الخميس 17 شوّال 1445 هـ :: 25 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

64- الجرافولجي في ميزان الشريعة 1


عناصر المادة
دورات الطَّاقة وارتباطها بالشِّرك
ما هو المقصود بالجرفولجي عند أصحابه؟
نماذج مما يقوله أصحاب هذه الدَّورات
من الخرافات التي يدَّعيها أصحاب الجرافولجي
خرافة: استنتاج الأمراض من خلال كتابة بعض الحروف
إدعاؤهم أن الجرافولجي يكشف عن الصفات الخلقية والخلقية
الجرافولجي وقراءة الكف والفنجان
الفرق بين تحليل خطوط الكفِّ والجرافولجي
التَّلبيس في أسلمة الجرافولجي
الجرافولجي والكهاهنة مدرسةٌ واحدة
خطر الكهانة والعرَّافة والجرافولجي
الجرافولجي خرافةٌ حتى عند غير المسلمين

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:

دورات الطَّاقة وارتباطها بالشِّرك

00:00:13

فقد سبق الحديث في الدَّرس الماضي عن حكم الدَّورات المرتبطة بالطَّاقة الكونية كما يزعمون- والعلاج بالحجار والكريستال ونحو ذلك، وعرفنا علاقتها بشرك الرُّبوبية، وكذلك بشرك الأسباب، وكُلُّ اعتقاد في شيءٍ أنَّه سببٌ والشَّرع لم يجعله سببًا ولم يدل عليه لا شرعًا ولا قدرًا فهو نوعٌ من أنواع الشِّرك، وذكرنا مجموعةً من الخرافات والانحرافات الموجودة في الطَّاقة والريكي، والعقائد الفاسدة، والاستشفاء بهذه الأحجار التي يسمُّونها كريمة، وما في ذلك من التَّنجيم والكهانة، وإحياء عقيدة عُبَّاد الأحجار واعتقاد النَّفع بها، وكذلك ما ينسبونه إليها من الفضائل والتَّأثيرات، وسنتحدث اليوم بمشيئة الله تعالى عن نوع آخر من الأنواع الموجودة في الدَّورات التي تدخل في التَّنمية البشرية، وفي الحقيقة أنَّها تخريب لعقائد البشرية، ويجب قبل أن نبدأ بها أن نُعيد التَّذكير بأنَّ هنالك دوراتٌ مفيدةٌ جداً في الأمور النَّفسية والاجتماعية والإدارية والأسرية والشَّخصية، وهنالك دوراتٌ قائمةٌ على الشِّرك والكفر منبثقة من وثنيات الشَّرقيين أو إلحاديات الغربيين، وأنَّنا عندما نسمع عن أيِّ دورةٍ أو نحضر أيَّ دورةٍ يجب أن نعرضها على الكتاب والسُّنَّة، لا بُدَّ من نخل المحتوى وتنقية ما نسمع ومحاكمته إلى القرآن والسُّنَّة.

من الأشياء التي أخذت بُعدًا في هذا الوقت المتأخر: ما يسمى بالجرافولجي وتحليل الشَّخصية عن طريق الخطِّ، وهذا سوقٌ فيه أموالٌ تُبذل ومدرِّبون ومتدرِّبون، وهنالك مدوَّناتٌ وكتبٌ ومقاطعٌ كثيرةٌ منتشرةٌ لهذا النَّوع مما يسمُّونه علمًا، وهل هو علمٌ في الحقيقة أم لا؟ هذه قضية مهمَّةٌ لكن صعب أن تقول علمُ كذا وهو ليس بعلمٍ أصلاً.

ما هو المقصود بالجرفولجي عند أصحابه؟

00:02:55

ما هو المقصود بالجرفولجي عند أصحابه؟ علمُ تحليل الشَّخصية من خلال خطِّ اليد، ومن خلال التَّوقيعات والكشف عن السِّمات الشَّخصية والانفعالات والسُّلوكيات عن طريق تعلُّم أسرار الخطِّ ومنحنيات التَّوقيع، ويستدلُّ بظاهر الخطِّ عندهم على أمورٍ بدنيَّة جسمانية أو نفسية خفية، وكذلك يستدلِّون بدلالات الحروف عندهم وخصائصها على الإخبار بأمورٍ مضت أو أمورٍ ستأتي، وبعضهم يحتاط في قضية الإخبار عن المغيَّبات في المستقبل؛ لأنَّ عنده نوعُ توحيدٍ، فيقول: نحن لا نقول بالإخبار عن مغيَّباتٍ ولكن نقول  تنبؤاً بأمور مستقبلية، وكما قلنا في الكلام على هذه المدارس ينبغي الرُّجوع إلى من كتَبَ مِن أساطينها وأعمدتها، وكذلك سماع الدَّورات التي أُلقيت فيها، وهذه المقاطع موجودةٌ.
على أيَّة حال: لا يُشترط أن يحضر الإنسان دورةً بنفسه، فبعض الدَّورات مصورةٌ ومسجَّلةٌ، وهناك كُتبٌ من الإشكالات أنَّك أحيانًا عندما تحاكم بعض ما أورده هؤلاء يمكن يأتي شخصٌ ويقول: من قال لك أنَّ هذا معتمدٌ في الجرافولجي؟ بل هذا ليس معتمد وغير معروف لدينا، وبالتَّالي سندخل في نقاشٍ: مَن هو المعتمد؟ ومن هي الجهة التي تعتمد؟ ومن هو الشَّخص أو الهيئة التي إذا قالت هذا مدرِّبٌ وهذا خبيرٌ وهذا منظِّرٌ وهذا مؤلِّفٌ في الفن هذا يعتمد أو لا يعتمد؟ المشكلة حتى لو وُجدت جهةٌ فمثلاً: قامت مجموعةٌ وأنشأت الرَّابطة العالمية لعلم الجرافولوجي  أو الجمعية العلمية لعلم الجرفولجي، فحتى هذه الهيئة نفسها تحتاج إلى محاكمة أو حوكمة، ولذلك لما يكون عندك أنت يا مسلم يا عبد الله: أصولٌ يُرجع إليها ومقاييس وموازيين سهلٌ أن تتَّزن وتقيس وتحاكم بناءً عليها، وتقول: أنا عندي ثوابت عندي القرآن والسُّنَّة، فأيُّ شيءٍ في العالم فأنا أعرف حكمه والموقف منه، وذلك من خلال عرضه على القرآن والسُّنَّة، لكن لو جئت إلى الجرافولجي فتعرض ماذا على ماذا؟ ما هيَ إلَّا أراءٌ أيضاً ومدارس، وحتى داخل الفن الواحد تجد توجهاتٍ واتجاهات، وقد يلعن بعضُهم بعضًا وبعضهم يتبرأ من بعض، يقول أنت لست خبير بل أنا الخبير، أنت لست مدرِّباً معتمداً أنا المعتمد، وهكذا فندخل في مثل هذه القضية.

