بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، حياكم الله أيها الإخوة والأخوات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
التبشير منهج رباني.
فإن التبشير بالخير وبما يشرح الصدر ويبعث على الاطمئنان والتفاؤل منهج رباني ونهج نبوي، أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: فَبَشِّرْ عِبَادِسورة الزمر17، إن الآيات الآمرة بالتبشير كثيرة كقوله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِسورة البقرة25، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَسورة البقرة155، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَسورة الصف13، وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَسورة الحـج34، وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَسورة الحـج37، وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْسورة يونس2، بل إن الله أنزل هذا القرآن بشرى، وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَسورة النحل89، وقال: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًاسورة الإسراء9.
هذه أيها الإخوة والأخوات الحقيقة فيها منفس عظيم، ناس تعمل بطاعة الله وعليها ضغوط، ناس محاربة ومع ذلك صابرة على الدين، ماذا لها؟ بشارات تصبر، تجعلك تستمر يا أخي في الطريق ويا أختي وأنتما راضيان ومطمئنان بأن هذا لن يضيع، وأن القضية وراء خير عظيم ولو كان هناك صعوبات وآلام أو ابتلاءات أو إيذاء فإن القادم بعد الموت شأنه عظيم، بل حتى في الدنيا، والله سبحانه وتعالى جعل التبشير من مقاصد إرسال الرسل، وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَسورة الأنعام48، التبشير وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأتابعه، لما قال لأبي موسى، إذا بعث أحد، يعني كان عليه الصلاة والسلام إذا بعث أحد من أصحابه في بعض أمره قال: (بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا)[رواه مسلم1732].
اليوم مع وجود ضغوط أعداء الإسلام، مع الابتلاءات الكثيرة التي يبتلى بها المسلمون مع وجود كثير من المصائب التي تلم بالأمة والجراح الموجودة، المخاوف، نحتاج إلى رفع راية التبشير، هجمات كثيرة، سقوط ناس في حبال الشرك وبدع ورذائل ومعاصي، نحتاج إلى رفع رايات التبشير في أجواء القلق والاضطراب، خصوصاً الآن هذه الثورات وهذه الحركات، يعني الأشياء التي تموج بها البلاد المختلفة، ثم بعد ذلك لا ندري المستقبل ما هو، هل المستقبل جيد، هل هو، هل سيقع وراءه أو أشياء بعد ذلك فيها مخاطر عظيمة، ماذا ينتظرنا؟ لا شك طبعاً أن هذا يسبب قلقاً، وفي أجواء الخوف والفزع يحتاج الناس إلى طرح موضوع البشارات، لا زال أعداء الإسلام أقوى، يعني من ناحية المادية لهم سيطرة، ولا زال المسلمون أضعف، طبعاً مادياً، نحتاج البشارات هنا، التبشير ما هو؟ خبر فيه سرور تتغير به بشرة الوجه، ويستعمل في الخير والشر وفي الخير غالباً، والبِشارة الاسم، والبُشارة ما يعطاه المبشر بالأمر، يعني مكافأة له، إذن البشارة بالكسر الاسم، بشر بِشارة، لكن لو واحد قال: هات البشارة فهو ما يعطى للمبشر.
أهمية وفوائد التبشير.
خلق التبشير يدعو إلى الاستئناس والارتياح، بث الأمل، البعد عن التكدير، ودواعي الانقباض، هذا ما يحدثه في النفس، لكن ما هي أهمية وفوائد التبشير؟
البشارة والنذارة طبعاً من الجهتين مطية الداعية إلى قلوب المدعوين، الله عز وجل جعل مهمة الرسل، وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَسورة الأنعام48، فالقلوب منها ما يؤثر فيها التبشير، رياحين البشارة، وأخرى لها النذارة أنفع، كم من أناس هداهم الله بذكر الرحمة والتنفيس، وناس آخرين هداهم الله بذكر العذاب أو التخويف، لكن الجمع بينهما هو المنهج، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًاسورة الأحزاب45، نلاحظ هنا تقديم التبشير على الإنذار، يعني في البداية التبشير، وإذا عملت كذا، وإذا استجبت، وإذا أطعت الله ورسوله، وإذا استقمت لك كذا وكذا، ثم إذا رأيناه عصى وأدبر وتولى وعاند وكابر ننتقل إلى قضية الإنذار، وإن عصيت لك كذا كذا، واضح منهج موسى مع فرعون في هذا.
