الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه، الحمد لله على كل حال.
وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله على كل حال فيما تمر به هذه الأمة من النكبات.
قتل المسلمين والتآمر عليهم
هذه الحال العصيبة والمؤلمة، هذه المصيبة والطامة والداهية، هذه الخيانات والبيع الذي حصل لدماء شعوب المسلمين، وهذه المؤامرات التي عصفت بأرواح هؤلاء المساكين المستضعفين، وهذا الحلف الباطني الحاقد مع الصليبيين الذي أسفر عن هذه النتيجة الفظيعة؛ خيانة وبيع، ومؤامرة صليبية باطنية مشتركة حاقدة على أهل الإسلام.
فالحمد لله على ما قضى وقدّر، ونسأله تعالى اللطف بإخواننا المسلمين.
أيها الإخوة، أيتها الأخوات: إن للمسلم نظرة شرعية ينظر بمنظار الشرع للأمور، ويعلم بأن هذا العلم هو الذي ينجيه، وأن الذي لا ينطلق من العلم الشرعي يزيغ ويضل، وتخطئ مواقفه ونظرته للأمور بسبب تركه لهذا العلم وقواعده، وعدم الرجوع إلى أهله وكتبه.
ولذلك كان لابد لنا عند النظر للواقع وتحليله أن ننظر بعين الشرع من خلال الكتاب والسنة، وكلام العلماء، وهذه وقفات فيما يحدث الآن:
كل شيء بمشيئة الله وحِكمته وحُكمه
أولاً: كل شيء بأمر الله وحكمته وحكمه ومشيئته وإرادته سبحانه، سبحانه إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [سورة مريم:35].
وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [سورة يوسف:21].
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [سورة الحجرات:18].
يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور.
وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء [سورة البقرة:255].
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [سورة الأنعام:59].
وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ [سورة البقرة:216].
وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [سورة البقرة:253].
وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ [سورة محمد:4].
إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [سورة يونس:81].
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ [سورة يونس:40].
والله قدر ما قدر ونحن نستسلم لأمر الله وقضائه وقدره، ولكننا نسعى بإيماننا للتغلب على آثار المصيبة، عقيدة القضاء والقدر فيها تجعلنا نتخطى آثارها: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [سورة الحديد:22].
لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [سورة الحديد:23].
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة التغابن:11].
الثقة بالله تعالى
ثانياً: الثقة بالله تعالى، ثقتنا بربنا، إيماننا به، توحيدنا له، له الأمر كله، نتوكل عليه: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [سورة يــس:82].
نحن نتقرب إليه، ونلجأ إليه، ونعلم أن الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ [سورة الأعراف:128].
ونعلم -أيها الإخوة- أن الأمور ترجع إلى الله مهما حصل من حروب ونتائج وكوارث، وخيانات وبيع، ومهما حصل من تواطئ الباطنية الحاقدين مع الصليبين الباغين مع اليهود المعتدين، أركان المكر الثلاثة في بلاد الإسلام والمسلمين فإن هذا الثالوث الذي يرفع النفاق علماً فوقه ليخدع به المؤمنين، لا يخدع الله ؛ لأنه شَدِيدُ الْمِحَالِ [سورة الرعد:13]، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [سورة الأنفال:30].
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [سورة الفتح:7]، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ [سورة الحديد:5].
ما يشاء كان وما لم يشأ لم يكن، له ملك السماوات والأرض، هو مالك الملك، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء.
نحن نتجه إليه؛ لأنه لا يكشف الضر إلا هو، ولا يرفع البأس إلا هو: وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ [سورة يونس:107]، عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً [سورة النساء:84].
هو الذي يقدر الاقتتال من عدمه: كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ [سورة المائدة:64].
وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ [سورة البقرة:253].
التضرع إلى الله
ثالثاً: إننا نتضرع إلى الله في المصائب: وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ [سورة الأنعام:42].
هؤلاء الأمم السالفة والقرون الخالية أخذهم الله أخذاً أليماً، أخذهم أخذاً شديداً، سلط عليهم فقراً ومرضاً، وآفات ومصائب، سلط عليهم أنواعاً من العذاب، لعلهم يرجعون إليه، ويلجؤون له عند الشدة: فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ [سورة الأنعام:43].
هؤلاء لما نسوا مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً [سورة الأنعام:44].
نعاني ما نعاني ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [سورة الروم:41].
إحسان الظن بالله
رابعاً: إننا نحسن الظن بالله أن الله ناصر دينه، ومعز كلمته، وأنه سبحانه لا يتخلى عن أوليائه، وأنه أنزل الكتاب ليحكم، وأنزل الإسلام ليعم، وأن الله لا يمكن أن يديم الدولة للكفار، ولا يمكن أن تستمر الهيمنة للكفار، نحن نوقن بذلك إيقانا ًتاماً.
وإنما كان ظن السوء وظن الجاهلية المنسوب إلى الجهل من الذين لا يؤمنون بالله تعالى، أو يظنون بربهم أنه لا ينصر الإسلام، ولا ينصر المسلمين، وأنه سيبقي هؤلاء المسلمين في ضعف إلى قيام الساعة، هذا سوء الظن بالله كبيرة من الكبائر.
مقاومة الحروب النفسية
خامساً: نقاوم الحروب النفسية التي يشنها علينا أعداؤنا كما نقاوم الحروب العسكرية التي يشنونها أيضاً، من مبدأ قوله تعالى: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ [سورة آل عمران:139]؛ لأن الله رفع شأن المسلمين، وأخبر أنهم فوق الكافرين، وأن الله وإن ابتلاهم في الدنيا فإنه يرفعهم فوق الكفار يوم القيامة.
وإن هؤلاء الذين يريدون إخافتنا بسلاحهم، والذين يصفون عتادهم لإيقاع الرعب في المسلمين إن هو إلا إرجاف، وهؤلاء المرجفون لهم عذاب شديد يوم القيامة.
وإن كنا سنمشي على خطوات الذين يستجيبون للمرجفين فإن الهزيمة محققة، ولكن أهل الإسلام لا ترجفهم هذه الأشياء.
والله الذي لا إله إلا هو، والذي رفع السماء بغير عمد لو كان صفاً نقياً وقيادة راشدة لتدحرجت رؤوس الصليبيين من أجسادهم، ولارتدت أسلحتهم إلى أبدانهم، ولعلت راية الإسلام عليهم، لكن كيف تكون العاقبة وهذا حال الخونة الذين باعوا دماء المسلمين في الليلة الماضية؟ وكيف يكون النصر من نصيب هذا الحزب الذي رفع الكفر لواءً؟ وكيف تكون الغلبة لمن لم يرفع لواء الدين صدقاً وحقاً أو تستر به ونافق؟
عباد الله: حتى تكون راية نقية وقيادة راشدة تقود المسلمين في المعارك والجهاد لا بد أن تسقط الرايات الأخرى، ولذلك فإن صلاح الدين -رحمه الله- بدأ بإسقاط الباطنيين قبل حرب الصليبيين؛ لأنك ترى أن الباطنيين الآن الحاقدين يستقبلون هؤلاء الصليبيين، نساءهم ورجالهم، يفتحون لهم الطريق، ويمهدون لهم الأوضاع، ويحتفون بهم غاية الاحتفاء، أليس الكفر ملة واحدة؟ ألم ينبهنا إلى هذه الحقيقة؟ ألم يخبرنا بأنهم سيجتمعون علينا؟
إنهم علينا ملة واحدة، وهكذا كان، وهكذا رأينا.
