الثلاثاء 2 جمادى الآخرة 1446 هـ :: 3 ديسمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

أذكار يحفظك الله بها


عناصر المادة
لطائف وعجائب الأذكار
أذكار متعلقة بالإقامة والسفر
معاني بعض الأذكار الواردة في الشريعة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والحمد لله الذي أنعم علينا بذكره، وجعل الذاكرين في المقام العظيم، الحمد لله الذي جعل أهل الذكر في جنته في أرضه قبل أن يدخلوا جنات سماواته، والحمد لله الذي أنعم على الذاكرين بالنعم العظيمة في أنفسهم، فتحيا قلوبهم بذكر الله، وينجلي صدأها بذكر الله، يطردون شيطانهم، ويرضون الرحمن، ذكرهم يزيل الهم والغم وينوّر القلب ويجلب الرزق ويكسو الذاكر المهابة والحلاوة، ويورثه النضرة والنعيم، ويدخله من باب الإحسان ويجعله من أهل الإنابة والرجوع إلى الله، ويحط خطاياه، يزيل الوحشة بينه وبين ربه، الذكر أيسر العبادات، ذكر الله ليس له حد معلوم في الجملة، ذكر الله أكبر،  وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [العنكبوت: 45]، من كل عمل، وأجره فوق كل أجر، أصحابه السابقون،  سبق المفردون... الذاكرون الله كثيراً والذاكرات  [رواه مسلم: 2676].

الذكر سكينة؛  الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ  [الرعد: 28]، لا يقعد قوم يذكرون الله إلا نزلت عليهم السكينة بعدما غشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة، والذكر حياة القلب ووصية النبي ﷺ لمن كثرت عليه شعائر الإسلام، الذكر أهله موعودون بالفضل العظيم، الذكر العبادة المطلوبة دائماً حضراً وسفراً صحةً ومرضاً قائماً وقاعداً ومستلقياً، الذكر صاحبه موعود بالفضل العظيم والأجر الجزيل  وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا  [الأحزاب: 35]، هذا الذكر المأمور به في كل وقت وحين ليلاً ونهاراً براً وبحراً غنىً وفقراً سراً وعلانيةً، الله عاتب عبادة المؤمنين:  أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ  [الحديد: 16]، أما حان أن تنصرف القلوب إلى القرآن بدلاً من أن تنصرف عن ذكر الله والمواعظ، أما حان الوقت أن تفهم عن الله مراده وتنقاد لأوامره فإن الله ذم القاسية قلوبهم من ذكر الله، قاسية قلوبهم لا يذكرون الله.

لطائف وعجائب الأذكار

00:04:12

إن ذكر الله فيه لطائف وعجائب، هذه الأذكار منها أذكار يحفظنا الله بها، ومنها أذكار طرفي النهار، ونلاحظ أن الآيات فيها إرشادات كثيرة،  اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا  [الأحزاب: 41- 42]، متى يكون البكور؟ في الصباح، ما هو وقت الأصيل؟ ما بين العصر والمغرب هذا وقت الأصيل، اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا  وكذلك قال:  وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ  [غافر: 55]، الإبكار: أول النهار، والعشي: آخر النهار، قال في الآية الأخرى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق: 39].

وقال أيضاً: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ  [الروم: 17]، إذن هذه الأذكار والتسبيحات في طرفي النهار أول النهار وآخر النهار، هذه ملاحظة، وهناك أذكار في الليل، فعند العلماء يقولون: أذكار اليوم والليلة، وأذكار الصباح والمساء، وأحياناً نقول: أذكار طرفي النهار، فإذن الذكر يشتد عند المؤمن وإلا هو دائماً مستمر على مدار اليوم والليلة لكن يشتد عند المؤمن في أول النهار وفي آخر النهار، كذلك نلاحظ أن هذه الأذكار موزعة على طرفي النهار وفي الليل، وقبل النوم وبعد القيام من النوم، ولو واحد استيقظ أثناء النوم وتعار من الليل وأرق ما نام أو استيقظ فجأة له أذكار.

كذلك نلاحظ أن هناك أذكار مرتبة؛ أذكار الصباح والمساء، هذه دائماً في أوقات معينة، وهناك أذكار عند أحوال معينة، عند دخول المسجد، الخروج من المسجد، وهناك أذكار للمفاجآت، أنت الآن لا تعرف متى تلقى مبتلى، لكن إذا لقيت مبتلى وتلقاه فجأة فهناك ذكر تقوله إذا رأيت مبتلى، وقد تراه فجأة، وكذلك قد يصاب الإنسان بحرق أو يقع أو يصطدم، هناك ذكر لهذا، باسم الله إذا صار له أي عارض، أول ما يقع العارض يسمي، كذلك هناك أذكار متعلقة بالبصر إذا رأى مبتلى، وهناك أذكار متعلقة بالسمع إذا سمع صوت الديك ونباح الكلاب ونهيق الحمير، هناك أذكار تتعلق باليد، استلام الحجر الأسود، بالقدمين، بالطواف، أشياء متعلقة بالصلاة، بهذه الأعضاء جميعًا باليدين والقدمين والركبتين والجبهة والأنف واستواء الظهر، وانحناء الظهر، وهناك أذكار تتعلق بالمكروهات وأذكار تتعلق بالمسرات، يعني إذا رأى ما يعجبه، إذا رأى ما يكره، إذا حصل ما يحب، إذا حصل ما يكره، هناك أذكار تتعلق بالمشاعر، بشعور الإنسان، إذا حصل له كرب ماذا يحدث لنفسيته؟ هناك أذكار متعلقة بالتغيرات النفسية، أذكار الهم والغم متعلقة بالأذكار الأشياء النفسية، هناك أذكار متعلقة بالشهوات، إذا أتى زوجته، بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، حتى عند حضور شهوته، هذه شهوة النكاح وشهوة الطعام والشراب كذلك، وعند لبس اللباس شهوة اللباس.

أذكار متعلقة بالإقامة والسفر

00:08:39

كذلك هناك أذكار متعلقة بالإقامة وأذكار متعلقة بالسفر، أذكار السفر معروفة، وفي طريق السفر سيدخل القرى أو قد يدخل قرى هل هناك دعاء لدخول القرية دعاء لدخول البلد أي بلد تدخلها؟ نعم يوجد.