التبشير بالخير يمد السامعين بعلو الهمة، يدفعهم إلى العلم، كلمة بشر وأبشر لها مفعول في القلوب جميل جداً، التبشير بالخير يثبت الإنسان في المواقف العصيبة، يطمئن القلوب المضطربة، يشرح الصدور يسبب استقرار النفس راحة البال
التبشير بالخير يمد السامعين بعلو الهمة، يدفعهم إلى العلم، كلمة بشر وأبشر لها مفعول في القلوب جميل جداً، التبشير بالخير يثبت الإنسان في المواقف العصيبة، يطمئن القلوب المضطربة، يشرح الصدور يسبب استقرار النفس راحة البال
، ترتفع الروح المعنوية، التبشير من القول الحسن الذي أمرنا به، وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناًسورة البقرة83، التبشير بالخير من أحب الأعمال إلى الله، سرور، أليس سروراً تدخله على مسلم؟ التبشير يبث الثقة، يزرع الأمل، يمسح عن الناس أو عن السامعين غبار اليأس، وكذلك في تنشيط في الخير، حث على الطاعة، إقبال بقلوب العصاة إلى الله، فتح باب التوبة.
في التبشير اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام فهو إمام المبشرين، كان دائم الاستبشار، يعرف البشر في وجهه، فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ، ولكن أيضاً قال: وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّاسورة مريم97. التبشير آكد في دعوة غير المسلمين يحتاجون إلى ما يحببهم في الإسلام، لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن داعيين للإسلام قال لهما معلماً ومرشداً: (يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا)[رواه البخاري3038]. رواه البخاري ومسلم.
يعني لو قال واحد: طيب أنا داعية أبشر الناس بماذا؟ يا أخي بشرهم بأن الله يقبل التوبة عن عبادة، أن الله يعفو عن السيئات؛ لأن هناك كثير من الناس وقعوا في معاصي، وكثير منهم يفكرون في التوبة، وكثير منهم يتمنون محو السيئات، والمسلمون وإن صار عند كثير منهم معاصي، بعد عن الله، لكن إلا ما يجيء يأتيهم تأنيب ضمير، واعظ الله في قلوبهم يتحرك، ويقول، وخصوصاً مثلاً يقترب رمضان، الآن يعني مع قرب رمضان تتحرك النفوس تسأل عن التوبة، كيف أكفر ماذا أفعل؟ هنا هنا تأتي البشارة، بشرهم أن الله يقبل التوبة عن عبادة، بشر الكافر، قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْسورة الأنفال38يعني: عن الكفر ويدخلوا في الإسلام يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَسورة الأنفال38، يا أخي بشرهم أن الإسلام يجب ما قبله، يهدم ما كان قبله، الحج يهدم ما قبله، الهجرة تهدم ما كان قبلها، كما جاء في الحديث الصحيح، بشروهم أن كل ما عملوا من خير في الكفر فلهم أجره إذا أسلموا، كل الأعمال الخيرية اللي عملها وهو كافر تثبت له بعد الإسلام، مثل حديث (إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان أزلفها، ومحيت عنه كل سيئة كان أزلفها، ثم كان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشرة أمثالها)[رواه النسائي4998]، الحديث.
أنواع التبشير.
التبشير في القرآن والسنة أنواع، دعونا نستعرض بعضها، منها:
تبشير بثواب الله وجزائه لعباده الصالحين، وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَسورة البقرة25.
أمرنا الله بتبشير أهل الإيمان، يا أخي يعانون الآن من كربة، يعانون الآن من غربة، يعانون من كربات، يعانون من مصادمة للواقع، يعانون من أذى الناس والمجتمع البيئة، يعانون من أقرب الناس إليهم أحياناً، يحتاجون إلى تبشير، بالجنان، بأنهارها الصافية، وثمارها الدانية، ورزقها الوفير، وخيرها الذي لا ينقطع.
ثانياً: تبشير أولياء الله بحسن الجزاء في العاجل والآجل، أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِسورة يونس62-64، طيب ما هي بشارة الدنيا؟ قال أبو ذر: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه)، يعني: هو ما هو قصده محمدة الناس، ولا عمله لأجل أن ينال منهم جزاء أو شكوراً، لكن عرف، نشر، اطلع عليه بغير قصد فالناس حمدوه وشكروه، بعض الطاعات يا إخوان مثلاً ما يمكن يعني تخفى، يعني الأذان، يعني واحد أذانه جميل، يعني كيف يخفي الأذان، خطبة هذا رائعة، كيف يخفي الخطبة، واحد قام في محفل فيه منكر وأنكر، فناس دعوا له وشكروه وأثنوا عليه وجزاك الله خيراً، وما، هذا ما هو، أيش هو، هذا يضيع الأجر؟ قال: (تلك عاجل بشرى المؤمن)[رواه مسلم2642]. رواه مسلم، يا أخي ما دام قمت لله وأذنت لله وخطبت لله، وأنكرت لله، خلاص الناس لو مدحوك هذه عاجل بشراك، بمعنى في آجل لسا في الآخرة، والله تعالى إذا تقبل العمل أوقع في القلوب قبول العامل ومدح العامل فيكون يعني هذا بشارة له، وترى أحياناً بعض الدعاة يعانون، يدخلون في مصادمات مع أهل الشر، في إنكار مع أهل الفساد، في مناكفة لهؤلاء الأعداء، .... عليهم ضغوط نفسية ومخاطر، أنت يا أخي لما تبشر الداعية، وتبشر العالم والشيخ وطالب العلم، هذا الذي يعني يتحدى أعداء الله، ويرد عليهم هو يطمئن، وعطاؤه يتحسن، ونفسه مهما كان، الإمام أحمد، اللي هو الإمام أحمد كان يعني كان يعبر أنه والله الأعرابي الفلاني قال لي كلمة اطمأننت، السجين الفلاني في السجن قال لي كلمة هدأ من بالي، مع أنه الإمام أحمد، إذن العاملون للإسلام يحتاجون إلى من يبشرهم من جمهور المسلمين ويذكرهم بحسن النية.
