الثلاثاء 15 شوّال 1445 هـ :: 23 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الأسرة المسلمة في السيرة النبوية


عناصر المادة
سنة الزواج ودعوة الفطرة لذلك
بعض التحديات التي تواجه المرأة المسلمة
غياب المعيار الشرعي في الزواج
الزواج المؤقت
الغياب الطويل للزوج خارج البيت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومرحبًا بكم جميعًا في هذا اللقاء الذي نسأل الله أن يجمعنا فيه على طاعته، وأن يجعل مجلسنا مجلسًا نافعًا مباركًا ونحن بجوار بيت الله الحرام، نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظمه ومن يقوم بحقه إنه سميع مجيب.

سنة الزواج ودعوة الفطرة لذلك

00:00:33

هذا اللقاء بجوار بيت الله العتيق نتذكر فيه نعمة الله تعالى علينا لما خلق من كل شيء زوجين، وأودع  ميلًا فطريًا بين زوجي كل جنس، فكل ذكر يميل إلى أنثاه، وهذا ليحصل التكاثر واستمرار الجنس البشري على وجه الأرض، خلق آدم وخلق منه حواء، فليست حواء مخلوقة من عنصر غريب عن آدم ولا من شيء بعيد عنه، ولا من شيء أجنبي منه، لكنها مخلوقة منه مباشرة، انظروا إلى عظم العلاقة بين الذكر والأنثى، بين الرجل والمرأة، بين الزوج والزوجة، الزوجة مخلوقة من الزوج، نعم حواء خُلقت من آدم من ضلعه، هذا الضلع الأيسر من آدم من هذه المنطقة الرقيقة منطقة الأضلاع، منطقة الأضلاع منطقة رقيقة، وهذه رقة تناسب الأنثى، خلقت من جنبه،  وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ  [البقرة: 35]، فلما خلقنا من نفس واحدة، وجعل منها زوجها ليسكن إليها، أسكنهما الجنة وأول أسرة في تاريخ البشرية هي أسرة آدم تكاثرت منها البشرية، وجعلهم الله شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، تكونت أول أسرة في تاريخ البشرية والنبي ﷺ ندب إلى تكوين الأسر وقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج [رواه البخاري: 5065، ومسلم: 1400].

وهذا الزواج لتكوين هذه الأسرة، وجعلت الصفات في المرأة، فاظفر بذات الدين، والرجل ترضون خلقه ودينه، لأجل أن تقوم هذه الأسرة على الدين، لما قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك، وقال: من جاءكم ترضون خلقه ودينه، واضح جدًا أن الشرع يريد أن تقوم الأسرة على الدين، فمنشؤها الدين وقوامها الدين، والنبي ﷺ كان يختار للمرأة الرجل المناسب، فلما تقدم لفاطمة بنت قيس رجلان، قال النبي ﷺ عن أحدهما: لا يضع عصاه عن عاتقه، كثير الأسفار ضراب للنساء، والآخر لا يناسبها لأنه صعلوك قال: أنكحي أسامة بن زيد، فكرهته ثم قال:  أنكحي أسامة ، فنكحته فجعل الله فيه خيرًا واغتبطت، رواه مسلم، وفي لفظ أنها قالت بيدها هكذا أسامة، أسامة، فقال لها رسول الله ﷺ طاعة الله وطاعة رسوله خير لك ، فتزوجته فاغتبطت" [رواه مسلم: 1480]. أسامة بن زيد كان أسود من الفحم، وأبوه زيد بن حارثة أبيض من القطن، لعل هذه المرأة النسيبة الشريفة كأنها تأذت في البداية أن تنكح أسامة بن زيد؛ لأن أباه كان مولى فما أعجبها ذلك في البداية، لكن لما كانت النصيحة من النبي ﷺ وأكدها عليها رضخت فجعل الله في ذلك خيرًا كثيرًا.

