الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعدُ: فسوف تستمعين أيتها الفتاة المسلمة، أيتها المرأة المسلمة لهذه المحاضرة، وهي عبارة عن مجلة بعنوان: "مجلة الطالبة المسلمة أو مجلة المرأة المسلمة" وهذه المجلة تتكون من صفحات.
فمن ضمن صفحاتها: قبس من كتاب الله، ثم من مشكاة النبوة، ثم يكون لك موعد مع مقال بعنوان: "يا إلهي ماذا أفعل؟" ثم مقالة أو قصة حدث وموعظة بعنوان: "كان لي مع النار موعد" وبعد ذلك مقالة بعنوان: "واجبنا نحو العائدات إلى الله عز وجل" ويلي ذلك فتاوى المجلة أسئلة وأجوبة، ويليها بعد ذلك مقال بعنوان: "الحجاب ليس عقبة" من كلام فتاة أمريكية أسلمت، وبعد ذلك ستسمعين إلى فقرة بعنوان: "نماذج ومعاني" ثم مقالة بعنوان: "وجلستُ في البيت" وبعد ذلك مشهد وتعليق، وتستمعين كذلك إن شاء الله في هذه المجلة إلى قصة مؤثرة بعنوان: "سيدة نصرانية يبكيها القرآن الكريم" وبعد ذلك لغز العدد، ثم طُرفة العدد، ونختم بذلك هذه المجلة، لنجيب على ما تيسر من الأسئلة الواردة من قبلكن.
قبس من كتاب الله تعالى
الصفحة الأولى : قبس من كتاب الله لما خرج موسى من بلده مصر فاراً إلى مدين بعدما قتل القبطي الفرعوني وعلم أنهم سيقتلونه، هرب بعد نصيحة الرجل، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ دعا موسى ربه فقال: قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ [القصص: 20- 22].
ولما ورد ماء مدين؛ وهو بئر في بلدة مدين بين الشام والحجاز، وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ [القصص: 23] يسقون أغنامهم، مجموعة من الرعاة معهم أغنام يسقونها، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ [القصص: 23]. تكفكفان غنمهما عن بقية الرعاة، وتبعدان الغنم عن غنم الآخرين، قال: قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ [القصص: 23]. رقّ لهما ورحمهما، لماذا؟ هما واقفتان تنتظران وتذودان الغنم، لا نستطيع السقيا حتى ينتهي الرعاة من السقي، ولا نريد أن نزاحم الرعاة، إنه ذلك المشهد الممتاز لحال المرأة الصالحة التي لا تريد مزاحمة الرجال، ولذلك قالتا: لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وينتهوا وبعد ذلك، نحن نذهب لنسقي.
قارن بين هذا المشهد الرائع وبين حال المرأة المسلمة اليوم التي تنزل إلى الأسواق وتزاحم الرجال وتدخل في الزحام في أي مكان كان؟ وقد قال النبي ﷺ: ليس لكن أن تحقُقْن الطريق [رواه أبو داود: 5272، والطبراني في الكبير: 580، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 856]. يعني: تسرن في وسطه، ولذلك شوارع المجتمع الإسلامي ،كان النساء يمشين في جنبات الطريق، والرجال يمشون في الوسط لم يكن هناك اختلاط بين النساء والرجال حتى في مكان المشي، قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ [القصص: 23]. نريد أن نجلس في البيت بدلاً من هذا العناء والتعب، ليس عندنا رغبة في العمل، لكننا مضطرتان للعمل؛ لأن أبانا شيخ كبير لا يستطيع أن يذهب لرعي الأغنام ولا للقيام بشؤون هذا الرزق الذي عندنا، فنحن مضطرتان للعمل، قارني بين ذلك وبين تهافت النساء بحاجة وبدون حاجة على العمل، وكأنها تريد أن تثبت ذاتها بالعمل، وكأنها ليس لها قيمة في المجتمع إلا إذا عملت، أما أن تجلس ربّة بيت، تطيع زوجها، وتربي أطفالها، وتقوم بشأن بيتها، وهذه القلعة الحصينة التي هي موجودة فيها، فذلك لا يمكن في عُرف نساء اليوم إلا من رحم الله؛ لأنها تنظر إلى البيت على أنه سجن، وأن الوظيفة هي حُلُم المستقبل الذي يداعب خيالها باستمرار، فهي تدرس لأجل أن تثبت ذاتها في المستقبل لا بد ان تخرج إلى المجتمع -كما يقولون- وتبرز ما عندها، نعم لو كانت محتاجة، أو كان المجتمع محتاجاً، لقلنا: إن لها عذر إذا خرجت بالشروط الشرعية؛ من الحجاب الشرعي وعدم الزينة وعدم الاختلاط بالرجال، ولا الخلوة بهم، لكن مع الأسف صارت المسألة الآن مسألة خروج؛ لأن الموضة تقول للمرأة: الخروج الخروج من هذا السجن، يا أيتها المرأة، والله يقول: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33]. ولما خرجت المرأة في أوروبا إلى العمل اضطراراً بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وفقْد عدد كبير من الرجال واحتياج بلدانهم إلى إعادة البناء خرجت نساء المسلمين إلى العمل، ولو لم يكن هناك حروب ولا قتل لعدد كبير هائل من الرجال، وإنما لأجل الفتنة والإغواء، فلذلك أنت ترينها في مختلف الأماكن لا تكاد تتمسك بالحجاب الصحيح منهن إلا من رحم الله.
قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ [القصص: 23]. فسقى لهما موسى ، وتيقظت حاسة الشهامة في نفسه، إنه لا بد من عمل شيء لإنجاد هاتين المرأتين الضعيفتين، لا يمكن أن يدعهما تنتظران هكذا، فَسَقَى لَهُمَا [القصص: 24] قال عمر : "لما ورد موسى ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون، فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة من الرجال، فإذا هو بامرأتين تذودان، قَالَ مَا خَطْبُكُمَا [القصص: 23]. فحدثتاه، فأتى الحجر فرفعه لوحده، ثم لم يستق إلا ذنوباً واحداً، يعني دلواً واحداً حتى رويت الغنم. رواه ابن أبي شيبة وإسناده صحيح.
لما سقى لهما موسى سقى الغنم كلها ورفع الصخرة لوحده بعد هذا المجهود الجبار بالإضافة إلى تعب السفر الأصلي تولى إلى الظل؛ لكي يستريح وهو يدعو ربه قائلاً: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص: 24]. هكذا أهل الخير يفعلون الخير يغيثون الملهوف، ويساعدون الضعيف، ولا يطلبون الأجر ولا يشترطون ذلك، فقال: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص: 24]. إنني محتاج إلى خيرك يا رب، محتاج إلى خيرك مفتقر إليه، كان بطنه لاصقاً من الجوع، وكان محتاجاً إلى شق تمرة، تولى إلى الظل وجلس تحت شجرة، ودعا الله بهذه الدعوات: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فجاء الجواب بسرعة من لدُن الله السميع العليم، السميع لدعاء عباده، العليم بأحوالهم، بسرعة، يدل على ذلك هذه الفاء التعقيبية التي جاءت في مطلع الآية: فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ جاءته وجاء معها الفرج إنها جاءت إحدى البنتين تمشي على استحياء، لم تأت متكسرة متميعة في مشيتها، كحال كثير من البنات اليوم، وإنما جاءت تمشي على استحياء، وصف عمر بن الخطاب مشيتها فقال: "جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها" يعني رفعت الثوب على الوجه، يعني غطت الوجه، يعني حجاب الوجه معروف من ذلك الزمن القديم، فأين فتاة الإسلام اليوم عن هذا الحجاب المعروف وهو غطاء الوجه من ذلك الزمن القديم؛ زمن القرية التي كان فيها موسى قبل آلاف السنين، قال عمر : "جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع خراجة ولاجة" وهذا إسناد صحيح: "ليست بسلفع خراجة ولاجة" ليست بسلفع يعني" ليست جريئة سليطة؛ لأنها تربية رجل صالح في بيئة صالحة، فهي جاءت تمشي على استحياء وهي تقول له: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لست أنا التي أدعوك وإنما أبي الذي يدعوك، وتوضح الهدف من الدعوة لكي تزول كل ريبة من هذه الدعوة، ما هو الغرض منها؟ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا وهذا أدب في العبارة، ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا، فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 25]. لما أخبره بقصة قتله للرجل القبطي وهربه، قال له ذلك الرجل الصالح: لا تخف طب نفساً وقر عيناً، فقد خرجت من مملكتهم، فلا حكم لهم في بلادنا ولهذا قال: نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وهنا تُسر إحدى البنتين لأبيها كلاما مهماً، تقول له: يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ أرحنا من العمل وعنائه، أرحنا من التعرُّض للرجال، أرحنا من المواقف المحرجة، أرحنا من البهدلة والانتظار في الشارع، يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ [القصص: 26]. لنرتاح لرعي الغنم؛ حتى نقعد نحن في البيت متسترات بدلاً من هذا الخروج المشين، يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: 26]. قيل: إن أباها قال لها: وما يدريك أنه قوي؟
وما يدريك عن أمانته؟ فأخبرته عن قصة رفعه الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، وهذا دليل على قوته، وأنها لما جاءت تمشي تقدمت أمامه فقال لها: كوني ورائي، فإذا اجتنبتُ الطريق -أخطأت- فاحذفي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأتهدى إليه، لا يريدها حتى أن تتكلم ولا تمشي أمامه؛ حتى لا يراها، وإنما تمشي خلفه وهو يمشي، فإذا أخطأ حذفت الحصاة يميناً أو شمالاً فيعلم من أين يتجه، وإلى أن يسير فهو أمين، وهنا يتدخل الأب فعلاً ويلبي طلب ابنتيه، فيقول: يا موسى منتهزاً الفرصة: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ [القصص: 27]. سبحان الله، ليس من العيب أن يعرض الأب ابنته على الرجل الصالح وليس من الغضاضة في شيء أن ينتهز الأب فرصة العثور على رجل صالح لكي يزوجه البنت وهم الآن يجعلون ما ليس بعيب عيباً، ويجعلون العيب ليس بعيب فيقولون: كيف يعرض الأب ابنته على رجل؟ هذا عيب، وإذا جاء الخاطب ليرى المخطوبة قالوا: عيب، كيف يرى المخطوبة؟ هذا حلال حرّمه الناس، لكن أن تخرج هي مع السائق لوحدها، وأن تتبرج في الأسواق لوحدها، وأن تعاكس من تعاكس بالهاتف، وأن تخرج مع الأجنبي، فهذا ليس عيباً! وإذا جئنا إلى الشريعة؛ عرض الرجل ابنته على الآخر الصالح قالوا: عيب، يريد أن يراها في خطبة هو جاد، قالوا: عيب! فهذا من انقلاب التصورات الإسلامية وضعف الدين وقلة الفقه عند الناس. قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ [القصص: 27]. ما هو المهر؟ موسى فقير ما عنده شيء، ييسر عليه الأمر هذا الأب الصالح ويجعل له مصدر رزق ومصدر عيشة وزواج وفائدة حتى له وللبنتين، وهي: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ [القصص: 27]. ترعى لديّ الغنم ثمان سنين، فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ [القصص: 27]. هذا راجع إليك وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [القصص: 27]. هذه الاتفاقية قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ [القصص: 28]. وأشهدا الله وحصل الزواج، وسئل النبي ﷺ: أيُّ الأجلين قضاهما موسى؟ فقال: ((أتمهما وأكملهما)) يعني: عشر سنين، وهذا اللائق بصفات ذلك النبي الكريم، وأخذ زوجته بعد ذلك ورجع إلى بلده، سار بها وكان ما كان من إيحاء الله له وبعثته نبياً كريماً من أولي العزم الخمسة من الرسل الكرام -صلى الله عليهم أجمعين- وهذه قصة لو تأملتها الفتاة المسلمة لوجدت فيها فوائد عظيمة وجليلة جداً .
من مشكاة النبوة
ولننتقل أيتها الفتاة المسلمة إلى المقالة الثانية في هذه المجلة وهي بعنوان: "من مشكاة النبوة".
لقد أخرجت كتب السنة حديثاً عجيباً فيه ذكر حال المرأة المسلمة في حرصها على الدين، ورغبتها في هداية الخلق، وصبرها على الابتلاء ومواجهتها للواقع والأحداث بجنان ثابت وعقل ناضج.