من المبشرات لأولياء الله في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراه بنفسه أو ترى له، كما جاء عن ابن عباس قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال: (أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا يراها العبد الصالح أو ترى له)[رواه مسلم479]. هكذا رواه مسلم في صحيحه.
قال أبو حمزة العطار: بينا أنا عند الحسن إذ جاءه رجل فقال: يا أبا سعيد إني رأيت البارحة فيما يرى النائم النبي صلى الله عليه وسلم مما يلي مرجية بني سليم في أناس وعليه جبة من برود فقيل: يا رسول الله هذا الحسن مقبل، كل هذا في الرؤيا، قال: قولوا له أبشر ثم أبشر ثم أبشر، فدمعت عين الحسن البصري رحمه الله، وقال: أقر الله عينك. وهذه القصة ساقها ابن أبي الدنيا في كتابه المنامات.
البشارة في الدنيا تشمل الثناء الحسن، المودة في قلوب الخلق، الرؤيا الصالحة، ما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال ويسوق له رزقاً حسناً أو يعني انفتاحاً في الواقع وفرجاً ومخرجاً يصرف عنه شراً، فهذه مبشرات، في الآخرة تبدأ القضية من نزول الموت، وقبض الروح، إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِنحن معكم على طول الخط وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍسورة فصلت30-32، فيبشرون بذهاب الشر، حصول الخير عند الموت وفي القبر وعند البعث، وحتى لما يدخلوا الجنة الملائكة داخلة عليهم سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْسورة الرعد24.
من التبشير الوارد في الكتاب والسنة ثالثاً: تبشير الموحدين بالجنة، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ذاك جبريل عرض لي في جانب الحرة فقال: بشر أمتك من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)[رواه مسلم94]. رواه البخاري ومسلم، هذه بشرى لكل موحد، أيش الفرق، يا أخي أنت الموحد، وأنت اللي ما أشركت بالله، وأنت تتجنب حتى واو القسم ما تقول: وحياتي، والأمانة، ورأس أبي، والكعبة، تتجنب هذا، أنا يعني لجأت إلى الله ثم إليك، وما تسوي بين الخالق والمخلوق، أنت يا من تراعي التوحيد دائماً، أيش لك؟ أيش لك؟ في بشارات في الجنة للموحدين.
كذلك رابعاً: بشارة الخائفين الخاشين بالمغفرة والوقاية، إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍسورة يــس11، اللي يخاف الله، اللي يبكي من خشية الله، اللي يخاف من الذنب اللي سواه.
خامساً: تبشير الصابرين بنزول الرحمة عليهم. الناس تتعرض لمصائب الآن، هذا مات ولده، وهذا احترق بيته، وهذا ذهب ماله، هذا فصل من وظيفته وهذا مرض مرضاً صعباً، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَسورة البقرة155-157.
سادساً: تبشير المؤمنين في ساحات الوغى لتثبيت أقدامهم، إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِسورة آل عمران125-126.
سابعاً: التبشير بما ينزل الله على الأمة من الآيات العظيمة، النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً، صوتاً كصوت الباب إذا فتح، من فوقه فرفع رأسه فقال: (هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته)[رواه مسلم806]. رواه مسلم.
إذن هذه البشرى الحقيقية اللي فيها صلاح الدين الفوز والفلاح الأبدي، ما يبقى عند الله الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًاسورة الكهف46.