نماذج مما يقوله أصحاب هذه الدَّورات

00:06:17

على أيَّة حال: يوجد نقولات وكتابات ومؤلَّفات ودورات وأشياء مسجلة ومصوَّرة، وأناس حضروا وسمعوا، فيقول مثلا ً الدكتور فؤاد عطية: الطَّريقة التي يكتب بها الشَّخص اسمه وبياناته الشَّخصية تحدِّد المهارات التي يتمتع بها، وكذلك يمكن من خلال خطِّه الحكم على انفعلاته والتنبُّؤ بما قد يصيبه من أمراض، انظر  فهناك أشياءٌ أوَّل ما تسمعها قد تقول: إذا كان هذا توقيعه متداخلاً فنفسيته معقدة، وإذا آخر كان توقيعه سهلاً مفتوحاً تقول: هذا نفسيته منشرحة بسيطة، لكن لما يأتي أحدهم يقول: والتنبؤ بما قد يصيبه من أمراض من خلال الخطِّ فهذه صعبة، وهذه أشياء مستقبلية فلو اعتمدت على تحاليل طبيَّة أو أشياء وراثيَّة لهانت، كأن يجيء شخص إلى الطّبيب فيقول: لقد مات أبي بسبب الجلطة وكذلك جدِّي وعمي، فيقول له الطَّبيب وفققاً لقواعد الوراثة والطِّب: أنت وضعك لا بُدَّ أن يكون له عناية خاصة وليس كأيِّ أحدٍ عنده كولسترول، فممكن نحترم هذا ونقول لأنَّه وُفِق معلومات الأسرة وسجِّل بيانات قد حصلت، وممكن يقال أنت عندك احتمال أن تكون معرَّضًا بالنسبة لسجِّلِّك العائلي، فهذه أشياءٌ قائمةٌ على معلوماتٍ واضحةٍ وفقاً لعلم الوراثة والتَّحاليل الطِّبية، أمَّا أن يأتي أحدهم ويقول من خلال خطِّك أخبرك بالأمراض التي قد تصيبك مستقبلاً، ومن دون التَّحاليل الطِّبية والقواعد العلمية، فهم يدَّعون أنَّ عندهم الجرافولجكي لكن العاقل من يُميِّز، ويقول فؤاد عطية أيضاً: من خلال خطِّك يمكن تحليل شخصَّيتك بدقةٍ متناهيةٍ وكشف أسرارك تحليل شخصيَّتك، مامعنى ذلك؟ كُلُّ الذُّنوب التي ارتكبتها سابقًا يقول أنَّه سيعرفها من خلال خطِّك؛ لأنَّ هذه من أسرار الإنسان، فهل هذا مدخل عرَّافة؟ لأنَّك كمسلمٍ أوَّل ما تسمع هذا يتبادر إلى ذهنك شغل العرَّافين، ويقول فؤاد عطية: من خلال خطِّك يمكن تحليل شخصيَّتك بدقةٍ، فأنت في البداية قد تقول: ممكن تحليل الشَّخصية لكن كشف أسرارك وما تحاول أن تخفيه عن النَّاس ورُبَّما عن نفسك أيضاً! فالله قال: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].

وأنتم تجعلون أنفسكم في مقام الرُّبوبية، وتعلمون خائنة الأعين وما تخفي الصدور؛ لأن فؤاد عطية يقول: وما تحاول أن تخفيه عن النَّاس، ورُبَّما عن نفسك أيضاً، فهل هناك أدقُّ من ذلك: ما تحاول أن تخفيه عن نفسك؟ أليست هذه أنواع الغيوب؟ فهناك غيبٌ ماضي، وغيب حاضرٌ وغيب مستقبل، فغيب المستقبل لا يمكن لأيِّ أحدٍ أن يعرفه، إلَّا الله ، وتقول إحدى مدرِّبات أو مقدِّمات دورات الجرافولجي لإحدى النِّساء: طريقة كتاباتك للحاء تدلُّ على مرض معدتك، فكيف كتشفت لها عن مرض المعدة؟ هل عملت لها منظارَ معدةٍ أو تحليل دم أو بول أو براز؟ لا، بل بطريقة كتابة حرف الحاء، ولاحظ اختيارها حرف الحاء وليس أيُّ حرفٍ آخر، ولازم تقتنع أنَّ هناك علاقةٌ بين الحاء ومرض المعدة.

من الخرافات التي يدَّعيها أصحاب الجرافولجي

00:11:20

فحقيقية هناك مشكلة تبدأ تظهر إذا استعرضت أقوال القوم، وليس هذا فقط بل قد تطوَّر عندهم، حيث تقول لها: غيِّري كتابتها وسيذهب داؤك، وقد يقول قائل: وإذا أنا غيرت كتابة الحرف؟ افرض أنَّني كنت أكتب الهاء تحت السَّطر فبدأت أكتبها فوق السَّطر، وهناك عدَّةُ طرقٍ لكتابة مثلاً: الهاء والسِّين، وهناك خطُّ الرُّقعة وخطُّ النَّسخ وخطُّ الثُّلث والخطُّ الكوفي، ففي بعض الخطوط تُكتَب للحرف أسنانٌ وفي بعض الخطوط لا تكتب وهو نفس الحرف، فإذا أنا كتبت بأسنانٍ هل يكون أنَّه عندي مرضُ معدةٍ؟ وإذا كتبته بالرُّقعة وبدون أسنان فماذا سيصير لي ؟هل سيزول المرض؟ فهذا مجرَّد خداعٍ، فهناك نُسبةٌ من النَّاس عندهم سذاجة وجهل وبراءة، يُصدِّق أيَّ شيءٍ سريعاً، فمن الممكن استغفال هؤلاء بسهولة، فتنطلي عليه قضية عالج نفسك بتغيير الحرف ، فيقول: سأُعالج نفسي بأنَّ أكتب حاءً مفتوحةً بخطِّ النَّسخ بدلاً من حاءٍ مغلقةً بخطِّ الرُّقعة، وبدلاً من الذِّهاب إلى المستشفيات وأخذ التَّحاليل وصرف المال، وتتابع هذه المدرِّبة كلامها مع تلك المرأة فتقول: من خلال خطِّك يظهر أنَّك تُحبِّين السِّجَّاد، أو لديك إلتهابٌ في الجيوب الأنفية، فكيف تبدأ معها من السِّجَّاد وانتقلت إلى الجيوب الأنفية؟ وتقول: أو حصل لك حادثٌ وأنت صغيرةٌ، فهذا من عمل الدَّجَّالين، وبعض الذين يزعمون تعبير المنامات أنَّهم يقولون للمتَّصل أو للشَّخص كلاماً فيه احتمال بنسبة 70% أنَّه صحيحٌ، فيقول أنت حصل لك حادثٌ وأنت صغيرٌ،
ومن الذي  لم يحصل له حادثٌ وهو صغيرٌ؟ لكن السَّاذج المغفَّل يقول: نعم صحيحٌ، وكيف عرفت؟ فمن هو الذي لم يحصل له حادثٌ؟ إذا لم يكن قد صار له حادثُ سيارةٍ يكون قد سقط من على سُلَّمٍ، وإذا لم يكن قد سقط من على سُلَّمٍ يكون قد جُرِحَ وهكذا، لكن لما تأتي الكلمةُ عند بعض المساكين فيصدِّق ذلك، فيكون هذا الدَّجال قد فتح الطَّريق لتأتي المعلومة التي بعدها، وليست الفكرة هي المعرفة بالدَّاء من الخطِّ؛ بل المعالجة بتغيير الخطِّ، وهنا نقف وقفةً كبيرةً: فما وجه الارتباط بين تعديل الخطِّ وعلاج الأمراض؟ وما هي العلاقة بين تعديل الخطِّ والسُّلوك؟ افرض أنَّ شخصاً قال: خطُّك يدل على أنَّك بخيلٌ فلو غيرت خطَّك ستصبح كريمًا، فالمشكلة أنَّ بعض هذه الدَّورات تربطُ النَّاس بالدَّجل والشَّعوذة، بدلاً من أن يعلِّمونهم شيئًا نافعًا، يقول: إذا كان عندك بخل أو إمساكٌ للمال فهناك آياتٌ عظيمةٌ وأحاديثٌ شريفةٌ في الموضوع: يقول الله وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد:7].

