: أنت السَّبب وأنت تجذب الألم والسَّعادة بحسب ذبذباتك، إذاً سؤال: الأنبياء الذين ابتلوا، مثلاً نوح كم أُوذي؟ تسعمائة وخمسين سنة، إبراهيم عانى من كفر أبيه وأُلقي في النَّار، ويعقوب عانى من فراق ابنه، ويوسف عانى في السِّجن بضع سنين، وموسى عانى من فرعون، وأيوب عانى المرض، وزكريا شُقَّ بالمنشار، ويحيى ذُبِح من بني إسرائيل، والنَّبيُّ ﷺ ضُرب وخُنِق وشُجَّ ووضع الشَّوك في طريقه، وأُلقي سلى الجزور على ظهره، ومكروا به ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه، كيف فعل؟ السُّؤال: هل الأنبياء هؤلاء جذبوا الابتلاء لأنفسهم؟ وهل كانوا شغَّالين على ذبذباتٍ واطيةٍ؟ الآن أنت بيدك أن تجذب إليك الصَّحة والمرض والسَّعادة والشَّقاء والخير والشَّر والأذى والسَّلامة هكذا ينصُّون عليه في قانون الجذب، ولو استطعت أن تحافظ على ذبذبات عالية ستجذب إليك الخير دائمًا، إذاً فما نوع الذَّبذبات التي كان عليها الأنبياء، فقد اتُّهم النَّبيُّ ﷺ بالسِّحر والجنون والكذب، وأنَّ به جُنَّة، وخنقه عقبة بن أبي معيط، والأعرابي أراد قتله وهو نائم، وبنو النَّضير من اليهود أرادوا قتله غدرًا، وحوصِر في الشَّعب ثلاثَ سنين مع أصحابه، وعانى من ألمِ الجوع، ورأى بعض أصحابه يُقتَل بين يدييه، وعانى من فراق أولاده وموتهم، وموت زوجته الوفية خديجة بنت خويلد، وخرج إلى الطَّائف فأُوذي وما دخل مكة إلَّا في جوار كافرٍ، وتسلَّط عليه اليهود والمنافقون في إيذائه، وكم عانى من مكرهم وكيدهم؟ وابُتلي بالجوع وتحمَّل الأذى، وقال: لقد أُخفِت في الله وما يُخاف أحدٌ، ولقد أُوذيت في الله وما يُؤذى أحدٌيعني: لا أحد أُوذي ولا أُخيف في الله مثلي ولقد أتت عليَّ ثلاثون من بين يومٍ وليلةٍ وما لي وبلال طعامٌ يأكُلُه ذو كبدٍ إلَّا شيءٌ يواريه إبطُ بلال[رواه الترمذي: 2472، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: 2472].
والدُّعاة والمخلصون والأولياء الذين عانوا ما عانوا في سبيل الله، على أيِّ ذبذباتٍ كانوا؟ الذين قال النَّبيُّ ﷺ عنهم: كان الرَّجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيها فيُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيُشقَّ ذو اثنتين وما يصُدُّه ذلك عن دينه، ويُمشَط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصُدُّه ذلك عن دينه[رواه البخاري 3416].
فعلى أيِّ ذبذباتٍ كانوا يعملون؟ وعمَّار بن ياسر وأبوه ياسر وأمُّه سمية كانوا أهل بيتِ إسلام، إذا حميت الظَّهيرة كان بنو مخزوم يخرجون بهم ليُعذِّبونهم في رمضاء مكة، فيمرُّ بهم رسولُ الله ﷺ فيقول: صبرًا آل ياسر موعدُكم الجنَّة[رواه الحاكم: 5646، وقال الألباني: "حسن صحيح" فقه السيرة: 103].
