الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المسلم في عبادة حيثما حل أو ارتحل
قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162]، فمحيانا لله -يا عباد الله- سواء كنا في السفر أو في الحضر.
وها قد أتت الإجازة، والناس يقولون: السفر، السفر، فماذا نحن فاعلون سواء كنا من المقيمين أو من المسافرين؟ في أي شيء تشغل الأوقات؟ وماذا نفعل في الإجازات؟ هل خططنا لهذا؟
سافر تجد عوضًا عمن تفارقه | وانصب فإن لذيذ العيش في النصب |
إني رأيت وقوف الماء يفسده | إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب |
والأسد لولا فراق الأرض ما افترست | والسهم لولا فراق القوس لم يصب |
والشمس لو وقفت في الفلك دائمًا لملها | الناس من عجم ومن عرب |
والتبر كالترب ملقى في أماكنه | والعود في أرضه نوع من الحطب |
فإن تغرب هذا عز مطلبه | وإن تغرب ذاك عز كالذهب |
المسلم يعبد الله أينما حل وارتحل، وإذا سافر فلعبادة وطاعة، حتى لو قصد الترويح عن النفس فإنه يقصد ذلك لإجمامها لتنشط في عبادة رب العالمين، وإذا كان له مع أهله وأولاده سفر، فإنما هو لتربيتهم وتأديبهم وتعليمهم، إنما هو لمخالطتهم وتعويض ما فاتهم منه أثناء وقت الدوام والعمل والوظيفة في البلد.
آداب السفر
المسلم يحتاج إذا أراد أن يرحل إلى استشارة ليعلم هل هذا الرحيل أو هذا السفر من مصلحته أم لا؟
بركعتين يستخير الله بعدها.
وإذا أراد سفرًا استحب أن يشاور من يثق بدينه وخبرته وعلمه في سفره، والمستشار مؤتمن.
وأن يخلص النية لله رب العالمين.
وأن يستصحب معه ما في مصلحته، وليحرص على النفقة الحلال، والصحبة الطيبة، ولذلك سنن ومستحبات سنأتي عليها.
ثم نتكلم عن موضوع السياحة والمخاطر في الأسفار، ونتحدث عن أشياء مما تقضى به الإجازات.
استحباب السفر يوم الخميس من السنة، وقد كان ﷺ يحب أن يخرج يوم الخميس.
وكان يحب البكور ويقول: اللهم بارك لأمتي في بكورها [رواه أبو داود: 2606، وأحمد: 1323، وقال محققو المسند: "حسن لغيره"].
وكان صخر الغامدي رجلًا تاجرًا إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار، فأثرى وكثر ماله.
ويودع أهله وجيرانه وأصدقاءه، ويقول: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك [رواه الترمذي: 2600، وابن ماجه: 2826، وأحمد: 4524، وقال محققو المسند: "صحيح"].
هكذا يوصي المسافر المقيم.
وحيث أن السفر مظنة لنقص في الدين قد يتعرض له أو تفريط في الواجبات أو ارتكاب للمحرمات يقول له: أستودع الله دينك .
وقال ابن عمر -رضي الله عنهما- لرجل ودعه: هلم أودعك كما كان رسول الله ﷺ يودعني: أستودع الله دينك، وأمانتك وخواتيم عملك .
وجاء رجل للنبي ﷺ فقال: يا رسول الله إني أريد سفرًا فزودني؟ فقال: زودك الله التقوى قال: زدني، قال: وغفر ذنبك ، قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: ويسر لك الخير حيثما كنت [رواه الترمذي: 3444، وقال: "حديث حسن غريب"].
إنهم إذا كانوا جماعة كانوا في رفقة فإن هذا خير وأطيب.
لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده [رواه البخاري: 2998].
وفي هذا الزمن الذي صار السفر فيه بهذه الوسائل من الطائرات والحافلات والنقل الجماعي.
وكذلك صارت خطوط السفر مطروقة ومأهولة فإن علة الاستيحاش هنا والخشية منتفية بما يحصل من الأنس بهؤلاء المسافرين على تلك الطرقات، ومع ذلك يبقى خروج الجماعة والرفقة الطيبة معًا هو الأفضل، وإذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم، وذلك حتى لا يكون هناك اختلاف، ويكون الرأي واحدًا.
إن المسلم من يوم أن يخرج من بيته يدعو ربه، يقول: بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله [رواه أبو داود: 5095].
اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي [رواه أبو داود: 5095].
إذا وضعت رجلك على سلم الطائرة تقول: بسم الله، فإذا استويت على مقعد الطائرة تقول: الحمد لله، كما علمنا النبي ﷺ.
ثم يقول الإنسان بعد ذلك: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف: 13-14].
إذا انبعثت بك الراحلة وخرجت من حدود البلد شرعت في السفر تدعو بدعاء السفر: اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى [رواه مسلم: 1342].
وتأمل كيف يسأل البر والتقوى حتى لا يقع في المعاصي.
فيا عجبًا كيف يقول هذا الدعاء من يريد أن يذهب للحرام، يدعو فيقول: نسألك البر والتقوى، وهو يريد الشر والإثم، ومن العمل ما ترضى، يذكر نفسه به.
ولأن السفر مظنة للمشقة والوعثاء يستعيذ بالله منه ويقول: اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده [رواه مسلم: 1342].
إنه يحتاج إلى معية ربه فيقول: اللهم أنت الصاحب في السفر .
إنه يخشى على من تركهم وراءه فيقول: والخليفة في الأهل .
ويقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل [رواه مسلم: 1342]
وإذا عاد من السفر كذلك قالها لكن إذا اقترب من بلده زاد: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون [رواه مسلم: 1342].
إن رعاية النساء بوجود المحرم أمر مهم جدًا، هذا المحرم الذي يحرم على المرأة على التأبيد فلا يصلح أن يكون زوج الأخت محرمًا لأنه مؤقت، المحرم المؤبد يجب أن يكون ذكرًا مسلمًا بالغًا عاقلًا ليصون المرأة في السفر.
اذهب فحج مع امرأتك قالها النبي ﷺ لرجل قد اكتتب في غزوة ثم جاءه يخبره ويقول: إن امرأتي خرجت حاجة، قال: اذهب فحج مع امرأتك [رواه البخاري: 3006] مع أن الحجاج كانوا يخرجون في قوافل، وكان هؤلاء من الصحابة من الثقات المأمونين والرجل كان ذاهبًا للجهاد في سبيل الله، ومع ذلك أمره أن يذهب ليحج مع امرأته.
إن المحرم لصيانة المرأة مهم، ومن ذا الذي يركب بجانبها.
وإذا كان وجود الشاب وحده اليوم في الطائرة يخشى عليه، فهذا شاب جلس في المقعد فجاءت فتاة فجلست بجانبه ثم قالت: نتعرف.
إننا نحتاج فعلًا إلى تقوى الله ، وإذا أراد المسافر في البر أن ينام فإنه لا ينزل على جانب الطريق مباشرة، وإنما يبعد قليلًا، وذلك أن النبي ﷺ قال: وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق فإنها مأوى الهوام بالليل [رواه مسلم: 1926].
والتعريس هو نزول المسافر في أول الليل أو في آخر الليل لكي ينام أو يرتاح.
وكان النبي ﷺ في سفر فعرس بليل فاضطجع على يمينه، وإذا عرس قبل الصبح نصب ذراعه، إذا كان قبيل الصبح حتى لا تضيع صلاة الفجر، ويغط في نوم عميق ينصب ذراعه، ويضع رأسه عليها.
وهكذا كان ﷺ يأخذ تلك الضجعة قبيل الفجر في السفر، وزيادة في الاحتياط، يقول: من يكلؤنا الليلة، لا نرقد عن صلاة الصبح [رواه النسائي: 624، وأحمد: 16746].
والرفق في السفر جميل لا يكون في شيء إلا زانه.
وإذا نزل منزلًا فإنه يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ما هي النتيجة؟ لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك .
إنه لا ينسى ذكر ربه، فإذا صعد والطريق لا يخلو من مرتفعات وإذا هبط كذلك يقول في الأولى: الله أكبر وفي الثانية إذا نزل: سبحان الله.
وكذلك إذا أقلعت الطائرة: الله أكبر، وإذا هبطت: الله أكبر، وإذا كانت فيه مطبات جوية فارتفعت قال: الله أكبر، وإذا نزلت قال: سبحان الله، إذا أقلعت الطائرة قال: الله أكبر، وإذا هبطت الطائرة قال: سبحان الله.
معنى جميل إذا ارتفع لا يشمخ، بل يذكر نفسه بأن: الله أكبر، وإذا نزل نزه الله عن العيوب والسفول، وذكر نفسه بأن ربه قدوس، وأنه سبحانه وتعالى منزه عن العيوب.
