الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فمرحباً بالإخوة والأخوات وحياكم الله على البُعد.
والنفوس مشتاقة إلى شهر رمضان.
كما أن لقاء الإخوة في الله عبادة عظيمة، والمجالسة معهم كذلك كما قال تعالى في الحديث القدسي: وجبت محبتي للمتجالسين في [رواه أحمد: 22030، وقال محققو المسند: "صحيح"].
وإخواننا في بلاد الغربة لهم حق عظيم، والتواصي معهم كذلك له شأن كبير.
مواسم الخيرات تقترب، وأيام البركات والرحمات تدنو من المسلمين، وهذا الشهر العظيم على الأبواب آتٍ بالخيرات والمغفرة من الله -تعالى-.
نسأل الله أن يبلغنا إياه وأن يوفقنا فيه لما يحب ويرضى.
ونتواصى مع إخواننا في الله دائماً في حق هذا الشهر وفي غيره، وكذلك في حق هذا الدين العظيم عموماً.
وإخواننا في سويداء القلب، السويد سويد في سويداء القلب. محبتهم جميعاً.
الوسطية من مبادئ الإسلام
والاعتدال والوسطية في شريعة الإسلام لها شأن عظيم نتحدث عنه في مقدمة هذا اللقاء.
ودين الإسلام جاء بالاقتصاد، والاعتدال، والتوازن بين الغلو، والجفاء، والإفراط والتفريط في أمور العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والمعاملات.
أمة الإسلام هي خيار الأمم، وأعدلها، وأوسطها، وأكرمها على الله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143] قال الرسول ﷺ: الوسط العدل [رواه البخاري: 3339].
وسط كما قال الطبري -رحمه الله- لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه كغلو المترهبنة الذين قالوا في عيسى ما قالوا، ولا أهل التقصير من الملة الغضبية الأخرى، الملعونة الذين بدلوا كتاب الله، وقتلوا أنبياءهم.
المسلمون أهل توسط واعتدال [ينظر: جامع البيان: 3/142].
ولا مانع أن يكون المراد بالآية العدل والتوسط في الدين.
وسطية الإسلام، التوسط والاعتدال أخذ بالأيسر، وكذلك التزام بأوامر الشرع، فلا يمكن أن يكون التوسط انحلالاً من الدين، أو تركاً لواجب، أو فعلاً لمحرم، وإنما هو لا تقصير، ولا غلو، ولا إفراط، ولا تفريط، مدح الله عباده المؤمنين بذلك، فقال: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا [الفرقان: 67].
نجد التوسط في صوت المسلم بالذكر: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ [الأعراف: 205] كن متوسطاً، لا تجهر وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [الإسراء: 110]، قال ﷺ: سددوا، وقاربوا، واغدوا، وروحوا الغدوة أول النهار، والروحة آخر النهار وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا [رواه البخاري: 6463].
الدلجة آخر الليل.
وقوله: القصد القصد أي الزموا القصد.
والقصد: الوسط المعتدل، الزموا الوسط المعتدل.
والنبي ﷺ قال مبيناً لنا إياكم والغلو، وكما قال الله: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ [النساء: 171]، وقال ﷺ: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه أي لا يشدد أحد على نفسه ويتعمق تعمقاً لم يوجبه الله عليه إلا عجز وانقطع في النهاية، ولذلك قال: فسددوا وقاربوا [رواه البخاري: 39]، قال ﷺ: يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين حديث صحيح [رواه ابن ماجه: 3029، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 1283]، وقال: هلك المتنطعون [رواه مسلم: 2670] أي الذين يشددون على أنفسهم أمور الدين والدنيا ويجاوزون حدود الله، كالذين يحرمون اللحم، ويحرمون نكاح النساء، ولا ينامون في الليل يقولون: طول الليل قيام. وكذلك لا يفطرون طيلة العام فيقولون: العام كله صيام، فالنبي ﷺ أخبر أنه ينام، ويقوم، ويصوم، ويفطر، ويتزوج النساء، ويأكل اللحم: فمن رغب عن سنتي فليس مني [رواه البخاري: 5063، ومسلم: 1401].
هكذا إذاً منهج الإسلام توسط واعتدال.
وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، يعني ترك واجب، فعل محرم، وإما إلى مجاوزة وغلو، مثل: إيجاب ما لم يوجبه الله، وتحريم ما لم يحرمه الله.
قال بعض السلف: ولا يبالي الشيطان بأيهما ظفر. يعني إذا ظفر منك بهذه، أو بهذه مكسب للشيطان.