وحديثُ الملكين: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا  [رواه البخاري: 1374، ومسلم: 1010]. إلى آخره، فلو قال: أنا أعالجه بالآيات والأحاديث وبالنُّصوص، من خالف النَّفس أذكر له الأجر والفضل وأذكر له التَّرهيب من البخل، فهذه طريقٌ مشروعةٌ، أمَّا قضية: خطُّك يدلُّ على أنَّك بخيلٌ وحتى تصير كريماً غيِّر خطَّك، فلماذا وما هي الفائدة؟ وإذا واحد يريد فقط تغيير الخطِّ فقل له: جاهد نفسك واعمل الطَّريقة الفلانية: ابدأ بإنفاق خمسةٍ ثم عشرة ثم عشرين ثم خمسين ثم مائة، فالتَّدرج أسلوبٌ من أساليب العلاج والحكمة.

خرافة: استنتاج الأمراض من خلال كتابة بعض الحروف

00:16:00

في دورةٍ من دورات الجرافولجي عن الحروف ومنها: حرف السِّين قال مقدِّم الدَّورة: وجود شكلN  في نهاية السِّين مع طول آخر الطَّرف للحرف هذا يدلُّ على أنَّ الشَّخص في أنفه مشكلةٌ غالبةٌ، يعني: حرفُ السِّين بالعربي إذا صار في نهايته ما يشبه حرفN  يكون عنده مشكلةٌ في الأنف، فهذا دجلٌ  ويسمُّون هذا قواعد جرافولجي، يقول لهم المدرِّب: هذا خطٌّ وعلمٌ له قواعد، فنحن نعطيك القواعد وأنت تُحلِّل بناءً على القواعد، اكتبوا كلمة: "سوس" وسنرى كيف ستكون نهاية كتابة السِّين ونستخرج مشاكل الخشم، وطبعًا هذه كُلُّها موجودةٌ بروابطها في المواقع، وهذا مثلاً موجود على الرَّابط التَّالي: www.abtksa.org/vibe/showfrid إلى آخره، وفي مقطعٍ آخر: إذا كتب الشَّخص حرف الصَّاد في صورة مثلثٍ فهذا يدلُّ على أنَّ ضغط الدَّم عنده عاليٌ ويتسم بالعصبية الشَّديدة، فيا أخي من المعروف أنَّ الشَّخص قد يكتب حرف الصَّاد بناءً على وجهٍ قد تعلَّمه، فقد يكون قلَّد خطَّ المدرِّس أو قلَّد خطَّ أمِّه أو وافقت أول مرَّةٍ أن كتب بهذا الشَّكل ثم سار عليها، فصارت له عادة، فما العلاقة بين حرف الصَّاد المثلَّثة وضغط الدَّم المرتفع؟ هل عندكم مستشفياتٌ ودكاترةٌ وأجهزة قياس الضَّغط؟ لماذا بنيت ذلك على الصَّاد المثلَّث بالذَّات؟ فهناك طرقٌ علميَّةٌ لمعرفة ضغطك اذا ما كان مرتفعاً أو لا، فما هو الرَّبط بين المثلَّث وضغط الدَّم؟ هل أخذوا مرضى الضَّغط وعملوا لهم تجاربٍ خطيَّةٍ مثلاً فاكتشفوا هذه القاعدة؟  هل مثلاً أخذوا عيِّنةً عشوائيةً من مائة مريض بالضَّغط أو أكثر وأملوا عليهم نصًا فيها حرف الصَّاد أو قالوا لهم اكتبوا: صالح، صوص، صميدع، صرصور، حتى يرون كيف يكتبون الصَّادات هذه، ثُمَّ توصَّلوا إلى نتيجةٍ أنَّ هؤلاء المرضى يكتبون حرف الصَّاد مثلثةً مختلفةً عن غيرهم ممن لم يصب بضغط الدَّم؟ هل هناك تجاربٌ وأبحاث علمية تثبت هذا الكلام؟ وهل يصلح التَّعميم على الكُل؟ فكما قلنا أنَّ موضوع الاستبيانات وموضوع الإحصاءات علم استاذتكسس الإحصاء له أصولٌ وكُلَّما زادت العيِّنات تكون الدِّقة أعلى، ولذلك يقولون في علم الإحصاء في مسألة استاذتكسس: سرتنتي إذا أردت أن تصل إلى حقيقةٍ قطعيةٍ فستحتاج إلى عدد تجاربٍ ما له نهاية، ولذلك يقولون: نحن إذا وصلنا مثلاً الآلاف من الحالات، وما كان قد اخترمها وعارضها شيءٌ نستطيع أنَّ نقول هذا شيءٌ مؤكدٌ أو شبه مؤكد، فما هي طريقة الفحص التي خرجوا بها بأنَّ الحاء والصَّاد المثلثة تعني ذلك؟.

