الخميس 9 ذو القعدة 1445 هـ :: 16 مايو 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

مدرسة القرآن


عناصر المادة
القرآن حياة للبشرية.
فضائل القرآن.
حالنا وحال الصحابة مع القرآن.
موانع تدبر القرآن.
علاج مشكلة عدم التدبر.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وحياكم الله.

أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

القرآن حياة للبشرية.

00:04:01

فإن كتاب الله تعالى شأنه عظيم وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاًسورة الإسراء106، لم تكن هناك وسائل ضخمه ولا أجهزة معقدة إنما هي شعاب بين الجبال أو بيوت بسيطة، ومجالس عمرانها الصلاة والقرآن، التلاوة والتعلم والتزكية بالقرآن، بين شعاب مكة ودار الأرقم، ثم إلى مسجد المدينة وبيوتها عاصمة الإسلام الأولى، كانت البساطة هي طابع كل شيء، ولكن كانت العظمة في هذا القرآن وفي التأثر به والعمل، هكذا كانت مدرسة القرآن الأولى، شرح الله صدور المؤمنين الأوائل لكتابه، وأعرض من أعرض مع تأثره البالغ، فهذا الوليد بن المغيرة رق عند سماع القرآن، فخشيت قريش إسلامه فأوفدوا إليه أبا جهل يثير كبرياءه حتى قال: والله ما منكم رجل أعلم مني بالشعر ولا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقوله شيئاً من هذا، والله إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلا، قال أبو جهل: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني أفكر فيه، فلما فكر قال: إن هذا إلا سحر يؤثر، فقال تعالى: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُسورة المدثر18-24.

إنه القرآن الذي أخرج خير أمة في الأرض انبعثوا بهذا القرآن وخرجوا من الظلمات إلى النور، وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُسورة الشورى52-53.

هذه الأمة التي صارت خير أمة أخرجت للناس بهذا الكتاب، ففتحت به البلاد، وهدت به العباد، تحتاج اليوم إلى القرآن، والعالم كله متعطش إلى وحي السماء بعد أن أنهكته الديانات المحرفة، والفلسفات الأرضية، العالم اليوم غير مستقر، لا يوجد دستور أو قانون يجعل العالم يسير على هدى

هذه الأمة التي صارت خير أمة أخرجت للناس بهذا الكتاب، ففتحت به البلاد، وهدت به العباد، تحتاج اليوم إلى القرآن، والعالم كله متعطش إلى وحي السماء بعد أن أنهكته الديانات المحرفة، والفلسفات الأرضية، العالم اليوم غير مستقر، لا يوجد دستور أو قانون يجعل العالم يسير على هدى

، ولذلك التخبط حاصل في الشرق والغرب، وهذا التخبط ولد مشكلات كثيرة مالية اقتصادية اجتماعية نفسية، هذه المشكلات ليس لها حل عندهم، والحل هو في القرآن.

فضائل القرآن.

