الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حياكم الله جميعًا، وأحمد الله تعالى أن جمعني بكم في هذا البلد الحرام، وفي هذا الشهر الحرام؛ وهو شهر ذو القعدة ونحن ننتظر الموسم العظيم؛ موسم الحج الذي جعلكم الله فيه أُمناء وجعلكم فيه ممن يقومون بخدمة ضيوف بيته العتيق هذا الموسم العظيم الذي بدأ فيه حجاج بيت الله تعالى يقبلون، وهبطت أوائل الرحلات الجوية أيضاً مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحج: 27]، ها هم يتواصلون يملؤون الفجاج ملبّين عبقًا جميلاً، "لبيك اللهم لبيك" يأتون إلى البيت الحرام على نداء إبراهيم الخليل الذي قال الله له: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ [الحج: 27]، وفعلاً قد جاءوا ولا زالوا يأتون وهاهم أمامنا والأذان من آلاف السنين لإبراهيم الخليل والقدوم متواصل لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج: 26 - 28]
وكذلك تهوي إليه أفئدة المؤمنين ولا يوجد مكان في العالم إذا ذهب الإنسان منه يشتاق إليه ولو رجع إليه مراراً فإنه لا يزال يشتاق إلى الرجوع مرات وكرات كهذا المكان، الله قال: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ [الحج: 26]، لاحظ كلمة مكان البيت، يعني: أن هذا المكان يتعلق فيه أحكام الطواف بالمكان، المكان أهم من البنيان، وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ولذلك قال العلماء: لو جاء سيل فهدم البُنيان سيبقى المكان والأحكام مرتبطة بالمكان، وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ حياكم الله - أيها الإخوة - وأنتم ممن شرفهم الله تعالى بخدمة حجاج بيته وعليكم مسؤوليات عظيمة أعانكم الله على أدائها.
والله إن الإنسان عندما يتأمل في هذه المهمة الثقيلة؛ القيام بشرف الخدمة والاستقبال وتيسير السُّبل للذين جاؤوا لأداء الركن العظيم - الركن الخامس -، إنه فعلاً شرف عظيم يحتاج إلى نشاط وجد وقوة وعزيمة وهمة وإخلاص وتقوى وصبر بتحمُّل المسؤوليات الكبار، فيا لله ما أروع اجتماعهم، وما أجمل لباسهم، وما أحلى صدى أصواتهم وهي تتردد في الآكام والطرقات والجبال، جاؤوا رجالاً وركباناً، على الطائرات في الأجواء وفي السفن في البحار وفي السيارات، سالكين الفيافي والقفار يبتغون الفضل من العلي الغفار، فهل مرّ بك ركب أشرف من ركب هؤلاء؟ وهل شممت عبيرًا أزكى من غبار المحرمين، لا يزال وعد الله يتحقق لإبراهيم الخليل ولا تزال الأفئدة تهوي الغني القادر والفقير الذي لا يجد إلا قدميه يتقاطرون، لسان الواحد منهم يقول:
إليك إلهي قد أتيتُ ملبيا | بارك إلهي حجتي ودعائيا |
قصدتك مضطرا وجئتك باكيا | وحاشاك ربي أن ترد دعائيا |
أتيتُ بلا زاد وجودك مطعمي | وما خاب من يهفو لجودك ساعيا |
إليك إلهي قد حضرتُ مؤمل | خلاص فؤادي من ذنوبي ملبيا |
المشهد الجليل الذي أنتم تقفون فيه في كل سنة، ولكن بالنسبة لحجاجكم الذين يأتون ربما لم يقفوه إلا مرة في العمر هذا الفرض العظيم، وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلً [آل عمران: 97]. هذا الركن الذي فضّل الله إبراهيم ببدئه في الأرض، وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا [الحج: 26]. عظّم الله حُرمة المكان، فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا يوم النحر في شهركم هذا ذي الحجة في بلدكم هذا [رواه البخاري: 67، ومسلم: 1218]. مكة وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ [البقرة: 125]، يثوبون يرجعون لازالوا إذا ذهبوا يشتاقون ويعودون وهكذا في عملية متكررة (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب) نحن أهل الإسلام خير من أهل الجاهلية، أهل الجاهلية كانوا يعظّمون البلد الحرام، كانوا يعظّمون الأشهر الحرم، ومن تعظيم قريش للبلد الحرام أنهم كانوا يقومون بخدمة ضيوف بيت الله من الرفادة والسقاية والسدانة والحجابة، الرفادة إطعام الحجيج، والسقاية معروفة، والسدانة والحجابة، ولازالت هذه الوظائف التاريخية الشرعية إلى يومنا هذا لا ينزعها منكم إلا ظالم، خدمة البيت العتيق كل من يأتي إلى هذا المكان، في عهد قريش جمعوا مالاً كثيراً لأجل إطعام الحجاج ومن تعظيمهم للبيت كما يقول ابن كثير أنهم كانوا يمنعون الحجاج والعمار ما داموا محرمين أن يأكلوا إلا من طعام قريش ولا يطوفون إلا في ثياب قريش كما ذكر ابن كثير في البداية والنهاية والقصة بدأت من قصي بن كلاب لما قال: يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته وهم أحق الضيف بالكرامة فاجعلوا لهم طعاماً وشراباً أيام الحج حتى يصدروا عنكم" حتى يعودوا إلى بلدانهم. [البداية والنهاية: 2/264]
وكانوا يفتخرون بذلك لدرجة أن النبي ﷺ لما دعاهم للتوحيد قالوا: ما نحتاج دعوتك ونحن عندنا السدانة والسقاية، فقال الله لهم: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ [التوبة: 19]، فهو - تعالى - ما أنكر عليهم السقاية والعمارة، لكن أنكر عليهم الشرك فبقيت سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام من الشعائر العظيمة والواجبات، وهذه شرف والذي يقوم بها في الحقيقة فإنه يقوم حقيقة بواجب عظيم؛ لأنه يمكن هؤلاء المسلمين من أداء ركنهم، ويخدم حجاج بيت ربهم، ألم يقل في الحديث: الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم [رواه ابن ماجه: 2892، والطبراني في الأوسط: 6311، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 3173].
