الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم من الذين نصروا دينه وآزروا شرعه، إنه سميع مجيب.
التبشير بعودة الإسلام مرة أخرى
وحديثنا عن بشارات عظيمة لهذا الدين، وأن المستقبل للإسلام، حديث ينطلق من قول النبي ﷺ: بشّر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والتمكين في الأرض [رواه أحمد: 21222، وابن حبان: 405، والحاكم: 7862، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
إنه حديث في وسط اليأس والإحباط الذي يشعر به الكثيرون اليوم من تكالب الأعداء ، وضعف المسلمين، ولكن الله رحيم بعباده والفرج آت لا ريب.
وأوطأت المكاره واطمأنت *** وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً *** ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غيث *** يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت *** فموصول بها الفرج القريب
[أدب الدنيا والدين: 299].
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [الشرح:5- 6].
هذا التبشير بالنصر والتمكين لهذا الدين يأتي بهذه الأجواء كما أسلفنا، ولكن المؤمن يعرف بأن الحال لم يستمر، وأن القوة لن تستمر للكفار، إننا نعيش في وقت استثنائي فعلاً ، يجب علينا أن نفقه، ونفهمه، وأنت لو تأملت منذ بعثة النبي ﷺ حتى الآن وجدت أن أكثر الوقت الذي عاشته هذه الأمة كان النصر لها، وأن الوقت الذي كان فيه المسلمون في استضعاف كمرحلة غزو التتر أو الحملات الصليبية، أو الوقت الحاضر الذي نعيش فيه هو الأقل وليس الأكثر في هذه الأمة، وإذا عرفنا النصوص الشرعية المتعلقة بأن القوة للمسلمين، وأن النصر لهم، وأن هذا هو الأصل، يجب أن نقتنع بأن هذا هو الأصل، وان ما نحن فيه الآن من الضعف هي مرحلة استثنائية عندما يشعر المسلم بهذا ويعتقد به يختلف وضعه للإنتاج لهذا الدين، والعمل له؛ لأنه يرى فُسحة، ويرى أملاً ونورا وفجراً سيأتي ولا بد.
النصوص الشرعية الدالة على عودة الإسلام
ومن النصوص الشرعية الدالة على هذا قول الله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [سورة الصف: 9] إن وعد الله لا يتخلف، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [سورة النور: 55].
قال ابن كثير -رحمه الله-: "هذا وعد من الله تعالى رسوله ﷺ، بأنه سيجعل أمته الولاة على الناس، فتصلح بهم البلاد، وتخضع لهم العباد، وليبدلنّهم بعد خوفهم أمنا وحكماً، ولقد فعله -تبارك وتعالى- وله الحمد والمنّة، ففتح رسول الله ﷺ مكة، وخيبر، والبحرين، وسائر جزيرة العرب، وأرض اليمن بكاملها، وأخذ الجزية من مجوس هجر، ومن بعض أطراف الشام، وهداه هرقل والمقوقس، وملوك عمان، والنجاشي ملك الحبشة الذي تملّك بعد النجاشي المسلم أصحمة -رحمه الله- وأكرمه.
ثم تولى أبو بكر الصديق، فلم شعث ما وهى بعد موته ﷺ، فمهّد الجزيرة العربية، وفتح طرفاً من فارس بقيادة خالد بن الوليد وفتح مصر ودمشق وحوران بقيادة أبي عبيدة -رضي الله عنهم أجمعين-.
وألهم الله الصديق أن يستخلف عمر الفاروق الذي قام بعده بالأمر قياماً تاماً، فتم في أيامه فتح الشام ومصر وأكثر إقليم فارس، وتقهقر كسرى إلى أقصى مملكته، وفرّ قيصر إلى القسطنطينية، وأُنفق أموالهما في سبيل الله.
ثم امتدت دولة عثمان إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، ففُتحت المغرب من البحر المحيط، ومن ناحية المشرق مدائن العراق، وخراسان، والأهواز، وقتل المسلمون الترك مقتلة عظيمة جداً، وخذل الله ملكهم خاقان".
[تفسير ابن كثير: 6/78].
يقول ابن كثير في وقته: "فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله ﷺ، وصدق الله ورسوله ﷺ" [تفسير ابن كثير: 6/77]. فنسأل الله الإيمان به وبرسوله ﷺ، والقيام بشكره على الوجه الذي يرضاه عنا، فالصحابة -رضي الله عنهم- لما كانوا أقوم الناس بعد النبي ﷺ بأوامر الله -عز وجل- وأطوعهم له كان نصرهم بحسبهم، فلما قصر الناس بعدهم في بعض الأوامر نقص ظهورهم -يعني تفوقهم وانتصارهم- نقص ظهورهم بحسبهم.
وسطرنا صحائف من ضياء *** فما نسي الزمان وما نسينا
وما فتأ الزمان يدور *** حتى مضى بالمجد قوم آخرون
وأصبح لا يُرى بالركب قومي*** وقد كانوا أئمته سنين
وآلمني وآلم كل حُرّ *** سؤال الدهر أين المسلمون
ترى هل يرجع الماضي فأني *** أذوب لذلك الماضي حنين
لا بد أن يرجع؛ لأن الله قال: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر: 51]. فالنصر للمؤمنين ولا بد، من هم؟ إنهم المتقون، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [سورة الأعراف: 128].
والله -عز وجل- قد أهلك القرون من قبلنا من الكفار ، وسيهلك هؤلاء ولا بد إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا [سورة الطارق: 17]. ويمكرون هؤلاء النصارى واليهود، وغيرهم اليوم من المجوس، والهندوس، و وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [سورة الأنفال: 30]. هؤلاء ستبيد قراهم، وسيزول ملكهم؛ لأن الله قال: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا [سورة الطلاق: 8-9].
كم مليون من الكفار مات في الحرب العالمية الثانية؟ خمسين مليون، وكم دمر من مدنهم؟ وكم سقط من دولهم؟ كثير جداً، ما مضى زمن طويل عليه، والله قادر على تدميرها مرة أخرى، وإهلاك الملايين الكثيرة من هؤلاء الكفار، فقد أرانا الله عما قريب آيات فيهم، وسيرينا آيات بمشيئته -سبحانه وتعالى-.
هؤلاء ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله، كما يحدث اليوم بوضوح شديد، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ [سورة الأنفال: 36].
وهذه البشائر النبوية تتوالى في أحاديثه الصحيحة ﷺ، ويقسم على ذلك فيقول: وليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله [رواه البخاري: 3612].
وكذلك فإن النبي ﷺ قد أخبر عن انتشار دينه في العالم، فقال: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر حديث صحيح رواه الإمام أحمد رحه الله. [رواه أحمد: 16957، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم].