ثامناً: التبشير بهلاك أعداء الله من الجبابرة والمنافقين وهذا من أعظم البشريات، يستريح منهم البلاد والعباد، ولذلك التبشير بانهيار الأمم الظالمة أو حصول مصائب عليهم أو مثلاً موت منافق عظيم، أو هلاك كافر أو مشرك شديد على أهل الإسلام، هذا مما يبشر به، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر بهذا، ومثلاً بشرهم بمقتل الأسود العنسي، بشر أصحابه بهلاك كسرى وقيصر، وقال: (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفس محمد بيده لتنفَقن كنوزهما في سبيل الله)، (لتُنفِقن) أنتم أيضاً، (لتُنفِقن كنوزهما في سبيل الله)، (لتنفَقن كنوزهما في سبيل الله) أو (لتُنفِقن) يعني: أنتم (كنوزهما في سبيل الله)[رواه مسلم2918]. رواه البخاري ومسلم.
وكذلك تاسعاً أيها الإخوة والأخوات: تبشير العصاة وتذكير الذين ندموا منهم بسعة رحمة الله، نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُسورة الحجر49، قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُسورة الزمر53، هذه أرجى آية في كتاب الله، هؤلاء بحاجة للتبشير حتى نفتح لهم الباب حتى يأتوا حتى يتوبوا، حتى يقلعوا عن الذنوب، حتى يغيروا الخط الذي يسيرون عليه، لما يعلم أن الله واسع المغفرة وأن رحمة الله قريب من المحسنين، اللي يحسن، رحمته وسعت كل شيء ومقدمة على غضبه، والله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، بشروهم أن من استغفر غفر الله له، ومن تاب تاب الله عليه، بشروهم أن الله لا يطرد أحداً عن بابه، بشروهم أن خير الخطائين التوابون، هذا يفتح لهم باب الأمل، هذا الذي يدفعهم إلى التوبة إلى تصحيح المسار، إلى أن يكونوا من الصالحين بعد أن كانوا من الطالحين، هذا الذي يجلب ناس جدد لمعسكر أهل الإسلام والدين والصلاح والخير.
طيب لمن يكون التبشير؟
لمن يكون التبشير؟
التبشير يكون لكل إنسان، لكن بعض الناس أحوج إلى التبشير من بعض، كما قلنا قبل قليل، يعني مثلاً طالب العلم التبشير يشحذ همته على الطلب، زر بن حبيش قال: غدوت على صفوان بن عسال المرادي أسأله عن المسح على الخفين، فقال: ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم، قال: ألا أبشرك؟ قلت: بلى، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب)[رواه الترمذي3535]. رواه الترمذي وهو حديث حسن.
شوف كيف حث وبشر يعني بشره وحمسه وشجعه قبل ما يجيبه، هذا كم له من أثر في تثبيت وتحميس ومواصلة هذا في طلب العلم، ترى كم يكون من أثر لهذه الكلمات في نفس طالب العلم، ولما يقال له: الملائكة تضع أجنحتها لك رضاً بما تصنع، والحيتان تستغفر لك والنملة في جُحرها، هذا محمس على طلب العلم، في وقت الآن مثلاً نفتح دورات علمية، ونفتح دروساً، ونفتح، حتى يقبل الطلاب.
وكذلك من الناس الذين يحتاجون إلى تبشير المريض، لأنه هو في المرض وفي يعني الألم والمعاناة يحتاج إلى من يبشره أولاً بما يكتب له من الحسنات، ويكفر عنه من السيئات ويرفع له من الدرجات، إذا استمر ألمه ومرضه وأن الله يستجيب، وأنه يشفي، والشفاء عنده، وإذا طلبت أعطاك، فيصير عنده بشارة بأن الله الشافي والشفاء يأتي وبشارة أن كل ما طالت معاناتك هذا ليس هباءً منثوراً يكتب لك به أجر عظيم، فالنبي عليه الصلاة والسلام عاد مريضاً من وعك كان به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا المريض: (أبشر فإن الله يقول: هي ناري) يعني: الحمى، الحمى السخونة، (أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة)[رواه الترمذي2088]. رواه الترمذي وهو حديث صحيح، المؤمن يحتاج في حال البلاء إلى من يبشره إما بفرج عاجل أو بأجر آجل، النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل على أم العلاء المريضة قال لها: (أبشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب الله به الخطايا كما تذهب النار خبث الذهب والفضة)[رواه أبو داود3092]. رواه أبو داود، حديث صحيح.
من الذي يحتاج إلى تبشير أيضاً؟ يعني في مواقف معينة حاسمة حساسة، من حضر أجله حضره الأجل يستحب تبشيره وتقوية رجائه بالله، كما وقع لابن شماسة المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا. رواه مسلم، هذا مقام يحتاج فيه التبشير، كذلك يكون التبشير لمن ابتلي بمصيبة، هذا من أحوج الناس لتخفيف المصاب، كما جاء في حديث ابن سنان، قال: دفنت ابني سناناً، وأبو طلحة الخولاني جالس على شفير القبر، فلما أردت الخروج أخذ بيدي، فقال: ألا أبشرك يا أبا سنان؟ قلت: بلى، فقال: حدثني الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد)[رواه الترمذي1021]. رواه الترمذي، وهو حديث حسن. يعني هذا التبشير بتشجيعه على أن يحمد وعلى أن يصبر وعلى أن يثبت.