هناك أذكار تتعلق بافتتاح الأشياء كالاستعاذة، وهناك أذكار في الوسط وفي الآخر وبعد الآخر، وأذكار ما بعد الصلاة، يعني أذكار قبل الأعمال، وأذكار بعد الأعمال، وأذكار أثناء الأعمال، هناك أذكار تتعلق بأطهر الأماكن في الأرض المساجد، وأذكار تتعلق بالحشوش والأخلية وأماكن النجاسات، حتى إذا أراد أن يدخل أنجس مكان أو مكان النجاسة فله أذكار، وعند الخروج منه له أذكار، أذكار قضاء الحاجة، أذكار متعلقة بعمليات الجسد؛ العطاس، وكذلك قضاء الحاجة من وظائف الجسد وأعمال الجسد، هناك أذكار فردية، تقولها وحدك، وهناك أذكار إذا جئت إلى قوم مثل السلام، فيه أذكار عند اللقاء وهناك أذكار عند التوديع، القيام من المجلس، كفارة المجلس، هناك أذكار تتعلق بالأمن وأذكار تتعلق بالخوف، ماذا يقول إذا خاف قومًا؟ تعالوا نأخذ جولة، سبحان الله، الآن السرطانات والعياذ بالله وهذه الأمراض الخطيرة، هل تعرفون الدعاء الذي تدخل فيه السرطانات، يعني في الوقاية منها؟ أعوذ بك من الجنون والجذام والبرص وسيئ الأسقام [رواه النسائي: 5493، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1285]، وسيئ الأسقام يدخل فيها.

معاني بعض الأذكار الواردة في الشريعة

00:10:58

تعالوا في جولة في الأذكار ونرى أذكار الحفظ التي يحفظ الله بها ونتأمل فيها ماذا يوجد من المعاني؛ لأن فهم هذه يجعل الواحد يقول الذكر بنفسية مختلفة وقلب مختلف وذهن مختلف طعم مختلف لما يفهم ماذا يوجد فيها، الآن من أذكار الحفظ من الشيطان على رأسها الاستعاذة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الاستعاذة وردت في عدة مواضع: تلاوة القرآن، عند الغضب، عند الوسوسة، عند سماع صوت الحمير، وردت الاستعاذة بكلمات الله التامة، أيضاً الاستعاذة بالله، والاستعاذة بكلماته، الاستعاذة بكلمات الله التامة في أذكار المساء، عند الفزع والأرق، عند نزول المنزل، عند الرقية، وهناك استعاذة من أمراض، واستعاذة من أحوال، واستعاذة من النار، والاستعاذة: طلب اللجوء والاعتصام بالمستعاذ به، عاذ يعوذ عوذًا عياذًا معاذًا، لاذ بالشيء لاذ بالمستعاذ به واعتصم به لجأ إليه، المستعيذ بالله لا بد أن يحقق تمام اللجوء إلى من استعاذ به، أليس معاذه في كل حال في كل زمان في كل مكان؟ يُطلق على الناقة إلى عشرة أيام عوذ يقال: العوذ المطافيل، الناقة التي وضعت إلى أن يقوى ولدها؛ لأن ولدها في هذه الحالة لا بد لاجئ إلى أمه وليس له ملاذ غيرها حتى يقوى ويشتد عوده، فإذا وصل إلى حد الاستغناء ولو يسيرًا ذهب عنها اسم العوذ، والعوذ نوع من الإبل سميت بذلك العوذ.

عندما نأتي إلى المعنى في الشرع أعوذ بالله، ألتجئ وأعتصم ولا أستغني أبدًا وأحتاج إليه، إلى حفظه وكنفه ورعايته وتدبيره وحمايته، فهو معاذي وملاذي ولا ملجأ لي إلا هو، ولو تركته أو تخلى عني هلكت. النبي ﷺ في حديث رائع يقول لابنته فاطمة عندما يتكلم مع أحد من المقربين، يعلم أبا بكر دعاء يقوله في صلاته ويعلّم فاطمة، هؤلاء أقرب الناس إليه لن يدلهم إلا على أحسن الأشياء أحسن الأذكار أحسن الأدعية، قال لفاطمة: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحتِ وإذا أمسيتِ: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين  [رواه النسائي في الكبرى: 10330، والحاكم: 2000، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 227].  

إذن، هذا من أذكار الصباح والمساء، والاستعاذة تكون في كل وقت لا ينفك عنها العبد المستجير بربه ليلاً ونهاراً، وقوله:  يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث  يا حي يا قيوم ورد أنها من الاسم الأعظم، الحي لا ينام، والقيوم القائم على كل نفس القائم بنفسه ويقوم بغيره ولا يقوم به غيره ولا يحتاج إلى غيره، برحمتك أستغيث  فيها تمام الافتقار إلى الله، شدة الحاجة، طلب الغوث منه سبحانه: لا تكلني إلى نفسي طرفة عين  فيه تبرؤ من الحول والقوة، الذي يقول: بذكائي وعبقريتي وشطارتي وقوتي وحيلتي وتدبيري، هذا مغرور مسكين، الله يحب العبد إذا أظهر افتقاره إليه ولا يحب العبد المختال الفخور المتكبر المغرور، الله يحب العبد أن يقول:  أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي [رواه البخاري: 6306]، يحب العبد أن يقول: لا تكلني إلى نفسي طرفة عين برحمتك أستغيث، يا من يجير ولا يجار عليه، ما معنى يا من يجير ولا يجار عليه؟ هناك من يدخل في حمايته أشخاص ولا تخفر ذمته، ما أحد يستطيع أن يقترب منهم إذا أدخلهم في حمايته ولا يستطيع غيره أن يفرض عليه شيئًا معينًا إذا أجار، يا من يجير ولا يُجار عليه، فالله إذا أجارك أدخلك في جواره يعني في حمايته، يعني لا أحد يستطيع أن يمسّك بسوء، لا تكلني إلى نفسي 

 التبرؤ من الحول والقوة  ضرورية جداً في المعاملة مع الله، العبد مطروح بين الله وبين إبليس، فإن تولاه الله لم يظفر  به عدوه، وإن أعرض عنه افترسه الشيطان كما يفترش الذئب الشاة.

قال بعض السلف لتلميذه: "ما تصنع بالشيطان إذا سوّل لك الخطايا؟ قال: أجاهده، قال: فإن عاد قال: أجاهده، قال: فإن عاد قال: أجاهده قال: هذا يطول، أرأيت إن مررتَ بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع؟ قال أكابده وأرده جهدي، قال: هذا يطول عليك، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفّه عنك" [تلبيس إبليس: 35].

صاحب الكلب يمسك كلبه، الفكرة هنا أن في صراعنا مع الشيطان، وصراعنا مع الشيطان هذا حتمي ما ننفك عنه، الشيطان متسلّط علينا صباحًا ومساًء، كيف نحمي أنفسنا منه؟ نحن نجاهده لكن إذا لم نستعذ برب الشيطان وخالق الشيطان والقادر على الشيطان ما نستطيع الصمود، هذه فكرة الاستعاذة الآن، الاستعاذة أن تلجأ إلى رب الشيطان ليكفيك هو ويحميك منه.

النبي ﷺ استعاذ بالله من أشياء كثيرة، مبدأ الاستعاذة اللجوء، هذا النبي ﷺ استعاذ بالله من أشياء كثيرة؛ من سخطه وغضبه وعقابه وشر عباده، ومن الضلال؛  أعوذ بك أن أضل أو أُضل  [رواه أبو داود: 5094، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: 5094]، والفتن؛ فتنة المحيا وفتنة الممات وفتنة الغنى وفتنة المسيح الدجال وعذاب القبر وعذاب النار، والهم والحزن والعجز والكسل وغلبة الدين وقهر الرجال، والجبن والبخل، وجهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء، الاستعاذة من سوء القضاء ترد على من يقول: اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه، وهذا دعاء باطل مخالف للحديث الصحيح: اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء [رواه البخاري: 6347]، فاستعاذته من سوء القضاء ترد على من يخترع أدعية يقول: لا أسألك رد القضاء، هو يقول: أعوذ بك من سوء القضاء، لأن هناك ناس تخترع أدعية وتروجها بالواتس أب وبهذه الوسائل، ولا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه، ليش ما تسأله؟ النبي ﷺ قال:  أعوذ بك من سوء القضاء  يعني أنت تريد القضاء ينزل وبعدين تصبر عليه، ليش ما تسأله أنه ما ينزل أصلاً؟ أليس الدعاء والبلاء يعتلجان بين السماء والأرض فإذا قوي الدعاء رفع البلاء وإذا ضعف أو ما وجد نزل البلاء؟ وقد ينزل البلاء مخففًا بحسب قوة الدعاء، النبي ﷺ استعاذ من سوء القضاء وشماتة الأعداء واستعاذ أن يرد إلى أرذل العمر، سبحان الله، من لطائف الأدعية النبوية قال: أعوذ بك من سوء الكبر [رواه أبو داود: 5071، وصححه الألباني في صحيح أبي داود: 5071]، ما قال من الكبر، كلنا الذي كتب الله عليه أن يكبر سيكبر، ومنكم من يتوفى في شبابه ومنكم من يعمر  وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا  [الحج: 5]، هذا مظهر الواحد الذي أصيب بالزهايمر وخرف ورد إلى أرذل العمر وصار محتاجاً في قضاء حاجته إلى من حوله، وحاله هذا سوء الكبر، يعني الكبر قدري، كلنا نكبر وبعضنا سوف يبلغ من الكبر عتياً لكن هو ما استعاذ من الكبر، الكبر هذا سيحدث لمن أراده الله له، لكن استعاذ من سوء الكبر، أن يكون الإنسان إذا كبر في حالة سيئة، قال: أعوذ بك من سوء  لاحظ فهذه أدعية دقيقة  من سوء الكبر النبي ﷺ استعاذ من المصائر الشنيعة:  أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحرق وأن يتخبطني الشيطان عند الموت [رواه أحمد:  8666، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1282]،  استعاذ من أشياء  من علم لا ينفع [رواه مسلم: 2722]، وتضييع الوقت في علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعوة لا يستجاب لها، واستعاذ من زوال النعمة، وتحول العافية،

وفجاءة النقمة، وفجاءة نقمتك يعني هناك ناس الله يأخذهم بسكتة دماغية جلطة إذا كان من أهل الفساد أخذت أسف أخذت انتقام، وإذا كان من أهل الصلاح لا يضره، مات من الصالحين من مات بموت الفجأة كالبخاري - رحمه الله - مات فجأة، لكن أن الله يأخذ واحد فجأة وهو مقيم على معصية، فلما قال: أعوذ بك من فجاءة نقمتك  يدخل فيها موت الفجأة على معصية سكتة قلبية فجأة، أخذت أسف ما عنده وقت ما يستطيع ولا أن يقول الشهادة يذكر، فجأة، فموت الفجأة ليس بالضرورة علامة سوء خاتمة لا، يعتمد هو المأخوذ فجأة؛ هل هو على حال طيبة أو على حال ردية، إذا كان على حال ردية هذا انتقام، يعني إذا واحد الله أخذه بسكتة قلبية على حال ردية هذا انتقام إلهي،يعني ما فيها قال: أعوذ بك من فجاءة نقمتك، استعاذ من الفقر والظلم وشر السمع وشر البصر وشر اللسان وشر القلب، بل استعاذ من شر المني، ما في أولاد زنا؟ قال:  أعوذ بك من شر منيي  في الحديث الصحيح استعاذ من الجنون والجذام والبرص وسيئ الأسقام، ورأينا سيئ الأسقام في الأمراض الخطيرة الشنيعة، واستعاذ من الذلة والقلة والعيلة والمسكنة، الإنسان أحيانًا يتأمل بعض أحوال اللاجئين وأحوال المساكين، لاحظ الأحاديث؛ الذلة والقلة والعيلة والمسكنة، هناك أدعية وأذكار جديرة أن يحفظها الواحد ويرددها؛ لأن هناك مصائر لا تريدها لنفسك ولا لمن تحب، أما الاستعاذة بالله من شر النفس فإنه شأن عظيم، عن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ قال:  قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه [رواه مسلم: 770]. في أول الدعاء ثناء على الله وتوسلات قبل أن يطلب الواحد ما يطلب يقدم مقدمات، ألا ترون في خطاباتهم لعظماء الدنيا يقولون ألفاظ تبجيل قبل ما يطلب إلى فلان الفلاني كذا والصفة وبعدين يقول: وأطلب كذا، والله أولى بالمدح، الله يحب المدح، وقد ورد في الحديث: ما أحد أحب إليه المدحة من الله  أنه قدم قبل الطلب مدائح لرب العالمين نمدحه بها ونثني عليه نعظمه ونذكر من أسمائه وصفاته قبل الطلب:  اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد ألا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي؛ لأن الواحد إذا وقي شر نفسه أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه  إذن، الاستعاذة بالله من العدو الداخلي ومن العدو الخارجي، ومن شر نفسك ومن شر الشيطان قال ﷺ لصاحبه رفيقه في الغار وفي الهجرة ومن بداية الإسلام وحتى وفاته ﷺ وخليفته من بعده قال لخليفته من بعده:  قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك  هذه الكلمات: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد ألا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك  [رواه أبو داود: 5067، والترمذي: 3392، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 4402]، ابن القيم - رحمه الله - علّق قال: "ذكر مصدري الشر النفس والشيطان وجمع الحديث، الاستعاذة من مصادر الشر وموارده بأوجز لفظ وأخصره وأجمعه وأبينه" [شفاء العليل: 272].