أليسوا وفد الله؟ أليس خدمة الله شرف عظيم؟ أليس القيام على وفد الله هذا من أبواب الخير العظيمة؟ والحمد لله أنه في هذا الزمن قد حصل من التطورات الكثيرة لإتاحة المجال لملايين كانوا يأتون، بعض مشايخنا قال: حججنا وكان الحجاج كلهم خمسين ألف، يعني هذا قليل من سبعين سنة كذا، الآن الملايين لأول مرة في تاريخ البشرية يأتي الملايين، وصارت هذه المؤسسات للطوافة والخدمات ووزارة الحج كاملة وغيرها من الجهات القائمة على هذا الحج في الحقيقة تُوفي وتقدم هذه المجهودات الكبيرة لهؤلاء الطائفة الذين اختارهم الله للإتيان إلى بيته العتيق.
نريد أن نستعرض وإياكم في هذا المجلس المبارك - إن شاء الله - طائفة من الواجبات الشرعية التي نذكّر أنفسنا بها في خضم القيام بهذا الشرف وبهذه الأمانة العظيمة.
إخلاص النية واحتساب الأجر في خدمة الحجيج
أولاً: وجوب إخلاص النية لله واحتساب الأجر في خدمة الحجيج، فبالإخلاص تقبل الأعمال وتضاعف الأجور، والله يقول: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5] فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [الكهف: 110] وأنت تأمل شرف عملك وأنت تقوم بهذه المهمة في دلالة الناس، أنت تدخل في حديث: الدال على الخير كفاعله [رواه الترمذي: 2670، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 1660].
ألستَ تدلهم على المناسك؟ ألستَ توصلهم إليها؟ ألستَ تقودهم لأدائها؟ أليس قد تجعل لهم من المرشدين والمشرفين من يعلمهم كيف يقومون بها؟ وصحيح أن التجارة في الحج حلال، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [البقرة: 198]، فبين الله جواز التجارة في الحج ونص عليها مع أن التجارة جائزة لكن حتى لا يظن بعض الناس أن هناك تعارض كامل، أو أنه يا حج يا تجارة، لا، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ [البقرة: 198]، لكن ليس هو القصد الأساس، يعني المهمة الأولى ينبغي أن يستحضر صاحب مؤسسة الطوافة أو المطوِّف أو المشرف على الحجاج، أو القائم بهذا العمل، أن عمله يخدم دينه قبل أن يخدم جيبه، هو يخدم ضيوف الرحمن قبل أن يأخذ مالهم، هذه المسألة تحتاج مجاهدة؛ لأن بعض الناس يقول: أنا فقط أضحك على نفسي، نقول: لا يا أخي أنت قد تجمع بينهما، ممكن تؤدي دورك وممكن تخدم دينك، وممكن تنفع عباد الله، تعلمهم التوحيد وتذكرهم بواجبهم نحو ربهم، وتكسب رزقاً حلالاً، لا تعارض لكن الواحد يتذكر أن هناك تجارة مع الله قبل التجارة مع البشر، التجارة مع الله تجارة عظيمة، تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر: 29]، هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الصف: 10].
إذن، يتذكر أن هذا رقم واحد، التجارة الأخرى تبع، ضمنًا.