خامساً: من الناس الذين يحتاجون إلى التبشير القابضون على الجمر، من المتمسكين بالدين في وقت إدبار الناس عنه، هؤلاء الثابتون في زمن الغربة، (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء)، أنت لما تقول له: فطوبى للغرباء، هذا قد يكون هنا قد يكون هذا أخوك المسلم في بلد أخرى، الناس تعاني تذكر أحياناً مصائبها على شبكة الإنترنت، وبعضهم في بلدان مضطهدون مستضعفون، مظلومون، واقع عليهم أنواع البلاء، من ظلمة، طغاة، جبابرة، لكن لما تقول: اثبتوا وأنتم طوبى لكم، أنتم متمسكون على الحق، بالرغم مما عليكم، من البلاء، والنبي عليه الصلاة والسلام قال أيضاً في تعريف الغرباء: (قوم صالحون قليل في ناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم)، يمكن يأتيك واحد عامل في سكن عمال يقول: يا أخي كل اللي حولي فاسدين وأنا أعاني، وأنا، تقول له: شف، شف، طوبى للغرباء، شف بشارة، بشارة في الحديث، بشارة (طوبى للغرباء)...(قوم صالحون قليل في ناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم)[رواه أحمد6612 وأصله في مسلم145]. كذلك نبشر من يحافظ على الطاعة في أوقات المشقة، مثل حديث: (بشر المشائين)، المشاء صيغة مبالغة، مشى، ماشي، مشاء يعني كثير المشي، (في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)[رواه أبو داود561]، رواه أبو داود وهو حديث صحيح، بالنور التام الذي يحيط بهم من جميع جهاتهم على الصراط المظلم يوم القيامة لما الناس يحتاجون إلى نور لقطع الطريق فوق جهنم، ولما قاسوا مشقة المشي في ظلمة الله جوزوا بنور يضيء لهم ويحيط بهم يوم القيامة.
قال مشايخنا: إن الكهرباء لا تلغي هذا الأجر، حتى الذي يمشي في الفجر والعشاء إلى المسجد، الحمد لله.
كذلك سادساً: تبشير المتميز ممن قام بعمل تفرد به عن غيره، وأنه هذا ممكن أن يكون اصطفاء من الله له، يعني أن الله وفقك أن تكون أنت الذي رفعت الراية، أنت الذي بدأت الخير، وأنت الذي دللت، عن عبد الله بن عمرو قال: "صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فرجع من رجع وعقب من عقب فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً قد حفزه النفس، وقد حسر عن ركبتيه فقال: (أبشروا هذا ربكم قد فتح باباً من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة يقول: انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى)[رواه ابن ماجه801]، رواه ابن ماجة وهو حديث صحيح، إذن بشر اللي جلس من الصلاة إلى الصلاة الثانية، الناس صلوا وطلعوا وهؤلاء جلسوا ينتظرون الصلاة الثانية، لو دخلت المسجد ووجدتهم ينتظرون بشرهم بشرهم، قل: أبشر يا أخي أبشر أنت مرابط في سبيل الله، (انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى). قل: الله يباهي بكم الملائكة، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء حفزه النفس يريد أن يبشرهم.
كذلك ممن يبشر من اتهم بتهمة باطلة وتبينت براءته، مثلما حدث في شان أم المؤمنين الحصان الرزان رضي الله عنها، بقيت مدة تتقلب على جمر الألم، وتذرف عيناها الدموع حتى انقطعت دموعها، فأنزل الله براءتها وبشرها بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (ابشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك)[رواه مسلم2770]. فإذن تبشير من تبينت براءته مهم.
ثامناً: تبشير من حدثت، تجددت له نعمة، ولد له ولد، مثلاً رجلاً يعالج من العقم فتقول له: أبشر يا أخي أبشر، إبراهيم الخليل كان ما يولد له فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍسورة الصافات101، وبشره بغلام عليم، وزكريا كان عقيماً،فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَسورة آل عمران39، فالله يستجيب، وادع الله، أنت في الحالين سواء استجاب أجلها أو عجلها أنت بخير.