هذا الآن في الصباح والمساء، وعند النوم: إذا أخذت مضجعك قدّم الاستعاذة من شر النفس على الاستعاذة من الشيطان؛ لأنها أصل البلاء؛ لأنها إذا استقامت لا سبيل للشيطان عليها، وإن اعوجت انتهبها الشيطان وأيضاً تقديمها يشعر بالعناية بتطهيرها، وفيه كمال الصديق علمه ما يترقى به.

وكان ﷺ يدعو أيضاً:  رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي [رواه البخاري: 6398، ومسلم: 2719].

وكان يقول في خطبه كثير: نعوذ بالله من شرور أنفسنا  لاحظ مقدمات الخطب نعوذ بالله من شرور أنفسنا، إذا وقيت شر نفسك، من وقي فقد هدي، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وعلم أبا عمران حصين الصحابي أن يقول:  اللهم قني شر نفسي واعزم لي على أرشد أمري  رواه أحمد وصححه محققو المسند  اللهم قني شر نفسي واعزم لي على أرشد أمري  [رواه أحمد: 19991، وقال محققه الأرنؤؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين].

والعبد في الذنب له نظر إلى أربعة أمور: محل الجناية ومصدر الجناية النفس الأمارة بالسوء ويعرف أنها جاهلة ظالمة، الإنسان ظلوم جهول كيف يعالج الجهل؟ بالعلم، وكيف يعالج الظلم؟ بالعدل، ولا يستقيم إلا بالعلم والعدل، وحقيق بمن هذا شأنه أن يرغب إلى الله خالق النفس وفاطرها أن يقيها شرها وأن يعلمها وأن يؤتيها تقواها وأن يزكيها فهو خير من زكاها؛ لأنه ربها وواليها ومولاها، ومن عرف حقيقة نفسه وما طبعت عليه شرع في العناية بها يتتبع أين عيوب النفس؟ أين نقاط الضعف عندي؟ أين هي؟ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ... فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً  [الحجرات: 7 - 8]، ومن أذكار الحفظ: التسمية؛ والتسمية شيء عظيم "بسم الله" الباء هذه باء الاستعانة والتبرك، هذه بسم الله تشرع عند الطعام والشراب والجماع وركوب الدابة.

ومن أذكار الصباح والمساء ولها أثر عجيب في رد كيد الشيطان ووسوسته فإنها إذا قيلت يتصاغر الشيطان حتى يصير مثل الذباب بالتسمية، تُصان العورات عن أعين الجن، بالتسمية تحفظ الفروج أن يمسها الشيطان؛ لأن الشيطان تعهّد أن يشاركنا في الأموال والأولاد وشاركهم في الأموال والأولاد، ولذلك قال: بسم الله، اللهم جنّبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا  [رواه البخاري: 141، ومسلم: 1434]، عند الجماع بالتسمية تحفظ الفروج أن يمسها الشيطان وتحفظ الذرية من كيد الشيطان ويحفظ المسلم عند خروجه من بيته ويحفظ طعامه وشرابه أن يمسهما الشيطان، ويمنع من مشاركته له في بيته، مبيته فراشه طعامه شرابه، تحفظ المراكب أن ينالها الشيطان، يرزق المسلم خير زوجته وخير دابته بالتسمية، تُحفظ المنازل والأواني  أغلقوا الأبواب غطوا الآنية أوكوا الأسقية قولوا: بسم الله  لا يثقل مع اسم الله شيء، هناك قصة لطيفة حدثت لصحابي يقال له: أبو تميمة الهجيمي، يقول عمن كان رديف النبي ﷺ قال: "كنت رديفه على حمار فعثر الحمار فقلت: تعس الشيطان، يعني لما تعثر الحمار سبّ الشيطان فقال ﷺ: لا تقل: تعس الشيطان  يعني سبه لا فائدة فيه، لكن الذي ينفع قال: لا تقل: تعس الشيطان فإنك إذا قلت: تعس الشيطان تعاظم الشيطان في نفسه وقال: صرعته بقوتي  يعني: الشيطان يختال  فإذا قلت: بسم الله تصاغرت إليه نفسه حتى يكون أصغر من ذباب  رواه أبو داود وهو حديث صحيح. [رواه أبو داود: 4982، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 7401].  

أخزى الله الشيطان، قبّح الله الشيطان، كله يفرح الشيطان، لكن أعوذ بالله من الشيطان، بسم الله، الوضع مختلف، أرشد النبي ﷺ من مسّه شيء من الشيطان أن يذكر الله ويستعيذ به من الشيطان، هذا يغيظ إبليس وأنفع لابن آدم، من أذكار الحفظ ما رواه أبان بن عثمان قال: "سمعتُ عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله ﷺ:  ما من عبدٍ يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء  [رواه الترمذي: 3388، وابن ماجه: 3869، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 5745]، ما من عبد يقول هذا فيضره شيء، إذن، لا يضره إذا قال معتقدًا موقنًا حاضرًا قلبه، وليس غافلاً لاهياً، حاضرا قلبه موقناً معتقدًا، ماذا يحدث؟ إذا قال لا يضره شيء وفي رواية لأبي داود: أن من قال هذه: لم تصبه فجأة بلاء [رواه أبو داود: 5088، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: 5088]  البلاء المفاجئ صادم، البلاء المفاجئ وقعه على النفس خطير جداً، جاء فجأة، قال: لم تصبه فجأة بلاء، بسم الله، و((فجأة بلاء)) هذه تشمل الأشياء الحوادث؛ لأنها فجأة تحدث بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، من تعوذ باسم الله لا تضره مصيبة، لاحظ قوله: الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ما أحوج إخواننا الآن الذين يعيشون تحت قصف الأعداء من الجو والألغام اللي من الأرض من تحت، ما أحوجهم لهذا الدعاء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، يعني لا يأتي من فوق مقذوفات ولا في الأرض من تحت، في السماء من فوق ولا في الأرض من تحت، قال في الحديث: الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء  ممكن يحدث وهو في الطائرة بلاء، وممكن يحدث في السيارة حادث، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء  لا تضره مصيبة من جهة الأرض ولا تضره مصيبة من جهة السماء وهو السميع العليم، السميع لأقوال عباده العليم بأفعالهم لا تخفى عليه خافية قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: "هذا خبر صحيح وقول صادق، فإني منذ سمعته وعملتُ به فلم يضرني شيء إلى أن تركته - مرة يعني نسيت - فلدغتني عقرب بالمدينة ليلاً، فتفكرت فإذا أنا نسيتُ أن أتعوّذ بتلك الكلمات" [المفهم: 7/36].

أبان بن عثمان نفسه راوي الحديث أصابه شلل - فالج - وهو يحدّث بالحديث جعل رجل ينظر إليه، يقول: أنت الآن مشلول، وتقول لنا: الذي يقول كذا ما يصيبه كذا، أنت، هذا كله بالنظرات، السائل ما قال، لكن نظراته واضحة، فقال له أبان: مالك تنظر إلي فو الله ما كذبت على عثمان، ولا كذب عثمان على النبي ﷺ ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبتُ فنسيتُ أن أقولها" صار شيء أنا غضبت وراحت عن بالي مع الغضب نسيت أن أقولها فحصل الشلل يوم نسيانها، وقد يصيب الواحد شيء بالرغم من أنه قالها فهنا لا بد أن نحلل الموضوع صح، إما انه قالها غير موقن، أو قالها من طرف اللسان بدون حضور قلب، يعني صار مثل المسجّل بدون حضور قلب، أو أنه قالها موقناً بحضور قلب لكن لا تضره، انتبه معي الواحد قد يصاب بشيء ويضره وممكن يصاب بشيء ولا يضره؛ لأن الوعد ما يتخلف، وإذا  حصل شيء هو قال في الحديث:  بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء  فممكن تحدث إصابة لكن غير ضارة، ما قال: لا يصيبه، لكن:  لا يضر مع اسمه شيء  الحديث نص على عدم الضرر قد يصيبه شيء لكن يعافى منه، قد يصيبه شيء فيخرج منه أحسن من قبل الإصابة، أما إذا قصّر العبد أو قالها بقلب لاهٍ أو غير موقن هذا واضح، يعني هذا أتي من هذه الجهة.

ولذلك هناك أمر مهم جداً في الأذكار مواطأة القلب للسان واللسان للقلب، إذا ما في مواطأة مشكلة لأننا كثيراً ما نقول أذكار الصباح والمساء كالآلات بدون وعي بدون استحضار المعنى بدون تدبُّر، أنا استغرب أحياناً بعض الناس بعد الصلاة يسوي كذا، أيش هذا؟ يعني بالتأكيد ما لحق أن يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله؛ لأنه كذا معناها الناس تتحول إلى آلات، ما في ذكر حقيقي، لا يمكن مع السرعة أنه يجيب سبحان الله بحروفها وبعض الناس يقول: سبحله سبحله سبحله سبحله حمدلة حمدلة حمدلة اللكبر اللكبر اللكبر يا أخي سبحان الله شيء وشغلك شيء ثاني والحمد لله شيء وشغلك شيء ثاني، والله أكبر شيء وشغلك شيء آخر، فبعض الناس عدادات فقط، وبعض الناس نصف الكلام ونصف الكلام ما يغني هو إذا أنقصت حرفاً واحداً يتغير المعنى، الآن لفظ الجلالة "الله" فيه مد طبيعي حركتان أقل شيء، يعني هو اسمه الله وليس اله اله اله، لا، اسمه الله حتى بعض الناس التكبيرات في الصلاة سمع اله اله أكبر، فإذن، النطق مهم استكمال الكلام الحروف؛ لأن الحديث إذا قال العبد قال يعني قال يعني قالها كاملة بحروفها و هناك ناس يقولون الأذكار بنفسية المجرب، يعني يقول أنظر هل هذا صحيح؟ هذه مصيبة؛ لأنه فقد شرط اليقين يعني لازم تقولها موقناً بها، فإذن، الذين يقولون ويصابون في علة، ليس موقنًا، ما قالها بحضور قلب، كل واحد هو والعلة التي عنده، نسأل الله سبحانه أن يقينا شر أنفسنا وأن يجعلنا من الذاكرين له، وأن يجعلنا ممن يذكرونه حق ذكره، من أذكار الحفظ: قراءة المعوذات كل صباح ومساء،

عبد الله بن خُبيب قال له النبي ﷺ قل: قل الله هو أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء حين تمسي وحين تصبح تكفيك من كل شيء من كل سوء وشر تغنيك عما عداها قال ﷺ لعقبة بن عامر: ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس  [رواه مسلم: 814]، وفي رواية: لن تقرأ شيئاً أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس [رواه النسائي: 953، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 5217]. المعوذتان لا يستغني عنهما أحد قط لهما تأثير خاص في دفع السحر والعين وسائر الشرور وحاجة العبد إليها أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب واللباس، اشتملتا على استعاذة ومستعاذ به ومستعاذ منه، المستعاذ به: الله، والمستعاذ منه: شر ما خلق شر الغاسق إذا وقب شر النفاثات في العقد، شر الحاسد إذا حسد، شر الوسواس الخناس، من الجنة والناس، الاستعاذة هروب إلى من تستعيذ به من شيء تخافه وهو يعصمك منه والمستعاذ به رب الفلق ورب الناس، ملك الناس إله الناس والمستعاذ منه كل الشرور، عن عائشة أن النبي ﷺ كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد" [رواه البخاري: 5017]، ما فيها استعاذة لكنها مقدمة مهمة للاستعاذة؛ لأننا قلنا قبل الطلب الثناء على الله وذكر أسمائه وصفاته فقل هو الله أحد مقدمة مهمة لهذا، فالمجيء به قبل المعوذتين من تمام الاستعاذة، كان ﷺ إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ  [الإخلاص: 1]، و  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ  [الفلق: 1]، و  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ  [الناس: 1]، جمع الكفين والقراءة والنفث، لو واحد قال: أين المؤثر؟ أعلق المصحف فوق رأسي في غرفة النوم، أضعه فوق الوسادة، نقول: الورق والحبر ما يؤثر، الذي يؤثر القراءة، النفس الخارج بالقرآن، أنت لما تجمع الكفين وتقرأ وتنفث، الآن نفسك خارج بالقرآن؛  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ  [الفلق: 1 - 2]، نفسك خارج بالقرآن، هذا النفس الخارج بالقرآن مؤثر؛ لأن الواحد إذا عرف التأثير ما يروح الاتجاه الخطأ، أضع مخدة وأعلق في صدري وأعلق على يدي وأكتب، لا، النفس الخارج بالقرآن القراءة قالت عائشة: ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، يبدأ بأشرف الأعضاء الرأس هذا فيه الدماغ والوجه محاسن الحواس وأشرفها من السمع والبصر وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، حِرز حماية وقاية من الشرور والآفات والهوام والحشرات القاتلة، هذا حِرز متين وحفظ عظيم، والنبي ﷺ كان محافظ عليها أشد المحافظة ما يتركها ولا في أي ليلة حتى لما اشتكى في مرضه قال لعائشة أن تفعل به ذلك لما صار ما عنده قدرة يرفع يديه ولا يمسح من شدة المرض القوى ضعفت ما عاد يستطيع يرفع يديه ولا يمسح ،كانت عائشة هي التي ترفع له يديه وهي التي تمسح بهما عليه فتمسح بيديه الشريفتين على جسده الشريف، كان يأمرها أن تفعل به ذلك.

من أذكار الحفظ آية الكرسي، في الصباح والمساء وعند النوم، وورد في أدبار الصلوات، ولا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تُصبح [رواه البخاري: 2311]، وحديث أبي هريرة معروف: إذا أويتَ إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال عليك من الله حافظ [رواه البخاري: 2311]، الآن هذه الآية عشر جمل مستقلة، آية الكرسي عشر جمل مستقلة،  اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، مبتدأ وخبر كاملة،  لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ، جملة كاملة  لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، جملة كاملة  مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ  ،  يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ، وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ ، إِلَّا بِمَا شَاءَ ، وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ  ، وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا  ،  وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ  [البقرة: 255]. وهو مبتدأ العلي خبر العظيم صفة كلها عشر جمل مستقلة يعني كاملة آية الكرسي عشر جمل كاملة جمعت أصولاً عظيمة في الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية والألوهية من ذكر إلهيته سبحانه وقيوميته وعلمه وملكه وقدرته وإرادته وإحاطته وحفظه وعلوه وعظمته، ولذلك كانت أعظم آية في القرآن، وفضلها معروف، فيها توحيد له وتمجيد، فيها خمس أسماء حسنى وأكثر من عشرين صفة من صفاته، قال العلماء: آية الكرسي فيها خمس من أسمائه الحسنى وأكثر من عشرين صفة من صفاته تعالى بدئت بذكر تفرده بالألوهية الله لا إله إلا هو، وبطلان ألوهية غيره من كل المعبودات الأخرى، وذكر حياة الله الكاملة التي لا يلحقها فناء، وذكر قيامه بنفسه وقيامه بتدبير أمور الخلق جميعاً وتنزيهه عن النقائص والعيوب وما لا يليق به من النعاس والنوم، وبيان سعة ملكه، وأن كل ما في السماوات ومن في السماوات عبيد له داخلون تحت قهره وسلطانه ولا يمكن يتجرأ أحد أن يشفع عند الله بدون إذن منه وفيه إشارة إلى صفة العلم وإحاطته سبحانه وتعالى ومعنى ذلك ما كان وما سيكون وما يكون فهذه أعظم آية في القرآن، ولذلك قراءتها  لا يزال معك من الله حافظ وأنت الآن ذكرته بهذه الثناءات ذكرت الآن من أسمائه ومن صفاته فلا أقل من أن يكرمك يعطيك شيئًا بالمقابل فيعطيك حافظاً معك ملازماً لك.

ماذا عن خواتيم سورة البقرة؟ لما قال: ((الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه:  آمَنَ الرَّسُولُ [البقرة: 285]، والآية التي بعدها: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [رواه البخاري: 4008، ومسلم: 807]، وهذه ((كفتاه)) كلمة مهمة، كفتاه من ماذا؟ من الشيطان، من شر النفس، من الشرور جميعًا، من كل سوء، من أذى الجن والإنس كله، حتى قال بعضهم: تقوم مقام الليل لدرجة كفتاه، قالوا: حتى أنها تدخله مقام قيام الليل تكفيه من الآفات جميعًا، إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان [رواه الترمذي: 2882، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1799].