لو نظرنا في قضايا العقيدة مثلاً: الولاء والبراء من أعظم أصول الإيمان، ومقتضيات شهادة التوحيد، الولاء المحبة، وأصل البراء البغض، فالولاء هو نصرة، ومحبة، وإكرام، واحترام، ومعاونة، وتولي، يتولى المؤمن إخوانه في الله، البراء بُعد وخلاص وعداوة، وإعذار وإنذار، ومفارقة.
الولاء هذا من أصول الشريعة العظيمة: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة: 55 - 56]، وقال الله -تعالى-: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ [التوبة: 71] يعني في المحبة، في النصرة، في التعاون، في الموالاة، في التعاضد، في دفاع بعضهم عن بعض، في قيام بعضهم بأمور بعض.
وفي المقابل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ [الممتحنة: 1] النبي ﷺ سئل: أي عرى الإيمان أوثق؟ فقال: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله [رواه الطبراني في الكبير: 11537، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 1728] هذا شيء أصلي في المؤمن، في القلب، يظهر أثره على اللسان والجوارح.
والمؤمن ينصح إخوانه، يسلم عليهم، يدعو لهم، يواسيهم، يعاونهم، يشاركهم في الخير، يعاونهم على البر والتقوى.
وكذلك البراءة من الشرك والمشركين ببغض هذا الشرك، وهذا الكفر وأصحابه، ومخالفتهم، وعدم التشبه بهم، والتبرؤ منهم، وعدم الركون إليهم، وكذلك عدم المشاركة في مناسبات الكفر أو التهنئة بها، مع سعي المسلم للخلاص من تلك البيئات والأوساط، وأن يكون للمسلمين بيئاتهم، وأن يكون لهم ذلك المكان الذين يعبدون الله فيه، ويقيمون فيه شرع الله .
بالنسبة للمعصية أيضاً، تبغض صاحب المعصية بقدر ما عليه من المعصية، قد يكون فيه إيمان وفسوق، يعني طاعة ومعصية، فأنت تحبه وتوليه بحسب ما عنده من الطاعة، وتبغضه بحسب ما عنده من المعصية، وتهجر معصيته، وتكره معصيته، ولا تشاركه فيها، ولا تجلس معه على مائدة يدار عليها الخمر على سبيل المثال، هذا من باب البراءة من أهل المعصية: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر".
مفاسد ضياع الوسطية
هذا المبدأ الشرعي العظيم العقدي يتعرض إلى غلو وتفريط، فمثلاً: التفريط، إلغاؤه، تهميشه، التهجم عليه، ويقال: من البدعة تقسيم الناس إلى مسلم وكافر، الله قسمهم هكذا هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ [التغابن: 2] فبعضهم يريد إلغاء هذا الحاجز بحجة نبذ التعصب، وأن هذا يشوه الإسلام، وأن المسلم يحب كل الناس، يعني عباد الشجر، والحجر، والبقر، كله، الملاحدة، اللي ما له دين.. كله، يحبهم، هذه طبعاً قضية خطيرة جداً وواضحة للغاية، والله هو الذي جعل أهل الجنة وأهل النار، وجعل المسلمين والكفار، ولا بد للمسلم من التمييز بينهما: أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ [السجدة: 18]، أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية: 21].
وكل هذا -طبعاً- لا ينافي أن المسلم يحب الخير للآخرين، يحب هداية الكفار، وكذلك لا يعتدي على مسالم أبداً، لا يعتدي على كافر ومسالم، ولا يغش، ولا يسرق ماله، ولا يظلمه، ولا يعتدي عليه، لا في عرض، ولا في دم، ولا في مال.
وكذلك المسلم لا يكفر المسلم، بعض الناس الآن ابتلينا بقضية الغلو بشكل كبير في المقابل فيجعل عقيدة البراء هذه تشمل المسلمين، يتبرأ من مسلمين، يستحل دماء المسلمين، يستحل أموال المسلمين، يستحل أعراض مسلمين، يقع فيهم، وهكذا..
-سبحان الله- هذا الدين الوسط عجيب، هو في الوقت الذي يأمرنا ببغض الشرك والمشركين يقول: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة: 8].
وكذلك فإن الدعوة إلى عقيدة غريبة، عجيبة، أجنبية عن الإسلام، مخترعة، يقولون: لا ولاء، ولا براء.
هذه دعوة خبيثة ماكرة، تهدف إلى خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام، تقويض دعائمه، مساواة الحق بالباطل، مساواة الإسلام بالكفر، الدعوة إلى دين جديد اسمه: دين الإنسانية باختصار، دين جديد اسمه دين الإنسانية، كل الناس سواء، ما داموا بشراً.