هناك فرق كبير كما قال العلماء بين من أخذ ليحج ومن حج ليأخذ، لو أخذنا على مستوى التوكيل؛ واحد موكل بالحج عن شخص، أخذ مالاً، ممكن جاءه اثنان يأتيان الحج، واحد أجره عظيم، وواحد ما له عند الله من خلاق؛ من أخذ ليحج جعل الأخذ وسيلة والحج هدفًا، من حج ليأخذ يذهب يقول للناس: ما عندكم حجة من هنا أو من هنا ابحثوا لي عن حجة من هنا أو من هنا، أنا عليّ ديون، ما عندك أحد أحج عنه، كم عندك خمسة آلاف؟ لا أنا أريد سبعة، لا لا، من يحج ليأخذ جعل الحج وسيلة والأخذ هو الهدف، من أخذ ليحج جعل الأخذ وسيلة والحج هو الهدف، هو يتمنى يأتي بيت الله الحرام، لكن ما عنده فجاء له واحد قال له: تحج عن ميتي؟ خذ هذه حج أنا سأدفع الحملة، اذهب، وهكذا بالنسبة لمن دخل مؤسسة الطوافة قصده الأول أن يخدم دين الله وعباد الله الحجاج، قبل أن يخدم جيبه، فتكون التجارة مع الله سابقة للتجارة مع البشر.
ثانياً: ضرورة التعلم والتفقُّه في الدين.
فإن الإنسان يلزمه أن يتعلم كلما يتعلق؛ مثلاً أنت تريد أن تتزوج؛ يجب شرعاً تعلم أحكام الزواج، حتى لو يريد يطلّق، يجب يتعلم أحكام الطلاق، لو أراد أن يبيع، كان عمر يقول: "لا يجلس في سوقنا من لا يعرف أحكام البيع" وهكذا فإذا أراد المسلم أن يحج لا بد أن يتعلم أحكام الحج، الآن الحجاج يأتون، والمطوفون ممكن يكونون قدوات لهم ومعلمين لهم، يمكن أن يكونوا يرشدون فعلا بما آتاهم الله من العلم، بعد ذلك كل سنة أنت تشرف على الحج، كل سنة تتعلم أشياء قضايا مرت عليك سنوات وسنوات، بينما الآخر الذي ما يحج إلا مرة واحدة فيكون له نصيب من إفادتك له.
وضع الرجل المناسب في المكان المناسب
ثالثاً: وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، حملات الحج هذه والمؤسسات هي وسيلة للخدمة وضمان سلامة العمل وحسن الأداء، وينبغي أن يعرف الأصلح في كل منصب فإن الولاية لها ركنان أي ولاية لها ركنان أي منصب له ركنان أولاً: القوة، ثانياً: الأمانة إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص: 26]، فأنت إذا جعلت المناصب الإدارية عندك أو الناس اللي تستأجرهم تتحقق فيهم هاتان الصفتان كأنك تقول: أنا ما أقبل معي إلا المؤهلات، ما عندي إلا مؤهلين: القوة التي فيها الخبرة القدرة، والأمانة، الخوف من الله، القيام بحق الشيء، فإذا استأجرت أميناً غير قوي يجترؤون عليه، وأمانته تنفعه هو لكن ما تنفع الآخرين، وإذا استأجرت قويًا غير أمين استغلها لمصلحتها ومشاهم على هواها لا يعبأ إلا بالمكاسب، لكن أدوا الركن ما أدوا الركن وافقوا السنة ما وافقوا السنة، حجّوا خطأ حجوا صواباً، رموا، لو يطوفهم الوداع قبل الرمي فعل ما يبالي، ولكن من كان قصده وجه الله وجعل عليهم أهل دين وأمانة وقوة تراهم يضبطون أفعالهم، والقوة في كل ولاية بحسبها، وعندك سواء كانوا في الرجال أو في قسم النساء والمشرفين والمشرفات، والله فعلاً إن الاستثمار كما قالت الحكمة الصينية تقول: إذا أردت أن تخطط لسنة ازرع رزاً وإذا تريد لعشر سنين ازرع شجراً، وإذا تريد أبد الدهر ازرع بشراً، العنصر البشري، ثم العنصر البشري، ثم العنصر البشري.
أهمية الإتقان في العمل واستشعار المسؤولية
ثالثاً: أهمية الإتقان في العمل واستشعار المسؤولية، إن الله - عز وجل - يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه [رواه الطبراني في الأوسط: 897، والبيهقي في الشعب: 4929، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 1880]. يحب الإحسان كتبه على كل شيء [رواه مسلم: 1955]، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته [رواه البخاري: 893]. هذا الموسم هذا العمل يحتاج إلى إتقان فعلاً إتقان الخطة إتقان المسيرة إتقان الأدوات إتقان الناس الذين يؤتوا بهم، كذلك الأجهزة الأماكن كل شيء، إتقان التبريد، الآن هذا الحج يزحف نحو الصيف، ندخل في الحر أكثر صاعداً، إذن، الحجاج يحتاجون إلى أشياء تجعلهم يتمكنون من حجهم بما يمكن من اليسر والسهولة تلبية احتياجاتهم ، ترتيب المكان، هندسة المكان، حتى لو أنت ترتب مكان الصلاة، أو مكان الدروس في الحملة مثلا، أماكن النوم، الذي عنده مبدأ الإتقان في العمل غير، حسن الإدارة والتنظيم ويهتم بالنوعية، هذا فعلاً قلبه على عمله وعلى إخوانه.