وقال ﷺ: إن الله زوى لي الأرض فرأيتُ مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها زوى يعني: جمع وضم، فإذا حدثك أحد بأن النبي ﷺ رأى قارة أستراليا وقارة أمريكا فلا تكذبه؛ لأنه قال: إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها [رواه مسلم: 2889]. فاطلع عليها كلها ﷺ وأخبر بأن ملك أمته سيبلغ المشارق والمغارب، وهذا لم يحدث بعد، فلماذا لا نتعبد ربنا بالتصديق بوعده، ونتقرب إليه بالتصديق بوعده، وبوعد النبي ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى، وهو الذي بشرنا بفتح روما بعد فتح القسطنطينية، وسئل ﷺ: أي المدينتين تفتح أولا؟ القسطنطينية أو الرومية؟ فقال رسول الله ﷺ: مدينة هرقل تفتح أولا [رواه أحمد: 6645، والحاكم: 8662، وحسن إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة: 4].
وهو الذي أخبرنا أنه سيكون بعده ﷺ بعد منهاج النبوة خلافة على منهاج النبوة، ثم تكون ملكا عاضاً، ثم تكون ملكا جبرياً ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، وهذا لم يأت بعد.
تجديد الله تعالى لهذا الدين
ومن المبشرات العظيمة، أن الله لا يترك دينه بدون مجددين وكلما خبأ هذا الضوء وخفت أعاده الله للوهج مرة أخرى بهؤلاء العظماء الذين يحيون السنة، ويميتون البدعة، ويوقدون أنوار التوحيد، ويطفئون نيران الشرك.
قال رسول الله ﷺ: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها حديث صحيح. [رواه أبو داود: 4291، وصححه الألباني في المشكاة: 247]. فيحيون ما اندرس وما بلي وما ذهب، ويرجعون الناس للعمل بالكتاب والسنة، بل إن هناك طائفة منصورة لا يمكن أن يخلوا منها الزمان، قال ﷺ: لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة [رواه الحاكم: 8389، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه]. وفي رواية: لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله [رواه مسلم: 1920].
وفي رواية: لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم [رواه البخاري: 3641]. وفي رواية: ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال [رواه أحمد: 19920، وأبو داود: 2484، والحاكم: 2392، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 1959]. فهذه الطائفة موجودة مستمرة، وقد توجد في بعض الأرض دون بعض، وفي بعض البلدان دون بعض، ولكنها موجودة منهم: العلماء والمجاهدون، والزراع والصناع يكونون في قطاعات عريضة من المجتمع، إنها طائفة منصورة بالحق.
هذه الأمة لا تخلو من خير
ثم إن النبي ﷺ أخبر أن الأمة لا تخلو من خير، لا تخلو من خير قال ﷺ: مثل أمتى مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره حديث صحيح رواه الإمام أحمد -رحمه الله-. [رواه أحمد: 18881، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 5854].
فقد يقول قائل: الآن من أين الفرج، وقد طبّق الأرض ظلمهاً هؤلاء الكفرة، وعم الفساد في البلاد والذل في العباد، بما حصل من هذا الطغيان الذي نراه اليوم، من أولئك الكفرة بأسلحتهم القديمة، وقدراتهم الاقتصادية الضخمة وأعدادهم الهائلة؟ فنقول: إن الله على كل شيء قدير، والله لا يخلف الميعاد، وإن غداً لناظره لقريب.
وقد أخبرنا ﷺ فيما أخبرنا بأن عيسى سينزل في آخر الزمان، وقد قال الله: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ [سورة الزخرف: 61]. آية سيكون قبل قيامها، نزول عيسى ابن مريم من قبل بوم القيامة.
ويقول ﷺ: والذي نفس محمد بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفض المال حتى لا يقبله أحد [رواه البخاري: 2222، ومسلم: 155]. كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟ والذي نفسه بيده ليُهلنّ ابن مريم يلبي بفج الروحاء وهو الطريق بين الجبلين -منطقة قريبة من المدينة- حاجاً أو معتمراً، أو ليفنينهما [رواه مسلم: 1252].
هذا الرجل وصفه ﷺ وصفاً دقيقاً لكي نعرفه إذا نزل، وأوصانا بوصية إذا أدركناه، فما هو الوصف؟ وما هي الوصية؟ يقول: وإنه نازل فاعرفوه، عيسى ابن مريم، يقول: إنه نازل فاعرفوه، فكل واحد يؤكد في الوصف، ويحفظ وصف عيسى؛ لأنك لا تدري لعلك أن تدركه، وإنه نازل فاعرفوه، رجل مربوع، معتدل القامة، إلى الحمرة والبياض، لون بشرته، عليه ثوبان ممصران، فيهما صفرة خفيفة، كأن رأسه يقطر إن لم يصبه بلل، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام.
لا بوذية ولا مجوسية، ولا هندوسية، ولا نصرانية، ولا اشتراكية، ولا شيوعية، ولا أي ملة أخرى غير الإسلام، كلها تفنى، طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر، ويؤذن للقطر في النبات حتى لو بذرت حبك على الصفاء وهو الحجر الأملس الصخر الأصم الذي لا ينبت شيئاً ولا يعلق به البذر، حتى لو بذرت حبك على الصفاء لنبت، وحتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره، ويطأ على الحية فلا تضره، ولا تشاحّ، لا عداوة ولا تحاسد ولا تباغض، أين البراء؟ أليس من عقيدتنا الولاء والبراء فكيف يكون لا عداوة؟ لأنه لا يوجد في الأرض كفار أصلاً حتى نعاديهم، كل سكان الأرض مسلمون، فإذا قال لك إنسان: هل سيكون هناك سلام عالمي؟ فتقول: نعم، متى؟ في عهد عيسى ، أما على أيدي هؤلاء الكفرة لا يمكن.
أين ينزل؟ قال ﷺ: ينزل عيسى ابن مريم عن المنارة البيضاء شرقي دمشق [رواه مسلم: 2937]. المنارة البيضاء موجودة الآن وهي أحد مآذن المسجد الجامع الأموي شرقي دمشق، النبي ﷺ بشّرنا برجل آخر سيخرج ويقود الأمة أيضاً وهو: المهدي من أهل البيت يصلحه الله في ليلة [رواه أحمد: 645، وابن ماجه: 4085، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 6735].
ومعنى يصلحه الله في ليلة يقول ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية: "يتوب عليه، ويوفقه ويلهمه رشده بعد أن لم يكن كذلك، إذا هو لا يكون رجلا صالحاً فيهديه الله في ليلة، هذا ولذلك سمي بالمهدي، هذا من آل البيت النبوي، هذا الرجل يؤم المسلمين في الصلاة وفيهم عيسى تكرمة الله لهذه الأمة.
ما هي الوصية التي أخبرنا النبي ﷺ بها بشأن عيسى؟ قال: من أدرك منكم عيسى ابن مريم فليقرأه مني السلام، فليقرأه مني السلام [رواه الحاكم: 8635، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 6001].