عاشراً: تبشير المدعوين، من واجب الداعية وهو يدعو أن يقدم يعني البشارة بتوبة الله وقبول الله للعمل، وأن التوبة تجب ما قبلها، ولذلك من الحكمة الواحد ما يركز على السلبيات والمحرمات، ويضخم الجانب هذا يبرزه كثيراً عندهم بحيث يصير في نوع من الإحباط، وإنما يعطيهم ما يأتي بهم، وإذا صار في شيء من المعاندة المناكفة الاستعصاء هناك يأتي بأمور النذارة التخويف، ومن لانت كلمته وجبت محبته، والبشاشة مصيدة المودة، والقلوب تميل إلى من يرفق بها، ولذلك ليكن وجهك بسطاً يا داعية، وكلمتك طيبة، وهذا من عوامل نجاحك في الدعوة، أنت قصدك أن تحجز الناس عن النار، وبعملك الذي في تبشير للمدعوين تقودهم إلى الجنة.
ثم كذلك تبشير المستضعفين بالنصر والتمكين في الأرض، والله الآن شعوب مسحوقة وناس مبتلاة، وأمم يصب عليها العذاب صباً، دبابات طائرات أسلحة، قتل، اغتصاب، حرق، نهب بيوت، حرق المحاصيل، قتل مواشي، طرد من البيوت، تخويف، سجن، حاصل الآن، حاصل على المسلمين في الشام وفي غيرها البلاء العظيم، الآن هؤلاء ماذا يحتاجون منا، من إخوانهم المسلمين؟ يحتاجون إلى من يبشرهم بالفرج، يبشرهم بقوة الله، التي إن من سننه أخذ الظالمين، يبشرهم بالظهور مع الصبر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه في أحلك الظروف، في مكة تحت الحصار وتحت العذاب بشر خباب بن الأرت، وفي غزة الأحزاب، وكان في إحاطة بالمدينة من كل جانب، إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًاسورة الأحزاب10-11، النبي عليه الصلاة والسلام يبشرهم في هذا الوقت الحالك: (الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، الله أكبر –الضربة الثانية- أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا)[رواه أحمد18219]، حديث رواه أحمد وحسنه ابن حجر رحمه الله. فإذن يعني مهما كانت الظروف، وبشرهم ما هو بشرهم يعني كلام بالهوى، لا، على وحي من الله، ولذلك يا إخوان ويا أخوات عندنا من نصوص التبشير بعودة قوة الدين، والمسلمين، والانتشار في الأرض وما يبقى بيت مدر ولا وبر، وليبلغن هذا ما بلغ الليل والنهار، و، و، عندنا كثير، ما هو كلام هوى نقوله كذا، لا، استناداً على أدلة، أن عودة الانتصار لأهل الإسلام في الأرض.
كذلك نبشرهم أن المستقبل لهذا الدين، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَسورة التوبة33، وأيضاً فقد وردت نصوص كثيرة بظهور هذا الدين، مثل حديث (إن الله زوى) يعني جمع، (لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها)[رواه مسلم2889]. رواه مسلم، وكذلك حديث(بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض)[رواه أحمد20715]. حديث صحيح رواه أحمد، هذه المبشرات النبوية ليس معناها أن نقعد، لا، لا، معناها اشتغلوا، اعملوا النصر قادم، والله صارت أحداث عجيبة، الآن نحن نعيش أحداث في العالم العربي والإسلامي، أشياء غير متوقعة، مخالفة لكل التحليلات، مخالفة للدراسات، مفاجآت للجميع، ثم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌسورة المائدة54، فإذن المسألة لو تولينا نحن سيأتي الله بقوم آخرين غيرنا، من واجبنا، يعني من واجب الدعاة اليوم تبشير الأمة بأن المستقبل للإسلام، وأن الله سبحانه وتعالى سيظهر هذا الدين، وأن الفرج قريب، وفي يعني أشياء ملموسة، يا جماعة يعني نقول لهم: هذه أعداد المقبلين على الإسلام في العالم، مو الإسلام رقم واحد يتقدم في العالم، أكثر دين ينتشر في أمريكا في أوروبا الآن الإسلام، أكثر مما تنتشر اليهودية، أكثر مما تنتشر الهندوسية، وأكثر مما تنتشر البوذية، وأكثر مما تنتشر الشيوعية، الإسلام، أنتم تعلمون أن عدد المسلمين في السنوات الخمس الماضية زاد بنسبة 235%، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر –يعني حجر- ولا وبر –يعني بيوت البوادي والشعر- إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل)[رواه أحمد16509]، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل به الكفر، يا جماعة كنائس تباع لتكون مساجد في أوروبا، في قلب العالم النصراني، في إنجلترا 1600 كنيسة يعني 10% من كنائسهم صنفت باعتبارها زائدة عن الحاجة ومعروضة للبيع، بس ما شفنا مساجد زائدة عن الحاجة ومعروضة للبيع. يعني المسجد، إلا كل يمتلئ وبرأ المسجد وتو توسعة، بالله كم مرة؟ أنا سأسألكم سؤالاً: كم مرة سمعتم توسعات مساجد؟ طيب ليه؟ ليش؟ كان كذا وسع، وسع، انتشار الإعلام الإسلامي في العالم، كم قناة إسلامية فضائية، كم كانت وكم صارت؟ وكم منعت وكم فتحت وعادت؟ المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت، كم نسبة الزيادة؟ إقبال الشباب والفتيات على التدين حتى في بلدان ما يتوقع، شف تونس كيف حصل، عادوا إلى الله، شيء عجيب، شباب كثير، يعني المساجد ليست للطاعنين في السن والكبار، في مساجد ممتلئة شباباً في طول العالم الإسلامي وعرضه، حتى في الجاليات الإسلامية في الخارج، روح شوف في رمضان، تهافت، أرسلوا لنا أئمة، أرسلوا لنا طلبة علم، أرسلوا لنا وعاظ، أرسلوا لنا، في طلب على الإسلام، في طلب على الدين، في طلب على القرآن، في طلب التلاوة، في طلب على الإمام، الأئمة والمؤذنين، أنا هذا شيء نلمسه الآن، جيبوا لنا شيخ، جيبوا لنا شيخ، جيبوا لنا ما في أحد، مجالس هاتوا شيخ، هاتوا داعية، هاتوا كذا، الناس تريد، هذه سلعة مطلوبة رائجة، انتشار الثقافة الإسلامية، الكتب كيف الطباعات، طباعتها زادت، الكتاب الإسلامي مزيد من الشعبية، الوعي الإسلامي مزيد من الانتشار، القضايا من الإسلامية مزيد من الطفو على السطح، يريدون أن يطفئوا نور الله تطلع على السطح.
السنن النبوية في حال البشارة.
من السنن النبوية أيها الإخوة في البشرى والبشارة، أولاً: السجود شكراً لله، النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجداً لله شاكراً لله، كما جاء في الحديث الصحيح، سجدة الشكر هذه عبادة عظيمة.
ثانياً: من السنن إهداء المبشر هدية، فيستحب لمن بشر بالخير، بمولود، يعني فرحة، أحياناً والله أنا أخشى من مرض خطير التحليل يمكن، لكن طلع التحليل، واحد عرف التحليل سلبي بمعنى يعني ما في مرض خطير، ما في هذا، فراح بشره، أبشر يا فلان ترى نتائج التحليل سليمة الحمد لله، هذه تهون كثيراً، فإذن البشارة سواءً بحصول أمر طيب أو انصراف أمر سوء المبشر يعطى، مثلما دل عليه حديث كعب بن مالك "لما ركض إلي رجل فرساً وسعى ساعٍ من أسلم فأوفى على الجبل وكان الصوت أسرع من الفرس" يعني اثنين راحوا يبشروا كعباً واحد على فرس والثاني وقف على الجبل ونادى بصوته، "فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه، ووالله ما أملك غيرهما يومئذ"[رواه البخاري4418]رواه البخاري، وراح استعار ثياب ليأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كما يعني قال ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الأمر: وفي نزع كعب ثوبيه وإعطائهما للبشير دليل على أن إعطاء المبشرين من مكارم الأخلاق والشيم وعادة الأشراف.
ثم التسابق في التبشير مثلما تسابقوا لتبشير كعب، الآن لازم الواحد يحس أن إخوانه المسلمين حريصين على من يبلغه أول، يعني من فرحتهم له واهتمامهم به.
التنفير ومخاطره.
والشريعة كما أمرت بالتبشير أيها الإخوة والأخوات نهت عن التنفير، ولذلك قال: (بشروا ولا تنفروا)[رواه مسلم1732]،والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من صنف من الناس، قال في الحديث: (يا أيها الناس إن منكم منفرين)[رواه البخاري702]، وأمر بمراعاة الإمام لأحوال المأمومين الكبير والضعيف وذا الحاجة، قال الشراح: ((إن منكم منفرين)) يعني: من يلقي يعني الناس في الغلظة والشدة، ويلقاهم بالغلظة والشدة فينفرون منه، قد يكون التنفير بالقول أو الفعل، يعني ليس يعني ما هو دائماً أنا خطبت ساعة ونصف، ما هو إنجاز هذا، النبي صلى الله عليه وسلم خطب خطباً طويلة، لكن نادراً، شيء يقتضيه الحال، هو والله هذا خطبته ساعة ونصف يعني هذا إنجاز، لا، فيا عجباً من قوم أبوا إلا أن يجعلوا لهم التنفير مسلكاً وسلوكاً وديدناً وسبيلاً ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، يعني أفسد الدين رجلان جاهل ناسك وعالم فاجر، هذا يدعو الناس إلى جهله بنسكه، وهذا ينفر الناس عن عمله بفسقه.