يعني لو واحد قال: أنا أعرف أن سورة البقرة قراءتها في البيت ما يقربها شيطان لكن طويلة وأنا أحيانًا أكون مستعجلاً، وإذا ما استطعت ذهبت عليّ؟ نقول: لا، خذ آخر آيتين؛ لأنه ورد في سنن الترمذي: لا يقرآن آخر آيتين في البقرة في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان  هاتان الآيتان لما نزلتا تحديدًا فتح باب من السماء ونزل منه ملك إلى الأرض لم ينزل قط قبل ذلك، الملك هذا مكانه في السماء، ما سبق نزل إلى الأرض إطلاقا إلا لما نزل بهما، فسلّم على النبي ﷺ وقال له:  أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أُعطيته  [رواه مسلم: 912]. رواه مسلم، يا مسلم ما معنى ((أُعطيته)) أُعطيت ما اشتملت عليه تلك الآيات من المسألة يعني مثلا الفاتحة فيها مسألة اهدنا الصراط المستقيم وحتى  لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا  [البقرة: 286]، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا  غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة: 285]، لاحظ لو واحد قال: أين المسألة في آخر آيتين في سورة البقرة؟  غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ اختصتا بهذه الخاصية لما فيها من الانقياد لله، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا  [البقرة: 286]، فأجيب المطلوب. من أذكار الحفظ سيد الاستغفار، معروف من قاله من النهار موقن بها مات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة وإذا قاله في الليل وهو موقن به فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة)) إذن، هذا سيد الاستغفار مترتب عليه حُسن الخاتمة ما العلاقة بين سيد الاستغفار وحسن الخاتمة؟ دعاء الاستغفار فيه توسُّل إلى الله بربوبيته؛ اللهم أنت ربي  ووحدانيته  لا إله إلا أنت  والإقرار بعبوديته: خلقتني وأنا عبدك  وتعهُّد وهذا يصحح مسيرة الواحد، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت   وفيه اعترف بالذنب واستعاذة بالله من شره:  أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بذنبي وفيه اعتراف بالنعمة: أبوء لك بعمتك علي  وفيه إقرار أنه لا يغفر الذنوب إلا الله في آخره. [رواه البخاري: 6306].

يعني من الأشياء التي تجعل الواحد يستقيم، يعني لو واحد قال: الآن الشهوات والفتن من حولنا والواحد يتغير، هناك كثير ناس تغيروا وانحرفوا، وألا يوجد شيء يستمسك به الواحد؟ نقول: هذا سيد الاستغفار تخيل أنك تعاهد الله صباحاً ومساءً، تعاهده أنك على دينه وعلى طريقه وعلى أحكامه وشريعته، وأنا على عهدك يا الله، هذه المعاهدة لله من أسباب استقامة الإنسان وعدم انحرافه لأن كل يوم يذكر نفسه صباحاً ومساءً أنه يعاهد الله، اللهم إني أعاهدك ألا أترك دينك وأثبت عليه، سيد الاستغفار هذا يذكرك، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10]، الاستمساك بحبل الله، ما علاقة سيد الاستغفار بمسألة الموت المذكورة فيه، ألم يقل إنه إذ قالها إذا مات في الصباح دخل الجنة وإذا مات في المساء دخل الجنة؟ الموت متى سيأتي في الصباح أو في السماء، من قاله من يومه ومات دخل الجنة ومن قاله من ليلته فمات دخل الجنة، ما العلاقة في قضية اليوم والليلة؟ أن الموت سيقع في واحد منهما، إما أن يقع في اليوم وإما أن يقع في الليلة، فقراءة هذا الذكر سبب حسن الخاتمة اشتمل على معارف جليلة كما قلنا، وفيه التجاء وتحصن وهروب إلى الله  أعوذ بك من شر ما صنعت  قال بعض الصالحين: "ينبغي للعبد أن تكون أنفاسه كلها نفسين؛ نفساً يحمد فيه ربه ونفساً يستغفر فيه من ذنبه" اللهم في أول هذا الذكر هي نداء، يا الله، ولذلك لا تستعمل كلمة اللهم إلا في الطلب، يعني ما يجوز أن تقول: اللهم غفور رحيم، تقول: الله غفور رحيم، لكن ما تقول: اللهم غفور رحيم؛ لأن كلمة اللهم معناها يا الله فما تستعمل إلا في كلام فيه طلب لازم؛ لأن "يا الله" أصلا حُذفت ياء النداء وعوّض عنها بالميم المشددة فلا يجوز أن يجمع بين العوض والمعوّض عنه، يعني ما يجوز أن تقول يا اللهم، تقول :اللهم في الطلب وهذا الدعاء جدير أن يحفظ الله صاحبه من النيران وأن ينعم عليه بالعفو والغفران وأن يجعله مثواه دخول الجنة.

كذلك من أذكار الحفظ: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور  [رواه البخاري في الأدب المفرد: 1199، وأبو داود: 5068، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 354].  

هذا فيه تذكير للعبد بنعم الله عليه وبنعمتك وإعانتك أصبحنا أدركنا الصباح وإلا كان ما أدركناه، وبك نحيا وبك نموت بك نحيا لو ما أحييتنا وما أقدرتنا ما حيينا، فأنت المعين لنا في هذه الحياة،  وبك نموت  أنت تقبض أرواحنا وإليك النشور والمرجع يوم القيامة وإليك المصير  إذا صار في المساء، إذن، هذا يختم إليك النشور وإليك المصير في المساء؛ والتناسب هنا أن الإمساء يشبه الموت بعد الحياة؛ لأننا إذا صرنا إلى النوم صرنا إلى حالة تشبه الموت.

قال ابن القيم - رحمه الله -: "الصباح والانتباه بمسألة النشور" [عون المعبود وحاشية ابن القيم: 13/277].

أنت الآن عندما تقوم من النوم كأنك بُعثت من الموت؛ لأن النوم موتة صغرى، فعندما تقوم من النوم في الصباح أنت بُعثت ولذلك هو يقول من أذكار الاستيقاظ: الحمد لله الذي ردّ عليّ روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره [رواه ابن النسي في عمل اليوم والليلة: 9، وقال ابن تيمية في الكلم الطيب: إسناده جيد].

إذن، الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني  هذه من أذكار الاستيقاظ  الحمد لله الذي ردّ عليّ روحي  في الذكر هذا يقول في الصباح: وإليك النشور ، وفي المساء: وإليك المصير   اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور  في الصباح؛ لأنه يشبه القيام من الموت، النوم الموتة الصغرى، والإمساء الصيرورة إلى النوم، يعني نحن ذاهبون إلى النوم الذي هو الموتة الصغرى بمنزلة الموت، والمصير إلى الله، نصير إليه نحن إذا متنا نصير إليه، إليه المصير  والنوم أخو الموت والانتباه نشور وحياة قال الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ  [الروم: 23]،.

ومن الأذكار التي وردت: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال لأبيه: يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة يعني كل صباح تقول: اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري لا إله إلا أنت، فيه تكرار في الدعاء، هذا البدن يشمل السمع والبصر؛ لأن السمع والبصر فيه تركيز عليها لشرفها؛ لأن إدراك العلم بالسمع والبصر يعني السمع والبصر في الإدراك آلتان عظيمتان جداً للإدراك فخصهما بالذكر وسؤال الله العافية لهما، تصور الواحد مثلا فقد السمع ماذا يتعطل منه؟ وإذا فقد البصر ماذا يتعطل منه؟

قال: اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري لا إله إلا أنت  تعيدها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي، الابن يسأل الأب عبد الرحمن بن أبي بكرة، وتقول أنت يا أبي أيضًا بالإضافة إلى ما تقدم:  اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت  وتعيدها حين تصبح ثلاثاً وحين تمسي ثلاثاً قال: نعم يا بني هذه الملاحظة التي أنت تقولها صحيحة، نعم حقيقة، فعلاً هذا هو نعم، "يا بني إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهن فأُحب أن أستنّ بسنته" [رواه أحمد: 20381، وأبو داود: 20381، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد: 262].  عافني في بدني  من كل الآفات حتى  تشمل المعافاة من المعاصي وإنه ما يفعل ببدنه معصية، وهذه لفتة مهمة جداً؛ لأن بعض الناس يتصور أن أدعية الحفظ فقط أنها تحفظ من الأمراض ومن الحوادث ومن الآفات، تفكيره منصب على الأمور الدنيوية، هذا قصور؛ لأن العافية تكون من المعاصي والآثام والذنوب، فإذاً أنت ما  تسأل الله العافية فقط على بدنك، اللهم إني أسألك العفو والعافية  في الدين والآخرة، لاحظ؛ ((الدنيا)) يعني هناك تكامل، يعني هذا الدين ليس فقط أخروي، حتى للدنيا، ليس فقط دنيوي، لا وأيضًا للآخرة،  اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي  أنا أحتاج في الدنيا رزق وقوة وصحة، أحتاج صحة وقوة ورزق ومال وزوجة وأولاد، وأحتاج العافية فيها، لو انقطع مالي، لو عقّني ولدي، لو تمردّت زوجتي، لو صار لي آفة في بدني ولذلك أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، الدنيا والآخرة، إذن: اللهم عافني في بدني  تشمل عافني من أن أتورّط في معصية بهذا البدن، سلّمني من أن أقع في معصية بجارحة من جوارحي، اللهم عافني في سمعي  يعني من الآفات والخلل والعطل، اللهم عافني في بصري  من العمى وعدم المشاهدة، فيه شيء معنوي داخل هنا لا يقل أهمية عن نعمة إدراك الأشياء بالبصر  اللهم عافني في بصري  يعني: بحيث أني أرى ولكن أيضًا: أرى الحق أرى الهداية، إذن: اللهم عافني في بصري من العمى  وعافني في بصري  من ألا أرى الهداية من العمى عن النور الذي أنزلته يعني هذا الدعاء:  اللهم عافني في بصري  يشمل المعافاة من النظر إلى المحرمات يعني أقصد شمولية الأدعية والأذكار شمولية المعاني يعني يمكن الواحد لما يسمع الدعاء يروح إلى زاوية معينة منه فقط يقول: عافني في بصري، يعني ما أصير أعمى، لا، تشمل: عافني في بصري فأرى الحق، وعافني في بصري فلا أرى ما لا يجوز النظر إليه من العورات والنساء اللاتي لا يجوز النظر إليهن، وهكذا، بالسمع تُدرك آيات الله المنزلة، وبالبصر تُدرك آيات الله الكونية، المسطورة والمنثورة، اللهم متّعنا بأسماعنا وأبصارنا، قدّم السمع أفضل.

يُحفظ المسلم بأدعية وأذكار، وتأمل معي أن البلاء إذا نزل أو إذا أتى سيأتي من أين؟ من كم جهة ممكن يأتي البلاء؟ أي مصيبة أو بلية أو حادث أو شر، ممكن يأتي من كم جهة؟ ست جهات؛ وهي: الأمام والوراء واليمين والشمال وفوق وتحت، تعال معي إلى هذا الذكر: "لم يكن رسول الله ﷺ يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح:  اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يديّ، من الأمام، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي  [رواه أبو داود: 5074، وابن ماجه: 5074، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1274].

طلب الحفظ من الجهات السِّت من المهالك والشرور والمصائب والحوادث، بعض حوادث السيارات إذا شفتها تتعجب هناك شيء يأتي من اليمين ومن اليسار، لكن هناك شيء يأتي في حفرة تقع فيها السيارة، يأتي البلاء من تحت، وفي هاوية خسف، وهناك الآن في عالم الحروب الألغام تأتي من أسفل، المقذوفات تأتي من فوق، وهناك من يمين وشمال ووراء وأمام، الآن هناك جسور فوق بعض، واحد ماشي في خطه تحت وواحد جاي مسرع من فوق ما استطاع يأخذ اللفة نزل عليه، يعني البلاء ممكن يجي من أي مكان، لكن لما تتأمل الآن من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي، وكما قلنا: لا يكون كل الهم على الوقاية من الأشياء الدنيوية، الأشياء الأخروية أو الأشياء الدينية، نختم بهذا أعطونا من القرآن بلاءً غير دنيوي بلاءً في الدين يأتي من الجهات الست؟ بلاء الشيطان، قال الله: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ  [الأعراف: 16، 17].

إذن، لا ننسى أنك لما تستعيذ وتسأل الله العافية من الجهات أنك تسأل الله العافية من شر الشيطان بالإضافة إلى الشرور الأخرى، نسأل الله أن يغفر لنا وأن يحفظنا.