الجمعة 11 شوّال 1445 هـ :: 19 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

إن أكرمكم عن الله اتقاكم


عناصر المادة
ملخص المحاضرة السابقة
المقصود بقوله: {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى}
المراد بقوله: {شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}
قاعدة: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
المراد بقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

 يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1].

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *  يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70 - 71].

أحمد الله إليكم الذي وفقنا وإياكم لحضور مجالس الذكر والانتفاع بمائدة القرآن، فإن مثل هذه الحلق من الأشياء التي يرضى الله عن أصحابها، ويحفها بملائكته جل وعلا، ويسطرها لهم في صحائف حسناتهم -إن شاء الله تعالى-، لما في هذه الحلق من زيادة العلم والدين، وزيادة الإيمان في قلوب المؤمنين: لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح: 4].

وقد تكلمنا في المرة الماضية عن بعض آفات اللسان من سورة الحجرات، وكانت لدينا أسئلة كثيرة من المرة الماضية والتي قبلها، ولذلك سنقتصر في الكلام في هذا الدرس على قضية: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  [الحجرات: 13].

ثم نجيب بعد ذلك على الأسئلة.

ونسأل الله أن لا نتجاوز -إن شاء الله- الساعة الثامنة حتى لا نطيل على الإخوة.

ومن أراد أن يمشي فله ذلك، يعني لا يشعر بالإحراج، إذا كان الواحد عنده شغل، يمشي في أي وقت يريد ذلك، والأمر متسع -إن شاء الله-، وبإمكانه أن يسمع المحاضرة بعد ذلك.

نريد أن نسترجع شيئًا من آخر ما ذكرناه في المرة الماضية.

ملخص المحاضرة السابقة

00:02:45

ذكرنا في التعليق على قول الله -جل وعلا-: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا [الحجرات: 12] هذا مثل، قلنا: بأن هذا مثل ضربه الله -جل وعلا- للذي يغتاب الناس وينهش أعراضهم، مثله بالذي يأكل لحم الإنسان الميت.

وأنا أريد أن أسألكم الآن عن فوائد هذا المثال، من يتذكر من المرة الماضية فائدة من فوائد هذا المثال؟ ماذا نستفيد من هذا المثال؟ هذا المثل الذي ضربه الله في القرآن ماذا نستفيد منه؟

نعم أن الإنسان عندما ينهش أخاه المسلم في غيبته، فيها مطابقة من ناحية التمثيل، هذا التمثيل بديع جدًا في البلاغة، فيه مطابقة شديدة جدًا، فكما أن الإنسان الميت لا يحس بمن ينهش لحمه نظرًا لغياب روحه عن جسده، غير موجودة، فلذلك لا يحس، كذلك المغتاب، الشخص الذي يغتاب وينهش عرضه هو غير موجود، ولا يستطيع الدفاع عن نفسه؛ لأنه غائب، كما أن الميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه؛ لأن روحه قد فارقت جسده.

هذه الجهة الثانية من المطابقة أن الذين يأكلون لحوم البشر، يتفكهون ويتلذذون بأكلها هذا حسب مزاجهم الفاسد، كذلك أصحاب المزاج الفاسد من البشر الذين يغتابون الناس أيضًا يتلذذون ويتفكهون بنهش أعراض البشر.

 أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا 

هذا أيضًا يؤخذ منه فائدة تحريم الغيبة لماذا؟ لأن أكل لحم الميت ما هو حكمه؟

حرام، بل هو كبيرة من الكبائر، فلاحظ أن المثل يعني أشياء كثيرة جدًا، ليست فقط البلاغة الموجودة فيه، وإنما أيضًا الحكم، لأن المشبه يأخذ حكم المشبه به، فالمشبه به هنا أكل لحم الموتى، ما حكم أكل لحم الميت؟ حرام، كبيرة من الكبائر، فلذلك أيضًا الغيبة حرام، وقال بعض العلماء أنها كبيرة من الكبائر، لأن الله مثلها وشبهها بأكل لحم الميت، وهو من الكبائر، والفائدة الأخرى أيضًا تكريه هذه الصورة في نفوس المؤمنين، يعني من فوائد هذا التشبيه أن نفس الإنسان المسلم تكره سماع الغيبة، وتكره الاغتياب، لماذا؟

