الأحد 10 ربيع الآخر 1446 هـ :: 13 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

دروس من الزكاة والعمرة


عناصر المادة
أصناف المستحقين للزكاة
بعض أصناف المال الذي يجب فيه الزكاة
بعض أحكام الزكاة
بعض أخطاء العمرة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:

أصناف المستحقين للزكاة

00:00:10

أيها الإخوة: من الأمور المتعلقة بالزكاة أهل الزكاة، وهؤلاء الذين قال الله فيهم:  إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ  الآية [التوبة: 60].
وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ:  لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غاز في سبيل الله أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغني  [رواه أبو داود: 1635، ، وابن ماجه: 1841، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: 1445].
وهذه الآية العظيمة:  إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ  [التوبة: 60] تبين الأصناف الثمانية الذين يعطون من الزكاة. والعامل كل من عمل في تحصيل الزكاة من جاب أو كاتب أو حافظ أو راع أو حامل أو غير ذلك من الذين يعينهم الإمام من بيت المال، وليس أي شخص يأخذ الزكاة يعتبر عاملاً عليها، فإمام المسجد إذا أعطي زكاة لإيصالها ليس من العاملين عليها، ولا أي شخص يعطيه الناس زكاة لتفريقها يعتبر من العاملين، فلا يجوز له أن يأخذ منها ريالاً واحداً.
وأما الغارم فهو الذي تحمل ديوناً لإصلاح ذات البين؛ كأن يكون بين بعض الناس من المسلمين شر وفتنة، فيتوسط للإصلاح بينهم ويتحمل ديات أو أموال لإطفاء الفتنة.
فهذا من المصلحين فيعطى ما تحمله من المال لإطفاء الفتنة.
وكذلك الذي عليه ديون لا يستطيع أداءها، والغازي في سبيل الله يعطى ما يكفيه في غزوته ذهاباً وإياباً، إذا لم يكن له من بيت المال شيء، أو لم يكن له كفاية من بيت المال، فإن الغزاة كانت تعطى نفقاتهم من بيت المال.
وهم المجاهدون المتطوعون في سبيل الله هؤلاء من أهلها.
وكذلك فإنه لا يجوز لغني أن يأخذ زكاة أبداً، والغني الذي عنده كفايته وليس يشترط أن يكون من أصحاب الملايين.
والفقير عرفه الفقهاء الذي لا يجد كفايته، لا يجد شيئاً.
وقيل: لا يجد إلا نصف الكفاية، كفاية العام.
والمسكين لا يجد إلا نصف الكفاية، هذا ليس له من ينفق عليه وليس له دخل شهري مثلاً.
أما إذا كان الشخص له من ينفق عليه مثل أخ ينفق على أخواته، أو عم ينفق على أولاد أخيه، فإذا كان هؤلاء الأشخاص لهم من ينفق عليهم فلا يجوز إعطاؤهم من الزكاة؛ لأن هناك من يتكفل بالإنفاق عليهم.
وكذلك الفقراء الذين لهم ما يأتيهم من الضمان الاجتماعي أو من جمعيات خيرية متكفلة بهم تعطيهم رواتب، إذا كان الذي يأتيهم يكفيهم لا يعطون.
أما إذا كان الذي يأتيهم لا يكفيهم فإنهم يعطون.
وكذلك من لحقه دين من أجل معاملة وأعمال مباحة يعطى من الزكاة، أما من ركبته ديون في أعمال محرمة لا يعطى من الزكاة؛ لأن في هذا إعانة له على الاستمرار في هذا المشوار.
وكذلك ابن السبيل المسافر المنقطع الذي انقطعت النفقة به في غير بلده في السفر المباح، أو في سفر محرم تاب منه.
أما إذا لم يتب منه، سافر إلى بلد ليعمل الحرام وما تاب وسرقت أمواله، فلا يعطى من الزكاة، ولا يعطى من الزكاة لأي شخص يمكن أن يستعين بها على الحرام.
وكذلك فإنه لا يجوز صرف الزكاة في غير الأقسام الثمانية ولا تعطى الزكاة لأي واحد يستعين بها على معصية الله.
وكذلك فإن الزكاة لا تعطى إلا لمن يستحقها فالقوي المكتسب الذي عنده قدرة على الوظيفة يستطيع أن يجد وظيفة ويستطيع أن يعمل لا يعطى من الزكاة.
وأما بالنسبة للعاطل من العمل إذا كان معذوراً قد بحث عن عمل فلم يجد، فهذا قد يكون عنده شهادة دكتوراه لكنه فقير؛ لأنه لم يجد عملاً، ليس كسولاً، ولا بطالاً، لكن لم يجد عملاً فيعطى من الزكاة إذا احتاج.
وأما بالنسبة للأقارب فلا تعطى الزكاة إلى عمودي النسب، من هم عمودا النسب؟ آباؤك وأبناؤك فالأب والجد لا تعطى له الزكاة، لا جدك لأبيك، ولا جدك لأمك.


وكذلك الجدات لا يعطين من الزكاة، لا جدتك لأبيك ولا لأمك.
وكذلك الأبناء والبنات والأحفاد لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة؛ لأن الإنسان إذا كان عنده مقدرة يجب أن ينفق عليهم، ومادام عليه النفقة فكيف يعطي الزكاة مقابل النفقة، ويفتدي نفقته بزكاته لا يجوز إلا في حالة ذكرها بعض أهل العلم وهي أن يكون عليهم ديون فيعطي تسديد ديونهم في غير النفقة.
أما نفقة الأكل والشرب واللبس والسكن هذه نفقة لا يعطون من الزكاة لأجلها، يعطون من المال الآخر الذي عندهم.
أما إذا كانت عليهم ديون لا يستطيعون أداءها فيجوز أن تعطي أنت زكاتك لتسديد ديونهم.
وبالمناسبة فإن تسديد الديون يجوز أن يعطى لصاحب الدين مباشرة ولو ما أعطي للمدين، بمعنى لو كان على شخص جاءك شخص فقال: علي دين، قلت له: ما هذا الدين؟ قال: فاتورة مستشفى للعلاج وأنا فقير، والمستشفى يطالبني وما عندي ما أسدد للمستشفى، فتقول له: هات عنوان المستشفى لنسدد عنك، فيجوز ذلك أن تسدد عنه.
وهذه ممكن تقضي على بعض التحايلات، التسديد عمن يدعي الدين يقال: نسدد عنك، ولا تعطه في يده شيئاً، فيجوز ذلك.
كذلك أن تخرج شخصاً من السجن مدين بالدفع عنه إلى دائنه، تسدد عنه وتخرجه من السجن، هذا من القربات، هذه من الأمور الطيبة ومن الحسنات الجيدة، أنك تدفع عن هؤلاء المسجونين في ديون مباحة كمن مارس تجارة وخسر.
أما الذي سجن في ديون محرمة فليذق وبال أمره.
وكذلك فإن من عليه دين فإنه إذا طولب وما عنده يعطى.
أما إذا كان الدين مؤجلاً بعد ذلك ليس مطالباً الآن فلا يعطى إلا إذا كان مطالباً الآن، يعني حل أجل الدين وما عنده ما يسدد به.


وكذلك فإن المال، مال الزكاة يجوز أن يعطى للسائل إذا كان لا يظهر منه خلاف دعواه؛ لأن النبي ﷺ جاءه رجلان يسألانه من الصدقة فقلب فيهما النظر فرآهما جلدين، يعني قويين قال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب.
فلا يحل للقوي المكتسب أن يأخذ، والمزكي يجب عليه التحري والتحقق ممن يطلب منه الزكاة، فمن ظاهره الغنى ينصحه ويخبره أنه إذا أخذها وهو قادر على الكسب فإنها حرام وسحت.
وكذلك فإن من يسأل وليس عندك دليل على تكذيبه يجوز لك أن تأخذ بظاهر حاله وتعطيه، لكن التحري مطلوب.
وبعض النساء يصل بها عدم الخوف من الله أن تسأل بكامل زينتها تتبرج وتسأل الزكاة فتفتن عباد الله، وقد يكون لها مآرب خبيثة أخرى، فمثل هؤلاء لا يشجعن، لكن المرأة التي يخشى عليها الانحراف لو ما أعطيت تعطى لأجل أن لا تنحرف، فيكون إعطاؤها من الزكاة مانعاً لها من الانحراف.
وكذلك فإن الزكاة لا تعطى لآل البيت وهم آل أبي طالب وآل الحارث بن عبد المطلب وآل أبي لهب بن عبد المطلب وآل العباس بن عبد المطلب، هؤلاء من أبناء عبد المطلب بن هاشم لا تعطى لهم الزكاة؛ لأن النبي ﷺ قال: لا تحل لمحمد ولا لآل محمد  بنو هاشم فلا يعطون وهم آل عباس بن عبد المطلب وآل أبي طالب بن عبد المطلب، أولاد عبد المطلب ومن تناسل منهم.
فإذا لم يكن لهم مصرف من بيت المال فيعطون إذا احتاجوا للحاجة؛ لأنه لا سبيل آخر لهم كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -تعالى--.
وكذلك فإن الزكاة تجب في أمور -وقد سبق بيان بعضها في الخطبة آنفاً- ومما يضاف إلى ذلك أنه لا يجوز التحايل على إسقاط الزكاة، ومن تحايل فهو آثم، كالمتحايل في تفريق السائمة، حتى إذا أتى المكلف بجمعها وجدها أقل أو وجد الزكاة فيها أقل.
وأما بالنسبة للأسهم فإن الأصل أن زكاة السهم على صاحبه لكن إذا أخرج إدارة الشركة الزكاة عن أصحاب الأسهم كفى ذلك، إذا أخذ منهم باسم الزكاة يكفيهم ذلك.
لكن هنا ملاحظة، وهي: أن الشركات تخرج الزكاة في العادة على القيمة الدفترية للسهم، وقد تكون القيمة الدفترية للسهم مائة ريال ولكن السهم يساوي الآن في السوق مائة وخمسين، فعليك يا أيها المساهم إخراج الفرق، إخراج زكاة الفرق، الشركات تخرج الزكاة على القيمة الدفترية للسهم، والواجب إخراجها على القيمة الحالية للسهم قلت أو كثرت، فإذا كانت القيمة السوقية للسهم أكثر من القيمة الدفترية، وجب عليك يا أيها المساهم أن تخرج زكاة الفرق من عندك. وكذلك فإن المساهم إذا كان ينوي المتاجرة بالأسهم يحسبها مع بقية أمواله ويزكي على الألف خمساً وعشرين.


وكذلك فإن أولياء الأيتام عليهم أن يحسبوا زكاة الأيتام بدقة، وربما يكون عنده عجوز خرفة أو طاعن في السن لا يعقل، فيا أيها الابن الأكبر أو من توليت على مال أبيك أو أمك أو جدك أو جدتك، احص الزكاة بدقة وأخرجها.
إذاً، تخرج الزكاة عن المال ولو كان صاحبه مجنوناً أو خرفاً أو يتيماً تجب إخراج الزكاة عن هؤلاء.
ومن السنة الدعاء لمن أتى بصدقته؛ كما كان النبي ﷺ يقول:  اللهم صل عليهم لمن جاء بالصدقة، وهذا من الآداب الطيبة.

بعض أصناف المال الذي يجب فيه الزكاة

00:14:48

ومن الأمور أيضاً المتعلقة بالصدقة: أن النبي ﷺ سمح لأصحاب الزروع والثمار بأن يترك لهم الثلث يخرجوه هم؛ لأنه قد يطوف عليهم فقراء ومحتاجون، ويحرجون أن يقولوا أخذت منا الزكاة كلها ولم يبق عندنا شيء، ولذلك يترك لهم الثلث.
وأيضاً فإن من الأمور المتعلقة بالزكاة: أن الإنسان إذا كان عنده نقود أثرية، فإنه يخرج الزكاة عليها. وأما التحف فإن كانت معدة للبيع وجب فيها الزكاة وإلا فلا زكاة فيها فأما ما كان حراماً مثل ما كان على هيئة تمثال صورة ذوات الأرواح أو الصلبان فيجب كسره أصلاً.
ومما يقال أيضاً: أن إعطاء رواتب للعائلات الفقيرة جائز لا بأس به، لكن يعطي مقدماً، وليس يؤخر زكاة السنة هذه إحدى عشر شهر، وإنما يمكن أن يعطي من الآن رواتب على حساب الزكاة القادمة؛ لأن تأخير الزكاة لا يجوز، فيه ظلم للفقير، لكن لو كان للفقراء هؤلاء ولي يصرف عليهم فيجوز أن يعطي ولي الأيتام زكاة، هو ينفق على الأيتام ويقسطها عليهم؛ لأنه من طرف الأيتام، إذا قبض ولي الفقراء الزكاة منك برئت ذمتك، ما دام تثق به فأعطيته برئت ذمتك، وهو ينفق عليهم منها من مدار السنة، لكن أنت لا تؤخر زكاتك سنة ولا عشرة أشهر ولا تسعة، فإن قلت أريد ان أقسطها أقساطاً، فنقول: لا بأس بذلك تجعلها رواتب شهرية مقدماً، يعني تنفق الآن رواتب للفقراء من حساب زكاة 1423 مثلاً. 
وبالنسبة للشركات الزراعية فهنا ملحظ، وهو هل أسهم الشركات الزراعية فيها زكاة؟
 إذا أخذت زكاة الزرع والثمار من الشركة الزراعية فلا تجب الزكاة مرتين في المال، فأما إذا أعدت الأسهم للبيع صارت من عروض التجارة، وشركات الإسمنت، والجبس، والكهرباء، والأدوية، وغير ذلك، تخرج الزكاة على أسهمها إذا كانت معدة للبيع وإذا كانت غير معدة للبيع فإن هذه الشركات لا زكاة في أسهمها؛ لأن ما يقابلها ما يقابل المصانع آلات وأبنية. وأما الشركات المالية فقد تقدمت الإشارة في الخطبة إلى أن الزكاة واجبة فيها سواء أعدت للبيع أو ما أعدت للبيع فلو واحد عنده أسهم مصرف إسلامي ماذا يقابل الأسهم؟ أموال، سيولة، تشغل، فهذه تجب الزكاة فيها في جميع الحالات.
هل يجوز للإنسان أن يخرج الزكاة من البضائع التي يبيعها إذا كان تاجراً؟ 
الجواب: نعم، إذا كانت البضائع تنفع الفقير، فمن يتاجر بالبطانيات أو المكيفات أو الثلاجات أو الملابس أو الأغذية يجوز أن يعطي زكاته منها، لكن الذي يبيع أشياء لا يستفيد منها الفقير كالنجف أو غيره، فهذا يعطي زكاته من المال. والأصل أن تخرج زكاة الشيء منه، زكاة الغنم غنم وزكاة البقر بقر، زكاة الزروع زروع، وهكذا تخرج زكاة كل شيء منه، زكاة المال السيولة النقد يخرج نقداً.
ماذا بالنسبة لمكافأة نهايات الخدمة ومكافآت التقاعد؟ هل تستطيع أن تأخذ مكافأة نهاية الخدمة الآن؟ وأنت على رأس العمل؟
لا تستطيع .


كذلك أموال التقاعد لا تستطيع أن تأخذها الآن.
إذاً، لا زكاة فيها حتى تقبضها لأنك غير قادر على التصرف فيها أو موعود بها، فهذه الموعود بها قد تأتي وقد لا تأتي، ولذلك لا تعتبر في ملكك.
وبالنسبة للأموال فإنها قسمان: أموال ظاهرة، وأموال باطنة.
جباية الزكاة تتم على الأموال الظاهرة فقط كالزروع والثمار والمواشي، وعروض التجارة.
أما الأموال الباطنة كالذهب والفضة والنقد فتترك لأهلها هم يخرجون الزكاة عنها.
وبالنسبة للاسم المعنوي للشركة إذا كانت أعد للبيع فيقوم؛ لأنه مما يباع، ولكن إن لم تكن للبيع فإنه ليس فيه زكاة ولو كان اسم المنتج أو الشركة مجرد الاسم صار له قيمة في هذا الزمان.
وبالنسبة للمحلات لو أخذنا البقالة مثلاً، تجرد البقالة في نهاية السنة وما في المستودع ويؤخذ من كل ألف خمسة وعشرين ريالاً زكاة في قيمة البيع.
أما الأشياء غير المعدة للبيع كالديكور والرفوف وآلات الحساب والموازين فليس فيها زكاة.
وكذلك محلات الملابس، الكمبيوترات في الشركات ليس فيها زكاة؛ لأنها لم تعد للبيع، فإذا عرضت الشركة للبيع بما فيها كانت هذه الأشياء مما تقوم لأجل إخراج الزكاة.

بعض أحكام الزكاة

00:22:02

وأيضاً فإن الإنسان إذا وجبت عليه زكاة ما عنده سيولة ليخرج الزكاة جاز له أن ينتظر حتى تأتيه السيولة ويخرج فوراً، وإن كان عنده ما يبيعه ولا يتضرر ببيعه يجب البيع لإخراج الزكاة.
إن كان عنده ما يبيع ولا يتضرر بالبيع، يبيع لأجل إخراج الزكاة؛ لأن الله يطالبه بها الآن.
من عليه زكوات من سنوات ماضية يجب أن يخرجها فوراً مع التوبة إلى الله .
من جعل الزكاة في مكان لا يجوز جعل الزكاة فيه كبناء مسجد يعيد إخراجها مرة أخرى.
إذا توكلت في إخراج زكاة ودفعها فيجب أن تدفعها ولا تأخذها لنفسك، فلو قال لك شخص: تعرف أحداً؟ قلت: نعم، أعرف فقيراً، لا يجوز أن تأخذها لنفسك ولو كنت فقيراً، وإنما إذا كنت تعرف توصل وإلا فلا تأخذها أصلاً وتصارح تقول: أنا فقير، أنا آخذ زكاتك وإلا فلا تأخذ؛ لأن بعض الناس يرفع الحرج عن نفسه ويقع في أمر غير جائز، فهو يقول: فيه واحد عليه ديون، فيه واحد مسكين، فيه واحد كذا، أنا أعرفه، هات أوصل إليه ثم يأخذها هو، هذا وكيل كيف يأخذ الوكيل لنفسه؟ إما أن يصارح الغني، وإما ألا يأخذ أصلاً.
وكذلك فإن الزكاة لا تعطى لمن يأخذها في المعصية كما تقدم مثل مدمني المخدرات وبالتالي يعطى وليه أو أهله الزكاة، ويحتاط لئلا يسلبها منهم فيشتري بها المحرمات.
وكذلك فإن الرجل لا يجوز أن يعطي الزكاة لزوجته الفقيرة؛ لأنه مكلف أن ينفق عليها، لكن لو حصل العكس كان الزوج فقيراً، يجوز أن يأخذ زكاة زوجته لفقره؛ كما دل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود .
والإنسان إذا كان يحتاج إلى عملية جراحية وليس عنده مال يكفي لها وهو محتاج للعملية جاز إعطاؤه من الزكاة لإجراء هذه العملية.
يجوز إعطاء الزكاة للأخ الفقير والأخت الفقيرة والعم الفقير والعمة الفقيرة والخال الفقير والخالة الفقيرة، وابن العم الفقير وابن الأخ الفقير وابن الأخت الفقير، وهكذا.. ؛ لأنه لا تلزمك نفقتهم شرعاً.
أما زوجتك، وأولادك، وأصولك، آباؤك، وفروعك، أحفادك، فإنه لا يجوز أن تعطيهم من الزكاة.
ولا زكاة فيما عند الإنسان مما يحتاج إليه غير الذهب والفضة والنقد، ما تعلقت به حاجته لا يجب إخراج الزكاة فيه غير الذهب والفضة والنقد، وهناك حلي مخلوطة ذهب بغير الذهب، ماذا نفعل؟ 
نقدر بواسطة الصائغ والخبير حجم الذهب أو الفضة، كمية الذهب والفضة ثم يخرج الزكاة عليها إذا بلغت نصاباً.


بالنسبة للأموال الموقوفة على أشخاص معينين، يعني الزكاة تذهب إليهم موقوفة عليهم معينين فإن الزكاة تجب فيها، لكن على أشخاص غير معينين كأن أوقف على الفقراء والمساكين وطلاب العلم فلا زكاة في هذه الأموال يعطى من يستحق منها.
وكذلك فإن الإنسان إذا كان عنده بضاعة يبيعها في أول الموسم بقيمة وفي وسط الموسم بقيمة وفي آخر الموسم يعمل تنزيلات كبيرة فهو يخرج الزكاة على قيمة البضاعة بحسب قيمة كل موسم تباع فيه البضاعة؛ لأنه لا يخفى عليكم أن كثيراً من البضائع تباع بهذه الطريقة مرة أخرى يحتاج إلى شيء من التقدير والاجتهاد: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا  [البقرة: 286].
بالنسبة للشخص المتردد في الأرض التي عنده هل يبنيها أو يبيعها، ما دامت النية مترددة فلا تجب الزكاة.
وكذلك فإن الإنسان يجب أن يخرج زكاته طيبة بها نفسه ولا يخرجها وهو متحسر على إخراجها ونفسه متعلقة بها لا تطيب؛ لأن الأجر يأتي على طيب النفس بالإخراج، ومن أخرجها أداها طيبة بها نفسه، فينبغي الانتباه إلى هذه المسألة، أجرك على حسب  طيب نفسك بالإخراج.
وبالنسبة للصناديق التي تجمع فيها الأموال من أموال الجمعيات فالزكاة فيها؛ لأن الجمعية التي يسمونها ليست جمعية خيرية وإنما جمعية لتجميع الأموال، الأموال هذه كل واحد عليه زكاة ماله.