هكذا كان النبي ﷺ إذا أراد أن يدخل بلدة أثناء السفر، يقول: اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها صححه الألباني [رواه البيهقي في السنن الكبرى: 10320].
وإذا أتى عليه السحر في السفر، والسحر قبيل الفجر، يقول: سمع سامع بحمد الله، وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا وأفضل علينا، عائذًا بالله من النار [رواه مسلم: 2718] يقول هذا وهو يتعوذ بالله من النار، ويدعو ويدعو ويدعو؛ لأن المسافر مستجاب الدعوة.
وإذا خاف قومًا في سفره، قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم [رواه أبو داود: 1537، وأحمد: 19720].
كان النبي ﷺ يزجي الضعيف، ويردف، ويدعو لهم، فكان من حسن خلقه هكذا يعين الرفقة.
لقد كانوا في السفر يعبدون الله، ما كانوا ينسون قيام الليل، ومع أن المسافر يترك من السنن الرواتب سنة الظهر والمغرب والعشاء فإنه لا يزال يصلي سنة الفجر وقيام الليل، وكذلك صلاة الضحى، وتحية المسجد وصلاة الاستخارة، وكل نافلة مستحبة، وحتى النوافل التي لا سبب لها يصليها في غير وقت النهي مثنى مثنى لا حرج في ذلك، وهذا أمر طيب.
كانوا إذا نزلوا للراحة في طريق السفر صلوا، وكان الواحد منهم إذا نام رفقته اعتزل يصلي الليل ليوقظهم لصلاة الفجر.
كانوا يذاكرون المسائل والعلم، قال الحميدي: "صحبت الشافعي إلى البصرة فكان يستفيد مني الحديث وأستفيد منه المسائل".
كان يخدم بعضهم بعضًا الكبير يخدم الصغير، قال مجاهد: "صحبت ابن عمر لأخدمه فكان يخدمني، إذا أردت أن أركب أمسك ركابي، وإذا ركبت سوى علي ثيابي".
جرير البجلي ﷺ أكبر من أنس بن مالك، ومع ذلك لما صحب أنس بن مالك في السفر خدمه، قال: "أنت خدمت رسول الله ﷺ وأنتم الأنصار أصحاب فضل، فكان يخدمه".
ابن المبارك لما صحب رفقة في السفر دفعوا النفقات كل واحد دفع نصيبه فجعلها في صرر، وكتب على كل واحد منها اسم صاحبها، ثم ذهب ينفق عليهم من ماله، ولما نزلوا مكة والمدينة اشترى لهم هدايا لأولادهم وماذا يريد أولادك، وماذا يحب أهلك، ينفق عليهم، ولما رجعوا أخرج الصرر فأعادها إليهم، هكذا يكون الكرم لأهل الحديث، أهل العلم إمامهم محمد ﷺ.
حفظ اللسان، وحفظ الجوارح، والملائكة تكتب، فما بالك بالذين يصطحبون الأغاني -والعياذ بالله-.
إذا كانت الملائكة لا تصحب رفقة معها جرس أو كلب؛ فما بالك بمن يصحب معه ما هو أسوأ من الجرس؟
هكذا يكون الإنسان على الأدب في سفره حتى إنه لا يطرق أهله ليلًا، السفر قطعة من العذاب ، وقال ﷺ: يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته؛ فليعجل إلى أهله [رواه البخاري: 1804، ومسلم: 1927].
سئل إمام الحرمين: لم كان السفر قطعة من العذاب؟
فأجاب على الفور: لأن فيه فرقة الأحباب.
وحيث أن هنالك أهل وأولاد يشق عليهم فراقه؛ فإن النبي ﷺ نصح بالإسراع في العودة، وحتى لا يفاجئ الإنسان زوجته ليلًا وهي نائمة فتقوم وهي شعثة وغير متجهزة للقائه، وهو في شوق إليها، فإن النبي ﷺ قال: لا يطرق أهله، فإن النبي ﷺ قال: إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلًا [رواه البخاري: 5244]، وأخبر بالسبب: حتى تستحد المغيبة تستعمل الحديد في حلاقة الشعر، المغيبة التي غاب زوجها، وتمتشط الشعثة [رواه البخاري: 5246، ومسلم: 715].
والسنة إذا قرب من موطنه أن يبعث من يخبر أهله بقدومه.
ومن السنة: تلقي المسافرين، واستقبال المسافرين؛ لحديث ابن عباس: "لما قدم النبي ﷺ مكة استقبلته أغيلمة بني عبد المطلب، فحمل واحدًا بين يديه، والآخر خلفه" [رواه البخاري: 1798].
وقال عبد الله بن جعفر: "كان رسول الله ﷺ إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته، وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة" [رواه مسلم: 2428] هكذا تقول الأم لأولادها: جاء أبوكم، فيهشون ويبشون لاستقباله.
هذا إذا كان السفر طويلاً، واليوم تكون الأسفار قصيرة جدًا فلا يدري الأولاد أن أباهم قد ذهب ورجع، ولكن العتب على السفر الطويل الذي لا يدري الأولاد أن أباهم قد ذهب ورجع من التفكك الأسري.
كان ﷺ إذا قدم من السفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس.
وكان الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- إذا رجع إلى عنيزة من سفر يبحث عن مسجد مفتوح ليصلي فيه ولو كان ليس وقت صلاة تفتح فيه المساجد.
ويستحب للمسافر إذا رجع أن يذبح تلك الذبيحة التي تسمى: النقيعة، حمدًا لله على نعمة السلامة، ويدعو الناس إلى ذلك.
إن للسفر أحكام متعددة، وقد عرفنا الآن نبذة عن آدابه.
بعض أحكام السفر
فمن الأحكام المهمة جدًا: أن يعلم الإنسان أن السفر الذي يسافر إليه يترخص فيه إذا كان سفر طاعة أو كان سفرًا مباحًا، وبناء عليه فإن سفر المعصية عند جمهور العلماء لا يحل له أن يترخص فيه، فيقولون : كيف يترخص وهو يذهب إلى المعصية؟ كيف نرخص له الفطر في رمضان وقصر الصلاة وهو ذاهب إلى معصية؟ يقولون: هذا يجب عليه التوبة والعودة وقطع السفر، فكيف يترخص فيه؟
ما هو السفر الذي تقصر فيه الصلاة؟ ما هي المدة أو المسافة؟
إن في ذلك أقوالًا لأهل العلم، فقال بعضهم: إنها مسألة عرفية لم يضبطها دليل حاسم.
وقال بعضهم: بل إنما جاء من الأدلة في أن المسافر المحمل متاعه على الدابة تسير يومين قاصدين، إن المسافة تقدر بستة وسبعين كيلو إلى ثمانين كيلو متر تقريبًا، فإذا نوى أن يقطعها وما فوقها فإنه سفر، وقد جاء عن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما-: "أنهما كانا يقصران ويفطران في أربعة برد فما فوق" [رواه البيهقي: 5397 بإسناد صحيح].
والبريد: أربعة فراسخ.
والفرسخ: ثلاثة أميال.
والميل: ألف وستمائة متر.
فتكون الأربعة برد ثمانين كيلو متر تقريبًا.
إذا شك الإنسان هل المسافة مسافة سفر أم لا؟
فالأحوط له: أن لا يقصر.
متى تبدأ أحكام السفر؟ ومتى يترخص؟
إذا فارق البنيان.
ما المقصود به؟
العامر من البنيان.
أما الأشياء المهجورة المتروكة فإنه لا عبرة بها، فإذا ولى بنيان البلد فإنه يجوز له أن يفطر وأن يقصر، وأن يجمع.
ومعنى أن يفارق البنيان ببصره أو ببدنه؟
الجواب: ببدنه، فتقلع بك الطائرة وتبتعد عن البنيان لكنك لا تزال تراه من الجو.
فإذن، مفارقة البنيان بالبدن إذا وليت البنيان فهنا تبدأ الرخص.
إذا كان المطار داخل البلد لم يبدأ سفرك بعد، لا قصر ولا جمع في البلد وأنت لم تبدأ بالسفر حتى لو نويت فقد تغير نيتك.
أما إذا كان المطار خارج البلد فإن سفرك قد بدأ بخروجك من بلدك فتقصر وتجمع في المطار إذا كان السفر مؤكدًا.
أما من يقول : سأخرج للمطار فإذا وجدت أماكن سافرت وإلا رجعت، فهذا لم يجزم بسفره بعد فلا يترخص.
المسح على الجوربين، وقد ورد في السنة المسح على العصائب والتساخين ثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، اثنين وسبعين ساعة، يلبسها على طهارة كاملة بغسل القدمين ويكون الجورب طاهرًا ساترًا للقدم.
والراجح: جواز المسح على المخرق والمشقوق أو المثقوب.
