الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الجيل الثالث


عناصر المادة
كثرة النعم وشكر الله عليها
التحذير من كفران النعم وجحودها
 
الله هو الصانع والتحذير من الاغترار بالصناعات الحديثة
مراحل تطور تقنية الجوال
خدمات ومنافع تقنية جوال الجيل الثالث
ماذا سيستخدم الناس في هذه التقنيات
وسائل التعامل مع تقنية جوال الجيل الثالث
سد الطرق المفضية إلى الحرام

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين، وحامل لواء الحمد، وصاحب المقام المحمود يوم الدين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها الإخوة والأخوات: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

كثرة النعم وشكر الله عليها

00:00:29

 
نحن في عصر التقنية تتوالى علينا المفاجآت، وتتواصل الاختراعات، وتتقدم الأجهزة، تأتي إلينا من كل حدب وصوب، تصبحنا وتمسينا بالجديد.
ولا شك أن الله قد علّم الإنسان ما لم يعلم، وأن هذه التقنيات من الله -تعالى- نعم تتوالى، وقال سبحانه وتعالى:  وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان: 20].
سخر لنا ما في السماوات وما في الأرض، وعلم الإنسان ما لم يعلم، فالواجب شكره.
قسم الله الناس إلى شكور وكفور، أبغض الأشياء إليه الكفر:  إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ  [الزمر: 7].
منا الشاكر، ومنا غير ذلك: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان: 3].
وشكرنا له على نعمه باعترافنا له بهذه النعمة، بنسبتها إليه.
اعترافنا بنعمة المنعم على وجه الخضوع هو الشكر، إضافتها إلى موليها، والثناء عليه بها، وعكوف القلب على محبته، والجوارح على طاعته، وجريان اللسان بذكره.
إذاً، الشكر بالقلب، واللسان، والجوارح كما قال العلماء.
الشكر بالقلب اعتراف لله بالنعمة، محبة الله على النعم.
الشكر باللسان بالثناء عليه بذكرها، ونسبتها إليه، وتعدادها، وإظهارها: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ  [الضحى: 11].
هذه النعم الكثيرة: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا  [النحل: 18].
إن الشكر بالجوارح يقتضي منا أن نستعين بهذه النعم على طاعته وليس أن نستعملها في معصيته،  اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا  [سبأ: 13].
وعدنا الله بالمزيد إذا شكرنا:  وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم: 7] لكن  وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 13].
لقد أصبح يوماً من الأيام مؤمن وكافر عندما نزل المطر، وقال بعض الناس: مُطرنا بفضل الله ورحمته، وقال آخرون: مُطرنا بنوء كذا، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب  الذي قال: مطرنا بفضل الله ورحمته.
وأما من قال: بنوء كذا وكذا  فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب  [رواه البخاري: 846، ومسلم: 71].
يسر الله للإنسان سبل المعرفة، ولولا فضله -تعالى- ما استطاع الإنسان أن يتوصل إلى شيء: وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ  [النحل: 53].
الجوالات من أين؟
من الله.
الغسالات والثلاجات والمكيفات والحاسوبات، من أين؟
من الله.

التحذير من كفران النعم وجحودها

00:03:21

 
الله جعل في هذا الكون قوانين، قانون الطفو ولولا ذلك ما سارت البواخر في المحيطات.
قوانين جعلها في هذا الكون ومنها هذا الهواء، فإن الصوت لا ينتقل في الفراغ.
قوانين هي من نعم الله في الحقيقة.
هذه النعم التي تتوالى علينا، وهذه النعم التي ينبغي علينا أن نشكره -تعالى- عليها وليس أن نكفره؛ لأن من الناس من يكفر بنعمة الله، ومنهم من إذا مكنه الله من شيء فإنه يتحدى ربه -والعياذ بالله-.
ألم يأتك خبر السفينة الكبيرة الضخمة، الباخرة "تايتنك" التي كانت في وقتها أعظم سفينة اخترعتها البشرية، وتم بناؤها بأحدث الأنظمة، تحدى صانعوها قدرة الله، غرتهم أنفسهم، واغتروا بقوتهم، كتبت عنها الصحافة البريطانية على لسان هؤلاء الملاحدة: إن الله لا يقدر أن يغرقها.
وقال قبطانها عشية إبحارها: الآن سنتحدى الآلهة.
لقد ظنوا أنه لا يقدر على إغراقها، وانطلقت باسم المارد، ولكن الله -عز وجل- كان لها بالمرصاد، فأغرقها في أول رحلة لها بسبب لم يحتسبوه، وأتاهم من حيث لا يشعرون، اصطدام بسيط بأحد الجوانب بجزء من جبل جليدي فاجأها وهي تسير بأقصى سرعتها، وخلال أقل من ثلاث ساعات انشطرت السفينة إلى قسمين وغرقت في قاع المحيط على عمق أربعة آلاف متر، وغرق معها ألف وخمسمائة وثلاثة وعشرون شخصاً من ركابها وطاقمها ونجا سبعمائة وخمسة فقط ليكونوا شاهدين على تلك الخسارة العظيمة التي حلت بهم: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[الزمر: 67].
وعندما أطلقوا صاروخاً إلى الفضاء مزوداً بأحدث التقنيات يحمل من الأجهزة، والآلات، والأقمار، كتبوا عليه:(Challenge to God)  التحدي لله، ففجره الله في السماء فصار منظره كالألعاب النارية.

يا رب هذا العصر ألحد عندما *** سخرت يا رب له دنياك
علمته من علمك النووي *** ما علمته فإذا به عاداك
ما كاد يطلق للعلا صاروخه *** حتى أشاح بوجهه وقلاك
واغتر حتى ظن أن الكون *** في يمنى بني الإنسان لا يمناك
أو ما درى الإنسان أن جميع ما *** وصلت إليه يداه من نعماك
لو شئت يا رب هوى صاروخه *** أو لو أردت لما استطاع حراكا
يا أيها لإنسان مهلاً واتئد *** واشكر لربك فضل ما أولاك
واسجد لمولاك القدير فإنما *** مستحدثات العلم من مولاك
أفئن هداك بعلمه لعجيبة *** تزور عنه وينثني عطفاك
كل العجائب صنعة العقل الذي *** هو صنعة الله الذي سواك
والعقل ليس بمدرك شيئاً إذا *** ما الله لم يكتب له الإدراك
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي *** بالله جل جلاله أغراك؟

 