بعض أخطاء العمرة

00:29:35

سبق الحديث في الخطبة -أيها الإخوة- حول موضوع العمرة، ونريد أن نتعرف على بعض الأخطاء التي يفعلها بعض الناس في العمرة لاجتنابها، ومعرفة ما هي السنة في ذلك؟
أولاً: قد جاء عن النبي ﷺ أماكن مخصوصة يحرم منها من أراد الحج والعمرة، ولا يحل لمسلم أن يتعداها حتى يحرم؛ لأن تعديه قبل الإحرام من تعدي حدود الله -تعالى-، وقد قال الله -سبحانه-:  تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ  [البقرة: 229].
وقد جاء عن النبي ﷺ أنه وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمهله من أهله  يعني من المكان الذي هو نازل فيه فإن كان ساكن في جدة أحرم من جدة، من بيته، وإذا كان في أبحر أحرم منها، وهكذا..
ولا يعفي الإنسان من الدم إذا تجاوز الميقات بغير إحرام إلا أن يرجع إلى الميقات ويحرم منه، فمن تجاوز الميقات إلى جدة ولم يحرم لا يسقط الدم عنه إلا بالرجوع إلى الميقات والإحرام من الميقات.
وبعض الناس يريد أن يتجاوز الميقات للسهولة، فيقول: إنني أريد أن أحرم من جدة؛ لأنها أسهل، أسهل في لبس الثياب وفي الحركة، ونحو ذلك، أو يريد أن يعمل شيئاً في جدة؛ كل ذلك ليس بعذر في ترك الإحرام من الميقات، ولا يجوز له ذلك، لا بد إذا تجاوز أن يرجع، فإن أحرم بعد الميقات لا ينفعه الرجوع، ويلزمه الدم، مع التوبة؛ لأنه عصى أمر النبي ﷺ.
وكذلك فإن الإنسان لو نسي ملابسه مثلاً وأتى بالطائرة على الميقات، تجرد مما يستطيع التجرد منه من المخيط مثل غطاء الرأس مثلاً، وأحرم بثيابه، ثم بعد ذلك يكون عليه أن ينزع البقية، والكفارة للبس المخيط، وسنأتي على ذكره.
وكذلك فإن ترك الإحرام من الميقات، معصية للنبي ﷺ يجب على المسلم الحذر منه.
ومن كان لديه شغل في جدة فيمكن أن يذهب مبكراً فيحرم من الميقات ويأتي بالعمرة ثم يذهب إلى شغله، ولا يجوز له أن يحرم من جدة وهو جازم بنية العمرة.
أما من ذهب وهو غير جازم بنية العمرة فهو يقول: قد يتيسر لي أن أعتمر وقد لا يتيسر، فعند ذلك لا يلزم بالإحرام من الميقات؛ لأنه لم يجزم بنية العمرة في هذه السفرة، فهو قد يرجع بغير عمرة.


أما إذا ذهب وهو جازم بالعمرة ويقول: لا يمكن أن أفوتها وسأحرص عليها وأنا مريد للعمرة فلا بد أن يحرم من الميقات، وليس كل ما فيه خيوط أو خيطان يمنع منه المحرم.
والمخيط هو المفصل على الجسم أو بعض أعضائه ولو كان ما فيه خيطان، فلا يجوز لبس الجورب، ولا الطاقية للرجل.
وأما بالنسبة للنعال، والحزام، والحقيبة، وجلد الساعة، ونحو ذلك مما فيه خيطان، فيجوز لبسه؛ لأنها ليست من الملابس المفصلة على الجسم، والنعل لا تستر العقبين، ولذلك جاز لبسها.
أما ما يستر العقبين من الحذاء الذي له رقبة تستر العقبين فإنه لا يلبس، وإنما يلبس نعلاً، فإذا كان ذا حذاء لا يستر العقبين جاز له أن يلبسه.
وكذلك فإنه لا بأس للمحرم أن يبدل ثياب الإحرام في أي وقت يشاء، أو أن يجعل الإزار رداء، والرداء إزاراً، أو أن يتجرد منه بالكلية عند الاغتسال أو قضاء الحاجة؛ كل ذلك لا بأس به، ولا يطيب ملابس الإحرام؛ لأنه قد يتورط، فإذا نزعها لا يجوز أن يعود في لبسها وهي مطيبة.
وأما ما بقي على البدن من الطيب بعد الإحرام فلا بأس به.
والمحرم يجتنب الطيب، وكذلك لو أصابه شيء منه بدون قصد، كما لو طيبه واحد عند باب الحرم أو أثناء الطواف وضع له طيباً بسرعة ومشى، فإنه يغسل ما أصاب جلده وثيابه من هذا الطيب، وعمرته صحيحة، ولا شيء عليه؛ لأنه لم يضعه بقصد، فإذا وضع له بغير قصد غسله، هذا كل ما في الأمر.
ومن الأخطاء: أن بعض النساء تظن أنه لا بد من لون معين للباس العمرة، وهذا غير صحيح، فإنها تحرم فيما شاءت، لكن لا تلبس قفازاً ولا برقعاً ولا نقاباً، والنقاب هو المنقوب من جهة العينين، ويدخل في حكمه غطاء الوجه المخفف من جهة العينين دون بقية الوجه، فهذا في حكم النقاب.
وتستر وجهها عن الرجال والأجانب ويقودها وليها، ويكون معها محرمها، ولا بأس أن يمسك بيدها وهو يقودها للطواف والسعي مثلاً.
وإذا كانت بغير حضرة رجال أجانب فإنها تكشف وجهها.


وبعض الناس يضطبعون بالإحرام من أول الطواف إلى آخر السعي، وهذا خطأ فإن الاضطباع وهو إخراج الكتف اليمنى خاص بالطواف، فإذا انتهى من الطواف غطى الكتف الأيمن. 
وبعض الناس يعتقد أنه لا بد أن يصلي خلف المقام، وهذا ليس بواجب، وعند الزحام يجوز أن يصلي في أي مكان.
ومن محظورات الإحرام ما يمتنع منه الرجال والنساء مثل إزالة الشعر أو الأظفار أو الطيب سواء كان في البدن أو الثوب بعد الإحرام، أو الزعفران في القهوة ونحوه، أي طيب من الأطياب.
والطيب معروف، ما تعارف الناس على أنه طيب، وليس كل ما له رائحة زكية فهو طيب، فمثلاً قشر البرتقال والنعناع ليس بطيب، ولم يتعارف الناس على أن يتطيبوا به، الطيب معلوم معروف، والزهور وغيرها التي يستخرج منها معروفة؛ كالريحان والزعفران منه، لكن النعناع والبرتقال ليس منه.
وكذلك يحرم على الجنسين الرجال والنساء: النظر والمباشرة بشهوة، ويحرم عليهما لبس القفازين، ويجوز للمرأة أن تلبس الجوارب، لكن الرجل لا يلبسها، فإذا اضطر للبسها أخرج الفدية.
ولا يجوز قتل الصيد ولا تنفيره.
إذاً، حتى حمام الحرم، والجراد الموجود، لا يجوز قتله، ولا تنفيره، ولا إخافة الصيد؛ لأن الجراد من الصيد.
وكذلك لا يقطع شيئاً من شجر الحرم، ولا يلبس الرجل المخيط.
وبعض الناس يستحي من التجرد من الملابس الداخلية، وهذا لا محل له هنا، الاستحياء من الدين، والحياء منه، ولكن ليس في هذا الموضع.
وكذلك فإنه يجوز للطائف أن ينتظر رفيقاً له ضاع أثناء الطواف فترة يسيرة. 
ولو أقيمت الصلاة بين شوطين من الأشواط صلى وأكمل الطواف، لكنه إذا انتقض وضوئه أثناء الطواف توضأ وأعاده من أوله.
ولو حضرت جنازة بين شوطين فصلى عليها لا بأس بذلك، فالتوقف اليسير أثناء الطواف لا يضر الطواف.
ولا يشترط أن يكون السعي بعد الطواف مباشرة، فلو احتاج إلى راحة لا بأس بأخذها خصوصاً مع الزحام ووجود بعض كبار السن.
لكن السنة: أنه يتجه إلى السعي بعد الشرب من ماء زمزم، واستلام الحجر مرة أخرى في غير الطواف إذا تيسر.
وعلى الإنسان المسلم ألا يوسوس في عدد الأشواط فيعمل بما يتيقن، وبما ترجح به ظنه.
وأما الشك فقد يكون وهماً لا عبرة به، وقد يكون وسوسة لا يجوز الاستجابة له.
وأما إذا كان شكاً حقيقياً، شك هل هي ثلاث أو أربع؟ بنى على الأقل أنها ثلاث وأكمل أربعا بعدها، فلا وسوسة.
إذاً، وإنما يضبط الإنسان الأشواط.


وكذلك فلا يحتاج الأمر إلى النطق بالنية، لا في الطواف، ولا في السعي، فلا يقول: نويت الطواف، ولا يقول: نويت السعي. وكذلك عند الإحرام، يقول: لبيك اللهم بعمرة، اللهم عمرة لا رياء فيها ولا سمعة.ولا يقول: نويت أن اعتمر.
والنطق بالتلبية سنة.
فقول القائل إذاً: لبيك اللهم بعمرة، اللهم عمرة لا رياء فيها ولا سمعة، هذا الجهر بالتلبية سنة.
وأما التلفظ بالنية فبدعة، وخطأ على الشرع، وخطأ على العقل، فإن الله يعلم النوايا سبحانه وتعالى.
ومن الأخطاء: أن بعض الطائفين يزاحم مزاحمة شديدة عند استلام الحجر الأسود والركن اليماني، ويؤذي غيره فيرجع بسيئات بدلاً من أن يرجع بالحسنات، ولذلك فإن على المسلم أن يتحمل ويكتم غيظه، ومن كتم غيظه فإن الله يعرض عليه من الحور العين ما شاء.
وكذلك يكف غضبه، ومن كف غضبه ستر الله عورته، فقد تجد من يثير غيظك وغضبك في تلك اللحظات فارع حرمة البيت العتيق واحتسب الأجر فيما تفعل.
وليس تقبيل الحجر بشرط في صحة الطواف أصلاً، فهو سنة مستقلة للطائف، ولو لم يقبل الحجر ولا مرة فليس عليه من بأس أبداً، والله يعلم نية هذا الرجل، فلو كان ينوي أن يقبله لو تمكن لكن ما تركه إلا لله، ما تركه كسلاً، ما تركه تهاوناً تركه لأجل ألا يؤذي عباد الله، فالله -عز وجل- يعلم نيته ويؤجره على ذلك، وتكفي الإشارة.
وإن استلمه بعصا أو مظلة ونحوها فلا بأس بذلك وهو حسن، وليس من السنة في شيء تقبيل الركن اليماني.


وبعض الجهلة والجاهلات يمسح الركن اليماني، ثم يسمح وجهه ووجه الطفل الذي يحمله، وهذا من البدع.
والاستلام يكون باليد اليمنى.
وبعض الناس يمسح باليسرى، وليس من السنة، فإن اليمنى للأشياء الشريفة، واستلام الحجر واستلام الركن اليماني من الأشياء الشريفة.
وكذلك فإن استلام الحجر والركن، وهذه قضية مهمة، وهذه مسألة مهمة ينبغي الانتباه لها، استلام الحجر والركن اليماني هو للتعبد لا للتبرك، فلا تلتمس البركة من الحجر، لكن يتبعد الله باستلام الحجر؛ لأن عمر قال: "لولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك، والله إني لأعلم حجر لا تضر ولا تنفع" فكانت كلمات عمر في التوحيد الخالصة ذهبت في الأمة قاعدة وتوعية لهم من الوقوع في براثن الشرك.
فإذاً، مسح الحجر للتعبد، تعبد محض رأى رسول الله ﷺ يمسحه مسح، قبل قبل، ليس لأجل التماس منفعة من الحجر أو بركة من الحجر أو دفع ضرر بمسح الحجر، كلا.
وأما الرمل في الأشواط فيكون في الثلاثة الأولى منها فقط، ويمشي في الرابعة مشياً عادياً ولو لم يتيسر الرمل فإنه يمشي مشياً ولا بأس عليه.
ومن البدع تخصيص كل شوط بدعاء معين، وأن يقف على الخط الذي عند الحجر الأسود لإتمام الأدعية الموجودة في الكتاب المزعوم حتى ينهيها ويعطل الناس من ورائه، فهذه بدع وأخطاء وإيذاء لعباد الله.
ولذلك فالنصيحة النصيحة بعدم شراء هذه الكتيبات التي فيها أدعية للأشواط معينة، ويدعو الإنسان بما تيسر، يحمل ما يحفظ من الأدعية، ولو سمع دعاء طيبا من شخص بجواره فقال مثله فلا بأس، ولو تلا القرآن فلا بأس، ولو ذكر الله فلا بأس ولو تأمل وتدبر فلا بأس، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالحسنى.
وبعضهم ربما يستأجر مطوفاً مسبلاً، وعلبة التدخين في جيبه، حالق لحيته، مخالف للسنة، ويريد من هذا الجاهل الفاسق أن يعلمه ويقوده في الطواف.