موقف مشابه حصل بين فتاة من الأنصار أراد النبي ﷺ أن يزوجها من جليبيب؛ وكان جليبيب أيضًا عبدًا وكان ليس بجميل الخلقة، وكان فقيرًا، فأمها رفضت في البداية وقالت: لا لعمر الله لا نزوجه، وقالت: "والله لا تزوجه"، يعني: بنتي لا تتزوج هذا، ماذا قالت الفتاة؟ من الذي خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمها، قالت: أتردون على رسول الله ﷺ أمره، ادفعوني فإنه لم يضيعني، ما دام هو الذي اختار لي هذا، معناها أنه خير، وفعلًا كان هذا الرجل خير زوج لتلك المرأة، وكانت نهايته أنه ذهب شهيدًا في سبيل الله، في نهاية المعركة وجدوه إلى جنب سبعة قتلهم ثم قتلوه، فوضعه النبي ﷺ على ساعديه، وحفر له، ما له سرير إلا ساعدا رسول الله ﷺ ثم وضعه في قبره ﷺ، قال ثابت: "فما كان في الأنصار أيم أنفَق منها" يعني: هذه المرأة ما وقف نصيبها من الزواج مباشرة، ورزقها الله مالًا، فكانت تنفق منه باستمرار، دائمة النفقة، أغناها بالرجل، وأغناها بالمال، إذن، كانت الأسرة تبنى على الدين، وإذا كانت قضية النسب أو المال عائقًا عند البعض، النبي ﷺ كان يأمر بتجاوز هذا العائق، لكن فعلًا كان هناك دين، كان ﷺ يريد أن تنشأ الأسر ولو كان الفقر هو الواقع فيُساعد، اجتمع ربيعة بن الحارث ابن عم الرسول ﷺ والعباس بن عبد المطلب فقال: والله لو بعثنا هذين الغلامين، عبد المطلب بن ربيعة والفضل بن عباس إلى رسول الله ﷺ فكلّماه فأمّرهما على هذه الصدقات، فأديا ما يؤدي الناس وأصابا مما يصيب الناس، فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك، توظيف الاثنين من قرابة النبيﷺ يعني لو يجعل لهم وظيفة في جمع الزكاة مثل ما عند غيرهما ويصيبا مما يصيب الناس، أخبرا عليًا ليخبر النبي ﷺ قال علي : "لا تفعلا" يعني لا تكلماه "فو الله ما هو بفاعل" فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا، كأنك يعني ترى نفسك علينا وأنك صرت زوج بنت النبي ﷺ فتترفع علينا، قال علي "أرسلوهما"، فانطلقا فألقى علي رداءه ثم اضطجع وقال: "أنا أبو حسن القرم"، القرم يعني: السيد، يقصد يقول: أنا أعرف حقائق الأمور، وكأنه يقول: انتظروا وسيأتيكم كلامي، "والله لا أريم مكاني، لا أفارقه حتى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به إلى رسول الله ﷺ" يعني بالجواب انتظرا، فلما صلّى رسول الله ﷺ الظهر سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثم قال: أخرجا ما تُصَرِّرَانِ  يعني أنتما قد كتمتا شيئًا اتفقتما على شيء ما هو المخبأ؟ أخرجوه، ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش - رضي الله عنها-  زوجة النبيﷺ فتواكلنا الكلام، كل واحد يقول للثاني: لا، تكلم أنت، يقول له: لا، تكلم أنت، يقول: لا، تكلم، يقول له: لا، تكلم أنت، قال: "فتكلم أحدنا فقال: يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل الناس، يعني تصل الرحم، وقد بلغنا النكاح - يعني نحن صرنا شباباً في سن الزواج -، وظيفة لا يوجد، دخل لا يوجد، مال لا يوجد، ما عندنا شيء، وأنت تصل الرحم، قال: فجئنا لتأمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون"، مثل ما غيرنا وليتهم على الصدقات ولنا نحن ونصبح من العاملين عليها، قال: فسكت طويلًا حتى أردنا أن نكلمه وجعلت زينب تلمع علينا - إشارة باليد أو بالثوب -، وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه، انتظرا لا تكلماه، ثم قال النبي ﷺ: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، الصدقة محرمة على آل محمد،  إنما هي أوساخ الناس  يعني الناس يخرجون صدقاتهم تطهيرًا، معناها الصدقات هذه تنظف الناس من الذنوب فما تليق بآل محمد أن يأخذوا منها، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، ولذلك آل محمد لهم نصيب من بيت المال من الفيء يسد حاجتهم، قال: ادعوَا لي محمية بن جزء  وهو رجل من بني أسد كان رسول الله ﷺ استعمله على الأخماس، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب فجاءه، لأن الآن هناك مشكلة، عندك شباب اثنان يريدان الزواج ولا يوجد مال، والنبي ﷺ يحل المشكلات يوجد حلًا، فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك  يعني للفضل بن عباس فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث: أنكح هذا الغلام ابنتك  فأنكحني، وقال لمحمية وكيل الخمس، وقلنا: أن آل البيت آل محمد ﷺ ما يجوز أن يأخذوا من الصدقات، يأخذون من الخمس، فالنبي ﷺ أوجد حلًا دعا الرجلين، عندهما ابنتان، وقال: زوج بنتك لهذا، وزوج بنتك لهذا، وتعال يا صاحب الخمس، المسئول عن الخمس وقال له:  أصدِق عنهما من الخمُس كذا وكذا  [رواه مسلم: 1072].

هذا الخمس للنبي ﷺ هو يتصرف فيه، جعله الله له ليغنيه عن الناس، فدفع المهر من الخمس؛ لأنهما من ذوي القربى ومن سهم النبيﷺ أيضًا.

إذن، كانت العملية تتم في تزويج الشباب بسهولة وشفاعة، يعني النبي ﷺ يقترح ويأتي بالحل ويوجد مصدرًا لهذا النكاح للمال، ويأخذ رأي المرأة قبل تزويجها؛ عن عقبة بن عامر أن النبي ﷺ قال لرجل: أترضى أن أزوجّك فلانة؟  قال: نعم، وقال للمرأة:  أترضين أن أزوجك فلانًا؟  قالت: نعم، فزوّج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صداقًا، يعني: لم يعين لها شيئًا من المهر، وكان ممن شهد الحديبية، ومن شهد الحديبية جعل رزقه من خيبر، فتح الله خيبر بعد الحديبية، فالذين عادوا ما دخلوا مكة، وكانوا يحسون بخيبة الأمل جعل الله لهم من خيبر سهامًا وأموالًا عوضًا، وكان فتح خيبر فتحًا عظيمًا، ولما ذهب هذا الرجل وهو من أهل الحديبية إلى خيبر وكان له سهم بها حضرته الوفاة فقال لأصحابه: إن رسول الله ﷺ زوّجني فلانة ولم أفرض لها صداقًا، ما أعطيتها مهراً، ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمًا فباعته بمائة ألف، فقال رسول الله ﷺ: خير النكاح أيسره رواه أبو داود وصححه الألباني. [رواه أبو داود: 2117، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3300]. 

إذن، هذا الرجل عندما تزوج المرأة ما كان عنده شيء، كيف الله ييسّر الأمور ويفرّج الكربات ويرزق، جعل لهذا الزوج الفقير الذي تزوج المرأة ما عنده شيء، جعل له سهمًا بخيبر ومات، سبحان الله، قدّر الله عليه الموت، وقد جعل لزوجته هذا السهم، فباعته بمائة ألف، فعلّق النبي ﷺ بقوله:  خير النكاح أيسره ، يعني انظر الآن عندما يسّروا ومضت الأمور، ما عنده، بعد ذلك صار عنده مائة ألف.

وكان ﷺ يرد نكاح من زوّجها أبوها بغير رضاها، فلابد من موافقة المرأة، ما تزوج البنت بإكراه أبدًا، الحياة الأسرية ستقوم على رضا وقناعة من الطرفين ببعضهما، فعن خنساء بنت خذام الأنصارية أن أباها زوّجها وهي ثيّب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله ﷺ فردّ نكاحه". [رواه البخاري: 5138].

وفي رواية: أن رجلًا من الأنصار تزوج خنساء بنت خدام فقتل عنها يوم أحد فأنكحها أبوها رجلًا، فأتت النبي ﷺ فقالت: "إن أبي أنكحني وإن عمّ ولدي أحب إلي" [فتح الباري لابن حجر: 9/195].