وكذلك فإن الإنسان المسلم في السفر لا ينسى ذكر ربه بالأذان، والنبي ﷺ ما ترك الأذان ولا الإقامة لا في السفر ولا في الحضر.
وقال لمالك بن الحويرث: إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم [رواه البخاري: 628، ومسلم: 674].
وكذلك فإنه إذا أذن أجابه من عباد الله من لا يدري عنهم ولا يحس بهم.
إذا جئت إلى مكان في السفر ولا تدري أين القبلة في فندق أو في غيره، أولًا: تسأل أهل المكان من المسلمين ولا تجتهد وأنت بمقدورك أن تعرف الجواب المؤكد، فإذا لم تجد من يخبرك بالقبلة تجتهد حينئذ.
طبعًا تستعمل الآلات، وما أكثرها اليوم من الآلات الحديثة التي سهلت معرفة جهات القبلة، وكذا الشمس والنجوم: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16]، فإذا لم يستطع أن يتوصل لا بجهاز ولا بغيره إلى القبلة اجتهد وصلاته صحيحة، حتى لو تبين له بعد الصلاة أنه أخطأ، أما أن يجتهد وبإمكانه أن يسأل أو لا يجتهد ويصلي هكذا فهذا مفرط.
قصر الصلاة ركعتين للظهر، وركعتين للعصر، وركعتين للعشاء، والمغرب والفجر كما هي إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته [رواه أحمد: 5866، وقال محققو المسند: "صحيح"]
وكذلك كما يحب أن تؤتى عزائمه.
إذا سافر المسافر فإنه يحرص على القصر، وبعض العلماء أوجبه، والجمهور على استحبابه حتى لو قام للثالثة ناسيًا عاد وجلس وسجد للسهو.
ويخفف الإمام بالمسافرين القراءة، وهكذا كان النبي ﷺ يفعل.
ولا بأس أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر جمع تقديم وفي وقت العصر جمع تأخير، وبين المغرب والعشاء كذلك، ويجوز أن يفصل بين الصلاتين، ولا تشترط الموالاة بينهما على الراجح، لكن الموالاة أحوط، فلو أنه صلى المغرب ثم تعشى ثم صلى العشاء فلا حرج.
وهل يجمع المسافر؟
الجواب: إذا كان نازلًا يقصر بغير جمع، أما إذا كان متحركًا فإنه يجمع ويقصر.
كذلك يؤخر الظهر إلى العصر فينزل يصلي الظهر والعصر، وإذا أراد أن يمشي مثلًا فإنه يصلي المغرب والعشاء ويمشي ولا حرج ما دام مسافرًا يجوز له الجمع حتى لو نزل بلدًا وهو سيمكث فيه يومًا أو اثنين أو ثلاثة إلى أربعة عند جمهور العلماء.
وأكثر العلماء من نزل في مكان يريد أن يقيم فيه أكثر من أربعة أيام لا يترخص، وقد انقطع سفره.
وهل يرتبط القصر بالجمع؟
الجواب: لا، فقد يقصر بغير جمع.
فهل يجمع من غير قصر؟ متى؟
في المطر، في الخوف، في المرض، فقد يجمع في البلد وهو مقيم من غير قصر.
والجمع في السفر يكون للحاجة، قال شيخ الإسلام: الجمع بين الصلاتين ليس معلقًا بالسفر، وإنما يجوز للحاجة بخلاف القصر.
هل يشترط نية الجمع؟ لو واحد صلى الظهر ثم خطر على باله أن يصلي العصر بعدها، فلا حرج على الراجح، وإذا كان مسافرًا ونزل بلدًا ليوم أو يومين وسمع النداء فإنه يجيب وإذا كان معه رفقة فصلوا جماعة فقد أجاز ذلك طائفة من العلماء، والأولى أن يجيب المنادي، فإذا جمع بين الصلاتين فماذا يفعل بالأذكار؟ قال بعض العلماء: يأتي بأذكار الصلاة الأولى ثم يأتي بأذكار الصلاة الثانية.
وقال بعضهم أذكار واحدة تكفي، فقد صارتا كالواحدة، وكان النبي ﷺ يصلي في سفره على الراحلة بالنسبة للنافلة.
أما الفريضة ينزل ويصلي قائمًا إلى القبلة، وعلى الراحلة يستقبل القبلة في النافلة ويصلي ولا يبالي حيثما توجهت بعد ذلك، وإذا لم يستطع صلى بالنافلة على الراحلة، وقد روى أبو داود -رحمه الله- عن أنس: "أن رسول الله ﷺ كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة، فكبر، ثم صلى حيث وجهه ركابه" وحسنه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- [رواه أبو داود: 1225، ]
فماذا تفعل في الطائرة؟ ويصعب عليك أحيانًا القيام أو استقبال القبلة، فأنت تصلي قبل أن تركب الطائرة، وإذا كان يمكن أن تنتظر حتى تنزل الطائرة لتصلي فإنك تنتظر وتصلي على الأرض قائمًا مستقبلًا القبلة، لكن إذا كان وقت الصلاة يفوت فقد تقلع الطائرة مثلًا قبل الظهر ولا تنزل إلا بعد المغرب فلا تستطيع أن تصلي في مطار الذهاب ولا في مطار الوصول، ولا يجوز تأخير الظهر والعصر إلى ما بعد المغرب، ولذلك ستصلي في الطائرة فقد يوجد فيها مصلى وتقوم وتستقبل القبلة، وإذا دارت الطائرة تدور أيضًا والربان يخبرهم بتغير الاتجاه إذا تغير ويعرف أن هناك من يصلي في الطائرة، وقد يكون هنالك مؤشرات تتحرك مع حركتها تشير إلى اتجاه القبلة، فإذا كان لا يوجد مصلى أو مكان عند باب الطائرة أو في الممر، وهذا من الفرص العظيمة للدعوة يقيم ويصلي.
وقد تساءل كثيرون عن هذا الدين بسبب الأذان والصلاة، وسيلة عظيمة للدعوة، فإذا لم يمكن ذلك صلى في مقعده قائمًا عند القراءة، ويومئ بالركوع والسجود جالسًا، فإذا قالوا: مطبات جوية ولابد من ربط الأحزمة، ولا نسمح بالوقوف صلى جالسًا، ولو إلى غير القبلة، عند ذلك: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16].
أيها الإخوة: إن المسافر إذا اقتدى بالمقيم أتم وراءه "مضت السنة أن يتم المسافر خلف المقيم".
والمقيم سيتم في جميع الأحوال ولو صلى وراء مسافر، فإذا دخلت مكانًا وأنت مسافر فوجدت الإمام عليه هيئة الإقامة، محطة بنزين، الذي يصلي أحد العمال، إذن، هذا مقيم أنت تتم وراءه، رأيت أمامه شنطة سفر هذه قرينة على أنه مسافر أن تقصر وراءه، وإذا قدرت أنه مسافر ثم تبين لك بعد الصلاة أنه مقيم وقد قصرت فإنك تكملها أربعًا إذا تبين لك أن الإمام مقيم.
يوم الجمعة لا سفر إذا أذن المؤذن للنداء الثاني أذان الخطبة، اللهم إلا في حالات نادرة؛ كأن يكون هذا يوم عيد وافق يوم الجمعة يوم عيد، أو أن يكون المسافر سيصلي الجمعة في المكان الذي سيذهب إليه ويدركها أثناء طريقه.
هل يجمع العصر إلى الجمعة إذا كان مسافرًا؟
جمهور العلماء أن العصر لا تجمع إلى الجمعة؛ لأن الجمعة ليست ظهرًا والجمع إنما ورد بين الظهر والعصر، وحيث أن الجمعة ليست ظهرًا لا في عدد الركعات ولا في الجهر والسر، إلى آخره، فإنها لا تجمع إليها، فلو كان مسافراً وصلى الجمعة في البلد يصلي العصر في وقته الركعتين.
أما إذا لم يصل الجمعة صلاها ظهرًا؛ لأنه مسافر، ما كان أصلًا في مكان فيه جمعة صلى ظهرًا فإنه يجمع العصر معها.
وأيضًا فإن المسافر يجوز له القصر ما دام في البلد الذي سيمكث فيه إلى أربعة أيام، وإذا لم يكن يدري عن المدة فهو يقول : غدًا أسافر، بعده أسافر، فهو لا يزال يقصر ما طالت به المدة، كمن يلاحق معاملة، ونحو ذلك.
ومن كان يسافر يوميًا مسافة السفر، كهؤلاء أصحاب الحافلات والطيارين فإنهم يقصرون ويجمعون.
وإذا كان للإنسان أكثر من بيت في أكثر من بلد وأهل فإنه يكون من المقيمين فإنه مقيم في هذه البلد وفي تلك البلد فتكون الرخصة في الطريق.