00:08:05

القرآن هذا يهدي للتي هي أقوم، يعني يهدي للطريقة الأسدّ والأعدل والأصوب، هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم في أمور العقيدة، فينقذ من الشرك والوثنية والخرافة، والأوهام، والغموض، هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم في العقيدة، فيعرف الإنسان بربه الذي خلقه، وبجنوده وملائكته وبأنبيائه ورسله وبكتبه ودينه الذي أنزله، هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة، عبادة القلب، وعبادة اللسان، وعبادة الأعضاء الأخرى، عبادة الجسد، عبادة الجوارح، هذا القرآن يهدي للتي أقوم في العلاقات بين الناس، بين الأزواج والزوجات والآباء والأمهات، والأولاد، يهدي للتي هي أقوم في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بين الجار وجاره، بين الناس جميعاً، هذا القرآن يحدد ما هي المصالح التي يجب أن يسير عليها المجتمع حتى لا يطغى أحد على أحد، ولا يأخذ أحد حق أحد، والقرآن هذا أيها الإخوة والأخوات حق لا مرية فيه، وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّسورة فاطر31، وهذا الكتاب هداية، وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَسورة الأعراف52، هذا الكتاب علم حقيقي، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍسورة البقرة120، الكتاب هذا حجة، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْسورة النساء174، هذا الكتاب يسيطر ويتغلب وينسخ حتى الكتب السابقة، وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِسورة المائدة48، هذا الكتاب خير كثير ثابت مستقر، كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌسورة ص29بركة، هذا الكتاب موعظة من الله، يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْسورة يونس57، هذا الكتاب يداوي الأمراض وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءسورة الإسراء82، هذا الكتاب يذكر فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَسورة المدثر49، الكتاب هذا ينير الدرب وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًاسورة النساء174، الكتاب هذا حق وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِسورة الزمر33، الكتاب هذا عالٍ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌسورة الزخرف4، الكتاب هذا معطاء، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌسورة الواقعة77، الكتاب هذا منيع الجناب، لا يمكن أن يهزم ولا يغلب، ولا يكتشف فيه خلل، وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌسورة فصلت41محكم، حكيم بمعنى محكم، وحكيم يتضمن الحكمة، والقرآن فيه مجد وشرف بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌسورة البروج21، القرآن يفرق بين الحق والباطل تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِسورة الفرقان1، القرآن بصيرة هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَسورة الجاثية20، وكذلك فيه ذكر كل شيء كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّاسورة فصلت3، هذا الكتاب عجب، عجب، حتى الجن قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًاسورة الجن1، الكتاب هذا بلاغ لجميع الناس، إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَسورة الأنبياء106، يجمع بين البشارة والنذارة بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَسورة فصلت4، وفيه التبيان والبيان هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَسورة آل عمران138.

حالنا وحال الصحابة مع القرآن.

00:12:36

أليس القرآن الذي نتلوه اليوم هو الذي تلاه الصحابة من قبلنا، أليس هذا القرآن هو الذي أخذ به أوائل هذه الأمة، لماذا انتصروا وانهزمنا؟ لماذا تقدموا وتأخرنا؟ لماذا تفوقوا وتقهقرنا؟

كان عندهم تلقي وتعلم وتعليم، وتزكية وفق هذا الكتاب، لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَسورة آل عمران164، كان هناك تلاوة سماع تعلم تعليم، تزكية وتربية على القرآن، كان هناك منهج تلقي حقيقي، النبي عليه الصلاة والسلام يتلقاه من ربه ويلقيه لأصحابه، وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍسورة النمل6، التلقي هو الاستقبال، لكن استقبال القلب للوحي، الفرق بيننا وبينهم أنهم كانوا يركزون ويؤكدون ويعملون على العيش مع القرآن، يتدبرونه، تحديق ناظر القلب في معاني الكتاب، جمع الفكر على تدبر أسرار التنزيل، ما كانت القضية مجرد تلاوة وختمات، التدبر هو الغرض الذي من أجله أنزل، كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته، هل نحن تدبرنا الكتاب استخرجنا ما فيه من الفوائد العلوم، فهمناها، الحكم، هل قراءتنا قراءة تدبر أو قراءة إمرار، أو قراءة هذ كهذ الشعر، أو قراءة ماذا؟ أو قراءة فيها سرحان؟ هل نحن نسمع القرآن ونقرؤه للعمل أو لتبرك معين أو لشيء محصور، ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وإطالة التأمل فيه، لماذا؟ لأن هذا أيها الإخوة والأخوات يجعل الواحد منا يطلع على الخير والشر بحذافيرهما، طرق الخير وأسبابه وغاياته وثمراته، ومآل أهله وطرق الشر وأسبابه وغاياته وثمراته وخيبته ومآل أهله.

القرآن فيه مفاتيح كنوز السعادة، القرآن يثبت قواعد الإيمان في القلب، القرآن يرينا صورة الدنيا بالمقارنة مع صورة الآخرة، والقرآن يعرض لنا الجنة والنار كأنا نراها، القرآن يخبر قلوبنا على مر التاريخ بين الأمم يستعرض ما حصل لهم ومواقع العبر، وأيام الله، وماذا فعل فيهم بعدله، وماذا فعل بالمؤمنين بفضله، فالقرآن يجعلنا نتعرف على ربنا بأسمائه وصفاته وأفعاله، القرآن يجعلنا نتعرف على الصراط الموصل إليه، وماذا سيحدث لنا بعد الوصول والقدوم عليه، ما هي قواطع الطريق، ما هي الآفات التي تفسد النفس، وتفسد العمل، وكيف نصحح العمل، يعرفنا طريق أهل الجنة، وطريق أهل النار، أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار، مراتب أهل السعادة وأهل الشقاء، أقسام الخلق، أنواع الخلق، يعرض لنا نفسيات الناس من المعرضين والمؤمنين، أنبياء وإبليس وفرعون وقارون، يعرض لنا ما يدعو إليه الشيطان وطريق الشيطان، وعاقبة من اتبع الشيطان، إذن سبحان الله ماذا حرم المعرضون عن نصوص الوحي من كنوز الذخائر، وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر.