إدعاؤهم أن الجرافولجي يكشف عن الصفات الخلقية والخلقية

00:20:06

ثُمَّ تلاحظ أنَّ الجرافولجي يستطيع إخبارك بقائمةٍ طويلةٍ من صفاتك الخلقية والخلقية، وشعورك والأمراض الجسمية والنَّفسية وغير ذلك، بكلماتٍ تخطها بيدك وبتوقيعك ورسماتك على الأوراق والهوامش التي تتركها في الصَّفحة، والضَّغط على القلم أثناء الكتابة، وحتى علامات التَّرقيم، كُلُّ هذا بلا أسباب واضحةٍ أو دراساتٍ وفق المنهج العلمي، وعند هؤلاء أنَّ هذه الخطوط عبارة عن أوصافٍ تُبيِّن  إن كان الإنسان طيبًا أو خبيثًا أوجادًا أو كسولاً، ولذلك قالوا الجرافولجي نافعٌ جدا في الاختبارات الوظيفية، فمدير شؤون الموظَّفين الذي يقابل الموظَّفين المرشَّحين للتَّوظيف، والذي يختبرهم ويُجري معهم اللِّقاءات الشَّخصية، لازم يعمل للمرشَّح للوظيفة اختبار جرافولجي حتى يعرف من الشَّخص المهيأ للوظيفة وغير المناسب للوظيفة، فبدلاً من تقييم النَّاس بسلوكياتهم وأفعالهم وصفاتهم وشهاداتهم وإجاباتهم على الأسئلة، وشهادات الخبرة السَّابقة لديهم واختبارات المعلومات يلجؤون للجرافولجي، فأنت إذا تريد مثلاً باحثًا شرعيًا فكيف تكتشفه؟
تعمل له اختباراً تحليلياً، مثلاً تسأله أسئلةً في التَّفسير وفي علوم القرآن، وفي الفقه وأصوله، وفي الحديث ومصطلحه، وفي اللُّغة العربية، وفي الفرائض، وفي علوم الآلة، فتعطيه أسئلةً تحريريةً لمدة ساعة أو ساعتين، ثُمَّ تسأله أسئلةً شفهيَّةً، مثلاً فتكتشف مهارات هذا الرَّجل، وهناك أسئلةٌ معيَّنةٌ تكشف عمقه مثلاً لأنَّ الأسئلة هذه توضع على معايير اختبارية، لكن أن يقول له اكتب وأنا سأعرف علمك الشَّرعي من خلال خطِّك! فسأُملي عليك نصوصاً وبناءً عليها أعرف: هل أنت عندك فقهٌ أو هل تعرف صحة الأحاديث أو لا؟ هذا نقل النَّاس من الطُّرق العلميَّة إلى الطُّرق الدَّجلية، وهناك مشكلةٌ أنَّهم قالوا: التَّواقيع والخطوط ممكن أن تدلَّ على أشياء، وليس تدل على قرائنٍ أو أشياءٍ ممكن تكون على الأقل مثلاً ليس شيئً مقطوعاً به، أو يقول:  هناك ظنٌّ أنَّ صاحب الخطُّ هذا بخيلٌ، أو معقدٌ نفسيًا، أو هذا إنسانٌ ذو نفسيةٍ منشرحةٍ فلو تكون قضيةً في باب الظَّنِّ أو يكون هناك شيءٌ مفسَّراً تفسيرًا مفهومًا كأن قول: الأحرف متراكبة ومتداخلة والخطُّ صغيرٌ ونحوه، أو ممكن يقول أنَّ الذين خطوطهم متراكبة ومتداخلة الحروف لازم نجري لهم ألفَ تجربةٍ على ألفِ شخصٍ مثلاً خطوطهم من هذا النوع، ونتأكَّد من سيرتهم من خلال كلام النَّاس عنهم والمحيطين بهم، ومن خلال والاختبارات النَّفسية الأخرى أنَّه فعلاً نفسياتهم معقَّدةٌ؛ لأنَّه لو طلعت النَّتجية بأنَّ هناك البعض خطُّه متداخل ومتراكب الحروف لكنه كريمٌ وسهلٌ، فكيف ستكون نتيجة التَّجربة؟ فهناك أشياءٌ أحيانًا ممكن تجد صلةً ولا يعني شيئًا مفهومًا، فما العلاقة في الصَّاد المثلَّثة والحاء، وضغط الدَّم ومرض في الأنف؟

فهناك أشياء لها علاقةٌ مفهومةٌ طبية ومختبراتية، وهنا يكمن جزءٌ كبيرٌ من المشكلة لما يصبح خطُّ اليد أداةً عندهم لاختيار الزَّوج أو الزَّوجة، لمَّا يأتي إلى خبير جرافولجي وهو يُريد أن تتزوَّج ويقول له هذا الخبير: احضر المرأة التي تُريد أن تتزوَّجها وأعمل نموذجاً من خطِّك ونموذجاً من خطِّها، وأنا سأعرف من خلال الخطوط هل أنتما تتوافقان نفسيًا مع بعض أو لا، وبناءً عليها سأخبرك هل تصلح لك هذه البنت أو لا؟

الجرافولجي وقراءة الكف والفنجان

00:25:20

فهذه الأشياء تذكِّرنا بقضية قراءة الكفِّ وقراءة الفنجان، والخط في الرَّمل والضَّرب بالودع وحروف أباجاد، يقولون كلامًا يُقرِّبك ويذكِّرك بذاك الجوِّ الفاسد المنافي للتَّوحيد، فيا أخي عندنا معاييرٌ شرعيةٌ لاختيار الزَّوج، قال النَّبي ﷺ لأولياء الزَّوجة: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض [رواه الترمذي:  1084، والطبراني: 280، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي: 1084].
وفي المقابل قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك [رواه البخاري: 4802، ومسلم: 1466]. وما قال: فاظفر بذات الحاء الدَّائرية والسِّين الممدودة، فاظفر يعني: حرام عليكم، وما أسهل -في وقت الدَّجال وانتشار الدَّجل والشَّعوذة- أن تُروَّج الأشياء باسم العلم، مع الكلام أن إذا جاءكم خاطبٌ ترضون توقيعه وخطَّه وطريقة كتاباته للحروف فزوجوه، وبدلاً من مجاهدة النَّفس في تغيير السَّلوك، وبدلاً من أن تتعب في كسب المهارات، وتجاهد نفسك لتتخلَّق بالأخلاق الحسنة، نقول له: غيِّر خطَّك وستصير الصِّفةُ الذَّميمةُ حميدةً، فينقلب الاستعجال إلى تأنِّي والبخل إلى كرم والكذب إلى صدق والخيانة إلى أمانة، يقول خبيرٌ أيضاً في الجرافولجي: تعديل الخطوط يؤدِّي إلى تغييرٍ في السُّلوك، صارت عندهم قاعدةٌ، وكذلك يزعمون أنَّهم يستطيعون أن يعرفوا من خلال الخطِّ: أصحابَ الكفاءات والمهارات القيادية، ومسؤولي المؤسسات والموظفين، قبل تعيينهم واختيار المهنة والتَّخصص المناسب، والهواية الملائمة اكتشاف القدرات ومعرفة الحالات النَّفسية والعاطفية والجسمانية والأنشطة المتنوعة، وليت شعري ماذا يفعل هؤلاء مع الشَّخص الذي يتقن لغاتٍ مختلفةٍ ويكتب حروفها؟ يعني مثلاً: أنا أعرف شخصًا عنده مهاراتٍ في الخطوط، ويكتب ديواني وفارسي وثلث ورقعة ونسخ، فهو خطَّاطٌ يكتب كُلَّ الخطوط، فأنا أُريد أن أعرف هذا الرَّجل إذا دخل على خبير جرافولجي وكتب له بخطِّ رقعةٍ، ثُمَّ ذهب إلى آخر جرافولجي وكتب له بالنَّسخ، ثُمَّ ذهب إلى ثالثٍ جرافولجي وكتبه بالدِّيواني وبالفارسي!

