إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيتها الأخوات الحاضرات الكريمات: السلام عليكن ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فهذه فرصة طيبة نلتقي في هذا المكان من وراء هذا الساتر لكي نتحدث وإياكن عن موضوع بعنوان: "نصيحة للمرضة المسلمة"، وسيكون الكلام عاماً عن بعض الأمور المتعلقة في مجال العلم لكل من تعمل في مثل هذه المستشفيات.
وأقول: أيتها الأخوات:
فروق مهمة بين الممرضة المسلمة والكافرة
أولاً: أن المرأة المسلمة تختلف تماماً عن المرأة الكافرة في سلوكياتها وأعمال قلبها، وأعمال جوارحها؛ لأنها تنظر للأمور بمنظار يختلف عما تنظر به المرأة الكافرة، وأنتن ولا شك يحصل منكن احتكاك ببعض الممرضات الكافرات المنتشرات في كل المستشفيات، وترين بأنفسكن الاختلاف الحاصل بالسلوك، أو المفروض أن يحصل بين المرأة المسلمة التي تعمل في مجال الطب، سواء كانت طبيبة أو متدربة، أو ممرضة، ونحو ذلك.
فنقول: إن المرأة الكافرة لا تؤمن بالله رباً ولا بالإسلام ديناً، ولا بمحمد ﷺ نبياً ورسولا، ولذلك فهي تعمل لأجل كسب الراتب، وتحويله إلى بلدها مثلاً، أو الاستمتاع والعبث به، إن كانت هنا وهي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولذلك فإن المرأة الكافرة إن حصل عندها نوع من الاعتناء بالعمل فهو من أجل النقود، أو حتى يكون التقرير المكتوب عنها تقريراً حسناً، فتستمر بالعمل، ولو سنحت لها فرصة للإهمال لأهملت، وإذا غاب الرقيب فسد العمل ولا شك؛ لأنه ليس هناك شعور أصلاً بأن الله مطلع مراقب، وبأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وبأن الله مع الإنسان أينما كان هذا الإنسان فهو معه بعلمه؛ كما قال : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [سورة الحديد:4].
ولذلك فما نراه من سلوكيات هؤلاء النساء الكافرات إنما هو نتيجة طبيعية لعدم إيمانهن بالله، وعدم شعورهن برقابة الله ، ولذلك فإن غاية ما يفكرن به هو الاستمتاع بهذه الحياة الدنيا، ولذلك فعندما يحدث نوع من القلق أو الخزف، أو الاضطراب نتيجة بعض الأحداث ترى هؤلاء النسوة الكافرات يحاولن النفاذ بكل وسيلة أو الهرب، لأنهن يخشين من انقطاع هذه الحياة التي لا يعرفن إلا هي، وليس عندهن تفكير أصلاً فيما بعد هذه الدنيا، ولذلك الدنيا عندهم هي كل شيء؛ كما قال ربنا : يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [سورة الروم:7].
وهؤلاء يأكلون، يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ [سورة محمد:12]، ولذلك فالهم كل الهم عندهن هو جمع المال في هذه الفترة، والإنفاق منه في الإجازات بأنواع الملذات والاستمتاعات المحرمة، ولذلك نلاحظ التفلت من هؤلاء النسوة في المستشفيات مثلاً من جهة الحجاب، ومن جهة اتخاذ الأخدان، وسهولة الكلام والمزاح مع زملائهن -إن صح التعبير- من الممرضين والعاملين الآخرين من بني جنسهن من الكفار.
أسباب اختلاف الممرضة المسلمة عن الكافرة
وهذه المقدمة في وصف حال هذه المرأة الكافرة ضرورية جداً لعقد مقارنة بين المرأة المسلمة وهذه المرأة الكافرة، فالمرأة المسلمة تختلف اختلافاً تاماً في عقيدتها وفي سلوكياتها، وفي أعمال جوارحها وعباداتها ومعاملتها للبشر؛ ونحو ذلك؛ فإنه أولاً: تعلم المرأة المسلمة بأن الله فوقها، وأنه معها، وأنه يطلع عليها، ولذلك فلا تستطيع أن تهمل في الواجب، أو أن تقصر، ولو أن امرأة كافرة غفل عنها المسؤول في مسألة تبديل ثياب المرضى أو شراشف أسرة المستشفى، فإنه ربما تتركها دون ما تغيير.
وكذلك ما يلاحظ مثلاً في سلات المهملات والتنظيف بالنسبة للعاملات، ونحو ذلك.
ولكن المرأة المسلمة لا تستطيع أن تهمل ولو غاب الرقيب، ولو غاب المسؤول؛ لأنها تعلم أن الرقيب البشري إذا غاب فإن هناك رقيب آخر لا يغيب أبداً، ألا وهو الله ، يعلم ويطلع سواء كان المسؤول البشري موجود أو غير موجود، فالله مطلع دائماً مراقب لعباده لا يغيب عنه أحد.
ولأجل ذلك فلا تستطيع الممرضة المسلمة أن تهمل في هذه الأشياء؛ فهي تؤدي واجبها بإتقان.