والله بين أن المسلمين لهم أحباب ولهم أعداء، ما في شك يعني وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ [البقرة: 217]، وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء [النساء: 89]، وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة: 120] كما أخبر ربنا في كتابه، فإلغاء الفوارق هذا باطل، كيف تلغي الفارق بين المعروف والمنكر؟ كيف تلغي الفارق بين الإسلام والكفر؟ كيف تلغي الفارق بين الحق والباطل؟ كيف تلغي الفارق بين السنة والبدعة؟ تريد أن تكسر الحواجز النفسية التي جعلها الله حتى ما يتسلل إلى نفوس المسلمين أشياء، تقول: لا ولاء ولا براء؟
هذا التمييع إذاً مرفوض ومخالف لعقيدة التوحيد.
بعض المسلمين أيضاً يعتقد في الغلو أن البراءة معناها العدوان على أي كافر، وهذا غير صحيح، هذا منكر عظيم، فيكون بينه وبين الكفار عهد فيخترقه، يكون مثلاً أمنوه على مال فيسرقه، أمنوه على دم فيسفكه، ما يوفر شيء يعني، والنبي ﷺ قال: من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد مسيرة أربعين عاماً [رواه البخاري: 3166]، والمُعاهد من كان بينك وبينه عهد.
فإذاً، في الإسلام أهل ذمة، فيه أهل عهد، فيه أهل أمان، وفيه أهل صلح، معاهدة، لا شك في ذلك، نحن أهل الإسلام مأمورون بالعدل، مأمورون بالإحسان، وكذلك الله فرق، قال: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة: 8 - 9].
كذلك بعض الناس يقع في تفريط، فمن جهة يتشبه بالكفار، وأعيادهم، ومناسباتهم، ويخالطهم المخالطات المحرمة، ويجلس معهم على منكر، والنبي ﷺ قال: من تشبه بقوم فهو منهم [رواه أبو داود: 4031، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح: 4347].
وفي المقابل من يقول: ما آخذ منه شيئاً أبداً، ملابسهم حرام، مصنوعاتهم حرام، الأنظمة التي طوروها حرام، مخترعاتهم حرام، سياراتهم حرام، طياراتهم حرام، حاسباتهم، وأجهزتهم الكمبيوتر حرام، الأنظمة المرورية تبعهم حرام، ما آخذ منهم أي شيء، نظام طبي، ولا تقني زراعي، ولا تقدم مهني، ولا... من قال ذلك؟
النبي ﷺ أخذ من الفرس عن طريق سلمان الفارسي فكرة الخندق.
عمر أخذ منهم فكرة الدواوين: ديوان الجند، ديوان الخراج، ديوان الأيتام... دواوين لتنظيمات إدارية.
فكرة ما نأخذ أي شيء، هذا من الغلو.
بعض الناس عندهم تفريط، النبي ﷺ قال: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام [رواه الترمذي: 1602، وأحمد: 7617، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2725].
فيمكن يروح يسلم عليه ويفعل كل شيء ويهنئهم بأعيادهم، تمييع للدين، لكن بعضهم يقول: لا، كافر غير محارب، لا تهنئه بزواج، ولا بولادة طفل، ولا بقدوم غائب.. ليش يا أخي؟ ليش؟ أليس الجار له حق؟ يعني جارك الكافر، هو الجيران ثلاثة، وهو جار مسلم قريب له حق الإسلام وحق القرابة؟ وجار مسلم ما بينك وبينه قرابة له حق الإسلام والجوار؟
يعني حق الإسلام، والجوار، والقرابة وحق الإسلام والجوار، وجار كافر له حق الجوار، يعني ما يجوز تؤذيه، إزعاج، ضوضاء، ترمي القمامة أمام بيته، تغلق عليه باب كراج السيارات، تضع في طريقه الأذى، أولادك يعتدون، يضربون أولاده، ما يجوز، وإن كان على غير دينك، لكن ما دام ليس محارباً، ولا أخرجونا من ديارنا، ولا ظاهروا على إخراجنا، فكيف تعاملهم معاملة الذين ظاهروا، قاتلونا في الدين، وأخرجونا من ديارنا، وظاهروا على إخراجنا؟ ليسوا سواء.
مثلاً من الغلو أن يقال: حرام تعزية الكافر في مصيبة.