بواعث السفر الممدوح والمذموم
في هذه الإجازة وفي غيرها من الإجازات يسافر الكثيرون، فلماذا يسافرون؟
أولًا: إن أسفار النبي ﷺ كانت دائرة بين أربعة أشياء: الهجرة، والجهاد، والحج، والعمرة.
كانت أسفار النبي ﷺ في طاعة الله.
يقول الناس : نسافر للسياحة، فما هي السياحة؟
قال ابن القيم -رحمه الله-: فسرت السياحة بالصيام، وفسرت بالسفر في طلب العلم، وفسرت بالجهاد، وفسرت بدوام الطاعة.
قال السعدي: المراد بالسياحة السفر في القربات كالحج والعمرة والجهاد وطلب العلم وصلة الأقارب، ونحو ذلك.
السياحة وردت في القرآن العزيز: سَائِحَاتٍ [التحريم: 5] صائمات.
أثنى الله -تعالى- على السائحين، وذكر من صفات المؤمنين قال: السَّائِحُونَ [التوبة: 112]، فسرها العلماء بالصائمين وبالمجاهدين في سبيل الله.
نقول هذا الكلام من القرآن ومن كلام العلماء أيضًا للتذكير بمعنى السياحة في الإسلام؛ لأن السياحة عند الناس الآن لا علاقة لها عند كثير من الناس بهذه المعاني الشرعية إطلاقًا، فنقول: اذكروا معنى السياحة في الشرع كيف كانت، وفي أي مقام أتت.
السياحة الآن التنقل من بلد إلى بلد للترفيه واللهو والمتعة والتنزه.
السياحة قد تكون مباحة، وقد تكون مذمومة.
فالسياحة التي تهز العقيدة، وتضعف الإيمان، وتخدش الفضيلة، وتوقع في الرذيلة، وتهتك الحياء، وتقضي على الأخلاق، سياحة لا يقبلها عاقل فضلًا عن مؤمن يخاف ربه، ويخشى عقابه.
وفي مقابل ذلك هنالك السياحة المحمودة المنضبطة بالضوابط الشرعية.
سياحة الفضيلة لا الرذيلة، سياحة الالتزام لا الانفلات، السياحة التي القصد منها تغيير الجو والمكان وإزالة الرتابة والملل والاستمتاع بما أنعم الله بالمناظر الطبيعة الجميلة: فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ [آل عمران: 137]، وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ [الرعد: 4]، في الأرض أنهار، وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ [الذاريات: 20]، قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ [العنكبوت: 20].
سياحة الالتزام بالدين والأخلاق، والبعد عن سفاسف الأمور.
السياحة التي فيها الإحسان إلى الأهل والأولاد، التي فيها التوسعة عليهم بما أباح الله، قال الثعالبي -رحمه الله-: "من فضائل السفر: أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار، وبدائع الأقطار، ومحاسن الآثار، ما يزيده علمًا بقدرة الله -تعالى- ويدعوه شكرًا على نعمه".
فالسفر في الإسلام له حدود شرعية وضوابط مرعية، وليست السياحة بالضرورة أفعال سوداء، وليالي حمراء، ونبذ للحياء، وإعلان الفضائح، ومجاهرة بالقبائح.
السفر لما تكلم عنه العلماء باعتباره محمودًا لفوائده، فقال الشافعي:
تغرب عن الأوطان في طلب العل | وسافر ففي الأسفار خمس فوائد |
تفرج هم واكتساب معيشة | وعلم وآداب وصحبة ماجد |
اكتساب المعيشة؛ لأن الرزق قد يضيق على العبد في بلده فيذهب إلى بلد آخر طلبًا للرزق؛ كما قال الله: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ [الملك: 15].
ليس ارتحال في نفي الضنى سفرًا | بل المقام على فقر هو السفر |
السفر لتحصيل العلم، وقد كان الصحابة يرحلون الشهر كاملًا في حديث واحد.
تحصيل الآداب، لقاء العلماء، التلاقح في الأفهام مع العقلاء، الدعوة إلى الله، زيارة الأقارب، صلة الأرحام، الآن يدعوك أقاربك من بعيد لحضور عرس ووليمة زفاف، وتذهب لمشاركتهم في أفراحهم، فسفرك طاعة لأجل صلة الرحم ما دامت المناسبة مباحة.
لكن ماذا يحدث الآن في هذا الزمان؟
السياحة صارت صناعة كبيرة جدًا.
السياحة الآن صارت عجبًا عجابًا.
السياحة الآن صار فيها إنفاق مبالغ طائلة جدًا.
الرحلات السياحية لعام ألفين حسب منظمة السياحة العالمية: بلغت ستمائة وثمانية وتسعين مليون رحلة سياحية.
يتوقع أن يتضاعف العدد عشرين مرة في عام ألفين وعشرين.
ومتوسط ما ينفقه السائح ألفا دولار في الرحلة، وهذا يعني أن مداخيل السياحة في العالم تصل إلى واحد فاصلة أربعة من عشرة ترليون دولار، يعني ألف وأربعمائة مليار، ستقفز إلى ثمانية وعشرين ألف مليار دولار.
تتوقع منظمة السياحة العالمية: أن يصل عدد السياح في العالم إلى مليار سائح في عام ألفين وعشرة، وأن تبلغ العائدات ألف وخمسمائة وخمسين مليار بحلول ألفين وعشرة، وألفان وثلاثمائة وأربعون مليار في عالم ألفين وعشرين.
إذن، هناك الآن صناعة ضخمة جدًا في العالم قائمة ولها وكالات وشركات وأعمال ضخمة.
إن تطور وسائل المواصلات بطبيعة الحال قد أدى إلى هذا وقامت الفنادق والمنتجعات، وصارت هناك رحلات سياحية ذات برامج وفقرات وأدلة للسياحة ومرشدون كذلك.
والسياحة في شرقنا الأوسط كما يقولون كذلك يخطط لها لأمور ضخمة وكبيرة جدًا، وقد دلت الدراسات على أن السياح الخليجيين ينفقون ضعف ما ينفقه الأوروبيون في رحلاتهم، وفي عام ألف وأربعمائة وواحد وعشرين أنفقوا سبعة وعشرين مليار دولار.
وكان معدل الإقامة عشرين ليلة للشخص الواحد في الفنادق الفاخرة، وبذلك يكون الخليجيون قد قاموا بثمانية ملايين وثمانمائة ألف رحلة، وقضوا مائتين مليون ليلة سياحية في ذلك العالم.
ومن هذه البلاد خرج تقريبًا ثلاثة ونصف مليون سائح في بعض الأعوام القريبة الماضية، أنفقوا فيها ثلاثين مليارًا، فكم سينفق خمسة ونصف مليون سائح المتوقع سفرهم في هذه السنة؟
ويقول الأمين العام للهيئة العليا للسياحة في هذه البلاد: إن قطاع السياحة الداخلية عندنا يخسر من أربعة إلى أربعة ونصف مليون سائح سنويًا.
أيها الإخوة: إن المبالغ خيالية.
إن المسألة هذه الآن تحتاج إلى نظر وإمعان.
وما هي المصلحة في انتقال هذه الأموال الطائلة إلى بلاد كثيرًا ما تكون من بلاد غير المسلمين؟ لماذا يحزمون أمتعتهم إلى تلك البلاد؟
ثم يقولون: أسفار دراسية، وفيها نزول عند عائلة إنجليزية أوروبية، ونحو ذلك لإقامة الطالب ليخرج بلبلًا باللغة الإنجليزية، ولعله سيتكلم لغة الشارع، وليست اللغة المنهجية، ثم حفلات موسيقية، زيارة أماكن الرقص والترفيه، دور السينما المسارح، ونحو ذلك من الأندية الليلية، وغيرها، والحانات، والنتيجة انحراف شباب المسلمين، فساد الأخلاق، تشكيك في العقيدة، واحد اسمه إبراهيم سئل عن دينه قال: مسلم مع الأسف، انسلاخ من الهوية، تخلق بأخلاق الغرب بالعادات السيئة، عدم الاكتراث بالدين، تضييع الصلوات، الوقوع في الفحشاء، ثم بعد ذلك نقول: خسرنا الكثير من الشباب، أين تعلمت المخدرات؟ في البلد الفلاني، أول إبرة كانت هناك، من أين أتيت بالإيدز؟ في البلد الفلاني، اتضح أني أصبت هناك، وهكذا، هذا الذهاب الذي يؤدي إلى ذهاب الدين لا شك في تحريمه، ذكر ابن الجوزي -رحمه الله-: أن رجلًا كان من المجاهدين في سبيل الله في بلاد الروم ذهب مع المسلمين في إحدى الغزوات حاصروا بلدًا للروم، حاصروا حصنًا فأطلت امرأة من الروم بجمالها فنظر إليها فهويها، ما غض البصر، افتتن بها، فراسلها، وقال: كيف السبيل إليك؟
قالت: إذا تنصرت أفتح لك الباب، وتصعد، فوافق، فما راع المسلمين إلا وأخوهم هناك عندها، فاغتم المسلمون غمًا عظيمًا، ولما رجعوا عن الحصن ومروا به بعد مدة فنظروا فوجدوا صاحبهم الأول، فقالوا: يا فلان ما فعلت صلاتك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل قرآنك؟ قال: نسيته كله إلا قوله تعالى: رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ [الحجر: 2].