موانع تدبر القرآن.

00:17:28

طيب ما هي الموانع؟ نحن شخصنا أن عندنا ضعفاً في تدبر القرآن، ناس، هناك طبعاً أناس أراد الله بهم خيراً سلكوا سبيل السلف على اختلاف مراتبهم في تدبر القرآن، وناس آخرون معرضون عنه بالكلية، وناس بين بين، شخص الداء بضعف تدبر القرآن لماذا؟ أولاً: لأننا ما أعطيناه الأولوية في الدراسة والفهم، واشتغلنا عنه بأشياء أخرى كثيرة، يعني والله مواقع كثيرة وأخبار، وأشياء يعني تنفع أو لا تنفع، والقرآن مضمون النفع، ما كان له من حياتنا وأوقاتنا واهتماماتنا وتركيزنا ونشاطنا النصيب الكافي.

شعبة بن الحجاج يقول لأصحاب الحديث: يا قوم إنكم كلما تقدمتم في الحديث تأخرتم في القرآن، يعني اشتغالهم مع أنه كان شيء شرعي، أسانيد والرجال وصحة الأحاديث، لكن قال: هذا أشغلكم عن القرآن.

دخل بعض فقهاء مصر على الشافعي رحمه الله المسجد وبين يديه المصحف قال: شغلكم الفقه عن القرآن، إني لأصلي العتمة وأضع المصحف في يدي فما أطبقه حتى الصبح.

فإذن يا أخي دقائق الفقه وأسانيد الأحاديث والرجال والعلل ودقائق اللغة لا يصح أن تشغلك عن تدبر القرآن، فكيف إذا كان المشغل أشياء من الدنيا، فكيف إذا كان المشغل المعاصي؟

ثانياً: أحياناً، يعني ينقلنا الشيطان من الفاضل إلى المفضول وقد يشغلنا بشيء من الوسوسة في مخارج الحروف، أو مراعاة النغم كما يفعل البعض الآن، قراءة القرآن بالمقامات، صارت القضية قضية غناء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن، إما بالوسوسة في مخارج الحروف، وترقيقها وتفخيمها، ما قال هو: لا تهتموا بالترقيق والتفخيم، قال: الوسوسة فيه، خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها، وغير ذلك فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه، وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت، وكذلك تتبع وجوه الإعراب واستخراج التأويلات المستكرهة التي هي بالألغاز والأحاجي أشبه منها بالبيان، كما يقول شيخ الإسلام.

قدر من هذه مهم لكن المبالغة فيها يشغل عن الأصل والمطلوب وهو التدبر، فكيف إذا كان المشغل ترهات أخرى ترهات، إغراق في ألعاب إلكترونية، إغراق في القنوات الرياضية، إغراق في المحادثات، هذه الوسائل الإلكترونية، إشغال إشغال، الحياة المعاصرة ترهق أذهاننا بإشغالات استنزاف، شل القدرة الدماغية والذهنية والعقلية عن فهم أشياء أخرى.

ثالثاً: يظن بعض الناس أنه غير مخاطب بكثير من الآيات التي نزلت في أحوال وأقوام مضوا ويقول: أنا ما لي علاقة هذا في الكفار، لكن يا أخي نزل نفسك أنك المقصود بكل خطاب، فإن سمعت أمراً أو نهياً قدر أن المنهي والمأمور أنت، وإن سمعت وعداً أو وعيداً فقدر أنك أنت المقصود، وقصص الأنبياء في القرآن وقصص الأولين وقصص الغابرين في القرآن ليست للسمر وتمضية الأوقات في أشياء يعني مجرد يعني أن فيها عنصر التشويق، لا، هذه تثبيت، هذه تزيد الإيمان، هذه تسلي عند المصائب، قال الله: مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَسورة هود120.