فهل ذبذباتهم سلبية ومنخفضة جداً؟ هل فشلوا في رفع الذَّبذبات في عملية الجذب؟ هل ما جذبوا إلى أنفسهم إلَّا الشَّر؟ يقول صلاح الرَّاشد: من المهم أن تقتنع بفلسفة وأدلَّة قانون الجذب وجديته، وإلَّا سوف لن يعمل معك، يعني: فهذا الكفر لازم تؤمن به وإذا ما آمنت به لن يعمل معك، ثُمَّ يقول بعبارة ممجوجة مخزية في قضية الطَّمع المادي حيث أنَّه نزَّل كتاباً في قانون الجذب يبيعه ويتاجر ويتكسَّب المال، فعندما تُبَدأ العبارة بـ "طبعاً" فيعني أنَّها من المسلمات، يقول: طبعًا لو لم تشتر هذا الإصدار وحصلت عليه بطريقة غير شرعية -ما شاء الله كأنَّ الكلام والمحتوى شرعيٌّ- لو حصلت عليه بطريقةٍ غير شرعية -يعني إذا عملت نسخ لهذا الكتاب أو كسرت الحماية أو صوَّرت الكتاب أو نسخت السِّي دي الذي يُباع- طبعًا لو لم تشتر هذا الإصدار وحصلت عليه بطريقةٍ غير شرعيةٍ أو من الإنترنت أو من النُّسَخ المسروقة أو ما شابهه -فما يمكن أنَّ هناك أشياء لم تخطر على باله في طريقة الحصول غير الشَّرعية- أو ما شابه فقانون الجذب لا يعمل معك، بالله عليكم: أليس شيئًا مخزيًا مُذِّلاً مهينًا لما الواحد ينشر كفرًا ثم يقول لازم تشتري كفر أصلي وإذا اشتريت كفراً منسوخاً أو بطريقة غير شرعية وما اقتنعت فيه، أو اشتريت نسخةً غير شرعية وفوَّت عليَّ الرِّبح ولم تجعلنِ أكسب منه فلن تستفيد من قانون الجذب ولن يعمل معك، أمَّا أنَّه إذا أنا كسبت وأنت تُؤمِن بالكفر الذي أنشره ثم يعمل معك.
حكم السُّكوت على من يروِّج لهذا الدَّروات في بلاد المسلمين
فإلى متى سنصبر ونحن نشاهد مصيبةً وراء مصيبة وكارثةً وراء كارثة، وضرباً في العقيدة وراء ضرب وانحرافاً وراء انحراف وكفراً وراء كفر وزندقةً وراء زندقة وتشبهاً بالكفَّار وراء تشبه بالكفَّار، وحذو القُذَّة بالقُذَّة، ودخلوا جحر الضَّب ودخلوا وراءهم، فحتَّى النَّصيحة قد نُصِحَ كثيرٌ منهم ونُشر الحقُّ ونُشِرت كتبٌ وتمت الرُّدود، وماذا إلَّا الإصرار والعناد، خذ المؤثِّر والفاعل في الحياة وفق قانون الجذب عند القوم يسير حسب جذب شبيه ما في الهالة وفق قولهم هناك ثلاثة أشياء السِّر: اسأل، آمن، استقبل، العقيدة هذه ركِّز على الشَّيء وتخيَّله وآمن به تحصل عليه، فليس عندهم عملٌ شرعيٌّ ولا اتِّباعٌ لدِينِ الله ولا أخذ بالأسباب الشَّرعية من الأدعية وغيرها، ولا أخذ بالأسباب القدريَّة: من الزِّراعة والصِّناعة والنِّجارة، ولا توكُّل على الله ولا استعانة به، أنت تخلق بنفسك فبماذا تحتاج إلى الله، فقانون الجذب لا يعترف بهذه الأشياء الشَّرعية والقدرية، والحكمة التي جاء بها الشَّرع ليعرفها العقلاء من بني آدم، وإنَّما بالخيال: ركِّز واسأل، واشبك على الذَّبذبات الأخرى، واطلب ويأتيك، فأين السِّرُّ في الموضوع؟