إن هذه الحرب النفسية التي يشنها هؤلاء الأعداء التي هزمت جيوشاً، والتي نكلت وأشاعت الذعر والخوف قبل القتال، إنها سلاح فتاك ماضٍ نواجهه بثقتنا بالله .
إنه هجوم ضارٍ يشنه الأعداء، إنه وعيد ووعد، تهديد وترغيب وترهيب يجتمع معاً في إحداث الأثر المزلزل للنفس حتى يؤدي بها إلى الاستسلام السريع، لكن المسلم يعلم بأن تهويل هؤلاء لا يضره عند الله: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [سورة آل عمران:173].
معرفة العدو وتأصيل عداوته في النفوس
سادساً: لا بد من معرفة العدو، وتأصيل عداوته في النفوس، والله قال: إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا [سورة النساء:101]، وقال: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ [سورة البقرة:217]، وقال: وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [سورة البقرة:120].
فلا بد أن تحيا في النفوس عقيدة البراء من المشركين، وأن نرفعها دعوة إبراهيمية، ونداءً عاليا ًفي وجوههم: كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [سورة الممتحنة:4].
لا يمكن أن نسالمهم، عداوتهم لا تنقطع ولو كانت ألسنتهم طرية تنضح بلسان عذب، والله تعالى قال: كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ [سورة التوبة:8].
وهكذا لا تجوز طاعتهم: إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ [سورة آل عمران:149، 150].
وكذلك فإن الركون إليهم جريمة ومصيبة: وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [سورة هود:113].
وكذلك فإنه يجب أن نربي أبناءنا منذ الصغر على معرفة العدو، وأن نرضعهم عقيدة البراءة من الكفار هذه.
وإن ما يشهده المسلم في الواقع ليؤكد هذه الحقيقة.
جبن الكفار
سابعاً: الكفار جبناء، والله أخبرنا عن حالهم فقال: لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [سورة الحشر:14].
وكذلك فإن النبي ﷺ قد أخبرنا عن حالهم، ووعد الله نبيه بسلاح عظيم، أخبر النبي ﷺ عنه بقوله: نصرت بالرعب مسيرة شهر[1]، ولم يكن بينه وبين الكفار من هو أكثر من شهر، ليس بين المدينة النبوية وبين أي مملكة أخرى من ممالك الكفر إلا شهر فما دونه، هذه الممالك الكبار حوله فارس والروم، وهذه الخصوصية للنبي ﷺحاصلة ولو كان بغير عسكر.
كثيراً ما كان يربط الحجر ببطنه من الجوع، ولا يوقد النار في بيوته، ومع هذا كان الكفرة مع ما عندهم من المتاع والآلات والأسباب في خوف شديد من بأسه ﷺ.
وهل هذه الخصوصية له أو أنها حاصلة لأمته من بعده؟
فيه احتمال ذكره العلماء، وأن الله يؤيد المؤمنين بأن يلقي الرعب في قلوب الكفار، ألم يقل الله: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ [سورة آل عمران:151]؟
ألم يقل الله: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ [سورة الأنفال:12]؟
ألم يأتكم مثلهم وقصصهم من الذين أودعوا حوينات في بيوت السائل المنوي قبل الإتيان للقتال؛ لأنهم يتوقعون أن يقتلوا ويريدون أن يستمر نسلهم من بعدهم، وأن تلقح بويضات نسائهم من هذا السائل بعد موتهم؟ ألم يقولوا بأنهم قد اجتاحهم شعور مدمر؟ ألم يقولوا بأنهم يريدون العودة إلى أرض الوطن حالاً؟ ألم يقولوا بأنهم لا يتحملون الحسرات ولا الخوض في الطين والوحل ولا حر الصحراء ولا العواصف الترابية؟ ألم يحسبوا كل صيحة عليهم؟ ألم يقتل بعضهم بعضاً؟ ألم ينهزموا أحياناً بأدنى سبب؟
إنها فعلاً آية من الله .
وهكذا يُرى منهم من يولي الأدبار حقاً، ومن يضطرب ويتزلزل، ومن يرتجف خوفاً، ومن يتستر ولا يقدر على المواجهة والرعب والذعر في عينيه.
ولا ينزلون يواجهون إلا إذا ضمنوا أن الرجحان لهم كما صارت هذه الخيانة التي جعلتهم يخرجون اليوم.
المحافظة على المكتسبات
ثامناً: لا بد أن نحافظ على النعم والمكتسبات التي حدثت من أقدار الله تعالى وأفعاله في الواقع، ومن ذلك ما حدث من تقارب المسلمين، ومن اقتناعهم بأنه لا يوقف مد الكفار إلا الجهاد في سبيل الله، ومن إيقاف زحف هذه العولمة، ومن افتضاح زيف العدو في شعاراته وراياته، فأين الحرية؟ وأين الإنسانية؟ وأين الحضارة؟ وأين المدنية؟ وأين الإغاثة والإعانة؟ وأين الديمقراطية التي يتشدقون بها وهم يمطرون نساء المسلمين وأطفالهم وشيوخهم وبيوتهم ومنشآتهم دماراً وناراً؟
المستقبل للإسلام والسفال لغيره
وكذلك فإن –تاسعاً-: إيماننا بأن المستقبل للإسلام والسفال لعدونا هو شيء ينبض في عروقنا؛ لأننا نؤمن بالله تعالى.
السفال لعدونا، وأن الله سيهلكهم ويدمرهم حتماً؛ لأنهم ما تركوا معصية ولا كفراً إلا فعلوه، ولا نوعاً من الموبقات التي اقترفتها الأمم السابقة إلا قاموا بها، لقد أشركوا، وكفروا، وزنوا، وارتكبوا الفواحش، طففوا بالمكيال والميزان: فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [سورة الزخرف:25]، وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [سورة الأعراف:86]، وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً [سورة الأنبياء:11].
أليسوا مكذبين؟ أليسوا من المفسدين؟ أليسوا من الظلمة؟
فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [سورة الأعراف:84] أليسوا من المجرمين؟
قال تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا [سورة محمد:10].
فإذا قارنا كفار اليوم بكفار الأمس فسنقول لهم: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِي الزُّبُرِ [سورة القمر:43].
ألم يهلك الله قوم عاد يوم أن قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [سورة فصلت:15]، وهؤلاء يقولون اليوم: من أشد منا قوة؟
ألم يهلك الله قوم لوط؛ لأنهم كانوا يأتون الذكران من العالمين، وهؤلاء يأتون الذكران من العالمين، وعندهم تقنين وإباحة للواط والفاحشة؟
ألم يهلك الله قوماً؛ لأنهم قالوا نفعل في أموالنا ما نشاء. ويطففون المكيال والميزان، ويبخسون الناس أشياءهم، وهؤلاء اليوم ينهبون ثروات الشعوب، ويأخذون الخامات بأبخس الأثمان، ثم يعيدونها مصنعة بأغلى الأثمان، ويدفنون النفايات النووية في بلاد الفقراء، ويضعون الهرمونات والكيماويات والأشياء الضارة في المنتجات، ويسوقونها في العالم.
ألم يضعوا هذا اليورانيوم المنضب الذي يهلكون به الحرث والنسل: وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ [سورة البقرة:205]، فتفسد الزراعات وتفسد الأجنة في بطون أمهاتها، وتتشوه الأطفال عند الولادة، ويموت الناس.
ألم يصدوا عن سبيل الله ويكونوا عوناً لليهود وردئاً، وقد قال تعالى: وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ [سورة الأعراف:86]؟ تهددون؟ ألم يفعل هذا هؤلاء؟ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا [سورة الأعراف:86].
ألم يهلك الله قوماً؛ لأنهم كانوا يأتون في نواديهم المنكر، وهؤلاء عندهم من النوادي التي تعمل فيها أنواع المنكرات الشيء الكثير؟
وقد قال : حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا جاء أمر الله لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ [سورة يونس:24]؟
أليس عندهم صناعة وتقدم وزراعة وتقنية، وظنوا أنهم بهذه الليزريات قد استولوا على أنواع التحكم؟ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ [سورة يونس:24].
فإذاً، نتوقع أن يجعلهم الله حصيداً.
سقوط أنظمة الكفار
وإذا كان -التاسع- أن عندنا من المستندات الشرعية ما يؤكد أن السفال لهم، والهلاك عليهم والدمار محيق بهم، فإن عندنا -عاشراً-: ما يبين أيضاً سقوط أنظمتهم، وأن ما يتباهون به من الحريات التي يريدون نشرها كذب في دجل.
وإننا لنتباشر بسقوط ما يسمى بالشرعية الدولية لما داسها هؤلاء، فليس من شرعية ولا شريعة صحيحة إلا شريعة رب العالمين.
أما هذا القانون الدولي الكفري الذي صاغه هؤلاء لمصالحهم فقد داسوه اليوم، حتى ما صنعته أيديهم قد اعتدوا عليه.
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ [سورة البقرة:204، 205]. ويقولون: جئناكم بالإعانات، جئناكم بالإغاثات، جئناكم بالطعام والشراب.
وبأي شيء جاؤوا؟ بالنار، الدمار، والعار.
وهكذا إذا تكلم: يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وإذا نظرت إلى فعله يهلك الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ [سورة البقرة:205].
معالجة الأمراض المؤدية إلى الهزيمة
والحادي عشر: أننا يجب أن نعالج أمراضنا التي تؤدي إلى هزيمتنا، ومن ذلك: تفرقنا، فلا بد أن نعود إلى الوحدة الإسلامية على المنهاج الصحيح من الكتاب والسنة النبوية، ولا يمكن أن نجتمع مع أهل بدعة كفرية، وأن الأحداث لتدرك ذلك.
ينبغي أن نكون إخوة متحابين، وأن نكون مسلمين متحدين؛ كما قال الله: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ [سورة آل عمران:103].
وهؤلاء التتر لما اجتاحوا بلاد المسلمين كان نتيجة لتفرق المسلمين.
ولما اجتاح الصليبيون بلاد الأندلس لما تفرق ملوك الطوائف.
مما يقبح عندي ذلك أندلس |
أسماء مقتدر فيها ومعتضد |
أسماء مملكة في غير موضعها |
كالهر يبدي انتفاخاً صولة الأسد[2] |
وهكذا حدث في الأندلس المفقود.
وهكذا حدث في اجتياح التتر بقيادة هولاكو لبغداد، دخلوها واقتسموها، وأعملوا السيف فيها أربعة وثلاثين يوماً، حتى بلغت القتلى ألف ألفٍ وثمانمائة ألف، يقول ابن كثير: "وإنا لله وإنا إليه راجعون"[3].
وقال الذهبي: حتى "اشتد الوباء بالشام ولا سيما بدمشق وحلب لفساد الهواء[4].
وهكذا وصف الكارثة ابن الأثير -رحمه الله- فقال: "لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها، فأنا أقدم رجلاً وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً؟"[5].
إحياء سنة قنوت النوازل
الثاني عشر: أننا نأخذ بسنة النبي ﷺ في قنوت النوازل، عندما تنزل النازلة بالمسلمين هذا القنوت السنة لعظيمة، عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قنت شهراً يلعن رعلاً وذكوان وعُصية -قبائل من المشركين غدروا بالمسلمين- وعصية عصوا الله ورسوله" متفقٌ عليه[6].
وعن أنس بن مالك : "كان القنوت في المغرب والفجر"[7].
وفي رواية مسلم: "في الفجر والمغرب"[8].
وعن أبي هريرة أن النبي ﷺ كان إذا قال: سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت: اللهم أنجِ عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنجِ الوليد بن الوليد، اللهم أنجِ سلمة بن هشام، اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر لأن مضر كانوا يومئذٍ كفاراً اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف[9].
وعن أبي هريرة قال: "لأقربن بكم صلاة النبي ﷺ، فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء، وصلاة الصبح، بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين، ويلعن الكفار" متفق عليه[10].
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قنت رسول الله ﷺ شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وصلاة الصبح في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه[11].
تتبين السنة من خلال هذه الأحاديث:
أولاً: أن مشروعية القنوت في النوازل حق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "القنوت مسنون عند النوازل"[12]، وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث.
ثانياً: أن النبي ﷺ قنت في النوازل في الصلوات الخمس كلها، وثبت في البخاري منها: الفجر والظهر والمغرب والعشاء، وأما العصر فقد ثبت عند أحمد وأبي داود بسند جيد.
ثالثاً: أن أكثر ما رواه الصحابة في قنوت النبي ﷺ فيما يظهر من هذه الأحاديث وغيرها: كان في الفجر أكثر شيء، ثم المغرب والعشاء، ثم الظهر والعصر.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: فيشرع أن يقنت عند النوازل يدعو للمؤمنين، ويدعو على الكفار في الفجر، وغيرها من الصلوات، وهكذا كان عمر يقنت لما حارب النصارى بدعائه الذي فيه: "اللهم العن كفرة أهل الكتاب"[13].
وقال أيضاً شيخ الإسلام: "وأكثر قنوته -يعني النبي ﷺ كان في الفجر"[14].
وقال ابن القيم في الزاد النبوي: "وكان هديه ﷺ القنوت في النوازل خاصة، وتركه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر، بل كان أكثر قنوته فيها"[15] في الفجر، لكن ليس خاصة بالفجر.
رابعاً: أن قنوت النوازل إنما يكون في الركعة الأخيرة من الصلاة، وأن محله بعد الرفع من الركوع.
ويتبين أيضاً: أن السنة الاقتصار في الدعاء على النازلة، فليس هذه مناسبة الدعاء للنفس والدعاء بأمور من الأشياء العامة الأخرى، وإنما دعاء للمستضعفين، للمؤمنين، ودعاء على الكفار.
ومن السنة أيضاً: أن يؤمن المأمومين على دعاء الإمام، لكن دون صياح، وقد ورد في الحديث: "ويؤمن من خلفه"[16].
وأخيراً: يسن رفع اليدين في دعاء قنوت النازلة؛ لحديث أنس قال: "فما رأيت رسول الله ﷺ وجد على شيء قط وجده عليهم" يعني حزن يعني القراء "فلقد رأيت رسول الله ﷺ في صلاة الغداة رفع يديه فدعا عليهم" يعني الكفار الذين غدروا بالقراء حديث رواه أحمد بإسناد صحيح[17].
وعن أبي رافع قال: "صليت خلف عمر بن الخطاب فقنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء"، قال البيهقي: "هذا عن عمر صحيح"[18].
حرمة إعانة الكفار على المسلمين
الثالث عشر: إنه لا يجوز لنا بأي حال من الأحوال أن نعين الكافر على مسلم، وأن نبيعه ما يتقوى به على حرب المسلمين، وأن هذه القضية -إعانة الكافر على المسلم- خطيرة جداً، قال الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في رسالته: "نواقض الإسلام": الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعونتهم ضد المسلمين، قال تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [سورة المائدة:51].
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "فمن أعظمها" يعني نواقض التوحيد "أمور ثلاثة.. ثالثاً: موالاة المشرك، والركون إليه، ونصرته وإعانته باليد أو اللسان أو المال"[19]، فالذي يؤيد الكافر باللسان وبالإعلام كافر، والذي يؤيده بالمال كافر، والذي يؤيده باليد كافر مثله: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [سورة المائدة:51].
وقد جاهر الكثير بكفرهم في هذا الزمان.
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله-: "فكيف بمن أعانهم أو جرهم على بلاد أهل الإسلام، أو أثنى عليهم أو فضلهم بالعدل على أهل الإسلام، واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم، وأحب ظهورهم؟!" أحب أن ينتصروا "فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق، قال الله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [سورة المائدة:5][20].
وقال الشيخ حمد بن عتيق -رحمه الله-: "إن مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذبّ عنهم بلسان، أو رضي بما هم عليه، كل هذه مكفرات، فمن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتدٌ، وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين".
وقال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ -رحمه الله-: "ومن أعانهم على المسلمين بأي إعانة فهي ردة صريحة"[21].
وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ -رحمه الله-: "وأما إن خرج معهم لقتال المسلمين طوعا ًواختياراً، أو أعانهم ببدنه وماله، فلا شك أن حكمه حكمهم في الكفر"[22].
وقال الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- وهو يتحدث عن معاونة المستعمرين الإنجليز لمصر في ذلك الوقت قبل عشرات السنين: "أما التعاون مع الإنجليز بأي نوع من أنواع التعاون قلّ أو كثر فهو الردة الجامحة والكفر الصراح، لا يقبل فيه اعتذار ولا ينفع معه تأويل".
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: "وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة، فهو كافر مثلهم، كما قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [سورة المائدة:51][23].
تنقية المكاسب التجارية من الحرام
الرابع عشر: أننا ينبغي أن ننقي مكاسبنا عن التجارات المحرمة مع هؤلاء القوم، وأن نبين لإخواننا الذين يعملون بالتجارات أنه حرام عليهم أن يعقدوا معهم عقود بيع أطعمة أو ملابس أو أشربة أو صيانة أو تركيب أو شحن، أو غير ذلك من الأشياء.
وإن إعانتهم على قتل مسلم جريمة، كما قال النبي ﷺ: لزوال الدنيا أهون على الله زوال الدنيا كلها من قتل مؤمن بغير حق[24]، وقال: من أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع[25].
قال النووي: "وأما بيع السلاح لأهل الحرب فحرام بالإجماع ولو باعهم إياه لم ينعقد البيع على المذهب الصحيح، وبه قطع جماهير الأصحاب"[26].
وكذلك قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": "وفي معنى هذا كل بيع أو إجارة أو معاوضة تعين على معصية الله كبيع السلاح للكفار والبغاة، وقطّاع الطريق، أو إجارة داره لمن يقيم فيها سوق المعصية، وبيع الشمع" يعني الذي يستعمل في أعياد الكفار" أو إجارته لمن يعصي الله عليه"[27]، ويحرم بيع السلاح لأهل الحرب، ولمن يعلم أنه يريد قطع الطريق على المسلمين، أو إثارة الفتنة بينهم.
قال الحسن البصري: "لا يحل لمسلم أن يحمل إلى عدو المسلمين سلاحاً يقويهم به على المسلمين، ولا كراعاً" لو قال: نحن ما نبيعهم سلاحاً نحن نبيعهم أشياء أخرى؟ نقول: لقد قال الفقهاء: "ولا كراعاً ولا ما يستعان به على السلاح والكراع.
إذاً، حتى النقليات، الشاحنات، لماذا؟ لأن في ذلك تقوية للكفار على المسلمين، وباعثاً لهم على شن الحروب ومواصلة القتال.
الحذر من الباطنية والمنافقين
الخامس عشر: أننا يجب أن نحذر حذراَ شديداً من الباطنية الحاقدين، والمنافقين الذين يدعون الإسلام، والإسلام منهم براء.
وأننا يجب أن نأخذ من السوابق التاريخية، وأن نعتبر بما مضى، وأن نستفيد من التاريخ الماضي في نظرتنا للحاضر.
وعلى سبيل المثال: لما تم لهولاكو تدمير بغداد فإن ذلك المجرم لما أقدم تهيب أولاً من غزو عاصمة الخلافة العباسية، وهاب الدخول، وقد أخبره بعض المنجمين نصيحة أن لا يدخل بغداد؛ لأنها عاصمة الإسلام، ولأن طالع النجوم يؤكد أن دخوله لها سيكون شراً ووبالاً عليه.
ولكن المنجم نصير الشرك -الذي يسمي نفسه: نصير الدين- هذا باطني رافضي حاقد، نصير الشرك الطوسي بدد مخاوف القائد المغولي هولاكو، وأقنعه أن تدميره لعاصمة الخلافة سيكون نصراً عظيماً، وعملاً نبيلاً، وأن طالع النجم يؤكد له النصر الكاسح، فسرّ هولاكو ببشائر هذا المنجم نصير الشرك الطوسي، ومضى لغزو بغداد، وما هي إلا شهور قليلة حتى دخل تلك المدينة، استبيحت الأعراض، وسالت الدماء، وطفحت الشوارع والأزقة بالجثث، وكان ذلك التدمير سنة ستمائة وستة وخمسين للهجرة، وقد أجمعت المصادر التاريخية حتى الإفرنجية منها، ومصادر الباطنية أنفسهم، ومصادر أهل السنة على دور ابن العلقمي الرافضي الباطني، ونصير الشرك الطوسي في هذه المؤامرة، وكيف كان باطنية الكرخ يعينون التتر، ويسهلون لهم الدخول ويؤازرونهم.
وقد ذكر هذه الأحداث ابن واصل، وابن كثير، وابن شاكر الكتبي، والسبكي، والمقريزي، والسيوطي، وابن العماد، وغير هؤلاء ممن لا يحصى.
وكان من أمر ذلك الباطني الحاقد أنه توصل إلى وزارة الخليفة وبدأ بمراحل:
أولها: إضعاف الجيش بتسريح أكثر من مائة ألف مقاتل، حتى لم يبقَ من جيش الإسلام في بغداد إلا عشرة آلاف فقط.
ثانيا: الخيانة العسكرية في مكاتبة المغول والتتار سراً، وتسريب الأسرار إليهم، وإخبارهم بنقاط الضعف والثغرات، وإطماعهم وترغيبهم في الغزو والتدمير.
وثالثاً: الإرجاف والحرب النفسية على المسلمين في بغداد.
وهكذا ذكر المؤرخون ما حصل من أنواع الغدر والمؤامرة في هذه المحنة العظيمة، وكان من مؤامرة ابن العلقمي أنه في وقت المحنة أصدر أمراً بفتح سدٍ كان مقاماً على نهر يقع خارج بغداد، فغرق بسبب ذلك الكثير من جيش الخلافة العباسية.
وكان هولاكو قد نظم عمليات الحصار وحركاته خارج المدينة، وتفاقم الخطر بما حصل من الخيانة في داخل أسوار بغداد، وذلك لأن سكان الكرخ والحلة، وحول مشهد الإمام موسى الكاظم اتصلوا سراً بالعدو الكافر.
وهكذا قال المقريزي في معرض حديثه في حوادث سنة ستمائة وأربعة وخمسين: ووصلت جواسيس هولاكو إلى الوزير محمد بن العلقمي وتحدثوا معه، ووعدوا جماعة منهم، وعدوه بعدة مواعيد".
إذاً، كانت هناك مراسلات واتصالات بين الذين سيجتاحون المدينة، وبين هؤلاء الباطنية الخبثاء، كما حصل في هذا الوقت.
وكذلك فإن كتب التاريخ قد نصت أيضاً على الجرائم التي حدثت مثل قتل الشيوخ وسبي النساء، وهتك الأعراض، وهدم البيوت والمساجد، وإحراق المصاحف، وسببي نساء الهاشميين والعباسيين، وقتل الخطباء والأئمة، وحملة القرآن، وتعطلت المساجد والجماعات والجمع مدة شهور في بغداد، وتسلط ابن العلقمي على رقاب المسلمين، كان ذلك من غفلتهم، وطيبتهم، وأنهم لا يدركون ما يحاك حولهم من المؤامرات، ويحسنون الظن بهؤلاء الباطنية، ويظنون أنهم سيدافعون معهم، فإذا بالتتر يمرون من أحيائهم وناحيتهم ليكتسحوا عاصمة الإسلام، فما أشبه الليلة بالبارحة!
فهم المصالح والمفاسد
السادس عشر: أنه لا بد لنا من فقه المصالح والمفاسد لكي نستطيع أن نتخذ المواقف، ولكن هذه المصالح والمفاسد لها أحكام وترتيبات، وفيها دقة، قال العز بن عبد السلام: "من المصالح والمفاسد ما يشترك في معرفته الخاصة والعامة، ومنها ما ينفرد بمعرفته الخاصة، ومنها ما ينفرد بمعرفته خاصة الخاصة" يعني العلماء الكبار، "ولا يقف على الخفي من ذلك كله إلا من وفقه الله بنور يقذفه في قلبه، وهذا جارٍ في مصالح الدارين ومفاسدها"[28].
إذاً، هناك مصالح دنيوية ومصالح أخروية، ومفاسد دنيوية، ومفاسد أخروية، ومصالح الدين تقوم على حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ المال، وحفظ العرض، وحفظ النفس.
وهناك تعارضات قد تحدث، فلا بد من الوعي بهذه المسألة "المصالح والمفاسد".
المصالح والمفاسد ليست بالهوى
السابع عشر: أن هذه المصالح والمفاسد ليست بالهوى، فإن بعض الناس يقول لك: أرى المصلحة في كذا، مع أنها ليست هي، أرى المفسدة في كذا، مع أن هذه مفسدة شخصية عليه هو، تعارضت مع مصلحة المسلمين، فذهب يقدم درء المفسدة عن نفسه ولو أدت بالمفسدة عن إخوانه.
ولذلك لا بد أن تكون القضية ليست نابعة من الهوى، وعندما نقول: حساب الأرباح والخسائر والمصالح والمفاسد، فإننا نعني المصالح والمفاسد الشرعية، والأرباح والخسائر التي تمس الدين والعقيدة والمسلمين، وليست مصالح الجيوب، وليست المصالح والأهواء الشخصية.
درء المفسدة الأعظم بالمفسدة الأقل
الثامن عشر: عندما تعرض المفاسد فإنه لا بد أن ندرأ المفسدة الأعظم بالمفسدة الأقل إذا كان لا بد من فعل إحداهما، قال العز -رحمه الله- في مثال: "التولي يوم الزحف مفسدة كبيرة، لكنه واجب إذا علم أنه يقتل من غير نكاية في الكفار"[29]، فإذا كانت بقيت هذه القلة من المسلمين، لو بقوا أمام الكفار استؤصلوا ولا يستطيعون تحقيق النكاية بالعدو، التولي يوم الزحف كبيرة، لكن إبقاء هؤلاء في ساحة المعركة حتى يحصدوا بالقصف، أي مصلحة في هذا؟ في مفسدة، ويتقوى الكفار، ويحدث عندهم انتشاء، وهؤلاء المسلمون مساكين لا يستطيعون أن يصدوا شيئاً أمام قصف يأتي من فوق رؤوسهم، فيكون انحيازهم من الميدان وانسحابهم إلى مكان يختبؤون به، أو يجمعون صفوفهم مرة أخرى ليكروا على الكفار، إن هذا الانسحاب في هذه الحالة مصلحة عظيمة، وهذا ما رآه خالد بن الوليد في معركة مؤتة.
وهذه القضية التي ينبغي أن يحسب حسابها الآن عندما يكون القصف بالجو على مساحة مفتوحة لا يستطيع الواقف فيها أن يعمل شيئاً في الكفار، ولا أن ينكي فيهم، بينما تحدث عليه وعلى أصحابه النكبات.
معرفة خير الخيرين
التاسع عشر: أنه لا بد من معرفة خير الخيرين أيضاً، فإذا كان معرفة شر الشرين مهم لتدرأ المفسدة الأكبر بالمفسدة الأقل، فإن معرفة خير الخيرين مهم جداً، قال شيخ الإسلام في كتاب: "الاستقامة": "وعلى هذا استقرت الشريعة بترجيح خير الخيرين ودفع شر الشرين وترجيح الراجح من الخير والشر المجتمعين"[30].
إذا اجتمع عندك خير وشر، إما يفوتك هذا الخير، أو ترتكب هذا الشر، قد تكون القضية فيها خير وشر، فهل تفعلها أو لا تفعلها إذا كان فيها خير وشر، فإذا كان الخير أغلب فعلتها، وتحملت الشر الأقل، إذا كان الشر أغلب لا تفعلها، ولو فاتك الخير الأقل، هذا فقه، قال شيخ الإسلام في قوله تعالى: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا [سورة الحـج:40]، وذكر في هذه القضية: تقديم المشرك بالله على المعطل الجاحد الذي يجحد الله بالكلية، وذكر فيها: تقدم الكتابي على المشرك، وذكر لماذا لما اقتتل فارس والروم تمنى المسلمون انتصار الروم على فارس؛ لأنهم أقرب إليهم من الوثنيين عبدة النار.
وكذلك من الأمور المهمة في شر الشرين وخير الخيرين، هذه مسألة دقيقة جداً ومهمة، وقل من يفهما، ما هو خير الخيرين وشر الشرين؟
يعني الواحد ممكن يقول لك: أنا أميز الخير من الشر، وهذا صحيح، يحدث للكثيرين، كثير من الناس يميز بين الخير والشر، لكن أن يجتمع عنده خيران، ويعرف أي الخيرين أعظم، أو إذا اجتمع شران يعرف أي الشرين أسوأ؟ هذه قليلة.
وأنت إذا تصادم عندك عدوان تمنيت أن ينتصر الأضعف، وقد كان الروم أضعف من الفرس لما صارت المواجهة بينهما، فتمنى المسلمون أن ينتصر العدو الأضعف حتى يتفرغ المسلمون له بعد ذلك، وهذه مسألة قد يبنى عليها مواقف.
اختيار الأصلح للقيام بمصالح المسلمين
العشرون: اختيار الأصلح في الجملة لمن يقوم بمصالح المسلمين، وخصوصاً في الفتن والمعارك، قال شيخ الإسلام: "يجب على كل ولي أمر أن يستعين بأهل الصدق والعدل، وإذا تعذر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل، وإن كان فيه كذب وظلم، فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وبأقوام لا خلاق لهم" وذكر قول عمر بن الخطاب: "أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة"[31] إني أجد أمينا لكنه ضعيف لا يستطيع القيادة، وأجد قويا في القيادة لكن ما عنده أمانة أو أمانته قليلة. ولذلك أفتى شيخ الإسلام بجهاد الصليبيين، وجهاد التتر مع أمراء الجور ولو كانوا يشربون الخمر، إذا كانوا هم القادرين على قيادة الجيش، وقال: إذا وجد أمين تقي نقي لكنه ضعيف في القيادة، ووجد واحد قوي ماهر خبير بالحروب لكنه فاسق، في الحالة هذه أيهما تقدم؟ تقدم القوي الماهر؛ لأن مهارته تنفع المسلمين، وفسقه على نفسه.
بينما لو قدمت الآخر التقي النقي تقواه لنفسه، لكن ضعفه سينعكس سلباً على المسلمين، وهذه من القضايا الكبيرة؛ لأنه لا يتأتى دائماً وجود القوي الأمين.
فإذاً، المسألة مسألة موازنات، لماذا الإمام أحمد سامح المعتصم الذي ضربه في فتنة خلق القرآن؟ لما قضى على فتنة بابك الخرمي، ولما فتح عمورية وانتصر على الروم والنصارى، الإمام أحمد لما رأى المعتصم، على أخطاء المعتصم، وعلى انحرافات المعتصم، لما رأى أن المعتصم فعل هذه الخدمة العظيمة للإسلام وفتح عمورية سامحه على ما كان قد ألحق به من الضرر.
وهكذا يؤيد الله الدين بالرجل الفاجر.
وقد مدح شيخ الإسلام طوائف من بعض الناس الذين عندهم بدع في الصفات كالكلابية والكرامية والأشعرية، مدحه في جانب معين، تصديهم للمعتزلة والرافضة، والزنادقة والملحدين، قال: هؤلاء عندهم أخطاء كذا كذا، وبدع كذا كذا، لكن لهم حسنات، ردود على المعتزلة، الناس الأكثر بدعة، أو على الملاحدة والزنادقة والكفار، فذكر لهم إيجابية.
وهكذا فإن هذه القاعدة العظيمة: اختيار الأصلح ولو كان فيه فسق على الأمين الضعيف مراعاة لمصلحة الإسلام، واستشهد بأدلة منها: قضية أن النبي ﷺ منع أبا ذر أن يتولى على مال يتيم مع أن أبا ذر صادق أمين، وقال ﷺ له: ما أضلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر[32]، ومع ذلك قال: يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرنّ على اثنين أنت لا تستطيع القيادة، الإمارة لا تستطيعها، لا تأمرنّ على اثنين ولا تولينّ مال يتيم[33].
إذاً: المسألة لا بد فيها من أخذ العبرة والميزان وفي الحسبان القدرة، والقوة، وليس فقط الأمانة والتقوى.
لكن لو قال لك: ما رأيك نخلي الكافر يقود؟
نقول: لا، كيف يقود الكافر؟ لا يمكن.
درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة
الحادي والعشرون: نقدم درء المفسدة على جلب المصلحة إذا تعارضتا، إذا وجد أمر فيه مصلحة ومفسدة، ومتساويان، يعني حجم المصلحة يساوي حجم المفسدة، ماذا نفعل؟
نقدم درء المفسدة على جلب المصلحة.
وإذا اجتمعت المفاسد المحضة، فإن أمكن درؤها درأنا، وإن تعذر درء الجميع درأنا الأفسد فالأفسد، والأرذل فالأرذل، فإن تساوت فقد يُتوقف وقد يُتخير، وذكر أمثلة رحمه الله على هذا.
تحقيق الأخوة الإسلامية
الثاني والعشرون: أننا يجب أن نحقق مبدأ الأخوة الإسلامية والولاء للمؤمنين، ومناصرة المؤمنين، والدعاء للمؤمنين، والصدقة على المؤمنين، والجهاد مع المؤمنين، وإعانتهم بكل سبيل، وكفالة أيتامهم، ونصرة شيوخهم، وأن نكف ضيعتهم، وأن نحوطهم من ورائهم.
وإن هذا من علامات الإيمان، ومد يد بالعون إلى الإخوة في الإسلام، وهذا من طبع المؤمن.
دور المسلمين في المحن والفتن
الثالث والعشرون: دورنا في المحن والفتن: الإغاثة، إسعاف المصابين، وعظ الناس، تطمين الناس، الاهتمام بالضعفاء، التضحية والبذل، حتى رفع القمامة لو تطلب الأمر نساعد في كل ما يؤمن المكان، ويجعل البلد آمناً؛ لأن الأمن هي النعمة العظيمة التي لا يجوز التفريط فيها، ولا نسمح بأي اختلال للأمن؛ لأن الأمن إذا حصل وصلنا للمسجد، وصلينا، وحضرنا حلقة العلم، وزرنا الأقارب، ووصلنا الرحم، ولو اختل الأمن لا تستطيع أن تذهب إلى مسجد، ولا تحضر درساً ولا تذهب لصلة حرم، ولا... ولا... إلخ..
فليس من مصلحة المسلمين أبداً أن يختلوا.
الحذر من نقل الإشاعات
الرابع والعشرون: الحذر من نقل الإشاعات، وهذه المسألة مبنية على آيتين عظيمتين في كتاب الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [سورة الحجرات:6]، أيضاً مبنية على قوله تعالى: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ [سورة النساء:83]، ونشروه، فلو جاء مثلاً خبر: انتصر المسلمون، وما تأكدنا، ونشرناه، ثم اتضح أنهم انهزموا، ماذا ستكون النتيجة النفسية؟
وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ ممكن تقول: أنا أفهم أن الخبر إذا كان سيئاً ما ننشره؛ لأنه يفت في عضد المسلمين.
لكن كيف يكون نشر الخبر الجيد مضراً؟
خذ مثالاً: المسلمون لما هاجروا إلى الحبشة جاءت إشاعة: أن أهل مكة أسلموا وقريش أسلمت، إشاعة جميلة؟
جميلة.
ماذا ترتب على الأخذ بها؟
أنهم هاجروا من الحبشة ليجدوا أن كفار مكة لا زالوا مستبدين، ورجعوا إلى الأذى والمصيبة مرة أخرى، بسبب إشاعة.
إذاً وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ [سورة النساء:83] هذا لوم وتوبيخ لهم وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ [سورة النساء:83].
إذاً، يرد إلى أهل العلم والفقه والبصيرة والخبرة، ثم يُعرف يُنشر أو لا، هل المصلحة في نشره أم لا؟ بئس مطية الرجل زعموا[34].
وهكذا التأني من الله والعجلة من الشيطان[35].
نشر الدعوة في وسط الكفار
الخامس والعشرون: أننا لا بد أن ننشر الدعوة في وسط الكفار أنفسهم؛ لأن انتشار الإسلام في وسط الكفار سيوجد لنا أنصارا ًوأعوانا ًمن الكفار أنفسهم، ويدرأ عنا شراً كثيراً ونغزوهم في عقر دارهم، وربما ثبطهم ذلك عن أشياء، وربما كان هؤلاء المسلمون الذين كانوا يسلمون من أبناء الكفار أنفسهم مانعين لشر كبير يمكن أن يحيق بالمسلمين.
بث روح الجهاد في الأمة
السادس والعشرون: أنه لا بد من بث روح الجهاد في الأمة، وإشاعة ذلك فيها، لكي تستعد وتتأهب: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ [سورة الأنفال:60]، وأن هذا الركن عظيم من أركان الإسلام إذا حصل الاهتمام به لم ينعم العدو أبداً في بلاد الإسلام، ولذلك قال العلماء: فلم يصف المقام للصليبيين في ديار الإسلام إذ كانوا يتعرضون للغارات باستمرار والهجوم من المسلمين.
ففي عام أربعمائة وأربعة وتسعين للهجرة قضى السلاجقة على حملة صليبية جاءت من غرب أوروبا لدعم الوجود الصليبي في بيت المقدس.
وفي عام أربعمائة وسبعة وتسعين استطاع السلاجقة إبادة الجيش الصليبي في الرها بعد معركة جرت بينهم، وأخذ بعض الأمراء الصليبيين في الأسر.
وفي عام خمسمائة وثلاثة عشر للهجرة استطاع السلاجقة تدمير الجيش الصليبي في أنطاكية، وقتلوا قائده روجر في المعركة، وقتل من الصليبيين خمسة عشر ألفاً، وسمي المكان الذي وقعت فيه المعركة بساحة الدم.
وفي عام خمسمائة وثمانية وعشر سار بلدوين الثاني لاستخلاص أمراء الصليبيين الواقعين في الأسر، فهزم جيشه وأخذ أسيراً، وضم إلى بقية أمراء الأسرى الصليبيين.
وفي عام خمسمائة وتسعة وعشرين بدأ العمل الجاد بجهاد الصليبيين بقيادة عماد الدين زنكي، نور الدين الشهيد، صلاح الدين، وهكذا..
وهي سلسلة عظيمة تنطلق في بلاد المسلمين لتحريرها.
الاعتراف بالواقع ولو كان مراً
السابع والعشرون: أننا لا بد أن نعترف بالحقيقة كأولى الخطوات في معالجة الأزمات، وأن بعض الناس يوهمون أنفسهم بأشياء، ويظنون أن الانتصار حادث في الجهة الفلانية والمكان الفلاني، وأن هناك خدعة سيخدع بها الكفار، وانتظروا ردة الفعل، وهذه قضية مؤقتة، ثم لا يحدث شيء، ويتبين أن القضية خيانة في خيانة، وعمالة في عمالة، وكذب في كذب، ودجل، وأن المسألة مصالح شخصية، واتفاقات في الخفاء، ولذلك تباع الأمة بالمصالح الشخصية.
فلا بد من الاعتراف بالواقع، وأن نعرف حجم المصيبة حتى نستطيع أن نتعامل معها.
أما المغالطة وأن نتكئ على الوهم، ونقول: اصبروا غداً سيحدث انفراج، وبعد غد سيكون هناك كرة، ... انتظروا.
ثم لا تحدث كرة، فماذا ستكون النتيجة؟
ولذلك المسلم يسترجع عند المصيبة، ويمتص الصدمة، ويعد العدة للكر على الأعداء، ولو بعد سنين.
نحن إذا كنا لا نستطيع المواجهة الآن فإننا لا بد أن نعد العدة، ولو بعد سنين، وهذه هي القضية المهمة التي عليها بعد الله : أخذ العدة؛ لأننا نرى الآن تفوق العدو في السلاح، تفوق رهيب، وإذا ما عندنا عدة فكيف سننتصر على العدو؟
فلا بد من أخذ العدة في السلاح والإعلام والاقتصاد، وقبل هذا الإيمان والتربية الإيمانية التي تغرس في نفوس الجيل الرغبة في التضحية في سبيل الله، وتقشع عنهم غبار النوم والكسل.
إشاعة التفاؤل والأمل
الثامن والعشرون: إشاعة روح التفاؤل والأمل، والدليل بشروا ولا تنفروا[36]، وقد تكون الأخبار اليوم مثبطة جداً جداً، ومثيرة لخيبة الأمل، باعثة على الإحباط، لكن -يا إخوان: وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [سورة آل عمران:140].
ولا نستطيع أن نقول: أن هناك صفاً إسلامياً وقائداً ربانياً قد انكسر، لكننا نحزن على مسلمين، على أبرياء، على ضعفاء، على شيوخ، على رضّع، على نساء، على عجائز، على بيوت، على ثروات مسلمين، هذه التي نحزن عليها من باب الإشفاق والروح الإسلامية والأخوة الإسلامية، وأننا نعاون ما استطعنا، ونساعد في درء المصيبة ما استطعنا، ونبين حقائق، ونفضح المؤامرات؛ لأن هناك تلبيس كبير على بعض الناس، مساكين يعيشون في غفلة، فلا بد إذاً من إشاعة روح التفاؤل، ما هو الدليل؟
بشروا ولا تنفروا، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والتمكين في الأرض[37]، إذاً هذه بشارة لنا.
وقال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ [سورة الحـج:40].
وقال تعالى: وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [سورة القصص:83].
وكذلك فإن الله قال لنا: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [سورة آل عمران:139].
المستقبل للإسلام
وقال عليه الصلاة والسلام: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين.
إذاً: النقطة هذه التاسعة والعشرون: المستقبل للإسلام: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلا ًيذل به الكفر[38].
وسئل النبي ﷺ: أي المدينتين تفتح أولاً قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله ﷺ: مدينة هرقل تفتح أولاً[39] يعني القسطنطينية.
وقال: لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود[40].
إذاً، إنكم قوم تستعجلون، فلا بد لنا أن لا نستعجل.
تحريم اعتقاد استدامة قوة الكفار
والثلاثون: أنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يظن أن الله سيديم القوة للكفار، لا يجوز لأي مسلم أن يعتقد أن قوة الكفار ستدوم، قال ابن القيم -رحمه الله-: "وقد سبقت كلمة الله لرسله أنه ينصرهم ولا يخذلهم، ولجنده بأنهم هم الغالبون، فمن ظن بالله أن لا ينصر رسوله، ولا يتم أمره، ولا يؤيد حزبه، ولا يظفرهم بأعدائه، وأنه لا ينصر دينه، وأنه يديل الشرك على التوحيد، والباطل على الحق، إدالة مستقرة مستمرة يضمحل معها التوحيد، ولا يقوم بعده أبداً فقد ظن السوء بربه، ونسبه" يعني الله "إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته"[41] فإن حكمة الله تأبى ذلك، ألم يقل الله: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [سورة التوبة:33]؟ فإذاً، هذا سيكون، والله لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ [سورة الرعد:31]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً [سورة النساء:122]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا [سورة النساء:87].
إذاً -يا إخوان- نحن الآن لو عشنا في الفترة القادمة، ونسأل الله أن لا يحدث، بعض الهزائم والإحباط، وصار عندنا مشاعر بهيمنة الكفار، وآلام نفسية، ولكن يجب أن نتعامل مع الواقع، ولا يجوز أن نقول: ما عندنا شيء نفعله، كيف ما عندنا شيء نفعله؟
هذه أبواب العبادة مفتوحة، وأبواب السماء مفتوحة، وأبواب الدعوة مفتوحة، وأبواب إعداد العدة مفتوحة، يعني نستطيع أن نفعل أشياء كثيرة للإسلام، صحيح إن هؤلاء أهل الطغيان إذا طغوا بغوا وقتلوا واستولوا واستعلوا، وأجبروا المسلمين على أشياء، ووضعوا خططهم، ونفذوا، ونتوقع شروراً كثيرة، لكن نسأل الله أن يلطف بنا، وأن يدفع عنا وعن بلاد المسلمين.
ولماذا لا تكون هذه انطلاقة عمل إسلامي عظيم؟
وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ [سورة البقرة:216].
ولعل سقوط هذه الرايات المخلطة، وهؤلاء من أهل الزيف الذين ظنهم الناس أبطالاً، ولهم ليس لهم في البطولة نصيب، لعل سقوط هؤلاء فيه خير للإسلام والمسلمين، ولعله يكون من اتضاح العدو، اتضاح العدو هذه قضية مهمة، وأن يستعلي ويطغى حتى تتقد نفوس أهل الإسلام لحربهم، وأن يقبل الناس، يقتنع الناس بهذا.
ألا ترى أنه كان كثير من الشباب له غفلة، لا يفكرون لا بالدفاع عن الإسلام ولا الجهاد في سبيل الله، فإذا بك تراهم نتيجة هذه الأحداث يتكلمون عن التضحية، وبذل النفوس، وهم أصلاً عندهم فسق، ناس عندهم معاصٍ، من العامة، ما قرأوا، ولا عندهم اطلاعات علمية شرعية، لكن تحركوا بالأحداث، والصور، وهذه الأشياء التي رأوها، ونقلت إليهم، فإذا بهم يقولون: نريد أن ننصر إخواننا، نريد البذل والتضحية في سبيل الله.
إذاً، الأحداث حركتنا.
وهكذا يجب أن لا تسود مشاعر اليأس والإحباط؛ لأن هذا شيء قاتل، إذا هيمن ما صار في عمل.
لا تظن -يا أخي- أنه انتهى، ما عاد قائمة، كيف ما عاد قائمة؟ أليس الله قد أنزل كتابه ليحكم؟ أليس قد أنزل دينه ليقوم في الواقع؟ أليس الله يريد أن ينتصر المسلمون؟
لكن هذا له أسباب، وله وقت، ولحكمة يؤخره الله: لِيَبْتَلِيَكُمْ [سورة آل عمران:152]، وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ [سورة آل عمران:154]، وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ [سورة العنكبوت:11]، وليعلم الذين جاهدوا، وليعلم الصابرين، هذه حِكم، هذا تأخير النصر فيه حِكم، والهزائم التي تقع على الأمة فيها حِكم ربانية عظيمة.
يا جماعة: ما يحدث هذا ليس عبثاً، فيه مدبر، خالق، حكيم، عليم، كريم، عظيم ، مالك الملك يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويعطي هؤلاء، ويمنع هؤلاء، ويؤخر هؤلاء، ويعجل هؤلاء، ويرزق من يشاء، ويقبض ويبسط لحكم، ما يجوز نعتقد أن هناك أشياء تحدث بدون حكمة، أو أنها عبثية، أو أنها مخالفة للصح، كل شيء يحدث بأمر الله ، حتى الهزائم فيها شهداء للمسلمين، وفيها كشف للباطل.
يا أخي: تنكشف مؤامرات! وتنكشف شخصيات! وينكشف الأعداء الحقيقيين! وينكشف الباطنيين الذين كان يظنهم بعض الناس مع المسلمين! وتنكشف أشياء..!
والانكشاف مهم؛ لأن الله قال: لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ [سورة الأنفال:42].
إذاً، كيف تحصل البينة؟ كيف تستبين الأمور إذا ما صارت مثل هذه الهزائم؟ يعني كيف ينكشف المنافقون إذا ما صار في هزيمة في أحد؟
لما حصلت معركة أحد، وحصلت الهزيمة، حصل من نتائج هذه إيجابيات كثيرة جداً، في شهداء، وفيه ناس ثبتوا، وأوفوا بما عاهدوا الله عليه، وأنس بن النضر، ووالد جابر، ومصعب، وفلان... وفلان... وحمزة، وفيه شجاعات، فيه تضحيات قدمت، وبذلت، وانكشف المنافقون، لما انخذل عبد الله بن أبي بثلث الجيش، وبعد المعركة لما قال: لو أطاعونا ما ماتوا، ما قتلوا، فادرءوا، وجاءت الردود عليهم.
ثم الأمة لما تتعلم الكر بعد الفر، ولما تتعلم الأمة الإفاقة بعد الانتكاس، والقيام بعد القعود؛ فإن هذا يبعث فيها روح أمل، ويوجد مجالات عظيمة للعمل.
ونحن واثقون بوعد الله في نصر المسلمين ولو بعد حين.
ونحن علينا أن نعمل ونجتهد، ولا تأخذنا أخبار الفضائيات، والأخبار الإعلامية اليوم أو غداً أو بعده بحيث تثبطنا عن العمل، كلا والله.
بل يمكن أن يكون من وراء هذه الحماقات اليهودية والصليبية، ترى هذه حماقات! حماقات يرتكبها اليهود والصليبيون اليوم سينشأ عنها إن شاء الله مادة تثير نفوس المسلمين لحربهم!
وهم يظنون أن هذه الهيمنة ستقتلنا! لكن ما عرفوا طبيعة ديننا، وأننا المسلمين نعود ونواصل الطريق، ولا يمكن أن نتوقف إن شاء الله.
ونسأل الله أن يعلي كلمته، وأن يعز دينه، وأن ينصر جنده، وأن يبعث المجاهدين في سبيله، ونسأله سبحانه أن يكبت الأعداء، وأن يذيق بعضهم بأس بعض، وأن يولي الظالمين على الظالمين بما كانوا يكسبون، ونسأله أن يخالف بين كلمتهم، وأن يلقي الرعب في قلوبهم، ونسأله فرجاً عاجلاً للإسلام والمسلمين، وذلاً وهزيمة للكفرة والمشركين إنه سميع مجيب.
- ^ رواه البخاري: (335)، ومسلم: (521).
- ^ المعجب في تلخيص أخبار المغرب، ص: (59).
- ^ البداية والنهاية: (13/ 235).
- ^ العبر في خبر من غبر: (3/ 278).
- ^ الكامل في التاريخ: (10/ 333).
- ^ رواه البخاري: (6394)، ومسلم: (677).
- ^ أخرجه البخاري: (798).
- ^ رواه مسلم: (678).
- ^ رواه البخاري: (6393).
- ^ رواه البخاري: (797)، ومسلم: (676).
- ^ أخرجه أحمد: (2746)، وأبو داود: (1443)، وسنده جيد، وقال ابن القيم: "حديث صحيح"، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح: (1290).
- ^ مجموع الفتاوى: (23/ 108).
- ^ مجموع الفتاوى: (22/ 270).
- ^ مجموع الفتاوى: (22/ 270- 269).
- ^ زاد المعاد: (1/ 264).
- ^ رواه أبو داود: (1443)، وأحمد: (2746)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود: (1297).
- ^ رواه أحمد: (12402)، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
- ^ السنن الكبرى: (2/ 300).
- ^ المورد العذب الزلال، ص: (291).
- ^ الدرر السنية، ص: (326).
- ^ الدرر السنية، ص: (429).
- ^ الدرر السنية، ص: (457).
- ^ مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز: (1/ 269).
- ^ حديث صحيح رواه ابن ماجه: (2619)، وقال الألباني: "صحيح لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب: (2438).
- ^ حديث صحيح رواه ابن ماجه: (2320)، وهو في السلسلة الصحيحة: (1021).
- ^ المجموع: (9/ 354).
- ^ أعلام الموقعين: (3/ 125).
- ^ قواعد الأحكام في مصالح الأنام: (1/ 58).
- ^ قواعد الأحكام في مصالح الأنام: (1/ 111).
- ^ الاستقامة: (1/ 439).
- ^ مجموع الفتاوى: (28/ 67).
- ^ رواه الترمذي: (3801)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح: (6238).
- ^ رواه مسلم: (1826).
- ^ رواه أبو داود: (4972)، وهو في السلسلة الصحيحة: (866).
- ^ مسند أبو يعلى: (4256).
- ^ رواه البخاري: (69)، ومسلم: (1734).
- ^ رواه أحمد: (21220)، وقال محققو المسند: "إسناده قوي".
- ^ رواه أحمد: (16957)، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط مسلم".
- ^ رواه أحمد: (6645)، وقال محققو المسند: "إسناده ضعيف".
- ^ رواه مسلم: (2922).
- ^ زاد المعاد: (3/ 205).