ثم أن يكون المرشد أو المشرف قُدوة حسنة للحجاج فيعلمهم الأحكام حتى بالطريقة العملية، النبي ﷺ لما حج معهم كانوا يرونه كيف يطوف، كيف يسعى، كيف يرمي، مثل: أين يقف في الجبل تحت أسفل الجبل في الصخرات، جعل الجبل بينه وبين الكعبة، رفع يديه بعد الزوال إلى أن غربت الشمس، نقلوا حجه بدقة، كانوا يراقبونه وهو يقول: خذوا عني مناسككم [رواه مسلم: 1297، بلفظ: ((لتأخذوا مناسككم)) ]. حتى في أصغر الأشياء في حصى الرمي قال ﷺ لما لقطها: بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين [رواه النسائي في الصغرى: 3057، وابن ماجة: 3029، وصححه الألباني في التعليقات الحسان: 23860]. أمثال هؤلاء، هذا الخذف، الحصى التي كانوا يضعونه بين الأصبعين يرمون به هذا المقاس الذي يستعمل لا زيادة وكذلك أنه ﷺ كان يوصيهم السكينة السكينة [رواه مسلم: 1218]. إذا وجد واحد مكان دخل أسرع، ما وجد مكاناً وقف يمشي الهوينا حتى لا يؤذي عباد الله كذلك مما يوصى به المشرفون: الرفق بالحجاج، والصبر عليهم، التحمُّل، إن الله يحب الرفق [رواه البخاري: 6927، ومسلم: 2593]، يعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره ما كان الرفق في شيء إلا زانه من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفُق به [رواه مسلم: 1828]. فإذن، عندما يكون الرفق قائمًا، وبالذات الآن مع الزحام والحر، الزحام والحر تنتج غضباً، والأعصاب تثور، الواحد يكون باله طويل، نفسه هادئة ابتسامته حاضرة كلمته حلوة جميلة، بلا شك أن هذا سيكون له انعكاس كبير على الحجاج وعلى من حولهم ومن يخدمهم وبالموظفين والمشرفين والعمّال، ومن يتعامل معهم، الآن كم صنف تتعامل معهم في الحج؟ كم نوع؟ من عسكر ومفتشين والوزارة والطباخين والخدم والحجاج أنفسهم، والناس الذي أتوا مع الحجاج من بلادهم...، تتعامل مع أعداد هائلة في وقت قصير من أنواع متنوعة ومتعددة المهام كثيرة جداً.
والنبي ﷺ كان حريصًا، أحياناً يترك الأفضل لكي يريهم ماذا يفعل.
مثلا: حجّ راكبا في الطواف وفي السعي، مع أن الأفضل الطواف على الرجلين والسعي على الرجلين.
ومرة ترك استلام الحجر الأسود باليد، واستلمه بالمحجن، وترك باليد مباشرة؛ حتى ما يكون هناك زحام ومشقة؛ لأنه لو هو استلم بيده كلهم سيستلمون بأيديهم فيصير فيه مشقة على الناس فترك الأفضل أحيانا من أجل ذلك.
ثم إنه ﷺ كان يختار لهم اليُسر بشرع الله ضمن الدليل، أنت تختار الأيسر ضمن الدليل؛ حتى لا تصير المسألة مفتوحة للهوى ولا نعنّت على الناس ونشق عليهم.
إعانة الضعفاء وكبار السن
كذلك من الوصايا: إعانة الضعفاء وكبار السن أصحاب الاحتياجات الخاصة، الحج جهاد، جهاد كل ضعيف [رواه أحمد: 3171، وابن ماجه: 2902، وحسّنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 3171].
والنبي ﷺ كان يراعي هذا حتى أنه قدّم الضعفة من أهله بعد نصف الليل من مزدلفة؛ حتى لا يحطمهم الناس، وإذا كان هناك مجال يقول: افعل ولا حرج [رواه البخاري: 83، ومسلم: 1306].
