الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

عقد الولاء بين المسلمين


عناصر المادة
الخطبة الأولى
حقيقة الولاء في الإسلام
لوازم الولا ء بين المؤمنين
تحديث النفس بالغزو
الخطبة الثانية
أنواع الموالاه
أهمية الولاء والبراء في الإسلام.

الخطبة الأولى

00:00:05

الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

حقيقة الولاء في الإسلام

00:00:29

عباد الله: إن هناك عقدا عظيما، إن هناك علاقة كبيرة، إن هناك وشيجة مقدسة في هذا الدين، ألا وهي ولاء المؤمن للمؤمن، وعقد الولاء بين المؤمنين، الذي عقده الله عقد الولاية بينهم.

قال سبحانه: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَسورة المائدة:55، فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا، ومن كان لله وليا فهو ولي لرسوله وللمؤمنين، ومن تولى الله ورسوله فإن هذا التولي لا يتم إلا بتوليه للمؤمنين، الذين قاموا بالإيمان ظاهرا وباطنا، وأخلصوا للمعبود بإقامتهم لواجبات الإسلام، وقوله: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْأي: يجب قصر الولاية عليهم وعدم تولي غير هؤلاء، فقط تتولى الله ورسوله والذين آمنوا.

لوازم الولا ء بين المؤمنين

00:01:58

عقد الولاء بين المؤمنين يدور على الحب لمن تتولاه، وينبني عليه لوازم، هذا الولاء يجب أن يترجم الحب إلى نصرة وتأييد، ولا بد أن يكون له في الواقع شيء ملموس محسوس، وإلا كان التولي من المؤمن للمؤمن كان كلاما، وإنه في الحقيقة والإيمان وميزان الشرع إنه شيء له آثاره وتبعاته، وكذلك فإنه قضية كبيرة.

الولاء للمؤمنين عبادة من العبادات، الولاء للمؤمنين من صلب العقيدة، الولاء للمؤمنين لا بد منه لا بد من الولاء للمؤمنين بنصرتهم ومظاهرتهم ومعاونتهم، فإذا كان تولي الكافرين كفر فإن تولي المؤمنين من صميم الإيمان، والله ذم الذين يتولون الكافرين، فقال تعالى:تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ۝ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَسورة المائدة:80-81.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فذكر جملة شرطية تقتضي أن إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف لو الذي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط، فقال: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءفدل ذلك على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذ الكفار أولياء، ودل ذلك على ان من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، وقد قال ﷺ: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله[رواه أحمد: 18524]، قال الشيخ سليمان بن عبد الله ابن محمد ابن عبد الوهاب حفيد إمام الدعوة، فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله، ولوكان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن فرقانا بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وقد كان النبي ﷺ يبايع أصحابه على تحقيق هذا الأصل العظيم، فقد قال ﷺ: أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين[رواه النسائي:4177، وأحمد: 19233]،

وتأمل هذه العبارة التي سطرها الفقيه العالم أبو الوفاء ابن عقيل -رحمه الله- "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، ولكن انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة"، وأهل السنة يرحمون الخلق، ويعرفون الحق، فهم أحسن الناس للناس، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، وهم في وئام تام، وتعاطف وتناصح وإشفاق، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، حتى قال أيوب السختياني -رحمه الله-: "إنه ليبلغني عن الرجل من أهل السنة أنه مات فكأنما فقدت بعض أعضائي"، وقال قوام السنة إسماعيل الأصفهاني: "وعلى المرء محبة أهل السنة في أي موضع كانوا رجاء محبة الله لهم"، كما قال رسول الله ﷺ: وجبت محبتي للمتحابين في[رواه الطبراني:150]، وعليه بغض أهل البدع في أي موضع كانوا حتى يكون ممن أحب في الله وأبغض في الله، فالولاء للمؤمنين أيها الأخوة يكون بمحبتهم لإيمانهم ونصرتهم والإشفاق عليهم والنصح لهم والدعاء لهم ومواساتهم وإعانتهم، وغير ذلك من أنواع وصور وآثار الموالاة وقد قال النبي ﷺ: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه[ ومسلم:2564].