فهل ستكون النَّتيجة متطابقة؟ يوجد هناك في الواقع خبراءُ تزوير خطوط وتقليد تواقيع، فلو أتينا لهم بتوقيع وقالوا مثلاً من خلال الخطِّ هذا موسوسٌ، وأتينا لهم بمزوِّر التَّواقيع الذي لا يصلِّي ولا يتطَّهر، أو ليس عنده فكرة الوسوسة حتى لو كان يصلي وزوَّر خطَّ الأوَّل الموسوس، فبالله عليكم ماذا سيفعل هذا المتخصِّص بالجرافولجي؟ ماذا سيكون عنده حتى تختلف النَّتيجة؟ ولماذا تختلف النَّتيجة؟ وإذا أتينا باثنين من خبراء الجرافولجي وحلَّل توقيع الأوَّل وقال هذا اجتماعيٌّ، وأتينا له بآخر ليحلِّل توقيعه وقال هذا إنطوائيٌّ، ثُمَّ أتينا بمزور ومقلِّد الخطوط والتَّواقيع، وقلنا له زوِّر لنا التَّوقيع الأول والثَّاني فقلَّدهما تماماً، ثُمَّ ذهبنا بهما إلى خبير الجرافولجي، فماذا سيقول؟ ولو كان شخصاً يكتب بالعربي وبالإنجليزي وبالفرنسي وبالهروغليفي وبالصِّيني وبالياباني، مثلاً: كم في الإنجليزي نوع من طُرق الكتابة؟ كثيرٌ جداً، وكم نوعٌ من أنواع الخطوط في الكمبيوتر؟
فلو كان شخصاً عنده قدرة على أن يكتب بأنواعٍ عدَّةٍ، فماذا ستكون النَّتيجة؟ وهل سيكون تحليل الجرافولجي تابعٌ للغة العربية فقط؟ وإذا كتَبَ باللغة الرُّوسية أو باللغة الأسبانية فهل سيعطي ذلك نتائجاً مختلفةً أو نتائجاً موحَّدةً؟ وما هو المفرِّق بين قراءة الكفِّ لاستخراج معلوماتٍ وهذا الفن الذي يدَّعونه؟ وأيضاً هذا الكفُّ توجد فيه مجموعة خطوط وهي أخفُّ، ومنذو زمنٍ وقرَّاءُ الكفِّ يأخذون الخطوط ويحلِّلونها، ويقولون هذا خطُّ العمر وهذا خطُّ الرِّزق وهذا خطُّ الصِّحة، أليس كذلك؟ ثم بعد ذلك يبدأ يفتح كفَّ المتعالج ويقرأ الخطَّ، وأحياناً يقول: أنت ستعيش طويلاً أو أنت ستموت في ريعان الشَّباب، ويمكن لا يموت في ريعان الشِّباب، لكن قد يقول لك هذا من أجل أن تعطيه  المال، وأنت لا تدري ما صحتك من خلال الخطوط التي في الكفِّ؟

الفرق بين تحليل خطوط الكفِّ والجرافولجي

00:31:32

ما هو الفرق بين تحليل خطوط الكفِّ والجرافولجي؟ الجرافولجي هو قراءة كفٍّ بطريقة أخرى، هل هو دجلٌ وشعوذةٌ؟ حتى لو فرضنا أنَّه يوجد نسبةٌ ممكن تكون مفهومةً، فماذا عن النُّسبة الباقية؟ افرض أنَّ الجرافولجي فيه مثلاً 10 % صحيحٌ، فهم  لا يُعلمونك أنَّ العشرة في المائة الصَّح فقط إذا كانت صح، بل هو يُعلمك أنَّ الصَّح المائة في المائة، ويقول لك أنَّ الجرافولجي علمٌ فتَحَ اللهُ به على البشرية، وأنَّه يساعد في تحليل الشَّخصيات وإيجاد العلاجات وكشف المغيَّبات، وأنَّه فتحٌ مبينٌ أعظم من اكتشاف البنسلين.
الآن لا بُدَّ ننظر قليلاً في النَّاحية الشَّرعية، حتى ننطلق ونقيس ونعرف ونحن نتكلَّم عن هذا الشَّيء ماذا يوجد في مقابله في الشَّريعة، قال الشَّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "علمُ النُّجوم وما يُسمى بالطَّالع وقراءة الكفِّ وقراءة الفنجان ومعرفة الخطِّ" لاحظ كلام الشَّيخ "ومعرفة الخطِّ وما أشبه ذلك مما يدَّعيه الكهنة والعرَّافون والسَّحرة: كُلُّها علومُ الجاهلية التي حرَّمها الله ورسوله، ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها والتَّحذير من فعلها، أو إتيان من يتعاطها وسؤاله عن شيءٍ منها، أو تصديقه حين يخبر به من ذلك؛ لأنَّه من علم الغيب الذي استأثر الله به، ونصيحتي لكُلِّ من يتعلَّق بهذه الأمور: أن يتوب إلى الله ويستغفره، وأن يعتمد على الله وحده ويتوكَّل عليه في كُلِّ الأمور، مع أخذه بالأسباب الشَّرعية والحسية المباحة" انظر إلى كلام الشَّيخ رحمه الله حيث قال: "مع أخذه بالأسباب الشَّرعية والحسيَّة" كتحاليل طبية مخبرية فهذه أسبابٌ حسيَّةٌ مباحةٌ، "وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم طاعةً لله ولرسوله ﷺ وحفاظًا على دينه وعقيدته، وحذرًا من غضب الله عليه وابتعادًا عن أسباب الشِّرك والكفر التي من مات عليها خسر الدُّنيا والآخرة". [مجموع فتاوى ابن باز: 2/121-122]. مجموع فتاوى الشَّيخ المجلد2 صفحة 121.