هذه الأشياء فيها بشارة ونذارة وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَسورة الأنعام19.

موانع التدبر على أية حال كثيرة ذكرها العلماء، ويكفي أن أهل الإيمان وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّسورة البقرة78، إلا مجرد التلاوة كما قال ابن القيم: هي الأماني.

ثم ترك التدبر من الهجر المذموم، وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًاسورة الفرقان30، وابن كثير رحمه الله ذكر في تفسيره قال: وترك تدبره وتفهمه من هجرانه. وقال ابن القيم رحمه الله: هجر القرآن أنواع وذكر الرابع هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.

فإذن كان في هجر تلاوة وهجر تدبر وهجر عمل وهجر تداوي وهجر تحكيم خلاص هذا هجر مطبق.

وبعض الناس عندهم نوع من الهجر دون بعض.

علاج مشكلة عدم التدبر.

00:23:47

طيب بعدما عرفنا هذا تعالوا بنا نتعرف الآن على يعني نأخذ بنظرة إيجابيه كيف نتدبر القرآن، عرفنا مثلاً تقصيرنا، ماذا نفعل للتدارك؟

تدبر القرآن له أسباب كثيرة: التأني والتؤدة في الحفظ، وعدم الاستعجال، "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن" كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: حدثنا من كان يقرؤنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقترؤون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذا من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل. إذن هذا كان المنهج، في تلازم بين العلم والمعنى والعمل، ما في علم جديد إلا بعد فهم السابق والعمل به.

اتخذوا تلاوته عملاً يقول الحسن، إذن المسألة ليست بالكم، يعني هل حفظ كل القرآن، حفظ نصف القرآن، القضية ماذا عملت فيما حفظت؟ وعدم تجاوز عشر إلى العشر التي بعدها حتى تعمل بالعشر الأولى، يعني تأخذ يا أخي شف العمل لو قال واحد يعني: أيش العمل بما فيهن؟ العشر الأولى التي تحفظها ماذا يوجد فيها من الأمر من النهي، من مواضع الاعتبار مثلاً، أخذ الفوائد طبقها في حياتك، استفد منها، تأخذ منها عبرة، في أشياء، يعني في عمل مثلاً يرشد إلى عبادة معينة فأنت تقوم به، وفي أشياء العمل هو تفاعل القلب معها، رجاء، توكل، يعني معاني العمل بها أن القلب يقلب المعاني فيه، ويتدبر المعاني فيزداد صدقاً حياءً، إخلاصاً، توكلاً، إنابةً، وهكذا.

أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)[رواه أبو داود1394]، وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص: (اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك)[رواه البخاري5054]، معناه أن السرعة البالغة، المبالغة في الإسراع يفوت المقصود، طيب ماذا أيضاً من أسباب التدبر، يعني قضية التؤدة، الأخذ شيئاً فشيئاً عرفناها، والعمل بكل شيء فيه عرفناها، طيب الترداد والتكرار لمواضع معينة، لماذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يكرر إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُسورة المائدة118، يعني ماذا استحضر في عقله لما كرر الآية، ماذا قام في قلبه ساعتها، ما الذي جعله يكرر؟ والتكرار هذا يعين على استجلاء مزيد من المعاني، كلما قرأت مرة إضافية ظهر لك شيء جديد، أو تعمقت أكثر في معنى معين، أو زاد عندك مثلاً تعظيم جانب الله عز وجل، زاد عندك مثلاً الخوف منه، زاد عندك رجاء رحمته، كلما كررت الآية زاد عندك الخشية من عذابه

كلما قرأت مرة إضافية ظهر لك شيء جديد، أو تعمقت أكثر في معنى معين، أو زاد عندك مثلاً تعظيم جانب الله عز وجل، زاد عندك مثلاً الخوف منه، زاد عندك رجاء رحمته، كلما كررت الآية زاد عندك الخشية من عذابه

