الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فضائل القرآن
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًاسورة الفرقان1 قال سبحانه: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَسورة النحل44 فأنزل الله هذا الكتاب ووصفه بأنه مجيد وبأنه عزيز، هذا الكتاب قول فصل وما هو بالهزل، هذا الكتاب كتاب عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هذا الكتاب تنزيل من حكيم حميد، ما كان حديثاً يفترى، فيه نبأ من قبلنا، وخبر ما بعدنا، وحكم ما بيننا، فصل وليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، لا تنقضي عجائبه، لما سمعته الجن قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِسورة الجن2 من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أعدل في الأمور كلها، في العقيدة، والعمل، والخلق، والأدب، مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِسورة الإسراء15.
هذا القرآن بشارة من الله تعالى: وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًاسورة الإسراء9، هذا القرآن مصدق لما تقدم من الكتب وخلى ونزل على أنبياء الله من قبل.
مهما حاول الطاعنون، ومهما بذل الشانئون من الجهود، ورصدوا من الميزانيات، وأخرجوا من الأفلام، ودبجوا من المقالات، وعقدوا من المؤتمرات سراً وعلناً، مكر الليل والنهار ليطعنوا في الكتاب العزيز فلن يجدوا لهم مدخلاً، هذا الكتاب أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِسورة يونس38-39 هذا الكتاب لما نزل كان العرب في أوج فصاحتهم فتحداهم أن يأتوا بمثله فعجزوا، فتحداهم بأن يأتوا بعشر سور مثله فعجزوا، فتحداهم أن يأتوا بسورة مثله فعجزوا، فنادى عليهم بالعجز إلى قيام الساعة، وأخبر بأن الإنس والجن لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، لا يستطيع شيطان أن يدخل فيه شيئاً، ولا يستطيع أحد أن يخرج منه شيئاً، لا يمكن أن يزاد فيه ولا ينقص، وكل محاولة تدور وتتم في هذا سرعان ما تنكشف على أيدي أهل العلم، وحفاظ الصدور الذين جعل الله صدورهم وعاء لكتابه: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَسورة العنكبوت49.
هذا الكتاب لم يتمكن الشياطين وهم يركبون بعضهم البعض طباقاً إلى السماء لسرقة السمع، لم يتمكنوا أن يحرفوا فيه: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَسورة الشعراء212 وكل واحد يحاول الاستماع فإن له شهاب ثاقب، ومرصد ومعد ليحرقه، وهكذا لم يستطيعوا جناً ولا إنساً أن ينالوا منه؛ لأن الله تكفل بحفظه فمن ذا الذي يستطيع أن يقاوم إرادة الله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَسورة الحجر9، من الذي يستطيع أن يأتي بمثله وأن يتحداه؟ من ذا الذي يستطيع أن يأتي بمثل هذا النظم وهذه الفصاحة، وهذه الأحكام، وهذه الآداب، وهذه الشعائر، وهذه الأخبار، وهذه القصص عما مضى، وعما يكون، وإخباراً بما سيكون في المستقبل، ادعوا بأن النبي ﷺم افتراه فتحداهم أن يأتوا بمثله، قالوا: بأنه أخذه عن نجار رومي بمكة: لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌسورة النحل103، ومنهم من يؤمن به، ومنهم من لا يؤمن به، وربك أعلم بالمفسدين.
نزل به الروح الأمين على قلب محمد بن عبد الله ليكون من المرسلين، وليكون من الموقنين، وليثبت الذين آمنوا، وهدى وبشرى للمسلمين: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍسورة الشورى52.
هذا الروح والنور هذا الحياة، والطريق، والصراط المستقيم، ينقذنا الله به من ظلمات الشرك، والكفر، ويخرج الذين آمنوا من الظلمات إلى النور بهذا الكتاب العزيز، ومن الجهالة والعصيان إلى الهداية والإيمان، إنه نور لنا، وفخر وشرف، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَسورة الزخرف44.