لأنها عندما تسمع التمثيل البشع، يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه، يكره الممثل أيضًا المشبه الذي هو الغيبة، فهذه الأمثال لا يعقلها إلا العالمون، والله أمرنا أن نتدبر في الأمثلة وكذلك وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [إبراهيم: 25]،  لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر: 21]،  لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ  [الزمر: 21]،  لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت: 43] فتجد في مثل الذين يكتبون الأمثال مما فتح الله عليهم، مثل ابن القيم -رحمه الله تعالى- العجب العجاب عندما يفسر آيات فيها أمثال.

 كذلك لاحظوا معي في قول الله -جل وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا [الحجرات: 12] هذه الثلاثة أشياء المتوالية فيها تصحيح عجيب لسلوك الإنسان بآفات اللسان والتجسس كذلك، كيف يكون ذلك؟

يقول أحد أهل العلم في التفسير: تأمل كيف أن الله حرم الظن السيئ بالمؤمنين، الظن الذي لا يعتمد على قرائن، الظن هكذا الجزاف حرمه الله -جل وعلا-، ثم حرم ما يؤكد هذا الظن، حرم سلوك السبيل الذي يؤكد هذا الظن، وهو التجسس؛ لأن الإنسان لما يتجسس فإنما يحاول أن يؤكد ظنًا عنده، فحرم الله سوء الظن وحرم السبيل لتأكيد هذا الظن، وهو التجسس، وحرم الغيبة التي هي التكلم بما تأكد له من التجسس.

تصور القضية الآن، حرم الله ثلاثة أشياء متوالية: حرم الله سوء الظن، الظن غير المبني على القرائن، ثم حرم سلوك السبيل لتأكيده وهو التجسس، ثم حرم التكلم بما فيه حتى لو علمه وتيقنه وهو تحريم الغيبة، هذا كله هذا الكلام كله لحماية أفراد المجتمع المسلم من جميع الآفات والشرور.

المقصود بقوله: {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى}

00:09:35

ثم قال الله -جل وعلا- : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13].

الذكر والأنثى هما كما نعلم آدم وحواء، وهذه الآية تفسرها آية النساء في مطلع السورة: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَها [النساء: 1]،  مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ  يعني آدم، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَها  يعني من هذه النفس التي هي آدم خلق حواء،  وبث منهما من هذا الرجل والمرأة، رجالًا كثيرًا ونساء .

فالناس من جهة الذكر والأنثى أنواع، يعني لو قلت لك: الناس من جهة اللون أنواع ماذا تقول؟

تقول: فيهم الأبيض والأسود والأسمر والحنطي، إلى آخره.

لو قلت لك: من جهة الشكل الخارجي؟

تقول: فيهم الطويل والقصير والدميم والجميل، إلى آخره.

طيب من جهة الذكر والأنثى، الناس أربعة أصناف: فمنهم من خلقه الله من ذكر وأنثى، هذا مثل عامة البشر.

ومنهم من خلقه الله بلا ذكر ولا أنثى، من الذي خلقه الله من غير ذكر ولا أنثى؟

آدم .

ومنهم من خلقه الله من أنثى بلا ذكر، عيسى ، خلقه الله من أنثى بلا ذكر.

ومنهم من خلقه الله من ذكر بلا أنثى، حواء، حواء خلقها الله من ذكر بلا أنثى.

المراد بقوله: {شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}

00:11:34

 وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا  [الحجرات: 13].

ونراجع كلاماً مهماً للعلامة الشنقيطي -رحمه الله- في "أضواء البيان" عند تعليقه على قول الله مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى فإنه وضح الفوارق بين الذكر وبين الأنثى، ووضح ما ينبني عليها من الأحكام الشرعية؛ مثل جعل الطلاق بيد الرجل والقوامة، والحمل عند المرأة ورعاية الأبناء الصغار، فإنه كلام جيد،  شُعُوبًا وَقَبَائِلَ .