، التأمل في النار في آيات تصف النار، زاد عندك الحافز للبعد عنها، كلما كررت آيات صفات الجنة مثلاً زاد عند تشوق لها، زاد عندك الرغبة فيها، زاد عندك الحرص عليها، زاد عندك الهمة لنيلها وزاد عندك الدافع للعمل للوصول إليها، وزاد عندك الدافع والرغبة في ارتفاع الدرجة فيها، إذا كررت ذكر مثلاً قصة عاد زاد عندك الربط، مزيد من الروابط بين القوة الغربية الغاشمة مثلاً وقوم عاد، إذا كررت مثلاً مواضع من قصة يوسف يزيد عند مثلاً، جانب العناية بتوقي الشهوات المحرمة والابتعاد عن فتنة النساء، مواضع أخرى من سورة يوسف إذا كررتها يزيد عندك مثلاً جانب الحذر من الحسد بين الإخوة، إذا كنت أباً وكررت بعض العبارات زاد عندك يعني تتأمل في سياسة الأب مع أولاده كيف ينبغي أن تكون، في إصلاح أحوالهم وعطف قلوب بعضهم على بعض، والعناية بالمتفوقين منهم، ودعوة المقصرين منهم للتوبة، وإكثار من الدعاء لهم، مزيد من التأمل مثلاً في قصة موسى عليه السلام، أنت تسمع أخبار الآن وفيها طغيان الطغاة وعدوان المعتدين، وظلم الظلمة، ويعني اعتداء الأقوياء والكبراء، وأصحاب القوة في العالم، أنت لما  تمر مثلاً بقصة فرعون ماذا كان من انتقام الله من فرعون، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍسورة هود83،دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَاسورة محمد10، أن لله سنن يعني في الانتقام من الظالمين، وأن هؤلاء لن يفلتوا، وأن الأمر لن يدوم للطغاة والظلمة، ولا بد أن يأخذهم الله وأن يقصم ظهورهم، وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواسورة القصص5، أنت ممكن من خلال تستجلي بعض الأشياء في توقع أحداث مسبقاً في قضية أن هؤلاء المستضعفين سينهضون، وأن الشعوب هذه المظلومة ستتحرك، يعني ينصر الله المظلوم ولو بعد حين، لكن لا يفلت الظالم، ولا يهمل الظالم، يمهل ولا يهمل، أنت إذا فكرت مثلاً يعني كررت بعض آيات اليوم الآخر ستستحضر مشهد الخروج من القبور بتفاصيل أكثر، كيف تنشق الأرض عنهم سراعاً ومهطعين ومقنعي رؤوسهم، ويدعوهم الداعي ويسرعون، وكَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَسورة المعارج43، وتتوالى عندك الآيات في قضية كيفية القيام من القبر، وإسراع هؤلاء وجمع الناس، وإحاطة الملائكة بهم في أرض المحشر، أنت لما تكرر بعض العبارات بعض الآيات في القرآن تبدأ تستحضر، يعني قدوم الله عز وجل لفصل القضاء، وَجَاء رَبُّكَسورة الفجر22، يأتي ربك، ينزل الله لفصل القضاء، وظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُسورة البقرة210، وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّاسورة الفجر22، يعني مشهد تنخلع له القلوب، ولما تكرر الآيات، وتتفكر في قضية مجيئ وإتيان الله عز وجل لفصل الخلائق وماذا سيكون حال العصاة والظلمة والمجرمين يومئذ، يعني كيف يحضرون؟ أنت تستشعر الآن من خلال القراءة وتعيش في جو الآية، وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةًسورة الجاثية28، كل أمة تدعا إلى كتابها، يعني كيف يجلسون حول النار، عند النار، كل أمة جاثية على الركب، أنت تستحضر يعني موقف أهل الأعراف، والتفاتهم إلى أهل الجنة ماذا يقولون، والتفاتهم إلى أهل النار وماذا يقولون، وإطلاع ناس من أهل الجنة على ناس من أهل النار فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِسورة الصافات55، وفي خطابات، يعني قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِسورة الصافات56، كلام، كلام، وأهل النار يقولون لأهل الجنة: أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَسورة الأعراف50، لما تعيش في جو الآيات وفيها مثلاً ماذا سيكون عندما يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْسورة الإسراء71، يعني الذين جاءوا يأتون خلف النبي صلى الله عليه وسلم هو إمامهم، أهل الحديث أهل السنة إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم لا غير، المشاهد كثيرة والأمثلة كثيرة جداً، لكن قضية العيش في جو الآية والدخول شيئاً فشيئاً التعمق في المعنى، بحيث الآية هذه تنطبع وتتأكد وتتركز، يعني بحيث أنت ممكن تمشي في الشارع وأنت تفكر في معنى آية أو حياة أمة، أو موقف نبي، أو مشهد من الآخرة أو شيء داخل الجنة يعني ماذا يحدث، أو داخل النار ماذا يحدث، أنت ممكن تفكر وأنت واقف عند، أنت تنتظر في عيادة الطبيب في مثال من أمثلة القرآن مثلاً ممكن تقول لنفسك وأنت بين حصتين في الكلية أن استخرجت الفائدة العاشرة من قصة لقمان مع ابنه مثلاً، استعرضت في نفسي منهج التربية الأبوية للابن، يعني الأولويات وفقرات المنهج التربوي، التوحيد وعدم الشرك، وكيف يربي الولد على قضية أنه يشعر بمراقبة الله، إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍسورة لقمان16، يعني لو كانت حبة فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض، وحبة من خردل يعني، الخردل، ليش الخردل طيب، ليش الخردل ممكن تكون حبة من أي شيء يعني، حبة قمح، حبة، مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُسورة لقمان16، يعني سورة النحل سورة النعم، سورة الأنعام فيها أشياء كثيرة، أنت ممكن تكون تشاهد مناظر مثلاً من أشياء طبيعية فتتذكر آيات مرت بك، وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍسورة الرعد4، إذن التدبر، الاتصال الحي للقلب المستمر التفاعل بين الآيات وبين الواقع، وعرض النفس على كتاب الله.