يعني: أخو زوجي، زوجها قتل، "أخو زوجي أحب إلي"، لماذا يزوجني شخصًا لا أريده؟ فإذن، لا يجوز للأب أن يكره ابنته على الزواج.

بعض التحديات التي تواجه المرأة المسلمة

00:15:13

تعالوا الآن نذكر بعض التحديات التي تعتري المرأة المسلمة مما تقدم:

أولًا: ذكرنا أن الله خلق من الزوج زوجته، وأن العلاقة بينهما علاقة حميمة، وأن الزوجة من الزوج فالزوجة تبع للزوج، ماذا يريد أعداؤنا اليوم في التحديات المعاصرة أمام الأسرة المسلمة؟ أن يجعلوا المرأة تتمرد على الزوج، ليقولوا لها: لا ولي ولا محرم ولا شيء، تتزوجين من غير ولي، والبنت إذا أرادت تذهب إلى صاحبها في الجامعة وتقول: زوّجتك نفسي، ويقول: قبلت، بل إنهم أرادوا أن يطوروا علاقات خارج الأسرة، فطلعت علينا هذه المسلسلات المدبلجة وغيرها، فيها قضية الحمل بغير زواج، ففي مجلس فيه بنات يتكلمن تقول الواحدة للأخريات: ما هذا الزواج؟ الزواج تعب ومشاكل، أعباء مسئوليات، فقالت لها أخرى: لكن كيف تريدين أن يأتيك عيال بدون زواج؟ لازم تتزوجين حتى يأتيك أولاد، قالت: لا، هذه حلّوها، هذه فلانة في المسلسل التركي أنجبت ولداً من غير زواج، لاحظ إذن عند بعض فتياتنا اليوم أنه ممكن يجي ولد من غير زواج، يعني مش مشكلة إذا ما تبغى مسئوليات تروح مع صاحبها وتزني معه وتحمل وتنجب ولداً، وخلاص، هذا غباء شديد، وكارثة كبيرة، وتحدٍ من التحديات وهي العلاقة بين الجنسين خارج الزواج والإنجاب خارج الزواج، هذا تحدٍ ضخم جدًا موجود الآن، لما تكلمنا على قضية الوصية للشباب بالزواج من استطاع منكم الباءة فليتزوج [رواه البخاري: 5065، ومسلم: 1400]. والتحدي أمام الأسرة المسلمة من هذا المنطلق: أن صار شباب اليوم بفعل العلاقات المحرمة والإنترنت، التخاطب مع الجنس الآخر، والأفلام، مستغنين عن الزواج، فيقول لك: إذا كنت أريد أنثى سأجد بعلاقة هاتفية، علاقة عبر الشبكة، من الأسواق، فصارت القضية خطيرة جدًا يجب أن ننتبه لها؛ صارت قضية إنشاء العلاقة مع المرأة ومع الفتاة ومع الجنس الآخر خارج الزواج حتى من جهة الشباب، فصار الشاب يتعدى الثلاثين وهو ما تزوج، ويصل للأربعين، والتعويض هو العلاقات المحرمة، وبعضهم يسلك مسلك أعداء الله في تقليد الكفار في الشذوذ، فقوم لوط لماذا قلب الله عليهم عاليها سافلها وأمطرهم بحجارة من سجيل؟ لأنه اكتفى رجالهم برجالهم، ونساؤهم بنسائهم، والعياذ بالله، هذه الآن الخطة للشباب المسلم الآن، يراد له ذلك، إما إنشاء علاقات مع النساء خارج الزواج، أو أن يكون شاذًا قذرًا لوطيًا خبيثًا، إلى آخره، وأعداؤنا يستعملون الكلمات التلطيفية؛ يقولون: زواج المثلييين، حتى تكون هذه الفاحشة شيئًا عادياً، تسويغ الفاحشة، والنبي ﷺ يقول: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج [رواه البخاري: 5065، ومسلم: 1400].

وهؤلاء يقولون: لا تتزوج، عندك بنات، اعمل صداقة، أو خذ لك من هذه العلاقات الشاذة.

غياب المعيار الشرعي في الزواج

00:19:38

تحدٍ آخر من التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة، لما ذكرنا أن معيار الدين هو الأول في الزواج  فاظفر بذات الدين و من أتاكم ترضون خلقه ودينه ، المجتمع جرت عليه تغيرات بحيث صار المعيار أولًا: كم رصيدك؟، ما وظيفتك؟ ما معك؟  كم تسوى؟ يا أخي كم يسوى؟  يأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يساوي عند الله جناح بعوضة  ويأتي ابن مسعود فقير نحيل، ساقه نحيلة، عند الله في الميزان أثقل من جبل أُحد، لم يعد الناس يلتفتون إلى موازين الشريعة، صاروا يلتفتون إلى الدنيا، هذا تحدٍ آخر من التحديات في طريق الأسرة المسلمة، لما نأتي إلى قضية اختيار الرجل المناسب للمرأة صار الآن بناء على تزويج الأغنى، ممكن يكون ما هو مناسب من النواحي الأخرى، صار الآن بناء على قضية ظلم المرأة في إجبارها على الزواج بمن لا تريد النهاية: بالطلاق سريعًا، صارت بناء على قضية ما يسأل عن الزوج، جاء زوج بدون سؤال، هذا الرجل الذي جاء ربما يكون مدمن مخدرات، ربما يكزن صاحب علاقات محرمة، وقد يكون ظلومًا غشومًا صاحب فجور، ومع ذلك يزوج بلا تدقيق ولا تمحيص، أين دور الولي؟ هذا تحدٍ آخر من التحديات، لما صار التكالب على الدنيا صار الزواج ما يستمر حتى بلغ في بعض الأماكن نسبة الطلاق ستين في المائة، وعمومًا يقول لك: الثلث بين كل ثلاث زيجات واحدة تنتهي بالطلاق نسبة خطيرة جدًا، لماذا؟ لمخالفة حكم من الأحكام، فمثلًا التي تزوّج بغير رضاها، والتي تزوج لأجل المال فقط، وهكذا زواج بغير سؤال ولا تمحيص للزوج، الشريعة تحث المرأة على حفظ مكانة الزوج، انظري  أين أنت منه فإنه جنتكِ وناركِ [رواه أحمد: 19003، والنسائي في الكبرى: 8920، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1509].  