الله هو الصانع والتحذير من الاغترار بالصناعات الحديثة

00:07:05

 
ولذلك لا يغتر الناس بما صنعوا فإن الله أحسن الخالقين وهو المصور، والمقدر، والخالق لما فعلوا، وقد قال سبحانه وتعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ  [الصافات: 96].
وقال النبي ﷺ:إن الله يصنع كل صانع وصنعته قال ابن حجر: "حديث صحيح" [رواه البخاري في خلق أفعال العباد، ص: 46، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 1673].
إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [النحل: 74] هذه أشياء خلقها الله في الأزمنة المتأخرة، ما كان يدور في خلد من سبق أنها ستكون: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [النحل: 8].
يخلق في البر، والحر، والجو، يخلق في الباطن والظاهر، يخلق وهو أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ  [المؤمنون: 14].
وما اخترع البشر شيئاً إلا وعند الله ما يفوقه؛ فلما اخترعوا هذه المراكب السريعة أغفلوا أن نبي الله ﷺ لما أسري به إلى بيت المقدس أُتي بالبراق، وهو دابة، أبيض طويل؛ كما جاء في الحديث الصحيح  يضع حافره عند منتهى طرفه، فلم نزايل ظهره أنا وجبريل حتى أتيت بيت المقدس [رواه أحمد: 23332، وقال محققو المسند: "إسناده حسن"].
وإذا ظنوا بأن السرعة عندهم أكثر فإن النبيﷺ قد أسري به وعرج به بعد ذلك إلى السماء ورجع في نفس الليلة.
ما هو المعراج؟
مفعال من العروج، الآلة التي يعرج فيها، أي يُصعد، وهي بمنزلة السلم.
لكننا لا نعرف كيف هو، لكنه من المغيبات.
لما رجع النبي ﷺ وأخبرهم بذلك استهزءوا به، فقال ابن عباس -رضي الله عنه-: قال رسول الله ﷺ:  لما كان ليلة أسري بي وأصبحت بمكة عرفت أن الناس مكذبيّ ، فقعد رسول الله ﷺ معتزلاً حزيناً، فمر به أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ قال:  نعم  قال: ما هو؟ قال:  أسري بي الليلة قال: إلى أين؟ قال:  إلى بيت المقدس  [رواه أحمد: 2819، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"].
وفي الحديث الصحيح: أنهم طالبوه بوصفه، فقالوا: هل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفي القوم في قريش من سافر إلى فلسطين، إلى ذلك البلد، إلى الشام ورأى المسجد.
فقال رسول الله ﷺ: فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت.
فجيء بالمسجد وأنا أنظر حتى وضع دون دار عقال -أي عقيل- فنعته وأنا أنظر إليه فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب"[رواه أحمد: 2819، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح على شرط الشيخين"، وهو في السلسة الصحيحة: 3021].
وفي رواية:لقدر رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كرباً ما كربت مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به [رواه مسلم: 172].
وإذا قالوا لك: إن الأصوات ننقلها اليوم بالسرعة الفائقة، فقد نقل الله للصحابة صوت حجر ألقي من شفير جهنم، جهنم في أسفل سافلين، سمع الصحابة وجبة صوتاً وضجة، فقال النبي ﷺ:  أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال:هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً، فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها[رواه مسلم: 2844].


وإذا قالوا: نقلنا الأصوات، ونقلنا الصور، ونقلنا النصوص، فنقول لهم: في عهد سليمان -عليه السلام- نقل ربنا -عز وجل- بإذنه عرش بلقيس من اليمن إلى الشام: قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ[النمل: 40] صاحب العلم الشرعي.
قيل: كان يعرف الاسم الأعظم.
أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ[النمل: 40] نقله عبر الجدران، والأبواب، وهذه الحوائط للقصر من اليمن إلى الشام.
كيف؟ الله أعلم، كيف اخترق تلك الجدران.
في كم؟ قال: قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ .
يقول علماء الأحياء: حركات الجفن عند الإغماض ثلاثة:
أولاً: إغلاق الجفن، وهذا الهبوط وسرعته خمسة في المائة من الثانية.
هذه اللمحة السريعة جداً تتكون من ثلاث حركات: إغلاق الجفن وسرعته خمسة في المائة من الثانية.
ثانيا: سكونه مدة يسيرة جداً قبل أن ينفتح مرة أخرى يبقى ساكناً مدة خمسة عشر في المائة من الثانية.
ثم ارتداده وانفتاحه مرة أخرى وبسرعة عشرين في المائة من الثانية.
إذاً، قبل أن يرتد إليك بصرك، هذه نصف ثانية، نصف ثانية انتقل العرش من اليمن إلى الشام عبر الجدران والأبواب، فماذا يستطيعون أن يعملوا اليوم؟ وبأي شيء يتباهون؟
مهما فعلوا فقد أخبرنا الله عن أفعاله، وأفعال ملائكته، سرعة جبريل ينزل من السماء إلى الأرض ينقل خبر في حادثة حدثت الآن: "إني في ناحية البيت ما أسمع ما تقول"، وهي خولة بنت ثعلبة تشتكي إلى النبي ﷺ-، فأنزل الله:قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا[المجادلة: 1].
عُمر على المنبر بعد رؤية رآها أن سارية وأصحابه الذين أرسلهم لفتح وفي المغازي قد حوصروا، قال: يا سارية الجبل! يا سارية الجبل! فسمع سارية الصوت، أبلغه الله إياه من هذا البعد.
وهذه القصة ذكرها الألباني -رحمه الله- في سلسلته الصحيحة [فضائل الصحابة، لأحمد: 355، والشريعة للآجري: 1363، وحسنها الألباني في مشكاة المصابيح: 5954].
وأن سارية قد التجأ إلى الجبل وحمى ظهره بالجبل هو ومن معه، فكتب الله النصر لهم.
فأين يذهبون؟ وبأي شيء يتباهون؟
إن كل هذه السرعات في النقل حتى في وسائل المواصلات، كانت الريح تنقل نبي الله سليمان: غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ [سبأ: 12] المسافة التي تقطعها الرياح في ساعة تعادل ثلاثين مرة قدر غدونا أو رواحنا، وهذا دليل على سرعتها العظيمة، تنقل سليمان -عليه السلام- بالجن، والإنس، والطير: وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ [النمل: 17] هؤلاء تنقلهم مجاهدين في سبيل الله -عز وجل-.
هكذا إذاً سرعة النقل، أصوات، أجسام، حتى الصورة، بيت المقدس نفسه رفع إليه، الله أرى محمداً ﷺ أراه بيت المقدس أمامه، وكشف له الحجب حتى رأى الجنة والنار، فماذا بقي لهؤلاء من تفوق؟
وما عند الله أعظم، وفي الجنة من النعيم المدهش الذي لا يخطر على قلب بشر.
في الجنة تتفاعل الأشياء مع إرادة وشهوة الإنسان في الجنة، إذا اشتهى الطير الذي يراه يطير فوقه يخر بين يديه مشوياً: قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ[الحاقة: 23] وثمارها تدنو إلى الراغب، يأخذ ويخرج مكانها فوراً، ماذا صنعوا؟
بجانب التقنيات الكبيرة الموجودة قدرة الله عظيمة، والله هو الذي مكنهم منها، ولولا أنه مكنهم ما استطاعوا اختراعها، ولذلك نقول: لا يغتر الإنسان بما اخترع فإن الله أكبر، وإن الله هو الذي مكنه وأقدره على هذا.

مراحل تطور تقنية الجوال

00:15:59

 
ثورة الاتصالات، صار محور الحياة في هذا الزمان الهاتف الجوال، تشير الدراسات إلى أن 60% من اتصالات الناس الآن تتم عبر الهاتف الجوال، و16% عبر الثابت، و13% عبر الإنترنت، ونسبة ضئيلة جداً فيما يعرف بـ "البرودبانت".
لقد مر الهاتف الجوال بمراحل عديدة، وهو أحد مخلوقات الله -تعالى- في هذا الزمان، ونعمة من الله -تعالى-، مر بمراحل عديدة منذ أن قدم كوسيلة جديدة، وغير في سلوكيات المجتمعات، وأعطى حرية التنقل والاتصال في الزمان والمكان شريطة توافر غطاء الشبكة.
وكان الجيل الأول يستخدم النظام التناظري "آنا لوق" وكان ذا تكلفة عالية، وخدمات محدودة، ولا يتمتع بالسرعة اللازمة لنقل البيانات.
-طبعاً- هذا ظهر بعد الهاتف السيار الذي كان في سيارات الناس.
الجيل الثاني الذي استخدم النظام الرقمي "الديجيتال" الذي يقدم خدمات البيانات البسيطة كإرسال الرسائل القصيرة والفاكس بالإضافة إلى المكالمات الصوتية، وتم إدخال بعض التحسينات على شبكة الجيل الثاني لدعم نقل البيانات والوصول إلى الإنترنت، وهي تقنية الـ GPRS
وقد استوجب تصنيع أجهزة متطورة قد تحول معها جهاز الهاتف الجوال إلى حاسوب صغير يمكن مستخدميه من التقاط الصور بالإضافة إلى عدد من البرامج الحاسوبية المتقدمة، وإمكانية تصفح الإنترنت، والإرسال والاستقبال للملفات وكذلك البلوتوث.
ورافق هذا التطور في الأجهزة زيادة السرعة، فظهر الجيل الثالث، وتم بناء شبكة جديدة رُبطت بشبكة الجيل الثاني تدعم السرعات العالية جداً التي تصل إلى 384 كيلو بايت في الثانية مما يتيح خدمة إدخال البث الفضائي عبر الجوال، وغير ذلك من الخدمات.
ثم أضيف إليها تقنية "هاي سبيد داون لينك فكت أكسس HSDPA وبذلك تصل السرعة إلى اثنين مليون نبضة في الثانية، وهو ما يسمى "ثري بوينت فايف جي" الجيل الثالث للجوال، ويتكون من هذه الأحزمة عالية السرعة في التلقي، قنوات تلقي الاتصال عالية السرعة.

خدمات ومنافع تقنية جوال الجيل الثالث

00:18:26

 
وهذا الجيل الثالث الذي ظهر الآن والله أعلم بما سيكون بعده، فهم يخططون على الجيل الرابع، وما بعده، والخدمات التي سيقدمها، والخدمات التي يقدمها جوال الجيل الثالث في متعدد الوسائط والخدمات "وايد بانت كون ديفيجن مالتبل أكسس" قنوات الاتصال ذات الترددات العالية التي يتمكن بها مستعملها من المكالمات المرئية، والبث المباشر للقنوات التلفزيونية عبر شبكات الجوال، وتصفح الإنترنت بالسرعات العالية التي تصل إلى 384 كيلو بايت في الثانية، ونظام CDMA الذي سيطور بشكل قاطع طرق الاتصال بين البشر ونفاذهم إلى المعلومات.
وستكون هذه السرعة العالية ممكنة من عمل أنشطة كثيرة عبر هذا النظام.
بالإضافة إلى رسائل الوسائط المتعددة MMS فإن هذا النظام "جوال الجيل الثالث" يتمتع بنقاوة عالية في نقل الصوت والبيانات، أكثر أماناً مع حماية فعالة من التسرب للمكالمات أو البيانات، وحماية ضد الاختراقات.
نجاح الاتصالات، مرات المكالمات الناجحة عبره، مرات المكالمات الفاشلة أقل بما يساوي 15% من الجوال التقليدي.
أجهزة الهاتف تعمل باستخدام إشارات ترددية منخفضة جداً مما يجعلها أكثر أماناً عند الباحثين.
توفر استهلاك البطارية.
سهولة ومرونة في تطوير النظام، وترقيته، وتحديثه.
لا يحتاج إلى تخطيط الترددات.
يوجد حالياً أكثر من 89 مشغل لخدمة CDMA 2000 في العالم.
تم تركيب أكثر من 94 شبكة في آسيا، وأمريكا، وأوروبا.
تم تصنيع أكثر من 602 نوع من هذه الأجهزة.
بلغ عدد المشتركين في هذا النظام أكثر من مائتين واثنين وعشرين مليون مستخدم من أصل اثنين مليار فاصلة أربعة مستخدم للجوال عموماً في العالم.
الجيل الثالث من الجوالات فيه خدمات مبتكرة ومتقدمة في الاتصالات تمكن من تلبية الاحتياجات في المجالات المتقدمة والمتطورة.
وتعزيز قدرة عرض النطاق والسرعة.
توفير اتصالات الوسائل المتعددة بصورة فورية بالزمن الحقيقي.
وتوفر الوصول إلى البيانات بجودة أفضل وسرعة أعلى.
دعم الاتصال المرئي.


ستشعر كأنك موجود مع الطرف الآخر، وهذه الخدمة يستفيد منها المغتربون عن ديارهم وأهليهم وأزواجهم؛ لأن هناك بالنسبة للذين يتكلمون مع المسافات البعيدة فارق زمني أحياناً في وصول الصوت من الطرف البعيد إلى السامع، هذا الفاصل سيزول تقريباً.
الحد من محاولات الاختراق.
ونقل الأحداث بالصوت والصورة؛ لأن هذا الجوال هو عبارة عن وسيلة بث مباشر.
إذاً، هذه الوسيلة يمكن أن تستعمل في متابعة ميدانية للأحداث التي تقع لإخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مما يزيد تفاعل المسلمين مع قضايا أمتهم.
وأيضاً سيؤدي إلى الحصول على وسائل لتثبيت وإثبات الجريمة في موقعها بحيث تمكن رجال الأمن، وحتى هذه المنكرات الشرعية تمكن رجال الحسبة من ضبطها، وسوف يصوّر المجرم في لحظتها وسيارته قبل أن تفر أو وهي تفر.
وسيكون مثبتاً لوقائع سيتعامل معها القضاء بعد ذلك في قضية اكتشاف التزوير، وهي مسألة مهمة بالنسبة لهذا النوع من الأجهزة، وما تلتقطه وتخزنه.
سيتم عبر الجيل الثالث النفاذ إلى مجموعة من الخدمات اللاسلكية عريضة النطاق، التي توفر معلومات شخصية وتجارية يمكن للمشتركين تلقي أخبار مسبقة التحديد ومعدة لهم.
كذلك البحث عن نشرات تؤدي إلى مواد مرئية أو سمعية.
وصول إلى البريد الإلكتروني المصور والسمعي كما هو موجود في الجيل الذي قبله.
تنظيم المؤتمرات بالفيديو.
إذاً ممكن يستعملها في نقل المحاضرات الإسلامية عبر أنحاء العالم، وذلك بالصوت والصورة.
يمكن كذلك تشغيل الراديو عبر هذا الجهاز، فيه نوع من المرونة.
وأيضاً تقليص الثغرة في مجال الاتصالات بين الدول المتقدمة والنامية.
الأنظمة اللاسلكية قليلة التكلفة نسبياً فيما يتعلق بتركيبها، وإدارتها، وصيانتها.
يمكن أن يتم المتابعة عن بُعد للبيوت مثلاً أو رعاية الأطفال داخل البيوت.
المرأة ترى طفلها من بُعد إذا كان نائماً، لتحضر إذا استيقظ، وتراقب كذلك المطبخ إذا كان هنالك شيء ما يحترق.
-طبعاً- أنظمة التعليم عن بُعد سيستخدم في هذا النظام في عملية نقل المحاضرات والدروس، وعمل أنشطة كبيرة للتعليم عن بُعد والتدريس عن بُعد.
كذلك يمكن أن يتابع الإنسان المكتب، أو المصنع، أو الشركة، والمؤسسة، إلى آخره عبر هذا الجوال.
كذلك معرفة مكان صاحب الجوال بالإحداثيات بدقة للوصول إليه حتى إذا كان يحتاج إلى إسعاف أو إنقاذ مثلاً فإن ذلك سيكون بسهولة.
الحصول على خدمات تنبيه وتحذير خاصة بالزلازل، والطقس، والأسواق المالية، وغيرها.
إجراء العمليات التجارية المالية بدقة، وأمان، أو سرية أعلى من ذي قبل.
وهذا الجيل الثالث من الجوالات لا شك له منافع كبيرة جداً إذا نظرنا من الناحية الإيجابية.
قلنا بأن الشركات مثل NTT اليابانية أنها الآن تدخل في موضوع الجيل الرابع بسرعة مائة ميغا بايت أثناء التحرك، واحد غيغا بايت أثناء الوقوف، وهذه سرعة كبيرة جداً ستكون في تقنية الجيل الرابع من الجوالات.
طبعاً هذا الجيل الرابع من الجوالات يتحدثون أنه سيربط بين التلفزيون والإنترنت والهاتف لتكون بيئة واحدة، فهو يعتمد على دمج البيئات.
بيئة التلفزيون، وبيئة الجوال، وبيئة الإنترنت في بيئة واحدة.
الخطط تشير إلى أنه سيتم اعتماد نظام الجيل الرابع في عام 2010.

ماذا سيستخدم الناس في هذه التقنيات

00:25:03

 
التقنية تتقدم بسرعة، لكن ماذا سيستخدم الناس هذه التقنية؟ في أي شيء سيستخدمون هذه التقنية؟
مع الأسف الشديد -أيها الإخوة والأخوات- إن الشيطان يدل بني آدم على استعمال مثل هذه التقنيات في الأمور السيئة، حتى ليغلب استعمال هذا الجوال في السيئات عند الكثيرين على الحسنات والإيجابيات.
-طبعاً- هذا الجوال قد يقال: إنه إنترنت متحرك في إمكاناته، نعم هذا صحيح.
وبعض الأحيان بسرعة أعلى مما هو موجود الآن في شبكات الإنترنت، هذه سهولة؛ لأن الإنترنت تحتاج إلى أجهزة في استعمالها كبيرة، ولكن هذا جوال موجود في الجيب، خفيف المحمل، وهو يسافر مع الناس في حلهم وترحالهم وفي ذهابهم ومجيئهم.
معه مكتبة، معه إذاعة وتلفزيون، ومعه كم هائل من المعلومات، يسير مع الإنسان، سيستطيع الوصول إلى مكتبات عالمية، لكن في أي شيء سيستعملونه؟ مكتبات أغاني؟ مكتبات مقاطع موسيقية؟ مكتبات للمحتويات الإباحية، والدعارة، والفواحش، والصور العارية، ومقاطع الفيديو المحرمة؟ سيتم عبره الاتصال بين هؤلاء الفسقة والفاسقات والفاجرين والفاجرات؟ ستتم أنواع من التقريب بين الجنسين بالحرام؟
وكذلك سترتفع الفواتير ومجال الإنفاق وسيزيد مجال الإنفاق في هذه الجوالات إذا كان واحد من الشباب يعترف بأنه خلال سنتين أنفق في فواتير، في اتصالات مع واحدة فقط 140 ألف ريال يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا * أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ [البلد: 6 - 7].
إن هذا النوع من الجوال كذلك سيستمر في مزيد من التجسس على عورات النساء، ونقل ذلك نقلاً مباشراً، وإذا كان الجوال إذا ضبط في حفلة عرس فيما سبق وأتلف الجوال تنتهي المشكلة؛ لأن ما فيه قد ذهب، فإن الجوالات الآن ستبث بثاً مباشراً من ذلك المكان، ومعنى هذا أن المرأة ينبغي أن تتعامل مع كاميرا الجوال في الجيل الثالث وغيره كاميرا الجوال كما تتعامل مع الرجل الأجنبي، إنه عين تنظر إليها، بل وتنقل ما تسجل الدعايات التي تحتوي على الأمور الهابطة، السيئة، الفاحشة، حتى إن بعض الشركات التي حصلت على تراخيص لإقامة جوال الجيل الثالث بعض البلدان كشركة "فودافون" مثلاً في بريطانيا، حصلت بعض الشركات على رخصة الجيل الثالث ببلايين الجنيهات الإسترلينية، ممكن عشرة بليون جنيه إسترليني، حتى إن بعض أصحاب الشركات أو بعض ملاك الأسهم احتجوا على هذا القرار في الشراء لأنهم متى سيحصلون الأرباح؟
ولكن الدراسات تفاجئ بأن ما سيحققونه من طريق نشر الفواحش، والفواحش المصورة، والخنا، والفجور سيدر عليهم أموالاً تغطي قيمة رخصة جوال الجيل الثالث.
سينبني على ذلك بطبيعة الحال: هتك العورات، إيذاء المؤمنين والمؤمنات، انتهاك الخصوصيات والحرمات، الإفساد بين الأزواج والزوجات.
إن هذه صور ستنقل يميناً وشمالاً.
وحتى الانشغال بالموسيقى والنغمات، وستكون الجودة العالية والمكان التخزين الطويل، القدرات الاستيعابية، ستراهم سكارى وهم يمسكون هذه الجوالات يستمعون عبرها للأغاني، وآخر ما جد في هذا العالم من المحرمات.


إن من ضمن خدمات جوال الجيل الثالث: الألعاب التفاعلية، ومعنى ذلك: أنه لا يمكن أن نرى طفلاً يلعب فنقول له: مع من؟ يقول: مع شخص من فنزويلا! وآخر يلعب مع واحد في أستراليا، وهو مقيم هنا، طبعاً هذا كله بالتكلفة والفواتير التي ستكون على ظهور آبائهم.
وأما انتشار الفيروسات والاختراقات فطبعاً ستكون أشد؛ لأنه كلما يكون في الجوال هذا عرضة للنسخ والنقل، كما يتم التجسس على مواقع الإنترنت، تخريب الجوالات بهذه الفيروسات أيضاً سيكون أكثر، والتجسس على خصوصيات الناس، وتمكين الجشعين والاستغلاليين من الحصول على معلومات شخصية، وتباع لشركات على أنها معلومات زبائن، وسيطرت الشركات على سوق البرمجيات؛ لأن هذا الجوال سيصبح جهاز كمبيوتر محمول صغير.
وإن استعمال هذا الجوال في أمور الحرام والمواعدات كما هو حاصل الآن مع الأسف سيزيد ذلك.
إن قضية مقطع تم تصويره في استراحة أو في نفق من الأنفاق أحدث ضجة كبيرة في المجتمع، ولم تكن هنالك قضية نقل مباشر وبث مباشر، فكيف إذا صار هنالك بث مباشر عبر الجوال؟ صور، وسجل، وانقل، فماذا سيكون الحال؟
إن النقل هذا يشمل حتى نقل الأشياء التافهة، أشياء حتى لا تساوي الزمن الذي يتم فيه النظر إليها، ولا السماع، ولا الرؤية، ستكون هي ديدن الناس وما ينقلونه مع الأسف.
إنه عصر السخافات، عصر الترهات، عصر سفاسف الأمور.
لقد تم إجراء دراسة على ألف ومائتين فتاة ما بين سن الثامنة عشرة والخامسة والعشرين أظهر نتائج عجيبة الآن في جوال الجيل الثاني: 82% يتعاملن بخدمة البلوتوث
وإذا علمت أن قريباً من 90% منهن يقلن بأن مقطع البلوتوث إذا كان له عنوان إسلامي فإنهن يرفضن فتحه، واستقباله، وتخزينه، معنى ذلك أن أكثر ما تستعمل فيه التقنية في الشر.
أكثر من 75% من محاولات اختراق البروكسي في شبكة الإنترنت تتم إلى المواقع الإباحية، المحرمة، مواقع الفحش.
الناس يحبون المظهرية، الناس يريدون التميز بزعمهم، ويريدون استبدال جوالاتهم، ويأخذون بزعمهم هذه التقنية لأفضل جوال للجيل الثالث، سرعته ثلاثين ضعف سرعة الهواتف التي تتبع تقنية حزمة الخدمات اللاسلكية العامة، وهذا مما سيحفز الناس على اقتنائه.

وسائل التعامل مع تقنية جوال الجيل الثالث

00:32:01

 
فكيف نتعامل مع هذه الشرور الكثيرة التي نتوقع أن يستعمل فيها جوال الجيل الثالث؟
أولا: إن هذه التقنية -أيها الإخوة- التي هي نعمة من الله إذا صارت محل الكفران، إذا صارت محل الاستعمال بما يغضب الله فإن هذا دليل ضعف الإيمان، ومعصية الرحمن، هذا دليل على فراغ القلوب من خوف علام الغيوب، ولا بد أن نعود إلى الله، ولا بد أن نراقب الله .
لا شك أن هذا يحوي كثيراً من الصور والمقاطع، هذه الملتقطة، والمخزنة، والمرسلة.
التقاط، تخزين، إرسال، استقبال، ستكون فتن عظيمة فقد فتنت الشباب هذه الصور والفتيات.
عملية الإشاعة عبر الإرسال الآن بسرعة أعلى، ودقة أعلى، وتخزين أعلى  إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[النور: 19].
إذا كان مجرد محبة أن تشيع عليها هذا الإثم فكيف بمن أشاع؟
لاحظ الآية -يا أخي، أيتها الأخت-: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ موجع للقلب والبدن لما حصل من غش للمجتمع كله، محبة الشر للمسلمين، الاجتراء على أعراضهم، ولذلك فإن إشاعة هذا الأمر أسوأ من محبة أن يشيع، فإذا رتب الله العذاب الأليم على محبة الإشاعة، فكيف بمن أشاع؟
وجوال الجيل الثالث سيكون من أعظم وسائل نشر هذه الفاحشة في العالم: وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا * يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 27 - 28].
الشريعة حرمت ما هو أقل من النظر بالنسبة للنساء الأجنبيات، فقالﷺ:لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها[رواه البخاري: 5240] يعني هي لا تخالطها وتلامسها ثم تصف لزوجها بشرة هذه المرأة الأخرى، ونحو ذلك من صفاتها، ثم تقوم بنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها، وهذا يؤدي إلى الافتتان بالموصوفة، ويؤدي إلى تطليق الواصفة، والزهد بها، وكذلك يؤدي إلى انتهاك حرمات المؤمنات.
وقال الشيخ على بن الحسن الحموي الشافعي -رحمه الله- معلقاً على الحديث: تالله لقد صدق رسول الله ﷺفيما ذكر لأن الرجل الأجنبي إذا سمع وصف امرأة أجنبية، تشكلت في قلبه، وانطبعت في مرآة نفسه، ويوحي الشيطان لعنه الله له عند ذلك كلاماً من غروره وأمانيه، ويحول بينه وبين تقوى الله ومرضاته، وتخطر له هنالك خواطر قبيحة، وهواجس ذميمة، فتارة بالزنا، وتارة بالفحشاء.
وهذه خطورة الصور -يا إخوان-، هذه خطورة مقاطع الفيديو، مقاطع البلوتوث التي ستنقل الآن بشكل مباشر، أنها تُرغب في الحرام، تعلق القلب بالحرام، صورة الحرام تنطبع في القلب، وهكذا يهيج القلب، والغريزة، والنفس لارتكاب ذلك، وتقليد ما هو موجود في هذه المقاطع وهذه الصور، ويل لهم.
ثانياً: الاستطالة على الحرمات والأعراض مما سيؤدي إلى حدوث الكوارث الأسرية، كم من الأسر باتت مهددة بالدمار والفضيحة؟ وكم فرق أصحاب السوء بين الأحبة؟ وكم أقضوا مضاجع العفيفات وأرقوا نومهن، وذلك أن ذوي المرأة ستأخذهم الغيرة وتتحرك الحمية في نفوسهم بسبب هذا التصوير، وهذا المقطع المرسل، وإذا اطلع أهلها -وربما تكون بريئة أو لا تكون- على هذه الصور فكيف ستكون النتيجة؟ وإذا كانت متزوجة فكيف سيكون وقع ذلك على زوجها؟ وإذا كانت غير متزوجة فماذا سيفعل أهلها بها وبمن صورها؟


إنه شيء يؤدي إلى الهيجان، والإثارة، والعداوة، والاقتتال، وحدوث المصائب، والضرب، وكذلك الهجران، والطلاق، والمقاطعة بسبب هذه الأشياء.
ونحن نعرف من الواقع الآن بالجيل الثاني ماذا حدث فكيف بالجيل الثالث؟
قصص مأساوية:وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب: 58]، وقال تعالى:وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا[النساء: 112].
يقوم أصحاب النفوس المريضة وأصحاب الشهوات باستغلال كل وسيلة لأجل إفساد البيوت من خلال هذه الصور، هذه الانحرافات الأخلاقية والقضايا التي حصل فيها قتل، وضرب، وطلاق، وقذف، ولعن، وجرائم، قال ﷺ: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضِ الإيمان إلى قلبه، قال: لا تتبعوا عورات المسلمين، لا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، قال ﷺ: لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله [حديث صحيح، رواه الترمذي: 2032، وقال الألباني: "حسن صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب: 2339] وأي تتبع أعظم من أن تصور هذه العورات، وتصور النساء وهن غافلات في كثير من الأحيان، وتنقل الصور، والله مطلع على الجميع، وعلى المصوِّر وعلى المصوَّر، وعلى ناقل الصورة وعلى الذي يبث، وعلى الذي يرسل ويستقبل:وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ[يونس: 61].
ثالثا: تسهيل الفاحشة، تسهيل الاتصال بالمواقع الإباحية، إنها سترسل إليك أرقاماً لتتصل بها أنت، لتكون هناك محادثات مباشرة، والآن -كما قلنا- صوت وصورة، المصيبة كبيرة، العورات، يا إخوان: الغيرة، الأعراض، الناس في خطر، الأخلاق في خطر، الفضيلة في خطر.
إن تأجيج الفتن، وإثارة الشهوات، والنيل من الأعراض والقيم والأخلاق المصيبة العظيمة، وهؤلاء يظنون أن الله غافل عما يعملون:مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[المجادلة: 7].
رابعاً: التغرير بالفتيات، وابتزاز هؤلاء، وكذلك الذئاب البشرية الذين سيعملون على الإيقاع بالمزيد والمزيد من الضحايا، أين هم من انتقام الله وبطشه؟ إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء[آل عمران: 5]، إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ[إبراهيم: 47] إنه شديد العقاب .
ألم تأتكم القصص عن تلك الفتاة التي قتلت نفسها لأن هذا صور، وفضح، وأرسل، وغيرها، وغيرها... حوادث الانتحار تزداد، جحيم لا يطاق، فضائح، تهديدات، وقوع في المحرمات بسبب ذلك.
هذا الرجل الأجنبي الآلي "جوال الجيل الثالث"، وغيره، وبث مباشر من مواقع الحفلات النسائية، ولذلك يقول بعض العلماء الآن: إن المرأة في الحفلات النسائية العامة ولو كان كلهن نساء ينبغي أن تغطي شعرها، رأسها؛ لأنها لا تدري من الذي يلتقط الصور الآن، وضعيفات النفوس يقمن بالإعانة على هذا.
إن هذه القصص الكثيرة التي يتداولها المجتمع وقد امتلأت بها المنتديات من هذه الكوارث، والفضائح، والمصائب، والإيذاءات التي يتعرض لها المؤمنون والمؤمنات، وما سيترتب على ذلك من قذف ورمي: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النـور: 23] الذين يرمون العفائف، الْمُحْصَنَاتِ اللاتي لم تخطر الفاحشة بقلوبهن أصلاً،  الْغَافِلَاتِ  هذا معناها لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ واللعن لا يكون إلا على ذنب كبير.


نحن في عصر عولمة الفساد، وعندما ينتقل الحرام عبر العالم، وعندما لا نسلم من أخطار الدش ولا الإنترنت، فإذا بهذا الهاتف الجوال يظهر لنا محدثاً هذه الضجة وهذا الأثر الكبير.
إنه يعولم الكذب أيضاً، فإنه يُنشر.
وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإن الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق [رواه البخاري: 7047].
وهكذا يحدث اليوم نشر الكذب عبر الإنترنت وأيضاً عبر هذا الهاتف الجوال كما سيقع ذلك كثيراً كلما ازدادت السرعة وتطورت وسائل البث والإرسال.
هل من الضروري -أيها الإخوة- أن نلهث وراء كل جديد؟ ما حكم هذه التقنية أصلاً؟
من الناس من يقول: إنها رجس من عمل الشيطان فاتركوه، حرام.
ومنهم من يقول: جاء الفرج، كنا نعاكس بدون صور، الآن نشوف على الأقل صورة التي نعاكسها.
ومن الناس من يقول: إنها تقنية تستعمل في الخير والشر، حكمها بحكم استعمالها ومستعملها، وهي لما غلب، السكين الأغلب في استعماله الخير فيباح بيعه، إذا استعمل في الشر حرام.
ولكن الخمر والميسر فيهما منافع لكن إثمهما أكبر من نفعهما، ولذلك صار حراماً! فمن كان جواله إثمه أكبر من نفعه فحرام عليه اقتناؤه، ومن اقترف شيئاً به فليتب إلى الله -عز وجل-.
أداة فعل المعصية الآن عبر هذه "جوالات الجيل الثالث" كثيرة، متطورة، متقدمة، وادفع أموالاً على الإكسسوارات، وفواتير، وأشياء على النغمات تشترى، متابعة أشياء لو كأس العالم، متابعات، الناس يتابعون، ولو دفعوا، يدفعون، في أي شيء يدفعون؟ في ترهات، في سفاسف.
إذا كان الدفع في محرمات.
أيها الإخوة: عندما تطغى المظهرية علينا ولازم نتابع كل شيء جديد ونشتريه ولو كان بأثمان باهظة تكون القضية مصيبة، والأولاد يضغطون على الآباء، والأمهات: اشتروا لنا، نبغي جوالاً، نبغى "ثري بوينت فايف جي"، هاتوا "ثري جي"، أعطونا ثري جي.
لماذا يا جماعة؟ وما الذي تريد أن تفعله؟
اتصلنا على بعض الباحثين في أمريكا نسألهم عن قضية استعمال الهاتف الجوال "الجيل الثالث لديهم"؛ لأن عندنا: هات، قالوا: أنتم تستعملونه في ماذا؟ هل أنتم مجتمع بحثي؟ أنتم عندكم نقل كثير لملفات أبحاث، تقومون على أبحاث؟ فتحتاجون إلى سرعات عالية لنقل ملفات أبحاث؟
واعجباً! سخرية، يعني نقل ملفات أبحاث؟ أبحاث في إيه؟
ولذلك لما يأتي واحد يقول للثاني: يا متخلف جوالك أسود وأبيض، جوال خدامات! روح اشتر هذا الجوال، وين عايش أنت؟
وهكذا كل واحد يؤز الآخر، والأولاد في المدارس وكل واحد يطالب، ضغط!
ثم لازم تميز حتى لو ما يفهم التقنية ولا يعرف يستعمل التقنية لكن يريد جوالاً، ما يعرف يرسل رسالة بالجوال، وآخذ معه جوالاً قيمته: ألفين، وثلاث آلاف، ما معنى هذا؟ هوس التميز.
لو واحد دخل المستشفى يقول: شوفوا لي رقم غرفة مميزاً.
إن الناس فعلاً عندهم عجب عجاب في قضية إنفاق الأوقات والأموال، في ماذا؟ تفاخر، تكاثر، زينة، تعالي، كبر.


إنها قضية خطيرة جداً عندما يصبح هذا الهاتف الجوال شبكة إنترنت متنقلة، لكن ليعلم كل واحد أن الله يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ[غافر: 19]، وأن هذا الاستعمال لهذه الأشياء وما هو أعظم منها قضية زلزلة العقائد والتشبه بالكفرة؛ لأنه سيأتيك فيما يأتيك بالجوال.
مصائب عظيمة أيضاً في قضية الإلحاد، والكفر، وأنواع الزندقة والانحلال، أشياء ضد العقيدة الإسلامية وضد التوحيد:وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص: 88].
وسيشغل هذا عن المذاكرة، وعن البحث، وعن العمل المفيد، وعن طلب الرزق، وطلب العيش وسيكون الناس فعلاً مدمني جوالات.
تجسس، وانتهاك الخصوصية، والله  قال:وَلَا تَجَسَّسُوا[الحجرات: 12].
تصوير المجتمع بخلاف ما هو عليه، هكذا من نشر الفضائح في الجرائد، وهذا الجوال من أكبر الأسباب.

قام الحساب فهل تجيب سؤالا *** والنار تزفر واللظى يتصالى
ولربما كان الشهود جوارحاً *** أو لقطة أو هاتفاً جوالا
وأتى من الجوال جيلٌ ثالث *** يفري العقول ويمحق الأجيال
أزرت بنا القنوات في إرسالها *** واليوم كل يملك الإرسال
يا ضيعة الأعراض حين تهينها *** صور تسافر يمنة وشمالا
تتزلزل الأخلاق في لقطاتها *** وتصب بين صفوفنا الأهوال
كم مشهد يزجيه فينا فاسقٌ *** فإذا ذنوب سجله تتوالى
وعفيفة شق المخاتن خدرها *** ترجو الأمان وكيف تهنأ بالا
وصغيرة عصف الطلاق بعشها *** من ذا يكفكف دمعها المنثال
وفتى يراوده الهوى فبصدره *** شر وخير يقتتلن قتالا
يا أنت قم وخذ الكتاب بقوة *** فهو الهدى وهو الأجل مقالا
ربّ الفؤاد على الحياء فإنه ** إن زل ذل وإن أفاق تعالى
وتحلَّ بالخلق النبيل فإنه *** يكسو الحياة محبة وجمالا
والعلم نورٌ والقلوب قوالب *** إن لم تُنر علماً مُلئن ضلالا
واختر صديقك في طريقك إنه *** صنو الفؤاد تخلقاً وفعالا
وإذا استقام القلب في درب الهدى *** جاءتك أفعال التقى تتوالى

يا أيها الذي يستعمل هذه الأجهزة في معصية الله قد قال ربك:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء[النور: 21].
يا عباد الله، يا أيها الناس: لا بد أن يتداعى الباحثون الشرعيون، والاجتماعيون، والنفسيون، والأطباء، لا بد أن يتداعوا لدراسة هذه القضية وآثارها على المجتمع، إن المسألة ضخمة، لا بد من إجراءات.
أولاً: صيانة حرمات المسلمين الخاصة وعدم التطلع إلى عوراتهم.
مرة أخرى،لا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله[رواه الترمذي: 2032، وهو حديث صحيح، صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2339]
أجاز الإسلام فقء عين من يتجسس على قوم بغير رضاهم، فما بالك بهذه الكاميرا الموجودة في الجوال؟
واثنتين ومن الخلف ومن الأمام؟
ثانياً: زيادة التحرز والمبالغة في الحشمة، متابعة أهل البيت، المرأة عند خروجها، وحجابها، وماذا تحمل، وإلى أين تذهب.
لقد ابتلينا اليوم بشباب وشابات يخفقون في الأسواق، يطوفون بين المقاهي والمطاعم، إنه حميم ويحموم يورد جهنم.
هذا الخفق بالأسواق بحثاً عن فريسة، وهواتف شغالة، جوالة، تعمل باستمرار، يطوف الفسقة والفاسقات بالأجهزة.
ولذلك ينبغي ثالثاً: عدم التساهل بتركها في أيدي الطائشين والطائشات والسفهاء والسفيهات.
يا أيها الأب، يا ولي الأمر، يا أيها القائم على أولادك:قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6].

سد الطرق المفضية إلى الحرام

00:49:15

 
خامساً: يجب سد الطرق المفضية إلى الحرام؛ لأن الله لما حرم الزنا قال:وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى فكل شيء يقرب إليه؛ جوال، صورة، مقطع فيديو، بلوتوث، بث مباشر:وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً[الإسراء: 32].
الشرع قبحه أولاً.
وحدّ الحد عليه ثانياً:الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ[النور: 2].
المحصن رجم بالحجارة حتى الموت.
ثالثا: حرم القذف وأقام الحد على صاحبه ثمانين جلدة.
رابعا: شرع الاستئذان وجعل له آداباً:لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا[النور: 27].
وحتى الأطفال:وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا[النور: 59].
خامسا: شرع غض البصر.
كلها إجراءات للحماية من الوقوع في الفاحشة:قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ[النـور: 30] حتى النساء وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ[النور: 31].
تفتتن بالصورة سواء كانت في شاشة تلفزيون، شاشة جوال.
سادسا: شرع الحجاب:وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ[النــور: 31]، شرع الحجاب:يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ[الأحزاب: 59] شرع الحجاب:وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[الأحزاب: 33].
سابعا: أمر المرأة بالقرار في البيت حتى لا تكثر الفتن.
ثامنا: حرم الخلوة بها.
تاسعا: حذر من الدخول عليها والمخالطة: الحمو؟ قال:الحمو الموت[رواه البخاري: 5232، ومسلم: 2172].
عاشرا: حرم عليها أن تسافر بغير محرم، والآن هؤلاء الزنادقة المنحلون يقولون: لا نريد ولياً ولا محرماً.
الحادي عشر: أنه شرع النكاح، وحث عليه، وأمر بتسهيله:وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ[النور: 32].
ولو ما وجد؟ الخطوة التي بعدها:وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا[النـور: 33].
يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم[رواه البخاري: 5065، ومسلم: 1400].
واجبنا في الحماية.
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ[الروم: 41].
من عصى الله في الأرض فقد أفسد فيها؛ لأن صلاح الأرض بطاعة الله،وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ[البقرة: 205]، لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ[النساء: 148].


لازم -يا جماعة- نتعاون في إنكار المنكر وتعليم الناس، توجيه الناس، نصح الناس، وعظ الناس،إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك الله أن يعمهم بعقابه[رواه ابن ماجه: 4005، وأحمد: 1، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح"]، كل أمتي معافى إلا المجاهرين[رواه البخاري: 6069، ومسلم: 6069].
الناس الآن هؤلاء لا يكتفون بفعل الجريمة حتى يوثقون الجريمة، يصورها بالجوال، يصورها ثابتة ومتحركة، ويخزنها، ويرسلها، ويتبادلونها، ويقعد مجموعة من رفقاء السوء مع بعض كل يتباهى بما فعل، كل واحد يخرج جواله ليري الآخر ماذا فعل وكيف وثق الجريمة، وثق المنكر، صوره، سجله، خزنه، حفظه داخل الجهاز، وعرضه، واستعرضه. مصيبة عظيمة، كل هذا بهذا الجوال.
التقنيات يجب أن ترشد، يجب أن تستعمل في طاعة الله، والذي يحتاجها يستعملها، والذي لا يحتاجها لماذا ينفق فيها؟
لا بد أولاً وأخيراً من مراقبة الله وبناء هذا في النفوس:إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء: 36].
الواحد يعمل في السر أشياء والله مطلع عليها:إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ[الملك: 12].
وإذا حصل شيء أتبع السيئة الحسنة تمحها[رواه الترمذي: 1987، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 3160]، إذا حصل شيء تب إلى الله؛ لأن هناك أناساً يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً يجعلها الله هباءً منثوراً، من هم؟ إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها [رواه ابن ماجه: 4245، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2346].
يا إخوان، يا أخوات: ربوا أنفسكم، أبناءكم، بناتكم، إخوانكم، أخواتكم على الخوف من الله، على مراقبة الله، على العيش مع آثار أسماء الله، مهيمن، عليم، سميع، بصير، خبير، عليم بحقائق الأشياء، رقيب لا يغيب عنه شيء، شهيد يرى كل شيء، يحصي، محيط. هذه أسماء الله موجودة في كتابه وفي سنة نبيه ﷺ فأين انفعال القلب معها؟
ثم لا بد يا أيها الدعاة الخطباء، يا أيها المدرسون، أصحاب المنابر، أصحاب الأقلام توعية المجتمع بالخطورة، وعندما تكون هنالك لقطة واحدة ثم تنقل إلى اثنين وإلى أربعة، وإلى عشرة، وإلى مائة، وإلى ألف، واحد الذي فعلها أو عملها أو نقلها لكن كم على ظهره من السيئات لأنه روج؛ لأن التقنية هذه مصيبتها: إنها تنقل أضعافاً مضاعفة بمتواليات، ليس عددية، ولا هندسية، أكثر من ذلك.
يموت الواحد والمقطع الذي روجه موجود في جوالات الناس، ما حاله في قبره؟ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[النور: 19].
ثم لا بد أيضاً من قضية حماية النفس سواء بالزواج المبكر، بالعبادة، بالصيام، وأن نهمس في أذن كل شاب وفتاة والكبير والصغير:يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا[آل عمران: 30]،وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[الزلزلة: 8].


وكذلك لا بد أن يكون هنالك عقوبات تعزيرية للذين لا يخشون الله؛ لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام مهم له: "العقوبة نوعان: أحدها على ذنب ماض جزاء بما كسب نكالاً من الله كجلد الشارب والقاذف، وقطع المحارب والسارق" [مجموع الفتاوى: 28/347] هذه حدود معينة معروفة. الثاني: العقوبة لترك الواجب وفعل المحرم.
وكما يعاقب تارك الصلاة والزكاة وحقوق الآدميين حتى يؤدوها، فالتعزير كذلك في حق الله أمر عظيم، يضرب تارك الصلاة ويؤذى حتى يصلي ويستتاب فإن تاب وإلا قتل.
يقول شيخ الإسلام: "وأما المعاصي التي ليس فيها حد مقدر ولا كفارة كالذي يقبل الصبي والمرأة الأجنبية، أو يباشر بلا جماع، أو يأكل ما لا يحل كالدم والميتة، أو يقذف الناس بغير الزنا، أو يسرق من غير حرز، أو يخون أمانته كولاة أموال بيت المال أو الأوقاف، ومال اليتيم يأكله، إذا خانوا فيها هؤلاء، وكالوكلاء والشركاء، إذا الوكيل خان الموكل والشريك خان شريكه، أو غش في المعاملة كالذين يغشون في الأطعمة والثياب، أو يطفف المكيال والميزان، أو يشهد بالزور، أو يرتشي، أو يعتدي أو يتعزى بعزاء الجاهلية، أو يلبي داعي الجاهلية"، هؤلاء قال شيخ الإسلام: "يعاقبون تعزيراً، وتنكيلاً، وتأديباً بقدر ما يراه الوالي على حسب كثرة ذلك الذنب في الناس وقلته" يعني إذا انتشر العقوبة أشد، قال: فإذا كان كثيراً زاد في العقوبة بخلاف ما إذا كان قليلاً وعلى حسب حال المذنب، فإذا كان من المدمنين على الفجور زيد في عقوبته بخلاف المقل من ذلك، وعلى حسب كبر الذنب وصغره، فيعاقب من يتعرض لنساء الناس وأولادهم بما لا يعاقب من لم يتعرض إلا لامرأة واحدة أو صبي واحد، وليس لأقل التعزير حد بل هو بكل ما فيه إيلام الإنسان من قول، أو من فعل، وترك قول، وترك فعل، فقد يعزر الرجل بوعظه، وتوبيخه، والإغلاظ له، وقد يعزر بهجره، وترك السلام عليه حتى يتوب، وقد يعزر بعزله عن ولايته، وقد يعزر بالحبس [ينظر: مجموع الفتاوى: 28/343 - 344]، وقد يعزر بالضرب، قد يعزر بعقوبات مالية.
هذه التعزيرات على جرائم الهاتف الجوال لا بد أن تكون في الناس؛ لأنهم يحتاجون إلى ردع، من لا يخاف الله لا بد أن يردع.
ولا بد أن تكون هنالك حمايات للناس من هذه الأشياء.


تستغربون أن رئيس وزراء كمبوديا "هون سين" قرر حظر استخدام الجيل الثالث من الهواتف المحمولة بعد شكوى من زوجته وصديقاتها بأنهم تلقوا صوراً إباحية، وقال سين في جمعية رهبان بوذيين في "فلومبنا": لقد كتبت إلى وزير الاتصالات لإرجاء استخدام أنواع محددة من الهواتف المحمولة، وقال: يمكننا الانتظار عشر سنوات أخرى إلى أن نتمكن من تعزيز الفضيلة في المجتمع. هذا يقوله واحد بوذي.
لا بد أن تتكاتف الجهود من الجهات الأمنية، والقضائية، والفنية، والتربوية، ومزودي الخدمات هذه، والإنترنت، وشركات الهاتف الجوال، لا بد أن تكون هناك تقنيات صارمة وعقوبات رادعة.
يا جماعة: إذا نظرنا إلى قضية حماية الأطفال من الإباحية في أوروبا وأمريكا سنجد عجباً، عندهم قضية حماية الأطفال من هجمات هؤلاء "أصحاب الفواحش" عجب، أما الكبار عندهم هؤلاء يفعلون ما يشاءون، لكن بالنسبة للأطفال عندهم حمايات عجيبة، يستعملون نظم الترشيح حتى يمنع انتقال صور الدعارة للأطفال أو الأطفال المصورين فيها.
وهناك خوارزميات تملكها شركات ماليزية وغيرها يمكن أن تمنع انتقال الصور ومقاطع الفيديو، وتُطور لأن البرنامج هذا "برنامج الترشيح" يدرس حجم العري، ونسبته، وكميته في الصورة.
وهنالك طرق حتى لما أرادوا في بعض المجتمعات أن يشوشوا على قنوات فضائية معينة بثوا عليها بتردد معين بثاً فضائياً جعلها تتشوش بتقنية كوبية روسية.
إذاً الحماية لا بد أن تدخل التقنية فيها، المسلمون الذين عندهم تقدم، وتطور، وخبرة في هذا المجال، في "التقنية" لأجل الحماية والمنع، إنها مسألة مهمة جداً.
هل تعلمون أن القوانين في أوروبا، بعض بلدان أوروبا تخول للأب الاطلاع على كل ما يأتي لجوال ولده من الرسائل والصور، ومن مركز إرسال الرسائل في مزود الخدمة إذا أرسلت رسالة للطفل يرسل مثلها صورة قانونياً، بالقانون إلى جوال الأب ليعرف يطلع الولد على ماذا.
هنالك في الاتحاد الأوروبي لجان تعمل لأجل هذه القضية في حماية الأطفال؛ لأنها مسألة مقدسة عندهم، وأيضاً تكاتف القضاء، والأمن، والجهات الفنية في أمريكا في هذا المجال، حتى قامت 39 جهة مختصة بالتنسيق فيما بينها، هناك يسنون تشريعات، ويقننون قوانين، ويضعون عقوبات لأجل هذا، شرطة نيويورك تصرح بأن هذه آفة قضية "إباحية الأطفال"، ولا بد أن يعملوا فيها أشياء كثيرة ترصد لها ميزانيات ضخمة.
هنالك جمعيات تسمى "خيرية"، أو "غير ربحية" تعمل على هذا الخط مع الجمعيات الرسمية حتى مصلحة الجمارك، هنالك أنشأت وحدة متخصصة في التهريب الالكتروني لمقاومته، وفي إيرلندا، وفي ألمانيا، وفي هولندا، وفي أستراليا قوانين لمحاربة إباحية الأطفال، وفي النمسا، حتى من البلاد الإباحية عندهم قضية الأطفال هذه والقصّر لا بد من الوقوف في وجهها، حتى اليونسكو برامج جديدة متخصصة على مستويات عليا في هذا الموضوع.
فنحن المسلمين أولى أن نحرص على حماية مجتمعاتنا، وعلى حماية أنفسنا من هؤلاء، ولا بد، ولا بد، ولا بد من التربية من الصغر، التنشئة على طاعة الله.
إذا كان هنالك إحساس بالمسؤولية أمام الله، والعقوبات التي يمكن أن تكون على من يهمل في بناته وأبنائه قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ هم وقودها وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[التحريم: 6].
إذا هذه مسؤولية، إحساس بالمسؤولية موجود ستكون هنالك نتائج عظيمة، ولا بد أن ننمي الرقابة الذاتية، وغرس الخوف من الله لأنه هو الضمانة الحقيقية يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ[لقمان: 16]، هذا هو الطريق:وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ[الأنعام: 59].
وأن نوجد البدائل المفيدة والاستعمالات المفيدة.
يا شركات الإنتاج، يا أصحاب الأفكار: أوجدوا المنتجات المفيدة لتبادلها في هذه الجوالات والأجهزة حتى يكون عند الناس أشياء تشغلهم بالطاعات عن المعاصي وبالمفيد عن الضار.
اللهم إنا نسألك أن تهيئ لنا من أمرنا رشدا، وأن تتوب علينا، وأن تجعلنا من الذين يقولون بالحق وبه يعدلون.
اللهم ارزقنا حب الخيرات، وكراهة المنكرات، ومحبة المساكين.
اللهم إنا نسألك حبك وحب ما تحب يا رب العالمين.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الصافات  : 180 - 182].