نحن نعرف أن يوم عشرة يبدأ برمي جمرة العقبة، والحلق، والنحر، والطواف، والسعي، خمسة أعمال، لكن لو واحد قدّم وأخّر فيها هذه جائز، لكن ما يجوزيقدّم طواف الوداع على الرمي، ويجعل الرمي بعد طواف الوداع ويأتي يقول: نعم لا حرج لا حرج! قدّم وأخّر لا، المسألة فيها ضوابط، فما سئل يومئذ من أعمال يوم النحر الخمسة الرمي الحلق النحر الطواف السعي، ما سئل عن شيء قدّم وأخّر هذه الخمسة إلا قال: افعل ولا حرج [رواه البخاري: 83، ومسلم: 1306]. لكن يستحيل أن يأتي الواحد بطواف الإفاضة قبل عرفة، مستحيل يقوم بأي عمل من أعمال الحج هذه الخمسة قبل منتصف ليلة النحر، ولذلك هؤلاء المتلاعبين الذي يأتي يقول لك: حج إكسبرس وبعدين يأتي يوم عرفة وعلى طول يمر مروراً مزدلفة هذه ما فيها مبيت مرور، يوصل يمكن قبل نصف الليل ويرمي ويذهب يطوف ويسعى ويقصّر الشعر وعلى المطار، لا، هذا يُنصح يقال: أنت إذا حجيت الفريضة من أول النصيحة لك والله الذي لا إله إلا هو أنك ما تحج؛ لأن الله يقول: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196].
إما أن تحج كما أمر الله وإلا لا تتخذوا آيات الله هزواً، تجعلها ملعبة، الحج له أركان وواجبات له شروط له أوقات، خذوا عني مناسككم خذوا عني مناسككم [رواه مسلم: 1297، بلفظ: ((لتأخذوا مناسككم)) ].
ولذلك فإن الرخصة الصحيحة التي تأتي على الدليل الصحيح.
مثال: النبي ﷺ أذِن لناس مشرفين في الحج أنهم يعملوا أعمالاً يجمعونها، رخص رسول الله ﷺ لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرمونه في أحدهما" فإذن، هؤلاء لأنهم مشغولون بالقيام بالحجاج ووظائف الحجاج وقضية الدواب والرعي والهدْى يجمعونه ويحفظونه، رخّص لهم أن يجمعوا رمي يومين في يوم، فيأتي يوم اثنا عشر يرمي صغرى ووسطى وكبرى عن إحدى عشر، وبعد ذلك يرجع صغرى ووسطى كبرى عن اثنا عشر، يجوز أن يجمع رمي يومين في يوم لمن احتاج كما ثبت في الحديث "أنه رخّص للرعاء بذلك" هذه رخصة صحيحة، أما أن يأتي واحد يعطيك رخصة ما عليها دليل يقول: الدين يسر، لا والله، لكن عندما تكون الرخصة صحيحة بالدليل الصحيح، هنا تفرح لها وكذلك النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، عندما تحسن إليهم تكسبهم، وعندما تكسبهم ممكن يأخذوا منك أشياء وعلوم تنفعهم بعد ذلك، بحسن الخلق نكسب الناس التحلّي بمكارم الأخلاق، هذا الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - كان حسن الخلق جدًا حتى لو كان طلع للصلاة يأتون الأولاد يأخذون منه حلوى، يوزع عليهم حلوى وهو ذاهب في الطريق إلى المسجد فكانوا يحبون الصلاة؛ لأنهم ينتظرون حلويات الشيخ، لما توفي رآه بعض أصحابه وطلابه في المنام فقال له: ما أكثر ما نفعك عند الله قال: حسن الخلق، سأله في المنام بعد موته: ما أكثر ما نفعك عند الله قال: حسن الخلق، أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقا [رواه أبو داود: 4682، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 284]. ما في شيء أثقل في الميزان من حُسن الخلق، المؤمن يدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم [رواه أحمد: 25013، وأبو داود: 4798، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2643].عندما يكون هناك طلاقة وجه وتواضع ولين جانب واحتمال أذى وعفة اللسان فهذا سيكون له أثر كبير جداً والتبسُّم، فإذا رأيته فابتسم في وجهه.
تراه إذا ما جئته متهللا | كأنك تعطيه الذي أنت سائله |
وأبشر بقول النبي ﷺ: حُرِّم على الناس كل هيّن ليّن سهل قريب من الناس رواه الترمذي وهو حديث صحيح. الترمذي: 2605، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3135].
المفاكهة بضوابطها الشرعية
ومما يوصى به كذلك المفاكهة بضوابطها الشرعية، مع الزحام مع تغير المزاج، مع الضغط، الإنسان إذا تلطف مع الآخرين بكلام جميل حتى يدخل السرور عليهم؛ لأن هذا الحج فيه ضغوط نفسية تأتيك وتعب وإرهاق وناس أحيانًا لم تنم ساعات متواصلة، وإذا انضاف إليها حر وانتظار على الأقدام مدة طويلة والذين يقفون ساعات وينتظر أحيانا القطار وينتظر الحافلات والحرم وإذا جاء للطواف أغلقت الأبواب وانتظر خارج حتى يرجع يفتح الأبواب حتى يدخلوا، وسبحان الله هذه الأشياء تحتاج إلى فقه، فمثلاً مرت علينا سنوات كنا نعلّم الحجاج أنه إذا اقترب نصف الليل وما وصلتم مزدلفة صلّوا في الحافلة، المغرب والعشاء؛ لأن نصف الليل آخر وقت العشاء، أنت تجمع نعم، لكن تجمع جمع تقديم أو جمع تأخير، لكن ما تجمع الصلاتين بعد نهاية الصلاة الثانية بعد أن ينتهي وقتها، لكن أنا ما كنت أتخيل أن نقول لهم: اجمعوا في يوم اثنا عشر حتى جاءت في سنة من السنوات طلعوا بعد الزوال بعد ما رموا يوم اثنا عشر طلعوا بعدما رموا تقريبا قبل العصر، خرجوا صلوا الظهر في منى ورموا يوم اثنا عشر وركبوا الحافلات وخرجوا إلى الحرم لطواف الوداع حصل أن بعضهم مع الزحام تأخر حتى كادت الشمس أن تغرب وصار عندنا مسألة جديدة في ذلك الموسم صلاة عصر يوم اثنا عشر في الحافلات ومواجهة الحالات تحتاج إلى فقه تحتاج إلى معرفة بالأحكام، ولذلك أوصي والله وبقوة أوصي وأؤكد وأناشد وأرجو أن إخواني يستعينون بمشرفين شرعيين يوزعونهم في الحملة أو على الحجاج عندكم مثلاً معهد الحرم عندكم دار الحديث الخيرية، عندكم جامعة أم القرى وعندكم من جنسيات مختلفة حتى لو تريد طلاب علم يتكلمون بلسان الجاوي ستجد، سواحلي أفريقي ستجد، مكة جامعة هذه تجمع، فعندما تقدم لهم طلاب علم يرشدونهم، هذه أعظم والله من الأكل والشرب والتكييف والحافلات لأنه هو في النهاية هو لماذا جمع ماله؟ هو آت لأول مرة ربما المرة الوحيدة يمكن ما يستطيع يعود بعد ذلك لو حج خطأ لو ترك ركنًا ورجع إلى بلده وهذا ما يجبر الدم، الواجب يجبر بدم، لكن الركن ما يجبر بدم إذا راح ركن كيف يرجع يسويه ولذلك حط في الاعتبار أعظم مهمة أنك تخلي الحاج يحج بشكل صحيح، طبعاً أنت تقول لي: بعض الحملات معهم مشايخهم ويأتون معهم بالمفتي من بلادهم، صحيح لكن ليس دائمًا والذي يأتي أحيانًا ما يكفي يمكن ضغط كبير العدد تأخذ خمسة آلاف مثلا يمكن ما يكفيهم، ثم هذا يحتاج إلى مساعدين أيضًا، وحتى لازم نراعي فيها مثلا هذا حملة من شمال أفريقيا على مذهب مالك أنت ما هو شرط أنك تجيب لهم واحد يلخبطهم ويعطيهم مذهب آخر بل لا بد أن تراعي، ولذلك طالب العلم يستطيع أن يعرفهم، طالب العلم يعرف المذاهب يعرف مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وهؤلاء جاؤوا من أي بلد هؤلاء أحناف، هؤلاء شافعية، هؤلاء مالكية، هؤلاء على ماذا، فيمكن أن يرشدهم بدون تضارب في الفتاوى في الحملة، ولكن في كثير من الأحيان لا تجد أحداً يخبر فتجد واحد يسأل عندما يمر مركز الحجاج التائهين أو الحاج التائه في العمل كثير يحتاجون إلى من يرشدهم ويعلمهم، ماذا يفعلون، هذه قبل هذه؟ هذه كم؟ شكيت في الطواف؟ شكيت في الرمي؟ والمشكلة أنه أحياناً من يسأل أطول لحية، ليس هذا هو المعيار، ولذلك أكبر خدمة تؤديها هي أكبر خدمة والله أكبر من خدمة التكييف والأكل والبوفيه والسيارات والحافلات والتسكين والتفويج، أكبر خدمة أنه يرجع من الحملة من عندك من مؤسسة الطوافة وهو حاج يشكل صحيح وإذا رجع وحجه صحيح على السنة، والله هذا المكسب العظيم وهذا الأجر الكبير، وهذا الفضل الواسع، وأكبر خدمة تؤديها له، ولذلك أؤكد عليكم، قد تحتاج إلى الأشياء الإرشادية أحيانًا مطويات توعوية،