يا أخي ما هو حرام، يعني أنت ما يجوز تدعو بالرحمة والمغفرة لكافر مات؛ لأن الكافر إذا كان من أصحاب النار لن يغفر الله له، لكن التعزية شيء آخر، أنا ممكن أقول مثلاً له: أنا أتألم لألمك، جبر الله مصيبتك، ما في مانع يقال للكافر: جبر الله مصيبتك، ما في مانع يقال له: عوضك الله خيراً، ما في مانع أن يقال للكافر إذا مات ولده: عوضك الله خيراً.
يمكن الخير يجي لولده المسلم، يرزق ولداً مسلماً، فإذاً جبر الله مصيبتك.
لو قلت للكافر: هذه حال الدنيا، كلنا سنموت أيش فيها؟ ما فيها شيء، هذا بالعكس، تذكير لك وله، موعظة لك وله، لو رحت وقلت له: هذه حال الدنيا، كلنا سنموت، نحن أموات أبناء أموات، جبر الله مصيبتك، عوضك الله خيراً، أيش فيها؟
هذا شيء وشيء آخر أن يقال: هذا الكافر رحمه الله، غفر الله له، لا.
فإذًا، لاحظ قضية فقدان الوسطية يؤدي إلى مشاكل.
وسبب فقدان الوسطية: عدم الفقه، ما في علم شرعي صحيح.
أقسام التعامل مع غير المسلمين وحكم كل قسم
التعاملات المالية: ما حكم التعامل مع غير المسلمين؟
الأصل الجواز، تشتري منهم بضاعة، تبيعهم بضاعة، تستأجر منهم، لا مانع، تحول له فلوساً، كفالة.
إذًا، المعاملات المالية مع غير المسلمين جائزة إذا كانت مباحة.
وعقيدة الولاء والبراء هذه لا تمنع في الشرع المعاملة معهم، النبي ﷺ اشترى وباع من اليهود؟ أما كانوا أعداءه؟ وكانوا أعداء له في المدينة؟ رهن درعه عند يهودي؟
إذاً، ما في تلازم بين البراءة وبين التعامل المالي، ما هو معناها إنه إذا أنا أبرأ إلى الله من كفره، أبرأ إلى الله من شركه، أبرأ إلى الله من أنه يقول عن الله إنه ثالث ثلاثة، ولا إن عيسى ولده، ولا إنه مريم زوجته... أبرأ إلى الله، لكن هذا ليس معناه أنه ما أشتري منه جهاز كمبيوتر، ما أشتري منه جهازاً؟ لماذا ما أشتري منه؟
وقد يكون في ذلك فوائد للمسلمين.
ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "توفي رسول الله ﷺ ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير" [رواه البخاري: 2916].
هذا يدل على جواز التعامل معهم، ولو كانت عقائدهم فاسدة فالمعاملة من هذا النوع ما فيها شيء.
كذلك التعاون معهم في أمور مباحة، لو تعاونت مع جيرانك الكفار في تنظيف الشوارع، لو تعاونت مع الكفار في حفظ البيئة، لو تعاونت مع الكفار في حفظ الصحة، لو تعاونت معهم في مكافحة الأمراض، أيش فيها؟ ما فيها شيء.
لو كنت معهم في مكان فتعاونت معهم في حفظ الأمن في ذلك المكان أو في ذلك الحي، حفظ هؤلاء إذا كانوا مسالمين، ليسوا محاربين، أيش حكم التعاون معهم في حفظ الأرواح؟ أيش حكم التعاون معهم في الأنظمة المرورية؟ أيش حكم التعاون معهم في حفظ أموالهم؟ ما فيها شيء، هذا صحيح.
أيش حكم التعاون معهم في حكم الظلم؟
إذاً الذي لا يفرق بين مشاركة في الأعياد وأشياء محرمة، في التشبه بهم، اعتقاد صحة مذهبهم، أنتم صح، كلكم صح، يجي على الكفار من أي شيء، مجوس، بوذيون، هندوس، كلكم على خير، هذا مسكين لا يعرف التوحيد، وبين واحد يتعامل معهم تعاملات صحيحة شرعية ما فيها شيء.