سبب دخولك الجنة إذا رضي عليكِ، وسبب دخولك النار إذا سخط عليكِ، ويقول للزوج: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت، يعني لو أردت أن تؤدّب المرأة ما تخرجها من بيتها، ولا تتركها وتطلع، ولا تحولها إلى دار أخرى، وإنما أنت في الفراش توليها ظهرك، تبيت في غرفة أخرى، لكن لا تخرجها، يقول: ولا تهجر إلا في البيت؛ لأن الآن لما صار الزوج يترك ويمضي صارت الزوجة تبحث على رجل آخر وهي في عصمة زوجها وهذا تحدٍ خطير وهو: تخلي الأزواج عن المسئولية، عندنا الآن حالات كثيرة ورسائل من أمهات وزوجات، تقول الواحدة: أبونا تركنا، تخلّى عنا، لا يعرفنا ولا يعرف أولاده، ولا ينفق ولا يرسل نفقة، ولا يأتينا، ولا يتصل ولا يسأل عنا، ولا يرسل لنا مصروفاً، توجد عندنا كارثة كبرى وهي قضية التخلي عن الأسرة، هذه من التحديات الضخمة اليوم التي تواجهنا في المجتمع، تخلّي الأزواج والآباء عن مسئولياتهم وتركها وذهب، ويل له من عذاب يوم أليم؛ لأن النبي ﷺ قال:  كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت [رواه أحمد: 6495، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 4481]. هذا تحدٍ آخر.

الزواج المؤقت

00:23:55

تحدٍ آخر من التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة، ونحن معكم نأخذ من النصوص الشرعية في الأسرة، ونربطها بالتحديات الموجودة، قضية الزواج المؤقت؛ يأتي يتزوج شهر شهرين ثلاثة ويطلّق ويذهب التي بعدها، يأخذ شهرين ثلاثة ستة ويترك ويمشي وهكذا، كأن المسألة عنده ذوق وطعام، يأخذ طعاماً، يأخذ منه لقمتين يرميها، الذي بعده يرمي يرمي، وهكذا، هذه أسر مستقرة؟ الأولاد الذين ينشئون من هذه العلاقات هؤلاء أوضاعهم نفسياتهم طيبة؟ أبدًا، فالآن العلاقة إذن في الأسر الوفية التي فيها وفاء بين الأطراف لبعضها البعض؛ أن الواحد يأخذها صغيرة ما عندها خبرة في الحياة، متى يفارقها؟ في الهرم، فما يرغب واحد منهما عن صاحبه حتى يموت هرمًا، معنى ذلك العلاقة طويلة الأجل، ما هي قصيرة الأجل ولا مؤقتة، فالذي يفكر أنه يأخذ زوجة شهرين، الذين يسافرون في الإجازات الصيفية، يأخذ زوجة شهر شهرين ويطلّق، يأخذ الأخرى شهر شهرين ويطلّق، وبعضهم أسبوعين، كل أسبوعين زوجة، وهكذا الصيفية التي بعدها، والتي بعدها، والتي بعدها، ومصائب وكوارث وشكاوى، وجحد الولد، والتبرؤ من النسب، وما في نفقة، الولد ما له شهادة ميلاد؛ لأن أباه تخلى عنه خلفه ونسيه، وربما خلاه وهو في بطن أمه، وما يعرف أصلًا شكل الولد، هذا من التحديات، الشريعة نجد أن الرفق فيها  استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خلقهن من ضلع  [رواه مسلم: 1468]، إن المرأة خلقت من ضلع وإنك إن ترد إقامة الضلع تكسرها فدارها تعش بها [رواه أحمد: 20093، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1944]. معنى ذلك: أنه لابد من المعاملة اللينة، المعاملة الطيبة من الطرفين، لكن الآن عندما تقرأ في الجرائد تجد أن معاملات وحشية؛ هذا ضربها، هذا قتلها، كسرها، جرحها، ذبحها، وحالات شنيعة ووحشية، فأين هذا من الإسلام؟ تعلموا هذا من الأفلام الأجنبية، الأفلام الأمريكية، تعلموا الوحشية وقالوا: نحن نكتب للمشاهدين رؤيتهم للفيلم أن هذا لا يصلح للأطفال، انتهت المشكلة عندما كتبوا له أنه ما يصلح للأطفال، وكل الأشياء التي داخل الفيلم من الوحشية والعنف والدموية والاعتداءات، هذه ما هي مشكلة يشوفها الكبار، وكأن الصغار إذا رأوا هذا الفيلم ما يصلح للصغار سيغلقونه، عندما تقول له: ما يصلح، كأنك تقول له: تفرج عليه كل ممنوع مرغوب، وصارت قضية استوصوا بالنساء خيرًا فإنما هن عوان عندكم [رواه الترمذي: 1163، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 7880]، يعني: أسيرات، لا إكرام، إهانة وسب وشتم، ولذلك صار الواحد ما يتحملها، خلاص مع السلامة، أنت خلاص أحلناك على التقاعد، قدمي استقالتك أحسن ما نحن نقيلك، أين هذا من أخلاق النبيﷺ مع النساء؟ وجعل ﷺ خير الناس خيرهم لأهله فقال: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي [رواه الترمذي: 3895، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3314]، وكان يعلّمهم حُسن العهد، وأن: حُسن العهد من الإيمان [رواه الحاكم: 40، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين]، وإذا ذبح شاة ما ينسى صاحبات خديجة، وإذا جاءت هالة بنت خويلد ارتاح؛ لأنه تذكر خديجة ويقول: اللهم هالة اجعلها هالة وهو ﷺ يهش، ويبعث الهدايا، ويستقبل ما يرسل به لصاحبات خديجة، مع أن خديجة ماتت من زمان، لكن حسن العهد من الإيمان، ما كان يخفي حبه لعائشة فيُسأل: أي الناس أحب إليك؟ فيقول: عائشة [رواه البخاري: 3662، ومسلم: 2384]. وكان ﷺ يداعب نساءه، ويضاحكهن، ويسامرهن، ويشرب من المكان الذي تشرب منه، ويغتسل معها في إناء واحد، وينام على فخذها ولو كانت حائضًا، ويتكئ في حجرها ويقرأ القرآن، وتوفي ورأسه على صدر زوجته عائشة، ويدللها فيرخّم اسمها ويقول: يا عائش، ويقول: يا حميراء، والحميراء تصغير حمراء، والحمراء في لغة العرب :بيضاء، الحميراء هي البيضاء، وهذا التصغير هو تصغير شفقة ورحمة ومحبة، كانت تكنى: بـأم عبد الله مع أنه ما لها ولد، يكنيّها أم عبد الله، هذا نوع من حسن المعاملة، والتفاؤل والتعويض النفسي، لو ما له ولد وكنيته كأنك تشعره أن له ولدًا.