سيتجه المهدي وعيسى كلاهما يقودان المسلمين لحرب الدجال، وعيسى عندما ينزل يكون المهدي قد سوّى صفوف المسلمين للصلاة فيؤمهم مع عيسى ، وعند نزول عيسى ينزل بين جناحين من أجنحة ملكين، لا يحل لكافر يجد ريحه إلا مات ما هي المساحة التي يجد فيها الكفار ريح عيسى إذا نزل عيسى؟ في دائرة نصف قطرها كم؟ الجواب: قال ﷺ: فلا يحل لكافر يجد ريحه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه [رواه ابن ماجه: 4075، والحاكم: 8508، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجة: 4075].
مد بصر عيسى نصف قطر دائرة أي كافر فيها سيموت إذا نزل، وهذا إيذان بأن التغير سيكون شاملاً، وأن الكفار سيغيبون عن ظهر الأرض، وإمامهم رجل صالح أي المسلمين، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، صلاة الفجر، فرجع ذلك الإمام المهدي؛ لأن هذا نبي، فرجع من دونه ينكص ويمشي القهقرى ليتقدم عيسى فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول: تقدم فصل فإنها لك أُقيمت، فيصلي بهم إمامهم، فإذا انصرف -يعني من الصلاة- قال عيسى: افتحوا الباب فيفتحون ووراءه الدجال" هذا الكلام في أرض الشام في فلسطين، معه سبعون ألف يهودي -أي الدجال- كلهم ذو سيف محلى وساج، سيكون هناك قتال بالأسلحة القديمة، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هارباً فيدركه -يعني عيسى- عند باب لُد الشرقي، وباب لُد معروف اليوم موجود في فلسطين، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً فيدركه عند باب لد الشرقي، فيقتله فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله -عز وجل- يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط، ولا دابة إلا الغرقد فإنها من شجرهم لا تنطق، إلا قال ذلك الشيء الذي يختبأ وراءه اليهودي: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال فاقتله [رواه مسلم: 2921]. أما صفة المهدي فقد قال ﷺ: المهدي مني أجل الجبهة يعني منحسر شعره عن مقدّم رأسه، منحسر شعره عن مقدم رأسه، أقنى الأنف، طويل مستدق في آخره، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت جوراً وظلماً، يملك سبع سنين وإذا رأيت اليوم الأرض امتلأت بالظلم فلا تحزن كثيراً؛ لأن الظلم هذا سيتبعه عدل ولا بد، بل إن امتلاء الأرض ظلماً هو توطئة لظهور الفرج، فقد قال ﷺ: لتملأن الأرض جوراً وظلماً [رواه الطبراني في الأوسط: 8325، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5073].
هو أخبر لخبر سيقع،لتملئن الأرض جوراً وظلماً وهناك من الكفار مستعد أن يملأها ظلماً وجوراً، ويعمل على ذلك، لتملئن الأرض جوراً وظلماً فإذا مُلئت ظلماً وجوراً اشتد الخطب وعظم، وتعسرت الأمور، وطال الليل، يأتي الفجر، فإذا ملئت ظلماً وجوراً يبعث الله رجلاً مني اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً، فلا تمنع السماء شيئاً من قطرها، المطر مستمر، ولا الأرض شيئاً من نباتها.
هكذا إذاً سيكون الأمر ولا تنقضي الأيام ويذهب الدهر حتى يملك هذا الرجل، وينزل عيسى ، وتكثر الماشية، وتخرج الأرض نباتها، ويوزع المال يحثى حثياً، ولا يُعد عدا، وتخرج الأرض كل ما فيها من البركات، ويكون المال كدوس مجتمع ، يفيض عن حاجة الناس حتى يزهد فيه الناس من كثرته، ويستظلون بِقِحْفِ، الرمانة، ويكفي حلب الشاة القبيلة من الناس.
ستكون هناك هزيمة شنيعة جداً لليهود كما أخبر ﷺ، وهزيمة قبلها للنصارى، هزيمة عالمية ضخمة جداً في معركة تقوم بين المسلمين وبين هؤلاء عباد الصليب، يقولﷺ: لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، أو بدابق هذا موضع قريب من بلدة حلب في سورية، وقريب من الحدود التركية السورية، ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة قيل: من المدينة القريبة، وقيل: من المدينة النبوية، من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا للقتال .
معنى ذلك: القتال سيكون بالطريقة القديمة، المصافة المعروفة، قالت الروم –النصارى-: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا يعني: هناك نصارى من الروم أسلموا، ودخلوا في المسلمين، وصاروا مع المسلمين، وطلعوا في جيش المسلمين، النصارى إذا أرادوا البدء في القتال يقولون: أول هاتوا الذين تركوا ديننا من أهل ملتنا نريد أن نقاتلهم أولاً، ثم نقاتلكم يا أيها المسلمون، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا صحيح أنهم منكم، لكن أسلموا الآن وصاروا منا، وحكمهم حكمنا ولا يمكن أن نتنازل عنهم، والمسلم أخو المسلم لا يسلمه، ولا يسلمه للكفار ولا يخذله فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يُفتنون ابداً [رواه مسلم: 2897].
فتح القسطنطينية الذي سيكون آخر الزمان
بعد معركة مرج دابق ستسقط القسطنطينية غير الفتح الذي فتحه محمد الفاتح، العثماني، هذا الفتح سيكون بدون سلاح كيف؟ إنه سيفتح بالتهليل والتكبير، فقال ﷺ: سمعتم بمدينة جانبٌ منها في البر، وجانبٌ في البحر؟ القسطنطينية لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون الفاً من بني إسحاق [رواه مسلم: 2920].
والمحفوظ من بني إسرائيل، والمراد: العرب المسلمون، فإذا جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط الذي أحد جانبها الذي في البحر، ثم يقولون الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولون الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر، فيُفرج لهم فيدخلونها، فيغنمون، فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ المنادي يصرخ الشيطان أن الدجال قد خرج وهو كذاب، حتى لا يتهنأ المسلمون بالفتح، يكدّر عليهم، وهم مجاهدون فيتركون ما بأيديهم من أموال وينفضون، ويتوجهون لقتال الدجال، وفي الطريق بعد ذلك يظهر الدجال حقيقة، لكن من قبل صراخ الشيطان كان كذباً.
فقال: إن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون. [رواه مسلم: 2920].
فإذن، دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن المستقبل للإسلام والنصر للمسلمين في النهاية، وأن الخلافة على منهاج النبوة سيكون، وأن عيسى سينزل والمهدي سيظهر، وأن اليهود سيهزمون والنصارى سيُهزمون، وأن الإسلام سيطبق الأرض، كل هذه حقائق لا يمكن الشك فيها.
تنبؤ أعداء الإسلام بعودة الإسلام من جديد
من المبشرات أن أعداءنا يرشحون هذا الدين للهيمنة، والمفكرون منهم يظنونه فعلاً ديناً مسيطراً، وهم يحسبون له ألف حساب، وأنهم يفكرون فعلاً بقليل شديد في المستقبل، قلق من هذا الدين.
يقول بن جور اليهودي: إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد، ولن يظهر محمد جديد؛ لأن محمد ﷺ خاتم الأنبياء والمرسلين، لكن سيظهر مجددون وقادة.