كذلك لما نقول: من تشبه بقوم فهو منهم [سبق تخريجه]، من تشبه بهم في أيش؟ إنه هو يستعمل ويندوز أنا أستعمل ويندوز... هذا تشبه؟ أنا إذا استعملت نظام IOS، وهو استعمل نظامIOS هذا تشبه محرم؟ لو استعملت أي شيء من هذه الأنظمة، أندرويد، إذا استعملت أندرويد... هذا تشبه؟ أيش دخل هذا بالعقيدة؟ أيش دخل هذا بالدين؟ فقوله ﷺ: ليس منا من تشبه بقوم غيرنا يعني من تشبه بهم في كفرهم، في ضلالهم، اعتقد صليبهم، وكنيستهم، ولباسهم الديني، أما اللباس العادي، يلبس لباش ورشة، أيش فيها إذا لبس لباس الورشة؟ واحد مسلم لبس: افرول، أيش فيها؟ ما فيها شيء، هذا ليس تشبهاً محرماً، ليس هذا لباساً دينياً خاصاً بهم، ليس هذا من خصائصهم، افرول، هذا ليس من خصائصهم، المعنى الدال على هويتهم الدينية، فأنا إذا لبسته صرت مثلهم في الظاهر ، لا أُميز عنهم فيقال عني كأنني على دينهم، هذا ليس لباس كنسي، لباس الرهبان، أو مسلمة تلبس لباس راهبات، لا، هذا ما يجوز، هذا تشبه محرم.
فإذاً كل ما كان من خصائصهم، خصائصهم هذه الدينية، هذا يحرم التشبه به.
أما إنه يعمل مخترع ألواح الطاقة الشمسية، جيب النظام ونستفيد منه،أيش المشكلة؟ عمل نظام بيوت محمية في الزراعة، جيب النظام تبع البيوت المحمية ونستفيد منه، أيش المشكلة؟
وكذلك فيه فرق بين إنك تستعمل شعاراتهم الدينية مثلاً كالصلبان وغيرها، وكذلك ناقوسهم، وأعياد ميلادهم، وكذلك النيروز.
كذلك ما تسمي بأسمائهم، ما تسمي أولادك بأسمائهم، هذا لا يجوز، ولكن الأشياء الأخرى كما قلنا لو اكتشفوا طريقة ابرايل لقراءة المكفوفين، أيش المشكلة إنه نقرأ بطريقة ابرايل؟ ما هو المحرم في هذا؟ ما في محرم.
بالأسماء واضح، فيه أسماء خاصة بنا، وأسماء خاصة بهم.
محمد، وأحمد، وعمر، وعثمان، والزبير... هذه أسماء خاصة بالمسلمين.
جرجس، بطرس، يوحنا... هذه أسماء خاصة بالمشركين، أو بأولئك...
قسم مشترك يحيى، أيوب، داود، عطية، يسميه، بعض غير المسلمين يسمون بذلك، فهذه أسماء مشتركة جائزة يمكن تسمي.
كذلك من مظاهر التشبه المحرمة: أحياناً تطلع لهم قصات خاصة بهم، أشياء خاصة بعبدة الشياطين، مثلا ًقصات شعر خاصة بعبدة الشياطين، حلق، أنواع معينة من الحلق توضع بطريقة معينة... خاصة بعبدة الشياطين، ألوان، ملابس، أصباغ، أشياء... الآن معروف إنه أصحاب الفواحش اللواط، عندهم ألوان معينة، أو عدة ألوان معينة تدلك، ما يجوز المسلم يروح يشهرها، يطلع حقيبة بتلك الألوان، وسيارته ممكن يحط عليها تلك الألوان، ونحو ذلك.
لو صار عندهم قصات خاصة، كابوريا، بوي، شاكيرا، تيتانيك.. هذه أشياء للكفرة والفسقة ما يجوز المسلم أن يعملها، يطلع أمام الناس كأنه واحد منهم.
والخلاصة أن أفعالهم على ثلاثة أنواع:
الأول: ما كان من جنس العبادات، ما يفعلونه على سبيل الديانة فلا يجوز أن نفعل مثلهم، هذا تشبه محرم كالصلاة إلى النار، مسلم يصلي الظهر يضع أمامه ناراً ويصلي، حرام.
ثانياً: ما كان من قبيل العادات والأخلاق، إذا كان من خصائصهم فلا يجوز التشبه بهم فيه كلباس معين يدل عليهم.
ثالثاً: ما كان من الصنائع والأعمال، هذا مشاع ولا فيه شيء بين البشر أبداً، صناعات مبتكرات، أجهزة، أنظمة، تقنيات، أشياء إدارية، هذه ليست خاصة بهم، هذه علوم نافعة، لا مانع أن المسلمين يأخذون بها بل هي من أسباب القوة.