القصة تبين أن الذي يذهب إلى بلاد الكفار ويفتتن مع أن هذا كان في رحلة طاعة في أولها، فكيف بالذي ينويها شرًا من أولها إلى آخرها؟
فإذا ذهبوا إلى تلك البلدان تغيرت أشكال الشباب، وهي متغيرة أصلًا هنا، لكن هنالك يزداد التغير، فلا لباس المسلمين، ولا هيئة المسلمين، ولا كلام المسلمين، ولا محافظة على العبادات، ولا ضوابط شرعية، انفلات كامل.
بل إن الأمر قد أدى بهم إلى دخول كنائس الكفار ومعابدهم ومتاحفهم، وانظر هنالك إلى ما يقع في النفس من الإعجاب أو الافتتان بعقائد الكفر، ويقولون: هذه أنصبة أبولو، وبلاط بانوس، وقلعة كذا وكذا.
وبعض المعلومات التاريخية مفيدة وجيدة، ولكن بعض المعلومات في الحقيقة هي معلومات دينية، يقولها المرشدون السياحيون على سبيل الإبهار، فإذا كان الشاب فارغًا فماذا سيقع في نفسه؟
وبعض الذين يسافرون يذهبون إلى العرافين والكهان والسحرة، بل إن السحرة يقولون: إن حركة السياحة في موسم الصيف ترفع مداخيلنا، ويقول أحد السحرة في أحد البلدان: إن المرأة الخليجية تدفع ما بين خمسمائة إلى ألف وخمسمائة دولار، وإنهم يطلبون تحضير الأرواح بعض هؤلاء.
وهذا يقول: معمول لي سحر فكه.
والآخر يقول: اعمل لي سحر لأنتقم من فلان أو فلانة.
ويرجعون بأسحار، حدثني شخص ذهب إلى بلد مشهور بالسحر، قال: أريد أن أنتقم ممن عمل لي سحرًا، فبحثت عن أسحر الناس فدلوني على شخص فإذا هو يهودي، فلما طلبت منه أن يعمل السحر حصل عندي تردد وبدأت بمحاولة التملص، فقال: ولم قلت إن السحر هذا في حكمه كذا؟ قال: لا، إن نبيكم قد أوصى به، قال: وكيف؟ قال: أنا أعطيك الدليل؟ يقول نبيكم: إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملًا أن يتقنه .
والناس يسمون السحر عملًا، ويقول: معمول لي عمل، ومعمول له عمل، فانظر كيف لبس اليهودي على صاحبنا، والناس بعضهم فيهم جهل لدرجة أنه ممكن أن يصدق أشياء من هذا القبيل، مع أنه سمع في الخطب: السبع الموبقات والسحر وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة: 102].
والسحر قد يقتل، وقد يمرض، وقد يصيب بالجنون، وقد يصيب بالصرف والعطف، فيعشق أو ينصرف.
وما أكثر الأسحار في الناس اليوم، وما أكثر السحار، وما أكثر استنزاف الأموال، وأشياء بالهاتف: اعمل لي، وفك لي، وحوالات للسحرة، وكله حرام في حرام، الاتصال حرام، والذهاب حرام، والسفر حرام، ونفقة السفر للسحرة حرام، وما يعطيه للساحر من الجعل حرام، وفتح القنوات الفضائية على برامج السحر حرام، ما يجوز حضوره ولا تعلمه ولا يجوز استعماله، ولا العمل به.
وهناك من الأسفار ما فيه تضييع الصلوات، وناس تقول: أين نصلي؟ ما في مكان مشغولين من سوق إلى مسرح، إلى كذا، يجمعون آخر اليوم خمس صلوات.
فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ [الماعون: 4]، ليسوا تراك صلاة، ومع ذلك توعدهم بالويل لماذا؟
الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون: 5].
لماذا؟ يؤخرونها عن وقتها.
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: 59] هذا العذاب الشديد؛ لأنهم أضاعوا الصلاة.
ما يمكن الجمع بين الصلوات الخمس لهؤلاء.
هذا لا يجمعها إلا من أغمي عليه، قام من عملية جراحية، فاتته الصلوات الخمس.
أما أنه يجمعها في آخر اليوم، فهذا حرام ولا شك.
سألت مسلمًا أمريكيًا، قلت له: يأتينا في موقع الإنترنت أسئلة من مسلمين أو من ناس في أمريكا، الطلاب أو بعض المسافرين من المسلمين يذهبون إلى هناك: أين نصلي ما في مكان؟
فنقول لهم: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، صل في أي مكان، في حديقة، في رصيف، في زاوية، في مطعم، صل في أي مكان.
قال: ونحن أيضًا نصلي في محطة بنزين، نصلي في مواقف سيارات، قال: عندنا مواقف السيارات كثيرة، في كل شارع ننزل ونصلي.
إذن، الصلاة لابد منها، صل وهذه الصلاة تكون دعوة إلى الله، عندما يرونك تؤذن وتصلي، يقولون: ما هذا؟
وواحد من المسلمين كان يسير فأدركته الصلاة فأراد أن يصلي في جانب الطريق فأراد أن يضع سترة حتى يمر الناس والمارة من وراء السترة، قال: فنظرت في سيارتي فلم أجد إلا موقد غاز صغير أصطحبه في الرحلات، نعمل به الشاي، فوضعته وصليت خلفه، فجاء أحد هؤلاء من غير المسلمين فوقف ونظر ثم عبس وبسر، ثم قال: عبادة ممتازة، عبادة الغاز، باعتباره مصدر الطاقة، هذا جيد، فبينت له بعد ذلك ما هو هذا، ولماذا وضعته.
والكفار دائمًا إذا رأوا المسلمين يتساءلون: لماذا هذا؟ ماذا يفعلون؟
وواجبنا أن نبين لهم، إنها فرصتنا للدعوة، قد تبدأ العملية بشيء عملي وليس بقولي، ثم بعد ذلك يكون التبيين.
نزع بعض النساء للحجاب الشرعي في السفر
إننا مع الأسف تتألم لما نسمع عما يفعله بعض نساء المسلمين من نبذ الحجاب إذا سافرن، سيلقى الحجاب وتصبح العباءات السوداء عند إقلاع الطائرة ألوانًا أخرى، ومن البنطلونات والبلوزات وغيرها تخرج أشياء، فهل رب الخارج غير رب الداخل؟ ولماذا يحدث هذا؟
وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ [الأنعام: 3]، وهو معكم أينما كنتم، لا تخفى عليه خافية، يستحيون من الناس ولا يستحيون من الله وهو معهم أينما كانوا.
عجبًا، هو الله ربنا في كل مكان نحن فيه، هو معنا بعلمه، مطلع علينا، فلماذا يفعل هؤلاء هذا؟
إن إحدى المسلمات لما جاءت في أحد المطارات وأصرت أن لا تكشف وجهها إلا عند امرأة، وقالت: هاتوا لي موظفة لكي أكشف عندها، لتتحقق من شخصيتي في إثبات السفر، فصار أخذ ورد وجدال وذهاب للمدير ومدير المدير، حتى في النهاية قالوا: لماذا؟ نريد أن نعرف لماذا تصرين ؟
فكان ذلك الإصرار وسيلة للدعوة إلى الله.
المسلم سفير الإسلام
نحن سفراء الإسلام إلى أي مكان ذهبنا، في أي مكان نحن دعاة إلى الله ، رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة: 5].
وبعض الذين يسافرون كذلك إلى أماكن الشواطئ كأن الشواطئ لها خصوصية في باب اللباس وستر العورة، كأن عندهم أن حكم العورات منسوخ في الشواطئ والسواحل البحرية.
فوا عجبًا كيف يتنازل المسلم عن هذه الأحكام في ستر العورات في الشواطئ أو في غيرها.
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل | خلوت ولكن قل علي رقيب |
ولا تحسبن الله يغفل ما مضى | ولا أن ما تخفي عليه يغيب |
الذين يذهبون إلى الشقق المفروشة وغيرها، الذين يذهبون إلى الشاليهات وغيرها.
أيها الإخوة: وهو معكم أينما كنتم، ويجب أن نعلم بأن الله -سبحانه وتعالى- مطلع علينا، وأنه يراقبنا.
وبعض الناس يقولون: نسافر إلى بلدان عربية، ونسافر إلى بلدان كذا.