ومع أنَّ هذه التَّنبُّؤات التي يخبرون بها أصحاب الجرافولجي من خط اليد والتَّوقيع تحمل أخبارًا غيبيةً، يعني: لا يخبرونك عن الماضي أو عن الحاضر فقط، كأن يقول لك: أنت سبق الآن خسران في صفقةٍ تجاريَّةٍ، أو يقول أنتِ تعرَّضتِ لتحرُّشٍ مثلاً، لا بل هو يخبرك عما سيحدث مستقبلاً فقط، فيقول: أنت يُتوقَع يعني أن سيحدث لك كذا، وإذا قلت: هذا توقُّعٌ فقط كالأرصاد الجويَّة، فالأرصاد الجوية يعتمدون على دراسة حركة السُّحب وصور الأقمار الفضائية ودراسة علم الرِّياح، فالرِّياح والغيم شيءٌ محسوسٌ، وهناك قياس سرعة الرِّياح بأجهزةٍ محسوسةٍ، وهناك صور أقمارٍ فضائية، يقولون أنَّ الصُّورة كانت كذا في الدَّقيقة الفلانية ثم صارت كذا في الدَّقيقة الفلانية، فيعتمد على شيءٍ حسيٍّ وليس هو ضربٌ بالمندل ولا تأليفٌ أو إختراع، والمشكلة أنَّهم سيقولون: ونحن عندنا دراساتٌ وأبحاثٌ واختباراتٌ وإحصاءات، والأموال التي ينهبونها! إلَّا قد يكون ما يقدِّمونه لك أشياء على الأقلِّ أنَّها شبه مقنعة، فما هو المكسب له؟ إمَّا أن يكون مكسباً مادياً أو معنوياً شهرةَ مدرِّب عالميٍّ أو مدرِّب معتمداً؛ لأنَّ النَّاس توقِّره وتدخل عليه وتحضر دوراته وتدفع المال، على أيَّة  حال هذه الأشياء التي يخبرون بها هي غيبيات قطعًا وليس فيها شيءٌ من الواقع، والعلم الحقيقيُّ يدلُّ عليها، إلَّا أنَّهم لا يعتبرونها كاهناتٍ أو علمًا زائفًا.

التَّلبيس في أسلمة الجرافولجي

00:36:20

وهنا يأتي التَّلبيس ودور الطِّلاء الشَّرعي وأسلمة هذا، فقالوا هذا فراسة الخطِّ، طبعًا الفراسة قضيةٌ حقيقيَّةٌ وموجودةٌ في القرآن والسُّنَّة والأدلَّة، والفراسة شيءٌ يرزقه الله بعض النَّاس وخصوصًا أنَّ بعض أهل الإيمان ينظرون بنور الله، فيمكن صاحب الفراسة الذي عنده إيمانٌ قد يستطيع أو يقول كلامًا صوابًا في قضية مثلاً: هذا ثقةٌ، هذا فيه احتيالٌ، ويكون كلامه صحيحاً، فيأتي النَّاس الذي يتعاملوا مع الأوَّل ويقولون: قد تعاملنا معه بالدِّينار والدِّرهم وكان أمينًا، والذي تعاملوا مع الثَّاني يقولون: نعم تعاملنا معه بالدِّينار والدِّرهم وكان خائنًا نصَّابًا سارقًا جاحداً منكرًا، لكن  هذه الفراسة تُوجد عند أناسٍ دون أناس، وأصحاب الجرافولجي يقول: أنَّ الذي يتعلَّم ويلتحق بدوراتنا يستطيع ذلك.
ثانيًا: الفراسة مرتبطة بالإيمان، والجرافولجي مفتوحٌ على المؤمن والكافر والبرِّ والفاجر والفاسق والعدل، فهناك فرقٌ كبيرٌ بين قضية الفراسة وقضية الجرافولجي، ثُمَّ لعلَّنا نأتي على قضية الفراسة التي يتعلَّق بها أصحاب الجرافولجي: فالفراسة والقيافة والتَّحليل النَّفسي هل له علاقةٌ بالطِّب النَّفسي؟ هم يعتبرون أنَّ هذا الجرافولجي فراسةُ الخطِّ، وأنَّه تُعلَم به خبايا النَّفوس وأنَّ الخطَّ يكون فيه القدر للشَّخص وبصمة عقله، هذا من تعبيراتهم يقول فؤاد عطية: إذا كان حرف الألف تحت الحروف فإنَّه يدلُّ على خجله في الصِّغر الذي لا يزال ملازمه، أليس بعض النَّاس لما يكتب ألف يكتبها تحت السَّطر ويكتب اللَّام على السَّطر؟ عند فؤاد عطية الجرافولجي: إذا شخصٌ يكتب الألف تحت السَّطر معنا أنَّه خجولٌ في صغره ولا يزال يلازمه، وكأنَّه كذا خبَّأَ الألف تحت السَّطر هذا الخجول! فليت شعري إذا كان شخصٌ يكتب ألفاً تحت السَّطر وهو وقحٌ مثلاً وجرئٌ وسليط ومتسلِّط: فماذا سيكون موقفه؟ إذا أحدٌ يرى خطوط ألفاتٍ تحت السَّطر ممكن يقول: كلامه صحيحٌ، فأنا رأيت شخصاً يكتب الألف تحت السَّطر وهو حقيقةً خجولٌ، نقول أنت رأيت واحداً، وهذا اسمه علم إحصاء، فحتى ولو رأيت اثنين أو ثلاثةً أو عشرةً فهذا لا يدلُّ على هذه الحقيقية؛ لأنَّ الإحصاءات أو الدِّراسات الرِّياضية الإحصائية العلمية لا تثبت هذا بحالاتٍ، وأنا أظنُّ إذا تتبعنا أنَّ هذه تدلُّ على هذه الادِّعاءات: الحاء والصَّاد المثلَّث والألف التي تحت السَّطر، فهذه توضِّح ضغط الدَّم، وهذا تبين أنَّ عنده علة في أنفه، وهذا تبين أنَّه انطوائي وخجول، فحاول أنَّك تُنقِّب وتنظر في الغالب فستجد ما يُكذِّب هذه الدَّعاوى، وممن أجرى أبحاثاً على الأحكام الشَّرعية الجرافولجي تعجَّب من العرَّافة التي مضت تخبر المعلمين في إحدى المدارسات بطفولتهن وما تحبُّ كُلُّ واحدةٍ، وماذا تكره، وتتوقَّع لها مستقبلاً، زاعمةً أنَّ كُلَّ ذلك من فراسة الخطِّ والجرافولجي، فقط أنَّها تطلب منها أن تُريها خطَّها أو توقيعها، فمن لا يُريد معرفة مستقبله؟ النَّاس كُلُّها تريد أن تعرف، لكن الله طوى الغيب عنهم، فلما يأتي مشعوذون دجَّالون بأسلوب جديد وشكله كأنَّه علميٌّ، ويقولون نحن نقول لكِ عن مستقبلكِ، إذاً أنتِ غير متزوجةٍ فتقول نعم، فيعلِّقون النَّاس بالعرَّافة بادِّعاء الغيب، ويفسدون توحيد النَّاس ويستمرُّ مسلسل التَّزييف للعلوم بأسماءٍ مختلفةٍ: علم الجرافلوجي، فن الجرافولجي، دورات قصيرة بأثمانٍ باهظةٍ.