الشعب هو الحي العظيم من الناس، الجماعة الكثيرة من الناس تسمى شعبًا، مثل: مضر وربيعة، هاتان قبيلتان كبيرتان، شعبان من شعوب العرب مضر وربيعة، والقبائل دون الشعوب في الاتساع والكثرة مثل بني بكر من ربيعة وتميم من مضر، تميم قبيلة من شعب مضر، وبنو بكر قبيلة من شعب ربيعة، والتصنيف عند أهل اللغة في هذه الأشياء من حيث القلة والكثرة ومسمياتها يصنفونها كالتالي: يقولون : أولًا الشعب، وأصغر منه القبيلة، وأصغر من القبيلة العمارة، وأصغر من العمارة البطن، وأصغر من البطن الفخذ، وأصغر من الفخذ الفصيلة، وبعضهم قال : وأصغر من الفصيلة العشيرة، فمثلًا إذا جئنا إلى نسب الرسول ﷺ فإننا نجد أن خزيمة شعب، خرجت منها كنانة وهي قبيلة من قبائلها، خرجت من كنانة قريش، وهي عمارة من عمائر كنانة، خرجت من قريش قصي، وهم بطن من بطون قريش، وخرج من هذا البطن فخذ وهو هاشم، وخرج من هذا الفخذ الذي هو هاشم خرج العباس وهو فصيلة الرسول ﷺ.

كلمة: "شعوب" فيه كلمة مشتقة من هذه الكلمة، ترد أحيانًا في كتب المؤرخين المسلمين، وهي كلمة: الشعوبية، لمحة قصيرة عن هذه الكلمة:

الشعوبية مذهب من المذاهب الضالة التي دفع أصحابها ضغائنهم الموجودة في قلوبهم ونفوسهم على الإسلام وأهله إلى كراهية العرب وبغضهم والتنقص منهم، وذكر معايبهم ومثالبهم.

وقد ألف بعض الشعوبيين مصنفات في هذا، ومن ضمنهم أبو عبيدة (ما هو الجراح أبو عبيدة الصحابي المعروف) واحد آخر صنف كتابًا، وكان من الخوارج، صنف كتابًا في مثالب العرب ونقائصهم.

وكذلك ألف ابن غرسية رسالة فصيحة في تفضيل العجم على العرب.

أصحاب هذا الاتجاه يسمون بالشعوبيين وهم طائفة ضالة، ومن كره العرب فقد كفر؛ لأن منهم الرسول ﷺ، من كرههم بلا استثناء يكفر؛ لأن معنى ذلك أنه كره الرسول ﷺ.

وقد رد عليهم بعض علماء الأندلس وغيرهم من علماء المسلمين، لماذا خلق الله الشعوب والقبائل؟ ولماذا خلقنا من ذكر وأنثى؟ ما هي الحكمة في جعلنا شعوبًا وقبائل، لماذا؟

يقول الله : {لتعارفوا} "ل" هذه اللام، الحكمة التي من أجلها جعلنا شعوبًا وقبائل لتعارفوا، كيف لتعارفوا؟

يعني لكي ينتسب كل إنسان لأبيه فيعرف من هو فلان، فلان بن فلان بن فلان من القبيلة الفلانية، أو العائلة الفلانية، ولذلك الرسول ﷺ حذر من انتساب الإنسان لغير أبيه أو انتساب المولى لغير مواليه تحذيرًا شديدًا.

كذلك الحكمة من هذا التقسيم إلى شعوب وقبائل؟

أولًا: صلة الأرحام، حتى يكون الناس بينهم قرابات، ويتزوج بعضهم من بعض، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا [الفرقان: 54] جعل من هذا البشر نسبًا وصهرًا، جعل بينهم زواج ومصاهرة وأنساب، فالرجل يخرج منه ابنه، هذا نسب، والرجل عندما يتزوج يصبح بينه وبين أهل زوجته مصاهرة، هذه من الفوائد، فعندما تعلن الأنساب يستطيع الإنسان أن يعرف أرحامه فيصل أرحامه، ولذلك الرسول ﷺ أمر في الحديث الصحيح بقوله: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر حديث صحيح[رواه الترمذي: 1979].