قالوا: قوة التَّخيل التي تجعل ذبذباتك تتوافق مع ذبذبات المطلوب، كلَّما كان عندك قوة تخيُّل وتركيز أكثر ستتحد الذَّبذبات وتحصل على المطلوب، وهذا قانون الجذب يستعمل الآن لما يضع لك مجالات، فكثيرٌ من النَّاس مثلاً: يُفكِّر بتخفيف الوزن فقانون الجذب للحصول على الوزن المثالي، اختر شريكاً في الحياة، وكيف تختارين شريك حياتك؟ وكيف تجذبين زوج المستقبل؟ صوَّروا بنتاً عمرها ستة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر عشرين سنة مثلاً مُقبلةٌ على الزَّواج، فتأتي دعايةُ قانون الجذب: كيف تجذبين شريكَ حياتك؟ وما هي النَّتيجة على البنات؟ وهي تسمع عن العنوسة فتريد تتزوَّج وتريد فارس الأحلام، فيقولون لها ركِّزي وتخيَّلي على الذَّبذبات وكرِّري، وسيأتي فارس الأحلام على حصانٍ أبيضٍ طارقًا بابك، مقدِّما فروض الطَّاعة، حتى وصلت القضية بقانون الجذب إلى حفظ القرآن: قُم بوضع ورقةٍ أمام السَّرير وكرِّر: سأحفظ القرآن، فيا أخي بدلاً من تكرر سأحفظ القرآن، كرِّر القرآن نفسه، هذا قانون الجذب وهذه أسلمته، فخيرٌ لك: كرِّر السَّورة والآية هذه عشرين مرةً وأنا والله ضامنٌ لك أنَّك ستحفظها.
حقيقة مروجو قانون الجذب من المسلمين
إذا أردت أن تنتظر خبرًا مفرحًا أو حدثًا سعيدًا أو اتصالاً من عزيز استعمل قانون الجذب، يقول شخصٌ آخر من كبار المروِّجين لهذا، ليس شرطاً أن نذكر كُلَّ الأسماء، لماذا؟ لأنَّ بعضهم أفاضلٌ ولكن انطلت عليه، وبعضهم لو عُرض عليه الحقُّ ممكن يقبله، وبعضهم لو أُقيمت عليه الحُجَّة فممكن يرجع عن هذا، ولذلك لن نذكر كُلَّ الأسماء، ولأنَّه كثيراً من الذين دخلوا في هذه المجالات لأنَّها تأتي بالمال وفيها شُهرة في القنوات الفضائية، بل والفضائية تريد أيَّ شيءٍ لتملئ فراغ أربعة وعشرين ساعة، فمرَّةً تستضيف واحداً للعلاج بالطَّاقة، ومرَّةً علاج بالماكروبايوتكس، ومرَّةً بقانون الجذب، ومرَّةً تستضيف واحداً مختصّاً بجرافولجي، وأشياء جديدة على النَّاس لها جاذبية وعلوم ما أدركها آباؤنا ولا أجدادنا، ولا عرفتها الأمَّة من قبل، فاتت عليهم عبر أربعة عشرة قرنًا من الزَّمان والآن جاءتنا، فكُلُّ جديدٍ برَّاقٍ وله جاذبية، فالشَّاهد أقول: لعلَّ بعض هؤلاء ممن دخل في هذا يرجع إلى الحقِّ، ولعله يتوب إلى الله وينزع مما هو فيه، فلعلَّه دخله لشُبهةٍ، ولذلك لا نستطيع نقول كُلُّ هؤلاء دخلوا بالكفر؛ لأنَّ بعضهم يمكن عنده شبهةٌ، ومعروف كلام العلماء أنَّه لا يكفر إلَّا من أقيمت عليه الحُجَّة، وليس كُلُّ قائلِ كفرٍ كافرٌ؛ لأنَّه قد يجهل أنَّه كفرٌ، ولذلك نرجو لعلَّ الله أن يردَّهم إلى الحقِّ، فنحن نريد ونطمع أن يرجع هؤلاء عن الغيِّ أو بعضهم، وليس كُلُّهم لازم