الجرافولجي والكهاهنة مدرسةٌ واحدة

00:41:45

وما من شكٍّ أنَّ الذي يستخدم الجرافولجي ويستدلُّ به على مستقبلٍ أنَّه كاهنٌ وعرَّاف ومنجِّم من أصحاب التَّنجيم، فهي مدرسة واحدة، سواءً من خلال الكتابة والتَّوقيع والرُّسومات، ولأنَّ البعض الآخر منهم يعتمد على الجهل واستغلال صفاتٍ مشتركةٍ واحتمالاتٍ مثل عبارات: أنتِ صار لك حادثٌ في الصغر، أو يذكر من الأشياء التي غالبًا تصير لكُلِّ واحدٍ، مثلاً يقول: أنت مرَّ عليك موقفٌ محرجٌ، ومن الذي لم يمر عليه موقفٌ محرجٌ؟ أو يقول: أنت وقعتَ في ضائقةٍ ماليةٍ، ومرَّاتٍ بحثت على مالٍ فما حصلت عليه، وقد يكون شخصٌ ملياردير سبق أن حصل له في مرَّةٍ من المرَّات حيث أخطأ المرافقون تركوه منتظراً في الشَّارع، ثم راحوا لأنَّهم مثلاً افتكروا أنَّه قد سبق تجاههم، وعندما لحقوه تبيَّن أنَّه غير موجودٍ، وهو مازال منتظراً في الشَّارع، وبعدها حصل أنَّ راعي عراوي ركَّبه معه إحسانًا إليه، يعني:  فالاعتماد على مثل هذه خداعٌ واضحٌ، يقول أحدُهم وهو كامل محمد زيني بدوي: الجرافولجي ليس هو كهانة، الجرافولجي يكشف العديد من الأمراض بالاعتماد على قراءة الجهاز العصبي المسؤول عن جسم الإنسان، مما يساعد فيما يعرف بالطِّب الوقائي، أمَّا التَّنجيم والكهانة فلا يكشف أيَّة أمراضٍ، يا أخي تعال نحاكمك علميًا: قراءة الجهاز العصبيِّ لا يحتاج إلى تخطيط أعصابٍ ولا يحتاج إلى آلات مستشفيات، يعني: فبالله عليك: أنت تريد أن تنازع أطباء الأعصاب وتقول: أنا سأكتشف لك مشاكلك التي في الأعصاب من خلال الخطِّ، فيا أخي: يجب -مرة أخرى- أن نُفرِّق بين هذه الأشياء، افرض أنَّي رأيت شخصاً -مثلاً- كتَبَ  ثم شطب، ثم يكتب ويكتب ثم يشطب، وهكذا عدَّة مراتٍ فهل يمكني أقول أنت شخصيتك فيها تردُّد؟ ممكن يكون الكلاك صحيحاً، لكن بدليلٍ مفهومٍ؛ لأنَّه  كثُر شطبه ومسحه لما يكتبه، معناها يغيِّر ويبدِّل فممكن يكون شخصيةً متردِّدةً، فهذا إذاً تجعله في الجرافولجي، لكن هذا بنسبة ضئيلة جداً قد تكون 5% أو7% أو10%، فالمفهومة لها سببٌ مفهومٌ واضحٌ، لكن ليس هو إخبارٌ عن مستقبلٍ، أو قراءةُ أعصاب الإنسان ومعرفة حظَّه في الرِّزق والزَّواج والوظيفة، بل هناك شيءٌ مفهومٌ ونحن ليس لنا أن ننكِر أيَّ شيءٍ، بل هناك أمثلةٌ صحيحةٌ أليس كذلك؟ لكن أن يرى أحدُهم شخصاً يستخدم الهامش الذي نهاية الصَّفحات يكتب فيها، وآخر  يكتب سطراً ويترك سطراً وما يستخدم الهوامش أبدًا، فيقول أحدهم للآخر: أنت مثلاً فيك إسرافٌ؛ بدعوى أنَّه يكتب سطراً ويترك آخراً، ويقول لصاحبه أنت شخصٌ اقتصاديٌّ؛ لأنَّه يستخدم كُلَّ الأسطر ويكتب في الهوامش يستغل جميع الورقة، فهذا تحليلٌ مفهومٌ، فأنت الآن لما تشرح لآخر وتقول له: هذا الشَّخص واضحٌ أنَّه يكتب سطراً ويترك سطراً،

وما يستخدم الهوامش إذاً هذا فيه نوعٌ من الإسراف وذاك شخصٌ مثلاً اقتصاديٌّ أو هو يحسن استغلال الإمكانات، هذه واضحةٌ مقبولةٌ ومعقولة وفيها منطقٌ، لكن لما تأتي على قضية الإخبار بالأمراض التي قد تقع له فما هذا؟ ومشكلةُ كثيرٍ من النَّاس لما يدخلون في الدَّورات ويتعرَّض لأنواع من الخدع وأسئلة ونحوه، فيقول: أي والله حصل لي كُلُّ ذلك، فكيف عرف؟ فيأخذ الباقي ويقول: صدِّقوا الجرافولجي فهو علمٌ عظيمٌ، ويكشف أسرار ما توقعنا، فأين نحن عن هذا  العلم؟ لي أربعون سنةً  ولا أدري عن الجرافولجي، فكُلُّ هذا التَّصديق بسبب أنواع الاحتيالات من المدرِّبين.

خطر الكهانة والعرَّافة والجرافولجي

00:47:00

قضية الكهانة والعرَّافة خطيرةٌ، وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: ليس منَّا من تطيَّر أو تُطُيِّر له أو تكَهَّن أو تُكُهِّن له أو سَحَر أو سُحِر له [رواه البزار: 3578، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 2195]. رواه البزار وهو حديث صحيح.
فالزَّعم بأنَّه يمكن استكشاف المغيَّبات ومكنونات الصَّدور فهذه قواعدٌ متعلِّقةٌ بقدرة الله، تفرَّد الله بها: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر: 19].
فيأتي هذا الجرافولجي ويقول: أنا أطِّلع على مخبوءات صدرك ومكنونات نفسك وما في ضميرك الدَّاخلي، فهل أنت خلقتهم وأنت ربُّهم؟  وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ [البقرة: 235].
ما هذا الغرور والتَّمادي؟ فيعني ذلك إمَّا أنَّك كذَّابٌ  أو مغرورٌ تعلم مكنونات النُّفوس! فانظر إلى الاعتداء على التَّوحيد من أين يغونا؟ من الدَّورات هذه، فالله تعالى هو الذي يعلم كُلَّ الغيوب الماضية والحاضرة والمستقبلة، ومن نازع الله في هذا فإنَّه مجرمٌ، وعِلمُ الغيب مما استأثر الله به نفسه، قال الله تعالى:  قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65].