والآن وزارة الحج تصدر، ووزارة الشؤون الإسلامية تصدر، جهاز الإرشاد والتوجيه في الحرس الوطني، في الأمن العام عندهم أشياء كثيرة، مراكز توعية الجاليات عندكم في مكة، استثمروها، مراكز توعية الجاليات، عندكم منشأة عظيمة مؤسسة عظيمة اسمها: تعظيم البلد الحرام، أنا أقصد أن تعاون المؤسسات مع بعضها البعض سيولد لنا فرص ويعطينا مكاسب ويعطينا أشياء نافعة والفكرة التي أنت ما فكرت فيها فكّر غيرك فيها، والابداعات في هذا الجانب كيف نخدمهم؟ كيف نفهم؟ كيف نوصل إليهم؟ كيف يرجعوا من عندنا بسمعة حسنة عن البلد وأهل البلد وعن المشاعر وعن الدين وعن التوحيد؛ لأنه هو آت معتقد أن هؤلاء مهد الصحابة وكل شيء هنا، الكنز هنا، فليخرج بانطباع صادق فعلاً، ما جاؤوا هكذا فقط الحج بسرعة، لا، حج على السنة وعلى الدين وبعد ذلك إذا رجع وقد عرف أشياء كان يجهلها وعرف سننًا ما كان يعرفها، وعرف أحكاماً وعرف من شأن عقيدته والدين والتوحيد وعرف التوبة، أحياناً يأتي بعض الحجاج يتوب هنا، ربما سنوات طويلة مشحون بالذنوب والمعاصي الآن أتى ليفرغ، الآن عنده شحنات، فعندما يحسن استقباله بمن يعظه ويوجهه يرشده ينصحه، هذا المكسب الكبير لما يرجع من عندنا وهو بغير الذي جاء به خلاص الطمأنينة والسكينة، فكيف إذا جمعنا إلى ذلك حُسن التنظيم وحُسن الإدارة وحُسن الإطعام وحُسن المبيت، حتى كما قلنا صفوف الصلاة، الأماكن داخل مكان النوم، والله تكون المكاسب عظيمة وانظر الاعتناء بالفتوى عندما تقدم للحجاج بشكل صحيح، والجهات الرسمية هناك عندها منجزات كبيرة في هذا، كم يا تُرى ملايين طُبعت وفيه أفكار جميلة، فيه مواقع ممتازة عن الحج فيها خريطة الحج وتضغط على هذا المكان يعلمك هذا مثل الخريطة تبدأ بماذا من طواف القدوم أو طواف العمرة للتمتع وما بعده وأنت ماشي، ومنى نصلي فيها الظهر يوم التروية، ثم إلى عرفة وكل واحدة فيها واجبات وفيها أركان وفيها مستحبات، فأذكر من الأفكار التي صارت: شرائح عن طريق بعض شركات الاتصال أول ما الحاج يشتري الشريحة في المطار ويركبها في جواله يظهر له مباشرة برنامج الحج كيف يحج حجًا صحيحًا؟ الأفكار كثيرة لكن تحتاج المسألة إلى همّة تركيز إخلاص، الحمد لله أنتم عندكم خبرة أنتم أهل الميدان، أنتم أهل التجربة، أنتم في الخضم مراعاة فن علاج المشكلات، الفطنة، السرعة، أنا قلت: الفتوى؛ لأنه تحصل أحياناً والله أشياء مؤلمة، مضحكة ومؤلمة، واحد راح قال: أنا أستغل الوقت أذهب أطوف الوداع صباح يوم اثنا عشر وبعد ذلك أرجع أرمي، يظن أن هذا استغلال وقت، يقول راح سأل واحداً قال له: لا، ما يصلح، لازم الآن تعيد طواف الوداع، وهذا صحيح ليته سكت هنا، قال له: لكن لحظة طواف الوداع الخطأ الذي فعلته لازم تمسحه، قال له: كيف أمسحه؟ قال: طُف سبعة بالعكس! يعني لو واحد فقط يدرك كارثية مثل هذا الكلام يعني شيء على غير علم وعلى جهل ماذا سيقع من ضرر هذه المصيبة عليه وعلى غيره؟ الآن من جهود المسؤولين في سنوات مضت كان الطابق الأرضي في الجمرات مفتوح مكشوف يوم العاشر من جميع الجهات ولذلك كان فيه حجاج يرمي الصغرى والوسطى يوم عشرة، ويوم عشرة ما فيه صغرى ووسطى، ما فيه إلا العقبة فقط، في سنة من السنوات حاج عربي يبغى يرمي الوسطى، وواحد حاج هندي أعجمي يعرف السنة يحاول أن يثنيه أنه ما يرمي، وذاك مصر، وهذا مسكين يريد يشرح له، وفي الأخير هذا الحاج الهندي قال: شف رفيق هذا شيطان مكتب سكّر بكرة يفتح بعد الظهر! ارجع غداً بعد الظهر الآن لا يوجد والآن الحمد لله رجال الأمن الموجودون يوجهون الحجاج، لا رمي للصغرى والوسطى يوم عشرة، لكن المفروض يطلع من حملتك ومؤسسة طوافك وهو فاهم أين يذهب؟ وماذا يفعل؟ ولا يكون كالتائه لا يدري ما يفعل.