يكونون معاندين، أو أنَّهم يقدِّمون المال على الحقِّ، إذ لا يمكن بعضهم يظنُّ أنَّ هذه طريقة علاجية ونافعة، وأنَّها تفيد النَّاس، فممكن بعد ذلك إذا تبيَّن له أنَّها كفريات وأوهام وأباطيل يتوب ويبتعد عنها، فبعضهم يمكن يكون عنده شبهات، مثلاً يقال له: أنَّ بعضهم يقول: أنا سمعت بعض هؤلاء في دوراتهم يقول: الرَّسول ﷺ يُعلِّمنا قانون الجذب، وقد سبق في الدَّرس الماضي أن ردَّينا على بعض الكلام المتعلِّق بهذا الموضوع، فهو رُبَّما يظنُّ بعضهم ويدخل التَّفاؤل ويُلبِّس به الموضوع ويدخل أشياءً من الشَّرع ويطلي بها طلاءً على قانون الجذب؛ ليسوِّقه عند المسلمين، فالمسلمون إذا أتيت له بآيةٍ أو حديثٍ يستأنس به، فإذا قلت له: قالت الاسترالية فلانة لا يقبل، ولذلك قيلت العبارة المشهورة، نشر كثيرٍ من الأباطيل بين المسلمين يحتاج إلى لحاء حتى أنَّها تُصدَّق إذا جرى ترويجه عبر لحيةٍ ويكون له قبول غير إذا جرى ترويجه بدونها؛ لأنَّ النَّاس يقولون: هذا داعية، فأصحاب هذا القانون يعتقدون أنَّ مجرَّد الفكرة الواقعة في الفعل تؤثِّر بذاتها في محيط الإنسان وما حوله، وأنَّ الإنسان يستطيع بفكرته المجرَّدة أن يجتذب إليه ما يريد من الخير والسَّعادة والصِّحة والمال والثَّروة من غير عمل، فلا يستعمل دواءً ولا يذهب إلى مستشفى ولا يراجع طبيبًا، ولا يكشف عند أحدٍ من أهل الخبرة في الطِّب، ولا يزرع ولا يصنع ولا يتاجر ويحصل على شفاءٍ وثروةٍ من غير عمل.
المسحة العلمية في قانون الجذب
قلنا إن تمرير بعض هذه الأباطيل يحتاج إلى مسحةٍ شرعيةٍ بالنُّسبة للمسلمين، ومسحةٍ علميةٍ بالنُّسبة لعامَّة النَّاس، فما هي المسحة العلمية في قانون الجذب؟ يعني: ربطه بالفيزياء مثلاً، ويدلِّلون على قانونهم بأشياء وباسم العلم الحديث، مثل: أنَّ هذه الفكرة قانون الجذب له تردُّدٌ وموجاتٌ وذبذباتٌ مغناطيسية، وطاقةٌ تنطلق من عقل الإنسان على شكل موجات كهرومغناطيسية، وتجتذب من الخير أو من الشَّر ممَّا هو على نفس الموجه، يقول أحدُ هؤلاء: حقِّق أحلامك في عشرين دقيقة، ثم يقول: "بإذن الله" وهذه هي المسحة الشَّرعية، يعني: لما يريد أحدهم أن يعمل دورةً في قانون الجذب، ويعرض على النَّاس ويقول لهم: وحقِّق وستفعل فيطلع له شخصٌ من عامَّة المسلمين يقول يا أخي قل إن شاء الله، فهذا من أوَّلها قال حقِّق أحلامك في عشرين دقيقة بإذن الله، يقول حتى تجذب شيئًا هذا الهدف سواءً كان مبلغًا من المال أو شريكَ حياةٍ فله تردُّدٌ معيَّنٌ من الطَّاقة، فحتى تجذبه ينبغي أن يكون له تردد مشابه، فشريك الحياة مثلاً بالمواصفات المعينة هو موجود بالفعل، فأنت لا تخلقه، لكن له طاقةٌ وتردُّدٌ معينٌ، وحتَّى تُقرِّبه لك وتجذبه إليك تحتاج إلى طاقة بداخلك.