هذا الكتاب ما فرط ربنا فيه من شيء، واستودع هذا الكتاب نظام الحياة، والعقيدة، والإيمان، والعلاقة فيما بينه وبين العباد، وفيما بين العباد أنفسهم، فيه أسماء ربنا وصفاته، ألوهيته وربوبيته، خلق السموات والأرض، ونشأة الإنسان، ذكر الملائكة، والكتب، والرسل والأنبياء، قصصاً وأخباراً، عظات وفوائد، عبادات للمسلم يتقرب به المؤمنون لربهم، يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، لا يخرون عليه صماً وعمياناً، وإنما يقرءونه بفقه وخشوع.
هذا الكتاب حبل الله المتين، بين السماء والأرض، من تمسك به هداه الله ، هذا الكتاب سلاحنا في مواجهة الأعداء: وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًاسورة الفرقان52، هذا الكتاب فيه فضح المنافقين والملحدين وأعداء الدين، هذا الكتاب هو الدستور الشامل للحياة، هذا الكتاب حق وصدق.
ولا يزال أعداؤنا يريدون حرفنا عن ديننا، وأن يردونا عنه إن استطاعوا؛ ولذلك فإن جهودهم قد توجهت إلى دستور الدين، وإلى كتاب الله، وإلى منهج حياة المسلمين، فنظروا فإذا سر القوة والشمول في هذا القرآن فأرادوا أن ينالوا منه تحريفاً للفظه إخفاء وإضافة، وتحريفاً لمعناه بالتلاعب بتفسيره ليكون على غير مراد الله، حاولوا بالباطل والبغي وبسائر الجهود أن ينالوا منه ولكن وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَسورة التوبة32.
طعن قريش في القرآن
لقد حاولت قريش منذ بعثت النبي ﷺأن يفتروا ولكن هيهات أن ينالوا، لقد حاولوا أن يفتنوا النبي ﷺ ليفتري غير هذا القرآن، ولكن ثبت الله نبيه، تحايلوا وتمالؤوا: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَسورة القلم9 فجاءت الإجابات حاسمة: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ سورة الكافرون2، أرادوا أن يتنازل النبي ﷺ عن شيء من القرآن ولكن كان الأمر واضحاً: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍسورة الزخرف43.
هذا الشرف قد حاول أعداء الدين من كفار قريش والعرب أن ينالوا منه: قالوا: سِحْرٌ يُؤْثَرُسورة المدثر24 سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ سورة القمر2،أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَسورة النحل24، وحاولوا أن ينالوا من معنويات المسلمين: قُلُوبُنَا غُلْفٌسورة البقرة88، وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ سورة فصلت5 لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِسورة فصلت26 آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُسورة آل عمران72.
قام مسيلمة بالمحاولات: يا ضفدع بنت ضفدع نقي ما تنقين نصفك في الماء ونصفك في الطين، فتقزز منه أتباعه، حاول المحاكاة: والمبذرات زرعاً، والحاصدات حصداً، والذاريات قمحاً، والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً، والثاردات ثرداً، واللقمات لقماً، إهالة وسمناً، فتهاوت تلك الدعاوى الفارغة وضحك الناس منه ومن محاولاته.
جاءت سجاح تحاول: يا أيها المؤمنون المتقون لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، ولكن قريشاً قوماً يبغون، فافتضحت عند العقلاء من أصحابها فقال أحدهم:
أضحت نبيتنا أنثى نيطف بها | وأصبحت أنبياء الله ذكراناً |
فلعنة الله رب الناس كلهم | على سجاح ومن بالإفك أغواناً |
أعني مسيلمة.
وهكذا حاول مسيلمة الكذاب أن يتزوج بمدعية النبوة ليتم له الأمر، فجعل الله قتله بأيدي المؤمنين، ورجعت سجاح وتراجعت عما كانت فيه.
عباد الله: إن الأعراب أعجبوا به أيما إعجاب، سمع أعرابي: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُسورة الحجر94 فسجد لفصاحته، وسمع آخر قوله تعالى: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّاسورة يوسف80 فقال: أشهد أن مخلوقاً لا يقدر أن يأتي بهذا الكلام.