ونقول: يا إخوان المسألة الآن ليست قضية عربية وغير عربية، صحيح أن بعض الشر أهون من بعض، لكن ممكن الواحد يسافر اليوم إلى بلد عربي، بل في داخل بلده ويفعل الموبقات، ويسافر إلى مكان بعيد ويمتنع عن المحرمات، لكن المسألة أيضًا في قضية كثرة وزيادة الاحتمال، فعندما نقول: بلاد الكفار، فنحن نعلم أن الشريعة قد منعت المسلم من الإقامة في بلاد الكفار، وأن النبي ﷺ قال: أنا بريء ممن أقام بين ظهراني المشركين ، وأن الله ذم الذين لم يهاجروا وأقاموا في بلاد الكفر، والملائكة تقول لهم: فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا [النساء: 97].
لماذا لم يهاجروا؟ لماذا رضوا بالإقامة في بلاد الكفار؟
لأن على المسلم الخطر في الإقامة في بلاد الكفار، ينقص دينه بالإقامة في بلاد الكفار.
وإذا شابهت بعض بلاد المسلمين بلاد الكفار في الفساد فلا يجوز الذهاب إليها، ولو كانت بلاد فيها مسلمون، ولذلك بعضهم يقول لك: أنا أذهب إلى البلد الفلاني، والبلد الفلاني، وبلد عربية، ولكن قد يكون فيها من المصائب ما هو أسوأ من بعض بلدان الكفار، كما حدثنا بذلك الذين سافروا، قالوا: والله وجدنا في بلاد في مدن عربية إسلامية فسادًا ما وجدناه في بعض بلدان الكفار.
ولذلك المسألة الآن صار في القضية أنت وما تختار واختيارك مسؤوليتك، ماذا يوجد في المكان الذي ستذهب إليه؟ فقد يقول: أنا أسافر إلى ريف نظيف إلى أماكن فيها غابات فيها طبيعة، نستأجر هنالك بيتًا ريفيًا.
الحمد لله، هذا شيء طيب، يفسح أولاده.
وقد يذهب إلى مكان من هذه الفنادق والسينمات والمسارح ودور اللهو وأنواع من المحرمات ينقص فيها الدين.
وعندما يقول العلماء: السفر إلى بلاد الكفار لا يكون إلا لحاجة مثل تجارة يقضيها ويعود، علاج لا يوجد في بلاد المسلمين يحتاجه، علم لا يوجد في بلاد المسلمين يتعلمه ليعود ينفع به المسلمين، الدعوة إلى الله فإن قضية الذهاب وإنفاق المليارات لتقوية اقتصاد الكفار وترك بلاد المسلمين ليس من المصلحة الشرعية في شيء البتة .
وقال العلماء: إنه يشترط إذا ذهب إلى بلاد الكفار لحاجة أن يكون عنده علم يدفع به الشبهات، وعقل يدفع به الشهوات، وأن يكون قادرًا على إظهار شعائر دينه.
فإذن، إذا لم يكن يقدر على إظهار شعائر دينه فإنه لا يسافر.
وهذا يقول: أنا أدرس في بلاد الغرب فهل آخذ معي أهلي؟
فنقول: إذا جاز ذهابك للدراسة هذه التي يحتاجها المسلمون ولا توجد عندهم وأنت ممن تتصف بهذه الصفات التي تجيز الذهاب، تدفع الشبهات والشهوات، فإذن، خذ أهلك فإنه أحصن لك.
حكم الزواج الصيفي
وكذلك فإن من المسائل التي تحدث في السفر السياحة ما يسمونه بالزواج الصيفي.
وبعضهم يذهب لأجله ليتزوج، ويطلق إذا عاد.
الزواج في الإسلام المقصود منه الاستدامة والبقاء.
الأصل في النكاح الاستدامة والبقاء، فإذا ما كان يريد الاستدامة ولا يريد إبقاء النكاح، فهذا يناقض أصل شرعي مقصود شرعي للنكاح، مقصود أساسي، وإذا تزوج فإن حددوا مدة فهذا نكاح متعة محرم واستئجار فرج معلوم، وإذا ما حددوا مدة وهو تزوجها وهم يظنون أنه يريد الاستمرار مع ابنتهم وهو يضمر أنه سيتركها ويطلقها ويرجع في آخر الإجازة، فهذا إن صح العقد للشروط من الولي والشاهدين والإيجاب والقبول ورضا الطرفين فإنه سيبقى آثمًا على نيته لغشهم، ولأنه لا يرضاه لابنته ولو علموا بنيته ما زوجوه.
الزواج في الإسلام واحد يتزوج لتبقى الزوجة معه، فإذا حصل ما كدر العيش ما أمكن الاستمرار صار الطلاق اضطراريًا.
وكذلك فإن الزواج الصيفي هذا الذي فيه أنه يذهب إلى أماكن فيها أولياء البنات والبنات والمأذون ويختار ويتزوج في كثير من الحالات علمنا أن البنات وأولياء البنات هؤلاء عندهم علم مسبق أن هذا سيطلق قبل أن يرجع إلى بلده، يقول: هذا زواج مؤقت، عندهم أن هذا زواج مؤقت، وإن ما تواطئوا عليه ولا ذكروه ولا نص عليه في العقد، لكنه معروف عرفًا، معروف أن هذا زواج مؤقت، فما حكمه؟ ما حكم الزواج المؤقت؟
أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء بأن هذا الزواج المؤقت محرم لا يجوز، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
فإذن، إذا كانوا يعلمون هو يعلم أن هذا زواج مؤقت، هم يعلمون وهو يعلم، فتقول لهم : فلماذا تزوجون ابنتكم وأنتم تعلمون أنه سيبقى معها مؤقتًا؟
قالوا: لأجل المال الذي سيعطينا إياه، وكم تسببت هذه القضية في مصائب عظيمة، فهو يتزوج في الصيف هذا اسمه الزواج الصيفي، ويطلق ويرجع فترسل له: إني حامل ولد، أرسل لي نفقة، هاتوا الإثبات، نضيف الولد، قال ما أدري، هو مني ما هو مني، وتأخذ ولدها إلى السفارة، تقول: هذا ولد صاحبكم ضائع ما له نسب ما في إثبات.
مصائب عظيمة جدًا، الذي يعرف هذا يعرف بأن زواج مثل هذا لا يمكن أن يجوز بهذا الاعتبار؛ لأن العلم موجود عند الطرفين أنه مؤقت، لو كانوا يظنون أنه سيستمر وخدعهم يصح العقد بشروطه الشرعية ويأثم على الخديعة، لكن إذا كان العلم مشترك بين الطرفين أنه مؤقت ويقولون :كل سنة تأتي نفس المجموعة من بلدان معينة، يتزوجون ويطلقون ويمشون، فكل الأطراف تعرف.
تخدع من؟ رب العالمين، يخادعون الله وهو خادعهم، صار يسمى هذا بالزواج السياحي، وهذا ترك وراءه زوجة، زوة تتراءى مجموعة يذهبون ويرجعون قد تركوا بنات ما بين خمسة عشر وأربعة وعشرين يتقاذفهن مصير مجهول.
وقد صارت بعض الدراسات التي خرجت بأن الزواج السياحي في عائلات متوسطة الحال بنسبة سبعة وخمسين في المائة، وعائلات فقيرة ثلاثين في المائة، والباقي تعتبر من العائلات الغنية.
وما يسمى بزواج المصياف هذا، وبعض الأحيان يحتفظ الزوجان بمعلومة مدة العقد، وطبعًا هذا نكاح متعة محرم، وكثيرًا ما يحصل ندم عجيب، وأسرة الفتاة تطلب وتطلب وربما يحصل فيها خديعة أيضًا من نوع آخر فهذا ذهب ليتزوج الزواج الصيفي المؤقت، ولما طلبوا اثنا عشر ألفًا وأعطاهم وحصل العرس، وأخذ البنت إلى الشقة استأذنته لجلب شيء، وطالت الغيبة فاكتشف أنها قد هربت، وأنه قد وقع في فخ إحدى العصابات المنظمة.
وهناك عمليات نصب واحتيال كثيرة جدًا، ويعقب ذلك كآبات مستمرة، ونوبات من الصرع التي تحدث لهذه البنت إذا خدعت، وله أيضًا إذا خدع في المقابل، وما يسمى بهذا الزواج السياحي الذي فيه المفاسد العظيمة، وتغامر المرأة في قبوله، وبعضهن صارت القضية الآن يتزوجها للذهاب في الصيف وفقط في الصيف يقول: أنا عندي سفر وأحتاج زوجة تسافر معي في الصيف فتأخذ منه أموالًا وتشترط أشياء وشقة وبيت والمسألة معلومة متعارف عليها بينهم أنها مؤقتة، وأنها ستنتهي بنهاية الصيف.
وبعضهن ربما رضيت بذلك خشية العنوسة.
وماذا يوجد بعد طلاقها؟
وكذلك فإن سوق المتعة الذي فتح وقام، الذي أدى إلى انتقال النساء هؤلاء من رجل إلى آخر؛ لأن هذه المرأة كل صيف تتزوج وتتطلق، كل صيف تتزوج وتتطلق، وهؤلاء يأتون يتزوجون ويطلقون وبعد، ولذلك قالوا: إن أحد الأشخاص ذهب إلى بلد من هذا النوع وتزوج وطلق، وبعد عشرين سنة ذهب إلى نفس البلد وتزوج، ولما دخل بالزوجة وجالس يتكلم معها وعن أهلها فأخبرته عن أمها، وقصة الأم ليكتشف أن هذه هي ابنته من تلك.
فإذن هذه الألاعيب وهذه الأشياء التي تحدث الآن، ويقولون: عفة، هو ليس مقيمًا هناك ليعف نفسه بزواج.
بعضهم يذهب ليتزوج، هذا الزواج الصيفي، والزواج السياحي، والزواج المؤقت، وتنفتح قضية تشريد الأطفال واللجوء للإجهاض؛ لأن المرأة أيضًا إذا حملت وتعرف أن هذا الرجل سيتركها ويمشي وستتورط في الولد، صار من أسباب فشو الرذيلة وإهانة المرأة وجعلها سلعة تباع وتشترى، وهكذا..
يا أخي: تريد السفر إلى مكان مباح اسحب زوجتك، أنت مقيم هناك لطلب الرزق للدراسة، لأي سبب، خشيت على نفسك تزوج بنية استدامة النكاح، فإذا صار بعد ذلك مشكلة أدت للطلاق؛ هذا شيء غير مخطط له سابقًا.
بعض مخاطر السفر وآثاره السيئة
عندما يذهب الإنسان بأولاده إلى الخارج فإنه مسؤول أمام الله عما يرونه من شعائر الكفر أو من أنواع المحرمات، ولذلك فلابد من الحذر الشديد جدًا، وإنما يحدث أيضًا من الإسراف في إنفاق الأموال سيسأل هؤلاء عنه، وإذا كانت الأشياء في المحرمات فهو تبذير محرم، وبعض الناس يجمعون ما أمامهم وما وراءهم ليسافروا، بعضهم يسافر بالأقساط، وبعضهم يقترض بالربا، والبنك يقول: سدد بعد الصيف، وهكذا باعوا بيوتًا كله لأجل سافر الناس، ولماذا يكون الناس أحسن منا، كل الناس سافروا، لماذا لا نسافر؟
يضغط عليه أهله لابد نسافر.
إذا كان لا يطيق ما عنده فلماذا يسافر؟
ليس السفر هذا مقصود لذاته، إذا كان الإنسان يشق عليه السفر فلماذا يورط نفسه؟
ثم لابد من الانتباه عند السفر لما يحدث فيه من الخطورة الأمنية أيضًا، فهذه سرق حليها، وهذا سرقت شنطة أمتعته، وهذا سرق جهاز الكمبيوتر المحمول، وهذا كان عرضة لعصابة، واحد منهم في المطعم، وبواب العمارة، وهؤلاء العمال ينقلون المتاع حقائب السفر، وصاحبها فوق في الشقة هو وأهله، وتحت توضع الأشياء في السيارة من هنا وتخرج من هنا، وتختار أجمل وأثمن الأمتعة لتسرق أيضًا.
وهذا يتعرض لمحاولة ابتزاز واقتحام وأشياء فيها دفع رشاوى من موظفين في مطارات وفي التفتيش وفي الجمارك، وإلى آخره.
وكذلك يذهب بعضهم إلى الأماكن التي يتعرض فيها حتى أهله للمضايقة، ومنعهن من الحجاب، والإجبار على الكشف، وربما ذل في بلاد الغربة تلك.
وندخل في قضية صناعة الأكاذيب، والنساء اللاتي يتباهين بالسفر، والتباهي والتفاخر على عباد الله محرم، فكيف إذا أضيف إليه الكذب لتقول: ذهبنا إلى جزر الكاريبي، والجزر العائمة، وقضينا كذا في أدغال كذا، وكله كذب، وتخرج لهم صور لتكتشف بعضاً من هذه الصور في مكان آخر، أو أنها منزوعة من مجلة، وبعضهن أيضًا تريد أن تقول: إنها ذهبت وذهبت ثم زوجها في مجلس آخر يقول: والله كنا محبوسين في الشقة عندها التلفزيون ما في فلوس خلصت فلوسنا، وهي تقول: سافرنا وعملنا.
التنافس في الآخرة وليس في الدنيا، وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين: 26].
قال الحسن البصري -رحمه الله-: "إذا استطعت أن لا يسبقك أحد إلى الله فافعل، من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره".
نحن ينبغي أن نعلم جيدًا بأن الشيء إذا غلبت مفسدته فإن الشريعة لا يمكن أن تقره، ولذا فإن البديل في كثير من الأحيان أن يكون هنالك سفر مقدور عليه، ويكون للدين منه نصيب بعمرة مثلًا، صلة رحم، ويوجد داخل بلدنا والحمد لله أماكن جيدة يمكن الذهاب إليها، والإنسان إذا لم يكن عنده قدرة على الإنفاق في السفر فلماذا يسافر أصلًا؟
وبعضهم يسافر ويرجع ويقول: والله ما رأينا إلا العذاب، تنغصت عيشتنا، وحصل لنا، وحصل، فليس كل الأسفار هذه فيها البسطة والترفيه والمتعة، السفر قطعة من عذاب في الأصل، ولذلك الإنسان لابد أن يوازن الأمور.
وبعضهم ربما يذهب إلى أماكن الحفلات الغنائية، ويأخذ الأولاد، ويذهب هو في جهة وبناته في جهة، والشباب في جهة.
سبحان الله العظيم! كيف يتركون؟
وتنفذ تذاكر الحفلات الغنائية بسرعة، وتشترى بالسوق السوداء، وهذا يأخذهم إلى ما يسمى: بالسيرك، وفيه من سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف: 116].
غير الاختلاط والأماكن التي فيها قلة الحياء، والتي فيها ذهاب الفضيلة.
فإذن، الاختيار، اختيار الأماكن هذه قضية مهمة جدًا، بعض الناس يذهبون لزيارة ما يسمى بالآثار، وبعض هذه الآثار لا بأس برؤيته، بل سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ [الروم: 42]
لكن في بعض الآثار زيارتها تعظيم لأصحابها، وربما كان فيها زيارة قبور، شد الرحال إلى أماكن فيها قبور تقصد أو يتبرك ويتعبد في تلك الأماكن قاصدًا السفر لها.
وطبعًا السفر للتعبد في مكان غير المساجد الثلاثة بدعة من البدع.
وبعضهم يتبركون بالآثار، يتمسحون بها، يذهبون إلى مشاهد شركية إلى أضرحة وقبور يشرك عندها بالله .
فلابد من الحذر، الحذر من هذا.
استغلال الوقت في السفر والإجازة
وأيضًا فإن المسلم يحفظ وقته في السفر، عندنا الإجازة الآن هذه ماذا خططنا لها؟
لقد أجريت إحصائية استبانة، اثنان وثلاثون في المائة من الأشخاص قالوا: إنهم خططوا لإجازتهم الصيفية.
وثلاثة وأربعون في المائة قالوا: ما خططنا.
وثلاثة وعشرون في المائة قالوا: ما فكرنا بالأمر أصلًا، ما فكرنا أصلًا نخطط.
الآن عندك إجازة فيها شهران، فيها ثلاثة أشهر
دقات قلب المرء قائلة له | إن الحياة دقائق وثوان |
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها | فالذكر للإنسان عمر ثان |
والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، والعصر، والفجر، والضحى.
الله أقسم بالوقت لنفاسته لعظمه.
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ [رواه البخاري: 6412].
يا أخي: إذا عندك وقت الآن ماذا يمكن أن تفعل؟
هل خططنا مثلًا لحفظ القرآن الكريم، دورات حفظ القرآن الكريم، مراجعة الحفظ للذي حفظ، حفظ السنة النبوية، دورات شرح السنة النبوية؟
المتون، لغتنا العربية ضعيفة تحتاج إلى تقوية.
نحتاج إلى دورات فقه في الحلال والحرام والأحكام.
نحتاج إلى دورات في العقيدة، شروح متون في العقيدة.
ينبغي أن نؤسس أنفسنا من طلبة العلم، ينبغي أن يكون لنا وقفات.
هل هناك كتب أو أشرطة مهم أن نسمعها؟ هل هناك رحلات دعوية؟ قد يكون بعض القرى والهجر، حتى الإنسان لو سافر للترفيه عن النفس سياحة كما يقولون.