قال العلماء: لا يخذله، الخذل: ترك الاعانة والصر: ومعناه: إذا استعان به أي: المسلم بأخيه المسلم- في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا امكنه، ولم يكن له عذر شرعي، وكذلك قال ﷺ: المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه[البخاري:2442، ومسلم:2580]، قال ابن حجر -رحمه الله- في شرح الحديث للبخاري: المسلم أخو المسلم هذه اخوة الإسلام، فإن كل اتفاق بين شيئين يطلق بينهما اسم الاخوة، ومعنى: لا يسلمهأي: لا يتركه مع من يؤذيه، ولا فيما يؤذيه، بل ينصره، ويدفع عنه، وهذا اخص من ترك الظلم، ليس فقط أن يترك ظلم المسلم، ولكن أن يحامي عنه ضد الظالمين، وفي رواية: ولا يسلمه في مصيبة نزلت به[الطبراني:13239] رواه الطبراني-رحمه الله تعالى- قال أهل العلم: لا يسلمه أي: لا يخذله بل ينصره، قال ابن الاثير في النهاية: أسلم فلان فلاناً إذا القاه في التهلكة ولم يحمه من عدوه فهذا يعتبر أنه أسلمه، إذا لم يحمه من عدوه فهذا عقد الاخوة الذي عقده الله بين المسلمين، المسلم أخو المسلم لا يخذله، قال شراح الحديث الخذلان: "ترك النصرة والاعانة".                                                                          قال النووي: معناه "إذا استعان به، أي: إذا استعان المسلم بأخيه المسلم في دفع ظالم ونحوه لزمه إذا امكنه ولم يكن له عذر شرعي، فهذا بعض ما بين النبي ﷺ في هذه العلاقة، بالإضافة الى قوله: انصر أخاك ظالماً او مظلوما[رواه البخاري: 2443].

عباد الله: إن هذا الولاء الذي عقده الله بين المسلمين هو عقد ولاء عظيم والله، إنه عقد ولاء كبير يترتب عليه أمور كثيرة جدا،ً لا بد أن يحسب المسلم حسابها، إنه على المستوى الفردي ينصر أخاه المسلم، فهو يأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، وكذلك فإنه أيضاً يلين له، ويخفض جناحه، كما قال الله: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَسورة المائدة:54 وبالإضافة الى ذلك فهو يتضامن لأهل الإيمان تواضعاً ولينا، وهو أيضاً يحبهم ويؤثرهم على نفسه كما قال الله: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ سورة الحشر:9،فبلغت بهم المحبة والمودة والموالاة انهم يفضلون ويؤثرون إخوانهم في الله على أنفسهم بمالهم الذي هو ملكهم الخاص، وديارهم التي هي ممتلكاتهم الخاصة، بل لما دخل الإيمان في قلوبهم عرض الواحد إحدى زوجتيه على الآخر، أن يطلقها فتعتد، ثم يتزوجها ذاك، فهو يطلقها له، ثم المسلم يحفظ حرمة أخيه المسلم، ولا يرضى أن تنتهك إطلاقاً، وهو أيضاً على مستوى العلاقة الفردية لا يحسده، ولا يبيع على بيعه، ولا يبغضه، ولا يقاطعه ويهاجر ويدابره، وكذلك لا يحقره، ولا يتجسس عليه، ولا يسيء الظن به، ولا يهجره فوق ثلاث، ولا يغتابه، فضلاً عن أن يبهته ولا يمشي بنميمة؛ لكي يضره، وكذلك فإنه يحذر من أن ينتهك عرضه فضلا عن أن يسفك دمه، لقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- قد ضربوا الأمثلة الرائعة في عقد النصرة بين المؤمنين، وأرونا نحن كما أرو الأجيال السابقة، وسترى الأجيال اللاحقة من أخبارهم شيئا عجيبا ونموذجا فريدا، فترى المهاجرين يهجرون أوطانهم ومسقط رؤوسهم، ويتركون أهليهم وأموالهم، ويخلفون أولادهم وراءهم بمكة، ويهاجرون إلى المدينة نصرة لله ولرسوله، ولهذا الدين، وفي المقابل نجد نصرة أخرى من نوع خاص وطراز فريد من هؤلاء الأنصار الذين نصروا إخوانهم في الله من المهاجرين فآووهم في أرضهم، وأغدقوا عليهم من أموالهم ومما في أيديهم من فضل الله، سخاء وجودا إيثار لهم حتى ولوكانوا في شدة وضيق، فقال الله مادحا لهم في نصرتهم لإخوانهم المهاجرين:وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُواسورة الحشر:9 لا يجد الأنصار حاجة في صدورهم مما أوتي المهاجرين من الفضيلة؛ لأن المهاجرين أفضل في الجملة، وهذا المدح موصول بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍسورة الأنفال:72 هذه هي الولاية الحقيقية لقد طبقها الصحابة عمليا، قال ابن كثير -رحمه الله-: "ذكر -الله تعالى- أصناف المؤمنين، وقسمهم إلى مهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم، وجاؤا لنصر الله ورسوله، وإقامة دينه، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك، وإلى أنصار وهم المسلمون من أهل المدينة، إذ ذاك آوو إخوانهم المهاجرين في منازلهم وواسوهم في أموالهم، ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم، فبعضهم أولياء بعض، كل منهم أحق بالآخر من كل أحد، المسلم أحق بالمسلم من أي شخص آخر، ليس على الدين، وقد بين الله وجوب هذه النصرة في قوله تعالى: وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ يبين وجوب مناصرة المسلم للمسلم إذا استنصره واستنجد به وطلب منه النصرة، إنها قضية كبيرة حذر الله من يتخلف عنها بقوله: وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ سورة الأنفال:73، قال ابن كثير: "وإلا وقعت فتنة بالناس وهو التباس الأمر، واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل.