وقال لورنس براون: وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام، وفي قدرته على التوسع والإخضاع، وفي حيويته المدهشة، وقال هنوت الفرنسي: لا يوجد مكان على سطح الأرض إلا واجتاز الإسلام حدوده، وانتشر فيه، فهو الدين الوحيد الذ يميل الناس إلى اعتناقه بشدة تفوق كل دين آخر.
وقال ألبيبر متشادور: إن هذا المسلم الذي نام نوماً عميقاً مئات السنين قد استيقظ وأخذ ينادي ها أنا ذا لم أمت إني أعود للحياة لا لأكون أداة طيّعة تسيرها العواصم الكبرى، ربما يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الإفرنج مهددة بالمسلمين يهبطون إليها من السماء لغزو العالم مرة ثانية في الوقت المناسب، لست متنبئاً لكن الأمارات الدالة على هذه الاحتمالات كثيرة ولا تقوى الذرة ولا تقدر الصواريخ على وقفها.
وكذلك قال البرتغالي بالا زار: إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي يمكن أن يحدثه المسلمون حينما يغيرون نظام العالم، فقال له أحدهم: لكن المسلمين منشغلون بخلافاتهم ونزاعاتهم؟ فأجابه: أخشى أن يخرج منهم من يوجه خلافاتهم إلينا، ويقول جب المستشرق: إن المسلمين لا ينقصهم إلا ظهور صلاح الدين جديد، ويقول مروا برجر: يجب محاربة الإسلام للحيلولة دون وحدة العرب، لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام، وعزته وانتشاره، إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر في القارة الأفريقية.
ويقول آخر: إن العالم الإسلامي عملاق مقيد، عملاق لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافاً تاماً، فهو حائر، وهو قلق، وهو كاره لانحطاطه وتخلفه، وراغب رغبة يخالطها الكسل في مستقبل أحسن، وحرية أوفر، لكن بعد ذلك سينفض غباره من الكسل ويقوم.
ويقول أشعى يقومن: أن شيئاً من الخوف يجب أن يسيطر على العالم الغربي من الإسلام لهذا الخوف أسباب، منها: أن الإسلام منذ ظهر في مكة لم يضعف عددياً، لفت نظره أن الإسلام منذ ظهر في مكة، لم ينقص عددياً، دائماً في زيادة، شيء غريب، إن أتباعه يزدادون باستمرار، ثم قال: من أسباب الخوف: أن هذا الدين من أركانه الجهاد، إن أكثر المواجهات العسكرية احتمالاً في المستقبل لن تكون بين المشرق والمغرب كما يقول مراد هوفر الالماني، ولكن الشمال والجنوب، انتهت قضية شرق وغرب، وصارت الآن شمال وجنوب فالإسلام هو العدو المتنامي المرتقب.
إذن، أعداؤنا يعترفون بقوة ديننا، ويخشونه ويخافونه، ويحسبون له حسابات، وعندهم دراسات، تحليلات كاملة تنبئهم بأن المسلمون سيأتون ولا بد.
المستقبل لهذا الدين
من الأمور الأخرى التي نعتمد عليها: أن المستقبل لنا والسفال لعدونا، إن هؤلاء الكفرة الذين يسيطرون الآن إذا تأملنا حالهم ودققنا النظر فيه لوجدنا أنه لا توجد مصيبة ولا ذنب ولا معصية ولا كبيرة اقترفتها الأمم السابقة التي أهلكها الله إلا ووقع فيها هؤلاء، والله -عز وجل- أهلك أمم من قبلنا؛ لأنهم أشركوا، كفروا، وفعلوا الفواحش، وخففوا الميزان... إلى آخره، أهلكهم، فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [آل عمران: 137].
هذه عادة الله في الأمم، فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [الأعراف: 84] ، وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف: 86]، وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً [سورة الأنبياء: 11].
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا [سورة محمد: 10] إذاً لا بد أن يقع عليهم، على الجدد ما وقع على أسلافهم.
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ [سورة الأنعام: 45] أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ [سورة القمر: 43].
إذا أهلكنا أولئك سنهلك هؤلاء ،وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا[سورة محمد: 10]. وحجارة قوم لوط قال الله عنها، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [سورة هود: 83]. فإذن نتأمل القوم الذين أهلكهم الله، لماذا أهلكهم؟ ونقارن بهؤلاء الذين وجدوا اليوم من الكفار لنستدل بإهلاك أؤلئك على إهلاك هؤلاء؛ لأنه إذا حصل السبب لا بد أن تأتي النتيجة، فالله أهلك كفاراً من قديم، لأنهم طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد ما فعلوه الجدد فعلوه، اغتروا بأنفسهم، عاد قالو:مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت: 15]. هؤلاء قالوا: من أشد منا قوة؟ ألم يقولوا: نحن أقوى قوة في الأرض، ولا أحد أقوى منا؟ وقد أهلك الله أقواماً من قبل، قال الله عنهم: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ [سورة الشعراء: 165]. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء [سورة الأعراف: 81]. واكتفى رجالهم برجالهم ونساؤهم بنسائهم، الآن الفاحشة وإتيان الذكران لا ينتشر بكثرة حتى قننوا له قوانين؟ بلى. فإذا أهلك الله أولئك فسيهلك هؤلاء.
قوم شعيب أنكروا على نبيهم أنه يلزمهم بأشياء في الأموال، قالوا:أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ[هود: 87].
نحن أحرار نتصرف كما نشاء، وهؤلاء يورثون القطط والكلاب ويتركون أبناءهم ويقولون: حرية، نفعل في أموالنا ما نشاء، والله قال عن بعض الأقدمين:أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * {وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ[سورة الشعراء: 128-130]. وهؤلاء اليوم يفعلون الشيء نفسه، ويبطشون بجميع أنواع الأسلحة.
وقد أخبرنا الله عن قوم شعيب أنهم طففوا في المكيال والميزان وقال لهم نبيهم: أوفوا المكيال والميزان، ولا تنقصوا المكيال والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم، وهؤلاء ينهبون ثروات الشعوب، ويأخذون الخامات بأبخس الأثمان، ويعيدونها ويبيعونها بأغلى الأثمان، ويدفنون النفايات النووية في الدول الفقيرة، ثم يضعون الهرمونات والكيمياويات والأشياء الضارة في المنتجات ويسوقونها في العالم، تطفيف وبخس، وفساد في الأرض، إفساد، والله قال للأقوام السابقين: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا [الأعراف: 56].وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ[البقرة: 60]. وهؤلاء يضعون اليورانيوم المخصب ويهلكون الحرث والنسل، تفسد الزراعة، تفسد الأجنة والأطفال والناس تموت، والله -عز وجل- قال عن بعض الأقدمين: وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ
توعدون تهدد، وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ في كل صراط، كل مكان وكل طريق يخوفون العالم، وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ تهددون، وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا [سورة الأعراف: 86] وهؤلاء اليوم يفعلون الشيء نفسه.