الآن لما صارت القضية فيها نسب وشعوب وقبائل صار تعلم النسب واجب، أوجب بعض أهل العلم تعلم النسب، لماذا؟ حتى يصل الإنسان رحمه، يعرف من أباه، من عمه، من جده، من أطراف الجد والفروع والحواشي والأصول.

الأصول يعني الآباء الأب والجد و.. و.. إلخ..

الفروع الابن وابن الابن وإن نزلوا.

الحواشي العم والعمة والخال والخالة.

ويتعلم الإنسان الأصول والفروع والحواشي حتى يصل رحمه، هذه من الفوائد، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، وهذا واضح، الذي يصل رحمه هو محبوب في العائلة، غير الإنسان الذي لا يصل رحمه، وهذه من النقاط المهمة جدًا التي يحصل فيها تقصير كبير من الدعاة إلى الله ، قد يقول الإنسان: أنا مشغول، ويترك أقاربه وأرحامه ولا يصلهم ولا يعرف عنهم أخباراً، مع أنه بقليل من الصلة قد يأخذون منه ويتأثرون به ما لا يتأثرون من غيره، نتيجة للقرابة الموجودة بينه وبينهم، يذهب يدعو فلان البعيد، ويترك أقاربه وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ  [الشعراء: 214]، ويترك أقاربه، مع أنه بقليل من الجهد قد يتأثرون منه ما لا يتأثرون من غيره؛ لأن بينهم وبينه صلة ومقاربة وتقارب ومفاهمة وعلاقة، فلابد من استغلال هذه العلاقة في الدعوة إلى الله ، والتأثير في هؤلاء الأقارب.

 مثراة في المال  هذه فيها قولان لأهل العلم:

أحدهما: مثراة للمال، أن الله ببركة صلة الرحم يبارك لك في مالك ويثريه لك وينميه ويكثره.

القول الثاني: أن الإنسان إذا وصل رحمه، فإنهم قد يوصون إليه ببعض مالهم عند الموت للصلة الحسنة بينهم وبينه، تجد أحيانًا واحداً عندما يموت غير الأقارب الذين حدد الله لهم نصيبهم في الإرث، لا وصية لوارث [رواه ابن ماجه: 2714، وصححه الألباني]، لكن قد يوصي الإنسان لقريبه البعيد؛ لأن بينه وبينه علاقة حميمة يوصي له بجزء من ماله فقد تعود عليه بمنفعة، لكن الإنسان عمومًا إذا جاء يصل رحمه لا يكون قصده المال، وإنه يوصي لي فيما بعد، وإنما رضا الله ، والقيام بحقوق هؤلاء الأقربين.

 منسأة في الأثر  يعني يطيل عمرك، يسبب زيادة في العمر، زيادة مكتوبة في اللوح المحفوظ ومقدرة عند الله ، لتوضيح المسألة : إنسان إذا ما وصل رحمه قد يعيش أربعين سنة، فإذا وصل رحمه يعيش ستين سنة، وهذا يكون مقدر عند الله أن فلاناً إذا ما وصل رحمه سيكون عمره كذا، فلو وصل رحمه، ومكتوب عليه أن سيصل أو لا يصل مكتوب عند الله ، أن هذا سيصل رحمه وسيزاد له في عمره، أو فلان لن يصل رحمه فسيبقى عمره كذا عند الله .

إنما صلة الرحم منسأة في الأثر تطيل العمر، هذه فوائد عظيمة لصلة الرحم.

والكلام واسع في هذا، وليس هذا مجاله.

قاعدة: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}

00:20:53

ثم يقول الله إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] هذه قاعدة عظيمة جليلة من قواعد المجتمع الإسلامي يوضحها الله -جل وعلا- هنا في هذه السورة العظيمة، ويقول رسول الله ﷺ الذي شرحت سنته، كتاب الله وفصلته وبينته، يقول في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة : إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهليةِ  العبية الكبر، إن الله قد أذهب عنكم  بهذا الدين وبهذا القرآن أذهب عنكم الكبر الذي هو سمة من سمات أهل الجاهلية  وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي الناس قسمان: مؤمن تقي وفاجر شقي  أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن [رواه أبو داود: 5116، وأحمد: 8736، وقال محققو المسند: "إسناده حسن"].

بعض المسلمين، آباؤهم كفار ومن الجاهلية، وقد يمكن أن يتفاخروا بآبائهم وآباؤهم جاهليون وكفار، وماتوا على الكفر وهم فحم من فحم جهنم، كفار ماتوا على الكفر، فكيف يتفاخر الإنسان المسلم بأب له أو جد له من أهل الكفر؟ ولذلك فالرسول ﷺ يهدد هذا الصنف الذي لا يرعوي ولا ينزجر، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن، وكذلك يقول الرسول ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري -رحمه الله- عن أبي هريرة، سأله بعض الصحابة: من أكرم الناس؟ قال:  أكرمهم أتقاهم .

لاحظ جواب الرسول ﷺ من القرآن، أكرمهم أتقاهم من القرآن: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  [الحجرات: 13] قالوا: يا نبي الله ليس عن هذا نسألك؟ ما هو عن هذه النقطة، السؤال ليس في هذا الموضوع ، قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله  [رواه البخاري: 3353، ومسلم: 2378] هذا أكرم الخلق من ناحية النسب يوسف نبي الله ابن نبي الله، يوسف بن يعقوب ابن نبي الله، يعقوب بن إسحاق، إسحاق ابن خليل الله، من هو خليل الله؟ إبراهيم، وهو في ترتيب أولي العزم من الرسل بعد الرسول ﷺ مباشرة، أفضل أولو العزم خمسة، الرسول ﷺ يليه إبراهيم، فقالوا له: ليس عن هذا نسألك ما هو هذا السؤال، "ليس عن هذا نسألك" قال: أفعن معادن العرب تسألونني؟ قالوا: نعم، قال: خياركم في الجاهلية، خياركم في الإسلام إذا فَقِهوا أو فَقُهُوا [رواه البخاري: 3353، ومسلم: 2378].

فكان الجواب الأول من جهة الأعمال الصالحة، من جهة الأعمال الصالحة أكرم الناس أتقاهم.

الجواب الثاني كان من جهة النسب الصالح، نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، يعني ما يمكن يكون فيه نسب أعلى من كذا.

وهذا النسب ليس عربيًا، يعني يوسف من بني إسرائيل، ويعقوب من بني إسرائيل، وإسحاق من بني إسرائيل، وإبراهيم كان قبل بني إسرائيل، فهذا النسب ليس عربيًا.

وكان الجواب الثالث معادن العرب هي أصولهم التي ينسبون إليها ويتفاخرون فيها، يعني تسألوني عن الأشياء التي تتفاخرون فيها من النسب والأصل والحسب، هذا الذي تسألونني عنه، لما قال في المرة الأخيرة، فالرسولﷺ صرف هذا المفهوم الجاهلي بالمفهوم الإسلامي، وهو  خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا [رواه البخاري: 3374].

فالرسول ﷺ وضح لهم أنه ليس المفهوم في هذا الكرم الأصل، وكرم النسب ليس هو المفهوم الجاهلي وإنما هو المفهوم الإسلامي إذا فقهوا.

 خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام  معنى الحديث يعني أشرفكم أو أفضلكم خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا، يعني أفضل الناس أشرف الناس من جمع ثلاثة أوصاف، أنه كان شريفًا في الجاهلية يعني من قبيلة عريقة، ثم زاده شرف الإسلام، أو صار شرف الإسلام الشرف الحقيقي.

طبعًا انضم إلى ذلك الشرف الأول، ثم انضم إلى الشرف الأول والثاني شرف ثالث وهو الفقه في الدين، فمن كان ذو حسب مثل الرسول ﷺ حسيب في قومه، الرسول ﷺ أفضل الناس حسبًا ونسبًا، هذا في الجاهلية، حتى وهو في الجاهلية هو أفضل العرب نسبًا، في الإسلام انضم إليه شرف الإسلام وانضم إليه شرف الفقه في الدين، فمن نال هذه الثلاثة مع بعضها فقد حاز الشرف كله.