وكذلك فإنه ﷺ كان يعرف إذا كانت عائشة غضبى أو راضية، فالمعيار والمؤشر: "لا ورب محمد" إذا حلفت: "لا ورب محمد" يعرف أنها راضية، "لا ورب إبراهيم" يعرف أنها غضبى، قالت: "يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك"، الاسم فقط، وإلا فالعلاقة حميمة.

وكذلك فإنه ﷺ إذا مرضت زوجته رقاها ومسح بيده عليها، وهذا المسح بيده اليمنى يعوذ الأهل ويمسح باليمين، كان يمسح بيده اليمنى تفاؤلًا بزوال الوجع؛ لأنك تمسح تفاؤلًا بزوال الوجع كما قال العلماء، ويمينه ﷺ مباركة، والله يجعل الشفاء في دعائه وفي رقيته ﷺ ويقول: اللهم رب الناس أذهب البأس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا [رواه البخاري: 5675، ومسلم: 2191]، ويعاون أهله في تدبير المنزل، يكون في مهنة أهله، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويرقع دلوه، ويساعد زوجته في ركوب الدابة، فيثني ركبته لتتخذها صفية درجة سلم تصعد عليها إلى الناقة، يضع ركبته عند البعير، حتى تصعد على ركبته إلى البعير، اليوم من التحديات يا إخوان أن السهر برى البيت، فالزوجة متروكة، والزوج مع الشلة، هو لعب بلوت، هو على مباريات، وعلى قنوات، المهم الزوجة تعيش فراغًا عاطفيًا؛ لأن الزوج لاهٍ مع أصحابه، الزوجة متروكة ثم يقال: كيف صار هناك فساد في البيوت؟

وأنت يا أيها الزوج لما تخليت عن البيت، وتركت البيت، وهجرت البيت، وتركت الزوجة متروكة معلقة وحيدة استوحشت، وهذا ليس عذرُا لها لو انحرفت، هي ستعاقب عند الله لا شك،  وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا  [مريم: 95]. لكن يعاقب أيضًا من؟ المسئول عن العملية، والمتسبب فيها، فكلاهما يعاقبان.

الغياب الطويل للزوج خارج البيت

00:33:41

فمن التحديات اليوم: الغياب الطويل للزوج خارج البيت، وليس ذاهبًا في طلب العلم وفي الدعوة إلى الله، لا، المشكلة في مضيعة الأوقات أو في المعاصي، فإذا أردنا أن نصلح الأحوال، لابد أن يعود الزوج إلى موقعه، وبالتالي يعود الأب إلى موقعه أيضًا، وكان ﷺ يهتم بنظافة نفسه أول ما يدخل البيت، هذه من السنن المهجورة، انتبه معي سنة مهجورة قليل من يعملها، أول ما يدخل البيت يبدأ بالسواك؛ لأن الواحد سيأتي إلى زوجته، ربما رائحة فمه تغيرت بأي سبب، فكانﷺ أول ما يدخل البيت يبدأ بالسواك؛ لأجل أهله وهكذا فإنه ﷺ كان يرجل شعره، وينظف نفسه، ويحب الطيب، ويحرص عليه، وإذا هويت زوجته شيئًا لا محذور فيه وفره لها، وكذلك يأذن لها باللهو المباح، ويسابقها، ويأذن لها بالنظر إلى لعبة حبشية عسكرية بالرماح وهو ﷺ يؤنس زوجته، وإذا سافر معها ركب على بعير وهي على بعير بجانبه يسامرها في الليل، ويسمع قصصها، ويصبر إذا عندها قصة طويلة ويدعها تقول القصة الطويلة، قصة أم زرع وأبي زرع، عائشة التي أخبرته بها، قصة طويلة ومع ذلك يسمع ويقول: كنت لك كأبي زرع لأم زرع  [رواه البخاري: 5189، ومسلم: 2448]. حتى في قيام الليل كان أحيانًا ممكن يتوقف ليؤانسها، ما الحاصل اليوم؟ الزوج على الإنترنت، والزوجة أيضًا على الإنترنت، وهو يتكلم مع بنات وهي تتكلم مع شباب، وحصل مرة واحد غازل امرأة على الشبكة، ثم اكتشفوا أن هذه زوجته وهذا زوجها، هذه الشبكة والله أتت لنا بمصائب كثيرة؛ لأنها فتحت الناس على أشياء ما كانوا واقعين فيها، علاقات محرمة، لا، وإقامة علاقات بزعم التسلية، وبعضهم يدخل على مواقع الزواج يقول: سأبحث عن زوجة، وقد جاءت الأبحاث بأن 95% من العلاقات التي تنشأ في مواقع الزواج محرمة و5% الذي تنتهي بالزواج، يعني الداخلين على مواقع الزواج فقط 5% الذي انتهت بالزواج والباقي كل الحالات و95% علاقات محرمة، ولذلك الإنترنت اليوم أضر بالأسرة كثيرًا؛ لأنه صرف وقت الزوج، وصرف وقت الزوجة، وحتى البنات، وحتى الشباب والأولاد في الأسرة، ليتهم على مواقع إسلامية، على مواقع معرفية، على مواقع طبية، على مواقع هندسية، ليتهم على مواقع تنفع الإسلام والمسلمين، ليتهم على مواقع فيها تحديث لمعلوماتهم الدنيوية، ليتهم على مواقع تفيدهم في تطوير أنفسهم وقدراتهم، ليتهم في مواقع ترفع من مستواهم الكتابي الخطابي اللغوي برمجي حاسوبي تصاميم، كثير من المواقع هي مواقع يسموها دردشة، ماذا تفسرون كثرة مواقع الدردشة العربية على الشبكة؟ ناس فاضية، وتريد تشغل وقتها بالترهات، بالكلام كأن المسألة صارت فقط هات نتكلم وهات نتخاطب وهات ندردش، ما الهدف؟ ما الموضوع؟ لماذا؟ والله تزجية أوقات، ويحدث من وراء ذلك علاقات محرمة، وصور محرمة، ومقاطع أفلام محرمة، وكلام ساقط تافه، ألهذا خلقتم؟ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ [المؤمنون: 115]، ولذلك فإنه ينبغي أن يرجع الزوج إلى مسامرة الزوجة، والزوجة إلى تسلية الزوج، بحيث ما نحتاج ولا أصلًا تكون هناك فرصة للذهاب لمواقع الإنترنت لتزجية الأوقات، أو اختيار صاحب، أو التسلية، تقول: أنا طفشانة، زوجي مشغول، ماذا أفعل؟ دخلت على الإنترنت، وهذه فيها خطورة كبيرة، إذا ما كان المدخول عليه شيئًا مفيدًا ومحدودًا فخطير، قضية أنها طفشانة ودخلت على الإنترنت، المصيبة الآن من التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة قضية الإنترنت، هذه التي أذهبت الساعات الطويلة، وأثرت على العلاقات الزوجية، وفتحت أبواب الشر للطرفين، وحتى الأولاد، الفتيات، الشباب وقعوا فيها، وصار يحدث في الشبكة اتفاقات على معاصٍ وتبادل معاصٍ، واتفاقات على معاصٍ، والسبب: أنه لا يوجد في الأسرة اتباع للدين والشرع، وخوف من الله، واتباع لمحمد ﷺ الذي كان يستقطع من قيام الليل وقتًا لمسامرة الزوجة، عن عائشة - رضي الله عنها -، أن النبي ﷺ كان إذا صلّى تقول: "فإن كنت مستيقظة حدّثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة" [رواه البخاري: 1167].

يعني: هو يخلو بربه، لكن أيضًا هناك كلام مع الزوجة، هناك كلام في الليل مع الزوجة، أدت عملية الإنترنت وغيرها والجوال إلى تشكيك الأطراف ببعضها، فصارت الزوجة تشك في الزوج أنت تدخل على ماذا؟ من يتصل عليك؟ أنت اتصلت على من؟ ما هذا الرقم الذي في جوالك؟، وهو أيضًا نفس العملية، النبي ﷺ كان لا يطرق أهله" يعني: لا يدخل ليلًا فجأة "ولا يدخل إلا غدوة أو عشيًا"، إما صباحًا، أو بعد الظهر، بعد العصر، عشية غير العشاء، العشية غير العشاء، عشية يعني: بعد الظهر بعد العصر، أما العشاء في الليل، ما كان يطرق أهله ليلًا؛ لئلا يفهم من دخوله المفاجئ ليلًا أنه يريد أن يكشف سترهم، وأنه يريد يتأكد إذا كان هناك أحد أو لا، وأنه يظن بهم سوءًا، ولذلك هجم فجأة، ويكره لمن طال سفره أن يأتي امرأته ليلًا بغتة، اللهم إلا إذا أخبرها قبل ذلك، قال: الطيارة توصل الساعة الثانية عشر في الليل، سآتيكم الساعة الواحدة ليلًا، هم عندهم خبر، لكن ما هي العبرة هنا؟ أنه كان لا يتخونهم، المرأة التي تراعي زوجها محمودة ممدوحة خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده  [رواه البخاري:4794 ومسلم: 4716] صالح: صلاح الدين، نساء قريش: لأن عندهن هذه الصفات، أحناه من الشفقة، المرأة الحانية قالوا: التي تقيم على أيتامها، ولا تتزوج رعاية لهم، وترعى المال مال الزوج وتصونه وتحفظه، ولا تتلفه، ولا تسرف في إنفاقه، هذه المرأة التي تخدم زوجها مثل ما خدمت زوجة الزبير أسماء - رضي الله عنها - تحمل النوى من أرض الزبير، وتسوس الفرس، وكذلك فإن العلاقة المتبادلة بين الزوجين تقتضي مساعدة في القيام بالأعباء، مثل ما كان علي يساعد فاطمة، وهو الذي تشاور معها في طلب خادم من النبي ﷺ فدلهما على ذكر خير من الخادم، ما هو الذكر الذي هو خير من الخادم؟ يسبّح الله ثلاثًا وثلاثين، ويحمد الله ثلاثًا وثلاثين، ويكبّر أربعًا وثلاثين قبل النوم [رواه مسلم: 2728]. هذا الذكر يقوي الجسد، ويغني عن الخدم.

