السبت 22 جمادى الأولى 1446 هـ :: 23 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

كيف نستقبل ضيوف الرحمن؟ 1


عناصر المادة
مقدمة
تعظيم شعائر الله في نفس المطوّف
أهمية الإخلاص في قبول الأعمال
أن يكون المرشد أو المشرف قدوة
الرفق بالحجاج والصبر عليهم
حُسن الخلق في معاملة الناس
المشاورة واحترام آراء الآخرين
مراعاة أحوال الناس وإنزالهم منازلهم
من مظاهر الحج الاستسلام لله
التذكير باليوم الآخر في الحج
الحذر من الإعانة على المعصية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أيها الإخوة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدمة

00:00:19

فرصة طيبة أن نلتقي في حرم الله، وفي البلد الأمين، وأنتم من أنتم في رعاية أهله ووفادة حجاجه بيت الله ، ولقد سكنتم دار أبيكم إبراهيم وتمرّستم في تلقي وفود الذين لبّوا النداء للخليل لما قال الله: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ [الحج: 27]، وها هي وفود حجاج بيت الله قد أقبلت، سالكة الطريق من كل فج عميق، ووصل اليوم من حجاج الجو من وصل في الرحلات الأولى وأصوات الملبيين تعبق في الطريق إلى البيت العتيق، مهوى الأفئدة؛ لأن النفوس تشتاق إليه، المكان الوحيد ربما الذي مهما غادره الراغب فيه فإنه لا يزال يشتاق إليه، بمجرد الخروج هو يشتاق، فهو يودِّع البيت مشتاقًا إلى لقياه مرة أخرى، ولذلك تهوى إليه أفئدة المؤمنين، وقد قال الله : وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ [الحج: 26].

بوأنا: يعني عيّنا المكان، ولذلك فهم العلماء من هذه الآية أن هناك عبادات متعلقة بالمكان وليس بالبُنيان فقط، بمعنى لو زال البنيان فالأحكام باقية للمكان، وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ المكان هو المهم، ولذلك لو جاءه سيل لو جاءه شيء سيبقى مكان البيت تدور عليه الأحكام، يطوف الناس به، وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 26 - 28]، والأيام المعلومات: عشر ذي الحجة، والأيام المعدودات: أيام التشريق، يجتمع للحاج منهما جميعًا النصيب العظيم، الأيام المعلومات والأيام المعدودات، ولكن في رحاب البيت العتيق، فلله ما أروع اجتماعهم وما أجمل لبسهم وما أحلى أصواتهم وهي تتردد في الآكام والطرقات والجبال، أذّن الخليل فأجابوا ودعاهم محمد فلبّوا، فهل مر بك ركب أشرف من ركبهم وهل شممتَ عبيرًا أزكى من غبار إحرامهم، وهل هزّك صوت أروع من تلبيتهم، ولا يزال وعد الله يتحقق للخليل منذ تلك الأيام، لا تزال الأفئدة تهوي وستهوي ولا تزال  تهوي، وقد قال ﷺ: ليحجنّ هذا البيت وليعتمرنّ بعد يأجوج ومأجوج  ولذلك صناعة الحج باقية مهما تغيرت الظروف الاقتصادية والاجتماعية، مهما تغيرت الأحوال، مهما تعاقبت الأيام والدهور والعصور،  ليُحجنّ هذا البيت وليُعتمرنّ بعد يأجوج ومأجوج  [رواه أحمد: 11219، وابن حبان: 6832 ، وابن خزيمة: 2507، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 5361].  لسان حال الحاج يقول: إليك إلهي قد أتيت ملبيا بارك إلهي حجي ودعائي

قصدتك مضطرا وجئتك باكيا وحاشاك ربي أن ترد بكائيا
أتيتك بلا زاد وجودك مطعمي وما خاب من يهفو لجودك ساعيا
إليك إلهي قد حضرت مؤملا خلاصُ فؤادي من ذنوبي ملبيا

يأتون عربًا وعجمًا شيبًا وشبابًا ذكورًا وإناثًا يطمعون في فضل الله ويريدون قضاء هذا الركن العظيم، الذي طالما تمنوا قضاءه، الذين يعملون في استقبال حجاج بيت الله الحرام ورعاية هؤلاء ووفادتهم، هؤلاء المطوِّفون الذين يطوِّفون الحجاج يستقبلون أناسًا ربما أفنوا أعمارهم في جمع هذه المدخرات ليتمكنوا من هذه السفرة التي طالما تمنّوها، فأنت تستقبل أناسًا مشتاقين وقد طال انتظارهم لأجل هذه اللحظة؛ لأنهم يريدون قضاء ما أمرهم الله به، وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران: 97]، حرمة البيت عظيمة، فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا  مكة  في شهركم هذا  ذي الحجة. [رواه البخاري: 67، ومسلم: 1679].

توعّد الله من همّ فيه بالسيئة، من همّ ولم يفعل بعد، وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج: 25].

تعظيم شعائر الله في نفس المطوّف

00:05:54

من القضايا المهمة تعظيم شعائر الله في نفس المطوّف وضيوفه ومن أتوا معه، من أتى بهم من استقبلهم ومن يطوّف بهم ذلك، وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32]، ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج: 30] يعني من أول ما نزرعه في نفوس الحجاج عندما يأتون تعظيم حرمات الله تعظيم هذا المكان تعظيم هذه المشاعر التي سيقفون فيها يطوفون يرمون يلبون يبيتون يدعون ربهم .

والوظيفة لمن يطوِّف هؤلاء مستمدة من وظيفة إبراهيم الخليل، الذي قال الله له مع ولده: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة: 125]، نحن يجب أن نكون أعظم من أهل الجاهلية، أهل الجاهلية كانوا يعظّمون البلد الحرام والشهر الحرام ولا يُستباح عندهم ذلك، وكان من تعظيم قريش للبيت الحرام أنهم يعظمّون قاصد البيت والمتوجّه إليه، ويقومون بأعمال عظيمة؛ لأجل هؤلاء القادمين، من الرفادة والسقاية والسدانة والحجابة، بالطبع هذه وظائف متأصلة تاريخية، وبعضها لها أحكام، لا ينزعها منكم إلا ظالم 

[رواه الطبراني في الكبير: 11234، والأوسط: 488، وقال ابن الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عبد الله بن المؤمل، وثقه ابن حبان وقال: يخطئ، ووثقه ابن معين في رواية، وضعفه جماعة]. فالرفادة إطعام الحجاج أيام الموسم حتى يرجعوا إلى بلادهم، والسقاية كذلك، والسدانة والحجابة، فكان كل واحد منهم من قريش في الموسم يخرج من ماله بقدر طاقته، ويجمعون مالاً عظيمًا في الموسم يشترون به للحجاج طعامًا وزبيبًا ولباسًا يطعمونهم حتى ينقضي الموسم، ومن تعظيمهم للبيت: أنهم كانوا يمنعون الحجاج والعمّار ما داموا محرمين أن يأكلوا إلا من طعام قريش، ولا يطوفون إلا في ثياب قريش، كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية، وكان الذي ابتكر هذه الفكرة قُصي بن كلاب، حيث قال لهم مرة: "يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته وهم أحق الضيف بالكرامة" يعني الواحد لو جاء له ضيف في أي مكان في العالم يجب أن يكرمه فإذا جاءكم الضيف أنتم رواد وسكان وأهل البلد الحرام أحق الضيوف بالإكرام ضيوفكم أنتم، قال لهم قُصي: "فاجعلوا لهم طعامًا وشراباً أيام الحج حتى يصدروا عنكم" حتى يغادروا "ففعلوا" [البداية والنهاية: 2/264]. والقصة في سيرة ابن هشام - رحمه الله -.

وكانوا يفتخرون بذلك ويعتبرونها من الأعمال العظيمة؛ لدرجة أن النبي ﷺ لما جاءهم بالتوحيد وصدوا عنه؛ لأنهم كانوا على دين آبائهم المشركين، قالوا: نحن نفعل ونفعل وعندنا السقاية و..، فقال الله: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ [التوبة: 19]، فلم ينكر عليهم تعالى السقاية، لم ينكر عليهم العمارة، لكن أنكر عليهم أنهم جعلوها أفضل من الإيمان والتوحيد، فليس الإنكار على العمارة والسقاية، الإنكار على جعلها حُجّة مقابل التوحيد، كأنهم قالوا: نحن ما دمنا نقوم بهذا ما علينا توحيد ولا علينا نتبع دينك، فجعلوها مفخرة تصد عن ذكر الله والواجب أن تجعل مفخرة تضاف إلى ذكر الله، فإذن الله ما أنكر عليهم السقاية والعمارة، وإنما أن تجعل حُجّة تصدّ عن التوحيد.

الحمد لله الآن تشهد المشاعر وتشهد هذه البقعة تطوراً عظيماً لم تشهده البشرية من قبل في أي عصر من عصورها، ومن أشراط الساعة قال ﷺ: تقارب الزمان [رواه الترمذي: 2332، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 7422]. تقارب الزمان يشمل اختراع وسائل المواصلات التي تقصر المسافة الزمنية لسالكي المسافات المكانية فيصبح الوصول سريعًا، وصارت الآن مسارات مادية وخدمية بشرية لأجل حجاج بيت الله الحرام، قطاعات، أعمال، مؤسسات، وزارة، منشآت، إلى آخره والحقيقة أن هناك جهود جبارة تُعمل، كل ذلك لأجل هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، ولأجل خدمة ضيوف الرحمن ، أنتم في الحقيقة في مهنة شريفة جدًا، أنتم في عمل عظيم جدًا، أنتم عندكم فرصة لكسب أجر يمكن ما عند كثير من الناس في العالم، فمما تُغبطون عليه أنك أنت تستطيع الآن أن تقدّم أشياء لدين الله يمكن ما يقدمها غيرك، وبالتالي يا أخي الكريم أنت عندك فرصة ذهبية، ليست القضية الآن نظرة إلى هذه على أن هذه مغانم دنيوية ومكاسب مالية، بقدر ما ننظر إليها على أنها رعاية وإكرام لهؤلاء الوفد وفد الرحمن، الرسول قال: الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم [رواه ابن ماجه: 2892، والطبراني في الأوسط: 6311، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 3173].  

سماهم وفد الله، فأنت عندما تكرم وفد الله وعندما تستقبل وفد الله وعندما تعلم وفد الله، وعندما تيسر مهام وفد الله، ماذا تتوقع أن يكون لك من الأجر إذا أخلصت النية لله؟ فتعالوا معي الآن نطوف في واجبات أو مهام الذين اختارهم الله لهذه المهنة أو هذا العمل الشريف وجولة مع أهم الواجبات لمشرفي الحملات والمطوِّفين والذين يقومون بهذه المهمة الشريفة الكريمة.

أهمية الإخلاص في قبول الأعمال

00:12:23

أول ما نذكّر به أنفسنا وجوب إخلاص النية لله ، واحتساب الأجر في خدمة الحجيج، أول نقطة ترونها الآن الإخلاص حقيقة الدين لبُّ العبادة، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5]، و فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدً  [الكهف: 110]،  إنما الأعمال بالنيات [رواه البخاري: 1]. التجارة مع الله قبل التجارة مع البشر وأن يكون القصد وجه الله قبل أن يكون القصد الربح المادي، حتى يكون الأجر ولا تنافي والحمد لله حتى بالذات التجارة في الحج ورد فيها نص، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: 198] والعمل أثناء الحج لا يتعارض مع عبادة الحج.

ثانياً: ضرورة التعلم والتفقُّه في الدين، فيقول الإمام ابن عبد البر المالكي: "والذي يلزم الجميع فرضه من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه" وذكر من ذلك: "وإن كان ذا مال وقدرة على الحج لزمه فرضاً أن يعرف ما تجب فيه الزكاة ومتى تجب؟ وفي كم تجب؟ ولزمه أن يعلم بأن الحج عليه فُرض مرة واحدة في دهره إن استطاع إليه سبيلاً" إلى آخر كلامه رحمه الله. [جامع بيان العلم وفضله: 1/58].

أنت مطوّف، أنت مرشد، أنت معلّم، أنت موجّه، أنت تقودهم، جاء كثير منهم ما عنده خلفية، ما عنده معرفة، إذا عرف نظرياً لكن ما يعرف عمليًا، لا يعرف مكان المشاعر، وشرح المشاعر، هذا المشعر الحرام الذي ذكره الله في كتابه، ربما الحملة لا تمر عند المشعر الحرام أصلاً، لكن لو كان في القاطرة مثلاً حافلة، فهناك شرح لهم سيمرون بهذا المكان. النبي ﷺ أراد أن يشعر الصحابة، قال: أنتم تقفون على إرث من إرث أبيكم إبراهيم [رواه أبو داود: 1919، والنسائي في الصغرى: 3014، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 4394].

يعني حاجة تاريخية عظيمة، مفخرة، من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين [رواه البخاري: 71، ومسلم: 1037].

وكثير من الحجاج يسألون فإذا ما كان عند الواحد بضاعة يعطيها ربما ضلّ وأضل، لكن عندما يكون عنده علم سيرشدهم صح، يعني من الأشياء التي مرت علينا في الحملات والكلام الذي نقله بعض الحجاج، فهؤلاء أحيانًا ما يميزون، إذا هو يطوف حول الكعبة ممكن الذي يطوّف به لو طاحت غترته فقال: هات الغترة يا ولد، قالوا: هات الغترة يا ولد! كما حصل، تصور لما تأتي فتوى كذا مضحكة أو فتوى كارثية، واحد ذهب وطاف الوداع ولم يرم الجمرات الأخيرة، قال: أستغل الوقت وأذهب في صباح يوم الثاني عشر أطوف الوداع وبعد ذلك أرمي، هو فكر فذهب وعملها، وسأل واحداً فقال له: ما يجوز لازم تجعل طواف الوداع آخر الأمر، لا يوجد حاجة اسمها طواف الوداع يوم الثاني عشر وترمي بعد ذلك، لكن هذا ليته اقتصر على هذا الحد، كنا قلنا الحمد لله هذا كلام طيب وهذه فتوى صحيحة، لكن قال له: أنت الآن طفت طواف الوداع لازم تمسح مفعول الطواف الخطأ الذي عملته، قال له: كيف أعمل؟ قال له: تطوف سبعة بالعكس! ما هي الكارثة التي ممكن تحصل عليه وعلى غيره؟ هذا شيء آخر، لكن الجهل ممكن يودي في داهية. ثالثاً: الإداريون في الحملات، أهمية وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا واجب شرعي، وينبغي أن يُعرف الأصلح في كل منصب، فإن الولاية لها ركنان: القوة والأمانة، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: 26] قال صاحب مصر ليوسف: إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ [يوسف: 54].

تريد أن تولِّي شخصًا بشيء، لا بد أن يكون صاحب قوة وأمانة؛ حتى ما يضيع، بالقوة والأمانة تصلح الأمور، إذا وليت أميناً ما عنده قوة، كان ضعيفا اجترؤوا عليه، وأمانته تنفعه هو فقط ما تنفع الآخرين، إذا وليت قوياً ما عنده أمانة استغل قوته في المصالح الشخصية، وفي الفجور أحيانًا والفساد، ولذلك كما يستغل بعضهم -والعياذ بالله- ممكن قد يضحك على بعض الحاجات ويوهمها بأشياء من الفواحش، ويذكر لها أن لها فضل في هذا المكان! أقصد بدون الأمانة وبدون الدين وبدون التقوى قد تحصل مصائب عظيمة جدًا.

النقطة التي تليها: الإتقان. 

الإتقان مطلب شرعي، إن الله - عز وجل - يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه [رواه الطبراني في الأوسط: 897، والبيهقي في الشعب: 4929، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1880].

ونحن نحتاج هذا الإتقان في الأعمال، نحتاج الإتقان في كل شيء، إتقان إداري، إتقان فني، إتقان تقني، إتقان المسيرة، إتقان التفويج، إتقان الوجبات، إتقان الخدمة، ولكن سيقول ناس: فيه أشياء خارجة عنا وأشياء لسنا نحن السبب فيها وأشياء ظروف قهرية، نعم صحيح، ولكن على الأقل عندما يكون هناك إتقان مع القوة والأمانة ستكون الخسائر أقل، وأحيانًا بعض المطوفين من إخلاصهم عندهم خطط طوارئ؛ بحيث لو هذا مغلق لو صار كذا لو صار كذا، يعرف يتصرف، من إخلاصه عنده بدائل  وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته [رواه البخاري: 893]. ولن نتخيل مشرفًا يترك الحجاج وينام!.

ومن الإتقان تهيئة ما يناسب للقيام بأعمال الحج، الآن هؤلاء القادمون يحتاجون إلى تكييف بالذات الآن الحج يدخل في مزيد من حرارة الصيف، الآن هذه قضية الاهتمام بها لراحة هؤلاء، سواء كان مكيفات حافلة وإلا مكيفات خيمة وإلا مكيفات مبنى وإلا مكيفات قطار وإلا مكيفات مشاعر فعلاً من الأشياء الواحد إذا وفرها لهم بالإتقان سيريحهم فعلاً في عبادتهم.

أن يكون المرشد أو المشرف قدوة

00:19:04

كذلك من النقاط أن يكون المرشد أو المشرف قُدوة حسنة للحجاج في سلوكه في ألفاظه، لا نريد الناس أن يرجعوا  كما قال بعضهم: رجعوا إلى بلادهم معهم شيشة! قال: ما هذا؟ قال: نحن رأيناها في عرفة! ما دام رأيناها في عرفة معناها شيء مقدّس وما دام شفناها في مكة معناها شيء مقدّس، نريدهم يرجعون أول شيء موحّدين لله، يرجعون وقد بُنيت قواعد الإيمان في نفوسهم، يرجع وقد تاب من ذنوبه، يرجع وقد أدى فرضه كما يريد الله منه، وهذا ركن، وبعد ذلك ربما لا يستطيع أن يأتي مرة أخرى، فلو عمل على فتوى خطأ من غير سعي أو أنقص شيئًا متى يستطيع يأتي يسويه لو راح وفات الأوان وما عرف إلا بعد ذلك، كيف لو كان ركنا؟ لو كان واجبًا يجبر بدم؟ ولو كان ركنا متى سيستطيع يأتي؟ فات الأوان انتهى، ولذلك المطوّف المخلص الذي يتأكد أن حجاجه أتوا بالأركان، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو قُدوتنا، كان في الحج، قال: لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه  لما أخذ الحصيات بين الحمصة والبندقة مثل حصى الخذف، الخذف الذي كانوا يرمون به بين أصبعين، الحصى هذا المقاس قال: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين  [رواه النسائي في الصغرى: 3057، وابن ماجه: 3029، وصححه الألباني في التعليقات الحسان: 23860]. 

عندما يرون المشرف يسبقهم إلى المكان الصحيح إلى مكان السنة إلى الدعاء إلى استثمار الوقت، إلى آخره أنت عندما تضع بينهم من يقوم بدين الله فيهم، هذا أعظم الإحسان والله.

الرفق بالحجاج والصبر عليهم

00:20:49

من النقاط المهمة الرفق بالحجاج والصبر عليهم فما أجمل أن يتحرى المدير والمطوف والمشرف والمرشد والمسؤول الرفق واللين وأن يطيب كلامه والألفاظ خصوصاً في هذا المكان، يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق [رواه البخاري: 6927، ومسلم: 2593], ما كان الرفق في شيء إلا زانه [رواه مسلم: 2594]،  من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفِق به [رواه مسلم: 1828]. أنت ولّيت أمرهم، عندما ترفق بهم في مسيرهم، عندما ترفق بهم في نومهم، عندما ترفق بهم توفر لهم أسباب الراحة، الله سيكافئك على هذا مكافأة عظيمة، فرفق بهم فارفِق به سهّل أمورك كما سهّلت أمورهم، النبي ﷺ كان هو قائد مسيرة الحج، فاستظل وركب وترك الأفضل أحيانًا، فمثلا: طاف وسعى راكبًا، مع أن الأفضل أن يكون على رجليه، استلم الحجر بمحجن، مع أن الأفضل يستلمه بيده، ترك تقبيله أحيانًا، حتى لا يزدحم الناس، لا تكون مشقة عظيمة عليهم، وبرز للناس أكثر الوقت يستفتونه واختار الأيسر لهم، حتى في الطريق.

ومما يوصى به المشرفون إعانة الضعفاء وكبار السن وذوي الحاجات الخاصة، فالحج نوع جهاد؛ وخصوصًا للنساء وكبار السن والضعفاء ومن لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا، والنبي ﷺ كان رحيماً في قيادة الناس فكان يقول: السكينة السكينة  [رواه مسلم: 1218]، و ليس الحج بالإيضاع  فليس الحج أن تقتحم الجموع مسرعاً، عندما تجد مساغاً امض، عندما تحصل الزحمة تمهّل، وهكذا، كان يقول في كل شيء جائز ورخصة صحيحة: افعل ولا حرج  النبي ﷺ "رخّص لرعاء الإبل في البيتوتة؛ أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر، فيرمونها في أحدهما" [رواه أبو داود: 1975، والترمذي: 955، والنسائي: 3069، وابن ماجه: 3037،   وصححه الألباني في صحيح أبي داود: 1724].

معنى هذا: أن الناس إذا كانوا رعاة الإبل، كذلك الجزارون، كذلك الذين يتولون مهام الحجاج، لو انشغلوا عندما تبيح الشريعة لهم جمع يومين في يوم ابتغاء التيسير عليهم؛ لأنهم مشغولون بالتفويج، مشغولون بشغل الحجاج، بعض الحجاج الجانب الفقهي لديهم ضعيف، فوقوعهم في الخطأ سهل جدًا، والآن هناك تنظيمات كثيرة منعت الأخطاء، فمثلاً: مرت علينا سنوات كان الدور الأرضي في الجمرات مكشوف أي واحد يذهب أي جمرة، فأنتم تذكرون أنه كان هناك ناس يوم العاشر يذهب يرمي الأولى والوسطى، مع أنه لا رمي يوم عشرة إلا الكبرى، حتى أذكر أنه في أحد السنوات جاء واحد حاج عربي، يوم عشرة يريد يرمي الصغرى والوسطى، وهناك حاج هندي أعجمي يعرف السُّنة، فجعل يحاول منع العربي يقول له لا يرمي الآن إنه يوم عشرة لا تُرمى صغرى ووسطى، لا يوجد، ذاك مُصِر، وهذا يريد يشرح له فقال له بلهجة مكسّرة: قال: شف رفيق هذا شيطان مكتب سكر يفتح بكرة بعد الظهر، احتار كيف يفهمه كيف يوصل له المعلومة، والآن تجد هناك شرطة وحراس عند الجمرات ما يدعون يوم عشرة أحد يقترب من الصغرى والوسطى.