الناس الذين يلونه في المرتبة، من كان شريفًا في الإسلام وفقيهًا ولم يكن ذا شرف في الجاهلية، هذا يلي الأول في المرتبة، وهو أحسن مما كان شريفًا في الجاهلية شريفًا في الإسلام وليس عنده فقه في الدين، يعني من كان شريفًا في الإسلام وفقيهًا في الإسلام ولم يكن ذا شرف في الجاهلية هو أحسن من الذي يكون شريفًا في الجاهلية شريفًا في الإسلام ولكن لم يتفقه في الدين.

ولذلك الرسول ﷺ وصف هذه النعرة الجاهلية بأنها منتنة، فقال: دعوها فإنها منتنة [رواه البخاري: 4905، ومسلم: 2584].

ولما جاء أبو هند أحد الصحابة يخطب من بني بياضة بنته ولم يكن حسيبًا نسيبًا يكافئهم في النسب، فرفضوا أن يزوجوه، فقال الرسول ﷺ لهم: يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه  [رواه أبو داود: 2102، وحسنه الألباني] أنكحوا أبا هند أعطوه بنتكم وأنكحوا إليه، فأمرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتزويجه حتى وهو غير مكافئهم في النسب يعني ليس مثلهم ممكن أقل منهم في الدرجة في النسب، ولكن الإيمان لا يمنع الزواج، وهذا فيه قضاء على الجاهليات التي تكون بين الناس، في قضية القبيلي والخضيري، وهذا من قبيلة، وهذا له أصل، والناس يمتنعون من الزواج ويضعون العقبات، وقد يكون الرجل فيه دين وفيه خلق، إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه [رواه ابن ماجه: 1967] فيضعون هذه العراقيل الجاهلية والعقبات الجاهلية أمام هذا الشاب الذي يريد الزواج، فيمنعونه من الزواج بهذه الحجة التافهة.

ولذلك أهل العلم يقولون: إن كفاءة النسب لا تشترط، ولكن إذا جاءك شاب دين ذو خلق ونسيب، وشاب دين وذو خلق غير نسيب، فتقدم الأول لا مانع من هذا، لكن أن يتقدم إليك شاب يريد الزواج وهو ذو دين وذو خلق ولكنه ليس نسيبًا أو من قبيلة معروفة مثلًا أو عائلته أو له مكانة سامية فتمنعه وتزوج بنتك لإنسان فاجر أو إنسان -والعياذ بالله- من أصحاب الكبائر أو إنسان عادي، هذاك إنسان تقي وورع ودين، تترك ذلك لأجل أنه ليس نسيبًا وتزوج هذا، فهذا من هذا لعمر الله فيه خراب المجتمعات، إذا صار مقياس التزويج قضية النسب فقط، هذا فيه خراب المجتمعات.

ولذلك نتعرض هنا أيضًا للانتساب للرسول ﷺ.

الرسول ﷺ له نسل من فاطمة وعلي، هؤلاء آل الرسولﷺ ونسله.

وآل الرسول ﷺ فيها كلام طويل للعلماء ليس هذا محل تفصيله، من هم آل الرسول ﷺ بالضبط؟ ولكن آل الرسول ﷺ لهم حق علينا، إذا ثبت لديك أن هذا فلان هاشمي أو هذا فلان من سلالة الرسول ﷺ فيجب عليك أن توقره وتحترمه؛ لأن له نسبًا موصولًا بالرسول ﷺ، إذا ثبت هذا وإلا فالدعاوي كثيرة، الدعاوي في هذا كثيرة، كل واحد يقول لك: نحن من أصل ونرجع إلى، نحن نرجع إلى الحسن، نرجع إلى فلان، ونرجع إلى كذا، نحن من آل بيت الرسول، وقد يكون منهم كثير دجالون كذابون يريدون أن يصلوا إلى قلوب الناس ويسرقون منهم التوحيد ويوقعونهم في شرك الصوفية وغيرها، ويحكى أن بعض الشرفاء في بلاد خراسان كان أقرب الناس إلى رسول الله ﷺ يعني في ذلك المجتمع غير أنه كان فاسقًا ظاهر الفسق، وكان هناك مولى أسود تقدم في العلم والعمل فأكب الناس على تعظيمه، فاتفق أن خرج يومًا من بيته يقصد المسجد هذا المولى الأسود، حدث أن خرج من بيته إلى المسجد فاتبعه خلق كثير، خلق كثير يعظمونه ويأخذون عنه العلم، فلقيه الشريف سكرانًا، الشريف لقي هذا الرجل في الطريق وهو سكران، فكان الناس يطردونه عن طريق المولى هذا الرجل العالم، فغلبهم هذا السكران وبقوة وتعلق بأطراف الشيخ، وقال له: يا أسود الحوافر والمشافر، يا كافر ابن كافر، أنا ابن رسول الله ﷺ أذل وأنت تجل، وأهان وأنت تعان، فهم الناس بضربه، فقال الشيخ: لا تفعلوا هذا، هذا محتمل منه لجده، يعني أنا أتنازل عن حقي في السب والشتيمة من أجل جده الرسول ﷺ، ولكن أيها الشريف بيضتُ باطني وسودتَ باطنك، يقول: أنا بيضت باطني وأصلحت نيتي، وأنت سودت باطنك، فرأوا بياض قلبي فوق سواد وجهي، فحسنت في نظر الناس، ورأوا سواد قلبك فوق بياض وجهك فقبحت، وجهك جميل الطلعة بهي المنظر فقبحت، صرت قبيحا في نظر الناس، وأخذت سيرة أبيك، فقال له: أنا العبد المولى أخذت سيرة أبيك، يعني الرسول ﷺ، وأنت أخذت سيرة أبي، فرآني الخلق في سيرة أبيك، ورأوك في سيرة أبي، فظنوني ابن أبيك، وظنوك ابن أبي، فعملوا معك ما يعمل مع أبي، وعملوا معي ما يعمل مع أبيك.

العلماء ورثة الأنبياء، واحترام العلماء من الواجبات، ولذلك يقول الشاعر:

ولا ينفع الأصل من هاشم إذا كانت النفس من باهلة

هذه باهلة قبيلة من قبائل العرب، كان فيها أشياء تشينها، كانوا يغلون عظام الميتة ويشربونها، كانوا يفعلون أشياء تشين بالنفس، فلذلك حتى وهم في الجاهلية كانوا مذلين من قبل العرب، كانت العرب عندهم أدون قبيلة، قبيلة باهلة، حتى قيل لأعرابي: أترضى أن تدخل الجنة وأنت من باهلة؟ قال: لا، إلا أن لا يعلم أهل الجنة أني من باهلة، يعني قال: لا، ولكن أدخلها بشرط أن أهل الجنة لا يدرون أني باهلي.

بالمناسبة قبيلة باهلة دخلها الإسلام، فيه صحابة كبار من قبيلة باهلة، فانقطعت القضية الآن، احتقار قبيلة باهلة ما عاد، هذا شيء جاهلي، وإنما لما دخل الإسلام صارت القضية بالإسلام سواء، من قريش واحد فاجر يصير تحت، ولو كان من باهلة وهو مسلم تقي فهو فوق.

ولذلك قال الله لنوح يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ  [هود: 46] مع أنه ولد نوح وابنه، فيقول له: إنه ليس من أهلك، هذا كفر، وقال: سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء [هود: 43]، وأغرقه الله مع الكافرين، فقال الله ليعلم نوحاً درسًا ويعلم المؤمنين من بعده درسًا إلى قيام الساعة: يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ، فنفى الله عن نوح هذا الولد وجعله يتبرأ منه:  إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ .

وكذلك إبراهيم مثل أن نوح ما نفعته نبوته، ما نفعت نبوة نوح ابن نوح، كذلك ما نفعت نبوة إبراهيم أبا إبراهيم، فهذا آزر أبو إبراهيم مات على الكفر، والله يوم القيامة كما روى الحديث البخاري معنى الحديث يقول: فيقول إبراهيم لله : وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ [الشعراء: 87]، يعني اشفع في أبي، فيقول الله : إنها قد سبقت مني الكلمة، بأن يدخل النار الكفار إلى النار، ما يمكن يتغير هذا،  فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه ثم يلقى في النار [رواه البخاري: 3350] يعني يمسخ الله آزر هذا يمسخه بشكل ضبع، بشكل ضبع، يعني شيء مقرف، ثم يؤخذ هذا المتلطخ، الضبع المتسخ من قوائمه فيلقى في النار، هذا مصير والد إبراهيم، هذا مصيره يمسخ ضبعًا متسخًا، ثم يؤخذ به ويلقى في النار أمام إبراهيم.

هذا يدلنا على أن جنسية المسلم وعقيدته وعلى أن المكانة في الدين ليست بالحسب والنسب، وإنما هي بالتقوى، ويجب أن يكون هذا هو المقياس الصحيح والميزان الحق في عقول الناس، ويجب أن نعلم الناس هذا المقياس؛ لأنه ينبني عليه أشياء كثيرة، الناس الآن يحتقرون بموازين عجيبة، يقول: هذا هندي، وهذا كذا، مع أنه مسلم، بل قد يكون أفضل منك عنده تقوى، واحد أخبرني بقصة أن واحداً من الناس عنده أظن خادماً في البيت هندي، ولكنه رجل يطيع الله ويقوم الليل، ويعمل الصالحات، وهذاك صاحب البيت من الناس...، فيوم من الأيام صاحب البيت خصم على هذا أو آذاه في شيء فدعا هذا الهندي عليه، فاستجاب الله دعوته في الذي دعاه.

فالقضية ما هي قضية هندي وفلان وعربي أو كذا وهذا..

القضية قضية تقوى وإيمان، فكلما ازدادت التقوى وازداد الإيمان كلما قرب العبد من الله ، ولذلك يقول الشاعر:

فقد رفع الإسلام سلمان فارس ووضع الكفر الشريف أبا لهب

 رفع الإسلام سلمان الفارسي، ووضع الكفر الشريف أبا لهب.

أبو لهب شريف عم الرسول، لكنه وضعه وصار من أصحاب النار.

أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم

 والناس الذين يفتخرون بآبائهم، بعض الناس يقول: أبي كان، أو جدي كان، وفلان كان.

هذا يفتخر بعظام نخرة، وعظام بالية، وافتخاره بأبيه كافتخار الكوسجي بلحية أخيه.

الكوسج الإنسان الذي لا تنبت له لحية، يعني ما تنبت له لحية أصلًا، فالذي يفتخر بأبيه، مثل افتخار الكوسج بلحية أخيه، يقول: أنا أخي عنده لحية.

افتخار هذا ما ينفع.

وأعجب شيء إلى عاقل أناس عن الفضل مستأخرة
إذا سئلوا ما لهم من علا أشاروا إلى أعظم نخرة

إذا قلت: ما صنعت؟ ماذا فعلت؟ أشار جدي وأبوي كان كذا وكان، صحيح رحمه الله، لكن ماذا فعلت أنت؟ وهل سينجيك أبوك يوم القيامة؟

واشتهر عن علي أنه قال:

الناس من جهة التمثيل أكفاء أبوهم آدم والأم حواء
نفس كنفس وأرواح مشاكلة وأعظم خلقت فيهم وأعضاء
فإن لم يكن لهم من أصلهم حسب يفاخرون به فالطين والماء
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه ......................

قدر كل امرئ مرتبته في الإحسان.

....................... وللرجال على الأفعال سيماء
وضد كل امرئ ما كان يجهله والجاهلون لأهل العلم أعداء

المراد بقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}

00:40:58

واختتم الله الآية بقوله: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13] يعني عليم بنياتكم، وعليم بأعمالكم، وخبير بما تفعلون، وخبير بمراتبكم عنده، ودرجات الجنة ليست بدرجات القبائل، وإنما هي بحسب الأعمال والتقوى.

وفقني الله وإياكم لأن نكون ممن يتقيه فيجعلنا من الأكرمين، ويدخلنا جنة النعيم.

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.