يقول عروة: دخلت على أسماء وهي تصلي فسمعتها تقرأ هذه الآية: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِسورة الطور27فاستعاذت، فقمت وهي تستعيذ، فلما طال علي أتيت السوق ثم رجعت وهي في بكائها تستعيذ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِسورة الطور27، يعني ما هذه المنة العظيمة وما هو عذاب السموم، ما هو السموم؟ والدعاء كلما تدبرت أكثر في الآية واستشعرت بالخطر والعذاب استعاذت زيادة وسألت الله الوقاية أكثر، لذلك طال مقامها وهي تكرر الاستعاذة من العذاب لأنها استشعرت خطورته وشناعته، وشدته، الله ضرب أمثال للناس لعلهم يتفكرون، وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَسورة العنكبوت43، وأنت الآن تفكر، وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًاسورة الحجرات12، يعني ضرب لنا مثلاً في الغيبة، يعني المغتاب الذي يغتاب بآكل لحم الميت، طيب أصلاً أكل لحم الإنسان الحي يعني هذا شنيع فإذا كان ميتاً، طيب ليش قال الميت؟ لأن الميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه، كما أن الغائب عن المجلس لا يستطيع الدفاع عن نفسه، وقبح هذه كقبح هذه، فإذا نفرنا من هذه بذكرها فقد نفرنا من تلك بالنهي عنها، وتمثيل هذه بها، وتبدأ عمليات الربط تتوالى على العقل، مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌسورة البقرة 261، الذين ينفقون يعني المنفق مثل الحبة، هنا في طرف المشبه منفق ونفقة، وفي طرف المشبه به باذر وبذرة، حبة، هو ما ذكر في الطرف الأول، مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة، ما ذكر في الطرف الأول النفقة ذكر المنفق، الطرف الثاني ما ذكر الباذر ذكر البذرة، كمثل حبة لماذا؟ لأنه اختار من كل طرف أهم ركنيه، هنا عندنا منفق ونفقة، أيهما أهم المنفق أو النفقة؟ المنفق، أيهما أهم هنا الباذر أو بالذرة لأنه يريد أن يشبه ويقرب لك قضية التكاثر والمضاعفة، حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، مش مهم الباذر الآن، هو الباذر قد يكون مسلم وقد يكون كافر، لكن مبدأ التكاثر والمضاعفة الذي يؤكد عليه ويوضحه هنا ويريد أن يشبه هذا بهذا هو الأهم فلذلك اقتصر عليه، وهذا من بلاغة القرآن.