الطعن في القرآن في العصر الحديث
وفي عصرنا قامت المؤامرات من المستشرقين وأعداء الدين من اليهود والصليبيين حاولوا أن ينالوا من القرآن طعنوا فيه قالوا: ممل، مضطرب، مكرر، مخلوط، مشوش، لكن القرآن بذاته، القرآن بلفظه ومعناه، القرآن بآياته وما تضمنه قائم يرد عليهم، ترجموا القرآن بزعمهم، وملئوا الترجمات بالتزييف، والتحريف، والباطل، وخانوا الأمانة العلمية، ولفقوا، وبتروا، ونقصوا، وزادوا، وحرفوا، ولكن هم اعترفوا أن المحاولات كانت ترجمة غير أمينة، ولا كاملة النص.
يقوم صاحب ما يسمى بالفرقان الحق بزعمهم لجنة صهيوصليبية لتجعل هنالك قرآناً معتمداً بين العرب والمسلمين بزعمهم ليحل محل هذا القرآن، ولجان ودراسات ومحاولات وطبعوا ونشروا، وأحد عشر جزءاً تباعاً، وجعلوه في هذه المجلدات الفاخرة، وسبعة وسبعون سورة، الفاتحة، والمحبة، والمسيح، والثالوث، والمارقين، والصلب، والزنا، والماركين، والمارقين، والماكرين، والرعاة، والإنجيل، والأساطير، والتنزيل أسماء سور، والأضحى، والوصايا، والإيماء، ماذا فيه؟ بسم الإله الكلمة الروح الإله الواحد الأوحد، أتوا بشيء مما في أناجيلهم من الألفاظ ليقولوا: نافسناه وأتينا بمثله، يا أيها النبي، يحاولون إدخال عقائد فاسدة مما اشتملت عليه أديانهم في هذا القرآن المزعوم المحرف بزعمهم، وانسخ مالك أن تنسخ مما أمرناك به فقد سمحنا لك أن تجلي على قراراتنا تغييراً، فهل رأيتم مثل هذا الهراء والكلام الفارغ المكشوف؟! قل لعبادي يغزو من أجل رزقهم ويقتلوا من أرادوا فقد جعلناك عليهم أميراً، هل رأيتم مثل هذا الكذب المفضوح؛ ولذلك انكشفت المحاولة ونكاد نقول: وئدت لأن المحاولات هذه تصطدم بإرادة ربانية أنه لا يمكن أبداً لهذا الافتراء أن يروج وأن يكون مكان القرآن ويحل محله.
تدنيس المصحف وما فعلوه في عدد من الأماكن والأحداث هي عبارة عن حقد وإشارة ودليل واضح على ما امتلأت به صدور القوم نحو القرآن، حاول اليهود وهم أول من حرف كلام الله: وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُسورة البقرة75، قيل لهم: قولوا: حطة، قالوا: حنطة، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَسورة البقرة59، قيل لهم: ادخلوا الباب سجداً دخلوا يزحفون على أدبارهم.
بدعة إعادة قراءة النص
عباد الله: لما يئس الأعداء من قضية النيل من لفظ المصحف، لفظ القرآن، عمدوا إلى إثارة قضية إعادة قراءة النص، من أكبر المؤامرات التي تحاك اليوم حول القرآن والسنة: بدعة إعادة قراءة النص، يعني: إعادة تفسير القرآن، يعني: إعادة كتابة شروح السنة، وأقاموا هيئات بعضها بين المسلمين لأجل إعادة فهم القرآن بما يتناسب مع القرن الحادي والعشرين، وهذه أيضاً حيلة مفضوحة مكشوفة فإننا نعلم بأن القرآن لا يفسر إلا بمراد الله وهكذا السنة بمراد رسول الله ﷺ الذي يبين للناس ما نزل إليهم من ربهم من القرآن.
فهناك محاولات حثيثة جارية اليوم لإعادة تفسير القرآن والسنة، ولكن العامة من المسلمين عندما يسمعون هذا الكلام يشعرون بالخطأ فضلاً عن طلبة العلم والواعين والمنتبهين والدعاة وأهل الفضل والخبرة بأعداء الإسلام، فكلمة إعادة قراءة النص وإعادة فهم النص وإعادة شرح النص مؤامرة واضحة ومكشوفة وسخيفة وسترد على أصحابها.
لكن هنالك من يسقط في الشباك، وهنالك من يروج عليه الباطل، وهنالك من يخدع ويضل ويزل، ونحن نعلم أن بعض القنوات التي تسمي أنفسها القنوات الإسلامية ستروج مثل هذا الباطل في قضية إعادة قراءة النص، وعلى سبيل المثال: يقول بعضهم ممن يدعون الدعوى للدين: أن قوله تعالى مثلاً: فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْسورة الكهف29 هذه فيها حرية الاعتقاد في الإسلام، وأن الإسلام يجيز أن الواحد يؤمن، وأن الواحد يكفر، فتريد أن تعبد الله لك ذلك، تعبد المسيح.. عزيراً.. زردشت.. بوذا.. بقرة، لك ذلك، فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْسورة الكهف29، وعندما سئل أحدهم: هل الحرية عندكم في بلاد المسلمين تسمح للمرأة إذا أرادت أن تترك الحجاب أن تتركه دون اعتراض منكم؟ فقال: إذا كان الكفر مسموحاً به عندنا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فما دونه من ترك الحجاب من باب أولى؟ هكذا يقول أحد من يسمي نفسه داعية هكذا يقول، هذا نموذج من نماذج الساقطين في شَرَك إعادة تفسير النص.
وإلا فلو رجعت إلى تفسير واحد من تفاسير العلماء الثقات للقرآن لوجدت أن هذا أسلوب تهديد ووعيد، وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًاسورة الكهف29، فأين إرادة معنى السماح بالكفر لمن أراده؟ وهل يمكن ويعقل في الدين أن الله أنزل الإسلام والقرآن وأنزل الوحي ليسمح بالكفر في الأرض؟ ألم يقل: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّهسورة الأنفال39والفتنة هي الشرك؟ ألم يأمر تعالى بجهاد الكفار وإزالة الكفر ليكون القائم في الأرض هو التوحيد؟ ما الذي فعله النبي ﷺ في جهاده؟ ألم يجاهدهم ليقولوا: لا إله إلا الله ويقيموا الملة؟ فلو كان الكفر مسموحاً لماذا جاهد قريشاً وكفار العرب؟ كان تركهم على دينهم وأوثانهم وهو يدعو فمن استجاب له علمه وكان معه، ومن كفر وعرض تركه، لكن النبي ﷺ لم يفعل ذلك، في مكة جاهدهم باللسان وفي المدينة جاهدهم بالسنان، لا يمكن أن الدين والإسلام يقر الكفر مستحيل؛ لأن الله خلق الخلق كلهم ليعبدوه وأنزل هذا الكتاب وشرع الدين وأرسل الرسل وأنزل عليهم كتباً لأجل التوحيد، ثم يسمح تعالى بالشرك، يسمح بضد التوحيد، ويكون في دينه السماح لكل من شاء أن يعتقد شيئاً أن يعتقده؟ إذاً فلماذا فرض علينا مجاهدة هؤلاء الكفار والمشركين؟
عباد الله: نحن نعلم أن أهل الحقد والمكر والخبث ويعينهم منا أهل الجهل والمفتونين بحرية الغرب، المفتونين بثقافة الغرب، المهزومين أمام هجوم الغرب، المتراجعين أمام اتهامات الغرب، كلما اتهمهم الغرب تراجعوا، كلما هاجمهم الغرب تركوا شيئاً من الدين، كلما انتقدهم الغرب تنازلوا عن شيء من الدين، ليقولوا: لا، عندنا الإسلام حرية كاملة، والذي يريد أن يؤمن يؤمن، والذي يريد أن يكفر يكفر، والتي تريد أن تتحجب تتحجب، والتي لا تريد أن تتحجب لا تتحجب.. والذي يريد والذي يريد، كل هذا حرية مسموح بها في الإسلام، والإسلام دين الحرية.. وهكذا، نحن نرى الآن ونسمع جيداً هذه التراهات وهذا السوء يحدث.
الفيلم الهولندي
أيها الإخوة: ضمن مسلسل الهجوم على القرآن يأتي الفيلم الهولندي الذي أنتجه بعض المتطرفين لديهم، وكل مشرك وكافر متطرف، لكن بعض التطرف أشد من بعض، ليخرج فيلماً عن القرآن وسيعرضونه بعد قليل، ومن باب الدعاية يحذرون من تسونامي إسلامي، ومن مناهضات لهذا الفيلم، وما هي ردة الفعل عند المسلمين، ويحذر فالترس صاحب الفيلم من موجة فيلم إسلامي في هولندا التي فيها أكثر من مليون مسلم، حقدوا حقدوا كيف يعيش مليون مسلم عندهم؟ يعني هذا شيء لا يطاق،كيف يكون في أوروبا، في أمريكا أكثر من ألفين مسجد، وفي أوروبا آلاف المساجد كيف يعني يترعرع هؤلاء وهناك رجوع للدين، وهناك يعني عدم ذوبان، واستعصاء في قضية الذوبان هذه التي أرادوها استعصاء؛ ولذلك لا بد من مهاجمة المسلمين وتطفيش المسلمين، ولا بد من شن الحرب المعنوية على المسلمين، وإشعار المسلمين باليأس والإحباط، وأننا ننال منكم ومن مقدساتكم، ومن كتابكم، ومن نبيكم، وكما أن هؤلاء الدنمركيون فعلوا ما فعلوا فقد قام هؤلاء الهولنديون بفعل ما يفعلون، والمسلسل مستمر إنها معركة الثوابت فهل سنثبت؟
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا بحبلك مستمسكين، أحينا مسلمين، وتوفنا مؤمنين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا، ولا مفتونين، لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَاسورة الكهف1، الحمد لله الذي أنزل هذا القرآن وشرع لنا من الدين ما وصى به نوحاً والأنبياء، الحمد لله الذي أقام الملة بلا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا أشرك به أحداً.
وأصلي وأسلم على محمد بن عبد الله خاتم النبيين وإمام المتقين وصاحب المقام المحمود يوم الدين الشافع المشفع صاحب الحوض المورود، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وخلفائه وذريته الطيبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أشهد أنه رسول الله حقاً.
عباد الله: نحن نرى في تزامن عجيب الهجوم على الثوابت الشرعية، وعلى الأساسات والأركان، فما هو أهم شيء في هذا الدين؟ كتابه ونبيه.
الطعن توجه إلى الكتاب والنبي، وهكذا حقد هؤلاء على الإسلام وأهله، رأوه أسرع الأديان في العالم انتشاراً، أكثر الأديان في العالم تقبلاً، موجة إسلام عاتية تعصف بهم؛ ولذلك أفصحوا عن حقدهم، ولئن كانت المعركة من قبل مبطنة فقد صارت مكشوفة، وقالوا: إذا كان المسلمون يريدون العيش هنا فإن عليهم أن يمزقوا نصف القرآن ويلقوه بعيداً؛ ولذلك يقول هذا المنتج: إن في القرآن أشياء فظيعة، وإنه قد عمل العقود مع المحطات لعرض هذا الفيلم الذي يزعم فيه أن محمداً ﷺ سفاح سفاك للدماء، وأنه جاء بهذا الكتاب الفاشل الذي فيه التمييز ضد المرأة وضد غير المسلمين.
ونحن نقول: إن الشريعة قد جاءت بالتمييز بين الحق والباطل، وفرقت بين الهدى والضلال، هذه شريعة عدل وحكمة لم تأت بالمساواة في كل شيء، ما ساوت الشريعة بين الإسلام والكفر أبداً، ولا بين الحق والباطل، ولا بين الهداية والضلالة، ولا ساوت الشريعة بين الأشياء المختلفة؛ لأن هذا ليس من العدل؛ ولذلك جعلت فروقاً بين الذكر والأنثى في الأحكام بناء على فرق الخلقة وحكمة رب العالمين عظيمة، هنالك في الشريعة إعطاء كل ذي حق حقه، فيزعمون أن هذا الدين فيه ظلم ويسمونه تمييزاً ضده، تارة ضد غير المسلمين وتارة ضد المرأة وتارة ضد المثليين؛ لأن المثليين عندهم قوم أصحاب حرية ولهم أن يفعلوا ما يشاءوا ويسنون القوانين لحمايتهم، فلو كان في ذلك دمار الجنس البشري الحرية عندهم المزعومة فوق كل شيء، فهذه الحرية المزعومة التي يتترسون بها للنيل من ديننا ونبينا وكتابنا.
عباد الله: مسلسل الطعن مستمر أما المؤمن فإذا سمع ما أنزل إلى الرسول ترى عينه تفيض من الدمع مما عرف من الحق حتى لو كان من غير الإنس: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍسورة الأحقاف29-32.
واجبنا تجاه هذا الطعن والتشويه
ما هو موقفنا إذاً أيها الإخوة من مثل هذا الفيلم وغيره؟ وستستمر الضجة وستكبر القضية وستقوم الاحتجاجات وسيتكلم الغرب والشرق، وكما حصل بالأمس القريب سيكون كذلك كلام، وهم يتوقعون ذلك، وقد أخذوا الأهبة والاستعداد والاحتياطات.
أولاً: من جهة الاعتقاد والإيمان نحن نؤمن أن الله حفظ كتابه ولا يمكن أن يناله أحد، وكلما كثر الطاعنون في الكتاب سيزداد المقبلون عليه، كلما كثر الطاعنون في النبي ازداد المتشوقون والمتطلعون إلى معرفة سيرته وحقيقته، أرادها الله هكذا، ظاهرها شر، ولكن في باطنها خير كثير، فهي منحة في جوف محنة، نحن نعلم بأن سهام الطعن في القرآن ستجلب مزيداً من القراء لترجمة القرآن فلذلك لا بد من الاستعداد لنشر ترجمات معاني القرآن بلغات القوم، نحن نعلم أن المعركة شديدة أن المعركة اليوم معركة في العظم معركة في الصميم، نحن نعرف اليوم أن القضية صارت مواجهة على القرآن والنبي، المسألة الآن ليست في فرع من الفروع أو في حكم من الأحكام، الآن القضية في الأصل في القلب في الأساس، المعركة اليوم معركة أساسات وثوابت ومعركة وجود.
ينالون من نبينا وقرآننا إذاً نحن سنقبل زيادة على القرآن وعلى معرفة سيرة النبي العدنان وسوف نعلم أولادنا ذلك جيداً، ونحن سنرد إذا كنتم تقولون: إن القرآن يضطهد النساء إذاً أخبرونا ما معنى قوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًاسورة الأحزاب35 وما معنى قول الله: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّسورة النساء19؟ وما معنى قول الله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِسورة النساء19؟ وما معنى قول الله: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَسورة النحل97؟ وما معنى وما معنى.
اتهمتم النبي ﷺ بالإرهاب والقتل وأن هذا كل ما في دينه سفك الدماء إذاً لماذا لم يرض بأن يطبق ملك الجبال عليهم الأخشبين بل قال: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً[رواه البخاري3231] وما معنى: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌسورة التوبة128؟ ولما فتح مكة: ما ترون أني صانع بكم؟[رواه االبيقهي18276] ماذا فعل بهم؟ ألم يمن عليهم؟ ألم يطلقهم؟
ثم ماذا قال عقلاء الغرب وبعض المنصفين فيهم في القرآن وفي النبي الكريم؟ قالوا مدحاً لما درسوه من نظر فيه بعين الإنصاف والعدل وإرادة التوصل للحق اعترف، وعندنا كم كثير من أسمائهم وكتاباتهم واعترافاتهم ويقول الواحد منهم: للمسلم أن يعتز بقرآنه، يقول ديبوربوتر: عندما أكملت القرآن الكريم غمرني شعور بأن هذا هو الحق الذي يشتمل على الإجابات الشافية، ويقول آخر: إن الأسلوب القرآني مختلف عن غيره ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر ولا يمكن أن يقلد، وقال الكونذي كاستري: إن العقل يحار كيف يتأتى أن تصدر تلك الآيات عن رجل أميٍ وقد اعترف الشرق قاطبة أنها آيات يعجز فكر بني الإنسان عن الإتيان بمثلها لفظاً ومعنى، فعقلاؤهم اعترفوا.
بقي أيها الإخوة واجبنا، فليس بغريب على القوم أن يأتوا بالافتراءات فإن لهم أسلاف في هذا من كفار قريش من العرب من قبلهم فضلاً عن كفار العجم، ما أهون الخلق على الله، لما كفروا به يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونسورة يــس30، هذه المعركة أيها الإخوة أرادها الله ويريد الله أن يحق الحق ويبطل الباطل وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَسورة الأنفال7، يريد الله أن يهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، يريد الله أن يقع في الفتنة من يقع ويظهر وفاء من كان وفياً لهذا الدين فقام يدافع، يريد الله أن تظهر أعمال المسلمين بالمنافحة والرد، سيقيمون المواقع وأقاموا بعضها للدفاع عن القرآن ورصد الهجمات وإعداد الردود المناسبة والترجمة بألسنة القوم واستعمال الأساليب المؤثرة، وستقوم لجان وهيئات، وسيدفعنا هذا الهجوم إلى مزيد من العناية بالقرآن الكريم حفظاً وتلاوة وتدبراً واهتماماً بتفسيره على مراد الله الذي أنزله، وأن ننبذ المحاولات السيئة السخيفة التي تريد تحريف المعنى بعد محاولات تحريف اللفظ، وأننا سندفع بالمزيد في الجهد لتحفيظ أبنائنا هذا الكتاب العزيز، وسنقبل زيادة على قراءته وترتيله والاستماع له والإنصات ومزيد من لفت النظر إلى عجائبه وما فيه من الحكم والأحكام، سيدفعنا ذلك إلى مزيد من التدبر والتعلم والتعليم لهذا الكتاب العزيز، وسيدفعنا ذلك إلى الاستقواء به في مجاهدتهم كما قال الله لنبيه: فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًاسورة الفرقان52، سيدفعنا ذلك للمزيد من الدراسات القرآنية وصرف الأوقات في هذا الكتاب العزيز الذي أهدرنا كثيراً من أوقاتنا في الحياة مع الأسف في تراهات وآن الأوان أن نلتفت لهذا الكتاب وأن نعرف ماذا أراد الله منا عبر هذه الرسالة، ولن نرضى هجمة القوم وسنقاوم ذلك بشتى الوسائل.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من أهل القرآن، اللهم اجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه ويؤمن بمتشابهه ويعمل بمحكمه، اللهم اجعلنا من خاصتك أهل القرآن، اللهم اجعلنا ممن أقام حروفه وحدوده، اجعلنا ممن يقرؤه آناء الليل وآناء النهار على الوجه الذي يرضيك عنا، علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
أهمية المحافظة على الأمن
أيها المسلمون: لا زلنا ندعو ونذكر ونقول: إن المحافظة على الإيمان في البلد والأمن مطلوب عظيم، وإنه لا يستفيد أحد من خرق الأمن في البلد إلا إبليس وأعداء الدين، ولو نظرت في المستفيد من المؤامرات التي تحاك حول الأمن في البلد فإنك لن تجد إلا مغرضاً حاقداً، أو جاهلاً، أو حاسداً، أو عدواً لأهل الإسلام، أو أداة يحركها أهل الكفر المبطن والعدوان على أهل الإسلام والتوحيد.
عباد الله: إن هذا المكسب العظيم في الإيمان والأمن الذي ينشر به الإيمان مطلوب حمايته والمحافظة عليه.
فنسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا بحفظه وأن يحفظنا أجمعين من مكر أعداء الدين، أن يحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا، ونسأله أن يحفظنا من تحتنا، ونسأله أن يختم بالصالحات أعمالنا، وأن يغفر لنا ولوالدينا، اللهم اغفر لنا ولمن سبقنا بالإيمان.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.