وأولئك:أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ[سورة العنكبوت: 29]. الطرق، يقطعون الطرق، جواً، بحراً، براً، يفعلون كما فعل أسلافهم، وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ [سورة العنكبوت: 29]. أماكن اجتماعاتكم تأتون فيها المنكر، هذا قوم لوط وأهلكهم الله، وهؤلاء يفعلون اليوم المنكر على العلن، والملأ، وفي المجتمعات التي يجتمعون فيها، بل عندهم نوادي للعراة، هؤلاء أُوتوا قوة وفرحوا بها، فبقي أن يحدث عليهم التسلسل الذي حدث على أسلافهم،حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا[سورة يونس: 24].
انظر إلى بعض بلدانهم، الزراعة في تقدم، الصناعة في تقدم، القوة السلاح في تقدم،حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ[سورة يونس: 24]. وقد يهلكهم الله بأن يسلطهم الله بعضهم على بعض، وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [سورة الأنعام: 129]. نسلط هذا الظالم على هذا الظالم، وقد يهلكهم بعذاب من عنده، أو بأيدينا، فتكون نهايتهم، لنستعرض الآن ماذا وقع فيه هؤلاء القوم، نحن الآن المسلمون بعض المسلمين عندهم إحباط؛ لأن الغرب قوي، وسيطر وهيمنة، وتهديد ووعيد، فنقول: لنتأمل ما عند القوم من بعض المخازي والمعاصي والآثام والفواحش والكفريات، حتى نعرف هل هم مستحقون لعذاب الله؟ وهل عذاب الله قريب منهم أم لا؟ هذا يبشرنا أنهم إذا فجروا وفسقوا وأجرموا لا بد أن الله يهلكهم كما قتل منهم خمسين مليوناً في الحرب العالمية الثانية، ودمر بلادهم على كفرهم، سيهلكهم ولا شك، ويبيد ويفني من شاء منهم.
يقول محمد أسد في كتابه الإسلام في مفترق الطرق، يصف موقف المدنية الغربية من الله -عز وجل-، يقول: إن المدنية الغربية لا تجحد الله البتّة، ولكنها لا ترى لله مجالاً ولا فائدة لله في نظام فكرها الحالي، إذن مثل قوم نوح،مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا[سورة نوح: 13]. ما يعظمون الله، ولا يرجونه، ولا يخافون عذابه، ولا يتبعون منهجه، ولا يسألون عن دينه، فعندهم استهزاء كامل لا يقيمون وزناً لشرع الله، يعبدون المادة، كما يقول أحدهم: إن الإنجليز إنما يعبدون البنك المركزي ستة أيام في الأسبوع، ويتوجهون في اليوم السابع للكنيسة.
وعندهم قضية الكنيسة، صليب يجتمعون حوله، وشعارات يرتبطون به، ونزهة إلى الكنيسة، أما عقائد منهج حياة لا يوجد، يعني: أن هناك دين عندهم يمشون عليه منهج حياة لا يوجد، شعارات، صليب مع الكنيسة، وأغاني وألحان، وبخور، ويغطسون الأولاد في الماء، وبركات القسيس، الدين عندهم تافه، لا شيء.
ظهور الفواحش عند الكفار مؤذن بهلاكهم
وأما إذا نظرتَ فيما يحدث لديهم من أنواع الفواحش؛ لأن الله يهلك بالفواحش، الله يعاقب بالفواحش، فإنك ستجد عجباً عجاباً، من الصغر استغلال الأطفال جنسياً حتى فعل الفواحش معهم، تصوير الجنس مع الأطفال، وعمل تجارة من وراء ذلك، ولا يرون عيباً، يقولون: الجنس في الثامنة وإلا فقد فات الأوان.
ثم قضية الشذوذ الجنسي، كل عشرة أمريكيين فيهم واحد لوطي، أو سحاقية، معابد وكنائس خاصة في أمريكا تقوم بتزويج الرجال بالرجال، والنساء للنساء، حتى أحبارهم ورهبانهم ما سلموا، 40% من رهبانهم يمارسون الشذوذ، 80% منهم زناة كما قالت مجلة الديلي ميل، والديلي ميرور، قريبا اعترف الفاتيكان بوجود هذه الممارسات في أحبارهم ورهبانهم، شيء مخالف للفطرة، منعوا الزواج عنهم، هم سيقعون بعد ذلك في الفواحش ولا شك، ويفتخر بعض وزرائهم بأنهم شاذون ليدخلوا في البرلمان ويدخلوا في الوزارة، ويستقطبوا قطاعاً شعبياً كبيراً من هؤلاء اللوطية، 70% في أمريكا يرون أن الشذوذ من طبيعة الحياة، وأنه حق فردي لأي شخص! هؤلاء ما تورعوا حتى عن اتهام عيسى بهذه الفاحشة، ونصّ أحد قساوستهم بإصدار كتاب أسماه المسيح شاذ جنسياً، كبُرت كلمة تخرج من أفواههم، فهذا المسيح عيسى ما سلم من اليهود وما سلم من النصارى.
فأولئك اليهود يقولون عنه: ابن زنا، وهؤلاء خرجوا اليوم ليقولوا عنه هذا الكلام الفاحش العظيم، حتى الحيوانات والكلاب ما سلمت منهم، يمارسون الفواحش مع القردة والحمير والكلاب، والخنازير، وأشياء مقرفة جداً يفعله حتى هذه مادونا القذرة تمارس الفاحشة مع كلبها، هؤلاء الذين يعملون التجارب مع الأطفال الصغار، ويقولون: إن ممارسة الجنس في البيت بين الأقارب شيء طبيعي، وعادي، ما في قاذورة إلا ارتكبوها، ويقولون بعد ذلك في قضية اختلاط الأنساب: إن الحائزين على جائزة نوبل عباقرة، لم لا نأخذ من هؤلاء حيوانات منوية ونلقح فيها نساء ويأتي لنا عباقرة، فإذن، الغرض منها ولد ذكي ابن حرام، من اي مكان، معروف أبوه غير معروفة أمه، ثم يقولون: ما نكتب على الأنبوب اسم صاحب السائل، لا، حيوان مأخوذ من حيوان، نلقح حيواناً وانتهينا، وعندهم بنوك يقولون بأرقام لا توجد أسماء، ثم الواحد مستعد منهم أن يبيع ابنه لأجل بيت، تلفزيون، أو ثلاجة.
في عام 1959م ، قبل عشرات السنين الذين باعوا أطفالهم في بريطانيا 3000 شخص باعوا أطفالهم من أجل جهاز مثل هذا، وعندهم مشكلة كبيرة في الغرب، أطفال بلا أُسر، أربعة من كل عشرة يعيشون رعباً أنهم معرضون للقتل والسرقة والاغتصاب، وهذا طبيعي؛ لأن الله قال: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [سورة النحل: 112].