ولذلك الاهتمام بدين الناس قبل دنياهم فكيف إذا جمعنا اهتمام بالدين والدنيا؟ الاهتمام بحل مشكلات الحجاج، الضرر يزال، قد تصير خصومات والله تصلح بين اثنين في الحج يعني تجمع في العبادة هذه بين شرف المكان والزمان في العبادة العظيمة، الشورى طبعاً هذه مبدأ أصيل عظيم يؤخذ به مراعاة أحوال الناس وإنزالهم منازلهم عندك في الحملة، ناس مستويات مختلفة كذلك التذكير بمقاصد الحج أنه أول شيء الحج للتوحيد أول شيء وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا [الحج: 26]، اللهم حج لا رياء فيها ولا سمعة رواه ابن ماجه: 2890، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1302]. الإخلاص في الإعلان لهذا المبدأ العظيم، العبودية لله، واحد ترك الثياب والنساء والطيب تارك المباحات، ترك وطنه وأتى إلى هذه المشاعر، "لبيك اللهم لبيك" تحقيق التسليم عندما تكون سبعة، ولذلك نحن نشرح للناس نقول له: تعال يا أخي الحصاة التي تشك فيها لها خمسة أحوال:
أولاً: أن تكون متأكد أنك رميت وما وصلت لا تعد.
ثانياً: متأكد أنها ما وصلت تعيد.
ثالثاً: يغلب على ظنك أنها ما وصلت تُعيد.
رابعاً: يغلب على ظنك أنها وصلت لا تُعد.
خامساً: 50% تشك تعيد.
يفقه ويفهم عنك إنما جعل الطواف بالبيت والرمي والسعي وعرفة وكله لإقامة ذكر الله، ألا تراه يقول: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [البقرة: 200]. التلبية ذكر، الطواف، المرور على الحجر الأسود، بسم الله والله أكبر ذكر، ربنا آتنا في الدنيا حسنة بين الركنين ذكر، وفوق الصفا ذكر، الله أكبر نصر عبده وأعز جنده فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 198]التكبير مع الجمار أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله يعني يذكرهم بالمعاني ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32].
وكذلك أيضاً هذه فرصة أنتم الآن مؤسسات طوافة أنتم عندكم جنوب شرق آسيا وشيء من البلاد العربية وشمال أفريقيا وأوروبا والجمهوريات من جهات روسيا وغيرها أيش تعني هذه؟ صحيح أن كل واحد فيكم متخصص في حاجة يقول: أنا والله عندي بنغلاديش، أنا عندي نيجيريا، أنا عندي مصر، أنا عندي الجزائر، أنا عندي كازخستان طاجكستان، لكن في النهاية النتيجة من الجمع هذا عالمية الإسلامية أن المسلمين أمة واحدة، ولو كانوا عندك نوع واحد أو بلد واحد أو عرق واحد، لكن انظر إليهم في عرفة إذا اجتمعوا وتعميق الأخوة الإيمانية، يعني كل واحد بحاجه لما يذكّرهم، أنتم أصحاب تخصصات أنتم عندكم أشياء تخصصية في أنواع الحجاج، كذلك أن هذا الحج واليوم الآخر أنظر الذي أنت عليه يوم القيامة، يأتون عراة غرلاً بهماً حفاة [رواه البخاري: 3349، ومسلم: 2859]. فلباس الإحرام يذكرنا الكفن، والتربية على التقوى و لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37].
أهمية التنظيم، الإرشادات، التواصي بين الوزارة والمطوفين، والمؤسسات والمرشدين، ومديري الحملات والمسؤولين في الحملات هي عملية تكاملية فيها عملية تنظيمية، فيها تغطية شاملة، فيها وضوح، فيها توازن بين الصلاحيات والمسؤوليات، فيها استثمار أمثل للإمكانات المتاحة، لازم تكون جوانب الاتصالات جيدة، التخطيط اليومي، البرنامج اليومي، التفقُّد المسبق واليومي للمخيمات من اهتمام بالنظافة، الأشياء الصحية، الدروس، المصلّى، مكان النوم، حتى والله بعضهم يقول: أنتم الآن المصاحف التي نقرأ فيها قراءة حفص عن عاصم يقول: أنتم عندكم حجاج بقراءة ورش يقرؤون، هل فكرت أن تأتي لهم بمصاحف على قراءة ورش من مجمّع الملك فهد في المدينة على نوعية حجاجك؟ أقصد أن الذي يهتم سيصل إلى دقائق الأمور، من إخلاصه بإفادة الحجاج وحتى استثمار أوقاتهم وأماكن الوضوء والطهارة، كل شيء والنساء، النساء الواجب نحوهن واجب عظيم.
وكذلك مسألة التحذير من المعصية في هذا المكان الخطير وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج: 25]. صحيح السيئة ما تضاعف عدداً لكن تضاعف قدراً، وكماً تعظم .
أكتفي بهذا القدر من التذكير وأسأل الله أن يعينكم وأن يسددكم وأن يأخذ بأيديكم لما يحب ويرضى ويحسن خاتمتنا جميعاً.