هذه فرصة عظيمة للدعوة إلى الله .
وكذلك صلة الرحم، يذهبون أحيانًا إلى بلدان يتمشى وكل شيء ومطاعم وله أقارب ما زارهم ولا ذهب إليهم.
وقد يذهب الإنسان أحيانًا لتعلم مهارة، يسافر يتعلم صنعة مهارة، دورة يأخذ دورة يترتب عليها وظيفة، ترقية مثلًا.
الشباب الذين يريدون دخول الجامعات في المستقبل يأخذون دورات مثلًا امتحان القدرات والمهارات، التوفل في اختبارات اللغة الإنجليزية على سبيل المثال.
يا أخي: دورات الخط والإملاء حتى في اللغة العربية.
الاطلاع على بعض المواد المقبلة الصعبة في الرياضيات في العلوم.
المراكز هذه النوادي الصيفية التي تعين الشباب على الرفقة الطيبة، وطاعة الله، وتنمية المهارات، وصقل الشخصيات، وتعلم الأشياء المفيدة، زيارة أهل الخير.
يا أخي: ممكن ترحل رحلة تطوف فيها على المشايخ وتحضر فيها دورات علمية مكثفة، الآن أسبوعان، وعشرة أيام، وأسبوع؛ تستفيد منها فوائد، والحمد لله، قام سوقها، وكثر روادها، بفضل الله.
وترى الدروس من بعد الفجر إلى ما شاء الله، ومن بعد الظهر، ومن بعد العصر، ومن بعد المغرب، بعد الصلوات الخمس.
الآن صار فيه تطور، ارتقاء في قضية طلب العلم، فتحت منافذ لطلب العلم، جاءت أفكار جديدة.
الإنسان إذا سافر مع أهله ألا يتداخل مع أولاده؟ ألا يكتشف ماذا زرع المجتمع فيهم لتنقية النفوس مما حصل؟
الزوجة، أنت مقصر معها في أثناء السنة، الآن فرصة أن تتفرغ لزوجاتك، النبي ﷺ في السفر كان يسير على دابته وبجانبه زوجته على دابتها ويؤانسها ويسامرها في الليل، يسامر زوجته، وسابق عائشة في السفر.
القراءة، جدول قراءة، الكتب ما هي الكتب؟ واستشارة، تكون هناك جداول وأشياء توضع على مواقع في شبكات الأنترنت لكي يعرف الشباب ماذا يقرءون، وحتى لو راح مثلًا رحلة مع صاحبه يكون له كذلك فيها مواقف مشرفة.
الأرض تشهد بما عمل عليها عند رب العالمين.
هؤلاء النساء والبنات في دور تحفيظ القرآن، والأنشطة الصيفية فيها مجالات عظيمة للخير.
صارت بعض النساء إذا قعدت في البيت فسدت من الدش، وإذا ذهبت لدور تحفيظ القرآن استفادت كثيرًا.
أطفالنا يمكن أن ننمي مهاراتهم بأنواع كثيرة من الدورات التي فيها تنمية مهارات الأطفال.
ومن أشرف ما تقضى به الإجازات ولا شك طلب العلم، ذلك الشيء الشريف العظيم الذي جعل الله أصحابه ورثة الأنبياء، وجعل الملائكة تفرش أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع، وجعل سبل العلم مؤدية إلى الجنة، وجعل مرضاته واستغفار الدواب التي خلقها في العالم من أجل هؤلاء العلماء، وأراد خيرًا بمن يتفقه في الدين.
هؤلاء الذين يذهبون لطلب العلم في الإجازات في السفر وفي الحضر إنما يحرسهم علمهم، إنما يزكو بالإنفاق منه، ولو أن هؤلاء ازدادوا لزادهم الله رفعة.
إن العلم خير من المال.
المال تذهبه النفقات، والعلم يزكو.
المال يدعو للبخل ويدعو للتعلق بالدنيا، والعلم يدعو للتعلق بالله والدار الآخرة.
العلم ميراث الأنبياء، وهو حاكم في المال.
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم | على الهدى لمن استهدى أدلاء |
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه | والجاهلون لأهل العلم أعداء |
ففز بعلم تعش حيًا به أبدًا | الناس موتى وأهل العلم أحياء |
يا أخي: بعض العلماء استفاد من الذبابة، قال: الذباب كلما ذب آب ورجع، الذبابة هذه ما تمل وأنت تمل، قال: فكيف نحن نمل من طلب العلم؟
فهم لا زالوا يواظبون.
اطلب العلم ولا تكسل فما | أبعد الخير عن أهل الكسل |
واحتفل للفقه في الدين ول | تشتغل عنه بمال أو خول |
واهجر النوم وحصله فمن | يعرف المطلوب يحقر ما بذل |
لا تقل قد ذهبت أربابه | كل من سار على الدرب وصل |
في ازدياد العلم إرغام العداء | وجمال العلم يا صاح العمل |
جمل المنطق بالنحو فمن | يحرم الإعراب في النطق اختبل |
لا تقل أصلي وفصلي أبدًا | إنما أصل الفتى ما قد حصل |
قيمة الإنسان ما يحسنه | أكثر الإنسان منه أو أقل |
العلم ما يأتي بالسهل، لابد من التعب، وحتى ممكن واحد يذهب ماله، قال شعبة لأبي ربيع السمان: "لزمت السوق فأفلحت، ولزمت أنا الحديث فأفلست".
قيل لأحمد: إلى متى تطلب العلم؟ قال: مع المحبرة إلى المقبرة.
وهكذا..
لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله | لن تبلغ المجد حت تلعق الصبر |
نماذج رائعة في علو الهمة في تحصيل العلم
ونقتدي بالعلماء، إنهم في صبرهم وجلادهم في العلم عجب!
النووي مات وعمره ستة وأربعون، كم مجلد ترك؟ عجيب عجب! والله عجب!
ابن حجر قرأ معجم الطبراني بين الظهر والعصر.
عبد الله بن محمد فقيه العراق طالع كتاب المغني ثلاثًا وعشرين مرة.
الحر بن عبد الرحمن قال: طلبت إعراب القرآن خمسًا وأربعين سنة.
الجوهري قال: كل حديث لا يكون عندي من مائة وجه فأنا فيه يتيم.
حمدان بن هاني المقرئ قال: أشكل علي باب من النحو، فأنفقت فيه ثمانية آلاف حتى حذقته.
أبو الوفاء ابن عقيل ألف كتاب الفنون في أكثر من أربعمائة مجلد.
وعبد الله بن نافع جالس مالك خمسًا وثلاثين سنة.
إسماعيل الجرجاني الإمام كان يكتب كل ليلة تسعين ورقة بالخط الدقيق.
قرأ المزني كتاب "الرسالة" للشافعي خمسين مرة.
فيا أيها الشباب: أنتم الآن في الدورات العلمية، الله الله في استثمار الإجازة لهذه الدورات، بكر وخذ قلمك وأوراقك واحضر بذهنك وعقلك وقلبك، ذاكر قبل وبعد، واستحضر وأحضر ذهنك أثناء الدرس، واسأل، وأخلص النية لله، واحرص على اقتناء الكتب النافعة، قيد الفوائد والشوارد، وداوم على ذكر الله، واسأل الله الفهم.
وكلما بكرت بالعلم كان أنفع.
وما العلم إلا بالتعلم في الصبا | وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر |
ولو فلق القلب المعلم في الصبا | لألفي فيه العلم كالنقش في الحجر |
وما العلم بعد الشيب إلا تعسف | إذا كل قلب المرء والسمع والبصر |
وما المرء إلا اثنان عقل ومنطق، فمن فاته هذا وهذا فماذا سيكون إلا أنه قد ضيع نفسه.
الخلاصة: أن هذه الإجازة ينبغي أن تكون لله في الله سواء كانت في الحضر في السفر.
وهنالك من العبادات الكثيرة التي يمكن أن نفعلها، ولا بأس بالترويح عن النفس بالأشياء المفيدة، فعلى سبيل المثال: الدورات الرياضية، ألعاب الدفاع عن النفس التي تخلو من المحرمات، ممارسة أو تعلم بعض الدورات خصوصًا في هذا الحاسب الآلي الذي صار اليوم من أعجب العجب في تحكمه والأشياء التي يدخل فيها، فمن أراد أن يطور نفسه ويرتقي بها فله مجالات كثيرة والحمد لله.
والشاهد: أننا لما نقول نحن في إجازة فنقصد إجازة من أشياء معينة، ولكن الأشياء الأخرى لا زالت تسير في حياتنا.
نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يرزقنا التمسك بالعروة الوثقى، وأن ينعم علينا بالعمل ما يرضى.
سبحان ربنا -تبارك وتعالى-، والحمد لله رب العالمين.