جريمة خطيرة ترتكب كل ثانيتين ونصف، حادث سرقة كل ثلاث ثواني، سطو كل عشر ثواني، جريمة عهر كل سبعة وعشرين ثانية، سرقة سيارة كل تسعة وعشرين ثانية، اعتداء على أشخاص لأي سبب كل واحد وخمسين ثانية، اغتصاب كل سبع دقائق، جريمة قتل كل أربعة وعشرين دقيقة، فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [سورة النحل: 112]. ولذلك يرون أنهم في سجن.
ويقول مدير شركة هستن في تكساس: نحن نعيش وراء قضبان حديدية تحمينا من وصول اللصوص إلينا ومجموعة من الأقفال المثبتة في الأبواب، وأجهزة الإنذار، ونرقد على الفلاش، وبجانب الواحد مسدس محشو بالرصاص، وهكذا. كشف استطلاع في الولايات المتحدة أن واحداً من أصل ثلاثة من الأمريكيين شارفوا على الانهيار عصبياً، واعترف 33 % من المشاركين في الاستطلاع الذي أشرف عليه اختصاص من علم النفس من جامعة إنديانا وهو رال سفندل، بأن صعوبة ناجمة من مشكلات الحياة الزوجية، والدراسية وغيرها سبب في هذا، حضارة عُري، 35% من العوائل في أمريكا تمارس العري بالكامل داخل البيوت، ولما قام أحد من أولاد الجيران صعد شجرة ورأى العائلة بجانبهم كلهم في عري قام واتصل على الشرطة جاءت الشرطة قالوا: ما دام داخل البيت ما نستطيع أن نعمل شيئاً!، عندهم نوادي عُراة، شواطئ عُراة للبيض ممنوع السود، تمييز عنصري حتى في هذه الأشياء المقرفة، ثم إن الله -سبحانه وتعالى- يقول:يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ[سورة الأعراف: 26]. وهؤلاء لا يريدون منة الله، ويريدونها عرياً في الأفلام الجنسية، يريدونها عرياً في الشوارع، يردونها عرياً على الشواطئ، يريدونها عرياً في الأندية، إبليس مع آدم وحواء لما وسوس لهما بالمعصية ماذا حصل من نتائج المعصية؟ انكشاف العورات، وقال الله سبحانه:وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ[ سورة طـه: 121]. بعد أن كانت العورة مستورة تلقائياً؛ لأنه لم يُعص الله، فلما عُصي انكشفت، ونزل اللباس ، أنزلنا عليكم لباساً، وخلقه الله من أجلهم.
ضياع الطفولة وتفكك الأسرة في المجتمع الغربي
طفولة معذبة بالغرب، الله يعذبهم في الحياة الدنيا، إذا كانت محطة البي بي سي البريطانية تلقت ما يتراوح بين ثلاثين إلى خمسين ألف مكالمة لما فتحوا خطوطاً هاتفية للأولاد الذين يريدون أن يشتكوا الأب والأم، رأوا أن الأطفال يعذبون، فصاروا يعلنون في التلفزيونات والمحطات رقم تلفون خاص إذا اضطهد الولد يشتكي، أول اثنا عشر ساعة من فتح الخطوط من ثلاثين إلى خمسين ألف مكالمة، أطفال يشتكون أباءهم، وأطفال لم يستطيعوا الشكوى؛ لأن قضية الاعتداء على الطفل قد تكون من أقرب الناس إليه، اعتداءات تشمل الضرب الجسمي والوحشي ، والتعذيب بالآلات الحادة، وإطفاء السجائر في أجسام الأطفال الرقيقة، وسجنهم في أماكن مظلمة، وربط الطفل في زاوية من البيت لفترة ستة أشهر أو أكثر، إهمال صحي، تغذية، تترك الرضيع، تمشي، وجد ولد معفن في البيت، أولاد واحدة راحت مع عشيقها تركت الأولاد عندهم مقفلة عليهم حتى شم الجيران رائحة الجثث، ثم بعد ذلك تحدث هذه المصيبة، يفعلون كفعل الوحوش الكاسرة.
وشرعوا قوانين لحماية الأطفال لما صارت هذه المصائب الكبيرة، لكن ما استطاعوا التغلب على المعضلة العظيمة، وأصلاً بعض المغتصبين لا يجرؤون على الشكوى، بل إن بعض القوانين تحمي المغتصب، ثم نرى بعد ذلك هؤلاء الذين تحدث فيهم هذه الجرائم، أناس ينتحرون، يقتلون أنفسهم، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [سورة طه: 124]. حوادث انتحار تشهد زيادة مستمرة، خصوصاً عند المراهقين من سن عشرة إلى سن عشرين، تضاعفت ثلاث مرات في الفترة الأخيرة عما كانت عليه، معنى ذلك: أنه في بلد مثل أمريكا بلغ عدد الذين أقدموا على الانتحار بسبب الفشل في عام واحد ربع مليون شخص، معدل مائة وعشرين شخص يومياً، تفوق حتى جرائم القتل.
هم يقولون عن الأسباب التي تجعل الواحد ينتحر: الاكتئاب، الانهيار العصبي، الجنون، يقول أحد مفكريهم: إن الحياة تتأرجح من اليمين إلى اليسار من الألم إلى الملل، هذه حياتهم، الألم أو ملل، فإذا رأى ألماً ومللاً لماذا يعيش؟ لا يتحمل، لا صلة بالله، ولا صلاة، ولا دين، ولا عبادة، ولا ذكر، ولا دعاء، ولا شيء ينفس كربته، لماذا يعيش؟ ولذلك نفهم نحن لماذا ينتحرون، هم يقولون: نتأرجح في حياتنا من اليمين إلى اليسار، من الألم إلى الملل،وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى[سورة طـه: 124]. ولذلك تكثر في مؤلفاتهم حتى عند أدبائهم وكتاب القصص والكتب مفردات كثيرة في المقالات دائماً موجودة، اليأس، القلق، الأسى، الألم، الصدمة، الملل، العبث، التمرُّد، التمزق، المأساة، الشقاء، لا يكاد تخلو كتبهم من هذا.
يقول كاتب فرنسي: ينبغي أن لا نؤمن بشيء في هذا العالم سوى الخمر؛ لأنه شيء يذهب بعقولهم، هذا هو الذي يفرّج الهموم، ويقول أرثر مولر الأمريكي: إن أكثر الأماكن براءة في بلدي هو مصحة الأمراض العقلية، وكمال البراءة هو الجنون، إذا صرت مجنوناً تصير بريئاً، لا حل إلا أن تفقد عقلك.
يقول أحدهم: الواقع كابوس مؤلم لا يطاق.
أسبور الإنجليزي يقول عن نفسه، وعن أهل ملته: نحن موتى مكدرون مضيعون، نحن سكيرون مجانين، نحن حمقى نحن تافهون، ويقول الأمريكي جورج تايم: إننا في حاجة إلى ضربة قوية تجعلنا نفيق من تراثنا، لقد انتصرنا على الطبيعة -يعني بزعمه- ولكننا لم ننتصر على أنفسنا، وحتى الطبيعة ما انتصروا عليها، أصلاً الله يسلط عليهم إعصاراً يبيد منهم من الأشجار والسيارات والبيوت والنفوس والأموال ما لا يعلمه إلا هو سبحانه.