فلاحظ الآن: فاستخدامهم كلمة طاقة معيَّنة وتردُّدٌ معيَّنٌ وموجاتٌ كهرومغناطيسية وتصدر من الدِّماغ وتشبك مع موجات الآخر وذبذباته، هذا كلامٌ فيزيائيٌ المقصود به: مسحةٌ علميَّةٌ على هذا الكفر والباطل، حتى يُصدِّق النَّاس عندما يورد تعليلات علمية حديثة أو أشياء شرعيَّة، ومع الأسف بعضهم تخصَّص في قضية إضفاء المسحة الشَّرعية أو إيجاد الرَّبط بالعلم الحديث، حتى قضية الاستشفاء بالطَّاقة واليانج واليان والشكرات والهالة التَّأثيرية والجسم التَّأثيري كُلُّه لا بُدَّ يجعلون فيه أشياء مثلاً من عالم الطِّب النَّفسي، أو من عالم الفيزياء، فيستعمل كلمة الطَّاقة؛ لأنَّ كلمة الطَّاقة كلمةٌ علميَّةٌ، فالنَّاس تُفكِّر إذا سمعت :طاقة نوويَّة، طاقة فيزيائية، طاقة كهربائية مثلاً، لكن هو يقصد بالطَّاقة شيئاً آخراً مختلفاً وليس هذا نهائيًا.
ردود عقلية على أدعياء قانون الجذب
الآن نأتي على الذَّبذبات مثلاً، افترض أحدهم قال: أنا أريد واحدةً بيضاءً طويلةً قبيليةً، الآن فأين الذَّبذبات التي تبعها؟ وكيف أعرفها؟ ولأنَّه يمكن الطُّول له ذبذباتٍ خاصَّة، فإذا كنت أريد الطُّول 162 سم فعلى أي الذَّبذبات أضرب؟ وإذا كانت بيضاء ومن قبيلة كذا أُذبذب على ماذا؟ إذا كان عندي خمس شروطٍ وآخر عنده ثلاثُ شروط، فأعطونا كتالوج ذبذباتٍ حتى نعرف ذلك، وإذا أردت أن أُذبذب فهل أجمعها؟ وهل أُصدِّر من عقلي أشعةً كهرومغناطيسة أو طاقةً بحيث تُذبذب على نفس الذَّبذبات؟ فانظر الجواب: لا بُدَّ من دورات وتفصيلات ومعادلات فيزيائية، إذاً افترض أنَّك أنت الجالس هناك وعندك رغبة ما خطرت على بال هؤلاء كُلِّهم، فماذا سيصير؟ لازم يخترع لك معادلةً فيزيائيةً خاصَّةً فيك، لازم يُخرِج لك ذبذباتٍ خاصَّة بطلبك هذا حتى تُذبذب عليها، يقول هذا القانون -قانون الجذب- مِثلُ الجاذبية لو أخذت شيئًا مثلاً قلمًا وتركته يسقط سيقع على الأرض، فكذلك قانون الجذب هو قانون تكرار مرَّتين أو أكثر، فهو حتميٌّ مثل قانون جاذبية السُّقوط الأرض.
حقيقة قانون الجذب عند المتخصِّصين الفيزيائين
ننتقل الآن إلى فيزيائَيي الكفَّار ونسألهم: هل يوجد حقيقةً شيءٌ اسمه في قانون الجذب: ذبذباتٌ تَصُدر من عقلك وتركِّز عليها وتوجِّهها وتلتقي مع الذَّبذبات المطلوبة وتأتي بها؟ نذهب للفيزياء الكميَّةQuantum Physics يقول براين جرين وهو بروفسور في جامعة كلومبيا: إذا كان قانون الجذب يعني: أنَّ فكرةً تجتذب إليها ما يشابهها أستطيع أن أؤكد أنَّ ميكانيكا الكمِّ لا علاقة لها بهذا نهائيا؛ لأنَّه ميكانيكا الكمِّيَّة -فيزياء الكمِّ- ميكانيكاQuantum Physics ، يقول موري جيلمان الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء معلِّقاً على الرَّبط بين تفكير الإنسان وتأثيره في المحسوسات وعلوم فيزياء الكمِّ: هذا Quantum Flapdoodleيعني: هراء كمِّي، وهذا متخصِّص في فيزياء الكمِّ يقول هذا الكلام أنَّه هُراءٌ، ويقول أحدُ المتخصِّصين في الفيزياء من العرب المسلمين الدُّكتور طلال العتيبي: بالرَّغم من استمرار المتخصِّصين فيما يُسمى بقانون الجذب في إعطاء قانونهم الصَّبغة الفيزيائية فإنَّني قد ناقشت بالتَّفصيل بطلان الأساس العلمي لهذا في مقالٍ عُنوِنَ بـ "الرَّد العلمي على خرافة قانون الجذب" طبعًا هو الآن لا يقصد الرَّد الشَّرعي بل هو يردُّ من النَّاحية العلميَّة؛ لأنَّ القوم يتعلَّقون بالفيزياء وهذا تخصُّصه، فيقول إن بينتُ بطلانَ ذلك فيعني علميًا فيزيائيًا، ابتداءً بتناول مفهوم النَّظرية والقانون العلمي والفرضية ومناهج الإثبات، وخلصت إلى أنَّ ما يُسمى بقانون الجذب لا يستند إلى أيِّ حقيقةٍ علميةٍ، ولم يثبت تجريبيًا أو إحصائيًا، وباختصار فإنَّ بطلان أساسهم علميٌّ استند إلى السَّببين التَّاليين:
أولاً: أنَّ ما يُسمى بقانون الجذب لم يستكمل أركان وشروط القانون علميًا، هو الآن يتكلَّم من جهةٍ علميَّةٍ بحتة أنَّ تسميته قانونٌ باطل من وجهة النَّظر العلميَّة البحتة؛ لأنَّه لم يستكمل إطلاقًا أركان القانون، فحتى يصير قانوناً فإنَّه يحتاج إلى شروطٍ معينةٍ، وهذه الشُّروط غير موجودةٍ، ونبيتُهم الاسترالية صاحبة الكتاب تقول: أنَّه خطرت في بالي فكرة الكتاب لما ناولتني ابنتي كتابًا، فهي عبارة عن خواطر وما وُلِدت من مختبراتٍ، وليس عليها إثباتاتٌ علميَّةٌ لا إحصائية ولا فيزيائية، فهي تقول ناولتني ابنتي كتاباً كذا فخطرت في بالي فكرت كذا، ويقول الباحث في قانون الجذب: في أفضل أحواله فرضياتٌ لا إثباتاتٌ تجريبيَّة تدعمها أو خزعبلات لا أصل لها أو عقائد مستوردة، فهو أراد أن يتلطَّف فقال إنَّها فرضياتٌ لا إثباتاتٌ لها، ولكن لما أراد أن يصف بدون مجاملات قال: خزعبلاتٌ لا أصل لها وعقائد مستوردة.
ثانيًا: يقول: "إنَّ جميع التَّفسيرات الفيزيائية الصَّحيحة لمفهوم الطَّاقة والجذب" لأنهم استخداموا كلمة الجذب مثل ما استخدموا الاستشفاء بالطَّاقة فاستخدموا كلمة الطَّاقة؛ لأنَّها كلمةٌ فيزيائيَّةٌ تُوهم أن مذهبهم هذا مستندٌ إلى أساسٍ علميٍ، وذلك نفس الشَّيء في قانون الجذب اُستُخدِم كلمة جذب، فهم يقصدون بها جذب الأشياء المرادة، ولكن الكلمة مستخدمة فيزيائية، مثلاً: قانون الجاذبيَّة فهذا هو التَّلبيس والتَّضليل.
يقول الباحث: "إنَّ جميع التَّفسيرات الفيزيائيَّة الصَّحيحة لمفهوم الطَّاقة والجذب والذَّبذبات لا تعمل في صالح ما يُسمى بقانون الجذب بصورته الحالية أبداً، بل إنَّ جميع تفسيراتهم المغلوطة تنمُّ عن عدم إلمامٍ بأساسيات الفيزياء المتعارف عليها" يعني: ينمُّ عن جهلٍ بأساسيات الفيزياء "ولم يردني ردٌّ علميٌّ واحدٌ يُفنِّد ما تقدَّمت به، وكُلُّ حديثٍ في حقيقته مجرَّد تفسيراتٍ مغلوطةٍ أو مناقشات فيزيائيَّة لم يعتد بها يومًا من الأيام في الأوساط العلميَّة، أو خيالاتٍ علميَّة ابتدعها فلاسفةٌ وصحفيون كالعوالم المتوازيَّة أطلقوا مصطلح العوالم المتوازية، يقول هذا: عندنا في الفيزياء من الخيالات ولا دخل له في الحقائق أبداً، أو أنَّ يتكلموا في فرضياتٍ ليس لها إثباتٌ علميٌّ على أنَّها حقائقٌ علميَّة، لذلك فإنَّ تناولهم لما يُسمى بقانون الجذب كقانونٍ علميٍ هو سطحيَّة وسذاجة إن لم يكن كذباً وتزويراً لا يليق بأهل الأمانة العلمية أبدًا، ولأنَّ هناك أناسٌ مستعدَّة أن تؤمن بالخرافات فهؤلاء زبائنهم مستعدُّون لدفع آلافٍ على دخول دورة قانون الجذب، ودفع المئات على شراء سي دي أو كتابٍ حول قانون الجذب، فلن تملك لهم شيئًا إذا بيَّنت لهم من النَّاحية الشَّرعية ومن النَّاحية الفيزيائية، فهناك أناسٌ يحبون الخرافات وعندهم استعداد أن يسيروا ورائها.
الفئات التي تروِّج لقانون الجذب
مَن هي الفئات التي تُروِّج لقانون الجذب من الكفار أو حتى من المسلمين أو المنتسبين للملَّة؟
أولاً: فئةُ الرَّوحانيين الذين يبحثون عن الشُّهرة أو القدسية بين النَّاس، ووجدوا أنَّ أسهل طريقة لكسب تصديق النَّاس هي إقناعهم بأنَّ ما يتحدثون عنه مبنيٌ على أُسسٍ علميةٍ.
ثانياً: فئةُ رجال الدِّين في العالم الغربي الذين فقدوا هيبتهم في الكنيسة، ووجدوا أنَّ النَّاس لم يعودوا يؤمنوا بما لديهم من الكتاب المقدَّس، وأنَّ أفضل طريقةٍ لجعل المجتمع العلماني الكافر يؤمن بهم من جديد -وهم رجال كنيسة- هي الدُّخول في مثل قانون الجذب.
ثالثاً: على مستوى العالم العربي: فئةٌ من المهوسيين بالشُّهرة أو المال، دخلوا في هذا المجال للشُّهرة أو المال، لماذا تُعتبر الفيزياء أرضٌ خصبة لمروِّجي الخرافات الفيزياء؟
لماذا تُعتبر الفيزياء أرضٌ خصبة لمروِّجي الخرافات الفيزياء؟
1- لأن الفيزياء غنيةٌ بالقوانين والمصطلحات التي تُفسِّر الظَّواهر الطَّبيعية كالموجات والطَّاقات، وما هي الطَّاقة المزعومة منها أكيد.
2- أنَّ الفيزياء تمتلك طابعاً معقَّداً لغير المتخصِّصين بها، يعني: يسهل على الشَّخص أن يضحك على آخرٍ غير فيزيائيٍ، أو شخصٌ عنده بعض الاطلاع على الفيزياء أن يضحك على آخر ليس بفيزيائي ويأتي له بمصطلحاتٍ فيفكِّر هذا أنَّه يقول كلاماً كبيراً، وهو في الحقيقة كلامٌ ما له أساسٌ ولن يستطيع العامي أن يجادلك إذا أنت أتيته باصطلاحاتٍ وأشياءٍ وكلامٍ كبيرٍ: كأشعة كهرومغناطيسية تدخل في العقل بالذَّبذبات، وطاقةٌ لا يقدر يجاريك شيءٌ، فماذا سيرد عليك وهو لا يفهم؟ فهو في المجال هذا سيقول هذا بروفسور.