وهذه النصرة لها أوجه فمنها: النصرة بالنفس، بأن يحمل المؤمن روحه على كفه لنصرة إخوانه في الدين، وحماية لأعراض المسلمين، وصونا لمقدساتهم، وحقنا لدمائهم ولا يبالي بأي خطر، ولا يمنعه رغد عيش من نصرتهم، ولا الإقدام على البذل لأجلهم؛ لأنها حلقات في عقد واحد، العقد الإسلامي والجسد الإسلامي، إنهم ككرات الدم في جسد واحد، يعاضد بعضها بعضا، وتتجه صوب العدو فتحيط به تفترسه.

كذلك النصرة بالمال، إنه باب واسع للمسلمين لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةًسورة النساء:950.

وقد تكون النصرة في أن يخلفه في أهله وماله يخلف المسلم أخاه المسلم في أهله وماله مما يكون له الأثر العظيم في ذب القلق والهم عن ذلك المجاهد في سبيل الله ويبعثه على الشجاعة والإقدام وعدم مهابة الموت؛ لأن أهله وماله في حرز أمين عند إخوانه المسلمين، وأنهم لن يضيعوا، وأن الله قد سخر له إخوة في سبيله يخلفونه في أهله وماله، فيحافظون عليهم، ويراعون حرمتهم؛ ولذلك قال النبي ﷺ مبينا عظم هذه النصرة: ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا[رواه مسلم: 1895] وقال ﷺ: ليخرج من كل رجلين رجل[مسلم: 1896] ليبقى الآخر يدافع عن أهله وأهل الأول، ثم قال للأول: أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج[رواه مسلم: 1896]  أيكم خلف الخارج يعني: في سبيل الله، خلفه في أهله وماله بخير فصانهم وراعاهم واعتنى بهم وحافظ عليهم، أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج وهذا الخلف بالخير يكون بالبر والإحسان إليهم، وقضاء الحوائج، وحرمة نساء المجاهدين عظيمة، فقال النبي ﷺ: حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم[رواه مسلم: 1897]، سبحان الله على هذا التشبيه العجيب حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، الحديث في مسلم، يقول ﷺ: وما من مسلم من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله وفي رواية: يقال له خذ من حسناته ما شئت ثم التفت إلينا رسول الله ﷺ وقال: ما ظنكم[رواه أبو داود: 2496].

تحديث النفس بالغزو

00:20:31

وأما النصرة بالدعاء وتحديث النفس بالغزو فإنها نصرة عظيمة، فإن من عقد الولاء من المسلم للمسلم أنه لا يعجزه أن يدعو لإخوانه بالنصر والتمكين، وسحق أعداء الدين، وإظهار الحق وأهله، وهزم الباطل وهكذا.

وقال ﷺ مبينا أهمية تحديث النفس بالغزو واستمرار التذكير بذلك بين الفينة والفينة، وأن المسلم لا يجوز له أن ينسى هذا، قال: من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق[مسلم:1910]. فيجب استمرار تحديث النفس بالغزو رجاء إصابة ذلك الأجر العظيم، سواء مات في ساحات الوغى منافحا عن الله ورسوله ودينه، أو مات على فراشه، فإنه يكتب له مثل أجر المجاهد في سبيل الله إذا صدقت النية.

اللهم إنا نسألك أن تنصر المسلمين، وتعلي راية الدين، اللهم انصر عبادك الموحدين، وأيد المجاهدين في سبيلك، إنك على كل شيء قدير.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

00:22:00

الحمد لله رب العالمين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا رسول الله، ﷺ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أنواع الموالاه

00:22:14

عباد الله: إن من مقتضيات الإيمان البراءة من المشركين، وكما أن الولاء للمسلمين واجب فإن البراءة من الكفار واجبة أيضا، بل هي من صميم الدين لا يجتمع الإيمان ومناصرة الكفر إطلاقا.

