الجمعة 18 شوّال 1445 هـ :: 26 أبريل 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

26- رؤاه ﷺ 4


عناصر المادة
المقدمة
رؤياه ﷺ  لبعض مشاهد القبر والآخرة
رؤياه ﷺ  لملك يبشره ببشارة
رؤياه ﷺ  لخروج الحمى من المدينة
رؤياه ﷺ لربه 

المقدمة

00:00:05

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كنا عشنا حلقات في رؤى النبي ﷺ ونختم في رؤاه بهذه الحلقة رأى النبي ﷺ فيما رأى مشاهد من حياة البرزخ، ومن اليوم الآخر عذابًا ونعيمًا، وكذلك رأى النبي ﷺ فيما رأى أهل النار من العصاة يعذبون فيها، وأهل الجنة ينعمون فيها، ورأى وباء الحمى على صور امرأة سوداء ثائرة الرأس، ورأى النبي ﷺ ربه في المنام، وسنعرف ما هو القول في رؤية الله في المنام.

رؤياه ﷺ  لبعض مشاهد القبر والآخرة

00:01:16

أما بالنسبة لرؤيا النبي ﷺ فيما سيحدث في الدار الآخرة، فمثالها ما رواه سمرة بن جندب  قال: كان النبي ﷺ إذا صلى بنا الصبح أقبل علينا بوجهه، فقال: من رأى  منكم الليلة رؤيا، وفي لفظ كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ فإن رأى أحد قصها، فيقول: ما شاء الله، فسألنا يومًا فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟
فقلنا: لا.
قال: لكني رأيت الليلة رجلين أتاني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى أرض فضاء، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديدالكلوب حديدة معوجة الرأس، يدخل ذلك الكلوب في شدقة حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتئم شدقه هذا، فيعود فيصنع مثلها. قلت: سبحان الله! ما هذا؟ قالا: انطلق انطلق، فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة، فيشدخه بها رأسه يشجه ويكسره فإذا ضربه تدهده الحجر يعني: تدحرج، وسقط من علو إلى سفل فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه، وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه. قلت: سبحان الله! ما هذان؟ قالا: انطلق انطلق، فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور يعني: فرن الخباز أعلاه ضيق، وأسفله واسع، يتوقد تحته نارًا، فإذا فيه لغط وأصوات، فاطلعنا فإذا رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفي لفظ: فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا يعني: صرخوا، وصاحوا، وارتفعت أصواتهم.
فقلت: من هذا؟ قالا: انطلق انطلق، فانطلقنا حتى أتينا على نهر أحمر مثل الدم، فيه رجل قائم على وسط النهر، وعلى شق النهر رجل بين يديه حجارة كثيرة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان يعني: إلى وسط النهر، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان. فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة يعني: قبيح المنظر كأكره ما أنت رائي رجلاً مرآة، وإذا عنده نار يحشها، ويسعى حولها يعني: يوقدها ويزيدها اشتعالاً، قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا حتى أتينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة، فيها من كل لون ربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً  في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط، قلت لهما: ما هذا؟ ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأنتهينا إلى روضة عظيمة لم أر روضة كذا أعظم منها ولا أحسن، قالا لي: ارق فيها فارتقنا فيها، فانتهينا إلى مدينة مبينة بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة، فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت رائي، وشطر كأقبح ما أنت رائي، قالا لهم 

هذان مع النبي ﷺ يقولان لهؤلاء الرجال الذين نصفهم حسن ونصفهم قبيح: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، وإذا نهر معترض يجري كأن ماؤه المحض في البياض يعني: اللبن الخالص، فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة، وأدخلاني دارًا لم أر قط أحسن منها، فيها رجال وشيوخ، وشباب، ونساء، وصبيان، ثم أخرجاني منها، فصعدا بي فأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل، فيها شيوخ، وشباب، قلت: طوفتماني الليلة، فأخبراني عما رأيت؟، وفي رواية: فإني قد رأيت منذ الليلة عجبًا، فما هذا الذي رأيته؟ قالا لي: أما أنا سنخبرك، أما الرجل الأول: الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، وفي رواية: فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار، يفعل به إلى يوم القيامة، إذًا هذا كله في البرزخ، وبعده منازل في الجنة، قال ابن هبيرة: رفض القرآن يعني بعد حفظه، ورفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه، فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن عوقب في أشرف الأعضاء وهو الرأس.
وأما الرجل: الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق حطها في إيمايل، وانشر يطلع في قناة فضائية ويعلنها، النبي ﷺ قال: تبلغ الآفاق قبل الإنترنت، وقبل القنوات، فهؤلاء الذين ينشرون الكذب في الشبكة والقنوات ويل لهم ثم ويل لهم، هذا في البرزخ غير الذي سيأتي في جهنم.
والشرشرة: شق شدق الكافر إنزالاً للعقوبة في مكان المعصية، من أين يخرج الكذب؟ إذًا الشرشرة هنا وعلى هذا تجري العقوبات، فلما كان الكاذب يساعد أنفه وعينه لسانه على الكذب بترويج باطله؛ وقعت المشاركة بين هذه الأعضاء بالعقوبة.
قالا: وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنه الزناة والزواني. ومناسبة العري لهم لاستحقاقهم أن يفضحوا؛ لأن العادة أنه يسرون بفواحشهم فعوقبوا بالهتك والاجتماع، وصاروا مفضوحين عند بعضهم البعض، وعند الناس الذين يسمعون أصواتهم، وعندما ملائكة الله التي تتولى عذابهم.
والحكمة في إتيان اللهب من أسفل والاحتراق من أسفل أن أعضاء الزنا من أسفل، فالعقوبة في مكان المعصية.
وأما الرجل: الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا يسبح في نهر الدم ويلقم الحجر، يهرب للشاطئ فيلقم، ويعود إلى وسط النهر، وهكذا في نهر الدم المنتن طيلة الوقت، وبطنه ثقيل من هذه الأحجار، عوقب بهذا آكل الربا بسباحته في النهر الأحمر وإلقاء الحجارة في بطنه؛ لأن أصل الربا يجري في الذهب وهو الأحمر، والذهب أحمر، وأما إلقاء الملك له الحجر فإشارة إلى أنه لا يغني عنه شيئًا، وكذا الربا فإن صاحبه يتخيل أن ماله يزداد، والله يمحقه، وأيضًا كما يأكلون في بطونهم الربا يأكلون في بطونهم الحجارة.
قالا: وأما الرجل الكريه المرآة عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم، وإنما كان كريه الرؤية لأن ذلك زيادة عذاب لأهل النار.


وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم ﷺ، وإنما اختص إبراهيم لأنه أبو المسلمين.
قالا: وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة إذًا يبشر أي رجل وأي امرأة فقدا ولدًا في الصغر قبل البلوغ أنه عند إبراهيم وسارة يحفظانه لهما؛ليستردانه منهما يوم القيامة.
"فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟
فقال رسول الله ﷺ: وأولاد المشركين يعني: الذين يموتون صغار، وظاهر هذا أن النبي ﷺ ألحقهم بأولاد المسلمين في أحكام الآخرة.
وفي حديث: هم من آبائهم[رواه مسلم:1745].
يعني: في أحكام الدنيا، فمثلاً أن يدفن قضية الصلاة إلى آخره، والتكفين والغسل، أحكام أطفال المشركين أحكام آبائهم في الدنيا، في الآخرة يختلف الحال.
مسألة مصير أولاد المشركين من المسائل الخلافية بين العلماء، وأقوالهم فيها قريبة من ثمانية، أقربها أن الله يمتحنهم في الآخرة، فمن أطاع دخل الجنة، من عصى دخل النار، وهو قول معظم أهل السنة، ومال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر أنه مقتضى نصوص أحمد.[مجموعالفتاوى:4/281].
وهو الذي رجحه ابن كثير.[تفسيرابنكثير:5/54]، وابن القيم.[أحكامأهلالذمة:2/1071]، وعلى هذا فمن علم الله منه من أطفال المشركين أنه يطيع لو كبر جعل روحه في البرزخ مع إبراهيم وأولاد المسلمين الذين ماتوا على الكفر.
قالا: وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسنًا وشطر قبيحًا، فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم، والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك فرفعت رأسي، فسمى بصري صعدًا إلى فوق فإذا قصر مثل الربابة البيضاء يعني السحابة البيضاء.
قالا: ذاك منزلك، قلت: دعاني أدخل منزلي، قالا: إنه بقي لك عمر لن تستكمله، فلو استكملت عمرك أتيت منزلك[رواه البخاري:1386، و7047].
وفي هذا الحديث تعذيب العصاة في البرزخ، بعض العصاة يعذبون في البرزخ، والتحذير من النوم عن الصلاة المكتوبة كصلاة الفجر والعصر، والتحذير من رفض القرآن من يأخذه ويحفظه، والتحذير من الزنا والفاحشة، وأكل الربا، وتعمد الكذب.

أتاني سؤالا بالأمس بعد الفجر جاءني واحد يقول: أنا سائق صاحب البيت الذي أنا فيه، يرسلني إلى السوق الفلاني المكان الفلاني ويعطيني رقم مرأة آتي بها، يقول: في نهار رمضان كل يوم، التنور هذا لمن، وفي نهار رمضان.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، واغفر لنا وارحمنا، ولا تفضحنا، واسترنا بسترك الجميل يا رب العالمين.
وفي الحديث فضل الشهداء، والتحذير من تعمد الكذب، وأن منازل الشهداء في الجنة أرفع المنازل، وكذلك في الحديث أن من استوت حسناته وسيئاته يتجاوز الله عنه لأن رحمته سبقت غضبه، وفيه اهتمام بأمر الرؤيا بالسؤال عنها، وفضل تعبير الرؤيا، واستحباب أن يكون ذلك بعد صلاة الصبح لأنه الوقت الذي يكون البال مجتمعًا.
قال الإمام النووي رحمه الله:"وفيه استحباب السؤال عن الرؤيا والمبادرة إلى تأويلها، وتعجيل ذلك في أول النهار لهذا الحديث، ولأن الذهن جمع قبل أن يتشعب بأشغاله في معايش الدنيا، ولأن عهد الرائي قريب بالرؤيا لم يطرأ عليه بعد ما يهوش عليه، ولأنه قد يكون فيها ما يستحب تعجيله كالحث على خير أو التحذير من معصية، ونحو ذلك.
وفي الحديث إباحة الكلام في العلم، وتفسير الرؤيا بعد صلاة الصبح، وأن استدبار القبلة في جلوس العالم للعلم وغيره مباح".[شرح النووي على مسلم:15/35].


ومن الرؤى التي رآها النبي ﷺ كذلك ما جاء عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضبعييعني عضدي، واحد من هنا وواحد من هنا.
وفي لفظ خرج علينا رسول الله ﷺ بعد صلاة الصبح فقال: إني رأيت رؤيا هي حق فاعقلوها، أتاني رجل فأخذ بيدي.
نعود للرواية الأولى: فأتيا بي جبلاً وعرًا، فقال: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إني سنسهله عليك، وفي رواية: فجعلت كلما رقيت قدمي وضعتها على درجة، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل يعني: وسط الجبل في العلو، إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالا: هذا عواء أهل النار، إذًا أصواتهم مثل العواء، مثل أصوات الكلاب، فانطلقنا فإذا نحن برجال ونساء مشققات أشداقهم، فقلت: من هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الذين يقولون ما لا يعلمون، وأسوأه الكلام في الأحكام والحلال والحرام بلا علم، القول على الله بلا علم هذا أسوأ شيء، ثم انطلقنا فإذا نحن برجال ونساء مسمرة أعينهم وآذانهم مضروبة أعينهم بالمسامير، وآذانهم بالمسامير، كلها مسدودة بالمسامير مسدودة.
فقلت: ما هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الذين يرون أعينهم ما لا يرون، ويسمعون آذانهم ما لا يسمعون يدعي أنه رأى رؤيا كذا كذا، وكذاب ما رآها، وأنه سمع كذا كذا، وكذاب ما سمع هذا الكلام، ثم انطلقنا فإذا نحن بنساء معلقات بعراقيبهن، مصوبة رؤوسهنالتعليق من أعلى رجليها إلى فوق ورأسها تحت، مصوبة رؤوسهن تحت, تنهش ثديهن الحيات حيات تنهش ثدي كل واحدة منهن، معلقات من العراقيب الرجلين فوق، مصوبة رؤوسهن الرؤوس تحت مثل الذبيحة معلقة، وهناك حيات تنهش في ثديهن، جمع ثدي.
قلت: ما هؤلاء؟ قالا: هؤلاء يمنعون أولادهن من ألباهنالتي تمنع ولدها الرضاع الرضاع الطبيعي حق للولد، وخصوصًا في أول الأمر، أول ما يخرج لبن من ثديها بعد الولادة، وما بعده ضروري في بناء مناعة الولد، وجسم الولد، وعظام الولد، فإذا قالت: رشاقتي، خذي هذه النتيجة.


قلت: ما هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الذين يمنعن أولادهن من ألباهن هذا حق للولد أصلاً ما يجوز تفطم الولد إلا بعد إجراءات، فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة: 233] لازم يكون رأي الأب ورأي الأم، وَتَشَاوُرٍ ويمكن يحتاج إلى مشورة طبيب، الرضاعة ما هو فوضى، هذا حق للولد، ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: من هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الذين يصومون ويفطرون قبل تحلة صومهم، من أفطر عمدًا قبل المغرب هذه النتيجة من أفطر قبل وقت الإفطار، وأكل في أثناء النهار هذه العقوبة، معلقون بعراقيبهم، مشققة أشداقهم تسيل دمًا، ثم انطلقنا، فإذا نحن برجال ونساء أقبح شيء منظرًا، وأقبحه لبوسًا، وأنتنه ريحًا كأنما ريحهم المراحيض موضع غسالة النجاسات، قلت: ما هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الزناة والزواني، ثم انطلقنا، فإذا نحن بموتى أشد شيئًا انتفاخًا وأنتنه ريحاً، قلت: ما هؤلاء؟ قالا: هؤلاء موتى الكفار إذًا جثث منفوخة، وريح منتنة، والعياذ بالله.
ثم انطلقنا فإذا نحن برجال نيام تحت ظلال الشجر، قلت: ما هؤلاء؟ قالا: موتى المسلمين، ثم انطلقنا، فإذا نحن بغلامان وجوار جمع جارية، وهي البنت الصغيرة يلعبون بين نهرين، قلت: ما هؤلاء؟ قالا: ذرية المؤمنين فليبشر كل واحد مات له ابن صغير أو بنت صغيرة، أنهما يلعبان بين نهرين مع بقية أطفال المسلمين الذين ماتوا في الصغر، يلعبون إلى يوم القيامة.
ثم انطلقنا فإذا نحن برجال أحسن شيء وجهًا، وأحسنه لبوسًا، وأطيبه ريحًا، كأن وجوههم القراطيس، قلت: ما هؤلاء؟ قالا: هؤلاء الصديقون، والشهداء، والصالحون اللهم اجعلنا منهم.
ثم شرف شرفً يعني: مكانًا مرتفعاً فإذا أنا بنفر ثلاثة يشربون من خمر لهم، قلت: من هؤلاء؟ قالا: هؤلاء جعفر، وزيد، وابن رواحة خمر الآخرة أين هذا من ذاك؟ فملت قبلهم أريد أن أتجه إليهم، فقالوا: قد آن لك، قد آن لك يعني: قرب خروجك من الدنيا، انتظر قريبًا، اللقاء قريب، ثم شرفني شرف، آخر فإذا بنفر ثلاثة، قلت: من هؤلاء؟ قالا: هذا إبراهيم، وهذا موسى، وهذا عيسى، وهم ينتظرونك[رواه ابن خزيمة: 1986، وابن حبان:7491، والحاكم: 2837، والطبراني في المعجم الكبير:7666].
قال ابن حجر في فتح الباري: سنده جيد.[فتح الباري:12/441].
وكذلك جود إسناده الذهبي في العلو[العلو: 257]، وصححه الألباني في سلسلته الصحيحة.[السلسلة: 3951].

رؤياه ﷺ  لملك يبشره ببشارة

00:23:29

ورأى النبي ﷺ في المنام ملكًا يبشره ببشارة عن نسبة أمته في أهل الجنة، فعن أبي موسى قال: غزونا مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره، فعرس بنا رسول الله ﷺ" يعني: نزل في آخر الليل للنوم والراحة، فانتهيت بعض الليل إلى مناخ رسول الله ﷺ أطلبه، فلم أجده، فخرجت بارزًا أطلبه، وإذا رجل من أصحاب رسول الله ﷺ يطلب ما أطلب" يعني يبحث ما أبحث أنا عنه، أبحث عن النبي ﷺ وهذا الآخر هو معاذ بن جبل، فصار أبو موسى ومعاذ يبحثان،"فبينا نحن كذلك، فسمعت صوتًا مثل هزيز الرحى" دورانه، فجاء رسول الله ﷺ من قبل الصوت، فقلنا: يا رسول الله أنت بأرض حرب، ولا نأمن عليك، فلولا إذا بدت لك الحاجة قلت لبعض أصحابك فقام معك يحرسك؟
فقال رسول الله ﷺ: أتاني أت من ربي ، وفي رواية: أتاني آت في منامي، فخيرني أن يدخل ثلث أمتي الجنة وبين شفاعتي لهم، فاخترت شفاعتي لهم، وعلمت أنها أوسع لهم، فخيرني بين أن يدخل شطر أمتي الجنة وبين الشفاعة لهم، فاخترت لهم شفاعتي، وعلمت أنها أوسع لهم.
فقالا أبو موسى ومعاذ رضي الله عنهما من علماء الصحابة:"يا رسول الله ادع الله تعالى أن يجعلنا من أهل شفاعتك؟ فدعا لهما" اللهم اجعلنا من أهل شفاعة نبيك ﷺ،"ثم إنهما نبها أصحاب النبي ﷺ" يعني: معاذ وأبو موسى أخبرا البقية، وأخبراهم بقول رسول الله ﷺ "فجعلوا يأتونه ويقولون: يا رسول الله ادع الله تعالى أن يجعلنا من أهل شفاعتك، فيدعو لهم، فلما أضب عليه القوم وكثروا، قال رسول الله ﷺ: إنها لمن مات وهو يشهد ألا إله إلا الله[رواه أحمد:19724]. وهو حديث حسن.

رؤياه ﷺ  لخروج الحمى من المدينة

00:25:45

ورأى النبي ﷺ أيضًا وباء الحمى على صورة امرأة سوداء ثائرة الرأس، رآها في المنام، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: رأيت كأن امرأة سوداء، ثائرة الرأس، شعرها منكوش منتشر خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعةيعني: الأرض المبسوطة الواسعة، والمقصود بها الجحفة، الميقات المعروف، ميقات أهل الشام، فتأولتها أنه وباء المدينة نقل إلى مهيعة[رواه البخاري: 7038].
قال المهلب: هذه الرؤيا من قسم الرؤيا المعبرة أو المعبرة، وهي مما ضرب به المثل، ووجه التمثيل أنه شق من اسم السوداء السوء والداء، امرأة سوداء أنظر التعبير يمكن ما يخطر ببال الواحد، السوداء أخذ منه السوء والداء.
وقال: هذا السوء والداء خرج من المدينة، إنها تنفي خبثها. قال: فتأول خروجها بما جمع اسمها، وتأول من ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة.
وقيل: لأن ثوران الشعر من اقشعرار الجسد، ومعنى الاقشعرار الاستيحاش، فلذلك يخرج ما تستوحش النفوس منه كالحمى.
وقيل: ثوران الرأس يأول بالحمى؛ لأن تأثير البدن بالاقشعرار وارتفاع الرأس.[فتح الباري:12/426]، وقد كان النبي ﷺ لما هاجر إلى المدينة دعا بانتقال الحمى عنها إلى الجحفة، قال: اللهم صححها لنا، وانقل حماها، واجعلها في الجحفة لما أصيب أصحابه بالحمى أبو بكر وبلال، أول ما قدم المهاجرون المدينة ما تحملوا الجو، كانت موبوءة أصيبوا بالحمى، وجعل الواحد منهم يهذي ويتكلم بكلام لا يشعر به، فالنبي ﷺ لما رأى ذلك قال: وصححها لنا يعني: اجعل جوها وهواءها صحيًا، وانقل حماها واجعلها في الجحفة، ثم رأى في المنام ما يدل على استجابة دعائه.


وقد كان النبي ﷺ كما كان مع أصحابه في المدينة، كما قالت عائشة رضي الله عنها: "قدمنا المدينة وهي وبيئة" يعني: ذات وباء، تكثر فيها الأمراض،"فاشتكى أبو بكر، واشتكى بلال، وعامر بن فهيرة، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:

كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلعت عنه الحمي يرفع عقيرته ويقول:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يومًا مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل

فهو يحن لمكة، وأيام مكة، وجبال مكة، وواد مكة، وجليل نبت ضعيف يحشا في خصاص البيوت، ومياه مجنة موضع على أميال منمكة كان بها السوق، وشامة وطفيل جبلان بقرب مكة.
ثم قال عليه الصلاة والسلام لما ذكر بلال البيتين قال بعدها: اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء وقال عامر يعني ابن فهيرة:

إني وجدت الموتى قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقه

فلما رأى رسول الله ﷺ شكوى أصحابه قال: اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وأشد، وبارك لنا في صاعها ومدها، وصححها لنا، وانقل حماها إلى الجحفة.
قالت عائشة: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، فكان بطحان يجري نجلاً" تعني: أنه كان ماءًآجنًا.[رواه البخاري:1889].
وبطحان: واد بالمدينة يجري نجلًا ماء آجنًا، هذا بيان سبب كثرة الوباء، لأن الماء الذي كان فيه يأتي بالأمراض، وانقل حماها إلى الجحفة كانوا ساكنوا الجحفة في ذلك الوقت يهودًا، ولذلك جاز أن يدعو عليهم بأن تنتقل الحمى إليهم، وفي هذا دليل دعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك، كما قال شراح الحديث.
وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة، وطيب بلادهم والبركة فيها، وكشف الضر والشدائد عنهم.
وفي هذا الحديث علم من أعلام نبوة النبي ﷺ فإن الجحفة من يومئذ مجتنبة ولا يشرب أحد من مائها إلا حمى".[شرح مسلم:2/1003].
يعني: الجحفة ليست مكان ينصح السكنى فيه ولا أن تشرب من مائها.

رؤياه ﷺ لربه

00:31:24

وأخيرًا رؤية النبي ﷺ في المنام لربه روى الإمام أحمد في المسند عن معاذ بن جبل قال: احتبس علينا رسول الله ﷺ ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قرن الشمس، فخرج رسول الله ﷺ سريعًا فثوب بالصلاة وصلى، وتجوز في صلاته، فلما سلم دعا بصوته قال: كما أنتم على مصافكم لا أحد يتحرك ثم أقبل إلينا، فقال: إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة، إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي، فنعست في صلاتي، فاستثقلت يعني: غلب عليّ النعاس، فإذا أنا بربي في أحسن صورة، فقال: يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟يعني: الملائكة المقربون، والأشراف من سكان السموات لعلو مكانتهم عند الله.
قلت: لا أدري يا رب، قال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى، قلت: لا أدري يا رب، فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بصدري، فتجلى لي كل شيء وعرفت، فقال: يا محمد، فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات والدرجات، قال: وما الكفارات؟ يعني: هذه الأعمال التي تسبب تكفير السيئات، قلت: نقل الأقدام إلى الجمعات، وجلوس في المساجد بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء عند الكرهات مثل البرد الشديد، يعني: هذه تكفر الخطايا والسيئات، قال: وما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام، ولين الكلام، والصلاة والناس نيام، قال: سل؟ قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك.
قال ابن رجب: هذا دعاء عظيم من أجمع الأدعية وأكملها.
وقال رسول الله ﷺ بعد هذا الكلام: إنها حق يعني: هذه الرؤيا فادرسوها، وتعلموها هذه الأدعية وخرجه الترمذي[3235]. وقال: حسن صحيح، وسألت محمد بن إسماعيل البخاري-الترمذي يقول عن شيخه- فقال: هذا حديث حسن صحيح[سنن الترمذي:3235، وصححه الألباني سلسلةالأحاديث الصحيحة:3169]. فادرسوها احفظوا ألفاظها التي ذكرتها لكم، وتعلموها يعني تعلموا معانيها الدالة عليها.
وفي هذا الحديث دليل على أن النبي ﷺ لم يكن من عادته تأخير صلاة الصبح إلى قريب طلوع الشمس، وإنما كان عادته التغليس بها، يعني: يصلي في أول الوقت، ولهذا اعتذر وبين لهم لماذا تأخر مع أنه صلى في الوقت، ولكن ليست عادته أن يؤخرها.


وفي الحديث دلالة على أن من أخر صلاته إلى آخر الوقت لعذر وخاف خروج الوقت إن طولها أنه يخفف الصلاة ليدركها كلها في الوقت.
وفيها دليل على أن من رأى رؤيا تسره فإنه يقصها على أصحابه وإخوانه المحبين له، ولاسيما إن تضمنت رؤياه بشارة لهم وتعليمًا لما ينفعهم. وفيها أن الملأ الأعلى وهم الملائكة أو المقربون منهم يختصمون فيما بينهم، يعني: يتراجعون القول، واحد يقول والثاني يرد عليه، وهذا يأخذ ويعطي هذا معناه، يعني: في نقاشات علمية بين الملائكة المقربين فوق في نقاشات علمية.ماهي نقاشات الملائكة؟ هذه في الأعمال التي تقرب بني آدم إلى الله، وما هي الأعمال التي تكفر عنهم الخطايا والسيئات، نقاشات الملائكة في أشياء من مصلحتنا نحن، ويتقاولون ويعيدون القول ويتناقشون في فضل الأعمال وشرفها، اغتباطًا لصنائع الصالحين من بني آدم، وسماها مخاصمة لأنه ورد مورد السؤال والجواب، فيشبه المخاصمة والمناظرة، وإن الملائكة ما بينهم عداوات، ولا بينهم حسد وأحقاد، ولا بينهم مخاصمات، بمعنى: اختلاف القلوب أو تنافر القلوب، لا المقصود بها مناقشات، قوله تعالى: مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ[ص: 69]الاختصام المذكور في الحديث فسره في الحديث،والاختصام المذكور في الآية فسرته الآية: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ [ص: 71] إلى آخر الكلام في رد الملائكة، ونقاش الملائكة.
وهذه في مسألة خلق آدم .
رؤية الله في المنام كيف تفهم؟
معلوم أن الله لا يرى في الدنيا أبدًا لا يقظة ولا منامًا على صورته الحقيقة، إذًا ماذا رأى النبي ﷺ في منامه، رؤية الله يقظة لا تحصل في الدنيا لأحد من الناس حتى الأنبياء، حتى النبي ﷺ لقوله ﷺ: لن تروا ربكم حتى تموتوا[رواه النسائي في السنن الكبرى: 7716، وصححه الألباني المشكاة: 5458]
قال ابن تيمية: "وقد ثبت في النصوص الصحيحة ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الأمة أنه لا يرى الله أحد في الدنيا بعينه"[مجموع الفتاوى:6/ 510]، أما رؤية النبي ﷺ ربه ليلة المعراج فجمهور العلماء أنه لم يره بعينه، وإنما رآه بقلبه، وإنما نور الحجاب، ولذلك لما سأله أبو ذر هل رأيت ربك؟
قال: نور أنى أراه[رواه مسلم:178] يعني: نور منعني عن رؤيته، حجابه النور [رواه مسلم:179] يعني: حال النور بيني وبين رؤيته.
أما رؤية الله -تعالى- في الأرض ليست ممكنة لا للنبي ﷺ ولا لغيره، ومن قال إن النبي ﷺ رأى ربه فهو يقصد في المعراج، وقد عرفنا أن الراجح أنه رأى نورًا، وأنه لم ير ربه مباشرة.
أما رؤية المؤمنين لله في الآخرة فهي حق ثابت بالأبصار، يرونه يرون صورته تعالى حقيقة، ورؤية الرب ثابتة في الكتاب والسنة للمؤمنين، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ۝ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 22-23]، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ [المطففين: 23]، فإنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر[رواه البخاري:554،ومسلم:633]هذا يعني يبين لا خفاء ولا سحاب، وأنه أراهم إياه في ليلة ما فيها سحاب ولا فيها شيء يحجب القمر، فالله أجمل من كل المخلوقات من القمر ومن غير القمر، أجمل شيء هو الله ، ويجوز أن يقال عن الله تعالى شيء  قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ  [الأنعام: 19]إذًا لا يوجد منه سبحانه ولذلك رؤيته في الجنة ألذ وأطيب، وهي أعلى نعيم من كل نعيم الجنة.
نسأل الله ألا يحرمنا رؤيته في جناته.
وأما رؤية الله في المنام فإنه قطعًا ما يرى في المنام ليس هو الله لكن رؤيا الأنبياء حق، وإذا قال: رأيت ربي فماذا رأى رأى صورة حسنة جميلة طبعًا ليست هي الله ، لكن رأى صورة حسنة جميلة.
وقال العلماء: على قدر إيمان الرائي يكون جمال الصورة، يعني: فهو إذا في المنام أن هذا هو الله فإنه إذا كانت الصورة التي رآها جميلة تدل على قوة إيمانية، ولكن ليست هذه الصورة صورة الله لأن الله لا يرى في الدنيا لا يقظة ولا منامًا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: رؤية الرب تعالى في المنام فإنه يرى في صور مختلفة يراه كل عبد بحسب إيمانه"[مجموع الفتاوى:5/492].
ولما كان النبي ﷺ أعظم إيمانًا من غيره، رآه في أحسن صورة، وهي رؤية المنام.
وقال أيضًا: الإنسان قد يرى ربه في المنام، ويخاطبه، فهذا حق في الرؤيا، ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في المنام، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون مماثلاً، ولكن لا بدّ أن تكون الصورة التي رآه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه، إذا كان اعتقاده في ربه صحيحًا سيرى صورة حسنة جميلة، فإذا كان اعتقاده وإيمانه مطابقًا أوتي من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك، وإلا كان بالعكس، وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم.
قال شيخ الإسلام: وما أظن عاقلاً ينكر ذلك، فإنه وجود هذا مما لا يمكن دفعه، إذا الرؤيا تقع للإنسان من غير اختياره"[بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية: 1/326].
فليس في رؤية الله في المنام نقص ولا عيب يتعلق به سبحانه، وإنما ذلك لحسب حال الرائي، وصحة إيمانه وفساده، واستقامة حاله وانحرافه.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-: قد تحصل الرؤيا في المنام للأنبياء، وبعض الصالحين على وجه لا يشبه فيه سبحانه الخلق".[مجموع فتاوى ابن باز:6/369].
بهذا نكون قد أتينا على طائفة صالحة من رؤى النبي ﷺ.