وقال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [النعام: 59]. وقال: فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ [يونس: 20].
وقال: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ [آل عمران: 179]. وقال النَّبيُّ ﷺ: مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلَّا الله لا يعلم ما في غد إلا الله [رواه البخاري: 1039]. الحديث رواه البخاري.
وقال النَّبيُّ ﷺ: من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ ﷺ [رواه أحمد: 9532، والترمذي: 135، وابن ماجه: 639، وأبو داود: 3904 ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2433]. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وأبو داود وهو حديث صحيح.
وقال النَّبيُّ ﷺ عن نفسه فيما أخبر الله عنه:  وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف: 188].
وأمره ربُّه تعالى بقوله: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ [الأنعام: 50]، والنَّبي ﷺ لما دخل على الرُّبيَّع بنت معوذ وعندها جويريات يضربن يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر، حتى قالت جاريةٌ منهن: وفينا نبيٌّ يعلم ما في غدٍ، وقصدها أن تثني عليه، فلمَّا مدحته كان غلواً فوق المنزلة التي أنزله الله إيَّاها، فقال النَّبيُّ ﷺ: لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين [رواه البخاري: 3779].

يعني: انظري إلى الكلام الأوَّل الذي ليس فيه شيءٌ فأنشديه وردِّديه لكن هذا لا. رواه البخاري. فمنع النَّبيُّ ﷺ من القول الباطل؛ لأنَّه لا يعلم الغيب إلَّا الله، وقال الشَّيخ ابن عثيمين رحمه الله: "من ادَّعى علم الغيب فهو كافر، ومن صدَّق من يدِّعي علم الغيب فإنَّه كافرٌ أيضاً لقوله تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65].
فلا يعلمه إلا هو حده، وهؤلاء الذين يدَّعون أنَّهم يعلمون الغيب في المستقبل كُلُّ هذا من الكهانة، وقد ثبت عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال: من أتى عرافًا فسأله عن شيءٍ لم تُقبل له صلاةُ أربعين يومًا [رواه مسلم: 2230]. رواه مسلم. فإن صدَّقه فإنَّه يكون كافرًا" [ مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: 1/292].
وليس فقط لا تُقبل صلاته أربعين يومًا بل يكفر إذا صدَّقه؛ لأنَّه صدَّقه بادِّعاء علم الغيب، والله تفرَّد بعلم الغيب فإذا صدَّقه كأنَّه يقول ليس فقط الله يعلم الغيب وهذا أيضاً يعلمه، فادِّعاء البعض أنَّ هذه الانحناءات للخطِّ أو استقامته أو ميله أو تشابك الحروف والخطوط لها خصائصٌ سرية: اعرف شخصيتك من خلال لونك المفضَّل أو حيوانك أو حروف اسمك، حتى الأمراض التي تصيبك والتي ستأتيك، فهذه عرَّافة بثوبٍ جديدٍ، والذي يقول من وُلِد في نجم كذا فحظُّه كذا، ومن وُلد في نجم كذا يحصل له كذا.

الجرافولجي خرافةٌ حتى عند غير المسلمين

00:51:05

فهذه الأمور ليست قرائنٌ صحيحةٌ في ميزان العلم الصَّحيح، ولا العقل السَّليم، بل لم تعترف الأوساط العلمية حتى عند الكفار بهذا، ويصفونه بأنَّه ليس علماً أصلاً، وبعضهم يقول عنه: علم زائفٌ مثل كتاب: أشهر خمسين خرافة في علم النَّفس تأليف سكوت ليلفيلد وآخرون، وعدَّ ستيفن -وهو من المؤلفين- الجرافولجي الخرافة السَّادسة والثَّلاثين، وهذا كتابٌ غربيٌّ، هم يقولون الخرافة السادسة والثلاثون هي: الجرافولجي، يكشف خطُّ كُلٍّ مِنَّا عن سمات شخصيته، ليس على الخطوط إلَّا فرعًا من مجموعة من ممارسات العلوم الزَّائفة يسمى قراءة الأحرف، نجح بعض خبراء الخطوط بجذب حشودٍ وأقنعوا كثيرًا من العوام أنَّ حرفتهم قائمةٌ على العلم، كتاب أشهر خمسين خرافة في علم النفس صفحة256. فهذا كلام كفرة لكنَّهم خبراء في علم النَّفس، يقولون الجرافولجي: ادِّعاءات وخرافة، وأصحاب الجرافولجي يقولون هذا علم ومن الثَّوابت، ويقولون: الخطُّ هو ترجمةٌ لما يدور في المخ على الورق، وآخر يقول: يعتمد هذا العلم أساسًا على علم النَّفس جملةً وتفصيلاً، يا أخي: الأطباء المتخصِّصون علم النَّفس كم سنوات يمكثون بالدَّراسة حتى يتخرَّج منهم طبيباً نفسياً؟ وكم سنة يدرس حتى يكون معالجاً نفسياً؟ كم سنة يدرس حتى يكون خبيراً في علم النَّفس؟

فهذا كُلُّه الآن تعطيه في دورةٍ مدتها ثلاث أسابيع، وتقول: الجرافولجي هو تحليل النَّفس، وتعطيه أطرافاً لأشياءٍ وكثيرٌ منها باطلةٌ، قال أحدُ المتخصِّصين في علم النَّفس الدَّكتور أحمد بن كساب الشَّايع لما علَّق  على موضوع الجرافولجي: هذا فرع سايكولجي يقودنا هذا الحديث إلى ضرورة التَّفريق بين العلم ساينس والعلم الزَّائف، فالأخير يتلَّبس بلبوس الأوَّل، فيُشكل على النَّاس التَّمييز بينهما، ولنتأمَّل طريقة العمل في الجرافولجي لنقف على أحد مظاهر الفرق بين الأمرين: ففي الجرافولجيا يقوم الممارِس بجمع ملحوظات هي عينات من الخطِّ، ومن ثُمَّ يبني على ذلك مجموعةً من الفروض والاحتمالات عن الشَّخصية التي أمامه، وللتَّحقق من صحة هذه الفروض يستخدم الملحوظات ذاتها التي بنى عليها فروضه من الأساس، وهذا خطأ منطقيٌّ ومنهجيٌّ، فالتَّحقق من الفرضيات لا يصحُّ أن يستخدم نفس المادة التي أنتجها، بل ينبغي أن يبني على مصادر مستقلَّة وإلَّا أصبحت العملية محضُ عبثٍ يفضي بنا إلى ممارسات تندرج ضمن ما يسمى بالعلم الزَّائف، وسنكمل إن شاء الله كلامه وكلام غيره وأنواع من يعني ما هو داخل في هذا بمشيئة الله، ونلخصه في بداية الدَّرس القادم لننتقل إن شاء الله إلى موضوع آخر. وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد.