الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فهذه فتوى للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - حفظه الله تعالى - عن قضية العروض أو الأشياء التي يتاجر بها أو الأشياء التي تجب فيها الزكاة بعروض التجارة والأشياء التي لا تجب فيها الزكاة، فمما ذكره في هذا انتقيت لكم خلاصات للفتاوي نصًا من الفتوى أو الأشياء المهمة من الفتوى، أحيانًا تكون فتوى طويلة وأذكرها لكم بالنص، يقول: "أما العروض وهي السلع المعدة للبيع، فإنها تقوم في آخر العام-واحد عنده دكان فيه بضاعة، آخر العام يقوّم هذه البضاعة، ينظر كم ثمنه؟ لأنه قد يكون اشتراه بألف والآن نزلت القيمة صار خمسمائة مثلًا فيقوم في آخر السنة عندما تجب الزكاة في وقت الحول إذا انتهى الحول يقوم البضاعة، كم ثمنها؟- يخرج ربع العشر من قيمتها- 2.5%، هذه الأشياء المعدّة للتجارة- سواء كانت قيمتها مثل الثمن الأصلي أو أكثر أو أقل يقوم في آخر الحول- ويدخل في ذلك الأراضي المعدة للبيع والعمارات والسيارات والمكائن الرافعة للماء وغير ذلك-أي شيء معد للبيع تجب فيه الزكاة- أما العمارات المعدّة للإيجار لا للبيع فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول- الزكاة بالأجرة الإيجار وليس في العمارة إذا كانت العمارة للإيجار وليست للبيع- وهكذا السيارات الخصوصية -والتاكسي- ليس فيها زكاة إذا كانت لم تعد للبيع وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال- أو للتأجير أو مثل شركات تأجير السيارات، ليس في قيمة السيارات أجرة زكاة وإنما الزكاة في الدخل الذي يأتي من هذا التشغيل-وإذا اجتمع لصاحب سيارة الأجرة أو غيرها نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها إذا حال عليها الحول، سواء كان أعدّ هذه النقود للنفقة أو للزواج أو لشراء عقار أو قضاء دَين- وهذا كلام مهم جدًا، يعني إذا واحد عنده مال أعده للزواج يجب فيه الزكاة، أو عنده دين وأعد هذا المال لقضاء دين تجب في المال الذي عنده، حتى لو كان أعده لقضاء دين تجب فيه الزكاة على القول الصحيح من أقوال أهل العلم، أما إذا أخرجه، إذا أخرج هذا المال المعد للدين فقضى الدين به أو جزءًا من الدين قبل حلول الحول لا زكاة فيه، واحد عليه دين عشرة آلاف وعنده خمسة آلاف ريال، بقيت الخمسة آلاف ريال سنة كاملة عندك ما قضيت فيها الدين، تجب فيها الزكاة، أو أعددتَ المال لشراء بيت أو فرش بيت أو تغيير عفش البيت مثلًا تجب في هذه الأموال كلها الزكاة إذا حال عليها الحول، وكذلك تُخرج زكاة المال من جنس الأموال المعدة للتجارة، تُخرج عن زكاة الثمار تُخرج ثمار، زكاة النقود تُخرج نقود، زكاة الإبل تخرج إبل، زكاة الغنم تُخرج غنم، إلا عروض التجارة فإنها تُخرج مقدّرة بالقيمة، يجوز أن تقوّم وتقدر القيمة، لو عندك عشرون ماكينة رفع ماء مثلًا معدّة للبيع، تخرج الزكاة بما تعادل واحدة، ما يجب عليك أن تخرج ماكينة وتعطيها زكاة، وإنما تقوم هذه الماكينة كم ثمنها وتخرج الزكاة، كم قيمة البضاعة تقوّم وتُخرج مالًا سيولة-.
وكذلك سؤال عن المال: هل يجوز إعطاؤه للأقارب أم لا يجوز؟
فأما إذا كان الأقارب ممن تجب عليك نفقتهم، والد أو والدة أو أولاد أو زوجة فإنه لا يجوز أن يعطون من الزكاة؛ لأنك مكلّف بالإنفاق عليهم من أموالك الأخرى، لا يجوز أن تعطيهم من الزكاة، الأشخاص الذين أنت مكلف بالإنفاق عليهم، أما ابن العم، بنت العم، ابن الخال، الخال، العم، أو الأقرباء الأبعد من ذلك، فإنهم يجوز لك أن تعطيهم الزكاة؛ لأنك لست مكلفًا بالإنفاق عليهم.
كذلك بالنسبة لأقلام الذهب، سؤال ورد للشيخ عبد العزيز بن باز عن أقلام الذهب فقال: الأصح تحريم استعمال أقلام الذهب على الذكور لعموم قول النبي ﷺ: أُحلّ الذهب والحرير لإناث أمتي وحُرّم على ذكورهم [رواه أحمد: 19502، والنسائي: 9387، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 209].
لاحظ، الرسول ﷺ عمم، قال: حرم، ما قال: حرم لبسه، قال: حرم، فمعنى هذا أن استعماله محرم إلا للضرورة مثل الأنف مثلًا أو الأعضاء بعضها إذا ما تيسر صناعتها من معادن أخرى غير الذهب يجوز، لكن في حال الضرورة هذه حالة استثنائية نادرة، أما الأشياء الأخرى لا يجوز استعمالها للرجل، أما الاحتفاظ بسبائك الذهب، هذه قضية أخرى ليس فيها حرج، هذه تجارة ، لنفترض أن الواحد عنده أقلام هو ما يستخدمها لكن أهدي قلمًا أو أهدي ساعة من ذهب، ولبس الساعة واستعمال القلم حرام، الآن هذه الأشياء الأقلام والساعات التي عنده، هل تجب فيها الزكاة؟ فيقول الشيخ: إن بلغت هذه الأقلام نصاب الزكاة بنفسها تجب فيها الزكاة، أو بذهب آخر لدى مالكها، يعني نفترض النصاب كذا من الذهب، عشرون مثقالًا، الأقلام التي عندك خمسة مثاقيل ولكن عندك خمسة عشر مثقال ذهب سبائك مثلًا، فإذا أضيف هذا إلى هذا وكمل النصاب تجب الزكاة على هذه الأشياء الذهبية التي عندك كلها.
وكذلك إذا كان عندك شيء من فضة وشيء من ذهب، والذهب ما بلغ النصاب، ولا الفضة ما بلغت النصاب، ولكن إذا جُمع الذهب إلى الفضة كملُ نصاب أحدهما، يعني فضة كثيرة لكن ما بلغت نصاباً، والذهب قليل، لو أضفنا الذهب على الفضة، القيمة تكمّل نصاب الفضة، عند ذلك يجب إخراج الزكاة فيها، وكذلك بالعكس، ذهب كثير لكنه أقل من النصاب، وفضة قليلة لو أضفتَ الفضة على الذهب كمّل نصاب الذهب عند ذلك تجب الزكاة؛ لأن حكمهما حكم الشيء الواحد.
هذا السؤال: لدينا صندوق خيري يتم تمويله من الجامعة ومن طلبة الجامعة، ويتم من خلال هذا الصندوق إعانة الطلبة المحتاجين أو الفقراء عمومًا، صندوق خيري صندوق بر، هل تجب في أموال هذا الصندوق الزكاة؟
يجيب الشيخ عبد العزيز بن باز يقول: ليس في مال الصندوق المذكور وأشباهه زكاة، لا زكاة في صندوق البر؛ لأنه مال لا مالك له، ليس له مالك في الحقيقة، تبرعات، بل هو معد لوجوه الخير كسائر الأموال الموقوفة في أعمال الخير، فصار عندنا قاعدة عامة: أي شيء موقوف لله تعالى ليس فيه زكاة، فلو أن إنسانًا أوقف عمارة بحيث تصير الإيجارات تُصرف على مسجد، أو تُصرف على مشروع خيري، فإن هذه الإيجارات لا زكاة فيها؛ لأنها وقف لله تعالى، حتى الذي أوقفها لا يملكها، ما يملكها في الحقيقة، صارت وقفاً لله تعالى، فلا زكاة فيها، تذهب كلها بريعها إلى وجوه البر التي أوقفها صاحبها فيها.
هذا سؤال عن قرض التنمية العقاري، صندوق التنمية العقاري يقول السائل: اقترضت مبلغًا من صندوق النقد العقاري وبنيت مسكنًا لي ولأسرتي وتوفر لديّ من هذا القرض مبلغ من المال، توفر لدي مبلغ؛ هل فيه زكاة وحال عليها الحول؟ فكان الجواب: نعم يجب عليك الزكاة فيما توفر من هذا المبلغ كلما حال عليه الحول، كلما حال عليه الحول يجب عليك أن تُخرج الزكاة فيه، وإن كان ملك لصندوق التنمية، هو دَين عليك، ما دام صار عندك وحال عليه الحول يجب أن تخرج الزكاة فيه، أما لو أخرجته وأرجعته مثلًا للصندوق أرجعته للدائن أصلًا قبل حلول الحول فلا زكاة عليه، ولو أبقيته سنة كاملة ثم دفعته لصندوق التنمية صاحب الدين، هل يجب فيه الزكاة؟ نعم يجب عليك الزكاة، حتى لو دفعته لأنك دفعته بعد حلول الحول عليك، فتخرج الزكاة عليه من الأموال الأخرى التي عندك.
يقول: لديّ مبلغ من المال من أهل الخير لبناء مسجد وبقي عندي أكثر من سنة، هل فيه زكاة؟
ليس عليه زكاة مطلقًا؛ لأن أهله قد أنفقوه في سبيل الله، وعليك بالمبادرة لتنفيذ ما اتفقتم عليه من بناء المسجد.
سؤال عن الأسهم الموجودة في الشركات أو العقارات؟
الجواب: الأسهم من عروض التجارة تجب الزكاة فيها يقوّمها كل سنة بقيمتها من غير نظر إلى قيمة الشراء،؛ لأن الأسهم قد تصعد قيمتها أو قد تنزل، فأنت عندك أسهم في شركة عملها مباح، أسهم البنوك أساسًا ربوية لا يجوز الاحتفاظ بها مطلقًا، من باب أولى الزكاة، أساسًا ليس مال طيب حتى تطلع منه زكاة، أموال حرام، نتكلم على أسهم شركات عملها حلال أو أسهم في عقارات في أراضي مثلًا، هذه الأسهم إذا حال عليها السنة تقوّمها في آخر السنة، كم يبلغ السهم الآن في السوق؟ تُخرج الزكاة على القيمة، فإن مثلًا هذه الأسهم ما صعدت قيمتها أو أرباحها إلا بعد خمس سنوات؛ لأن بعض المضاربات ما تخرج القيمة، أو لا تعرض، أو لا يعرف ما حصتك من الأرض إلا بعد بيعها، وهذا قد يكون على ثلاث سنوات، فماذا تفعل؟ بعد الثلاث سنوات تنظر ما حصتك من الأرباح التي عليك، تخرج زكاة الثلاث السنوات التي ذهبت سنة سنة ثلاث سنوات، إذا كان هناك جماعة يدفع كل واحد جزءًا من المال ويدّخرونه لقصد الاستفادة منه عند وقوع حوادث لبعضهم لا سمح الله، واحتاجوا إليه في شئونهم العامة وحال عليه الحول فهل فيه زكاة؟ هذه الأموال وأشباهها التي يتبرع بها أهلها للمصالح العامة وللتعاون على الخير فيما بينهم ليس فيها زكاة؛ لأنها قد أخرجت من أملاكهم ابتغاء وجه الله، ومنافعها مشتركة لغنيهم وفقيرهم، لعلاج الحوادث التي تنزل بهم فتعتبر بذلك خارجة عن أملاكهم، وفي حكم الصدقات المجموعة لإنفاقها في سبيلها الذي أُخرجت له، ولذلك لا زكاة فيها، هذا شيء يقع، سأل عنه بعض الإخوان نحن مثلًا خمسة موظفين في شركات مثلًا كل واحد راتبه مبلغ معين، كل شهر نأخذ ألف من كل واحد نضعه في صندوق، وهكذا تستمر الأموال، فإذا جاء واحد الدور عليه ليأخذ يحتاج، أخذ منها لزواج، أخذ منها لشراء بيت، أخذ منها لحاجة، حادث مثلاً-لا سمح الله-، وبالدور، كل سنة مثلًا يأخذ من الصندوق، بحيث كل واحد يأخذ مرة، يعني عملية لتوفير السيولة، هذه العملية مباحة شرعًا ولا شيء فيها، وهي من التعاون على البر والتقوى، وهذه الأموال مجمّعة في هذا الصندوق، ليس فيها زكاة.
رجل يهوى جمع العملات العربية والأجنبية هواية فقط لا للتجارة، وهذه العملات منها النفيس، ومنها ما دون ذلك، فهل عليها زكاة؟
الجواب: نعم، تلزمه زكاتها إذا حال عليها الحول، وبلغت النصاب بعموم نصوص القرآن والسنة، إذن حتى الذين يهوون جمع العملات إذا بلغت العملات هذه نصابًا بلغت النصاب فيجب فيها الزكاة.
بالنسبة لزكاة الحلي، امرأة عندها ذهب يبلغ النصاب، ولم تعلم بأنه تجب فيه الزكاة إلا بعد مضي خمس سنوات عليها، فلما علمت بذلك أرادت أن تزكيه، ولا يوجد عندها غير الذهب شيء؛ لأن ما عندها سيولة، فماذا تفعل من أجل تزكيته بالنسبة للسنوات الخمس الماضية، هل تبيع جزءًا منه أو ماذا تفعل؟ وكيف تفعل بالنسبة للسنوات القادمة؟
جواب الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذا السؤال: عليها أن تُخرج الزكاة مستقبلًا عن حليها في المستقبل، كل سنة إذا بلغ النصاب وهو عشرون مثقالًا من الذهب، يعني أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه، وبالغرام لا يوجد تقدير محدد جدًا، ولكن نصاب الذهب يتراوح بين ثمانين غرام وتسعين غرام، فإذا بلغ النصاب خمسة وثمانين غرام كما هي فتوى الشيخ ابن عثيمين أو اثنين وتسعين كما هي أحد الفتاوى المنقولة عن الشيخ ابن باز أو اثنين وثمانين في فتاوي أخرى من ثمانين إلى تسعين غرام ذهب هذا نصاب الزكاة، فإذا بلغ الذي عندك من الذهب بلغ ثمانين غرامًا أو أكثر من باب الاحتياط فيجب عليك أن تخرج فيه الزكاة، اثنين ونص في المائة من قيمته، هذه المرأة ما زكت في السنوات الماضية، ما هو السبب؟ أنها كانت تجهل الحكم، فيقول الشيخ: وأما السنوات الماضية قبل علمها بوجوب زكاة الحلي فيها فلا شيء عليها لجهلها وللشبهة في ذلك، لأن الأقوال في زكاة حلي المرأة كثيرة، علماء يقولون: تزكي، وعلماء يقولون: ما تزكي، فيها شبهة الموضوع بالنسبة لمن لم يتحقق الأمر، فلأن المسألة فيها شبهة في ثبوت الحكم عند عامة الناس؛ ولأن هذه المرأة كانت جاهلة بالحكم فليس عليها زكاة ما مضى من الحلي، وهذا والحمد لله من التخفيف والتيسير في الشريعة أنه يُعذر الإنسان بجهله مثل هذه المرأة قد لا يتيسر لها سبل البحث أو السؤال، أو أنها جهلت أو اعتقدت حسب عادة النساء أنه لا شيء فيه، فلذلك لا يجب عليها أن تخرج ما مضى، لكن يجب عليها أن تخرج ما عليها في المستقبل، كل سنة تقوم الذهب الذي عندها، تزنه، تعرف وزنه، وتسأل مثلًا الصائغ تقول: هذه قطعة معيار كذا، كم ثمنها اليوم؟ تجمع القطع كلها، ثم تخرج 2.5% من قيمتها.
زكاة الحلي هل هي على المرأة أو على زوج المرأة؟
زكاة الحلي على المرأة نفسها، يعني ما يجب على الزوج أن يخرج زكاة الحلي لامرأته، يجب عليها هي أن تخرج، فإن أخرج الزوج الزكاة عن امرأته، فإن كان بعلمها وإذنها فيجوز ويجزئ عنها، وما عليها شيء، لكن إذا ما أخرجها بإذنها وعلمها فإنه لا تعتبر قد زكت حليها؛ لأن الزكاة يجب أن تصاحبها النية، والنية من المزكي وهي المزكية، فلا بد أن تكون عندها نية إخراج الزكاة، فتقول لزوجها: إذا سمحت نفسك إخراج الزكاة، أذنتُ لك بالإخراج عني فيخرج عنها، وإلا يجب عليها هي أن تُخرج، حتى لو اضطرت لبيع قطعة منه لإخراج الزكاة فيجب عليها ذلك، إذا ما عندها سيولة.
هذه المسألة فيها أقوال للعلماء منهم من قال: ما يخرج زكاة؛ لأنه للاستعمال، ومنهم من قال: يُخرج مرة واحدة، ولكن الأحوط أن الرسول ﷺ لما رأى هذه المرأة بيدها سوارين من ذهب قال: أتؤدين زكاة هذا؟ تؤدين فعل مضارع تؤدين زكاة هذا يعني كل ما حال عليه الحول، قالت: لا، قال: أيسرك أن يطوقك الله بهما سوارين من نار [رواه أبو داود: 1563، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 768]. فالأحوط والأبرأ للذمة وحسب هذا النص الصحيح الواضح وقول الثقات من أهل العلم: تُخرج الزكاة، وفيه خير، أنا ذكرت الآراء، ولكن لأن قضية الإجبار بالقوة لا، لكن لو هذه المرأة هي صاحبة القضية فتعرض عليها الأدلة يقال لها: الرسول ﷺ في حديث صحيح جاءته امرأة فقال لها كذا فقالت له كذا فأجابها، ما رأيك بعد هذا الحديث؟ ولا بأس أن تقال لها الأقوال الأخرى إن كانت المرأة من أهل الفهم، وتعرض عليها، فما طابت نفسها به تخرج، لكن لابد توضح لها الصحيح في المسألة الذي تعتقده أنت دينًا، لابد أن توضحه لزوجتك، لو اقتنعت أن ما فيه زكاة وضحه لزوجتك لابد أن تعرض عليها المسألة بحذافيرها؛ لأنها هي صاحبة الحق، لا أن تختار قولاً من الأقوال وتفرضه عليها، لا بالإيجاب، ولا بعدم الإيجاب، ما تختار قولاً وتفرضه عليها، هي صاحبة المسألة، فإذن، هي التي تقتنع وليس أنت الذي تقتنع، فإذا اقتنعت بما أوجب الله عليها، يجب عليها إخراجه، أما إجبار المرأة بالقوة على رأي معين بدون قناعة منها وبدون عرض الأدلة ما يصح.
أما بالنسبة للأموال النامية، فهذه قاعدة خلافية، بعض الناس يقولون: إذا كانت الأموال طيبة، أيضًا الأراضي أحيانًا تكون الأراضي غير نامية، ما راح يتولد من الأرض أرض أخرى، لكنها معدة للتجارة فيجب عليها الزكاة سنويًا، وهذا قول العلماء هنا، لما سئل الشيخ ابن باز وابن عثيمين عن هذه القضايا، الأموال غير النامية مثل الأراضي والذهب، حلي النساء، قالوا: تجب فيها الزكاة حوليًا سنويًا.
زكاة المعادن غير الذهب والفضة
وبالنسبة للأموال الأخرى التي غير الذهب والفضة، الماس، بلاتين، أشياء من هذا القبيل، ما هو الحكم فيها؟
يقول الشيخ عبد العزيز: وأما الألماس والأحجار الأخرى فليس فيها زكاة إذا كانت للبس، امرأة عندها خاتم من ألماس، كله ألماس، أو فيه فص، فإنه ليس في الفص هذا الزكاة، لكن إذا كان بقية الخاتم فيه ذهب فلابد من تقديره وإضافته للذهب الآخر، لكن نفس الألماس والأحجار الأخرى فليس فيها زكاة إذا كانت للبس، يقول الشيخ عبد العزيز: أما إذا كانت للتجارة يتاجر بالبلاتين، بالألماس، بالأحجار الكريمة، بالياقوت، الزبرجد، إلى آخره، ففيها الزكاة على حسب قيمتها من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب، واحد يتاجر بالأحجار الكريمة، يقوم هذه الأحجار التي عنده في نهاية السنة، ينظر كم سعرها في السوق ويخرج الزكاة عليه.
ما حكم نقل الزكاة من مكان إلى آخر، من بلد إلى غير البلد الذي فيه المزكي؟
هذا السؤال أحيل إلى اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية فأجابوا بما يلي: اختلف أهل العلم في حكم نقل الزكاة إلى بلد غير بلد المزكي، فبعضهم منع ذلك إلا أن لا يكون في بلده فقراء، فينقل إلى أقرب البلاد إليه، إذا ما كان فيه فقراء، وبعضهم أجاز ذلك، لا سيما إذا كان بقصد شرعي وهو إعطاؤها أقاربه المحتاجين ممن لا تلزمه نفقتهم، يعني واحد مثلًا عنده ولد عم في الأردن وهو هنا مثلًا، أو هو في الخبر وولد عمه في تبوك بلد آخر، واحتاج ولد عمه صار فقيراً، هل يجوز له أن يعطيه الزكاة وهو في بلد آخر؟
فتوى اللجنة الدائمة: أنه يجوز له ذلك إذا كان لقصد شرعي مثل أن يعطي قريبًا له محتاجًا يعطيه من الزكاة، لا حرج في هذا، ومن هذا الفتوى التي صدرت لشأن التبرع أو إعطاء الزكاة للمجاهدين الذين يعلم أنهم مجاهدون حقًا في سبيل الله، يأخذون، توصل لهم الأموال مع الوجه الصحيح، فإنه يجوز إعطاء الزكاة لهم، ولو كانوا في بلد آخر.
من هو المسكين الذي تصرف له الزكاة؟ وما الفرق بينه وبين الفقير؟
الجواب: المسكين هو الفقير الذي لا يجد كمال الكفاية، والفقير أشد حاجة منه، وكلاهما من أصناف الزكاة المذكورين في الآية، ومن كان له دخلٌ يكفيه للطعام والشراب والكساء والسكن من أي جهة كانت، سواء من الضمان الاجتماعي، أو من مصلحة التقاعد، أو من وقف، أو من راتب، أو وظيفة، أو دكان، المهم له مصدر يأتيه يكفيه فعند ذلك لا يسمى فقيرًا ولا مسكينًا، ولا يجوز أن تصرف له الزكاة، جواب الشيخ ابن باز في مجلة الدعوة، طيب لو سأل إنسان فقال: إذا واحد يجد الطعام والشراب لكن ما عنده ثمن يشتري به مكيفاً أو ثلاجة هل يعتبر فقيرًا؟ بالنسبة للعصر الذي نعيش فيه نعم يعتبر فقيرًا، فيعطى له من مال الزكاة يكفي لشراء مكيفات في بيته أو ثلاجة؛ لأنها أشياء ضرورية لا تطاق الحياة بدونها في هذا العصر، فيعتبر فقير، لكن ليس للكماليات، يجدد عفش بيته، ويشتري كنباً، لا، وإنما أشياء ضرورية؛ مكيف، ثلاجة، ما عنده، يعطى حتى لو عنده فلوس للطعام والشراب.
إذا أخرج إنسان زكاة ماله وكانت قليلة مثل 200 ريالاً فهل الأفضل أن تعطى لأسرة واحدة أو تفريقه على عدد من الأسر؟
يقول الشيخ عبد العزيز: إذا كانت الزكاة قليلة فنصرفها في أسرة واحدة محتاجة أولى وأفضل؛ لأن توزيعها بين الأسر الكثيرة مع قلتها يقلل نفعها، فلذلك الأفضل أن تعطى لأسرة واحدة.
هذا سؤال عن زكاة الرواتب، الأن الرواتب هذه فيها إشكالات؛ لأن الواحد يأخذ الراتب شهريًا، وفي بلاد الغرب قد يأخذ راتباً يوميًا، يأخذ الراتب ويصرف منه ويوفر منه والأشياء متقلبة ولا شيء منضبط، يأخذ راتباً ويصرف وينفق ويوفر وهكذا، فماذا يفعل؟
أجابت اللجنة الدائمة للبحوث في المملكة عن هذا السؤال فقالت: من ملك نصابًا من النقود، نصاباً تجب فيه الزكاة، ثم ملك تباعًا نقودًا أخرى في أوقات مختلفة، وكانت غير متولدة من الأولى ولا ناشئة عنها، بل كانت مستقلة، كالذي يوفره الموظف شهريًا من مرتبه، أو مثل الإرث أو الهبة أو أجور العقارات، فإن كان حريصًا على أن ما يخرج إلا الذي عليه فقط فإنه يجب أن يعمل له دفتر حسابات، كل ما دخل عليه شيء راتب مبلغ معين يضع التاريخ في المبلغ وهكذا يضع التاريخ في المبلغ، فإذا صرف يطرح من الشيء الذي يطرح، مثلًا صرف من هذا الراتب خمسمائة ريالاً يطرح 500 وهكذا في الأشهر، هذا يعلم بالضبط ما عليه، لكن هذه العملية مرهقة وشاقة وعسيرة جدًا ولا تكاد تنضبط، فلذلك الحل الثاني كما يقول العلماء: إذا أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه زكى جميع ما يملكه من النقود حينما يحول عليه الحول من أول نصاب ملكه هنا، وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين، يعني واحد توظف في وظيفة أول راتب استلمه كان في شعبان هذه السنة مثلًا، ثم سيأخذ بعده رواتب، إذا أراد الاحتياط والسهولة ينتظر إلى شعبان القادم لما يحول الحول على أول راتب أخذه فيجد فينظر في حساباته ينظر، كم حسابه في شعبان ألف وأربعمائة وتسعة مثلًا، ينظر في حساباته ينظر كم المال يخرج 2.5 % منها، هذه أسهل طريقة، هناك أموال ما حال عليها الحول، وهناك أموال حال عليها الحول، هذه أضبط وأسلم طريقة تتبع، تأخذ تاريخ أول راتب أو أول دخْل دخَل عليك، أو أول ربح ربحته من تجارة يحول عليه الحول تخرج عن زكاة كل ما عندك، السنة اللي بعدها نفس الشيء تأخذ تاريخ أول دخل عليك فيه المبلغ، وتزكي في هذا التاريخ إذا حال عليه الحول.
رجل يجمع لابنه فلوسًا من عدة سنوات كي يزوجه بها، فهل عليه زكاة؟
الجواب: عليه أن يزكي جميع ما جمعه من النقود إذا مضى عليه الحول ولو كان ينوي بها تزويج ابنه؛ لأنها ما دامت لديه فهي ملكه فعليه أن يؤدي زكاتها كل عام إلى أن يأتي الوقت الذي يصرفها على ولده وتنتهي بالصرف على ولده فعند ذلك ما فيها زكاة.
بالنسبة لقضية الخضروات، الخضروات والفواكه ليس فيها زكاة بالنسبة للناس أصحاب المزارع والبساتين، الخضروات والفواكه ليس فيها زكاة، الزكاة في الحبوب والثمار، يعني مثلًا تمر، حنطة، شعير، قمح، هذا إذا بلغ كما ذكرنا ستمائة وعشرين كيلو تقريبًا، إذا بلغت الغلّة ستمائة وعشرين كيلو عند ذلك يجب أن يخرج فيه الزكاة؛ العشر إذا كان يسقى بماء المطر، ونصف العشر إذا كان يسقى بالآبار والنواضح والارتواز وماكينات الضخ، إذا كانت تسقى مثل البيوت الجاهزة المحمية تسقى بفعل الإنسان صاحب الأموال هذه أو صاحب المزرعة فعند ذلك ما يجب فيها إلا نصف العشر، أما لو كان في بلد فيه أمطار غزيرة، والأمطار تنزل وهو يسقي فعند ذلك فيها ثلاثة أرباع العشر، إذا كان جزء بالمطر وجزء من عنده.
زكاة الأرض التي لا يرجى الاستفادة منها
وبالنسبة لمسألة إخراج الزكاة عن الغير، فكما ذكرنا سابقًا يجوز للرجل أن يخرج الزكاة عن غيره إذا كان بإذن ذلك الرجل حتى تكون القضية مشتركة فيها نيته التي هي شرط من شروط الزكاة، إنسان له قطعة أرض لا يستطيع بناءها ولا الاستفادة منها فهل تجب فيها الزكاة؟
يقول الشيخ عبد العزيز: إذا أعدها للبيع وجبت فيها الزكاة، وإن لم يعدها للبيع أو تردد في ذلك ولم يجزم بشيء أو أعدها للتأجير فليس عليه زكاة، يعني في ناس عندهم أراضي لكن متردد هل يبني عليها أو يبيعها متردد ما جزم بشيء، ما جزم بالبيع، فلا زكاة فيها حتى يجزم بالبيع، فإذا جزم بالبيع أو أعدها للبيع أو طرحها عند السماسرة مثلًا أو الدلالين فعند ذلك تجب فيها الزكاة.
ما حكم دفع الزكاة لمن لا يصلي ولا يصوم؟
السائلة تقول: هل عليّ إثم بدفع الصدقة إلى نساء لا يصلين ولا يصمن ولكنهن يخدمنني؟ يعني كأنها تسأل عن خدامة عندها، عندها خدامة ما تصلي ولا تصوم بوذية أو كافرة أو مسلمة بالاسم ما تصلي ولا تصوم، هل يجوز أن تدفع لها الزكاة؟
اللجنة الدائمة للإفتاء أجابت: إذا كانت هذه الصدقة من الزكاة فلا يجوز أن تدفع لمن يخدم سواء كان مسلمًا أو كافرًا؛ لأن الكافر لا يجوز دفع الزكاة إليه، هذا بالنسبة للكافر، سواء كان تارك للصلاة بالكلية أو بوذي أو نصراني، إلى آخره، أما المسلم الذي يخدم، الخدامات في البيوت أو الخدامون، فلا يجوز دفع الزكاة له، لماذا؟ اللجنة تقول: السبب يُخشى أن يكون دفع الزكاة له من باب الأجرة، يكون الواحد يعطي مثلًا الخدامة راتباً شهرياً، هذا لو أعطاها من الزكاة حتى لو كانت فقيرة، يخشى أن إعطاءه للزكاة يثنيه عن دفع أجرها أو بقية أجرها، يكون يريد يعطيها مثلًا مبلغاً فيعطيها الزكاة عندما يأتي وقت المبلغ الشهر أو السنة، فتعتبر الزكاة في هذه الحالة مثل الأجرة، أو من باب الترغيب في بقائه في خدمتك، أو مثلًا إعطاء الزكاة له قد يكون من باب أنه يجر عليك نفعًا، يجر عليك نفعًا دنيويًا، فإذا جر إعطاء الزكاة لفقير نفعًا دنيويًا عليك فلا يجوز تعطيه له، تعطيه لغيره، أما إذا كان ما يجر عليك نفعًا دنيويًا أبدًا فعند ذلك يجوز أن تعطيها الزكاة أو تعطيه الزكاة، أما إذا كانت صدقة فيجوز إعطاؤها للخدم صدقة ليست زكاة، سواء كانوا على غير الدين، والأفضل أن تعطى لصاحب الدين، وإن كان مساعدة الكافر الغير محارب للدين لا شيء فيها، لكن من غير مال الزكاة.
الصرف على المسجد لترميمه أو فرشه من الزكاة
هل يجوز الصرف على المسجد لترميمه أو فرشه من الزكاة؟
أجبنا عن هذا السؤال في الخطبة وقلنا: أنه لا يجوز الصرف على المسجد من الزكاة، لأنه ليس الأصناف التي ذكرها الله في كتابه العزيز.
هل يجوز إخراج الزكاة بأثر رجعي؟ يعني لو ملك شخص نصابًا ولم يخرج الزكاة في وقتها وتأخر ذلك عدة أعوام هل يخرجها عن الزمن المنصرم؟ وكيف؟
الجواب: من وجب عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات فيخرج زكاة المال الذي لم يزكى لجميع السنوات.
يعني واحد مثلًا تاجر يبيع ويشتري لكنه عصى الله وما طلع الزكاة في وقتها، ماذا يفعل الآن بعد خمس سنوات من العصيان تاب إلى الله ماذا يفعل؟
هو يعرف وجوب الزكاة يأخذ دفتر الحسابات، ينظر السنة الأولى التي ما أخرج فيها، كم كانت قيمة البضاعة عنده في نهاية السنة الأولى؟ يُخرج زكاة السنة الأولى، ثم ينظر في دفتر الحسابات كم كانت قيمة البضاعة في نهاية السنة الثانية؟ كذا، يخرج زكاة السنة الثانية، وهكذا يجمع زكوات السنوات كلها ثم يخرجها بنفس الوقت الآن يخرجها، ولا يؤخر إخراجها، لو الواحد ما عرف، كان رجلاً فاسقاً عاصياً تأتي رواتب وأموال ما يطلع منها شيء ثم تاب إلى الله ماذا يفعل؟ ما عنده دفتر حسابات ولا عنده شيء يضبط الأمور.
الجواب: يُخرج ويزكّي لجميع السنوات الماضية، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات، يعني يقدّر؛ كم كان وجب عليه في السنوات الماضية ألفين ثلاثة آلاف أربعة آلاف، يقدر مع الدخل الذي يأتيه ومع الإنفاق الذي كان ينفقه في السنوات الماضية كم كان يمكن يبقى عنده من المال ويحول عليه الحول، يعني عملية اجتهادية لقول الله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16].
السؤال يقول: ما حكم زكاة الدَّين؟
الدين ينقسم إلى قسمين: دَين عند غني، يعني أنت أعطيت غنياً مالاً، أو هو أخذ منك بضاعة وما أعطاك ثمنها، صار عليه دين، وهو تاجر غني عنده أموال، هذا الرجل الذي لك دَين عنده، يجب أن تُخرج أنت زكاة الدين سنويًا؛ لأن هذا المال كأنه عندك؛ لأنه عند الغني متى ما شئت أخذته، لكن أحيانًا نتيجة الحسابات بين التجار أو مثلًا أشياء تذهب وتأتي فيبقون أموالهم عند بعضهم ما يأخذونها، هذا الدّين يجب إخراج الزكاة فيه؛ لأن الدين عند غني بحيث لو أنك تريد أن تأخذه منه لأخذته أو مثل أموال لك عند الحكومة والحكومة تعطيك إياها، فعند ذلك يجب أن تُخرج الزكاة عليه، تخرج الزكاة سنويًا، أما لو كان الدين عند فقير ما يرجى أن يعطيك الزكاة ولو بعد فترة من السنوات حتى يجمع الفلوس ويعطيك إياها، هذا لا زكاة على هذا الدّين إلا إذا قبضته، أو كانت الأموال عند غني ولكنه مماطل ظالم ما يدفع لك حقك، عنده فلوس لكن ما يدفع لك حقك، فهذه الأموال التي عند الفقير أو عند الغني الظالم الذي لا يعطيك إياها لا زكاة فيها حتى تأخذها، فإذا أخذتها ولو بعد خمس سنوات أو عشر سنوات فإنك تزكيها مرة واحدة وهو الأحوط أن تزكيها مرة واحدة، ما تزكي عن عشر سنوات، تزكيها مرة واحدة زكاة سنة واحدة إذا قبضتها، ولا تجب الزكاة فيها حتى تقبضها، وهذا أيضًا مما اختلف فيه العلماء، الآن إذا أخذتها من فقير هل تخرج الزكاة فورًا عندما تأخذها أو تنتظر إلى أن يحول عليها الحول وتخرج؟
يقول الشيخ عبد العزيز: الظاهر من الأدلة أنه لا يجب عليك إخراج الزكاة إذا أخذتها من الفقير الآن ولا عن السنوات اللي ذهبت؛ لأنها كانت في حكم أنها ما هي عندك فما حال عليها الحول، ما يجب إلا إذا حال عليها الحول، لكن يقول الشيخ عبد العزيز: وهذا كونك تخرجها مباشرة إذا أخذتها مرة واحدة عن كل السنوات التي راحت، وهذا القول أحوط، وهي الفتوى التي نقلها ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن أبيه أنه إذا قبضها يخرجها مرة واحدة مباشرة، لكن من ناحية الوجوب كما ذكر الشيخ عبد العزيز من ناحية الوجوب ما يجب إلا بعد أن يحول عليها الحول، ولكن إن أخرجها مباشرة عندما يأخذها عن الماضي فإنه أحوط بالدين.
هل يمكن إذا تصدقت بنقود على محتاجة اعتقد أنها من الزكاة أم لا؟
يعني واحد يرى فقراء عند المسجد أو في أماكن متفرقة يقوم يخرج من جيبه مبلغاً ويعطيهم هل يجوز اعتبار هذا المبلغ من الزكاة أم لا؟
الجواب: إذا كانت النية عند إخراجه أنه من الزكاة فيعتبر من الزكاة، أما إذا كانت النية عند إخراجه بأنه صدقة، ما نويت فيها زكاة فلا يجوز اعتبارها من الزكاة، ويجب عليك أن تخرج الزكاة كاملة.
زكاة البضائع الموجودة في المخازن
السؤال عن زكاة البضائع الموجودة في المخازن.
قيمة البضاعة التي في المخازن على التاجر إخراج زكاتها عند تمام الحول وكذلك الرصيد الذي لديك في البنك يزكى عند تمام الحول، وهنا مسألة: لو واحد عنده الآن مائة ألف ريال، وعليه ديون عشرون ألف ، المائة ألف هذه حال عليها الحول، هل إذا حال عليها الحول يطرح منها الدَّين ويخرج الزكاة عن الباقي أو ما يطرح منها الدين؟
الجواب: يقول الشيخ عبد العزيز: أما الدَّين الذي عليك فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم، فإذا كان عندك مائة ألف وعليك عشرون ألف، إذا ما طلعت العشرين ألف وأعطيتها لصاحب الدين يجب أن تزكي في المائة ألف كلها حتى لو عليك ديون، تزكي في المائة ألف كلها، أما إذا أخذت من المائة ألف قبل أن يكتمل الحول عليها، وأعطيت منها لصاحب الدين، خلاص انتهت القضية، يعني واحد عنده مائة ألف في شعبان وعليه دين عشرون ألف، إذا جاء مثلًا شهر محرم اللي هو قبل شعبان مثلًا بعد ثمانية أشهر أو ستة أشهر فدفع العشرين ألف الذي عليه لا زكاة إلا في الثمانين ألف هذا أمر مفروغ منه؛ لأنه أخرج الدَّين قبل حلول الحول، أما إذا انتظر إلى شعبان وما أخرج الديّن، ما زالت عنده المائة ألف فإنه يدفع زكاة المائة ألف كاملة حتى ولو كان عليه دين، هذا هو القول الصحيح من أقوال أهل العلم.
مسائل أخرى تتعلق بالزكاة
لو مات المالك قبل تمام الحول، تاجر عنده أموال، يخرج زكاته في رمضان، توفاه الله في شعبان، يعني كان بقي على أن يكتمل الحول شهر، هل يجب على ورثته إخراج الزكاة في هذا المال إذا بلغ رمضان؟
يقول الشيخ ابن عثيمين: لا يجب عليه الزكاة، ولا يجب على الورثة إخراج الزكاة؛ لأن الحول لم يحل عليه وهو حي، والأحكام معلقة بحياة الإنسان، لا عليه ولا على الورثة، لكن الورثة إذا أخذوا المال يبدأ العداد يشتغل عليهم من يوم ما أخذوا الإرث، يوم ما امتلكوا الإرث عند ذلك يحسبون الحول عليه، أما هو إذا ما دار الحول كاملًا في حياته فليس عليه زكاته، ولا على ورثته إخراج الزكاة عنه، ولكن من حين امتلاكهم للإرث يبدأ الحول معهم، ويستثنى من ذلك ربح التجارة هذه مسألة دقيقة ومهمة، كيف؟ أنا وضعت أموالاً في تجارة مائة ألف ريال، لما وضعتها في رمضان، جاء شعبان ربح في المائة ألف هذه عشرين صارت مائة وعشرين ألفاً، عندما يأتي رمضان الآن أزكي عن المائة أو عن المائة والعشرين، الوجوب الآن ليس الأفضلية مثل قضية الرواتب، الوجوب، يقول أهل العلم: يجب الزكاة عليها كلها، ليه؟ لأن ربح هذه العشرين ألف الربح يتبع رأس المال، حكمه حكم رأس المال في دوام الحول، ولا يجوز أن تعتبره مالًا جديدًا وتبدأ له بحول جديد، لا، حكمه حكم رأس المال، فإذا دارت أنت الآن تشتغل في شركة ولها رأس مال وتربح الشركة سنويًا، إذا مرّ سنة كاملة على رأس المال تُخرج الزكاة عن المال، رأس المال وعن الأرباح كلها جميع، حتى لو ربحتها قبلها بيوم، حتى لو ربحت قبل يوم واحد من تمام الحول تجب الزكاة في جميع المال؛ لأن هذا المال الربح هو نتيجة رأس المال، ليس مالاً جديد، ليس إرثاً أو هبة أو راتباً أخذته، لا، فهناك فرق بين ربح التجارة، ربح رأس المال وبين راتب أو هبة، مصدر منفصل، المصدر المنفصل هو الذي يجب أن تحسب منه الحول، لكن ربح المال تخرج عن الزكاة عن راس المال وعن الربح في الوقت الذي يحول الحول فيه على رأس المال، واحد عنده أراضي معدة للتجارة عليها زكاة، ما عنده سيوله يخرج كل الزكاة، فماذا ينبغي عليه؟ هل يجب أن يبيع حتى يخرج، أم ممكن ينتظر حتى تأتي دفعة من السيولة فيخرج؟
الجواب: يجوز له أن ينتظر حتى تأتيه دفعة من السيولة فيخرج الزكاة، لكنه يجب عليه أن يدفع الزكاة في الوقت الذي وجبت عليه، ما هو في الوقت الذي توفرت عنده السيولة، وقت الوجوب ويبقى دينًا معلقًا في رقبته حتى يقضيه، والأفضل له إبراء للذمة حتى أنه لو باع شيئاً من ممتلكاته ليوفر سيولة للزكاة فلابد أن يفعل هذا.
لو أعطيت الزكاة شخصًا يغلب على ظنك أنه مستحق، فتبين بعد ذلك أنه غير مستحق، فما هو الحكم؟
مثلًا رأيت فقيراً قدّرت أنه فقير أعطيته الزكاة بعد ذلك تبين لك أن الرجل عنده عمارات، عنده أراضي، عنده سيارات، وأنه كان يتظاهر ليأكل المال بالباطل، ويأخذ المال بغير حقه، فما هو الحكم؟ هل يجب عليك تعيد إخراجها؟
يقول الشيخ ابن عثيمين: ولا يجب عليك إعادة إخراجها، وأجزأت عنك والإثم عليه، تجزئ عنك؛ لأنك عندما أخرجتها كنت تعتقد فعلًا بأن هذا الرجل مستحق، ثم تبين لك بأنه غير ذلك، ما عليك إثم ولا عليك إعادة الإخراج، الإثم عليه وأنت تعتبر أبرأت ذمتك.
بالنسبة للمزارع، المزارع الآن الموجودة، هناك ناس عندهم مزارع يشتغلون بها، عندهم أجراء، عمال يعملون في هذه المزارع برواتب، الزكاة على صاحب المزرعة، ولو وجد ناس عندهم مزارع لكن اتفق مع فلاحين أنهم هم يقومون بأمر زراعة المزارع والغلّة بالنصف، الزكاة على من؟
نصف الزكاة عليك ونصفها على الفلاحين الذين اتفقت معهم في إدارة المزرعة، وأن يكون لهم نصف الغلة، ولك نصف الغلة؛ لأنك صرت الآن شريكاً، يعني ما صاروا عندك عمال وأجراء، صاروا لك شركاء، فعند ذلك يجب أن تكون الزكاة بحسب النسبة، فإن قلت لهم: لي ثلث الغلة ولكم الثلثان، صار عليك ثلث الزكاة التي هي ثلث العشر، وعليهم ثلثا الزكاة، ثلثا العشر، هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية.
زكاة ما أعدّه الإنسان لحاجته
ما أعده الإنسان لحاجته، هذا أمر عام، ما أعده الإنسان لحاجته من طعام أو شراب أو مسكن أو لباس أو سيارة فإنه لا زكاة فيه، إذا أعده للاستخدام الشخصي لحاجته حتى لو صار له بيت في الرياض، وبيت في جدة، وبيت في الخبر، وبيت في كذا، ما دام أن البيت لسكناه هو إذا انتقل إليها يسكن فيها لا زكاة فيها، فإذا أعدّها للتجارة، عند ذلك يجب فيها الزكاة؛ لأن الشيخ ابن عثيمين يقول: سوى الذهب والفضة لورود النص فيها؛ لأن الرسول ﷺ قال للمرأة" أتؤدين زكاتها، فلأن النص ورد فيها مع أنها معدة للاستخدام لا للتجارة؛ لأن النص اللي ورد فيها قد استثنيت من بقية الأشياء؛ لأنه ما يجوز إخراج شيء إلا بنص، وهنا جاء النص فأخرجت.
مسألة عن صداق المرأة على زوجها: تمر عليهم السنون متوالية لا يمكنها مطالبته به لئلا يقع بينهما فرقة، ما هو الحكم؟ الآن واحد يتزوج، هناك معجّل ومؤخر، الناس عادة يدفعون المعجل ويتركون المؤخر، المؤخر هذا من حق من؟
من حق المرأة، هو حق لها، ملك لها، لكنها أجّلت قبضها فيما بعد بحيث أنها لو طالبت زوجها به في يوم من الأيام يجب عليه أن يعطيها إياه، وهذا المال الآن عند زوجها دين عليه لها، هل تجب فيه الزكاة؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "يجب فيه زكاة واحدة عند القبض"، ومن أوجب عليه الزكاة سنويًا فإن هذا الكلام قال شيخ الإسلام: "هذا يؤدي إلى الذهاب بجميع المال"، الواحد يعيش مع الزوجة خمسين سنة، سبعين سنة، لو كانت ستخرج زكاة هذا المال لانتهى المال من زمان، فعند ذلك لا يجب الزكاة إلا إذا قبضته، وقد تموت من غير أن تقبضه فعند ذلك لا زكاة عليها، وإذا ماتت يُقسّم هذا المؤخر المهر يُقسّم على ورثتها حسب الشرع.
أما بالنسبة للذهب فلا ينتهي بالزكاة؛ لأنه محدد بنصاب، الذهب الآن فيه نصاب معين، اثنان وثمانون غرام، إذا نقص عن اثنين وثمانين ما يجب فيه الزكاة، افترض أنه يخرج واحد سنويًا وما يشتري ذهباً جديداً، راح يأتي الوقت هذا من رحمة الشريعة من يسر الشريعة ما يأتي الوقت يمكن إلا بعد سنوات طويلة جدًا يصل إلى اثنين وثمانين غرام مثلًا أو خمسة وثمانين غرام هذا أقل، إذا نقص عن كذا ما في زكاة يقف عند هذا الحد، فلا يوجد ولا احتمال أن ذهب المرأة سيذهب في زكاة مطلقًا ما في أي احتمال؛ لأنه سيأتي إلى وقت معين يبقى عند النصاب وما يزول عن كذا.
مسألة: امرأة عندها ذهب يحول عليه الحول، في أثناء الحول أخذت قطعة من القطع وباعتها واشترت بدلًا منها، زادت عليها واشترت بدلًا منها، في الحقيقة ما تيسر لي البحث في حكمها، هل القطع هذه تدخل في الحول السابق أم أن لها حولًا جديدًا؟ لا أعلم ولا أدري ومن يريد المسألة هذه عليه أن يسأل أهل العلم فيها الله أعلم.
فإذن الصداق المؤجل، لا زكاة فيه، وإذا طلقت تأخذ المهر وتزكيه هذا عرفًا لكن هو شرعًا من حق المرأة بحيث أنها لو ماتت يقسم على الورثة.
ويقول الشيخ ابن عثيمين موصيًا: ويجب على أهل البقالات والآلات وقطع الغيار أن يحصوها إحصاء دقيقًا كاملًا شاملًا للصغير والكبير ويخرج زكاتها، فإن شقّ عليهم وأخرجوا ما يكون به براءة الذمة.
هذا ما تيسر ذكره من أحكام الزكاة، نسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا من الملتزمين بأحكامه وشرعه، والله يقول: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا [الأحزاب: 72]، وهذه الأشياء أمانات، أمانة في رقبة كل إنسان أن يحصيها إحصاء دقيقًا ويعرف حق الله فيها وإلا فسيكون له من الوعيد ما ذكرنا في الخطبة وهو شيء فظيع لا يطيقه أحد، يتمنى يوم القيامة أنه ذهبت أمواله كلها وأخرجها كلها ولا عذب هذا العذاب، وهذا الشح والبخل في كنز المال وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ [التوبة: 34]، يعني عذابه شديد عند الله ، فلابد من إحصاء هذه الأشياء بدقة، بعض الناس يأخذ قبضة من المال ويقول: هذه زكاة لا يحصي ولا يعرف ولا شيء، ما هكذا أمرنا الله، ولا هذا من معاني الإسلام الذي هو الاستسلام لله بالطاعة، فلذلك ينبغي على كل مسلم أن يزكي ما عنده وينصح الآخرين، قد تكون الآن أنت عرفت أشياء في هذه الجلسة لا يعرفها آخر من الناس، أب، أخ، زوجة، أم، جار، صديق، لابد أن تخبره بهذا، وتعرفه حق الله في هذه الأشياء، وفقنا الله وإياكم لطاعته وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
ولا يجوز دفع الزكاة للزوجة ولا الأولاد والأم؛ لأن هؤلاء ممن تجب النفقة عليهم، لكن يجوز دفع الزكاة للأخ الفقير أو الأخت الفقيرة أو العم الفقير أو الخال الفقير، ويجوز أن تدفع المرأة زكاة مالها لزوجها الفقير، لكن يقول الشيخ ابن عثيمين: ويجوز الزوج أن يدفع في الرجل أن يدفع زكاة ماله لأبيه إذا كان على أبيه دين، يعني ليسدد بها دينًا لأبيه أو لزوجته يجوز أن يدفع من زكاة ماله لزوجته أو لأبيه إذا كان يسدد ديوناً عنهم، لأن الديون شيء والنفقة شيء آخر، يعني النفقة على زوجتك وأولادك وأبيك وأمك، والنفقة هنا تعني أن تطعمهم، تشربهم، تسكنهم، تلبسهم، لكن النفقة لا يدخل فيها سداد الديون، ما يجب عليك شرعًا أن تسدد ديون أولادك، أو ديون أبيك، أو ديون أمك، ما يجب عليك، لكن أخرجت من الزكاة سدادًا لدين أبيك، أو دين أمك، أو دين زوجتك، يجوز، هذا كلام الشيخ ابن عثيمين؛ لأن الدين شيء والنفقة شيء آخر، والله أعلم.