قال العلماء: موالاة الكفار على نوعين: موالاة عامة مطلقة، وهذه كفر صريح وخروج من الدين بلا شك، لقوله تعالى:وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْسورة المائدة:51

والثانية: موالاة خاصة؛ لغرض دنيوي مع سلامة اعتقاد هذا الذي وقع في شيء من مداهنتهم ومصانعتهم، فهذه كبيرة عظيمة من الكبائر، ويجب على المسلمين أن يحذروا من الكفار، وقد قال الله لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةًسورة آل عمران:28 وكذلك بين الله حكم هذا بقوله: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍوقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا سورة النساء:144 وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَسورة المائدة:51 والسبب في هذا واضح جدا، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، هذا أولا، لا يراعون عقدا ولا ميثاق، فهم إذا تخلصوا من طرف تحولوا إلى الطرف الآخر؛ ليقضوا على المسلمين الواحد تلو الآخر، إنهم يكرهون ما أنزل الله، ويكرهون الخير الذي أوتيناه، قال تعالى: مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْسورة البقرة:105، إنه الحسد الذي بدا من أفواههم قال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِمسورة البقرة:109، لماذا؟ حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم

أهمية الولاء والبراء في الإسلام.

00:24:45

وهكذا يكون الوضوح في هذه القضية الإيمانية الخطيرة.

قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ابن محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله: مسمى الموالاة يقع على شعب متفاوتة منها ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية ومنها ما دون ذلك من الكبائر والمحرمات.

فإذًا القضية درجات القضية درجات، وهكذا تبدأ من مسلسل الخروج عن الملة بمظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين كما قال تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، وقال -رحمه الله- ومنها أي: من الولاء للكفرة عدم تكفير الكفار، أو التوقف في كفرهم، أو الشك فيه، أو تصحيح مذهبهم، فما بالك إذا بمن يدافع عنهم؟ ويصفهم بأنهم إخوان في الإنسانية؟ وإذا كان ذلك كذلك فإن أبا جهل أخونا في الإنسانية، وإذا كان ذلك كذلك فإن فرعون أخونا في الإنسانية، وهكذا هامان وأبي بن خلف وسائر المشركين والزنادقة والملاحدة والمنافقين يكونون إذا إخوان في الإنسانية.

عباد الله: إن هذه المسألة من الأمور الخطيرة جدا؛ لأنها متعلقة بعقد الإيمان ومتعلقة بصحة الإسلام متعلقة بقضية النجاة من الخلود في النار.

إنها مسألة قلبية واضحة للغاية ولها انعكاسات واقعية عملية.

اللهم اجعلنا سلما لأوليائك، حربا على أعدائك، نحب بحبك من أحببت، ونبغض ببغضك من أبغضت، اللهم إنا نسالك أن تجعلنا من الأخيار ... ومن حزبك الذين لا يخسرون يارب العالمين، اللهم إنا نتبرأ إليك من الشيطان وحزبه وسائر الكافرين يا رب العالمين، اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مؤمنين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم ارزقنا نصرة دينك يا رب العالمين، إجعلنا ممن نصر الدين، اللهم اجعلنا ممن نصر الدين، يا رب العالمين، واكتب لنا الشهادة في سبيلك، إنك على كل شيء قدير، اللهم انصر إخواننا المسلمين في فلسطين، وفي كشمير، وفي سائر الأرض يا رب العالمين، اللهم أيدهم بمدد من عندك، وعون من عندك، وأنزل عليهم سكينتك، اللهم إن نسألك لهم الأمن والإيمان، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح ذات بيننا واجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا آمنا فيه يا ربنا ومن أراد بلدنا هذا أو بلاد المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، اللهم مزقه شر ممزق اللهم اجعله عبرة للمعتبرين اللهم وأنزل به بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم احفظ أوطان المسلمين من المعتدين اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد والنجاة يوم المعاد، اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ولوالدينا ولسائر المسلمين اللهم أخرجنا من ذنوبنا كيوم ولدتنا أمهاتنا اللهم اجعل خير أيامنا يوم نلقاك اللهم توفنا وأنت راض عنا اللهم بيض وجوهنا يوم العرض عليك، ولا تخزنا عند الوقوف بين يديك، وآتنا صحائفنا بأيماننا، وارزقنا شفاعة نبيك ﷺ، أوردنا حوضه واجعلنا من رفقته ونجنا على الصراط يا ربنا إنك أنت السميع العليم.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَسورة الصافات: 180-182 .

1 - رواه أحمد: 18524
2 - رواه النسائي:4177، وأحمد: 19233
3 - رواه الطبراني:150
4 - ومسلم:2564
5 - البخاري:2442، ومسلم:2580
6 - الطبراني:13239
7 - رواه البخاري: 2443
8 - رواه مسلم: 1895
9 - مسلم: 1896
10 - رواه مسلم: 1896
11 - رواه مسلم: 1897
12 - رواه أبو داود: 2496
13 - مسلم:1910