بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وحياكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيها الإخوة والأخوات مرحباً بكم في هذه الحلقة المباشرة، نسأل الله تعالى أن يجعلها مجلس ذكر وأن يكون نافعاً لنا جميعاً، وأن يشملنا فيها برحمته، وأن تتغشانا ملائكته، ونسأله سبحانه أن يجعلنا من الذاكرين الشاكرين.
السنن الإلهية وحكمتها.
أيها الإخوة والأخوات خلق الله الخلق وقضى الأمر وجعل هناك في كونه وسماواته وأرضه سنناً ماضية تمضي في الأفراد في الشعوب، في الأمم، في الأقوام، سنن جارية في عباده وأوليائه، وفي أعدائه وفي أرضه، وفي سمائه، سنن الله هي قوانينه الدائمة التي وضعها للكون والإنسان، وسنة الله هي عادته المعلومة سبحانه في خلقه، وطريقته المتبعة في خلقه وكونه وأرضه وسماواته، القرآن يبين لنا سنن الله تعالى، السنن هذه مهمة جداً؛ لأنها تفسر لنا أشياء كثيرة، السنن في الكون والنفس والحياة، وأمرنا بالنظر والتفكر والاعتبار لأجل أن نفقه هذه السنن، هنالك أسباب مربوطة بمسبباتها، هناك سبب يفضي إلى غاية ومقدمة تفضي إلى نتيجة، هنالك مبادئ وأوائل الأشياء تأتي بعدها نهايات وخواتيم.
وهذه السنن تبين حكمته عز وجل وعظيم صنعته في خلقه، تبين لنا أنه لا مكان للصدفة العمياء، أو الفوضى أو الارتجال في هذه الدنيا وفي هذا الكون،إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍسورة القمر49، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًاسورة الفرقان2، كل شيء تحت قهره وتسخيره سبحانه وتعالى.
الآن تحدث أحداث كثيرة، هنالك تغيرات، العالم العربي يعج بأشياء تقوم تقعد أو لا تقعد ومتغيرات ضخمة جداً، كيف نفسر هذه التغيرات التي تحدث في عالمنا في بلاد العرب والمسلمين، وكيف نفسر هذه الأحداث الكثيرة، وهنالك مآسي مذابح، حروب مواجهات مطاحنات، هنالك عز وذل وإسلام وكفر وسنة وبدعة وهوىً متبع، وحق وباطل، وإسلام وكفر، وشرك وتوحيد، ما يحدث الآن هو من سنن الله تعالى في عباده
هنالك تغيرات، العالم العربي يعج بأشياء تقوم تقعد أو لا تقعد ومتغيرات ضخمة جداً، كيف نفسر هذه التغيرات التي تحدث في عالمنا في بلاد العرب والمسلمين، وكيف نفسر هذه الأحداث الكثيرة، وهنالك مآسي مذابح، حروب مواجهات مطاحنات، هنالك عز وذل وإسلام وكفر وسنة وبدعة وهوىً متبع، وحق وباطل، وإسلام وكفر، وشرك وتوحيد، ما يحدث الآن هو من سنن الله تعالى في عباده
، والمؤمن إذا تعرف على هذه السنن الإلهية فإنه يمشي وفقها؛ لأنها ترسم له الطريق، وتبين له النتيجة، وتعرفه سبيل النجاة.
السنن الإلهية موضوع ضخم جداً، السنن الإلهية موضوع حيوي ومهم جداً، السنن الإلهية يا أمة الله ويا عبد الله تتربى عليها وتشعر بالثقة بالله من خلالها، وترى الدرب والطريق، ترى نهايات الأشياء إذا رأيت مبادئها وأوائلها.
خصائص السنن الإلهية.
السنن الآلهية تتصف بالثبات وعدم التغير، ثابتة قوانين، كما قال تعالى: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًاسورة الأحزاب62، لا تتحول ولا تتبدل، عندما يقول مثلاً ربنا عز وجل في كتابه، ويخبر عباده أنه يأخذ الظالمين وأن للظلم نهاية، وأن الظلم لا يدوم فمعنى ذلك أنه لا بد للظالم من نهاية وأن الظلم لا يدوم مهما طالت الأوقات ومهما تغيرت الأحوال، هذه سنة جارية ثابتة.
السنن الإلهية تتصف بالشمول، فهي سنن عامة شاملة لكل البشر لجميع الأمم، على كل المخلوقات تنطبق، أفراد جماعات كائنات، قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِسورة الأنفال38.
السنن الإلهية تتصف ثالثاً بالحكمة والعدل؛ لأنه من فعل الله، وفعله ليس عبثاً، ما خلق السماوات والأرض باطلاً ولا لعباً، ولا لهواً، خلقه بالحكمة والعدل والقوانين هذه تسير وفق الحكمة والعدل الإلهيين، فإذن السنن الإلهية وفق حكمته وعدله، وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُسورة الأنعام115.
السنن الإلهية نافذة لا تتخلف متحققة الوقوع، وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاًسورة الإسراء77.
السنن الإلهية سنن إجبارية لا يستطيع أحد دفعها ولا منع وقوعها، ولا سريانها وجريانها ونفوذها، فهي جارية على الجميع طوعاً وكرهاً، وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَسورة آل عمران83، فالجميع خاضعون لمشيئته ومنقادون لأمره ولسننه وقوانينه سبحانه وتعالى.
هذه السنن والنواميس كثيرة متنوعة، ولنأخذ منها على سبيل المثال نستعرض بعضها ثم نفصل في واحدة منها.
أمثلة لهذه السنن الإلهية.
- سنة التغيير التي ذكرها الله بقوله: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْسورة الرعد11، فالتغيير يبدأ من النفس سواءً بالارتقاء والارتفاع إلى أعلى أو الانتكاس والهبوط والانحدار إلى أسفل، فإذا وجدت الأسباب فالنتائج تتبعها، إن حدوث التغيير من الله مترتب على حدوثه من البشر سلباً وإيجاباً على مستوى الأفراد، كما في الآية السابقة، وعلى مستوى الأمم كما قال تعالى في التغيير على مستوى الأمم، وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِشف التغيير، التغيير من جهتهم، والتغيير من جهته ما هو؟ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَسورة النحل112، لما غيروا فكفرت بأنعم الله غير الله عليهم فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَسورة النحل112.
فنعم الله على الأقوام والأمم منوطة ابتداءً ودواماً بأخلاق وصفات وعقائد وأعمال تقتضيها، إذا وجدت هذه وجدت هذه، ثبتت هذه ثبتت هذه، زالت هذه زالت هذه، تغيرت الأوضاع، فيسلب الله النعمة منهم، ويصبحون في ذل بعد العز، وضعف بعد القوة، ولو أخذنا سنة أخرى من السنن وهي سنة المداولة، أيها الإخوة والأخوات أرجو أن نتعمق ونحاول تفهم هذه القضية؛ لأنها تفسر لنا كل ما يجري الآن، الناس الآن عندهم دهشة من الأحداث لكن السنن الإلهية تجعلك تطلع على الواقع وتنظر إليه كأنه كتاب مفتوح وعندك منظار ونور تبصر به ما تفسير ما يجري، سنة المداولة، قال تعالى: وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِسورة آل عمران140، إذن تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء، لا تثبت لقوم إلى آخر الزمان ولا لشخص، وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِسورة آل عمران140، فتارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء، يرفع قوماً ويضع آخرين، ثم الذين وضعوا يرتفعون والذين ارتفعوا يتضعون، لكن هذه الحركة المداولة هذه لماذا؟ قال في الآية مبيناً حكمته وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَسورة آل عمران140، هذه الآية بنصها ومنطوقها، وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ، من الذي يثبت على الإيمان؟ في هذه المداولة من الذي يثبت على الدين، في هذه المداولة هنالك قتلى، وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء، في هذه المداولة هنالك ظلم وظالم ومظلوم، قال: وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، إذن هذه الأيام المذكورة في الآية هي أوقات النصر والفوز، ومداولتها بين المؤمنين وأعدائهم، أي تحويل الغلبة بينهم، مرة لهؤلاء ومرة لهؤلاء هي سنة من سنن الله فإذا كان للمؤمنين اجتماع وثبات وصحة نظر، وقوة عزيمة، وأخذ الأهبة وحسن الاستعداد، وعندهم إرادة صادقة كانت لهم الغلبة، وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍسورة الأنفال60، فإذا قصروا وعصوا أمر الله وتعدوا حدوده وأهملوا وفرطوا كانت الغلبة للباطل الذي أخذ بأسباب القوة المادية، يعني عندنا قوة الدين وقوة الدينا فإذا فرطنا فيهما، ديننا ضعيف ودنيانا مهلهلة، سيكون هنالك قوم آخرون من الأعداء عندهم دين هراء ولكن عندهم دنيا قوية، فمن الذي ينتصر؟ نحن ديننا ضعيف ودنيانا مهلهلة وأولئك أيضاً دينهم محرف وباطل ودنياهم قوية، أخذوا بالأسباب، أخذوا بأسباب القوة، من الذي يتفوق؟
طيب إذا عاد المسلمون إلى دينهم فصار دينهم قوياً وتوحيدهم لله قائماً، وتمسكهم بإسلامهم حاصلاً، وتطبيقهم لشرع ربهم قائماً سينصرهم الله ولا بد وتعود القضية وتنعكس الواقع والذين ارتفعوا ينزلوا، والذين كانوا مغلوبين ينتصرون وهكذا، ولذلك لا بد للمؤمنين أن يأخذوا بمستلزمات الغلبة والنصر وأولها الصدق مع الله واللجوء إليه، والقيام بدينه، أما أن نخالف الدين ونخالف الشريعة ونعاكس ما أراد الله منا، ونخرج عن دينه وعن حدوده وعن أحكامه ونخالف أحكامه ونعصي، فيريدنا مثلاً أن نتمسك بالتوحيد نفرط، نتمسك بالسنة نبتدع، نتمسك بالفروض والواجبات الشرعية كالصلاة والزكاة والصيام نفرط.
عندما يريدنا أن نحكم دينه في الاجتماعيات في شؤون المرأة، وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّسورة النور31، وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى سورة الأحزاب33، عندما يريدها سبحانه وتعالى، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىسورة الأحزاب33، عندما يأبى عز وجل الخلوة والاختلاط المحرم ثم نعاكس ونصر على انتهاك حدوده وتعدي أحكامه فالنتيجة واضحة وجداً ولا تحتاج إلى ذكاء كبير لمعرفة ما هو المصير.
- سنة أخرى من السنن: الصراع بين الحق والباطل، سنة المدافعة، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَسورة البقرة251، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، يدفع أهل الباطل بأهل الحق، يدفع أهل الشرك بأهل التوحيد، يدفع أهل الكفر بأهل الإسلام، يدفع أهل البدعة بأهل السنة يدفع أهل الهوى بأهل الصلاح، يدفع أهل المعصية بأهل الطاعة، أمراً بالمعروف نهياً عن المنكر جهاداً في سبيله، صدعاً بالحق، بياناً للدين، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، بالسنان واللسان، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَسورة البقرة251، المدافعة هذه الحراك، ما يسمى بالحراك هذا، وهؤلاء أطراف متخاصمون اختصموا في ربهم، هؤلاء المدافعة بينهم هي التي تصلح الأرض، ولولا هذه المدافعة لغلب أهل الفساد وأهل الشرك وأهل البدعة وأهل الكفر وأهل المعصية وبغوا في الأرض، وخارت الأرض صارت فاسدة كلها، ليس يوجد صالحون ولا يوجد أمر بمعروف ولا أذان ولا صلاة ولا مساجد ولا ذكر ولا علم، ولا طاعات، ولا أهل خير، وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ، لولا هذه المدافعة صار كل شيء لأهل الباطل، لكن الله عز وجل يدفع هؤلاء بهؤلاء، نعم ينتصر أهل الإيمان طوراً فإذا حصلت غفلة وترف نزلوا، ثم تابوا ورجعوا وأعدوا واستعدوا فانتصروا وغلبوا، ليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب، الله عنده قوانين الذي يسير عليها يصل، الذي يعرفها ينجح، إذا التزم بمقتضاها.
- خذوا مثلاً سنة أخرى من السنن الإلهية والكونية وهي سنة العقوبات والمثلات والتدمير لمن عصاه وخالف أمره، هذه أيها الإخوة والأخوات يعني لا تتخلف، أبداً، أهل الكفر والمعصية والذين خرجوا على أمره لا بد أن يذيقهم بعض ما عملوا، قال تعالى: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَسورة العنكبوت40، يعني سنة إهلاك الظالمين سنة حتمية يعني الله لا بد أن يذل الظالم، ويرغم أنف الظالم، ويزيل الظالم، لا بد أنه سبحانه وتعالى على سنته الكونية وحسب ما أخبرنا به أن لا يديم ظلماً يمهل للظالم نعم ليزدادوا إثماً والمظلومون يزدادون أجراً وتحصل المدافعة، لكن في النهاية لا يدوم الظلم، لا يدوم الظلم.
- من السنن الإلهية سنة التمكين في الأرض، وقبل أن نتكلم عن سنة التمكين نأخذ معنى الأخ أحمد.. تفضل يا أخي.
مداخلة بالهاتف....
طيب بالنسبة لهذا السؤال الله عز وجل جعل لنا موازين، فيقول الآن الأخ عن الأحداث، الأحداث الآن لا يحركها طرف واحد، وليست متماثلة في جميع البلدان، فيمكن أن يكون على سبيل المثال مثلاً، من يتحرك في مكان هم أهل الإسلام وأهل التوحيد وأهل السنة، وممكن أن يتحرك في مكان آخر أهل الشر وأهل البدعة وأهل الكفر وأهل الأهواء، فأولاً يا أخي الكريم لا بد نميز الباطل، أهل السنة أم أهل البدعة، أهل الإسلام أم أهل الكفر، فإذا وجدنا أن الذي تحرك أهل الكفر وأهل البدعة وأهل الشر فلا يمكن أن نساند هؤلاء، بل نسأل الله أن يكبتهم، ونسأل الله أن يفشل خطتهم، ونسأل الله أن يردهم على أعقابهم، ونسأل الله أن يطيح بقومتهم، ولا يجعل لهم راية ولا يحقق لهم غاية، وإذا وجدنا أن الذي يتحرك أهل الحق، أهل التوحيد، أهل الإسلام، أهل السنة، فعند ذلك ندعو لهم وننصرهم ونتعاضد معهم، ولا يجوز لنا أن نخذلهم، (المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه)[رواه البخاري2442]وإذا خذلناهم خذلنا الله، فلا بد لنا أن ننصرهم، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍسورة التوبة71، فإذا تخلينا عن مبدأ الأخوة الدينية والولاية بين المؤمنين فإن الله سيخذلنا، ولذلك فإن نصرهم ليس مسألة اختيارية ولا مسألة يعني قابلة للتردد أو نحن نفعل أو لا نفعل، ما عندنا خيار ولا تردد ولا شك، لا بد أن نقوم لله بنصرهم، الأخ قال: الدعاء والمساندة الإعلامية، والمساندة المالية، والاقتصادية والمساندة المعنوية، وتثبيت هؤلاء، كل شيء يمكن أن نفعله من أجلهم لا بد أن نفعله، أليسوا بإخواننا المسلمين الموحدين، أهل السنة أهل الحق، لا بد.
...
على أية حال كان أخونا أحمد يتكلم عن قضية دور العلماء، يجب على أهل العلم البيان، والله أخذ العهد عليهم بالتبيين، ولا يجوز لهم السكوت، وإذا سكتوا فإن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لأن الله أمرهم بالبيان، والساكت عن الحق شيطان أخرس، والناطق بالباطل شيطان ناطق، عندنا شيطان أخرس وشيطان ناطق وكلاهما مصيبتان عظيمتان، فالشيطان الناطق ملبس يساند الباطل بكلامه، ويأتي له بالأدلة، ويحشد له الأقوال من أجل أن ينصر الباطل ويشرعن الباطل ويساند الباطل، ثم يلبس على الناس في الحق ويجعلهم ينصرفون عن الحق، يريد صرف الناس وتحويل الناس عن الحق، يريد التغبيش والتظليل والتمييع وتغطية الأمور والغمغمة حتى لا يتضح الحق، فعلى هؤلاء لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، الناطق بالباطل طبعاً هذا أسوأ من جهة والساكت عن الحق أيضاً، فإن الله سبحانه وتعالى لا يرضى من عباده، اصطفاهم الآن بالعلم، ورفعهم بالعلم ثم يسكتون، اصطفاهم ورفعهم بالعلم ثم يتولون، فلا بد أن يقولوا هذا ظلم، هذا حرام، يجب مساندة المظلوم، هذا كفر، وهذه أدلة كفره، وهؤلاء أهل الإيمان، ويجب فعل كذا، ويجب فعل كذا، وقد قام ولله الحمد كما ذكر الأخ عدداً من أهل العلم ببيان الموقف ولكن المسألة تحتاج إلى مزيد بيان وبسط وكذلك تحتاج إلى تكاتف جهود وتعاون من أجل نصرة الحق، وأهل الحق، والرد على أهل الباطل، وتعرية أهل الباطل، وبيان فساد دين أهل الباطل وما هم عليه، من الكفر والبدعة، هذا أمر لا بد منه، هذا أوان الكلام فإذا لم يتكلم الآن فمتى يتكلم إذن، وإذا استمررنا في قضية السكوت أو الانصراف أو الصرف أو الإعراض وكأن القضية لا تعنينا، وكأنه ليس هناك شيء يحدث قريباً منا، فمعنى ذلك أن النار ستلتهمنا في الدنيا قبل الآخرة. ولذلكلا بد من بيان حقيقة الباطل، أهل الباطل أهل البدعة أهل الانحرافات والكفر يريدون احتلال بلاد المسلمين، والإغارة على بلاد المسلمين، وإذلال المسلمين الموحدين، وتقتيل أهل السنة، وتشريد أهل السنة، ويريدون أن لا شك في ذلك هذا يعني هم يندفعون إلى هذا، وشياطينهم تؤزهم أزاً، باطلهم الذي يدفعهم إلى هذا، يعني القضية المعركة واضحة جداً
لا بد من بيان حقيقة الباطل، أهل الباطل أهل البدعة أهل الانحرافات والكفر يريدون احتلال بلاد المسلمين، والإغارة على بلاد المسلمين، وإذلال المسلمين الموحدين، وتقتيل أهل السنة، وتشريد أهل السنة، ويريدون أن لا شك في ذلك هذا يعني هم يندفعون إلى هذا، وشياطينهم تؤزهم أزاً، باطلهم الذي يدفعهم إلى هذا، يعني القضية المعركة واضحة جداً
، ما تحتاج إلى كثير ذكاء، فإذن لا بد أن يكون هنا دور أهل العلم والدعوة إلى الله في تبيين الحق وحث الناس على مساندته ومناصرته، والدعاء إلى الله عز وجل، أن يزيل الغمة، وأن يكشف الكربة سبحانه وتعالى.
وسوف يكون هناك لنا إن شاء الله حلقه خاصة في تبيين كثير من هذه الأمور التي ذكرها الأخ وغيرها.
وأما بالنسبة لما سأل عنه أخونا محمد أيضاً في موضوع السنن الإلهية والكونية فإنهما واحد، يعني السنن الكونية هي سنن إلهية، ما في أحد وضع في الكون قوانين غير الله، ما في أحد يمشي الكون غير الله، فالسنن الكونية هي السنن الإلهية بلا شك، لكن في سنن يعني تسييرية، يعني مثلاً الشمس تدور هكذا، بهذه السرعة مثلاً، وتذهب تسجد تحت العرش وتعود وتطلع من الشرق، وتغرب في الغرب، وفي آخر الزمان يوم تشرق فيه، يعني تعود الشمس مرة أخرى لكي تشرق من المغرب. هذه القوانين الكونية الإلهية في الكواكب مثلاً في النباتات، في البحار، في الجو، البيئة، وهناك قوانين وسنن إلهية في الخلق، وهذه التي نتحدث عنه نحن الآن ومنها سنة التمكين يعني أن الله وعد المؤمنين إذا صدقوا معه وقاموا بأمره، وحكموا شرعه، أقاموا دينه أن الله ينصرهم، فلا يمكن أن يقوم المسلمون ويحكموا شرع الله ويقيموا أمره ثم يخذلهم، لا يمكن؛ لأنه قال: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِسورة الج41.
...
طيب، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌسورة الزخرف36، وهذا الشيطان الجني يؤزه لمرافقة شياطين من الإنس، شيطان الإنس والجن والجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غررواً ليأتي يوم القيامة نادماً على الصحبة السيئة التي رافقها، وعلى هؤلاء أصدقاء الشر الذين اتخذهم، ليتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضاً، وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا *لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا(سورة الفرقان27-29)، ولما نهانا الله عن القعود مع أهل الباطل، ولا تقعدوا معهم، هؤلاء الذين يخوضون في آياتنا لا تقعدوا معهم، أمرنا الله تعالى بضد ذلك وهو الجلوس مع أهل الخير فقال:وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًاسورة الكهف28، فهؤلاء الذين كنت معهم إن كانوا أهل سنة وأهل علم وأهل توحيد فلا بد أن تبقى معهم، وإن كانوا أهل جهل أو أهل بدعة أو أهل معصية فلا يجوز لك أن تبقى معهم، المشكلة تقع أيها الإخوة والأخوات في التخليط، الناس المخلطين، فيقول: والله أصحابي هؤلاء فيهم وفيهم، فيهم خير وفيهم شر، فيهم معصية وفيهم طاعة، يعني يقومون للصلاة لكن يعني يعملون أشياء، إذن عند الطاعة أنت معهم، وعند المعصية أنت تفارقهم، فإذا خشيت أن يسحبوك إلى المعصية فلا تجالسهم أصلاً، يا أخي الكريم قد تجد من يحرك قلبك إيمانياً بس ما عنده علم شرعي، فأنت قد تأتي مجالس معينة لما فيها من المواعظ، ومجالس أخرى لما فيها من العلم، ولكنني أنبهك إلى أن مجالس إحياء القلوب يجب أن لا يكون فيها ناس من أهل البدع؛ لأننا أغنياء عن إحياء القلوب بناس عندهم بدع، وإنما نأتي أهل العلم وأهل الحق ليحيوا قلوبنا، ولذلك إذا وجدتهم على دين وعلى صلاح وعلى سنة، ما عندهم بدع ما عندهم أشياء مخالفة للكتاب والسنة الزمهم، وكن معهم ولا تتركهم، وخصوصاً إذا أنكرت قلبك.
وأوصيك بالحرص على مجالس العلم، الدورات الشرعية، الدروس المسجدية، وخصوصاً المنطلقة من الكتاب والسنة، أي درس فيه درس تفسير، حديث، توحيد، عقيدة إسلامية لا تفوته، وكذلك مجالس الحلال والحرام والفقه التي يبين فيها الأحكام الشرعية أنت تحتاجها.