احتساب الأجر في إعانة ذوي الحاجة، هناك ناس من أصحاب الاحتياجات الخاصة كثير؛ لأنه هو يمكن هذه حيلته حطها في هذا الموسم عشان يحج، والنفوس مجبولة على الإحسان إلى من أحسن إليها، ونحن يجب ألا نكلّف الحجاج ما نوهمهم بأشياء ليست من الحج، بعضهم يتوهم أن الحاج لازم يذهب إلى غار حراء، وغار حراء ليس من أركان الحج وليس من واجبات الحج ولا من سنن الحج، وليس له علاقة بالحج نهائيًا، بل إن النبي ﷺ ما أتى غار حراء إلا قبل الإسلام، لما حُبب إليه الخلاء تمهيدًا لمجيء جبريل باقرأ أول وحي كان يذهب مدة يتحنّث، حُبب إليه، ولا يوجد في الدين نص على استحباب صعود الجبل وتجشُّم المشاق للوصول إلى ذلك المكان فالمسألة ليست فقط أنك تكثر مزارات وتضع بيع العصير في الطريق القضية قضية أن الناس تحج حجاً صحيحًا، وعلى السنة، وتأخذ الأجر بحديث: خذوا عني مناسككم [رواه مسلم: 1297، بلفظ: ((لتأخذوا مناسككم)) ] كما حج نحج، حذو القُذّة بالقُذّة.

حُسن الخلق في معاملة الناس

00:26:01

مما يوصى به أيضاً المطوّفون والمشرفون: حسن الخلق في معاملة الناس، والتحلّي بمكارم الأخلاق، والتواضع والبشاشة والصبر، اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن [رواه أحمد: 21403، والترمذي: 1987، والحاكم: 178، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 97]. أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خُلُقا [رواه أبو داود: 4682، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 284]. إن من خياركم أحسنكم خُلُقا [رواه البخاري: 3559].

و المؤمن يدرك بحسن خُلُقه درجة الصائم القائم [رواه أحمد: 25013، وأبو داود: 4798، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2643]، عندما يكون هناك زحمة وحَرّ لازم تتغير الأعصاب، إلا من رزقه الله ووفقه وحباه بخُلق حسن، فهو طويل البال واسع الصدر، يتحمّل كلام الناس، ما في هذا الحج إلا تحمل كلام الناس وبالذات المسؤول؛ لأن الناس يقصدون من المسؤول؟ أين المدير؟ أين المشرف؟ يبحثون عنه، تأخرت صار كذا، سواء في وسيلة نقل، سواء ضاعت أشياء، بطاقات تصاريح، وجبات، دورات مياه، الناس لهم حاجات وصاحب الحاجة كما يقولون أعمى، فعندما يجد صدرًا واسعًا، هذا يمتص أشياء كثيرة من الغضب، يمتص أشياء كثيرة من الغضب، وهذا الذي فعلاً نحتاجه؛ لأن الابتسامة وطلاقة الوجه تفتح الطريق إلى القلوب، وهذه البشاشة مصيدة المودة، قال ابن عمر: "البر شيء هيّن، وجهٌ طليقٌ وكلام لين" [رواه البيهقي في الشعب: 7702]. 

والتبسُّم صدقة، وإذا قضيتَ حاجة لأحد من إخوانك الحجاج وكان لك ابتسامة في وجهه فكأنها أعظم من قضاء تلك الحاجة، تُراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله

ونبينا ﷺ قال: حُرّم على النار كل هيّن ليّن سهل قريب من الناس هذا الحديث رواه الترمذي وأحمد حديث صحيح: حُرّم على النار كل هيّن ليّن سهل قريب من الناس [رواه أحمد: 3938، والترمذي: 2605، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3135].

الشيخ ابن سعدي - رحمه الله - كان معروفًا بحسن الخلق، كان عندما يخرج للصلاة يأتي الأطفال يوزِّع لهم حلويات، فكانوا أحيانًا يأتون على المسجد ليأخذوا حلويات، هذا الرجل كان عنده حُسن خلق باهر، حتى أني سألت أحد مشايخنا قلت له: هل صحيح أنك رأيت الشيخ ابن سعدي في المنام وسألته في المنام: ما أكثر ما نفعك عند الله؟ فقال: حُسن الخلق؟ قال: نعم، رأيته فعلاً في المنام وسألته في المنام بعد موته: ما أكثر ما نفعك عند الله؟ قال: حُسن الخلق.

 الدعابة والفكاهة بضوابطها الشرعية جميلة، إذا جاءت في موضعها اللائق بها جميلة جدًا.

والنبي ﷺكان يمزح ويقول: إني لا أقول إلا حقًا [رواه الترمذي: 1990، وأحمد: 8481، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1726]. والمزاح الصحيح ليس فيه استهزاء بالدين، ليس فيه استهزاء بعباد الله، ليس فيه جرح للمشاعر، ليس فيه كذب، ليس فيه ترويع، ليس فيه غيبة، ليس فيه سخرية، ليس كثير جداً؛ بحيث أنه يطغى على الجد في معرفة مقدار الناس ما يقلل من هيبتهم أو من شأنهم، في الوقت المناسب، يقولون: واحد من المشايخ رأى في الدرس واحد ينعس فقال له: أنت أجب على السؤال: ما هو الفرق بين النوم والنعاس؟ فلم يستطع الإجابة، لكن فهم المراد فانتبه، النعاس ما ينقض الوضوء، النوم ينقض الوضوء.

الحج ما يخلو من طرائف، أنا رأيت شخصاً لابس الكمّامة وماسك السيجارة، يأخذ الكمامة ويضع السيجارة، ويرجع الكمامة! أنت أصلاً لماذا وضعت الكمامة؟ لأجل الأشياء السامة ما تدخل، وهذا الذي تعمله ما هو؟ أحياناً تجد متناقضات لكن التعليق  عليها مفيد؛ لأنه فعلاً بعضهم ليس منتبه ماذا يفعل؟

يقولون: جاء شخص إلى شيخ من مشايخ الشناقطة، والشناقطة فيهم حُفّاظ وعلماء كبار رحمة الله عليهم، جاء له يوم عشرة في منى قال: يا شيخ أنا أتيتُ أهلي في مزدلفة ماذا عليّ؟ قال: أين؟ قال: في مزدلفة يا شيخ قال: أين؟ قال: في مزدلفة يا شيخ، قال: أين؟ فهذا قال: خلاص يا شيخ، فقال: أين في مزدلفة أنا لم أجد مكانًا أقضي حاجتي في مزدلفة، الشاهد أنت توقع أي شيء من أخطاء الحجاج، ولذلك لازم يكون فيه توعية مستمرة، تعليم مستمر، توجيه مستمر، أنا اقول لكم وأنا إن شاء الله واثق من كلامي، تعرف أعظم خدمة تقدمها للحجاج ما هي أعظم من التكييف والحافلات والقطارات والماء والأكل والمواصلات؟ أعظم خدمة تقدمها له إنك تضع مشرف يعرف حجّة النبي ﷺ يرافقهم في بيانها عمليًا أثناء المسيرة في الحج، إي والله، والآن هناك طلبة علم من جامعة أُم القرى وفي معهد الحرم، وعندكم معهد الحديث، دار الحديث الخيرية في العوالي، ومعهد الحرم، وجامعة أم القرى، ليس صعبًا أبداً والله تأخذ منهم ناس تستأجرهم يشرحون هذا، أنا والله أحثكم وأؤكد عليكم أسألكم بالله أن تفعلوا ذلك ولا تتركوهم يحجون كيفما اتفق، ممكن بعضهم يقول: هم أصلاً أتوا معهم مشايخهم ليس لنا دخل، لكن ما يمنع إذا وجدتَ مجالات أنك تطعمها، مساعدة، وأنت قد تفرض بصلاحيتك أشياء، فلذلك ممكن العدد الكبير لا يكفيهم واحد، فعندما تضع من يدعم هذا سيكون لها أثر والله أثر بالغ جدًا.

المشاورة واحترام آراء الآخرين

00:32:28

ومما يوصى به أيضا مسألة المشاورة واحترام آراء الآخرين، وبعض الحجاج عندهم ذكاء، وقد يقدّم لك اقتراح ترفعه لمعهد أبحاث الحج، بعض الحجاج عندهم اقتراحات ممتازة، ربما هو آت من "ناسا" مهندس في شركة عالمية، هناك ناس يأتون عندهم عقول، ربما لو أعطاك اقتراح وأنت مررت الاقتراح لمعهد أبحاث الحج يمكن يكون فيه خير عظيم -سبحان الله- هذه التطويرات التي صارت في الحج بعضها اقتراحات، بالمقابل بعضهم يحتاج من يفهمه، جاء مرة واحد يقول: لماذا هذه الزحمة؟ افتحوا الحج على مدار السنة! من جهله يقول: افتحوا الحج على مدار السنة، ضعوا الحج في محرّم وصفر وربيع! لماذا كلها في تسعة مجمعين في ذي الحجة في الأسبوع كلها كل الدنيا؟ أو يقول واحد: أنا أروح أوزع حطوا جمرات في منى من أولها آخرها ووسطها، لا يفهم موضوع أن هذه مشاعر ليس فيها تغيير ليس فيها تلاع، هي بعينها، وحرم مزدلفة لها حدود، منى لها حدود عرفة لها حدود، يعني نزل قبل عرفة ما له حج إذا ما دخل حدود عرفة  مثلا.

ومن الاحتساب العظيم أنك تدخل الناس الذين خارج حدود عرفة؛ لأن هناك ناس يأتي لا يجد مكاناً يخرج عن حدود عرفة ويجلس إلى المغرب وماشي وما حجّ ليس له حج، قصارى ما هنالك أنه سيخرج من إحرامه بعمرة سيقول: ذهبت عرفة، ماذا أصنع؟ ستقول له: اذهب للسعي والطواف واخرج بعمرة ليس لك حج، ولذلك إدخال الناس حدود عرفة هذا من أعظم المعروف الذي يؤمر به، والأمر بالمعروف من الدين؛ وهذا من أعظم الأمور في الحج الشورى شأن عظيم والأخذ بها سيكون مفيداً للغاية.

مراعاة أحوال الناس وإنزالهم منازلهم

00:34:33

كذلك من النقاط: مراعاة أحوال الناس وإنزالهم منازلهم.

الحملة أو الناس فيهم العالم والجاهل والغني والفقير وصاحب الجاه والمنصب ومن ليس كذلك، وأنزلوا الناس منازلهم إكرام هؤلاء، وبعد ذلك يخرج بانطباع حسن ثم ينقله لبلده سيكون لها أثر ممتاز علينا وعلى البلد وعلى الدين عمومًا خلاص الناس ينظرون إلى أهل مكة أنهم أفضل ناس في العالم.

في الحديث أمرنا رسول الله ﷺ أن ننزل الناس منازلهم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه [رواه ابن ماجه: 3712، والطبراني في الأوسط: 5261، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 269].  

كذلك مراعاة أحوال الناس في الحج ومعاملتهم على حسب الحال، وملاحظة الحاجة بدقة،

والعين تعلم من عيني محدّثها إن كان من حزبها أو مَن يعاديها
عيناك قد دلّتا عيناي منك على أشياء لولاهما ما كنت تبديها

[أدب الدنيا والدين: 26].

النظرة فيها رحمة، كما أن النظرة الحادة فيها عذاب.

ومما يوصى به أيضاً: تذكير الناس بمقاصد الحج لماذا جئنا؟ مثلاً: تحقيق التوحيد لرب العالمين وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا [الحج: 26]، اللهم حجّة لا رياء فيها ولا سمعة [رواه ابن ماجه: 2890، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1302]، إخلاص لله  وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196]، كيف نتمُّ العبادات؟ كيف نلتزم سبعة أشواط؟ يعني سبعة، ستة ما ينفع، ثمانية بدعة، سبعة كذا سبع حصيات، ما يأتي يقول: أنا والله رميت سبعة وزاد معي ثلاثة احتياط فقلت: زيادة الخير خيرين ورميتها تقول له لا يا أخي هذا ما هو زيادة الخير خيرين  هذا الزيادة التي فعلتها أنت الآن خطأ، الزيادة في الدين كالنقص فيه، ما يجوز إذا تأكدت أنها سبعة خلاص، وتعلمه أن الحصاة التي ترمى في الجمرة لها خمس أحوال: أولاً: أن تكون متأكد أنها وصلت لا تعيد، ثانياً: تكون متأكد أنها ما وصلت تعيد، ثالثاً: يغلب على الظن أنها وصلت ما تعيد رابعاً: يغلب على الظن أنها ما وصلت تعيد، خامساً: تشك، فتأتي بها تعيدها.

من مقاصد الحج تحقيق العبودية لله.

النبي ﷺ لما علّمنا الحج، ترك الوطن والتجرد من الثياب والتواضع لله ترك الشهوات حتى المباحة، الطيب والنساء شهوات مباحة، لكن أنت اتركها لله يترك لله مباحات، من باب أولى أنه يترك المحرمات، وإذا هو يقول: لبيك اللهم لبيك يعني سمعاً وطاعة لك يا رب.

كذلك فإن كل التنقلات من طواف تقبيل الحجر، رمي الجمار، الوقوف بعرفة، المزدلفة، المبيت حلق الرأس هذه كلها فيها تعبُّدات مبنية على الاستسلام لله.

من مظاهر الحج الاستسلام لله

00:37:25

من أعظم فوائد الحج أنه يظهر الحاج مستسلماً، يتعلم مفهوم الاستسلام لله تعالى، إقامة ذكر الله لاحظ الحج كله لبيك اللهم لبيك، ذكر، بسم الله والله أكبر، ذكر، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً [البقرة: 201]، بين الركن والمقام، ذكر، إذا دنا من الصفا وحد الله وكبّره ووقف والله أكبر ولا إله إلا الله، ذكر، فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 198]، ذكر، التكبير مع رمي الجمار، أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله [رواه مسلم: 1141]، وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: 28]، الحج مبني على الذكر، ويعلم الحاج الذكر، أنتم الآن مؤسسات طوافة، أنا افترض أن مؤسسات طوافة هذه فيها من جنوب شرق آسيا، فيها من الجمهوريات الإسلامية، فيها من أفريقيا، فيها من أوروبا، يمكن أن تقول: أنا كل الذين عندي من الهند، كل الذين عندي من أندونيسيا، كل الذين عندي من بخارى، كل الذين عندي من كذا، حجاج نيجيريا، ولكن الحقيقة صحيح أنه مؤسسات الطوافة تخصصية وتأخذ حجاجاً من بلاد معينة كل مؤسسة، وبالحج يكون هناك نوع من الفرز، يعني إن هؤلاء فقط ما يختلطون مع بعض في المخيم ولكن سيرى بعضهم بعضاً في عرفة والطريق إليها في الطواف بالبيت في السعي هنا التعليقات على عالمية الإسلام التعليق هنا على قضية الولاء أن الله جعل إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: 10]، سيكون تعليقاً مهماً، ليس كل جنسية أو بلد محصورة مع مؤسسة طوافة، لا، وبهذه المناسبة أتوقع ستجد حتى في معهد الحرم، كلية أو دار الحديث الخيرية، أو طلبة علم من جنسيات الذين معك في مؤسسة الطوافة التي متخصصة في هذا البلد أو هذا النوع.

تحقيق الولاء بين المؤمنين، هذا شيء عظيم والنبي ﷺ قال: كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع وأول ما أبدأ ربا العباس [رواه ابن ماجه: 3055، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجة: 3055]. 

العباس موجود قال: أول ما أضع ربانا ربا العباس، أول شيء ألغاه أي واحد له زيادة على رأس المال ألغاه، قال: وأول ما أضع ربانا ربا العباس، بدأ بأهل بيته، كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع وأعلنها في الحج، الشاهد: تذكير الحجاج بالمعاني الإيمانية  وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ [الحج: 27]، من أنحاء العالم، والزمن واحد، لباس واحد، هدف واحد، شعار واحد، يدعون ربًا واحدًا، يتبعون نبيًا واحدًا، فتذوب الفوارق، الاعتناء بالتركيز على مسألة ذوبان الفوارق، ذوبان اللغات، نحن الان كلنا سواء أنت من أي مكان جيت من أي كان صقع من الأصقاع بأي لغة تتكلم قصدنا واحد وما في مكان في العالم سيتذكر المسلمون فيه وحدة الإسلام كهذا، إذا كان المسلمون في أنحاء العالم محرومين؛ لأنهم يقتّلون في مكان ويشردون في مكان وهؤلاء ينصرون وهؤلاء معزولون عن هؤلاء، الحج هو الذي يجمعهم في الحقيقة.

التذكير باليوم الآخر في الحج

00:40:59

التذكير باليوم الآخر من أعظم فوائد الحج؛ لأننا هكذا سنلقى الله غُرلا عُريًا حفاًة بُهما على صعيد واحد، هكذا، حتى هذا الإحرام يذكِّر بالكفن، والتربية عن النفرة من المعاصي، فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197]، يعني أخلاق ورعاية حدود الله. وكذلك التربية على التقوى، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة: 197]، لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37]، هذا الذي يصعد إليه ما يصعد له اللحم والدم .

من الوصايا أيضًا أنه ما يكون همّ الواحد فقط إن الناس يحجون كأنها رحلة سياحية، صحيح نحن نوفّر لهم ما استطعنا من وسائل الراحة، لكن ليس معناها المبالغة الهائلة الكبيرة جداً التي تنسيه إنه حاج هؤلاء عبادي جاؤوا شُعثًا غُبرا [رواه أحمد: 7089، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1868]. 

عندما يكون هناك إغراق في موضوع الترفيه أو الترفيات، ابن عمر قال: "أضح لمن أحرمتَ له" [رواه البيهقي في السنن الكبرى: 9192، وابن الجزري في غريب الحديث والأثر: 3/ 77، وصحح إسناده الألباني في الإرواء]. أخرج للشمس، "أضحِ لمن أحرمتَ له" وليس هذا معناه أن الواحد يجلس في الشمس حتى يُصاب بضربة شمس، أو يهلك، لا، لكن المقصود أن من مقاصد الحج أن يخرج من العادات المألوفة حتى يتعود على حياة فيها نوع من تقشُّف زُهد كذا، لكن الآن بعضهم يشترط اشتراطات تجعله أحسن من الذي كان فيه في بلده، فالمقصود نحن نقدّم نكرم ونفعل، ولكن نذكر أن الحجاج الذي معنا إذا مرة ما حصل لك 100% يعني تذكر أنك في حج، سبحان الله من المعاني التربوية: الانتظار حتى على دورات المياه فيها معنى؛ لأنه في البيت  يمكن عنده أربع حمامات هنا ينتظر مع أربعة آخرين على حمام واحد أو على أربعة عشر أو على أربعين! الشاهد ملامسة التعليق على هذا المعنى مهم للغاية، لكن لا بد من النقطة التي بعدها، الاهتمام بالتنظيم، هذه مسألة في غاية الأهمية المخيمات والنظافة والترتيب فيها ومكان الدروس ومكان الصلاة، حتى تهيئة مكان الصلاة بطريقة احترافية؛ لأن انتظام صفوف المسلمين تحتاج إلى أشياء في المراعاة، مكان درس الحجاج، مكان طعام الحجاج، تنظيف مكان طعام الحجاج، وكذلك استغلال الوقت لأنه هو جالس عندك، الآن أنت ممكن تدخله في برنامج على ما تريد، أنت ممكن تدخله في برنامج، هو ما عنده إلا نوم وكلام فقط وقت عرفة ذهبوا، في أوقات أخرى لو اعتنيت أنك تجلب لهم بلسان قومهم طالب علم يعطيهم كلمة يعطيهم تذكير، تشتري لهم بلسانهم مطويات، كتب، أشياء عندنا مراكز توعية الجاليات المنتشرة الآن في البلد موجودة بكل اللغات، فلبيني، إندونيسي، صيني، باللغات السواحلية، كلها موجودة لكن يبغى لها قليل حركة وترتيبات بحيث أن الواحد يجهز شيئاً مسبقاً، أنا أعطيكم مثالاً: فيه واحد أتى بذاكرة، الذواكر الإلكترونية 8 قيقا ونزل عليها بلغة هؤلاء، طبعا 8 قيقا ممكن تأخذ لك آلاف الساعات من الخطب والمحاضرات وإلى آخره ويكون فيها خطب الحرمين وغيرها دروس ذاكرة إلكترونية، هو ممكن يشتريها من الصين مسجل عليها مغلفة يمكن عشرين ريالاً، ولكن هذا إذا أراد أن يسمعها يريد له ستة أشهر، هذا يمكن يأخذها معه يضعها في الجوال الذي عنده؛ لأنه أكثر الجوالات التي عند الناس الذواكر الآن نظام الأندرويد شرائح تتبع هذا النظام، هذا ممكن يصير فيها خير عظيم على الأقل يعطيها الذين مع الحملات التي يأتوا أحيانا من مكتب مفتي كذا جمهورية كذا مناصب دينية على الأقل هدايا نوعية لأشخاص، نوعيين من الآتين في الحملة.

الحذر من الإعانة على المعصية

00:45:26

والوصية أيضاً بالتذكير بالحذر من الإعانة على المعصية؛ خصوصًا في الحرم الذي له هذه الخصوصية والتي تضاعف فيه المعصية فيه كيفًا لا كمًا، يعني المعصية في الحرم تعظُم قدرًا وإن لم تعظُم عدداً، يعني ولو كانت السيئة بواحدة لكن واحدة في الميزان كارثة مصيبة، إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة وزورا من الظلم فيما سواهم، والظلم في مكان الحرام أعظم خطيئة ووزرا، وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج: 25]، فهذه المضاعفة في الأماكن الفاضلة كذلك الوصية الأخرى أنه يا أيها المشرف والإداري لا تنسَ نفسك من العبادة، صحيح أنت منهمك في أعمال الحجاج لكن أيضاً لك أنت حق كذا على خلوة ما في شغل ناس نائمون، يقوم لله يركع يقوم يدعو له أيضاً، أيضا وظائف ما ينسى نفسه ولا يكون كمعلم الناس وينسى نفسه، بل هو أيضاً يتأثر بهذا الموسم ولو كل مرة سيحج، لكن كل مرة لها طعم ولها أيضا ذكريات في نفسه ولها علاقة مع الله هذا بعض ما أردت أن أطرحه بين أيديكم والجلسة هذه إن شاء الله تكون تنسيق الوزارة مع المؤسسات المعنية إن شاء الله تكون هي من باب قوله تعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر : 1 - 3]، في سورة البلد فيها وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [البلد: 17]، فصار عندنا ثلاثة أشياء تواصوا بالحق الذي هو معرفة الحق العلم والصبر الثبات عليه والأخذ به والعمل به والمرحمة الأخوة في الله أنه يكون بيننا أخوة ومحبة وعلاقات طيبة وتعاون على البر والتقوى

أسأل الله أن يغفر لي ولكم وأن يتوب علينا جميعًا، وأن يوفقنا للقيام بما يحب ويرضى، وصل اللهم وسلّم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.