لوّثوا الطبيعة، وجعلوا الحياة جنساً وحشيشاً وجريمة، هؤلاء الذين تتجاوز معدلات الاكتئاب عندهم هذه الأشياء العظيمة، ثم يريدون الهروب بالمخدرات وبالخمور، 95 مليون مدمن في الولايات المتحدة، والزيادة زيادات عظيمة مستمرة، 850 ألف مصاب بالإيدز يزيد معدل 40 ألف سنوياً، هذا في أمريكا فقط.
في دراسة أجريت في جامعة واشنطن عام 1999م تبين أن أكثر من 15 مليون أمريكي يؤثر عليهم الاكتئاب سنوياً، 10 مليون منهم نساء، فتصور ماذا جلبه هذا الواقع من العري والفواحش والاختلاط وما يريدون أن يوصلوننا إليه نحن من وراء تحرير المرأة بزعمهم، 10 مليون اكتئاب نساء.
ثم يعلن مدير الصحة العامة ديفيد ونشر في الولايات المتحدة أن الانتحار يودي بحياة 30 ألف شخص سنوياً، مقابل 20 ألف ضحية أعمال القتل، يعني في السنة يموت 20 ألفاً بالقتل، جرائم، و30 ألفاً بالانتحار، المجموع: خمسون ألفاً، والانتحار عندهم هو السبب الثامن للوفاة، ونحو 350 ألف يحاولون الانتحار، والذي انتحر نجحت المحاولة، غير الذي فشلت المحاولة، 350 الف واحد ما نجحوا، لكن هذا قطع شريان، هذا صار عاهة مستمرة، شلل، هذا إعاقات وعذابات تطال مئات الألوف منهم، تفكك أسري من العيش الضنك، انخفضت نسبة الأسر التي يعيش فيها الأم والأب معاً في الولايات المتحدة في الخمس السنوات الماضية 25 % فقط.
ثم لاحظ القوانين الجائرة البعيدة عن شرع الله -عز وجل- تساهم في التفكك الأسري، فتعطي المحاكم للمرأة حق الطلاق لأتفه الأسباب، خلاص تطلب الطلاق تطلق مباشرة، وهي تحصل على 50% من ثروة زوجها، وتلجأ للقضاء وتأخذ الأولاد، بأي طريقة؟ القضاء معها، بعد سنوات من الشقاء والتحصيل يُطرد الرجل من البيت الذي بناه، ويحرم من رؤية أولاده ويدفع ما يدفع، النتيجة، إحباط، جريمة أو إدمان، واحدة منهم، ينتهي جريمة أو إدمان.
الخوف الشديد لدى المجتمعات الكافرة من الموت
ونتيجة لانعدام الإيمان بالقضاء والقدر، والقلق الدائم من الفقر والمصائب انتشرت شركات التأمين عندهم انتشاراً رهيباً جداً، لأن كل واحد يقول: انا ما أضمن شيئاً، أنا أخشى على كل شيء ولذلك التأمين على الحياة، تأمين على البيت لحريق، لغرق، يؤمن على الأثاث، يؤمن على السيارة، كل شيء؛ لأنه ما يأمن على شيء، فالملجأ والحل شركة التأمين، وغاب الرادع الداخلي والخوف من الله -سبحانه وتعالى-، فجعل القوي يأكل الضعيف.
هؤلاء الذين جعلوا الأهل لا سيطرة لهم على الأولاد بعد سن الثامنة عشر، والولد يخرج، والبنت تخرج، تخرج عن أبيها وعن أهلها ولا أحد يستطيع أن يضبطها، هؤلاء الناس مقرفون عنصريون، في الستينات كان الزواج بين الأبيض والأسود عندهم محرماً، وعندهم إذا حصلت جريمة في البلد يخرج البيض، أول شخص أسود يأخذوه ويشنقونه، يقول: هذا هو المجرم: هذا الكلام ما صار له زمان ألغي، لا ليس من قديم، والغني يزداد غنى، والفقير يزداد فقر، والربا يعمل في الناس، والطبقية تحصل، 70 مليون فقير جائع، أدى إليه الحال في واحد من بلدانهم، ولا تسمح قوانينهم بتعدد الزوجات، لكن العلاقات الجنسية مسموح بها، ويسمحون بهذه الحرية في الشواذ والزناة وعندهم ممكن، لا يجيزون لمسلم يرفع الأذان لكن أي واحد يريد أن يمارس الشذوذ القانون يحميه، سبعة آلاف مليون دولار مبيعات في أمريكا عام 97 م، وسبعة آلاف وخمس مائة مليون دولار ميزانية الأجهزة المخصصة لمكافحة المخدرات، والرعب ينتشر.
ثمرة الاختلاط والعري في المجتمع الغربي
وقضية تحرير المرأة عندهم والاختلاط نتيجتها أن 50% من المغتصبات من النساء اغتصبهن معارف وأقارب، ليست جرائم مفاجأة في الشوارع، هذه 4% فقط من حوادث الاغتصاب، لكن يقول اختلاط وصديق وهذه هي النتيجة، والعري يدفع إثارة الغرائز ، ثم العنف في كل مكان ثلاثة ملايين عمل إجرامي في المؤسسات المدرسية في أمريكا، وكذلك الاحصائيات تشير إلى تعذيب الأطفال، 270 ألف مسدس يحمله طلاب المدارس المتوسطة والثانوية في أمريكا، ثم يقولون: مدارسكم فيها إرهاب، إلا بالله أنتم مدارسكم التي فيها الإرهاب، مائتين وسبعين ألف قطعة سلاح في مدارسهم، واحد يدخل يحصد ثلاثة عشر شخصاً، كذا مدرس وكذا، ويقول: انا كنت أخذت قطعة من سنة، ويقتل نفسه في النهاية، ويكتب رسالة، حوادث، ولذلك عندهم يقولون في السي إن إن: المدارس الأمريكية لم تعد آمنة، عندهم مشكلة الآن أن المدارس نفسها لم تعد آمنة.
وقضة سوء توزيع الثروة، و10% من السكان يمتلكون 90% من الثروة، وبعد ذلك يسيطرون على 40% من ثروات العالم، لكن الربا ماذا يُحدث، المصارف الربوية نفسها هذه تسيطر على حياة المواطن لديهم، وتطوقه بالديون منذ بداية إنتاجه، المسكين يشتغل طول عمره لأجل تسديد الفوائد الربوية، وتعيش الأسر الأمريكية تحت هاجس الخوف من عدم القدرة على تسديد فواتير البنوك، معه بيت وسيارة وقارب، لكن أثاث ما يملكه، الذي يملكه البنك، ولذلك يأخذون منه في النهاية إذا عجز عن التسديد، يسحبون البيت والسيارة والأثاث، فيرموه في الشارع، ولذلك يقوم يفتح النار في مطعم عام، يقتل نفسه، ينتقم من المجتمع، يسير، هم يربون الناس على النقمة ، على المجتمع.