ثم أنها تنظر إلى هذا الأجرة التي تقبضها على أنها معينة لها في مواجهة تكاليف الحياة، وأنها تنظر إلى العمل بنوع من الإخلاص لله ، وقد تؤديه أيضاً من جهة أنها تنفع المجتمع المسلم، ولذلك فهي لو عرض على المرأة المسلمة أن تخدم في مجتمع كافر فإنها لن تفعل ذلك، إذ ما هي الفائدة التي تجنيها من الخدمة في أوساط الكفار.
ولذلك فالمرأة المسلمة العاملة في الحقل الطبي تنظر من خلال عملها إلى نوع من الأجر الأخروي أيضاً في مسالة الإعانة والمساعدة والرأفة والرحمة والشفقة المتعلقة بهؤلاء المرضى الضعفاء، ومن يقف مع الضعيف فإن الله يكون معه.
انضباط الممرضة المسلمة بالملابس الساترة بخلاف الكافرة
ومما أيضاً يفرق بين المرأة المسلمة والمرأة الكافرة في مجال الطب: أن المرأة الكافرة ليس عندها ضوابط في الملابس أو في المظهر، وأما المرأة المسلمة فإنها تنضبط بتعاليم هذا الإسلام، وهذا معنى: رضيت بالله رباً، وبالإسلام دينا، فلو أنها لا ترتضي الإسلام دينا، فإذًا لن تتمسك بهذه التعليمات الربانية.
انضباط الممرضة المسلمة بالحجاب
ولذلك فالمرأة المسلمة تنضبط بالإسلام من جهة الحجاب مثلاً، فهي لا تكشف من جسدها شيئاً البتة أمام الرجال الأجانب إلا ما دعت الحاجة إلى كشفه كالعنين مثلا، ولذلك فهي تحجب وجهها، وتحجب أيضاً كفيها وقدميها، وسائر جسدها، فضلاً عن شعرها ورقبتها ونحرها أمام الرجال الأجانب، ولذلك كان عمل المرأة وسط الرجال عملاً صعباً، وعملاً فيه نوع من الحط من شأنها، والغض من قدرها، ولذلك كان المناسب أن تعمل المرأة المسلمة وسط النساء المسلمات في مثل حقل أمراض النساء والولادة، ونحو ذلك من التخصصات التي تحتاج إليها المرأة المسلمة في عرض نفسها على الطبيبة، أو في العناية بها من قبل الممرضة، ونحو ذلك.
تجارب ناجحة في إيجاد مستشفيات خاصة بالنساء
ولذلك كانت هناك تجارب ناجحة في بعض المجتمعات الإسلامية في إيجاد مستشفيات خاصة بالنساء من الطبيبة إلى العاملة مروراً بالممرضة، وغيرها من الفنيات العاملات في الأشعة، أو الصيدلية، ونحو ذلك من الأشياء التي تخدم المريضة المسلمة.
ويعتبر هذا النجاح معبراً فعلاً عن رقي نظرة الإسلام إلى فصل الرجال عن النساء ما أمكن ذلك؛ فأما إذا لم يكن هناك بد من استخدام الرجال في بعض القطاعات الإدارية مثلاً في إدارة نفس المستشفى بمكان منعزل، فهذا لا بأس به، والتقنية العصرية لا شك أنها تستطيع أن توفر عزلاً تاماً من خلال هذه التجهيزات المكتبية، وهذه المنشآت البنائية، وهذه العمليات التي يسهل فيها نقل الأشياء من النساء إلى الرجال دون اختلاط واحتكاك بين المرأة والرجل.
والعجيب أنه في الوقت الذي يصر فيه بعض الفسقة من المسلمين على الاختلاط؛ فإننا نجد في الدول الكافرة أن المرأة إذا قالت: أريد أن تولدني امرأة، أو تكون الطبيبة امرأةـ، أو الممرضة امرأة؛ فإنهم يهتمون بنفسيتها، ويهتمون بمطلوبها ورغبتها، فيحققون ذلك لها، إذ أن المرأة مهما بلغت في السفول، ومهما بلغت في الانحطاط فإنه يبقى عندها في كثير من الأحيان نوع من الحياء الذي يعتريها ولو أحياناً لكي يوخز ضميرها، ويقول لها: على ما تكشفين على الرجل، وعلى ما تعرضين أو ينظر إلى العورة المغلظة منك؟ ولذلك فإن النساء التي يتوجهن إلى قطاع النساء والولادة أو أمراض النساء والولادة جديرات فعلاً بالاحترام من جهة أنهن عرفن الثغرة التي ينبغي عليهن أن يقمن بسدها.