النصارى يغزون أفريقيا بالتنصير، ومعهم دواء ومال، وكفر وضلال، هذا بيد وهذا بيد، فضاعت بلاد وعباد، وبعضهم ضاعوا نتيجة غلظة وشدة بعض المسلمين، التنفير مخاطره كبيرة، يسبب الصد عن سبيل الله، يئد مشاريع قبل أن تقوم، يوقف جهود بعدما انطلقت، يشعر بالإحباط وخسارة الروح المعنوية، ومخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وبالذات مع الجاهل، يعني واحد ما كان يدري عن الحكم، ولذلك لما عطس وقال: يرحمك الله، قلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إلي، وزاد الطين بلة، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فسكت مكرهاً، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبأبي وهو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال، بالمختصر المفيد: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)[رواه مسلم537]، ثم التنفير يؤدي إلى انصراف الناس عن الخير، أنهم ما يستجيبوا، وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَسورة آل عمران159، التنفير يوقع في الفتنة، إفساد لذات البين، ويعني النبي صلى الله عليه وسلم لما قال يعني: (إن من الأئمة طرادين)[رواه ابن أبي شيبة4661]، قال قتادة: ولا أعلم الطرادين إلا الذين يطولون على الناس حتى يطردوهم عنه، طبعاً هذا الحديث مرسل، لكن معناه موافق مع الأحاديث الصحيحة التي جاءت بمعناه، (يا أيها الناس إن منكم منفرين)، هذا الإمام إذا خالف السنة ينكر عليه، وإذا تابع السنة ينكر على من أنكر عليه، فالإمام يطيل ويقصر على ما جاء في السنة، من صور التنفير، يعني مثال مثلاً: بعض الأئمة يقرأ في فجر الجمعة يطبق السنة السجدة والإنسان، هذا ما ينكر عليه؛ لأن هذه سنة ثابتة.
كيف يكون التنفير؟
من صور التنفير أيضاً كذلك لعن العصاة وسبهم مع أن معصيتهم بينهم وبين الله، يعني ما هو مجاهر، هو أحياناً يغلظ على المجاهر، يغلظ على من ينكي في المسلمين، يغلظ على المنافق صاحب البدعة والضلالة الذي يحمل اللواء
من صور التنفير أيضاً كذلك لعن العصاة وسبهم مع أن معصيتهم بينهم وبين الله، يعني ما هو مجاهر، هو أحياناً يغلظ على المجاهر، يغلظ على من ينكي في المسلمين، يغلظ على المنافق صاحب البدعة والضلالة الذي يحمل اللواء
، لكن واحد سوى معصية بينه وبين الله، ما يناسب أن يفضح ويلعن على الملأ، وكلمة ما له أخزاه الله، قال: (لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم)[رواه البخاري6781]. واحد شرب الخمر بينه وبين الله، يعني عصى (لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم)، كذلك أن من الحكمة أن ما يفاجأ الناس في إنكار ما ألفوه إلا بمقدمات، قد يكون عندهم أعراف عادات، بمقدمات قبل الحكم عليهم، كذلك بعض الناس ينفرون الكفار بظلمهم، عمال غير مسلمين، والله إذا كان هذا الإسلام ما أبغاه، أكل حقي، المسلم أكل حقي، هذا دين، إذا كان هذا الدين أنا ما أبغاه، كيف أسلم؟ إذا هذا دين كفيلي أنا لا أرغب فيه، ولذلك ينبغي أن نعدل معهم، حتى مع الكفار، فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُواسورة الممتحنة11، مثلما أنفقوا، بعض الناس ديدنهم في الحياة كلها يعني سلوك السبيل الأعقد والأشد، هذا خطأ، وبعض الناس يريدون اليوم تساهلاً وتمييعاً، ولا هذا ولا هذا، وابدأ بذكر الجنة قبل النار، وكذلك السلوك المشين يؤدي إلى يعني مثلاً تنفير الأطفال عن يعني إتيان المساجد، قد يخطئ الولد، وقد أحياناً يمنع، لكن أحياناً يصير أسلوب منفر بحيث الطفل ما عاد يبغى المسجد من تصرف سيئ حصل معه، كذلك يعني الفضح لناس كما قلنا لهم معصية سرية، وأحياناً يكون مناسب أن تقول ما بال أقوال.
إذن أيها الإخوة والأخوات علينا أن نشيع البشرى وننشر التفاؤل، ونحرض على الخير، ونستنهض الهمم، ونعين على المعروف، ونحيي الأمل في النفوس، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يجعلنا ممن نصر بهم دينه، وأن يرزقنا جنات نعيم، ويعتق رقابنا من نيران الجحيم.
أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.