وكذلك فإن بعض الناس ينطق بالأدعية نطقاً خاطئاً جداً فيقلب الفاعل مفعولاً، ويكون الدعاء بهذه الحالة قبيحاً للغاية، كمن يقول: صراط الذين أنعمتُ عليهم، فيجعل نفسه هو المنعم، مع أن الله هو المنعم.
وكذلك فإن على الطائف أن ينتبه من عدم الدخول بين الحجر والكعبة، وقد كانت الكعبة بنيانها أكبر من هذا، ولكن جاء سيل فهدم الكعبة في عهد قريش فاشترطوا ألا يبنوها إلا من مال حلال فلم يجدوا إلا ما بنوا به هذه المساحة الموجودة الآن، وجعلوا على الباقي علامة حجروه حجراً ليعلم أن الباقي من الكعبة أيضاً.
وقد ترك النبي ﷺ إعادة بنائها خشية على عقول المسلمين الجدد:  إن قومك حديثو عهد بجاهلية فخاف أن يفتتنوا إذا نقضها وبناها على بناء إبراهيم الخليل .
ثم توالت الأحداث عليها فهي الآن على ما كانت في عهد النبي ﷺ.
فإذاً، هذه المنطقة المحجورة بالقوس الذي يشبه حذوة الحصان، هذه المنطقة من الكعبة، ولو أراد ان يصلي داخل الكعبة يدخل ويصلي فيها.
ولا بد من الطواف من خلف الحجر، فإذا دخل من الفتحة التي بين الحجر والكعبة وطاف، فقد طاف بجزء من الكعبة ولم يطف بها كلها، وبناءً عليه فإن طوافه باطل.
أما تسمية الحجر هذا بحجر إسماعيل فهذه تسميته باطلة:
أولاً: إسماعيل بناها كاملة مع إبراهيم، ما في حجر، إسماعيل لا يعرف الحجر هذا أصلاً، الحجر هذا ما نشأ إلا بعد ذلك في عهد قريش، فلا يسمى حجر إسماعيل.
ومن الأخطاء أن بعض الناس لا يلتزم بجعل الكعبة عن يساره فيطوف ومعه نساء ويضع يده، يشبك يده مع يد غيره من الرجال حول النساء فيكون ظهره للكعبة أو يمينه للكعبة مع أنه يشترط للطائف أن يكون جاعلاً الكعبة عن يساره.
وإذا كان ظهره للكعبة وهو يطوف أو يرجع إلى الخلف يمينه للكعبة وهو يطوف ويرجع، يعني يسير بالمقلوب فإنه لم يكن يساره للكعبة، لم يكن جاعلاً الكعبة عن شماله، ولذلك ينتبه من هذا الأمر.
قد يحصل مع الزحام استدارة لكن يعود الإنسان إلى حاله جاعلاً الكعبة عن يساره.
وأي استلامات أخرى غير الحجر الأسود والركن اليماني فهو بدعة.


ورفع الصوت، والتشويش على الناس، والصياح، من المنكرات في الحرم، فإن بعض الناس يتخذون لهم قائداً يصيح بهم صياحاً كبيراً، وهم يقولون وراءه الدعاء جماعة بصوت واحد بصياح عظيم أيضاً، فيشوشون على الناس في المسعى من أوله إلى آخره، ولا شك أن هذا من الإيذاء، وقد قال ﷺ: لا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن  فكيف بغيره؟
وهذا فيه إسقاط لهيبة البيت العتيق، والتشويش على الطائفتين، وهو أمر منكر، ومزعج يدل على قلة احترام هؤلاء للبيت العتيق، وحرم الله .
وهذا الدعاء الجماعي الذي يقولونه بصوت قائد لهم منافياً للسنة أيضاً، كل واحد يدعو بما يتيسر وبما عنده.
ولو اصطحب كتاب أدعية عام ليس فيه تقيد بشوط أول أو شوط ثاني أو شوط ثالث، مما صح عن النبي ﷺ يدعو من الكتيب هذا فلا بأس، أو ممن يسمعه من الداعين يدعو به إذا كان صحيحاً فلا بأس.
ومن الخطأ الكبير جداً الابتداء من بعد الحجر فبعض الناس من الزحام لا يبدأ من الحجر فإذا زاد فالزيادة ملغية، لو بدأ قبل الحجر وانتهى بالحجر الزيادة ملغية، ولكن لو بدأ بعد الحجر فالشوط غير صحيح، وبالتالي الطواف غير صحيح، لا بد أن يعيد هذا الشوط.
وكذلك فإن من الأخطاء التي تقع في السعي: أن بعض الناس يجبر النساء على العدو، والمرأة ليس عليها السعي الشديد بين العلمين الأخضرين، فلو أن الرجل سعى سعياً شديداً، وامرأته تمشي كما هي السنة في حقها فإنه ينتظرها حتى تصل إليه.
وأما هرولة النساء فمما يؤدي إلى كشف شيء من العورة الواجب تغطيته، والمرأة كلها عورة، وكذلك فإنه مخالف للسنة في حقها.
وربما جرى بعضهم طيلة السعي، وهذا خطأ.
وكذلك ربما اعتقد بعضهم أن الذهاب من الصفا إلى المروة والعودة شوط واحد، مع أنهما شوطان، الذهاب من الصفا إلى المروة شوط، والعودة شوط آخر.
وبعض الناس لا يبالي أن يصطدم بالساعين ويؤذيهم.
وبعض أصحاب العربات يضربون أقدام من أمامهم، وإيذاء المسلم حرام في الحرم وفي خارج الحرم، لكن في الحرم يكون أشد.


وكذلك فإن من الأخطاء أيضا تخصيص أشواط السعي بأدعية معينة من مثل هذه الكتيبات.
والبدء بالمروة يصير السعي ناقصاً، والشوط الأول غير محسوب، فلو جاءك واحد بعد السعي وقال: أنا بالخطأ بدأت من المروة وحسبت سبعة ماذا أفعل فماذا تقول له؟ 
إذا بدأ بالمروة وحسب سبعاً أين سينتهي؟ فوق الصفا.
فتقول: شوطك الأول لاغٍ باطل، فهات السابع الآن، واذهب من الصفا إلى المروة، لتكون النهاية فوق المروة، وقد قال النبيﷺ:  أبدأ بما بدأ به  إن الصفا والمروة ، فبدأ الله بالصفا.
ومن الأخطاء العجيبة: أن بعض الناس يسعون بين الصفا والمروة بثيابهم، ممكن تطوف حول الكعبة بعد العمرة تأخذ سبعة أشواط وركعتين، وسبعة أشواط وركعتين، وسبعة أشواط وركعتين.
وهكذا هذه عبادة بعد العمرة توالي سبعاً وراء سبع بعد ما تحلل، وفي اليوم الذي بعده، واليوم الذي بعده.
الاستكثار من الطواف سنة، لكن لا يوجد في العبادات المشروعة سعي مستقل هكذا.
إما أن يكون السعي في العمرة أو في الحج، أما سعي مستقل لا يوجد.
أما طواف مستقل يوجد في غير العمرة وفي غير الحج.
ولو أنه طاف سبعاً وصلى ركعتين ثم طاف سبعاً وصلى ركعتين، فهو مأجور أجراً عظيماً، كل واحد بعتق رقبة.
ومن الأخطاء في الحلق: أن بعض الناس يحلق جزءاً من شعره ويترك الباقي، هذا قزع ولا يجوز، فيحلقه كله أو يقصره كله.
وبعضهم يقص شعرات يسيرة جداً من أحد أطراف الرأس، والله قال: مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ  [الفتح: 27] أي رؤوسكم، وتحليق الرأس معروف، تقصير الرأس.
إذاً، من كل الرأس يأخذ لكن لا يشترط من كل شعرة.
نعيد من كل الرأس يأخذ لكن لا يشترط من كل شعرة، فلو قص من الإمام والخلف واليمين والشمال والوسط أخذ من كل الرأس، لكن لا يشترط من كل شعرة.
والأفضل أن يحلق رأسه كله؛ لأن النبي ﷺ دعا للمحلقين ثلاثاً.
وليس الحلق والتقصير يجب أن يكون بجانب الحرم، يمكن أن يكون بعيداً عنه، لكن بعض الناس من الخطأ إذا أجل الحلق والتقصير يقول: أريد حلاقاً نظيفاً، ونحو ذلك، ينسى ويلبس ثيابه بدون تقصير.
وبعضهم ربما رجع إلى البلد من دون تقصير.
وهذا واجب من واجبات العمرة يجب الوفاء به، ولذلك المبادرة إلى التقصير أو الحلق بعد الفراغ من السعي هو السنة فإن النبي ﷺ لم يؤخر حلق رأسه بعد السعي، وإنما حلقه مباشرة، لكن لو أخر جاز، لكن قبل أن يلبس المخيط، فلو جاءك إنسان وقال لك: أنا نسيت التقصير ولبست ثيابي ورجعت إلى بلدي فماذا أفعل؟ 
فإنك تقول له: ارجع وانزع المخيط فوراً، وقص شعرك أو احلقه، ثم البس ثيابك، فلا يقص الشعر وعليه المخيط ينزع المخيط؛ لأنه لا زال على إحرامه، ما تحلل ولا يتحلل إلا بقص الشعر أو حلقه.
والمرأة تجمع شعرها فتقصر قيد أنملة، كانت المسلمات لهن ضفائر لكن تغير الحال عند الكثيرات اليوم فصارت تقص القصة الفرنسية والقصة المتدرجة، والقصة التي لا ندري عن جنسيتها، ثم تقول: كيف أقصر من شعري؟ وصار طبقات وصار درجات، فالعبث بالشعر هو الذي يؤدي إلى مثل هذه الأمور المحيرة، لكن تجمع شعرها من الإمام ومن الخلف، لو جمعت هذه المجموعة على حدة، وهذه المجموعة على حدة، فتقصر من كل ناحية من نواحي الرأس.
وكذلك فإن المرأة إذا وصلت إلى الميقات وهي حائض فماذا تفعل؟ 
تحرم، والحيض لا يمنع الإحرام، يجوز الإحرام وهي حائض، ويصح الإحرام وهي حائض، لكن لا تقرب المسجد الحرام، والمسعى لا ينطبق عليه حكم المسجد الحرام ولو اتصل به من طرفه.
وبالتالي لو دخلت فيه الحائض فليس عليها بأس، لكن لا تمكث في الحرم، فإذا طهرت الحائض اغتسلت وطافت وسعت. 
وتعاطي الحبوب لأجل رفع الدم إذا لم يكن ضاراً يجوز، فإذا انقطع الدم تماماً طافت، فلو رجع الدم بعد الطواف صح الطواف وبقي عليها السعي، فيجوز لها أن تسعى وهي حائض.
والله -تعالى- أعلم.