انضباط الممرضة المسلمة بتعاليم الإسلام وأحكامه
ومن جهة أخرى فإن المرأة التي رضيت بالإسلام ديناً تحتكم إلى لإسلام من جهة عدم التبرج، وعدم إظهار الزينة، ولذلك فإنه ما معنى أن نقوم المرأة مثلاً بلبس حجاب أو غطاء رأس يحيط به من جوانبه هذه القطع اللماعة التي تصدر ألواناً، أو التي ينعكس عليها الضوء فتلفت الأنظار، والتي تكون محيطة بطرف هذا الغطاء، فنقول: إذا كانت المرأة المسلمة مسلمة فعلاً، وتريد أن تحكم الدين، وتخاف الله، وتخشى يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا [سورة لقمان:33].
إن المرأة التي تعلم أنها ستنقلب إلى ربها يوماً من الأيام، وأنها ستواجهه، ولن يحول بينه وبينه لا رئيس ولا مدير، ولا رئيس أطباء، ولا كبير مشرفين، ونحو ذلك من أنواع المسؤولين؛ لأن المسؤولية ستكون فردية أمام الله، وربنا يقول: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا [سورة مريم:95].
وسيكون السؤال كما قال الله: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [سورة المدثر:38]، فهي مرتهنة ومحبوسة بما كسبت لا ينفع أحد أحداً، حتى هذه البنت المتعلقة بأمها تعلقاً شديداً في الدنيا فهي تشاور أمها دائماً، وتزور أمها دائماً، وإذا مرضت جاءتها أمها، وإذا ولدت وذهبت في فترة النفاس إلى أمها كي تعتني بها الأم في فترة النفاس التي تحتاج إلى مزيد من الرعاية؛ فإن الأم هذه لن تغني عن البنت من الله شيئاً في اليوم الآخر، والبنت لن تغني عن الأم من الله شيئاً في اليوم الآخر، وعندما يرى كل واحد منهما الآخر يقول: إليك عني فإني اليوم مشغولة من أهوال ذلك الموقف، وذلك الحساب.
فأقول: هذا الفرق بين المسلمة والكافرة، الكافرة لا تؤمن أن هناك يوم آخر، ولا تؤمن أن هناك منقلب ولا حساب ولا جزاء ولا جنة ولا نار، ولا بعث ولا نشور، فهذه المرأة لأي شيء تمتنع عن المحرمات؟ وما هو الذي يضبطها عن فعل أنواع الفسق والفجور؟ لا شيء، ومن الذي يمنعها من التقصير في العمل؟ لا شيء.
إلا المرأة المسلمة التي تعلم بأن لكل ذنب عقوبة، وأن الله شديد العقاب، كما أنه غفور رحيم .
أقول: هذه المرأة لن تقوم بالتبرج وإظهار مقدمة الشعر مثلاً، أو وضع المساحيق والمكياجات من أحمر على الشفاه، وخضرة على الخدين، أو العينين، وكحل على زوايا العينين، أو نمص الشعر، أو شعر الحاجبين، أو شعر الوجه، لن تقوم بذلك؛ لأنها تعلم أن هذا حرام في الشريعة، وأن كل غمسة من غمسات المكياج على شعرها قد تغمسها في نار جهنم، إذا لم تتب إلى الله، فهي بالتالي لن تقوم بهذه الأشياء.
وكذلك من أنواع الأمور المحرمة مثلاً: لبس هذا الكعب العالي الذي يصدر صوتاً يجذب الرجال، وقرقعة على البلاط، وقد يعرضها للسقوط، أو يبديها بأطول مما هي عليه، أو يبدي عجيزتها مثلاً، أو يسبب لها تكسر في مشيتها؛ لأنها تسير على حافة تخشى أن تسقط فهي تحاول أن تحافظ على توازنها، وبالتالي ستكون مشيتها غير طبيعية، وملفتة للنظر، وأيضاً الله نهى النساء أن يضربن بأرجلهن لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ [سورة النـور:31].
ونهى أن تخضع المرأة بالقول حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض.
وينبغي على المرأة أن تعلم أنها لو كان قلبها سليم، لو لم تكن معرضة للفتنة، أو تظن أنها بعيدة عن الفتنة، أو تظن أنها شريفة وفاضلة، أو.. أو.. إلخ.. فإنها قد يكون فعلاً هذا صحيح من جهة أنها لن تتورط في علاقات محرمة مع الرجال، ولكن قد تكون فعلاً عندها صلابة، صمود أمام الانزلاق مع الرجل، ولكن ماذا يكون الموقف بالنسبة لفتنها هي فإنه ليس كل الرجال عندهم هذا الشرف والخوف من الله، أو التورع عن المحرمات.
فقد تقول: أنا لا أفتتن، ولا أقع في محرم، ولكن الرجل هو الذي يقع، والرجل هو الذي يتأثر، ورسول الله ﷺ لم يترك بعده فتنة أضر على الرجال من النساء من جهة أن المرأة بما أودع الله فيها من معالم الأنوثة فإنها تكون جاذبة للرجل، ولذلك لا أرى أبداً صحة هذه الحجة التي تستخدمها بعض النسوة عندما يقال له: تحجبي، خافي الله، لا تضعي المكياج، لا تلبسي هذا الكعب العالي الذي يصدر هذا الصوت وهذه المشية، تجنبي الحديث مع الرجال الأجانب، والمزاح، فتحتج وتقول: أنا قلبي نظيف، وأنا نفسي ما فيها شيء، نقول: افترضي ذلك، لكن هل تضمنين سلامة قلوب الرجال الذين تخاطبينهم أنتِ، وتمشين بينهم أنتِ، وتتزينين أمامهم أنتِ؟ لا تضمنين ذلك، بل إذا صرت مصدر فتنة للرجل، فتأثر الرجل فلا شك أن المسبب للفتنة يدخل في العقوبة، ويدخل في عذاب الله إذا لم يتب إلى الله .
وكذلك فإن الخوف من الله هو الذي يمنع المرأة حقيقة من الوقوع في كثير من الأمور المحرمة؛ فمثلاً: التساهل في الاختلاط بالرجال، والجلوس بينهم، والمزاح معهم، كما نرى أحياناً مزاحاً بين طبيبة أو ممرضة ورجل أجنبي عنها، ومعنى رجل أجنبي: ليس هو الرجل الأمريكي أو البريطاني أو الألماني، وإنما الأجنبي هو: غير المحرم، فابن العم رجل أجنبي، وابن الخال أجنبي، وابن الجيران أجنبي، والمريض من غير المحارم أجنبي، ولذلك فلا يصلح أبداً هذا المزاح مطلقاً، وينبغي على المرأة المسلمة أن تحاول بكل وسيلة أن تخدم النساء بطبها، وتمريضها، ونحو ذلك.
نصيحة للمرأة المسلمة الموظفة
وأقول كلمة نصيحة: بعض النساء قد تضطرها ظروف الحياة إلى العمل، فأقول: إن الأصل طبعاً أن تبقى المرأة في بيتها مصونة، عفيفة، لكن قد تحتاج إلى الخروج، وإذا خرجت لا بد أن تؤذى لابد، بنظرات وكلمات، ونوع من الامتهان الذي تتعرض له، والاستغلال، ولذلك لأن الذئاب كثر، ولأن الأشرار منتشرون، وهذا زمان قد بعد الناس فيه عن دين الله، لا يؤمن على أحد فيه من الفتنة، ولا من الشر، ولذلك فنقول لها: إذا اضطررت فاحرصي أن تكوني في وسط نظيف، وفي وسط النساء تخدمين في هذا القطاع، وهذا الراتب الذي تأخذينه حاولي أن تجعلي منه جزءًا للصدقات؛ لأن النبي ﷺ قال: يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فكأن امرأة استغربت وقالت: لم يا رسول الله صرنا نحن النساء أكثر أهل النار؟ ما ذنبنا؟ فقال: لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير[1] يعني: الزوج وكفران الزوج بأن تجحد نعمته عليها، وإنفاقه عليها، ونحو ذلك، وهذا لا يعني أنه لا يوجد هناك أزواج أشرار، ولا أزواج بخلاء، ولا أنه لا يوجد أزواج يلعنون زوجاتهم، ولا أنه لا يوجد أزواج هم يجحدون حق الزوجة، وتكون المرأة من أحسن ما يكون، وزوجها من أسوأ ما يكون، هذا موجود لكن الرسول ﷺ ذكر الأسباب التي تؤدي بالمرأة إلى النار، فينبغي أن تجتنب سواء كانت المرأة واقعة فيها، أو تخشى أن تقع فيها.
فإذًا، تجعل من راتبها مثلاً نصيباً للصدقات وتبر به أهلها، مثل: الأبويين الأم والأب، الإخوة تساعد منه، وتدخر منه لا بأس بما تحتاج إليه في المستقبل، أو أنها مثلاً تساعد به زوجها لو كانت متزوجة.
ويوجد هنا نوع من التساؤل عن قضية إعطاء الزوج بعض المرتب لعلنا نلقي الضوء عليه في نهاية هذا الدرس.
عمل المرأة المسلمة في قطاع التمريض
وأقول أيضاً: بالنسبة للمرأة التي تعمل في قطاع التمريض مثلاً: إنه إذا كان هناك رجل يقوم بالعمل فلا يصح للمرأة أن تقوم بهذا العمل الذي فيه احتكاك بالرجال أبداً، لا يجوز لها أن تقوم به إلا عند الضرورة القصوى.
وإنني من خلال دخولي لبعض المستشفيات في مناسبات لا بد أن يتعرض لها الإنسان، فإن من الملاحظ أموراً من المنكرات مما يتعلق مثلاً: بالممرضات والطبيبات وحتى العاملات، فمن ذلك مثلاً: التبرج، وهذا قد تكلمنا عنه، وأنواع الزينة والمكياج والكعب، ونحو ذلك.
وينبغي أن لا تتساهل المرأة في مثل هذا أبداً فقد يكون هذا من أسباب دخول النار إلا إذا تابت إلى الله .
تحريم خلوة الطبيب بالممرضة
ثانياً: نلاحظ أحياناً خلوة بين الطبيب والممرضة، فأدخل مثلاً على عيادة طبيب لمراجعته فألاحظ أن الباب كان مقفلاً، وأنني عندما فتحته كانت الممرضة موجودة مع الطبيب لوحده في الغرفة بحجة أنها تساعده في تنسيق الأوراق، وحمل الملفات، والمناداة على المرضى، وتجهيز ميزان الحرارة والضغط، ونحو ذلك من الأشياء الثانوية، والتنظيف، والمناديل وإلقائها في القمامة، ونحو ذلك من الأشياء.
أقول: إنه من غير الجائز على الإطلاق شرعاً أن تخلو المرأة بالرجل في غرفة مغلقة حرام لا يجوز: ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان كما قال ﷺ[2].
ونقول: على الأقل مما يهون الموضوع: أن يبقى باب الغرفة مفتوحاً مثلاً، مما يهون وليس مما يدرأ الشر بالكلية أن يبقى باب الغرفة مفتوحاً على الأقل، أو أن تصمم المستشفيات بحيث أنه يكون هناك زجاج مثلاً، بحيث أن المار في الغرفة يرى كل شيء فيها، ولكن قد لا يتوفر هذا ولا يحصل، لكن لا يجوز للمرأة أن تخلو بالرجل ولو قالت: هذا طبيب عالمي، وهذا رجل لا تشرئب نفسه للنساء، وهذا إنسان ليس له نفس دنيئة، وهذا.. وهذا..، ولكن القاعدة عندنا: لا يجوز أن يخلو رجل بامرأة البتة، ولو كان أبو بكر الصديق، ولو كان عمر بن الخطاب، لا يجوز له أن يخلو بامرأة حتى لو بالمصعد، مكان مغلق، ولو لفترات محدودة؛ لأن الشيطان لم يمت بعد، ولا زال الشر موجوداً، والفتنة موجودة، ومظنة عمل أي شيء متوقع موجود، ولذلك فإن الشرع الحكيم قد جاء بالمنع من هذا الأمر البتة.
تحريم المصافحة بين الطبيب والممرضة
وكذلك أنبه على قضية المصافحة، فإنه يحدث أحياناً بين مثلاً: الطبيب والممرضة، أو الطبيبة مثلاً، ولعل هذا يكون نادراً إن شاء الله لكن للمعلومية والتذكير فإنه عليه الصلاة والسلام قال: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له[3]، هذا المغرز الإبرة الكبيرة التي تخاط بها الأغطية السميكة، هذا المغرز لأن يطعن الإنسان به في رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحل له، وكذلك المرأة في أن تمس رجلاً لا يحل لها.
لمس الممرضة ليد الرجل المريض
وكذلك نلاحظ مثلاً أن المرأة عندما تقوم بأخذ الضغط فإنها هي التي تمسك يد الرجل المريض، وتحسر كم الثوب عنه، وهي التي تحيطه بهذا الجهاز، وتمسك يده لتنفخ في ذلك الجهاز، فيقيس الضغط، أو أنها تمسك بطرف الوريد أو طرف الشريان عند المعصم لتقيس نبضات القلب، وهذا كله حرام، لا يجوز أن تقوم به امرأة أجنبية لرجل أجنبي، هذا محرم وإن اصطلح الناس واتفقوا وعم وانتشر وذاع، وصار كل الناس يستخدمون هذا، ولا يوجد مستشفى إلا وفيه..، كل هذا ليس سبباً أبداً.
الله يوم القيامة لن يقول للإنسان: لم عملت كذا؟ قال الإنسان: لأني رأيت كل الناس يعملونه، لن يقول ربنا له: إذًا نعم، تفضل، لقد أسقطنا عنك الذنوب؛ لأن كل الناس كانوا يفعلونه، بل: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ [سورة الأنعام:116]، وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [سورة يوسف:103]، ونحن في عصر غربة الإسلام، وطبيعي أن نتوقع أن هذه الأفكار تكون غريبة، وتكون شاذة في بعض الأحيان، ولا يتقبلها بعض الناس، وقد يتهموننا بالرجعية والتخلف، ويقولون: تطور الناس وأنتم لا زلتم تقولون: لا تمس الممرضة الرجل، ولا يمس كذا وكذا، نقول: شرعنا أحب إلينا منهم، ودين الله عندنا غالٍ جداً، وأرواحنا مقدمة في سبيله، فإذًا من باب أولى أن نثبت عند هذه الأشياء التي تبين فيها حكم الشرع والدين.
المزاح والضحك مع الممرضات
ومن جهة أخرى فإننا نلاحظ أحياناً ولو كان هذا الحمد لله ما رأيناه كثيراً من الممرضات من المسلمات، ولكن نلاحظ أيضاً من الممرضات الكافرات في المزاح والضحك، وخصوصاً بين العاملات والفنيات مع العاملين والفنين، ونحو ذلك، والممرضين والممرضات، نلاحظ هذا الضحك، رأيت بأم عيني مرة من وراء زجاج إحدى الغرف في المستشفى عاملة أو ممرضة تمزح مع آخر لدرجة أنه مع شدة المزاح، ألقى نكتة أو طرفة ثم رفع يده لكي ترفع هي يدها فيضرب يده بيدها، كما يحدث بين بعض المتمازحين، لكي يستغرقون في النكتة، أو الطرفة، والضحك، ونحو ذلك، وهذه من الأمور التي تدل على انحطاط وعلى سفول في تصرف هؤلاء الناس.
-طبعاً- الناس الذين لا يخافون الله يجب أن نتوقع أي شيء منهم، ولذللك لا بد من إحلالهم بمسلمين، وإحلال أولئك النسوة الكافرات بمسلمات حتى يرتقى الوضع لدينا، من ناحية التمسك بشريعة الله .
تفقه الممرضة المسلمة في علوم الشريعة
ومن جهة أخرى فإنني أقول أيضاً: إن الممرضة المسلمة أو الطبيبة ينبغي عليها أن تتعلم من علوم الشرع ما تحتاجه في عملها، فمثلاً: قد تصادف مثلاً امرأة تسأل عن بعض أحكام الطهارة، بعض المرضى أو المريضات قد تسأل أو لا تسأل ولكن تحتاج إلى معرفة كيف تتطهر، الأنبوب الذي يخرج منه البول باستمرار من تحت السرير كيف تكون الطهارة؟
التي لا تستطيع أن تذهب إلى دورة المياه، التي دائماً تنزف باستمرار، والفراش ملوث بالدماء، والثياب أيضاً ملوثة بالدماء، ولا تستطيع أن تذهب، وقد تحتاج إلى رمل نظيف لكي تتيمم عليه، من الذي يقدم لها هذه المعلومات؟ قد لا يتسنى لها الاتصال بشيخ أو أحد من أهل العلم لتسأله، فينبغي على الممرضات والطبيبات أن يكون لديهن نوع من الاطلاع بكيفية مثلاً: إرشاد هؤلاء المريضات إلى أنها إذا كان يخرج منها النجاسة باستمرار وتنزف باستمرار، فإنها تصلي على حسب حالها، وإذا تستطيع تتوضأ، وإذا ما تستطيع تتيمم، وأن تتوجه إلى القبلة، وإذا أمكن توجيه السرير إلى القبلة لابد للمرضة أن تساعد في توجيه السرير إلى القبلة، وأن يكون هناك مثلاً: إرشاد إلى قضية جمع الصلوات بالنسبة للمريض دون قصر، وإنما جمع فقط إذا شق عليه أن يأتي كل صلاة في وقتها.
وكذلك مثلاً يكون عندها نوع من العلم بقضية أحكام الحيض والنفاس، لأن بعض المريضات قد تسأل: هل هذه دم عادة، أو غير دم عادة؟
وينبغي أن يكون فيه نوع من القراءة والاطلاع للكتب التي ذكرها بعض أهل العلم، الذين تكلموا فيها عن أحكام الحيض والنفاس حتى يكون هناك جواب؛ لأنه لا نفترض أن المريضات عندهن اهتمام، بل ينبغي أن تثار القضية، يعني: هل رأينا مثلاً ممرضة ذكرت مريضة بالصلاة، فقال: هل صليتِ؟ أو هل تحتاجين مساعدة في الصلاة؟ أو تحتاجين مساعدة في الطهارة،؟
-طبعاً- في كثير من الأحيان قد لا نجد هذا الاعتناء.
اعتناء الممرضة بستر عورة المريضة
وكذلك بالنسبة لمسألة ما يتعلق بستر العورة، فهل مثلاً عند الممرضات اعتناء بقضية المرور بين الأسرة، فإذا لاحظت انكشاف عورة امرأة غطتها، خصوصاً إذا كان هناك وقت الزيارة يدخل فيها الرجال بين الأسرة، ولا يجوز لهم أن ينظروا إلى النساء في الأسرة الأخرى، فتقوم مثلاً الممرضة بتقفيل الستار، وتغطية المرأة مثلا، أو عند نقل مريضة من غرفة إلى غرفة الأشعة، عبر مثلا ردهات المستشفى.
المريضة قد لا تستطيع المسكينة أن تعتني بتحجيب نفسها وتغطية نفسها، فليس لها بعد الله إلا هذه الممرضة أو هذه الطبيبة التي تعتني بتغطيتها حتى لا يطلع عليها رجل أجنبي، أو أنها تمنع خلو الطبيب بالمرأة فتدخل الممرضة أيضاً لتكون مع المريضة فتمنع الخلوة؛ لأنه إذا كان ثلاثة أشخاص مع عدم الفتنة زالت الخلوة.
قيام الممرضة بعمل ما تسطيع فعله للمريضة دون تدخل الطبيب
وكل عمل تستطيع أن تقوم به الممرضة للمريضة من غير تدخل الطبيب من جهة أخذ الحرارة والضغط، ونحو ذلك، فإن على الممرضة أن تقوم متطوعة احتساباً للأجر، وإلا يمكن في كثير من الحالات أن ترتاح الممرضة ولا تقوم بدور معين، تقول: ليس لي إلا عملي، وأخذ راتبي على قدر عملي، ولا تتدخل في كثير من الأشياء، فنقول: الذي يدفعك فعلاً إلى التدخل هو الرغبة في تحصيل الأجر، هو الغيرة على أعراض المسلمات من أن ينكشف شيء من الجسد.
الرأفة والرحمة والشفقة بالمريضة
وكذلك ما يكون من جهة مساعدة المرضى، الحقيقة أن المبشرين بالنار من النصارى يقومون بأدوار كبيرة جداً في مجال الطب والتمريض، وأظن أنني رأيت في أحد المستشفيات صورة ممرضة قد وضعت إصبعها على فمها إشارة إلى الصمت، وعندما سألت قالوا: هذه أقدم ممرضة جاءت إلى المستشفى، وكانت معروفة بأنها راهبة، وذهبت وبقيت صورتها معلقة على الجدران. يعني: سبحان الله ما يمكن أن نكتب عبارة الرجاء الصمت وعدم الإزعاج، لا بد نضع صورة امرأة متبرجة، واضعة إصبعها على فمها لكي نشير للناس بالصمت؟ أقول: ما بقي عندنا إلا هذه الطريقة، هذا من التقصير، ومن الأشياء الغريبة التي تحصل في بعض المستشفيات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فأقول: إن مسألة الاعتناء، مسألة الرأفة والرحمة والشفقة بالمريضة من الأشياء المطلوبة الآن من الممرضة؛ لأن هذه المريضة قد تكون تئن وتتوجع، هل يوجد مثلاً نوع من التسلية، أو من التصبير والتذكير بالله؟ مثلاً الممرضة تقول للمريضة: اذكري الله، استعيني بالله يا أختي، هذا كله أجر إن شاء الله، وإن المؤمن لا يصاب بشوكة فما فوقها إلا كفر الله به عن خطاياه، ونحو ذلك من العبارات التي تشعر المريضة بأن هناك من يقف بجانبها، ويذكرها بالله.
تلقين الممرضة للمحتضرة الشهادتين
مثال آخر: أحياناً الممرضة أو الطبيبة تجد أمامها محتضراً أو محتضرة امرأة على وشك الموت، أو رجل على وشك الموت، فمع هول القضية والجهل الموجود لا تفعل شيئاً البتة مع أنها ممكن أن تكون ذكرتها بالله، والنطق بالشهادتين عند الوفاة، فيخرج المريض من الدنيا بشهادة أن لا إله إلا الله، ولكن نظراً للجهل الحاصل مثلاً من بعض الممرضات وهن حول المريض لا يحصل هذا التذكير ولا الأمر بالنطق بالشهادتين؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله[4] بل إنه تكون هناك نظرات زائغة من الجميع، أو اضطراب في الموقف، وتحركات الأجهزة، والشيء الوحيد الذي ينفع المحتضر وهو تلقين الشهادتين غير موجودة على الإطلاق، ويخرج نفسه من بين جنبيه وروحه بدون أن ينطق بالشهادتين، مع أنه كان من الممكن أن يكون هناك من يذكره في هذه اللحظات العصيبة بالله ، أو يجعله ينطق بالشهادتين.
وأقول هذا الكلام طبعاً بالنسبة للمحتضرين والمحتضرات، وليس إرعاب أو تفجيع فجيعة المرضى بتلقينهم الشهادتين، ولم يصلو إلى مرحلة الاحتضار بعد؛ لأن هذا قد يكون فيه نوع من الفجيعة، فيظن أنه قد مات أو أنه سيموت لكن إذا كان احتضار فعلاً فإنه يلقن بالشهادتين، وإذا صارت القضية محرجة لا يدرى هل يحتضر أو لا، وقد يموت، وقد يقع له غيبوبة طويلة، ونحو ذلك، فهنا يذكر الله أمامه، الممرضة تذكر الله أمام المريضة، تقول: لا إله إلا الله، سبحان الله، حتى تلك المرأة المريضة تفعل مثل الممرضة، وتذكر الله، فإذا خرجت روحها أو صار لها موت مفاجئ تكون قد خرجت من الدنيا وهي على ذكر لربها .
المتابعة المستمرة للمريضة وعدم الإهمال
كذلك فإن بعض الممرضات يلاحظ منهن جودة في العمل من جهة المتابعة المستمرة، بمراعاة مثلاً: المريضات، عند النداء تكون الممرضة حاضرة، مثلا المريضة تطلب ماءً، تطلب أشياء، فتكون موجودة ولا تتأفف تقول: كل مرة أقوم وكل مرة هذه تناديني، وهذه صاحبة السرير الفلاني فيها كذا، وهذه..، وإنما تفعل واجبها ولا تقول: أنا أخدم على قدر الفلوس، كما يفعل البعض، يقول: أنا أخدم على قدر الفلوس، وإذا وجدت فرصة للتواني تتوانى، هذا فعل ممكن تفعله امرأة كافرة، لكن المرأة المسلمة تحتسب وتقوم، وتقعد وترجع، وتخدم، تزيل وتضع، وهكذا من الأشياء التي فيها إراحة، فإن مجال الطب في الحقيقة مجال يعني: دعوة في نظري من جهة كبيرة جداً؛ لأن المريضة تكون في حالة تقبل لا تتوفر في غير هذه الحالة، فيكون إعطاؤه شيئاً مثلاً من الفتوى الشرعية والنشرات الإسلامية، من الأشياء التي توضع بجانب السرير لكي تقرأها هذه المريضة وتستفيد.
كيفية الصلاة في حال المرض، كيفية الطهارة للمريض، التذكير بالله، مسألة الحجاب الاختلاط، المنكرات الشائعة، تربية الأولاد، أشياء ممكن تجلب وتوضع بدل ما تتسلى المرأة تقعد هكذا، وتسمع لها أغنية، وإلا تسمع لها راديو، وتجلس ما تدري ماذا تفعل، على الأقل يكون هناك شيء تتسلى به لكن شيء مفيد، شيء مشروع، ليت يوجد في المستشفى مثلاً مكتبة صوتية، أو فيها كتيبات صغيرة بحيث أنه من ضمن الخدمات التي تقدمها الممرضة للمريضة، من ضمن الخدمات تقدم لها شيء تتسلى به وتقرأ، وتعرض عليها تقول: هل تريدين كتاباً؟ هل تريدين سماع شيء مفيد من الأشرطة الخطب أو المحاضرات الإسلامية؟
أقول: يا ليت هذه المسألة توجد، ويؤتى بهذه الأشياء المصرح بها رسمياً لتجعل بجانب هؤلاء المريضات لكي يتحول المستشفى إلى مكان دعوة، وإلى مكان علاج للروح وعلاج للعقل والقلب، كما أنه علاج للبدن، فلا يصلح أن نجعل المستشفى فقط علاجاً للبدن، وعلاجاً للأمراض الجسدية، دون انتهاز الفرصة لعلاج الأمراض القلبية، والتذكير بالله ، ورب مريضة قد هداها الله على يد ممرضة أو على يد طبيبة، هذا شيء جديد، أقصد أنه ليس منتشر، ولكن السبق فيه إذا قمتن بالنشاط في هذا المجال، فإن مجال الدعوة في هذا واسع جدا.
وكذلك فإن الاعتناء مثلاً بالأمور الطبية بالنسبة لأخذ الحرارة، وإعطاء الأدوية في الجرعات، وتقديم النصيحة الطبية في ماذا تفعل المريضة، هذا الاعتناء هو اعتناء من صلب الدين، وليس هو أمر يعني: يقدم حسب الراتب، أو يقدم حسب تقدير المسؤولين، فإذا المسؤولين والله قدروا عملنا فنحن نخلص فيه، وإذا ما قدروا عملنا فنقول: كل العالم فيه خراب، وكل الوضع هكذا في خراب، فنحن لسنا مجبورين على أن نعمل، وعلى أن نبذل، وأن نقدم، ويكفي مثلاً الشيء الذي لا نلام فيه فقط؛ لأن كثيرً من الإهمال قد ينتج عنه موت حقيقة، وتكون هذه الممرضة أو الطبيبة عرضة للجزاء الأخروي؛ لأن القتل قد يكون هنا غير عمد، لكن إهمال، وقد يكون شبه عمد نتيجة الإهمال.
ويترتب عليه أشياء من ناحية الدية، ومن ناحية الكفارة، صيام الشهرين، تترتب عليها أشياء كثيرة، ولذلك نقول: إن التفريط الذي يحصل في بعض الحالات والذي يؤدي إلى الوفاة بسبب إهمال الطبيبة أو الممرضة في إعطاء جرعات معينة أو نقل دم، أو نحو ذلك من الأشياء، أو مراقبة حالة المريضة؛ لأن بعض المريضات عندهن شكوى، وتقول: أنا أجلس في الغرفة بالولادة أصيح بالساعات أريد واحدة تأتي مثلاً: لأسألها عن الألم أو المرض أو كذا فأهمل فلا يأتيني أحد، لمدة ساعات أصيح فلا يوجد أحد.
فنقول مثل الحالات هذه الإهمال الذي تشعر معه المرضى بعدم الاهتمام ليس من شيم الإسلام، ولا من العناية التي أتى بها ديننا الحنيف، وينغي أن تشعرن أنكن مسلمات قبل أن تكن طبيبات وممرضات، وأنكن ترعين حق الله قبل أن ترعين حق المستشفى وحق إدارة المستشفى، وأنكن تبتغين الأجر من الله قبل أن تأخذن الأجرة، الأجر من الله، والأجرة من الراتب، ونحو ذلك.
هذا ما سأكتفي بالإشارة إليه في هذا الباب.
والحقيقة أنه ما زال هناك أمور كثيرة ينبغي أن تقال في مسألة التمريض، ولكن الوقت الآن قد طال بنا، ونريد أن نكتفي بهذا القدر، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكن للخير.