إنها قصة المرأة الصالحة المرضية -رضي الله عنها- أم سُليم أم أنس بن مالك، تلك المرأة التي تركها زوجها الكافر لما جاء النبي ﷺ إلى المدينة؛ لأنه لا يصبر عن شرب الخمر، والإسلام يحرم الخمر، ولذلك انطلق إلى الشام وترك المرأة والأولاد؛ لأجل الخمر، وهذا ما يفعله عدد من الفسقة والعصاة، يتركون أهاليهم بالأيام والأسابيع ليسافروا إلى بلاد الفسق والمجون، ليشربوا الخمر ويتعاطوا المخدرات، ويقعوا في براثن الفجور والفسق، وذهب ذلك الرجل المسخوط عليه وبقيت أم سليم مع أولادها وهي المسلمة التي آمنت بالنبي ﷺ ترعى أولادها صابرة على قضاء الله، فجاء أبو طلحة يخطبها، فكلمها، وأبو طلحة رجل غني مشهور، لكنه كان كافراً غير مسلم، فقالت: "يا أبا طلحة ما مثلك يرد، ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة، لا يصلح لي أن أتزوجك، فأغراها بالذهب والفضة، قالت: فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء، أريد منك الإسلام، فإن تسلم فذاك مهري ولا أسألك غيره وبالفعل أسلم أبو طلحة عند النبي ﷺ، وتزوّج أم سُليم، قال الراوي: فما بلغنا أن مهراً كان أعظم منه أنه رضيت الإسلام مهرًا، فتزوجها وولد له منها ولد كان أبو طلحة يحبه حباً شديداً وحسُن إسلام الرجل لأنه دخل في البداية الإسلام من أجل الزواج، وبعد ذلك دخل الإيمان في قلبه، فكان يأتي إلى النبي ﷺ يومياً مرتين، وكان يحب ولده حباً شديداً، فمرض الصبي حتى تألم أبوه طلحة جداً وفي يوم من الأيام ذهب إلى النبي ﷺ فمات الولد في غياب أبيه، فماذا فعلت المرأة الصابرة المصابرة المجاهدة؟
قالت: "لا ينعينّ إلى أبي طلحة أحد ابنه حتى أكون أنا الذي أنعاه له" لا أحد يخبر الأب بوفاة الصبي، أنا الذي أتولى إخباره بالطريقة المناسبة، فهيأت الصبي فسجت عليه ووضعته في جانب البيت، الله أكبر، ما أقوى جنانها وأثبت فؤادها وأعلى إيمانها، فإنها هيأت الصبي، يعني غسلته وكفنته بعدما طيبته وغطته ووضعته في جانب البيت، جاء أبو طلحة ومعه ضيوف، طبخت الطعام للضيوف، حتى أكلوا، سأل الرجل عن ولده؟ قالت بالتورية دون كذب: "هو الآن أسكن ما يكون، أو أرجو أن يكون قد استراح"، فهم يعني استراح من المرض، وهي تقصد استراح من الآلام ومن الدنيا وذهب إلى الله، تعشى القوم وخرجوا وهي تطيبت لزوجها، فبات معها تلك الليلة، وأتاها، ثم قالت له بعد ذلك في آخر الليل: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوماً أعاروا قوماً عارية لهم فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوهم فقال لا، قالت: فإن الله كان أعارك ابنك عارية، ثم قبضه إليه، فاحتسب واصبر، غضب أبو طلحة، لكنه استرجع وحمد الله، وفي الصباح اغتسل وذهب إلى النبي ﷺ فأخبره الخبر فقال رسول الله ﷺ: بارك الله لكما في غابر ليلتكما [رواه مسلم: 2144]. يدعو لهما بالبركة مما حصل في تلك الليلة، فحملت المرأة بإذن الله، وكان أبو طلحة وأم سليم يخرجان مع النبي ﷺ في الجهاد والمعارك وهي تسعف وتنقذ وتقوم بالأدوار لخدمة الإسلام وأهله، حتى ضربها المخاض قبل أن يصلوا إلى المدينة، تقول: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، ما أحس بآلام مثل العادة في المخاض، هذا ببركة دعوة النبي ﷺ، فولدت غلاماً وقالت لابنها أنس: يا أنس، لا يطعم شيئاً، ما أرضعت الولد ولا وضعت في فمه شيء، حتى تغدو به إلى رسول الله ﷺ وبعثت معه بتمرات فبات يبكي وبت مجنحاً عليه، يقول أنس: بات يبكي وبتُّ مجنحاً عليه أرعاه إلى الصباح، ثم ذهبتُ به إلى النبي ﷺ فأخذ بعض التمر فمضغهن ثم جمع بزاقه المبارك ﷺ، ثم فغر فاه يعني: فاه الصبي، فأوجره، إياه جعله في فم الصبي فجعل يحنّك الصبي، وهذه سنة عند الولادة أن يحنِّك الصبي بالتمر، يؤخذ تمرة وتعجن بين الأصابع وتليّن ثم تمرر على حنك الصبي من الأعلى والأسفل وجعل الصبي يتلمظ ويمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله ﷺ فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله ﷺ فقال ﷺ: انظروا إلى حب الأنصار التمر [رواه مسلم: 2144]. قال: قلت -يعني أنس-: يا رسول الله سمّه، قال: "فمسح وجهه وسماه عبد الله، فما كان في الأنصار شاب أفضل منه، قال: فخرج منه رجل كثير" يعني من صلبه، خرج رجال كثيرون، وقُتل عبد الله هذا مجاهداً في سبيل الله بعد ذلك، فما أجمل تلك السيرة العطرة لأم سليم -رضي الله عنها- وما أحسنه من مثال ضربته لنسائنا عل الله أن يهديهن للاقتداء بها.
يا إلهي ماذا أفعل؟
والآن إلى الفقرة الثالثة: يا إلهي ماذا أفعل؟ دائماً كانت تقول هذه العبارة فما أن تكبر للصلاة حتى تبدأ معها الوسواس، الطعام احترق، نسيت أن تغلقي باب المنزل جيداً، يجب أن تحادثي عمتك بالهاتف، اليوم اتفقي مع زوجك للذهاب إلى السوق غداً، وضوؤك ناقص، لم تسجدي في الركعة الأولى وأخيراً تصرخ: يا إلهي ماذا أفعل؟ وأقول لك ماذا تفعلين: إن حالة الوسواس تصيب كثيراً من الناس في الصلاة؛ لأن الشيطان يريد أن يصرف العبد عن صلاته؛ حتى لا يخشع فيها فلا يكون لها أثر عليه، ولذلك يجب عليك إذا جاءك الشيطان بالوسواس أن تتعوذي بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، وتتفلي عن يسارك ثلاث مرات، هو تفل خفيف، رذاذ مع الهواء، أو هواء مع قليل من الرذاذ هذا هو التفل وليس البصاق عن يسارك ثلاث مرات، وتتعوذي بالله من الشيطان، هذا هو العلاج الذي علّمه النبي ﷺ للصحابي لما اشتكى إليه الوسواس في الصلاة، وأقول لك: يا أخية إن الوساوس التي تعرض عن الله يتخلص منها بالاستعاذة بالله من الشيطان وأن تقرئي سورة قل هو الله أحد، وتقولي: آمنت بالله ورسله وتكفي عن التفكير، وأما بالنسبة لوسواس الطهارة والصلاة ما مسحت الرأس، ما سجدت في الركعة الأولى، ما فعلت، ما كبّرت الإحرام، ما قرأت الفاتحة، إذا كنت متأكدة من أنك قمت بالعمل، الرأس مبلول، فكيف لم تكوني مستحيه إنه مبلول، وتكبيرة الإحرام كبرتيها، كيف يقول لك الشيطان إنك لم تكبريها، فماذا عليك أن تفعلي؟ أهملي ذلك تماماً، ولا يجوز لكِ أن تعيدي العبادة إذا كنت قمتِ بها بشكل صحيح، تذكري ذلك إذا قمت بالعبادة بشكل صحيح لا يجوز لك إعادتها لأن إعادتها طاعة للشيطان.
حدث وموعظة
والآن إلى هذا الحدث والموعظة: كنت يوماً واقفة أمام المرآة لأعتني بشعري كما هي عادة كل بنت في مثل سني إلا أنني والحمد لله لا أبالغ في ذلك كثيراً، وكان كل فرد من أفراد الأسرة منشغلاً بنفسه وأنا الأخرى كنت منشغلة بنفسي حيث الضيوف سيأتون إلينا بعد صلاة الجمعة، ويا له من موعد، ولكنه موعد من نوع آخر، لم أكن قد تهيأت له، أي موعد هذا؟ قبل أن أضع قدمي على عتبة المطبخ ذهبت ثانية إلى المرآة لأتأكد من تصفيف شعري ولكن ليس للضيوف إنما هو لشيء آخر لم أكن أعلمه، دخلت إلى المطبخ لإعداد وجبة الغداء وفي نفس الوقت لم يكن عندي أحد أمسكت بيدي اليمنى الزند وبيدي اليسرى باب الفرن لأفتحه وضغطت على الزند وإذا بالنار تخرج من داخل الفرن وكأنها عدو يتربص بي والنار تلفح وجهي ويدي وشعري الذي اعتنيت به قبل قليل وما أن أحسست بحرارة اللهب حتى خرجت من المطبخ بسرعة وأنا رافعة صوتي ولا أدري ما كنت أقول وإذا بأختي تأخذني وأنا في تلك الساعة نسيت كل شيء وتذكرت النار يوم تلفح الوجوه، نسيت المرآة ونسيت شعري ونسيت كل شيء، أما أمي جزاها الله عني كل خير، فكانت تصلي وقت ذلك، فما أن سمعت صوتي المرتفع إلا وقطعت صلاتها وخرجت وهي لا تدري ماذا حصل؟ وعندما رأيتها دفنت وجهي في صدرها وشعرت بدفء حنانها إلا أنها دفعتني قليلاً حتى لا تؤلمني بقايا الحروق التي رسمت في وجهي درساً لي ولأهلي عند اليوم الآخر، وراحت أمي تبكي بكاء قطع نياط قلبي وفي ظنها أن عقلي قد ذهب من شدة المصيبة، وكل من حولي قد تأثر من هذا الموقف، وكان درساً كما ذكرت وذهبت أخاطب نفسي: يا نفس كيف هي إذن نار الآخرة وأنت لم تتحملي هذا اللهب؟ يا نفس يا نفس وبقيت في وجهي آثار الذكرى أراجعها على المرآة ويحفظها أهلي عن ظهر غيب، وشاء الله أن أذهب في ذلك اليوم إلى مكتبة المنزل وتقع يدي على كتاب عن النار وما فيها من الأهوال، وأنها سوداء مظلمة يركب بعضها بعضاً، وأنها تكاد تميز من الغيظ، وأن لها زفيراً وشهيقاً تكاد تنخلع لهولهما أجسر القلوب، وفيها مقامع من حديد، مطارق وملابس من نار من القطران النحاس المذاب، وشراب الحميم والغسلين وطعام الضريع شوك لا يُسمن ولا يغني من جوع، وشجرة الزقوم التي طلعها كأنه رؤوس الشياطين، وفيها من الأهوال ما لا يخطر ببال إنسان حي، فيها من الهول ما يشيب له الولدان، وتذكرت ما ينبغي علي أن أفعله للنجاة من هذه النار، إنني لم أتحمل هذه اللحظات من نار الدنيا التي هي جزء من سبعين جزءاً من نار الآخرة فكيف سيكون الحال إذا وقعت فيها يوم القيامة؟ وماذا سيكون الشأن؟
وأقول أخيراً: أختي المسلمة: أنتِ دائمة قريبة من النار؛ نار الدنيا في مطبخك، فهل وعظك هذا القرب من النار لتكوني أشد الناس خوفاً من نار الآخرة؟ أنجانا الله وإياكن منها.
واجبنا نحو العائدات إلى الله
والصفحة التي تليها بعنوان واجبنا نحو العائدات إلى الله، لا ريب أن ظاهرة عودة الفنانات التائبات إلى الله تمثّل قلقاً كبيراً لدى أعداء الله، ولا ريب أن اتجاه العديد من الفنانات الأخريات إلى تأمل حياتهن وواقعهن ومقارنته بواقع المرأة المسلمة السوية وإظهار ترددهن في العمل بالفن يشكّل حرجاً بالغاً لتجار الغرائز الذين يسعون إلى الكسب الحرام ويعتمدون على جسد المرأة بوصفه السلعة التي تدر الكثير من الربح والمال، سواء في السينما أو الغناء أو الرقص أو غير ذلك، وهذه ظاهرة عجيبة أيتها الفتاة المسلمة أن تحدث التوبة في أوساط أفجر النساء وأشقاهن وأبعدهن عن الله ، النساء اللاتي غرقن في مستنقعات الرذيلة إلى الآذان، المرأة التي كانت تعرض جسدها في ثياب رقيقة قصيرة شفافة في الرقص وتمثّل مع الرجال أدوار الحب والغرام التي كانت تخوض في بحار الرذيلة ترجع إلى الله إنه لعجب، ولكن الله غالب على أمره، وإذا أراد الله أن يهدي شخصاً فلا مضل له، وإذا أراد الله أن يضل إنساناً فلن تملك له من الله شيئاً، وهكذا تابت شمس البارودي وشادية وغيرهما من النسوة الفنانات وتحجبن ارتدين الحجاب وتركن مجال الفن الحرام ليسددن بذلك ضربة قاصمة إلى المخرجين الذين صاروا يبحثون عمن يقوم بأداء الأدوار وصار هناك ربكة في سوق الفن، واضطر بعضهم إلى الاستعانة بممثلات من الدرجة الثانية، أو محاولة إظهار ممثلات من فئة الكومبارس -كما يقولون- إخفاقاً وإفلاسًا، ولكن هل تركت الفنانات التائبات على حالهن؛ لكي يعشن الحياة التي يردنها؟ الجواب: كلا كلا، فإن شياطين الإنس بالمؤازرة مع شياطين الجن لا يمكن أن يتركوا إنساناً في حاله يريد الله، ويريد التوبة، تريد الحجاب، ولذلك سارعوا إلى طرح أسوأ إنتاج الفنانات التائبات في الأسواق وترويج الأفلام في محاولة للضغط على الفنانات والحرب النفسية لمحاولة إرجاعهن إلى طريق الرذيلة مرة أخرى في نوع خسيس من الابتزاز، ثم انطلقوا في ترويج الشائعات والزعم بأن هؤلاء النساء تلقين الملايين من أجل الحجاب! -سبحان الله- إنها تتلقى الملايين من الأفلام، فلماذا تتلقى الملايين الآن؟ وممن تلقت؟ ومن هو الذي يعطيهن هذه الملايين؟ يريدون إشاعة أن وراء هذا الحجاب أموال مغرية، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره وتثبت بعض هؤلاء التائبات، وتُجبر المجلات الماجنة أمام هذه الظاهرة العجيبة التي لم تُصدّق على عرض بعض قصص التائبات على صفحات المجلات الماجنة السيئة، فرضت القضية نفسها عليهم، وأُبلسوا وأُسقط في أيديهم وهو دليل على أن دين الله ينتشر، وأن هذه الصحوة تدخل جميع المجالات، إنه فعلاً النور الذي أنزله الله لتحيا به القلوب، لقد كان حدثاً جللاً وأمراً عظيماً توبة عدد من رؤوس الفتن واعتزال الشر فما هو موقفك أنت أيتها الفتاة المسلمة؟ لا أقل من الدعاء لهؤلاء بالثبات، فإنهن يحتجن إلى الدعاء فعلاً من كثرة الضغوط والإغراءات والإرهاب الذي يتعرضن إليه من أجل الرجوع مرة أخرى إلى عالم الفسق والمجون، وينبغي عليك كذلك بطبيعة الحال أن تقلعي أنت عن مشاهدة هذه الأفلام السيئة والأغاني الماجنة والرقصات الهابطة، كيف تنظرين إليها في الفلم وهي قد تابت؟ وبأي حق تستبيحين مشاهدة الأفلام والرقصات وصاحبتها قد تابت إلى الله ورجعت وأنت لم ترجعي؟ أفلا يكون ذلك درساً لك أن تتركي ذلك وتشعري بالحياء من النظر إلى هذه الأفلام والسماع لتلك الأغاني والنظر إلى تلك الراقصات وصاحبة الفلم وبطلة الفلم والمغنية قد تابت؟ أفلا يكون درساً لك أنت حتى تتوبي أيضاً من سماع الأغاني ورؤية الأفلام الهابطة وهذه المسلسلات المختلطة.
نسأل الله التوفيق للجميع.
فتاوى نسائية وأجوبة
والآن إلى صفحة الفتاوى؛ أسئلة وأجوبة عن الطهارة للمرأة المسلمة.
يقول السؤال: كيف نفرّق بين دم الحيض ودم الاستحاضة؟ وماذا يجوز للحائض؟ وماذا يحرم عليها؟ وكيف يُغسل ويطهر دم الحيض؟
الجواب: إن الله خلق في المرأة دمًا يتغذى عليه الجنين، فإذا حملت المرأة انقطع خروج هذا الدم لأجل انصرافه لتغذية الجنين فإذا كانت بحالتها بغير حمل وهي بالغة كان الحيض.
دم الحيض يخرج منها وهو دم يرخيه الرحم في أيام معلومة يعتاد المرأة، وهذا الدم دم الحيض أحمر يغلب عليه السواد وهو دم غليظ لذاع كريه الرائحة، وأما دم الاستحاضة فإنه دم أحمر مشرق ليس فيه لونه مثل لون دم الحيض، ولا في رائحته كرائحة دم الحيض، وهو دم فساد ونزف، أو شيء يخرج من عِرق، والتوضيح والتفريق بينهما مهم بالنسبة للمرأة لما يترتب على ذلك من الأحكام؛ لأن الحائض لا يجوز لها أن تصلّي، ولا يجوز لها أن تصوم، بخلاف المستحاضة التي يجب عليها الصلاة، ويجب عليها الصيام، فأما الحائض إذا حاضت امتنعت عن الصلاة وعن الصيام والمستحاضة إذا أصيبت بالاستحاضة فإنها تغتسل لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلي.
وكذلك فإن الاستحاضة لا تمنع الصيام، وهنا يأتي سؤال يتردد عند الكثيرات: هل دم الحيض أو العادة الشهرية تمنع عقد النكاح أم لا؟ هل يجوز أن يُعقد على الفتاة وهي حائض؟
الجواب نعم، فإن الحيض لا يمنع العقد، وإنما يحرُم على الرجل أن يأتي زوجته في وقت الحيض، فالجماع هو المحرّم، أما عقد النكاح فليس في ذلك بأس أبداً خلافاً لما يعتقده بعض النساء، فيجوز أن يعقد عليها العقد الشرعي وهي حائض كما أنه يجوز للحائض أن تعقد الإحرام وهي حائض، فإذا مررتِ بالميقات من الطائرة أو غيرها فيجب عليك أن تحرمي إذا كنتِ ناوية الحج والعمرة، ولا يجوز لك أن تجاوزي الميقات بغير إحرام خلافاً لما تفعله كثير من الجاهلات فإنها تقول: مررت بالميقات لكني كنت حائض فلم أُحرم، نقول: هذا من الجهل فإن الذي يحرم على الحائض هو الطواف بالبيت ودخول الحرم، أما الإحرام والسعي والرمي والوقوف بعرفة ومزدلفة وغير ذلك من المشاعر، فإنه لا علاقة له ولا تتوقف صحته على الحيض، فلو كانت حائضاً فإنها يجوز سعيها ورميها وقصّ شعرها، وغير ذلك من أعمال الحج أو العمرة، والذي يحرُم عليها فقط هو الطواف بالبيت ودخول الحرم، وهذا هو الجواب على سؤال يرد عند بعض النساء: هل يجوز للمرأة أن تدخل المسجد لتسمع المحاضرة ونحو ذلك؟
فنقول: قد اختلف أهل العلم في هذا، والأحوط ألا تدخل المسجد وهي حائض، ويمكنها أن تسمع المحاضرة من الشريط ونحو ذلك، والحيض يتوقف عليه أحكام كثيرة؛ كعدة المرأة ولذلك ينبغي ضبطه ومعرفته.
وسؤال هنا يقول: العادة عندي سبعة أيام فصارت في أحد الشهور عشرة طالت فهل هو حيض هذا الزيادة أم لا؟
الجواب: كل دم يأتيك في وقت العادة فهو حيض، وكل كدرة أو صُفرة تأتيك في وقت العادة فهو حيض، فإذا كانت الكدرة أو الصُفرة بعد الطُهر فليست بشيء، الكدرة والصفرة إذا اتصلت بالحيض من أوله أو بآخره فإنها حيض، أو جاءت في وقت العادة بدلاً من الدم رأيت صُفرة أو كُدرة تعتبريه حيضاً، أما إذا طالت العدة عن وقتها فإنها عادة ما لم تصل إلى خمسة عشر يوماً؛ لأن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يوماً، فإذا طالت عن ذلك فإنها استحاضة، وهناك قاعدة مهمة ينبغي أن تحفظيها؛ لأنك تنقذكِ من كثير من الإشكالات، العادة معرّضة للزيادة والنقصان والاتصال والانقطاع والتقديم والتأخير، فقد تتأخر عادة المرأة، وقد تتقدم، وقد تطول وقد تقصر، وقد تكون متقطعة وقد تكون متصلة، بعض النساء قد تكون عادتها سبعة أيام متواصلة، وفي إحدى المرات يأتيها ثلاثة أيام دم، ثم ينزل عليها الطهر، وبعد فترة يأتيها دم الحيض مرة أخرى، فماذا نقول؟
نقول: كل دم في وقت الحيض فهو حيض أما إذا جاء بعد الوقت نظرنا فيه؛ فإن كان يشبه دم الحيض في صفاته من ناحية اللون الرائحة الأوجاع المصاحبة ونحو ذلك عرفنا أنه دم حيض، وأما إذا كان دماً مشرقاً أحمر في غير وقت الحيض فهو استحاضة، أو إذا زاد عن خمسة عشر يوماً فهو استحاضة، فهذه بعض الأسئلة المتعلقة بالطهارة بالنسبة للمرأة المسلمة.
الحجاب ليس عقبة
والآن إلى مقالة بعنوان: "الحجاب ليس عقبة" هي فتاة أمريكية يميزها حجابها الشرعي الذي ترتديه، وكذلك حرصها على حضور الحلقات التي تُعقد في مسجد المدينة الأمريكية التي تقطنها باستمرار، تستعير كتُباً دينية من مكتبة المسجد فهي حريصة على العلم، وكم تتمنى أن تدرس في كلية الشريعة، كيف أسلمت؟ ما حالها قبل الإسلام وبعده؟ لنقرأ سوياً ما تقوله أختنا المسلمة إليزابيت التي أسلمت بعد ذلك، تقول: نشأت في بيئة نصرانية، ولكن هذه البيئة لم يكن فيها حرص على ممارسة الطقوس الدينية نتيجة التفلت والضياع الذي نعيشه في أوروبا وأمريكا عموماً في الغرب، ومنذ وعيت على الحياة لم أكن أرتاح إلى هذا الدين الذي أدين به وأفكر دائماً بموضوع صلب المسيح، وكذا التثليث، وهنا آخذك في منعطف لتستعمي إلى هذه الطرفة، جاء أحد المبشرين إلى بلدة أو قرية إسلامية، فألقى عليهم محاضرات في التبشير والنصرانية والمسيح وصلب المسيح وقدرة المسيح ونحو ذلك، وفقرات من الإنجيل المحرف، وأخبرهم أن المسيح صلب وقتل وأنه بقي معلقاً على الصليب المصلوب عليه فترة ثلاثة أيام، ثم قام ودخل في السماء ونحو ذلك من الخرافات والهراء الذي يقولونه والله قال: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء: 157].
ألقي الشبه على أحد الخونة فظنوه عيسى فأخذوه وصلبوه وقتلوه، أما عيسى الحقيقي فإن الله قد رفعه إلى السماء وأنقذه من بين أيديهم، هذه عقيدتنا في عيسى، وأنه عبد كريم، نبي من الأنبياء، من أولي العزم من الرسل، وأنه لم يمت وإنما سينزل في آخر الزمان، وقد آن الأوان، وقرب الوقت -والله المستعان- لفساد الزمان، سينزل عيسى ويحكم بشريعة النبي ﷺ ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ولا يقبل من الكفرة إلا الإسلام أو القتل، قال هذا المبشّر بالنار ما قاله النصراني، وبعد نهاية المحاضرة قال له أحد الفلاحين البسطاء من المسلمين: يا أيها القسيس أنت تقول أن المسيح كان يتنقل من الناصرة إلى القدس وغيرها على الحمارة، ثم أخذوه وصلبوه على الصليب، هل كان عيسى على الصليب مرتاحاً لما كان مربوطاً عليه على تلك الخشبة القاسية ثلاثة أيام؟ وقبلها قبل القتل صلبوه على هذه الخشبة التي على شكل الصليب، كان مرتاحاً عليها أو لا؟ فقال القسيس: لا ما كان مرتاحاً عليها؛ لأنها خشبة صلبة وهو مربوط عليها هذه الفترة، فقال الفلاح المسلم: الحمارة التي كان يتنقل عليها المسيح كان يرتاح عليها أو ما كان يرتاح عليها؟ فقال: كانت مريحة يرتاح عليها، فقال الفلاح المسلم: فلماذا لا نعبد الحمارة بدلاً من أن نعبد الصليب؟ وقد كان الصليب يؤلم عيسى والحمارة تريح عيسى؟ فبُهت الذي كفر وأُسقط في يده، فعلاً إنهم يقدّسون هذا الصليب، ويجعلونه معهم ويقولون هو سبب للبركة ويصلون به ويعلقونه في رقابهم و..و.. إلى آخره، مع أنه كان مؤلماً لعيسى كما يقولون، وكان مربوطاً عليه، فينبغي كرهه ونبذه وليس أن يأخذوه ويجعلوه سبباً للبركة، فما أقبح تلك العقول وأتفه تلك الأفكار، تقول هذه المرأة التي كان اسمها "إليزابيث" سابقاً: كنت دائماً أفكر في موضوع صلب المسيح، وكذلك التثليث، في أن هذا الكلام لا يُعقل، وكيف أن الإنسان يعمل الجرائم المختلفة وبمجرد إيمانه بالمسيح يدخل الجنة، أليس هناك فروض وواجبات يتحتم على النصراني اتباعها؟ هذه الأسئلة جعلتني أشعر بالضياع فأخذت أبحث عن دين آخر أجد فيه الراحة، أخذت أسأل كل شخص عن دينه لأعرف مبادئه وتعليمه، وكلما رأيت إنساناً سألته عن دينه فرأيت عدة من المسلمين سألتهم عن دينهم، ثم إن بعض المسلمين دلوني على القرآن الكريم المترجم، فقرأت ثلثه فوجدت فيه الراحة التامة، وأصبحت أحرص على تأدية الصلاة وأذهب يوم الجمعة لمسجد المركز الإسلامي الموجود في منطقتنا، وامتنعت عن أكل لحم الخنزير وأنا لم أسلم بعد، ولكن أجرّب هذه الشعائر في هذا الدين، وفي يوم من الأيام ذهبت لوليمة كان فيها مسلم وبعض المسلمين في مكان، وزوجاتهم أيضاً في مكان، فسئلت: لماذا لم أسلم بعد؟ هل أنا مسلمة؟ قلت: لا، فسئلت: لماذا لم أسلم بعد؟ فقلت: إنني خائفة من الحجاب، فقيل لي: تخيلي لو أنك خرجت وصار لك حادث هل تحبين أن تكون نهايتك الطيبة فتموتين وأنت مسلمة وتدخلين الجنة؟ أم يُذهب بك إلى مكان آخر؟ فأثرت في تلك الكلمة وأسلمتُ بالفعل، وعندما نطقت بالشهادة وبعد عدة أيام، أقامت لي إحدى النساء المسلمات حفلة بسيطة وقدّمت لي هدية حينما فتحتها كانت حجاباً، كنت خائفة جداً من الحجاب شأني شأن الكثيرات من الأمريكيات، وذلك أنه في نظرنا سجن للحرية، وبعد أن اعتدن على ارتداء ما نريد من الملابس يكون من الصعب ارتداء الحجاب، المهم ارتديت الحجاب في اليوم الثاني وذهبت به إلى الجامعة، ولم أجد أي صعوبة تُذكر، فبدأت أعتاد على الأمر ووجدت فيه الراحة التي أنشدها، والآن أحاول أن أسهّل أمر الحجاب على صديقة اقتنعت بالإسلام تماماً لكنها خائفة من الحجاب، أما عن ردة فعل أبوي فإن أبي لم يبال لأنه شعر أن الأمر ليس بيده، أما أمي فهي إنسانة اعتادت على احترم آراء الآخرين وتقبلها، ولذلك فهي لم تعر أمر إسلامي شيئاً، لكن كانت خائفة عليّ من الحجاب، وعندما رأت إصراري راعت شعوري، بل إنها أصبحت تشتري لي الحجاب وتهديني إياه، ومن الطرف التي واجهتني أنني أذكر أن ابن خالي جاء لزيارتنا ذات يوم فأمرته والدتي أن ينتظر لحين أن تعطيني خبر قدومه حتى أضع الحجاب، وذات مرة زارنا عمي فأسرعت لتناولني الحجاب حتى أضعه قبل أن يدخل، فضحكت وشرحت لها الأمر، وأن عمي من المحارم الذين لا يجب علي الحجاب أمامهم.
وأنقلك الآن من هذه القصة المؤثرة عن حجاب هذه المرأة المسلمة الأمريكية إلى هذا المشهد؛ تقول إحدى النساء ذهبت لإحدى المستشفيات لعمل فحوصات، فلما دخلت العيادة رأيت منظراً يندى له الجبين ويتقطع له القلب حسرة رأيت منظر الطبيبة بنت البلد وهي تلبس البنطال والقميص وقد أظهرت زينتها الكاملة، واستبدلت غطاء رأسها بقبعة بلاستيكية صغيرة، ولبست من الحلي ما يزينها، ولم تأبه بالرجال، سواء الأطباء أو العاملين، فهل هذا منظر يرضي الله -عز وجل-؟ ألا يصلح أن تلبس الطبيبة النقاب والخمار بدلاً من هذا اللباس المخزي؟ -سبحان الله- النصرانية تسلم وتتحجب وتتعود على الحجاب، والمسلمة تفسق وتعصي وتتحلل من الحجاب، فسبحان من هدى وأضل.
امرأة أمريكية أخرى أسلمت وسمّت نفسها فاطمة، أسلمت بسبب الحجاب، كانت تعمل على جهاز المحاسبة في إحدى المحلات، فاستوقفتها مشاهد من بعض النساء من زوجات الطلاب الذين يدرسون في الخارج، بعض النساء المحجبات، فكانت تسألهن على الجهاز عن الحجاب؟ ولماذا هذا الحجاب؟ وما هذا الدين الذي يلزمكم به؟ وما هي تفاصيله؟ تقول: اشتد شوقي للحجاب على الرغم من صعوبته، وحين عدت إلى البيت أخذت قطعة قماش وضعتها على رأسي ولبست ملابس ذات أكمام طويلة فأعجبني شكلها، وخرجت بها في اليوم التالي إلى مركز إسلامي قريب بحثاً عن مراجع عن الإسلام فأخذتها وتفرغت لقراءتها، فتأثرت ثم ذهبت إلى المركز مرة أخرى وأعلنت إسلامي هناك، إذن، الحجاب سبب لهداية بعض الكفار، الحجاب هو دعوة عملية فما أكثر أجر التي تتحجب فتكون قدوة لغيرها لما تلبس الجوارب التي تستر القدمين، والقفازات التي تستر الكفين، والغطاء السميك الذي يستر الوجه، إنها فعلاً دعوة صامتة للغير، وكم من الأجر يكون لهذه المرأة .
نماذج ومعاني
والآن إلى فقرة بعنوان: "نماذج ومعاني" بعدما انتهت من التنظيف رمى ابنها ذو العام الواحد قطعة من البسكويت على الأرض، فلما رأتها ارتفع صوتها الله يلع.. يا ولد.
مشهد آخر: كانت مشغولة بإعداد طعام الوليمة فاحترق جزء منه فتمتمت الله يلع... كيف حصل هذا؟
المشهد الثالث: وقفت الخادمة ولم تتحرك، فتذمرت سيدتها؛ لأنها أعادت على مسمعها الكلام مراراً وتكراراً، ولكنها لم تفهم، فقالت: أنت لا تفهمين يا مل.. التعليق: قال رسول الله ﷺ: لعن المؤمن كقتله [رواه أحمد: 16385، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد: 763].
وقال ﷺ: لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة [رواه مسلم: 2598].
ولما سئل النبي ﷺ: لماذا النساء أكثر أهل النار؟ أجاب ﷺ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير يعني: الزوج، تجحد حق الزوج ولا تقوم به، والشاهد: ((تكثرن اللعن)) ما أكثر اللعن على ألسنة النساء والرجال أيضاً في هذا الزمان، فينبغي عليك أيتها المرأة المسلمة أن تهذبي لسانك من اللعن، ما أكثر اللعن بين الطالبات، ما أكثر لعن الطالبة للمدرِّسة، ما أكثر اللعن الذي تقوله الأم لولدها، وما أكثر هذه الملاعن أو هذه اللعنات التي تنطلق من ألسنة بعض العاصيات لله في هذه المسألة، وقد تكون من أسباب ورود جهنم، ثم إنه لا يحق لأحد أن يدعو على أحد بإخراجه من رحمة الله وهو لا يستحق ذلك فقد أخبر النبي ﷺ أنه في هذه الحالة ترجع اللعنة على اللاعن، فتصيبه لعنته فيكون كأنما دعا على نفسه.
وجلست في البيت
والآن إلى فقرة أخرى في الصفحة التالية وهي: اسأل مجرّب بعنوان وجلست في البيت، مر عام ونصف العام على زواجي وما زلت متمسكة بهذه العادة السيئة، زوجي يعمل موظفاً بالمطار، وهذا يحتم عليه أن يغير دوامه كل شهرين فتارة يذهب في الصباح وتارة في العصر وأخرى بالليل، وقد اعتدت ان أخرج معه كلما خرج للدوام، أذهب لبيت أهلي؛ لأنني أخاف إن جلست في البيت وحدي، وهذه العادة جعلتني أعيش في معمعة شديدة، فأحياناً أضع طعام الغداء وعندما يخرج زوجي للدوام أخرج معه وأترك المطبخ غير مرتب، وأعود لأجد البيت منقلباً رأساً على عقب وأستحي أن أنظر في وجه زوجي لشعوري الكامل بالتقصير التام، الغسيل، الكي، التنظيف، الطهي، كله ليس على ما يرام، وهذا أمر طبيعي، فأنا اخرج معه وأعود معه إذن، متى أعمل حينما يكون موجوداً بالكاد أتمكن من إنجاز العمل الضروري والآن أصبح لدي طفل فازدادت المسؤوليات وازدادت معها المعمعة وأحياناً آخذ الغسيل معي لبيت أهلي وأحياناً أخرج وأنسى بعضه، حدّثت صديقة لي، ضحكت مني وقالت: أتخافين من الغول أن يأتي ليأكلك؟ اجلسي في بيتك ولن يأتيك إلا الخير؟ اقرئي بعض السور القرآنية وحافظي على الأذكار واستعيني بالله وجربي، والأصل في المرأة أن تجلس في بيتها، أخذت بنصيحتها وسط استغراب شديد من زوجي جلست وفتحت شريط قرآن وشمرت عن ساعدي وبدأت بالتنظيف تنظيفاً دقيقاً وكاملاً، وأنهيت أعمالي وأعددت طعام العشاء وجاء زوجي ووجهه فرح مستبشر للمرة الأولى وقال لي بالحرف الواحد لما رأى منظر البيت من الداخل والطعام الجاهز: الآن أصبح لي بيتاً أتشوّق للعودة إليه، وهكذا أصبحت ربة بيت وأماً وزوجة ناضحة وبهذا تمكنت من الاستفادة ففي وقت الفراغ أجلس لأقرأ، أو أستمع شريطاً، كما أن أهلي باتوا يشتاقون إلي أكثر من ذي قبل فأنا لم أعد كل ساعة عندهم وإنما أذهب لزيارتهم من وقت لآخر، أو عندما يكون دوام زوجي ليلاً أحياناً.
مشهد وتعليق
والآن إلى مشهد وتعليق، الزمان: الساعة الثانية عشرة ليلاً، المكان صالة الطعام بإحدى قاعات الفنادق للأفراح، المشهد: تدخل جموع كبيرة من النساء ويتجهن صوب مكان الصحون، فتأخذ كل واحدة صحناً وتبدأ تلف على طاولة الطعام البوفيه؛ لتأخذ ما تريد، هذه تضع كمية من الرز واللحم وقطعتي سمبوسة وحبتين من كل نوع من أنواع الفطائر، لحم وجبن وسبانخ، وتضع ثلاثة أسياخ من اللحم المشوي، وقطعتين من الدجاج، وقطعتين من الكباب، ومن الكبة، وجزءاً من التبولة والفتوش، إلى آخره، تجلس كل امرأة على كرسيها تتناول الطعام، وكل واحدة تأكل قليلاً من الرز وحبة سمبوسة وفطيرة ونحو ذلك، ثم تشعر بالشبع، مع أنها لم تتناول سوى شيء بسيط من الصحن، ثم تقوم هي والتي معها تاركة صحنها آخذة صحناً آخر أصغر قليلاً إلى قسم الحلويات، فتعبئ كل واحدة صحناً مملوءاً بشتى الأصناف وتجلس لتتناوله ويتكرر المشهد السابق.
التعليق: لا أظن أن هناك امرأة حضرت أي حفل عرس ولم تشهد مثل هذا المشهد، وقد أصبح مألوفاً في حفلات الأعراس، والغريب حقاً أن النساء حينما وضعوا هذا النظام -نظام البوفيه لتناول الطعام- أرادوا منه الاقتصاد وعدم التبذير والإسراف، ولكن ما وقع كان العكس لسوء الفهم والتصرف، فأنت فعلاً تشعرين بالضيق حينما تدخلين قاعة الطعام بعد انصراف النساء لتجدي الصحون المليئة بالمأكولات مرمية على الطاولة وقد تركها أصحابها، في حين قد يوجد بعض الأشخاص لا يجد ما يتناولونه، مما يشعر أهل الحفل بالحرج، مع أنهم قد قاموا بما عليهم من توفير الطعام الكافي، ولكن سوء تصرف كثير من النساء وضعهم في هذا الموقف المحرج، لماذا لا تأخذ كل امرأة قدر ما تريد أكله؟ وإذا أرادت المزيد فبإمكانها أخذ ما تريد وهكذا تنظّم العملية، والمسألة كلها تعود إلى مخالفة ما أبغضه الله إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141].
أية جرأة هذه؟
وهذه فقرة قصيرة بعنوان: أية جرأة هذه؟ فعلاً أمرهن عجيب، وحقاً شأنهن غريب، أتجرأ إحداهن على أن تكتب قصيدة غزل تمتلئ بألفاظ الحب والغرام، ومن ثم تنشرها على الملأ بإحدى الصحف موقعة باسمها الكامل؟ أتجرؤ إحداهن على أن تكتب رسالة للاعب أو فنان، أو لفوز المنتخب، فيها كثير من عبارات المديح والثناء، ومن ثم تعمد إلى نشرها بإحدى الصحف وقد ذيلتها باسمها الحقيقي، أين دينها؟ أين حياؤها؟ أليس لديها؟ أهل أين هم؟! .
امرأة نصرانية أبكاها القرآن
وآخر قصة في هذا العدد عن امرأة نصرانية أبكاها القرآن؛ وهذه قصة مؤثرة حكاها أحد الدعاة إلى الله تعالى قال: كنا ستة نفر من المنتسبين إلى الإسلام على ظهر سفينة مصرية تمخر بنا عباب المحيط الأطلسي إلى نيويورك من بين عشرين ومائة راكب وراكبة أجانب، ليس فيها مسلم، وخطر لنا أن نقيم صلاة الجماعة في المحيط على ظهر السفينة وقد وافق قائد السفينة أن نقيم صلاتنا وكان كافراً، وسمح للبحارة والطهاة والخدم، وكل من المسلمين وكانوا من النوبيين المسلمين أن يصلوا معنا، وقد فرحوا بهذا فرحاً شديداً، إذ كانت المرة الأولى التي تقام فيها صلاة الجمعة على ظهر السفينة وقمت بخطبة الجمعة وإقامة الصلاة، والركاب الأجانب معظمهم متحلقون يرقبون صلاتنا، وبعض الصلاة جاءنا كثير منهم يهنئوننا على نجاح القدّاس، ظنوه قداساً، وأن المسألة مثل مسائل النصارى، وهذا ما فهموه من صلاتنا، ولكن هناك امرأة من الحشد عرفنا فيما بعد أنها أوروبية، كانت شديدة التأثر والانفعال، تفيض عينها بالدمع ولا تتمالك مشاعرها، جاءت لتهنئنا بحرارة وهي لا تملك نفسها من التأثر العميق، وليس هذا موضع الشاهد من القصة ولكن ذلك كان في قولها: أي لغة هذه التي كان يتحدث بها قسيسكم؟ وهذا تصورها، وقد صححنا لها الفهم أنه ليس هناك قسيسين في الإسلام، وأجبنا على سؤالها عن اللغة التي كان يتحدث بها الخطيب، فقالت: إن هذه اللغة التي تحدث بها لها إيقاع عجيب وشعور في النفس غريب، وإن كنت لم أفهم منها حرفاً واحداً، ثم كانت المفاجأة الحقيقية لنا وهي تقول: لكن ليس هذا هو الموضوع الذي أريد أن أسأل عنه، إن الموضوع الذي لفت حسي هو أن الإمام كانت ترد في أثناء كلماته فقرات من نوع آخر غير بقية كلامه، نوع أكثر تأثيراً وأعمق إيقاعاً، هذه الفقرات الخاصة كانت تحدث في نفسي رعشة وقشعريرة، إنها شيء آخر يختلف عن كلام الخطيب، وتفكرنا قليلاً، ثم أدركنا أنها تعني الآيات القرآنية التي وردت في أثناء خطبة الجمعة، وفي أثناء الصلاة، وكانت مفاجأة لنا تدعو إلى الدهشة، من امرأة لا تفهم شيئاً مما نقول، فسبحان الذي أنزل الكتاب وجعل له هذا السلطان والتأثير.
هي القاتلة
هي القاتلة، نعم فقرة بعنوان: "هي القاتلة" عندما تعلو ضحكاتها مع البائع في المحل، هي القاتلة، عندما تكشف وجهها للأجانب، هي القاتلة، عندما تعلو كلماتها المبتذلة في سماعة الهاتف، هي القاتلة، وعندما تتهجم على المتدينات إذا قدمن لها نصيحة، هي القاتلة، نعم، إنها قاتلة الحياء، وإن الله سينفذ فيها حكمه إذا هي لم تتب إلى الله.
فطنة قاض
والفقرة قبل الفقرتين الأخيرتين بعنوان: فطنة قاض، اشتكى أحد القرويين إلى القاضي أن أحد الناس يسرق منه الدجاج والإوز وإنه لم يهتد إليه، فحضرت الصلاة بعد ذلك، فقام القاضي وخطب بهم وقال في خطبته: وإن أحدكم ليسرق إوز جاره، ثم يدخل المسجد والريش على رأسه، فمسح رجل من الحضور رأسه فقال القاضي: خذوه فهو صاحبه.
وإلى الفقرة قبل الأخيرة وهي لغز العدد وهي بيتان من الشعر ذكرهما أحد الشعراء يصف فيه شيئاً، والمطلوب منك أن تتعرفي على هذا الشيء يقول هذا الشاعر:
ما اسم لشيء حسنٌ شكله | تلقاه عند الناس موزونا |
تراه معدوداً فإن زدته واوا | ونوناً صار موزونا |
فما هو؟
الجواب: إنه الموز.
طرفة عن أحد النحويين
والآن إلى آخر فقرة ونهاية المطاف في هذه المجلة "مجلة الفتاة المسلمة" وهي طرفة عن أحد النحويين، وكان مشهوراً بالألفاظ الصعبة، كان يستخدم في كلامه الألفاظ الصعبة، وكان يتقعّر فيها كثيراً.
دخل أبو علقمة النحوي على الطبيب، فقال له: أمتع الله بك، الآن النحوي يشكو حاله من المرض الذي أصابه قال: أمتعك الله بك، يقول للطبيب: إني أكلت من لحوم هذه الجوازل، والجوازل هي فرخ الحمام قبل أن ينبت ريشه فطسأت طسأة فأصابني وجع ما بين الوابلة إلى دأية العنق، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الخلب والشراسيف، فهل عندك دواء؟ فقال الطبيب: نعم خذ خربقاً وشلفقاً وشبرقاً فزهزقه وزقزقه واغسله بماء ورث واشربه.
فقال أبو علقمة: لم أفهم عنك؟
فقال الطبيب: أفهمتك كما أفهمتني.
وأخيرًا أيتها الفتاة المسلمة، أيتها المرأة المسلمة نسأل الله أن تكون قد انتفعنا بما سمعنا، وأن يجعل ما سمعنا حجة لنا لا حجة علينا، وأوصيك في نهاية المطاف بتقوى الله في السر واللعن وأن يجعل لكي الطريق منيرا ويأخذ بيدك فيه ويسلك بك الصراط المستقيم وأن ينجينا جميعاً من نيران الجحيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكن، وإلى لقاء آخر، والسلام عليكن ورحمة الله وبركاته