- من السنن الإلهية العظيمة أيها الإخوة والأخوات سنة الإصلاح، يعني أن الله لا يهلك البلد وأهلها مصلحون، الإصلاح ما هو الإصلاح؟ أن تعمر الأرض بطاعة الله، جعل الله الإصلاح وظيفة الأنبياء، والأنبياء قالوا لأقوامهم كما قال شعيب: إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُسورة هود88، الله أصلح الأرض ثماراً وبيئة، ومن جميع الجهات، الله عز وجل أعطانا أرضاً يعني في غاية الروعة، أعطانا بحاراً وأنهاراً وجبالاً، ونباتاً وأشجاراً وثماراً ومعادن، والله فيها رزق يكفي كل العالم، والله الذي لا إله إلا هو إن الأرض فيها معادن وثمار وأسماك تكفي كل العالم، ما أعطانا الله أرض فقيرة، ما أعطانا الله أرض أسكن فيها آدم وهي ما هي مهيأة، هي مهيأة للساكن وفيها رزقه، رزق للجميع وكافي ويغطي ويزيد، وفَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِسورة الملك15، قال الله لنا: وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَاسورة الأعراف56، لا تفسدوا فيها بالمعاصي، لا تفسدوا فيها بالشر، لا تقوموا فيها بمشروعات السوء أبداً، لماذا تفسدون، قتل، نهب، إفساد الأديان بالكفر والمعاصي والبدع، وإفساد الأنساب بالزنا، والاختلاط المؤدي للزنا، والتبرج المؤدي للزنا، والمصاحبات بين النساء والرجال المؤدية للزنا، لا تفسدوا العقول بشرب المسكر والمخدرات، لا تفسدوا الآداب بالوقاحات والبذاءات، لا تفسدوا المعايش والمرافق بالتلوث اجعلوا بيئتكم نقية، وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَاسورة الأعراف56.
الله عز وجل جعل ناس من المصلحين لا يضرهم من خذلهم، الإصلاح مهمة أتباع الأنبياء، حتى تصبح الأرض نقية، الإصلاح سبب لاتقاء غضب الله تعالى، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَسورة هود117، ليس لما يقوم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يناصحون يتكلمون، يكاتبون يجتمعون، فيقوم أهل الشر ويقولون: اللي ما هو عاجبه، ليه، لماذا؟ ماذا قالوا؟ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِسورة البروج8، وما نقموا منهم إلا أن يقوموا ببيان الحكم الشرعي، وما نقموا منهم إلا أنهم ينهون عن السوء والفساد في الأرض، وما نقموا منهم إلا أنهم قاموا غيرة على الأعراض، فلما يقوم أهل الخير والصلاح ببيان الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إخلاصاً لله لا هوى ولا شهوة ولا رياء ولا سمعة، فإن الله ينجي البلد كلها، {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم والمستقرئ للتاريخ يجد هذا، طول ما في مصلحون ومصلحات، البلد بخير، وإذا سكت صوت الحق وخفت ما في إنكار ولا أمر بالمعروف ولا أحد يقول للمنكر لا فأذنت بالخراب، آذنت بالخراب، والله عز وجل يهلك هلاك استئصال وهلاك انحلال وهلاك اختلال، وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواسورة الكهف59، ونحن نعرف أن الله يذل بالمعصية والله يملي للظلام حتى إذا أخذه لم يفلته.
ترك الإصلاح مصيبة بل يؤدي للعن، لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لماذا؟ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ *كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَسورة المائدة78-79، ما في أحد يقول للمنكر: هذا منكر، ما في أحد يقول للحرام: هذا حرام، ما في أحد يقول للعاصي: توقف اتق الله، لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ، ولأجل هذا يأتي العذاب، وإذا أردنا أن ننجو يا إخواني وأخواتي وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِسورة الأنفال25، تعم الجميع، (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه)[رواه الترمذي 2168 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير1973].
تعطيل الإصلاح الشرعي مصيبة، وإصلاح الدين يؤدي إلى إصلاح الدنيا حتى في المعايش وفي الأرزاق وفي الوظائف وفي الفرص وفي المشاريع التجارية، وهذا له كلام طويل، ميادين الإصلاح، سنأتي عليها بمشيئة الله تعالى في مناسبة أخرى، وقد سرني الجلوس إليكم.
أسأل الله تعالى أن يغفر لنا جميعاً وأن يتوب علينا وأن يصلح أحوالنا وأن يجعلنا في بلادنا آمنين مطمئنين وسائر بلاد المسلمين، وأن يجعل بلادنا عامرة بذكره قائمة بأمره، محكمة لشرعة وسائر بلاد المسلمين، وأن يجعلنا في عافية وخير وأن يقينا الزلات والفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يعافي إخواننا المسلمين وينصر المظلومين، ويفرج كرب المكروبين في أنحاء الأرض إنه سميع عليم أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.