مما يعين على التدبر القصص، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًاسورة النساء87،نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِسورة يوسف3، لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌسورة يوسف111، ليست القضية فقط التشويق والإثارة، أنت الآن ممكن تقص قصة على طفلك الصغير وهو ينام ويكون بالنسبة له يعني عنصر التشويق والإثارة رقم واحد، لكن في معاني إيمانية تبدأ تتسلل لنفس الولد تدريجياً، استيعابه ليس مثل استيعابك، ولكن المبدأ يتكون الآن، خصوصاً إذا أنت سهلت القصة واختصرت وأتيت بها بصيغة سهلة عليه سيكون هناك إنصات وإقبال وتبدأ يعني فطرة الولد تتفتح على معاني القصة القرآنية، وإذا كان الولد هذا سبعة يعني مميز، شيء آخر، وإذا كان هذا بالغ شيء آخر.

من الأشياء المعينة على التدبر العلاقة بين خواتيم الآيات وموضوع الآيات، الموضوعات، ليش والأصمعي لما كان يقرأ، أنه مثلاً قال، قرأ كذا في المجلس {فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسباً نكالاً من الله والله غفور رحيم} قرأها خطأ، في أعرابي قال: ما هذا؟ قال: القرآن، قال: ليس هذا بقرآن، أنتبه الأصمعي قال: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌسورة المائدة38، فقال: يا أعرابي أنت تحفظها؟ قال: لا، قال: وما أدراك أنه الأول هذا ليس بقرآن والآن هذا، الأعرابي يقول: أيوه هذه قرآن، قال الأعرابي، طبعاً الأعراب الأول، ليس مثل الشعر النبطي، أعراب أول على اللغة العربية الفصحى، قال: هذا ليس موضع رحمة فيغفر ولكنه موضع عزة فيحكم؛ لأنه ما يمكن {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسباً نكالاً من الله} (والله غفور رحيم)، ولذلك كان سهل جداً أن يتذكر، يعني واحد يسمع لو أخطأ القارئ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْيعني: من حرة مشركةفي شكلها ومالها ونسبها،وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْسورة البقرة221يعني: من حر مشرك، ، فالآن {ولا تنكحوا المشركات} يعني: لا تتزوجوا، تنكح، لكن (ولا تنكحوا) يعني: لا تزوجواالمشركين، لا تزوجه بنتك أو أختك حتى يسلم، لما قرأ ذاك بالخطأ أخطأ قال: {ولا تَنكِحوا المشركين حتى يؤمنوا} أجابه الآخر قال: ولن ننكحهم حتى ولو آمنوا، نكاح الذكر للذكر حرام، الفهم سريع؛ لأن الفهم صحيح، التفاعل سريع، فإذن يعني ملاحظة الآيات كيف بدأت وبماذا مرت وبماذا انتهت، الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌسورة البقرة268، وكيف ختم الاسمين، واسع العطاء، وعليم، يعني واسع عليم، شوف الآية طيب أيش علاقة واسع عليم بـ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌسورة البقرة268، واسع يعني واسع العطاء، عليم يعني عليم بمن يستحق فضله فيعطي هذا ويمنع هذا ويضعف لهذا.

مرة أخرى أيها الإخوة والأخوات نحن نحتاج والله الذي لا إله إلا هو إلى العيش مع القرآن، أيش معنى يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِسورة البقرة121يعني: في وقفات مع الآيات في تفاعل معها، في إحضار القلب، تدبر المعاني، الانطلاق من التوجيهات، اشعر أنك مخاطب يا أخي، اشعري أنك مخاطبة يا أختي، هذا القرآن إذا صار هكذا بعد ذلك تخيل أيش معنى كلام عائشة كان خلقه القرآن، يعني حياته القرآن هديه القرآن، حركاته وسكناته، كله خلاص صار يعيش مع القرآن.

وبالتالي أيها الإخوة والأخوات فإن تعظيم هذا الكتاب ومعرفة منزلته ومعرفة قدر القرآن سيدفعنا كثيراً إلى التأثر به، ممكن أنت تقرأ القرآن تبتسم، وممكن أنت تقرأ القرآن تدمع عيناك تحزن تبكي، تفرح، تسر، تنقبض، بحسب الآيات اللي تمر عليك، إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِسورة يوسف86،كان لهم دوي كدوي النحل.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل القرآن، وأن يحيي قلوبنا بكتابه، وأن يجعلنا من العاملين به إنه هو السميع العليم، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 - رواه أبو داود1394
2 - رواه البخاري5054