الآن من التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة: قضية الترفيه للطرفين، فصار هناك مفهوم جديد للترفيه دخل في الأسر منه، تقول له: نريد أن نذهب أنا وإياك على السينما، نعم هذا حاصل، وإذا سافروا تقول: نريد نسافر في الصيف ونذهب أنا وإياك على الملاهي، المسارح، وفيها فرق غنائية، اختلاط محرم، وتبرُّج وسفور، حتى بعض المتاحف الموجودة في بلاد الشرك والكفر، في المتحف أصنام وغيره، صور أحيانًا شبه عارية أو عارية، صلبان إشادة بحضارات الجاهلية التي مسحها الإسلام أصلًا وقضى عليها، وفيها من مظاهر الشرك ما يمكن أن يؤثر على نفوس الأولاد، أنت عندما تدخل ولدك بعض هذه الأماكن التي يسموها أثرية، أنتم تعرفون من المهازل التي صارت في الصيف الماضي، أن هناك بيت أثري، قصر في تركيا، صوّروا فيه مشاهد من المسلسل التركي المدبلج، هذا الذي طار الناس به يقولون: إن من إعجاب الناس بالمسلسل المدبلج هذا ذهبوا زرافات ووحدانًا لزيارة هذا القصر الأثري، هذا الذي صوروا فيه مشاهد من الفيلم أو المسلسل، مائة وخمسون باصاً في اليوم، سعر تذكرة دخول بيت المسلسل المدبلج ثمنها عشر أضعاف سعر تذكرة دخول قصر الخلافة العثمانية، هم جعلوا قصر الخلافة العثمانية مزاراً، ادخل انظر على تاريخ الدولة العثمانية، لكن سعر تذكرة دخول البيت الذي مثلّوا فيه مشاهد من هذا المسلسل الذي فيه ولادة بدون زواج، وابن حرام، أو بنت حرام بدون زواج، وزواج بعد ما ينجبون، يعني مثل الأوروبيين والغربيين، الولد كبير عمره عشر سنوات يذهب يقول: سأحضر عرس أبي وأمي؛ لأنه بعد إحدى عشر سنة من الزنا والعلاقة المحرمة خطر على بالهم لماذا لم يتزوجوا؟ فيعملون حفلة زواج، وسيحضر في الحفلة ابن الحرام الذي عمره إحدى عشر سنة أو عشر سنين، جاء يحضر عرس أبيه وأمه، شيء تحفة، هذا الآن يراد أن يطبق علينا، ويمشى علينا، ونحن نمسك ونمشي في نفس الطريق كيف هذا يتم؟ مثل هذه المسلسلات المدبلجة الفكرة فيها أنه أنت كيف تنجب من غير زواج؟ الذي سينجب من غير زواج هو متخلّف؛ لأن الله حرّم اتخاذ الأخدان وغير مسافحات  وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ  [النساء: 25]، يعني: متخذات "أخدان" العشيقة والصديقة والخليلة، وكذلك الخلان المعشوق هذا والصديق، ترويج ثقافة صديق وصديقة، وعشيق وعشيقة، وخليل وخليلة هو موضوع الأفلام هذه والمسلسلات، ويراد للشباب الجدد والبنات اللي طالعات على الدنيا كما يقولون أن يدخلوا في هذا المسار، أين هذا من علاقة قائمة على الدين؟ رحم الله امرأ قام من الليل فأيقظ أهله فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء، ألم يكن ﷺ يتفقد أهله يعني في العشر الأواخر يوقظهن للصلاة؟ ألم يكن ﷺ يخشى على زوجاته ويقول: سبحان الله ماذا أنزل من الخزائن؟ ماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ ومعنى:  من يوقظ صواحب الحجرات  [رواه البخاري: 1126]. زوجاته يوقظهن لقيام الليل،

كان يرشد النساء للصدقة، ويأمر زوجة ابن مسعود أن تتصدق على زوجها، وأن لها أجران، ويثني على الأعمال الصالحة التي تقوم بها بعض الأسر الطيبة مثل الأسرة التي ضيفت ضيف النبي ﷺ وقال زوجها لها: ماذا عندك؟ قالت: ما عندي إلا قوت الصبية، قوت صبياني، قال: "هيئي طعامك وأصبحي سراجك" [رواه مسلم: 3798]. أوقديه ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل، نعمل تمثيلية،كأنا نأكل والسراج مطفأ، حتى الضيف يأخذ راحته، وينزل الله في هذه الأسرة الطيبة  وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر 9] والنبي ﷺ يعتني بأسر المصابين، وعندما يُقتل جعفر بن أبي طالب شهيدًا في سبيل الله يقول ﷺ: ائتيني ببني جعفر، تقول أمهم: فأتيته بهم فشمّهم، وذرفت عيناه، ويأمر بصنع الطعام لهم، ثم إنه ﷺ يقول: ادعوا إلي الحلاق، فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا، حلق رءوس أولاد جعفر الصغار، أنا الآن أسألكم سؤالًا لماذا أمر بحلاقة رءوس الصبيان الصغار أولاد جعفر ؟ خاف عليهم أن يغزو القمل رءوسهم؛ لأن أمهم انشغلت بالمصيبة عن تنظيف شعرهم ورءوسهم، ولذلك حلق، وليس من السنة أنه إذا مات أحد نحلق رءوس أولاده الصغار، لا، لكن إذا خشي من انشغال الأم عنهم فتحلق رءوسهم لأجل هذا، ودعا لهم النبي ﷺ، نحن الآن في عالم الأسر المسلمة نقول: إنه ينبغي أن تكون الأسرة ما فيها ولا مشكلة، هناك دورات زواج بلا مشاكل، هذه من أكذب الدورات؛ لأنه ما في زواج بلا مشاكل، حتى أسر النبي ﷺ كان فيها مشاكل، ما حصل أن زوجاته اجتمعن عليه يسألنه النفقة، وأكثرن عليه في النفقة، حتى أنهﷺ آل من نسائه شهرًا؟ أما حصل أنه تآمرت امرأتان من زوجاته في قضية العسل ومارية؟ ألم يحصل أن نساء النبي ﷺ كن حزبين؟ ألم يكن هناك إشكال في قضية مجيء هدايا الناس للنبي ﷺ في بيت عائشة وكلام لماذا بيت عائشة؟ بلى، حتى البيت النبوي فيه، لكن ما كانت تطول، ما كانت هذه المشكلات تؤدي إلى خراب البيوت، ما كانت هذه المشكلات تؤدي إلى الوقوع في الحرام، سرعة في توبة، سريعة وتنتهي القضية بسرعة، حدث مشكلات في العهد النبوي، في الصحابة خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت، وصارت قضية الظهار، ونزلت آيات الظهار،وكذلك بين فاطمة وعلي - رضي الله عنه - حصل مرة غضب وخرج من البيت ذهب المسجد، حصل مرة بين بريرة ومغيث، صارت قضية المرأة لا تريد زوجها، ثابت بن قيس وزوجته حصل خلع، صار في بعض الأسر في العهد النبوي طلاق، هم بشر، لكن الشاهد أن حكم الشرع يمشي على الجميع، كانوا يسيرون بحسب الشريعة، لكن المشكلة اليوم أنه إذا حصلت مشاكل ما نمضي على حسب الشرع، خذ أمثلة: أول شيء تفتح الباب وتمشي، يجي أبوها وأخوها يأخذها، ويطلع خطفًا بدون إذن الزوج بدون علم الزوج، يصير طلاق يطردها من البيت، يا أخي، الله قال: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ  [الطلاق 1] لو طلقتها عدة الطلاق الرجعي عندك في البيت، كيف تخرجها من البيت؟ الفرق أن هناك مشاكل في عهد الصحابة، وفيه مشاكل الآن، لكن في عهد الصحابة كانوا يمشون على الشرع لما تصير مشكلة، الآن ناس كثير منهم ما يمشون على الشرع، ولذلك تُهدم الأسرة، ويتشرد الأولاد، وتصير الكوارث الكبيرة؛ لأنهم لا يسيرون على الشرع في الخصومات، لا يُطبّق الشرع في المشكلات العائلية، وبما أن الأسرة تنتج أولادًا فإنه ينبغي علينا أن نعرف موقف الإسلام من ثمرة الأسرة ونتيجة الأسرة وهم الأولاد، عندما يفرح بالولادة، ويبشر بذلك، ولا تكره الأنثى، كراهية الأنثى من الجاهلية، وتؤذن في أذنه، وتحنك بتمرة على الحنك من الداخل والخارج وأعلى وأسفل حلاوة التمر مهمة للمولود، ولما يحلق رأسه، ويدهن بالزعفران، ودهن الرأس بالزعفران سنة مهجورة، ولما تذهب العقيقة، ويسمى المولود اليوم الأول، أو اليوم السابع، كلاهما سنة، وعندما يختار الاسم الحسن، انظر الآن الأسماء، جاءت له بنتان، مساكين والله، شيء يكسر الخاطر، ذاهبة تسجّل في المدرسة واحدة اسمها فوطة والثانية مسفوطة، واحدة قبل التنشيف وواحدة بعد التنشيف، هذه فوطة وهذه مسفوطة، اتصل على الخطوط قال له: احجز لي أنا معي أختان، قال: اسمك كذا كذا، أعطني اسم المرأة الأولى، قال له: لحظة، فالموظف انتظر، ثم قال له: يا أخي، قال له: نعم، قال: أنت معي على الخط؟ نعم، أعطني اسم هذه قال له: لحظة، انتظر حتى ظهر اسمها لحظة، هي اسمها لحظة، أعطني اسم الثانية قال له: اسمها فضيحة، سكت قليلاً، لكن قال له بعد ذلك: لا مشكلة هات قال له: اسمها فضيحة قال له: يا أخي كلنا إخوان هات اسمها، قال له هي اسمها فضيحة، هذا كلام، هل هذا الشرع والدين؟ لماذا؟ قابلهم ناس آخرين يسمي لك نانسي ولندا واسلندا وميرندا وهوندا؛ لأنهم مفتونين بالغرب، يا جماعة من حق الولد على الأب أن يُحسن تسميته، هذا عنوان الولد سينادى به في المجامع، ويُسجّل به في المدارس، سيعلن اسمه يومًا ما، ويُكتب ويعلّق ويُنادى به، كيف تسميه اسما سيئًا أو اسمًا غربيًا يدل على هزيمة وحب للكفرة اسم أعجمي؟ لماذا يكون عندنا اهتمام بالأسماء العربية الأسماء اللطيفة الأسماء الجميلة الأسماء الحسنة؟ والنبي ﷺ مستعد يضرب مشواراً إلى بيت فاطمة، ليقبل الحسن ويحمل الحسن والحسين، الواحد يتخذه راحلة في الصلاة كأنه يركب عليه في الصلاة، ويقبلهم ويضمهم، ويحملهم على عاتقه، ويسيل لعاب الولد عليه، ما يتأفف، بل ربما بال الولد عليه، ولا يغضب، ويداعبهم حتى البنت الصغيرة أم خالد يلبسها خميصة ويقول  أبلي وأخلقي  [رواه البخاري: 5823]. وهذا لها تفاؤل بطول العمر، هذا سنة يا أم خالد، سنة بلغة الحبشة حسن جميل ويقول: يا زوينب يا زوينب زينب بنت أم سلمة، حديث صحيح.

قال ابن القيم: "وقد دخلت عليه ﷺ وهو يغتسل فنضح في وجهها، فلم يزل ماء الشباب في  وجهها حتى كبرت"، مجّ في وجه محمود بن الربيع مجة من دلو وعمره خمس سنين، يقول: يا أبا عمير ما فعل النغير [رواه البخاري: 6129]. كان يسلّم عليهم ويمسح على رؤوسهم ﷺ وكان يعطي الأطفال الهدايا، وأول الثمر الذي يؤتى به من الشجر يعطيه أصغر ولد عنده في المجلس، ويربيهم على ترك الحرام، حتى الولد الصغير، يقول للحسن" كخ كخ أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة [رواه البخاري: 1491]. ويذهب لزيارة ابنه إبراهيم على مسافة وبعد، وتذرف عيناه عندما نزل به الموت، ويأمر بالعدل في العطية بين الأولاد، ويهتم بالبنات، ويذكر أجر الاهتمام بالبنات وأن من أحسن إليهن كنّ له سترًا من النار [رواه البخاري: 1418، ومسلم: 2629]. وكان لا يغالي في مهور بناته، وكان ﷺ يحث على إكرام الزوجات والأخوات، وينصح الزوجة والبنت ويقول لبنته زوجة عثمان:  أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خُلُقًا [رواه الحاكم: 6854، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد واهي المتن]. نعود في الختام ونقول هذه الأسرة في الإسلام، لو أننا مشينا بحسب شرع الله والله لسعدنا، ولكن يغفل الرجال، ويغفل النساء، وتقع المصائب، نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأن يصلح نياتنا وذرياتنا، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يصلح شأننا وذات بيننا، وأن يتوب علينا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.