3- لا توجد محاولاتٌ جديَّة من الفيزيائيين في البحوث العلمية، يعني: أحيانًا النَّتيجة على البحث العلمي كأن تقول لأحدهم أريد الرَّد على هذه التُّرَّهات، فحتَّى يجد أنَّه بعض العالميين أنَّه من الهُراء يضيع الوقت.
دور المسلم الذي يحمل تخصُّصات فيزيائية تجاه هذه الدَّورات
نأتي لمسألة مهمَّة جداً: لو قال قائل من الشَّباب أو من طلاب الدِّراسات العليا المسلمين ما دورنا في الدَّعوة فأنا فيزيائيٌ قد درستQuantum Physics ، وهذه من أصعب العلوم في العالم، فمن كان عنده تخصُّص Quantum Physics من هارفرد أو من أم أي تي فيعني أنَّه من المرموقين، فلو كان مسلماً عنده خبرةٌ في هذا المجال فنقول له: يا أخي من وظيفتك الدَّعوية أنَّك تحتسب على هؤلاء لتفنِّد باطلَهم فتكلَّم عليهم من النَّاحية الفيزيائية وافضحهم؛ لأنَّ استمرار واختراق الدَّجل والشَّعوذة العصريَّة للمسلمين باسم الدَّورات وتطوير الذَّات مصيبةٌ، وفيها فقدان التَّوحيد والخروج عن الملَّة بالطَّريقة هذه، وبعضهم داخلٌ على الشُّهرة ويريد أن يعمل كأفلام هوليود، فهي والله مصيبة.
على أيَّة حال: نختمُ بتلخيص الإجابات الشَّرعية على هذه الشَّعوذات العصريَّة بالنُّسبة لقانون الجذب، فهذا الدِّين مبنيٌ على التَّوحيد والتَّفريق بين الخالق والمخلوق: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ[فاطر: 11]، أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ[الرعد: 16]، وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ[الزخرف: 15].
فحَكَم الله بكفرِ من جعَلَ له جزءًا من عباده ونسب إليه شيئًا من خلقه، فكيف بمن ساوى الخالق والمخلوق في الوجود؟ وقلنا إنَّ منبع مثل هذا: -سواءً كان العلاج بالطَّاقة التي يتحدَّثونها: الين واليانج إلى آخره، أو قانون الجذب أو غيره- عقيدةُ وحدة الوجود، وتأليه الطَّبيعة، وتأليه العقل الكُلِّي، والطَّاقة الكونيَّة، والقوَّة العظمى، والذَّبذبات هو مبدأٌ واحدُ المنطلق، وأصلُها أديانُ الشَّرقيين: الهند، والصِّين، طاوية برهمية بوذية، هذه الدَّورات وهذه الخزعبلات والحركات والفلسفات لا وجود لديهم في معتقداتهم لإلهٍ له ذاتٌ وإرادةٌ بائنٌ عن خلقه، خالقٌ للكون ومدبِّرٌ له، ولذلك يقولون الإله الطَّاقة الكونية المتغلغلة في الكون المتحدة به، فلا فرقٌ عندهم بين الخالق والمخلوق والعالم والإله، فالإله هو العالم وهو الكون، ولذلك إذا اتحدت معهم يقولون في العلاج بالطَّاقة الين واليانج، ويقولون إذا اتحدت معه لأنَّه هو الكُلِّي الطَّاو، فكيف لمسلمٍ أن يأخذ من هؤلاء قوانين تتضمَّن وحدةُ الوجود وهو يؤمن بأنَّ الله خالقُ كُلِّ شيءٍ؟ كيف يجمع بين الخالق والمخلوق في شيءٍ واحدٍ والله يقول: وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا[مريم: 9]، أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا[مريم:67] من البديهيَّات المسلمة: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا[النحل: 73].
فالله أنكر على هؤلاء المشركين لما خالفوا، وهناك أدلةٌ واضحةٌ جداً على أن قانون الجذب قائمٌ على وحدة الوجود.
سنكمل إن شاء الله في الليلة القادمة، ونسأل الله أن يرينا الحقَّ حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
وصلَّى الله على نبيِّنا محمد.