وسطية الإسلام في التعامل مع المرأة
لو انتقلنا إلى جانب آخر في قضية الإفراط والتفريط؛ لأن كلامنا أصلاً على موضوع الوسط والتوسط، المرأة، كيف يحدث في مسألة حقوق المرأة إفراط وتفريط؟ ممكن يكون في تفريط لإهانة المرأة، احتقار المرأة لأنها امرأة، سلب حقوق المرأة، ما تعطى في الميراث ولا شيء، يؤخذ حقها، تزوج بغير إذنها، تكره على الزواج إكراهاً، هذا حرام، هذا تفريط.
وإنما المرأة في الشريعة تكرم استوصوا بالنساء خيراً [رواه مسلم: 1468] أماً، بنتاً، أختاً، عمةً، خالةً.
كذلك حرج علينا الشرع في الاعتداء على حقوقها وهضمها، اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة [رواه ابن ماجه: 3678، وأحمد: 9666]، و((أحرج)) أيش معنى أحرج؟ التحريج التضييق، الإيقاع في الحرج والإثم بتضييع حق اليتيم والمرأة، وجعلها شقيقة الرجل، النساء شقائق الرجال [رواه أبو داود: 236، والترمذي: 113، وأحمد: 26195، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود: 95] الأصل عليها صلوات مثل ما علينا، والزكاة مثل ما علينا، والصيام.
وكذلك الشرع جعل لها ذمة مالية خاصة، يعني ليس من أجل أنها امرأة، زوجها يستبيح مالها، وأبوها يستبيح مالها، وأخوها يستبيح مالها، لا، وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [النساء: 4] يعني فريضة، حرام عليك تأخذ شيئاً من مهرها بدون إذنها، وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا [النساء: 20] قنطاراً المال الكثير، فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ خلاص استباح منها ما كان محرماً {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء: 20 - 21].
وأوجب الشرع الإنفاق عليها وكفايتها مادياً، ويجب عليه إنه يسكنها، ولها مسكن شرعي مستقل.
بعض الناس يقولون: ظلم الشرقيين للمرأة، فيه ظلم الغربيين أيضاً، يتعاملون معها على أنها سلعة تباع وتشترى، ما لها كرامة، يخلطونها بالرجال حتى يبلغون منها مآربهم، وقضية الشهوات وتصير سكرتيرة تلبي شهوات المدير في النهاية، وتهان ويصير تحرش، واعتداء، واغتصاب نتيجة الاختلاط، ما تظلم؟ ما تضرب؟ فيه حوادث عندهم ضد المرأة، سجلوا 79% من الرجال يضربون زوجاتهم ، 17% تستدعي حالاتهن العناية المركزة، كل 18 ثانية في بعض بلدان الغرب فيه ضرب للزوجة، حالات اعتداء على النساء، واضح، موجود.
والقضية "لا إفراط ولا تفريط"، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: 19] الصحبة الجميلة، كف الأذى، بذل الإحسان، لا تلعن، لا تسب، لا تشتم، ما تكلم فيما لا تطيق، أحسن معاملتها، أنفق عليها، تكسوها، تزين لها مثل ما تريد أن تتزين لك، وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 228] استوصوا بالنساء خيراً [سبق تخريجه]، لا يفرك مؤمن مؤمنة ما يبغضها إن كره منها خلقاً رضي منها آخر [رواه مسلم: 1469] ما يكون معها شرس، لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ [الطلاق: 7] المعاملة الطيبة، خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي [رواه الترمذي: 3895، وابن ماجه: 1977، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: 3252] حل الخلافات.
في المقابل لما تقول: لا، المرأة كالرجل سماء تماماً "جندر"، اتفاق جندر، أيش يعني؟ إلغاء الفوارق بين الجنسين، الله يقول: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى [آل عمران: 36] يقول: أبداً. ولذلك ممكن يقولون: كما أنت بيدك عقدة النكاح، هي بيدها عقدة النكاح، ومثلما أنت يا رجل تستطيع أن تطلق، هي تستطيع أن تطلق، ومثلما أنت يجب عليك أن تنفق، هي يجب عليها أن تنفق.
ولذلك أدى بهم الحال إلى أن الأسرة ممكن يكونها رجل ورجل ويتبنون ولداً، وامرأة وامرأة ويتبنون ولداً، يشتري من بنك الحيوانات المنوية حيواناً منوياً لواحد حيوان باعه للبنك، واغرسه في رحم امرأة، استأجر رحم امرأة واغرسه فيها، وجيب الولد ثم ضعه عند مربي، يعني منتهى الضياع، ضياع الأنساب على ضياع الأعراض، على ضياع الكفالة.
المحارم، الآن فيه علاقة نسبية وعلاقة صهر، أنت إذا تزوجت امرأة حرمت عليك أمها، وهي حرم عليها أبوك، وجدك، وجدتها تحرم عليك، لو عندها بنت من غيرك، لو عندك أيضا ولد من غيرها، فيه علاقات محرمية تنشأ بالنكاح، أما علاقات النسب، المحرمية بالنسب، أمهاتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم، بنات الأخ وبنات الأخت... هذه شيء معروف.
أين يقع الإفراط؟ أن تجعل المرأة كالرجل تماماً في الأعمال كلها حتى الأعمال الخطيرة، تمارس كل شيء، إلغاء الولي في النكاح، امرأة تزوج نفسها وما في ولي، إلغاء المحرم، ما في محرم، إلغاء، وهي تطلق، أنت تتفاجأ إنه زوجتك طلقتك.
هذا اسمه حقوق امرأة؟ لا، هذا إفراط، هذا الغلو الذي يؤدي إلى إن الرجل الآن يقول: أعطوني حقوقي.
عندنا موضوع تربية الأبناء، أيضاً فيه إفراط وتفريط، بين ظلم الولد وبين الميوعة والدلال المفسد، تربية الأولاد نعمة عظيمة، منة جليلة، الأولاد نعمة من الله تستوجب شكراً ورعاية والإحسان إليهم وتنشئتهم من الواجبات، الولد له حقوق:حسن اختيار أمه، حسن اختيار اسمه، الإنفاق عليه، رعايته الصحية والنفسية، تربيته على مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، أمره بالصلاة والصيام، "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع" وإلزامهم فيها بالعشر وخلاص يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6].
كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته [رواه البخاري: 893، ومسلم: 1829].
ووسطية الإسلام في التعامل مع الأبناء
مسألة التفريط والتقصير فيها والغلو والإفراط.. بعض الآباء يشددون على أبنائهم تشديداً يدعو الولد إلى كراهية أبيه، وأحياناً إلى كراهية الدين، ما يجوز تضربه على ترك الصلاة قبل العشر.
وكذلك في المقابل.. تفريط، ترك الحبل على الغارب بحجة الحرية، خلي الولد يختار على كيفه، لا تضغط عليه أبداً، لا تسوي له شيء أبداً..
-سبحان الله- كل فعل له رد فعل، أحياناً إفراط يقود إلى التفريط، كيف يعني؟ يعني يصير في الغرب أو في غيره وحشية في التعامل مع بعض الأطفال، فيه ناس عندهم ساديزم ويتلذذون بتعذيب الأطفال.
في المقابل، إذا أبوك ضربك، اشتك على الشرطة، إذا أمك تريد أن تعاقبك اشتك على الشرطة، إذا تلزمك بالحجاب، تلزمك بالصلاة... أي شيء ما هو عاجبك... اتصل على الشرطة، خلاص وممكن يرسلون له ناساً يجلسون عنده في البيت يدامون، وإذا ما اقتنعوا يأخذون الولد منه، يضعوه في عائلة ثانية.
قضية الاستقواء، هذه قضية خطيرة جداً تطرحها بعض المناهج الغربية، تطرحها الأممية، تطرح موضوع الاستقواء، إنه منتهى التمرد ولا لك سلطة عليه أبداً ولا تفكر.
الولد ممكن يصير فيه عناد، الولد ممكن يصير فيه انحراف، الولد يحتاج إلى شيء من العقوبة، الولد يحتاج إلى هجر، تأديب، نظرة، فيه أشياء لا بد منها.
فقسىا ليزدجروا ومن يك راحماً | فليقس أحياناً على من يرحم |
يعني يحتاج أحياناً ، أي نوع من أنواع العنف ممنوع، يتصور الولد أن أباه ما له قيمة، ما في رهبة ولا هيبة، ما في هيبة من الأب أبداً، يعني الولد ممكن يقول: كلمة واحدة أتصل على الشرطة، ارفع يدك علي أوريك، على طول على الشرطة.
-سبحان الله- ماذا أبقيتم، ليش؟ لأنه صارت حالات وحشية، وفي واحد كسر عظم ابنه، واحد جرح ابنه، واحد قتل ابنه، واحد ربط ابنه في المروحة وشنقه، واحد رماه من الشباك، من أين تأتي هذه الوحشية؟ لما يكون ما في دين وإيمان فتكثر عندهم هذه الأشياء، لكن المشكلة لما تطلع قوانين في المقابل لمعالجة ولا لمواجهة هذا؟ في المقابل تطرف رهيب ينهي دور الأب وسلطة الأب في العائلة والأم ولا لها أي شيء على الأولاد.
أين هذا من شريعتنا؟ يعني شريعتنا التي جاءت بكل... كلكم راع، وكلكم مسؤول [سبق تخريجه] مسؤولية أمام الله، قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6] وقضية القدوة، وقضية إنه أنت أصلاً ما تلجأ إلى إجراء قاس إلا بعد استنفاذ أشياء، مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر [رواه أبو داود: 495، وحسنه الألباني في صحيح أبي دواد: 509] كم المسافة بينهما؟ من سبع إلى عشر ثلاث سنوات، كم فريضة فيها؟ كم فريضة في ثلاث سنوات؟ يعني حتى تنتقل إلى مرحلة العقوبة كم؟ كله تأمره بالصلاة كم؟ في اليوم خمسة، في الشهر مائة وخمسين، أضربها في اثنا عشر في ثلاثة، كم تطلع؟ ثلاثة آلاف، وخمسة آلاف صلاة وأنت تأمر ممنوع تضرب، ممنوع تعمل.
ثم موضوع الضرب، ممنوع الضرب على الوجه، ممنوع ضرب يعلم في الولد، ممنوع ضرب يخضر يحمر، تكسر عظماً، تجرح... كله ممنوع، هذا تأديب ما هو انتقام.
الابن يحتاج إلى شعور أن هناك نوع من المراقبة، المتابعة، مش خلاص اطلع، افتح الباب وامش، خل البنت تفتح الباب وتمشي، هم يقولون: لا، عندهم تفتح الباب وتمشي. خليك تعترض على إنها تعرفت على فلان ولا علان، وخليك تعترض على إنها راحت في الليل ولا رجعت آخر الليل، ترجع وقت ما تريد، تذهب وقت ما تريد، تصاحب ما تريد. -سبحان الله- يجرم الزواج قبل الثامنة عشرة، تجريم الزواج قبل الثامنة عشرة، وفتح باب العلاقات كلها قبل الثامنة عشرة، يعني عندهم ما في مشكلة إذا حملت وعمرها اثنا عشر سنة، حق الإجهاض، هذا فيه قتل جنين.
ولذلك ما في أحسن من شريعة الإسلام والله في الوسطية، نحن عندنا الجوانب الإيجابية التعزيزية.. المدح، الجوائز، المكافآت، كل هذا الجانب التحفيزي، هذا عندنا في الإسلام شيء عظيم، كيف نحفز، ونشجع، ونكرم على قراءة القرآن، على حفظ القرآن، على إنهاء القرآن، على الصلاة، على بدأت البنت تتحجب، على... وهكذا، محافظة على الآداب الأسرية، ، آداب النوم، آداب اللباس، آداب الاستئذان، كيف نغرس في الأولاد أشياء.
عندهم عادي تتفرج على الأفلام الخليعة، عندهم أصلاً يشرحون لهم في المدرسة ،يعني أنت الكبير ممكن تتفشل، وتخجل، وتستحي من ما يعرض على ولدك في المدرسة، يقولون لهم: الصحة الجنسية، ويريدون أن يشرحوا للولد كل صغيرة وكبيرة، يعني كارثة كبرى، تدمير للفطرة، تدمير للحياء، وهذه مشكلة ادفع ضريبة العيش في تلك البيئات، بعدين تروح بنتك تحضر حفلات رقص، موسيقى، غناء، مهرجانات. عادي تروح، راحت باتت عند واحد عادي، يتخذ ولدك خليلات.
الشاهد، مسألة معرفة قيمة نعمة الإسلام.
وطبعاً نحن علينا الآن سفينة تمشي بين الصخور، شعب مرجانية خطيرة بين ألغام، كيف تريد تنجو بولدك، تنجو ببنتك، تحبب الإسلام لهم، تعلم الأولاد؟ نعلم أبناءنا مثلاً إلقاء الخطب، الإمامة، نغرس فيهم الآداب، الأخلاق، تحفيظ القرآن، التعليم، حتى تشجيعهم على الزوج المبكر ، لكن طبعاً المشكلة سنصطدم ببعض العوائق القانونية فلا بد أن نحاول أن نفكر قدر الإمكان بما نستطيع، قضية تجنيب الولد المحرمات، السجائر، المخدرات، لحم الخنزير، الخمور مثلاً، العادات السيئة.
كذلك نحتاج إلى أن نكون قدوة فعلاً للأولاد؛ لأن هذا الأمر هو التأثير الحقيقي الكبير في نفوس الأولاد.
نكتفي بهذا القدر في حديثنا عن الوسطية في الإسلام.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وأن يتوب علينا.
أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.