ابن تيمية -رحمه الله- يقول: "الرسالة روح العالم، ونوره وحياته، فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور، والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة"[مجموع الفتاوى: 19/93].
أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء تصرف المليارات في الغرب على الكلاب والقطط، والملايين من الناس تعيش تحت مستوى الفقر، ما تنفقه الشعوب الغربية المتحضرة بين قوسين بزعمهم على الكلاب والقطط، وهناك الملايين من الناس في أفريقيا وغيرها يموتون من الجوع، هذه الحضارة بزعمهم.
خمس الأطفال عندهم، عشر المواطنين في فقر مدقع، يصرفون على الكلاب والقطط المليارات، المليارات، أحد عشر مليون شخص لديهم في أمريكا يعيشون دون مستوى الفقر، والكلاب والقطط تستهلك.
الخمر ينفق عليها اثنا عشر مليون سنوياً، ثم يقولون: حضارة أي حضارة؟ البشرية تستطيع أن تشرب الماء بغرفة اليد إذا انعدم الكأس، وتستطيع أن تركب الدابة إذا انعدمت السيارة والطيارة، لكنها إلى جهنم وبئس المصير، والنكد في الدنيا إذا انعدمت الهداية، إذا عُدم الإسلام، في عهد عمر بن عبد العزيز ما كان يوجد كهرباء، ولا طائرات، ولا مكيفات، ولا ثلاجات، ولا كمبيوترات، لكن كان يوجد أمن نفسي، راحة، طمأنينة، الزكاة يدار بها على المجتمع ما أحد يأخذ زكاة، لقد أغنى عمر الناس، عدل وطبّق المنهج الإسلامي، أيش استفدنا من التكنولوجيا إذا كانت تستخدم في قتل الأطفال، وسرقة الأعضاء البشرية وهكذا ؟
وما فائدة هذه المترفات إذا كانت الحياة ستنقلب شقاء، وتنقلب نكداً؟ هذا الكلام ليس دعوة لترك الأخذ بأسباب القوة؛ لأننا نحن المسلمين مطالبون بالأخذ بأسباب القوة في كل شيء، والاستفادة من التقنية في كل ما يعز الإسلام ويرفع شأن هذا الدين، لكن نقول لأولئك الأغبياء: إن الذي أنتم فيه ظاهر من الحياة الدنيا، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [سورة الروم: 7].
وهذه الأشياء التي نجدها عندهم من الأمور الملهية، والمترفة، مدن الملاهي، أورلاندوا، ودزني لاند.
الله -عز وجل- قال: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [البقرة: 212]. هذا كل أملهم.
ثم عقول سخيفة مثلاً: الميسر واليانصيب والقمار منتشر انتشار النار في الهشم، وقريباً صار عندهم جائزة اليانصيب الكبرى، الجائزة مائتين وثمانين مليون دولار، هذا السحب عليه، يدفع كل واحد ملايين، هؤلاء كلهم مغفلون، من أجل واحد يفوز في النهاية، كم احتمال أي واحد من هؤلاء يفوز؟ كاحتمال حدوث برق في يوم مشمس، هذه نسبة أن أي واحد من هؤلاء في النهاية يفوز، ثم إذا دققت لماذا ينهون حياتهم؟ هذا مجتمع تفاهة، سخافة، ممكن ينهي حياته لأتفه الأسباب، أم بريطانية عمرها ثلاثة وأربعين سنة أقدمت على الانتحار لأنها فشلت في العثور على دواء يمنع تساقط شعرها، انتحر واحد عمره خمسين سنة بينه وبين حماته مشكلة فنفذ مذبحة في الأسرة كلها ومن ضمنها حماته، وفي النهاية قتل نفسه، واحد قتل طفله من الدور التاسع عشر؛ لأن المحكمة قضت أن الابن للأم، واحد هو وامرأته قررا مفارقة الحياة؛ لأن عندها مرض جلدي في الوجه، هذه الحالات المتعاظمة والكثيرة والانحلال الذي نسمعه حتى الفضيحة عندهم صار شيئاً عادياً، ثلث طالبات الثانوية في بريطانيا يتزوجن وهن حاملات في المدارس، كيف تتزوج وهي حامل؟.
ثم بعد ذلك نجد هذا التساقط الرهيب الذي يحدث عندهم في الأشياء المختلفة حتى الأشياء العلمية، هبطت أعداد ونسب الطلاب الذين يستطيعون تحقيق علامات متفوقة، زادت نسبة الجهل.
هم الآن يعملون أسئلة للشعب عن بدهيات في الرياضيات في الفلك إلى آخره، اكتشفوا أن هناك أمية في مستوى الثقافة عند قطاعات عريضة منهم، حتى مستوى التحصيل العلمي انحدر، قضية النظافة الشخصية، الناس مقرفون في الحقيقة، واحد يلبس ثيابه على البول والبراز يلبس ويمشي، حتى طريقة قضاء الحاجة لا يعرفونها.
طبيب عيون مسلم يقترب من واحد يفحصه، يشم الرائحة الكريهة جداً، مقرفين، حتى مع وضع هذه الكولونيات والعطورات وهذا المنظر الخارجي لكن إذا اقتربت من الواحد منهم ترى أشياء مقرفة سيئة، بل ربما ترى بعضهم ما يغير بنطلونه الجنز سنوات ولا يغسله، فهؤلاء القوم الذين يزعم أنهم متحضرون السؤال هو: هل يستحقون قيادة البشرية؟ ناس بهذا الوضع هل يستحقون قيادة البشرية؟
ونحن ما ننكر أن عندهم تطور وتقدم، عندهم إدارة واقتصاد وآلات وتكنولوجيا، عندهم أشياء أخرت سقوطهم، هم كانوا ربما يسقطون من زمان، لكن عندهم بعض المقومات الدنيوية التي لا زالت تمسك أنظمتهم من التلاشي، وإلا هم قد تلاشوا من قبل وانتهوا، لكن هكذا بحبل من الله وبحبل من الناس، ولكن في الحقيقة أيها الإخوة أنهم اناس غضب الله عليهم.
فإذا عرفنا من هذا العرض أن البشارة بأن المستقبل لهذا الدين، وأن المسلمين هم الأجدر بقيادة البشرية، وأن عندنا نظام إسلامي، منهج رباني، وشريعة سماوية، وقرآن ناسخ لكل ما قبله ومهيمن عليه، وأن عندنا من قضاء الحاجة إلى توحيد الله والإيمان به، كله مفصل معلوم في هذا الدين العظيم.
لكن النصر لا يأتي بدون بذل أسباب، ولابد أن نعلي شان ديننا، وأن نعمل بجد في الدعوة إليه، قد تأتينا فتن، قد يعم ظلم شديد، ممكن أن يحدث من هؤلاء هيمنة عظيمة، لكن في النهاية سيأتي فجر النصر ولا بد.
نسأل الله أن يجعل فرج المسلمين، وأن يرزقنا العمل لدينه القويم، وأن يجعلنا من جنوده وحزبه المفلحين، إنه سميع مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد.