الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد: فإن الله قال لنا في كتابه العزيز: وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ [الأنعام: 153]، فقد أكمل الله الدين يوم أن قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3]، وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا [الأنعام: 115].
الأمر بالاعتصام بكتاب الله القويم
وينبغي علينا أن نرضى ما رضيه الله لنا من هذا الدين، وأن نتّبعه وأن نستمسك به كما قال: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام: 153]، فأمرنا بالاعتصام بحبله وعدم الاختلاف والفرقة فصراط الله واحد لا غير وسبيله الحق المبين.
وتأمل كيف جمع الظلمات وأفرد النور فقال: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: 257]، فالظلمات متعددة سبل متعددة لا تتبعوا السبل، لكنه وحّد الصراط فقال: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي واحد الطريق الموصل إليه كما قال ﷺ: هذا سبيل الله مستقيمًا وخطّ خطوطا على الأرض عن يمينه وشماله ثم قال: هذه السُّبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ الآية: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا [رواه أحمد: 4437 ، وحسن إسناده محققه الأرنؤوط: 4437]. ومنذ أن بدأ هذا الدين وأعداؤه يكيدون له، يريدون الانحراف، يريدون التغيير في هذا الدين؛ كي لا يبقى على ما أنزله الله، ولكن أهل الإسلام تصدوا لهم، وكانت السُّنة كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق، وكان طريق السلف العِصمة؛ وهو ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه، علمًا وعملاً، اعتقادًا وسلوكًا ظاهرًا وباطنًا، وهكذا سارت الفرقة الناجية والطائفة المنصورة على هذا المنوال، تتمسك بحبل الله وتقاوم الانحرافات، وكانت الانحرافات كثيرة وكثيرة جدًا، فلما كانت تخرج على المسلمين خوارج تقول إنه يوجد في مصادر العلم أشياء غير الكتاب والسُّنة وإجماع المسلمين، تارة يقولون: العقل والفلسفة وعلم الكلام، الرؤى والأحلام وهكذا، فقام علماء الإسلام يبينون أن المصادر الصحيحة هي: هذا الكتاب وهذه السُّنة، ويحتجون بما أجمع عليه المسلمون، يقولون: الحجّة كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وإجماع المؤمنين، فرفضوا أدلة أتى بها أهل البدع لإدخال باطلهم؛ لأنهم لا يمكن أن يدخلوا باطلهم من الكتاب والسنة صريحًا هكذا، فلا بد أن يُدخلوا مصادر أخرى حتى يستطيعوا من خلالها أن يروِّجوا باطلهم، لما ظهر في الإسلام من يستدل بطرق منحرفة، طرق استدلالية باطلة، ظهر من أهل الإسلام من يرد عليهم ويبين لهم طرق الاستدلال الصحيحة، كيف يكون الاستدلال بالقرآن بالسنة، وليس الاستدلال بالعقل المجرد مثلاً، ليس الاستدلال بالأهواء والأذواق مثلاً، وكذلك حاول أهل الباطل أن يروّجوا أن هناك طرقًا خفية يأتي عبرها العلم، تارة يقولون أشياء لدُنية، وقلبي عن ربي، ونحو ذلك، فكان أهل السنة يقفون لهم بالمرصاد، أهل الأثر، أهل الحديث، أهل الإسلام، الفرقة الناجية، الذين كانوا على ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه كما قال: ما أنا عليه وأصحابي تمسكوا بها، وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور.
وكان أهل الإسلام يتبعون ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه والسلف الصالح، فهم أوعى الأمة وأفهم الأمة، وأعلم الأمة، وهم الذين شهد لهم النبي ﷺ بالخيرية، خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم [رواه البخاري: 2651، ومسلم: 2533]. لما ظهر في الإسلام نفَس الاعتراض على النصوص قاوم أهل الإسلام هذا، لما ظهر في بعض المنتسبين للملة نَفَس الاعتراض على النصوص، إلقاء الشبهات، الإتيان بزعمهم بحجج عقلية، مشاغبة على النصوص ومحاولة ضرب النصوص بعضها ببعض، يأتون بالمتشابَه، يأتون بالمنسوخ فيستدلون به، يأتون بالعام الذي له تخصيص يطردونه، يأتون بالمخصِّص فيعممونه، يأتون بالقيد فيطلقونه، وهكذا، صار هناك طرق لمحاولة الدَّس في الإسلام، وأن يُدخلوا فيه ما ليس منه، فقاوم أهل الإسلام هذا، وقالوا: هذه مصادرنا؛ كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، فهم الصحابة والسلف، إجماع المؤمنين، وقالوا: أما النصوص فإننا نسلّم لها ولا نطعن فيها، لا بعقول ولا بآراء ولا بأهواء ولا بخيالات ولا بمنامات ولا حدثني قلبي عن ربي، ويقولون سمعنا وأطعنا.
وكذلك لما صار في بعض المنتسبين أيضًا للإسلام من يشق العصا بأنواع المعاصي كان الوعظ يعمل عمله ويفعل فعله ولما حاول بعضهم الفصل بين القرآن والسنة يقولون: نحن نأخذ بالقرآن فقط والسنة ليس لنا دخل فيها وما علينا منها وطعنوا في السنة، قام أهل الإسلام يقولون: السنة وحي وتستقل بالتشريع، وربما تأتينا مسألة ليس فيها دليل إلا من السنة وقد قال الله: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [الحشر: 7]، والنبي ﷺ قال: ألا إني أوتيتُ الكتاب ومثله معه [رواه أحمد: 17173، وأبو داود: 4604، وصححه الباني في صحيح الجامع الصغير: 2643]
وقال: وإن ما حرّم رسول الله كما حرّم الله [رواه الترمذي: 2664، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2657]، مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء: 80]، كما قال ربنا، وهكذا.
حاول بعضهم أن يضع أحاديث ليستدل بها يقول: أنتم تقولون: سنة، خذوا، وضعوا أحاديث فتصدى لهم أهل الإسلام وبينوا زيفها، ولما حاول بعضهم أن يأتي بالضعاف ويعتمد عليها بيّن أهل العلم حالها، لما حاول بعض المبتدعة أن يضربوا النصوص بعضها ببعض قام أهل العلم يبينون كيف الجمع بين النصوص، هذا عام وهذا خاص، هذا مطلق وهذا مقيد، هذا ناسخ وهذا منسوخ، وأنها لا تتعارض، وأن الكل من لدُن حكيم عليم خبير، وسار الأمر على ذلك حتى خرجت فرق في الإسلام، منهم من ابتدع في القدر، وهو ركن من أركان الإيمان قالوا: كل واحد يخلق فعله بنفسه والله لا يخلق أفعال العباد، وقال ربنا في كتابه: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات: 96]، لكن العبد له إرادة يحاسب عليها، في النهاية هو وما يختار، وهو وإرادته من خلق الله، لكن العبد يختار، عنده إرادة، وله حرية.
لما ظهرت بدعة الخوارج وقاموا على أساس الغلو في الدين والله قال لأهل الكتاب: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [النساء: 171] ولن يُشادّ الدين أحد إلا غلبه [رواه البخاري: 39].
والغلو قد يكو في الاعتقاد وقد يكون في السلوك، ليس فقط في السلوك، قد يكون في العقيدة، وقد يكون الغلو في الأشخاص أيضاً، كما فعل بعض ضلال الصوفية، ولما خرج هؤلاء كانوا أصحاب عبادة لكن بلا فقه ولا علم، من جهلهم يأخذون آيات أنزلها الله في الكفار فيجعلونها على المسلمين، وهذه كانت من أكبر طوامهم وانحرافاتهم، فجعلوا يستبيحون دماء المسلمين، يقتلون المسلمين، وابن عباس يحاجُّهم والصحابة يحاورونهم، ثم قاتلوهم في النهاية ونصرهم الله عليهم، وكان ابن عباس يقول: أنتم تستحلون، أنتم الآن تكفِّرون صحابة رسول الله ﷺ وتستحلون دماءهم، وتقولون: بناء على الاستحلال أن نساءهم سبي! من يأخذ عائشة في رحله، وصارت عندهم مصيبة تكفير أعيان المسلمين بالذنوب والمعاصي، التكفير بما ليس بذنب أصلاً، التكفير بالظن والشبهة والأمور المحتملة، التكفير في المسائل التي يسوغ فيها الاختلاف والاجتهاد، يعني المسألة اجتهادية، يجوز أن يختلف فيها عالمان، تكفّر الآخر، تكفير بدون الالتفات إلى الموانع؛ لأن الواحد قد يجهل فلا يُحكم عليه بالكفر، قد يكون مُكرهًا ولا يُحكم عليه بالكفر، هناك عوارض للأهلية تمنع من الحكم بالتكفير على الشخص المعين، جاهل، مكره، ذاهل ناسٍ، هؤلاء ما عندهم، وقد يكون له تأويل معين، لا ينظرون في كلامه، وعندهم التكفير باللازم والمآل، يعني: إذا كان يلزم من قوله شيئًا ممكن يكفره بناءً على اللازم وليس على ذات القول، إلى أن وصل الأمر في زماننا هذا إلى تكفير من ليس معهم، مع أنه قد يكون من أهل السنة ويقاتل من أجل الإسلام، لكن مادام لست معنا ولست تحت راياتنا أنت كافر حلال الدم والمال، وهكذا.
فتنة القول بخلق القرآن
ظهرت في تاريخ المسلمين بدع كثيرة مثلاً القول بخلق القرآن تصدّى لهم أهل الإسلام وقالوا لهم: إن كلام الله منزل غير مخلوق، كيف يكون مخلوقًا وهو صفة من صفات ، وردوا عليهم بالأدلة الكثيرة.
وظهرت فرق كثيرة في الدين تطعن مثل المرجئة؛ الذين خالفوا أهل السنة في أصول الإيمان، وقالوا: الإيمان فقط في القلب، حتى القول بعضهم قال: ليس لازمًا، وقالوا: العمل ليس شرطاً أصلاً في الإيمان، حتى لو واحد لا صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج ولا ولا ولا وهكذا ذهبوا إلى أن الإيمان يكفي أن يكون المعرفة، أبو جهل يعرف الله، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان: 25]، وترتب على مبدئهم هذا فساد عظيم، إدخال من ليس في الإيمان في الإيمان، فقام أهل السنة وتصدوا لهم قالوا: الإيمان قول وعمل واعتقاد، وأيضًا قال أهل السنة: إن جنس العمل شرط في الإيمان، واحد ما يعمل ولا عمل، ثم يدعي أنه مسلم؟ لا يذكر الله ولا يدعو ولا يتلو ولا يصلي ولا يسجد ولا يصوم، هذا كفر التولي والإعراض.
وكذلك ردوا عليهم بأن الكفر ليس فقط الجحود، وإنما قد يكون الكفر بالفعل وبالترك وبالشك، لا ينحصر بالتكذيب، قد يعتقد شيئًا فيكفر به، قد يقول شيئًا فيكفر به، قد يفعل شيئًا فيكفر به، يشك في شيء فيكفر، مر علينا من الواقع؛ أنا أذكر أن هناك واحد من الطلاب في الجامعة قال مرة في حوار، وصل إلى مرحلة نقطة في الحوار قال: أنا أصلاً أصلي احتياطاً، قلنا: كيف احتياطاً؟ قال: إذا كان هناك يوم آخر نأخذ جزاء وإذا لم يكن لم نخسر شيئاً، هذا الرجل كافر خارج عن الملة قطعاً بلا ريب مع أنه يصلي بمجرد شكه في البعث؛ لأن هذه المسألة ما تقبل الشك أبداً في الدين ومن شك في البعث خرج عن الملة، هذه قضية يقينية اعتقادية.
خطر فتنة الإرجاء على الأمة
وهذه روح الإرجاء سرت في الأمة واغتالت من اغتالت وانحرف بسببها من انحرف وصار الدين مجرد كلمة، بعضهم يكفر ويفعل وبعد ذلك تأتي تريد أن تنكر يقول لك واحد: لماذا يا أخي؟ يقول: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله لها شروط، لها نواقض، ليست مجرد دعوة باللسان، ويترتب عليها تهاون في العبادات في الفرائض، تزهيد الناس في أشياء من الدين، وأن هذا أصلاً ليس شرطاً في الإيمان، وهذا ليس شرطاً في الإيمان، وهكذا، وصارت الاستهانة بقضية تحكيم الشريعة، حتى لو حكّم غير شرع الله ما دام هو يقول: لا إله إلا الله لو حكم القوانين الأرضية ونحو ذلك.
ظهور بدعة المعتزلة والاحتكام للعقل
وخرج أيضا المعتزلة الذين أتوا ببدعة خطيرة جدًا وهي قضية تقديم العقل على النقل، الاحتكام إلى العقل، جعل العقل هو الأصل، ما اعترف به العقل يعترفون به ما لم يعترف به العقل لا يعترفون به، هذه المدرسة التي جعلت العقل مقدّسًا وإليه المرد والنصوص تعرض على العقل، وإذا وافق النص العقل يُقبل، وإذا ما وافق العقل لا يُقبل، أي عقل؟ عقل من الذي يُحتكم إليه؟ قالوا: لا، العقل هو الطريق الوحيد الموصل إلى الحقيقية، وصاروا يتناقضون؛ لأن عقولهم ليست واحدة، بذروا البذرة وصار ممكن أي واحد يطلع ويرد أشياء من الدين ما يعجبه، حد الردة ما يعجبه، حد الرجم ما يعجبه، نصوص يأجوج ومأجوج ما تعجبه، يقول: الدجال خرافة، فنتج عن ذلك نفي اشياء من الدين تكذيب أشياء من الدين اعتماد أقوال الفلاسفة، إنكار خبر الآحاد الصحيح، وحديث عن النبي - عليه الصلاة والسلام - ولو ما كان فيه إلا راوٍ واحد في أي طبقة من طبقات السند إذا جاء الثقة بالخبر يُقبل شرعًا، الصحابة كانوا في مسجد قباء جاءهم واحد قال: "تغيرت القبلة" [رواه مسلم: 527]. غيروا جاء الثقة بخبر يُقبل، لكن إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6]، وإذا ما كان فاسق؛ ثقة فلا تحتاج إلى أن تبين نأخذ بخبره، المهم هؤلاء جعلوا أدلة وبراهين ما أنزل الله بها من سلطان وبعدما قالوا بتقديس العقل، إنكار التشكيك في أصول العقيدة بحجة أن هذه ليست متواترة، وهذه كذا وهذه ما يقبلها العقل، ولذلك نفوا أشياء في معجزات الأنبياء، نفوا أشياء تتعلق بالوحي، نفوا أشياء تتعلق بالجن، نفوا أشياء تتعلق بالملائكة، شككوا في غيبيات، إلى أن وصل الأمر أن قال بعضهم: لا توجد جنة ونار حقيقة، لكن هذه مجرد رمزية لأجل تحميس الناس لعمل الخير، وهذا على أساس أنهم يخوفون الناس فلا يعملون شراً، وإنكار معجزات الأنبياء وإنكار حدود شرعية، وقالوا: هذا الانفتاح الفكري وهذا الرأي وهذا زمن العقل وهكذا.
الأمة تمضي في طريقها ومسلسلات الانحراف لا تتوقف، فإذا بالعلمانية المعاصرة تطل علينا، وهذه منها علمانية الإلحاد التي تنكر وجود الله، وعلمانية تُقر بوجود الله، لكن تقول: لا دخل له بالناس، ولا بحياة الناس، الناس يشرّعون لأنفسهم، الناس يشرّعون في المعاملات بينهم، والخالق ليس له دخل في المخلوقين! وهذه أيضا بدعة خطيرة وخطيرة جدًا أن يوجد مثل هذا، قام أهل الإسلام يبينون أن الدين منهج حياة وأن الله قال: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162]، وأن لله حُكمًا في كل شيء، وأن الله سكت عن أشياء إباحة، ليس ربنا بنسي، ولا يعزُب عنه مثقال ذرة، ولا تخفى عليه خافية، فإذا سكت ربنا عن شيء فهو على الإباحة على الأصل، الأصل الحل، الأصل الإباحة، وإذا أمر بشيء فلا مناص من طاعته.
فردّ أهل الإسلام على العلمانية الملحدة في إثبات وجود الله بالبينات، وعلى العلمانية الأخرى التي تقول: لا دخل للدين في شؤون الدنيا، وقال أهل الإسلام: هذه الآية: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [الأنعام: 57]، وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى: 10]، مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: 38]، مضينا ومضينا حتى أطلّت علينا في هذا الزمن أنواع من الانحرافات والشعوذات العصرية بمناهج باطلة قائمة على وثنيات الشرقيين وإلحاديات الغربيين، وشركيات وشعوذات ودجل، كما صار في مبدأ الطاقة وقوة الحياة، الطاقة الكونية، وأن هناك طاو أو عقل كلي، أو مصدر للطاقة يفيض على العالم، وفلسفة الأجساد السبعة، وأن هناك جسد بدني وأثيري، وإلى آخره، وأن هذا يحيط بالإنسان، وهناك شكرات تستقبل الطاقة، وإذا اتحدّت أنت مع مسارات الطاقة ستجلب لك ما تريد شفاء سعادة ثراء إلى آخره، وفيها مدارس مثل: قانون الجذب المزعوم الذي يحول الإنسان إلى خالقه، وأن بإمكانك أن تخلق ما تريد، تخلق ثروة تعمل تقرر مستقبلك، أنه سيحدث كذا، أخلُق مستقبلي بنفسي، أخلُق كذا بيدي، أخلُق شفائي، أخلُق ثرائي، أخلُق سعادتي، وظهرت أشياء عجيبة؛ هرم الطاقة، طرق في العلاج ما أنزل الله بها من سلطان، نتذكر فيها قول النبي ﷺ: قد تركتكم على البيضاء الملة المحجة الواضحة الشريعة ليلها ونهارها سواء لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك [رواه ابن ماجه: 5، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 688].
وقال ﷺ: من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا [رواه أحمد: 17142، وأبو داود: 4607، والحاكم: 329، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 2549]، ورأينا الاختلاف والله، رأيناه من مسألة الربوبية في الملاحدة الذين أنكروا وجود الله، رأيناه في الشرك في الألوهية، والذين يسألون الأموات ويستنجدون بالمقبورين ويستغيثون بغير الله ويطلبون الشفاء من ميت والمدد والولد والمال والزوج والزوجة ونحو ذلك، وجدنا من اعتدى على أسماء الله وصفاته وعلى خصائص الله تعالى في علم الغيب فقالوا: إن لهم أئمة يعلمون الغيب، اعتدوا على مصادر الشريعة لما قالوا: أئمتنا الاثني عشر يشرّعون مثل الكتاب والسنة، وقول أي إمام من الأئمة الاثني عشر مثل الكتاب والسنة، مثل الآية والحديث، بل أقوال الأئمة ممكن تنسخ الكتاب والسنة، تنسخ الآية والحديث، وردت إلينا ثقافات من حضارات أخرى، بدون تفتيش دخلت على بعض المسلمين أمور من الجاهلية في الحقيقة، والنبي ﷺ غضب لما رأى في يد عمر صُحُفا أو أشياء من تلك التوراة، وقد حرّف اليهود ما حرّفوا قال: أمتهوّكون فيها يا ابن الخطاب متحيرون في دينكم حتى تأخذوا من ديانات أخرى، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني [رواه أحمد: 15156، وحسنه الألباني في المشكاة: 177].
النبي ﷺ ما قصّر في البيان والإبلاغ أبدًا، وكل أنواع التحذيرات أطلقها، وقال لنا: لتتبعن سنن من قبلكم السنن الطرق شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: ((فمن؟)) [رواه البخاري: 3456]. يعني: من غيرهم أعني.
دخلت علينا ملل ونحل فلسفات شرقية؛ من الصينية والهندوسية والبوذية والطاوية، دخل علينا العلاج بالطاقة والريكي واليانج واليان، دخلت علينا أحيانًا باسم برامج غذائية صحية، ماكرو بايوتكس وفي داخلها مبانٍ على انحرافات عقدية لا يعرفها إلا من يتدبّر، عنده علم، يفحص.
دخلت علينا قضية العلاج بالأحجار التي تسمى الكريمة باليوجا، دخل علينا التأمل الفلسفي، التأمل وإغلاق العينين للارتباط بالأرواح السبعة، بكواكب، إلى آخره استمدادات من أشياء من دون الله، هاجر كهان من الشرق إلى الغرب ونشروا وثنيات هناك، فانعجنت بإلحاديات الغرب وصُدّرت إلينا، تارة باسم الفكر المشترك، وتارة باسم العلم التجريبي، وتارة باسم الفكر الجديد، وتارة تحت رداء الطب البديل، وتارة تحت عنوان تطوير الذات والتنمية البشرية، وتارة عبر الأطروحات الروحانية، وأصلها هندوسيات بوذيات أخذت تطبيقات واشكال، وقُدّمت تحت عنوان دورات ووزّعت فيها ملازم وكتب، وانخرط كثيرون فيها، حتى أن أحد هؤلاء الكفرة دكتور "دوجيز شينج" في جامعة ولاية ميتشجن يقول: كثير من الناس يمارسون التشكي كونج والتاي شي شوان ونحوها يوميًا دون أن يعرفوا أنهم يمارسون الطاوية، والطاوية معروف مذهب وثني شرقي، أخذ بعض الصوفية من الهندوسية أو الهنادكة عقيدة وحدة الوجود، كل ما ترى بعينك فهو الله، أو الاتحاد؛ اتحاد الخالق بالمخلوق؛ أن الله - والعياذ بالله - أن الله حلّ في المخلوقات حلّ في الآدميين حلّ في البهائم حلّ في الجمادات، دخل في الإسلام أشياء كفرية خطيرة من جنس وحدة الوجود يعني لا يوجد فصل بين الخالق والمخلوق، الخالق والمخلوق شيء واحد أنت جزء منه الرب عبد والعبد رب ياليت شعري من المكلّف؟
ولذلك عندما يقول بعض هؤلاء الضلال في بعض الطرق سبحاني سبحاني ما أعظم شأني، هو يعتقد أن الله حلّ فيه، فلما هو يقول شيخ الضلالة يقول: سبحاني، عندما يقول الواحد منهم: إن فرعون كان صادقًا محقًا لما قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات: 24]، لكن موسى لم يفهمه!، موسى غابت هذه عنه!
دخل في الإسلام غلاة الصوفية تبنوا هذا، دخلت علينا فلسفات إغريقية، دخلت علينا فلسفات يونانية عبر الترجمة وغيرها، دخلت علينا الآن إلحاديات الغرب الحديثة، دخلت علينا حركة العصر الجديد ما يسمى بحركة العصر الجديد وأن الإله هو كل شيء والآلهة كل شيء وليس هناك وجود آخر، صار في قضية تأليه الطاقة، ما هي؟ الطاقة الفيزيائية والطاقة النووية والطاقة الكهربائية، لا، الطاقة على زعمهم واعتقادهم هم لكن سموها بالطاقة لتروج على الناس لأن كلمة طاقة كلمة علمية ممكن تمشي؛ وخصوصًا إذا جعلوا لها بعض الطلاء الفيزيائي مثلاً، وإلا لو قلت مثلاً: هناك طاقة في الكون طاقة ضوئية صحيح نظرياً، لكن ليس هذا قصدهم، قصدهم الطاقة التي تستمدها أنت فتجلب لك شفاء وسعادة وثراء و.. و.. إلى آخره، ما قصده الطاقة الكهربائية، ما قصده طاقة أشعة الشمس، لا، عشنا ورأينا كيف دخل علينا موضوع تأليه العقل الباطن، وأن العقل الباطن متصل بالوعي الكوني أو بالعقل الكلي أو بالطاو، ورجعنا مرة أخرى للمصيبة الكبيرة، وأن العقل الباطن فيه قدرات خارقة، وعندما تقرأ كلامهم في قدرات العقل الباطن تجد أنهم في الحقيقة يؤلهّون العقل الباطن أنه عندهم إله، عندما ترى ما هو العقل الباطن يسوي عندهم هذه الدورات عندما يشرح لك قدرات العقل الباطن تكتشف في الحقيقة في نهاية الأمر أنهم يعتقدون بأن العقل الباطن إله يخلق يرزق يشفي يوجد ما هو مثل الذكريات والأحلام والمشاعر مرتبطة بالعقل الباطن، لا، كان هذا شيئاً سهلاً، لو كانت هذه ممكن نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، أنت عندك ذاكرة وعندك كذا وفيه أشياء تخزن في شعورك وتسمي هذا الشعور أو النفس العقل الباطن كان الأمر سهلاً، لو قال واحد: الأحلام أين تُخزّن، وإلا الذكريات؟ وأن الواحد أحياناً يرى شيئاً فينساه، بعد ذلك فجأة يتذكره، هذه بسيطة، لكن لما تقرأ في كلامهم في العقل الباطن، لا، يزعمون أن العقل الباطن يعلم الغيب، أنه أنت بالعقل الباطن ممكن تأتي علوماً من المستقبل، يقول جوزيف ميرفي -هذا من أنبيائهم-: إن أحداث الماضي والغد مطبوعة في العقل الباطن لاحظ كلامه، هذا واحد من أنبيائهم، هذا الذي من كبار من تؤخذ عنهم الدورات اليوم، دورات العقل الباطن وغيرها، هذا جوزيف ميرفي له كلام كفري خطير جدًا، وهم يترجمون عنه الآن دورات كثيرة تؤخذ من كتبه وكتب غيره من الملاحدة، لكن كمثال: إن أحداث الماضي والغد مطبوعة في العقل الباطن، يعني العقل الباطن يعلم الغيب وأنت تأخذ أحداث الغيب من العقل الباطن! والله لما قال: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65]، عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا [الجن: 26] ، قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ [الأنعام: 50]، وأنت امض في كلامه كيف أن الواحد يخلق وأن أي شيء تتوقعه وتضع معه شعورك وأحاسيسك سوف يحدث في عالمك الخارجي، أنت فقط تخيل وركز وستخلقه وتوجده، هكذا يقولون لهم في الدورات، عقلك الباطن مصدر القوة يرشد الكواكب في مداراتها ويجعل الشمس تشرق! هذا من نصوصهم.
عشنا ورأينا ما يقدم للمسلمين من خلال بعض هذه الدورات من قدرات الإنسان الخارقة، قالوا: كل واحد فيه قدرات خارقة، ليتهم قالوا: ترى أنت ما تستعمل إلا جزء من عقلك، لماذا ما تنشّط ذاكرتك؟ لماذا ما تزيد محفوظاتك؟ أنت فيك طاقة عضلية لكن الكسل، كان قلنا: نحن معكم نشطونا، لكن، عندما يقول: إنك أنت يا إنسان فيك قدرات كما قالت نبيهم الاسترالية: you are the god أنت إله، أنت تخلق، أنت تتحكم بمستقبلك وتصنعه كما تشاء، أنت تتحكم بواقعك وتعينّه كما تشاء، أنت تتحكم بصحتك، تريد تمرض أنت الذي تمرض نفسك، تريد تشفى؟ أنت تريد أن تطيب؟ أنت الذي تشفي نفسك؟ تريد السعادة؟ أنت تجلبها، أنت تخلق، لو قالوا: هناك أسباب للسعادة من أخذ بها سعد كان لا بأس، لو قالوا: هناك أسباب للصحة من أخذ بها صح بدنه كان مشينا، لكن لا ما هو قضية تأخذ بالأسباب أنت تخلق الشفاء، وصل الأمر إلى قضية أن بعض هذه الأشياء التي تقدم الآن يدخل فيها مبدأ تناسخ الأرواح، العقيدة البوذية، الهندوسية التي عليها فرق الباطنية كالإسماعيلية والنصيرية والدروز التي وصلت عندهم إلى إنكار المعاد وإنكار الجنة وإنكار النار والطعن في الفرائض وإباحة المحرمات ما عندهم شيء اسمه المحارم هذه التي: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ [النساء: 23]، ما يأخذون بها أصلاً، ما في شيء اسمه صلاة يقولون: ما هي الصلاة؟ أن تقول خمس مرات، يقول: الحسن الحسين علي فاطمة، هذه خمس صلوات، والصوم كتم أسرار الطائفة، والحج الذهاب إلى شيخ الطائفة، الأركان الخمسة المتابع لبرامج وأدبيات حركة العصر الجديد هذا يرى تهاويل؛ لأن قضية العلاج بالطاقة والريكي قائمة على مبادئ واعتقادات من ضمنها: أن الإنسان لا يموت، العلاج بالطاقة قائم على مبادئ، ولا يكفي أن بعض المدربين يأتي بكلام ويحذف ويقول: هذا خطير، أو يضع كلمة إن شاء الله، أو مثلاً ذاك الكافر قال: الإنسان يخلق ما يشاء، يأتي هذا المدرب يضع: بإذن الله، ويعتبر هكذا مشت الأمور والبوية تمام، لا؛ لأن هذه أساس هذه أشياء أساسية إذا مشيتها من هنا تظهر لك أشياء ما يمكن تمشي.
العلاج بالطاقة والريكي قائم على مبدأ واعتقاد أن الإنسان لا يموت، وإنما يستمر في الحياة، لكن يظهر بأشكال أخرى.
فرقة الدهرية واعتقاداتها الكفرية
ما ظهر أصلاً في تاريخ المسلمين فرقة الدهرية، الدهرية يقولون: إن الكون يتكرر كل ستة وثلاثين ألف سنة بنفس الشخصيات ونفس الأوضاع والحوادث ،كل ستة وثلاثين ألف سنة يتكرر، ولا موت ولا بعث ولا جنة ولا نار ولا يوم آخر، هي دورات، قضية اعتقاد التقمص وتناسخ الأرواح، مات واحد شرير تطلع روحه تدخل في خنزير، مات واحد طيب تطلع روحه تدخل في حصان، ممكن تدخل روح واحد في جسد واحد ثاني وهكذا، قانون الجذب عندهم فيه اعتقاد أنك أنت تستطيع أن تجذب إليك الفقر والغنى والصحة والمرض بناء على عقيدة تناسخ الأرواح والكارما، لكن هذه أشياء ممكن تُخفى تُخبّأ وتؤول، لكنها مبادئ باطنية وثنية، وثنية واضحة، الكارما وعلاقتها بقانون الجذب، وفي الفلسفة الشرقية عند البوذيين والهندوسيين ما يصيب الإنسان من الأسقام والأوجاع نتيجة للكارما وما اقترفه الشخص في حياته السابقة، عندما يقول لك: الارتباط بين ما يصيبك من مرض أو حادث أو مصيبة وما اقترفته سابقاً بناء على اعتقادهم في تناسخ الأرواح، سئل أحد المدربين المشهورين من العرب -مع الأسف-: حسب مبدأ الكارما أن ما تفعله يرجع لك هل هذا يعني تصفية حساباتك في الدنيا قبل الآخرة؟ فأجاب: نعم في الغالب، طبعاً حركة العصر الجديد هذه تقوم على مسألة الاستغناء عن الوحي الإلهي لا حاجة للوحي، بل عندهم لا حاجة لله؛ لأنه أصلًا إذا أنت الآن تأخذ الشفاء والثراء وكلما تحتاجه من الطاقة والطاو والكلي وقانون الجذب، لماذا تلجأ إلى الله؟ فأنت إذا حققت كلامهم في هذه الأشياء تجده ينتهي إلى الاستغناء عن الله تعالى والحديث يقول: ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، إنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعجز وعورة [رواه الطبراني في الكبير: 4803، والبيهقي في الشعب: 744، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 398].
أما أن يقول هؤلاء أن الإنسان يكتشف أصله الإلهي، اكتشف أصلك الإلهي كما يقولون في بعض دوراتهم، والاستغناء عن الوحي الإلهي، وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ [الأعراف: 175]، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا [يونس: 108].
فكرة تبنّي مبدأ الحب العالمي
ومن انحرافات حركة العصر الجديد هذا أنه يدفع الشبان والشابات إلى تبنّي مبدأ الحب العالمي، وأنه لا يصح أن يوجد في الكون والدنيا كره أبدًا، وأن طاقة الحب لازم تملأنا جميعًا، لا بد أن تملأنا جميعًا ومعنى هذا عقيدة البراء من المشركين انتهينا، وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: 4]، لا، الحب في الله والبغض في الله لا يوجد، لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة: 1]، هو الآن هذا مبني على المودة للجميع، والله ينهانا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة: 1]، هؤلاء يقولون: لا، المودة للجميع، كل أفراد الجنس البشري، لابد أن يكون هناك محبة، الحب الحرية السلام هذه الشعارات المعروفة؛ الحب للجميع، يهودي نصراني بوذي شيوعي ملحد، الحب للجميع، والحرية المطلقة، تريد تسلم ما تريد تسلم، ما تريد تصلي تريد تصلى، حرية، الدين ليس دينك، الحرية المطلقة تريد تزني تريد تشرب الخمر، الحرية المطلقة، فقط ممكن يضيف إضافة يقول: بشرط الا تعتدي على حريات الآخرين، يعني إذا تراضيا هو وهي على الزنا ما في أي شيء عندهم هذا ما فيه اعتداء على حرية الآخرين هي راضية وهو راضٍ لكن هل يضيف كلمة: هل الله راضٍ أو لا أو يفكروا فيها؟ لا، فيقوم هذا التوجه الحديث على مسألة أنه جوهر الدين واحد، وكل الأديان السماوية وغير السماوية كلها تدعو للفضيلة، كلها تدعو للحب، كلها واحد وبالتالي إذا سألته: ما هو موقع الله، الملائكة، الرسل، الكتب، الأنبياء، اليوم الآخر؟ يقولون: هذه تصورات ذهنية بحتة ليس لها من الواقع نصيب، ويقولون: الدين المشترك بين كل البشر دين المحبة، دين الحكمة.
دعوات إلحادية تدعو إلى الشرك والكفر
تقديم أشكال جديدة للناس عبر علم الروحانيات، دعوات إلحادية كثيرة قائمة على المساواة بين الشرك والتوحيد والإسلام والكفر وقد قال الله: لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ [الحشر: 20] وقال: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم: 35 - 36].
ولذلك فإن القول بوحدة الأديان قول كفري وردّة صريحة عن الدين، قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران: 85]، وقال: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران: 19].
الحقيقة أن هذا التوجُّه الحديث يوافق هوى الشباب والشابات الذين يعانون من إحباط، لم يجد عملاً، لم يجد مالًا، ليجد شيئًا من إشباع نفسه الوهمي في هذه النظريات والأطروحات.
قانون الجذب ممكن يمشي مع كسلان، واحد أوضاعه الاقتصادية متردية ضيق المعيشة يريد حلاً، وهذا يقول له :خذ قانون الجذب أنت فقط ركز ذبذباتك مع ذبذبات خزينة البنك المركزي، الذي يتأمل ما تفعله هذه الأشياء من هدم عقيدة التوحيد.. الوقوع في الشرك، توحيد الطواغيت في الكلي الواحد، اسمه هكذا: الكلي الواحد.
بعضهم عندهم قضية إله الخير وإله الشر يوجد في بعضها الطاقة العلاجية عندهم المطلق، كذا اسمه المطلق أحياناً يسموه الوعي وأحياناً يسموه الوجود الكلي، أما مسألة تأليه الذات متقررة لديهم وإعطاء الإنسان بعض خصوصيات الربوبية، فالإنسان عندهم عبارة عن شرارة إلهية وجزء من الكل الإلهي، ويمتلك قدرات إلهية مدفونة بداخله، وأن غرض هذه الدورات والتدريب أن يوصلك إلى كمالك الذي تستخرج به القوة الإلهية الكامنة فيك، وبهذا تصبح ربًا بيدك السعادة والشقاوة والمرض والشفاء والموت والحياة، وبالتالي فإن أصول حركة العصر الجديد تقوم على إنكار توحيد الألوهية الذي هو إفراد الله بالعبادة، وإخلاص الدين لله، وألا يُشرك معه غيره، وإخلاص المحبة والخوف والرجاء والتوكل والرهبة لله تعالى وحده، فإذا كانت هذه الأشياء الحديثة بزعمهم تؤلّه هذا الإنسان فما عاد هناك داعي للعبادات القلبية أصلاً، لماذا يصير عندك رجاء لله ومحبة لله وخوف من الله وتوكل على الله إذا كان أنت تستطيع أن تفعل كل ما تريد؟ هم يلقنونه أشياء من خلال هذا الكلام، أنت لا تحتاجه، أنت لا تحتاج أحداً، أنت تخلق فعلك، أنت تخلق ما تريد بنفسك، مرة أخرى عبارة خطيرة جداً: الاستغناء عن الله وإن زعموا ذلك لكن في الحقيقة ما يمكن لأنه هو أصلاً إذا أراد الله أن يقبض روحه سيقبضه رغماً عنه سواء أراد هو والمدرب أو ما أراد لن يستطيع.
الترويج لفلسفات مأخوذة من الأديان الوثنية
أما الترويج لفلسفات مأخوذة من الأديان الوثنية والأجسام السبعة والمعروفة في الأديان الشرقية والجسم الأثيري المعروف في الأديان الشرقية والترويج لخرافة الطاقة الحيوية الكونية وطاقة الإبراء الكي، وجعل الشفاء بيدها والهدوء النفسي عندها كل ذلك شرك في الربوبية مأخوذ من هذه الديانات الوثنية، وعقيدة وحدة الوجود كما قلنا تأليه الطبيعة، تأليه الوجود، فيقولون: الوجود إله، الطبيعة إله ولذلك الآن يكثر في كلامهم في الأفلام الوثائقية: وهبت الطبيعة، أعطت الطبيعة، خلقت الطبيعة، الطبيعة عندهم إله وقضية الوعي الكامل والطاقة الكونية والقوة العظمى والعقل الكلي الذي يمنح ويعطي ويفعل ويفعل هذا أمر متقرر لديهم، قال تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ [الزخرف: 15]، حكم الله بكفر من جعل له من عباده جزءًا، ونسب إليه شيئاً من خلقه وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا [الصافات: 158]فكيف يكون الحكم فيمن ساوى بين الخالق والمخلوق في الوجود ؟ سيكون أكفر عند الله وأشد عذابًا، كيف لمسلم أن يدعي وحدة الوجود والدين مبني على أن الله خالق كل شيء؟ كيف يجمع هذا المؤمن بهذه الأشياء بين الخالق الأول الآخر الظاهر الباطن وبين المخلوق المحدث والله قال: وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا [مريم: 9]، وقال الله: أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا [مريم: 67].
الاستعانات الشركية في دورات الطاقة
ثم من المنكرات العظيمة في هذا التوجه الاستعانات الشركية لأنه هو يتصور حسب الجو الذي يوضع فيه في التدريب في الدورة أغمض عينيك استرخ ركز تخيل الطاو تخيل الطاقة الكونية تخيل المسارات أطلق الشكرات جسمك أثيري اتحد لازم تركز حتى تتحد وإذا اتحد تستمد إذا اتحد تستمد وتأخذ.
وأما مسألة الاعتداء على المبادئ الأساسية في علاقة الخالق بالمخلوق، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء: 78 - 80]، فنسب الخلق والهداية والإحسان بالطعام والسقي والشفاء لله وحده لا شريك له ومن مساوئ هذا التوجه الآن الضارب أطنابه في عالم الدورات وتطوير الذات والتنمية البشرية والداخل تحت عناوين كثيرة وكتب وأشياء إسطوانات مدمجة ومجموعات، وأحياناً فيها سفر لأخذ دورة كذا، تقوم من الأشياء الشنيعة التي فيها تربية هؤلاء المتدربين على الاعتقاد بأسباب وهمية مزعومة لم يجعلها الشرع سبباً للشفاء سببًا لحصول شيء، وكل من جعل ما ليس بسبب سببًا فقد وقع في شرك الأسباب، ولو قال لك: أنا أعتقد أنه مجرد سبب، وأنا أعتقد أن الله هو الخالق، لو جاء واحد وقال: هذه الحركة كذا ثمانية حركة الإنفنتي هذه مثلا تشفي من الزكام، فرضاً إذا أنت عملت كذا إذا معك زكام ذهب، لو قلت: يا أخي هات أي شيء أعطني موقع فيدرالي أمريكي منظمة الصحة العالمية أعطني أي شيء قال أطباء معروفين بطبهم متخصصين، يقول: لا، هذه الدورات هذه كذا كذا يقول: أنا أقول: هذه سبب أنا ما أقول أن هذا يخلق أنا أقول: هذا سبب افعل كذا وتشفى من الزكام سبب والله هو خالق الأسباب، نقول: حتى لو قلت هذا لا تنجو في عالم التوحيد والشرك ما تنجو؛ لأن كل من جعل ما ليس بسبب سبباً فقد وقع في شرك الأسباب؛ لأن الله هو خالق الأشياء فنحن كيف نعرف أن هذا مؤثر أو لا أي شيء عسل الحبة السوداء السناء السنوت العود الهندي القسط البحري أي شيء من الحجامة خبر الشرع والأشياء الأخرى؛ كيف عرفنا أن التمبرا تخفض الحرارة؟ من أين؟ هذا التجربة والطب والخبرة والدراسة، عرفناه بالتجربة والخبرة، لكن تأتي بشيء لا عليه إثبات من عالم التجربة والخبرة والطب، الناس الذين تخصصوا في هذا المجال، ولا من الشرع، أيش هو هذا خزعبلات أنت تجعل ما ليس بسبب سبباً، هذا شيء خطير إن الذي يفعل ذلك يجعل نفسه في النهاية شريكاً لله ويجعل أسبابًا ما جعلها الشارع سببًا، ومثال على ذلك: عندما يقولون: هذه الأحجار الكريمة التي تسمى الأحجار الكريمة عندهم إذا علقتها في نحرك ابتلعت مسحوقها تختمت بها، تجلب لك صحة سعادة توفيقاً نجاحاً تدفع العين لدغ الثعابين إلى آخره تحفظ من الأنفس الخبيثة، الجن تدفع عنك تعمل كذا، هم جعلوا لها خصائص ما جعلها الله، الله جعل للخرزة الزرقاء خاصية دفع العين والحسد؟ لا ، هذا ادعاء، هذا من الشرك، هذا من قضية اختراع أسباب غير صحيحة، هذه خرافات شعوذات، بعض الأنظمة التي وضعوها فيها معنى في الماكرو بايوتكس وغيرها فيها معنى تحريم بعض الحلال، وفلسفات تناقض الإسلام مخلوطة ببرامج حمية غذائية ممكن تكون صحيحة، ولذلك لا بد ننتبه أحياناً أن الطرح المنحرف ليس شرطًا يكون كله باطل 100% لكن في جزئيات باطلة والباطل باطل سواء كان كلاً أو جزءً سواء كانت العبارة كلها باطلة أو نصف العبارة باطلة لا بد أن نقول ذلك ويجب أن يكون عند المسلمين الشباب الشابات الصغار الكبار عرض كل الواردات والوافدات على الكتاب والسنة وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ [المائدة: 48]، إذن، هو مهيمن إليه المرجع ميزان قسطاس مستقيم، لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ [الحديد: 25]، النقل المصدق والعقل ليقوم الناس بالقسط والحق والعدل وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا [الأنعام 115]، صدقًا في الأخبار وعدلاً في الأوامر والنواهي والأحكام، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّه [الأعراف: 43]، لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ [الأعراف: 43]، ولازم نؤصِّل موضوع الغيب لله، الغيب من اختصاص الله تعالى، لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الكهف: 26]، ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ [الرعد 9]، ، لو دخلت بعض هذه الوافدات في مسألة الروح وجلست تفصِّل فيها وتتكلم غير ما ورد في الشرع سنقول لهم: قفوا، قال الله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: 85]، لو دخلت في هذه الوافدات قضية التنجيم وعلاقة النجوم بالأحداث الأرضية وعلاقة الأبراج بالأحوال النفسية، أنت برجك الجدي التيس الدلو، هذا معناها أنت كريم، أنت بخيل، أنت سخي، أنت شقي، أنت سعيد، أنت متشائم، أنت متفائل، أنت يأتيك بنات، أنت يأتيك صبيان كله ليس له علاقة أبداً إطلاقاً، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد، وعندهم الجماعة هؤلاء ارتباط الأحجار الكريمة بالنجوم السماوية بالأحداث الأرضية بحال البشر كما هو واقع في تطبيقات الريكي في الأيورفيدا في العلاج بالأحجار والبلورات ولازم نعتقد بأن الكهانة موجودة قديماً وحديثاً من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ والكهانة جزء لا يتجزأ من الييجنك أو من الطاو طي جنك هذه كلها أشياء قائمة على هذا، وفيه تقاطعات ستجدها بين هذا وبين بعض العقائد الصوفية مثل: الاطلاع على ما وراء الحجب من معاني الغيب، وأن هذا الولي يعرف يقرأ من اللوح المحفوظ ستجد في أصحاب هذه الحركة العصر الجديد من عنده قضية قراءة الغيب قراءة ما وراء الحجب، والحجة القاطعة في النهاية كتاب الله وسنة محمد ﷺ وإذا جهل الواحد منا شيئًا سأل أهل العلم، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل: 43]
وأحيانًا يحدث تلقين لعبارات في الأوساط المذكورة آنفاً مثل: الأذكار تنافس الأذكار الشرعية، فمثلاً يقول لك: قل عشرين مرة كذا، قل عشرين مرة كذا، أنتم جعلتم الآن أذكارًا، هو قصده يقول: أنا أرسخ في المتدرب كذا، أي شيء لو قيل له: احمل طنًا من الحديد، فيقول له: الطريق أنت تركز تقول: أنا أستطيع أرفعه، أنا أستطيع أرفعه، أنا أستطيع أرفعه، تلقين فيها من جنس تلقين الأذكار فيها من جنس الإيحاءات الوهمية، وأحيانًا قد تعينهم الشياطين على أشياء، وقد يدخل فيها خدع فيزيائية في المشي على الجمر أحياناً لكن المهم أن تدخل تخترق عقائد باطلة، هذه الأشياء نحن نعرف ما يوجد في بعض الطرق المنحرفة من الأذكار المبتدعة العبادات المبتدعة الهيئات المبتدعة الكيفيات المبتدعة الأعداد المبتدعة، تقييد بالأماكن، تقييد مبتدع بأماكن معينة، وإذا قال واحد: ما هو البديل؟
نقول: يا أخي والله العظيم لا نحتاجها نحن عندنا من الكتاب والسنة والحمد لله ما يغنينا، عندنا من كلام أهل العلم ما يغنينا، عندنا من كلام أهل الطب والخبرة والتجربة ما يغنينا، أليست هناك أشياء علاجات موجودة في عالم الطب مثبتة فيها دراسات؟ نأخذ بها، ما نحتاج إلى وثنيات الشرقيين ولا إلحاديات الغربيين.
ضرورة ترشيد دورات التنمية البشرية
ثم ينبغي أن نحول قضية تنمية الذات التنمية البشرية تطوير الذات إلى الاتجاه الصحيح الحقيقي.
نقول: هناك دورات مفيدة جدًا مثلاً في الخطابة في الإلقاء في اتخاذ القرارات في ميزانية العائلة، في العلاقات الاجتماعية، كيف تحصل على وظيفة؟ دورات في الإقناع، هناك دورات كثيرة في أشياء متعددة، إدارة الوقت، صفات المدير الناجح، كيفية إجراء العصف الذهني المثمر، وهذه مفيدة موجودة، إدارة المشاريع الاحترافية، دورات في إدارة المشاريع، ينبغي أن توجّه الرغبة الموضة حتى التوجه العام في قضية تطوير الذات والتنمية البشرية إلى الأشياء الصحيحة إلى الأشياء المفيدة، ولا مانع أن نزيد عليها، افرض الآن أخذت دورة في طريقة اتخاذ القرار، أو أنت عندك إلقاء دورة في اتخاذ القرار، قلت: تشخيص المشكلة دراسة البدائل اختيار البديل الأصلح الاستشارة التطبيق، وبعد ذلك تقويم أنت ممكن تضع الاستخارة من ضمن خطوات اتخاذ القرار، حتى ولو كانت في كتب الإدارة الغربية لا يوجد شيء اسمه استخارة، لكن هناك أشياء مفيدة وصحيحة، نأخذ الخطوات المفيدة الصحيحة ونضيف عليها ما ورد في الشرع بشأن هذا كالاستخارة وتطلع أكمل وأحسن، لو فعلت دورة في إدارة الأزمات، ترى هذه من الدورات المهمة، إدارة الأزمات، كيف تدير أزمة؟ أول شيء فيها جمع المعلومات ومعرفة المخاطر وتقليل المخاطر، تحجيم المخاطر، وفيها الاسترداد العودة يسموها ريكفري الانتعاش العودة إلى الحالة الطبيعية استرداد العافية استرداد الوضع الصحي أو الوضع السليم، هناك خطوات في إدارة الأزمات لكن أنت والله لو أنك رجعت للكتاب والسنة ستجد فيها أشياء.
نختم بهذا مثال يوسف لما أنت تتأمل في إدارة الأزمة التي قام بها يوسف أدار أزمة بنجاح وكفاءة عالية جداً المعلومات، كان عنده معلومات عجيبة؛ لأنه أخبرهم تزرعون سبع سنين دأباً، قال فسرها لهم أصلاً فسر الرؤيا بوحي من الله، ذلكما مما علمني ربي، سبع سنوات خصب تليها سبع سنوات جدب بعد ذلك عام فيه يغاث الناس، المعلومات كانت موجودة وأول خطوة في إدارة الأزمات توفير المعلومات، بعد ذلك وضع خطة المواجهة، خطة المواجهة عند يوسف بما علّمه الله كانت خطة رائعة جداً، إذا فيه سبع سنوات خصب ووراءها سبع سنوات جدب ماذا يجب؟ ما هي خطة الطوارئ في السبع السنوات الخصب؟ الإعداد للأزمة، الإعداد المسبق لمواجهة الأزمة، لاحظ: تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ [يوسف: 47]، معنى هذه: أولاً: تزرعون، ناس كانوا يعتمدون على فيضان نهر النيل في الزراعة وربما لم يبذلوا جهداً في اصطلاح أراضي، زراعة حقيقة كاملة، يعتمدون على فيضان نهر النيل في الزراعة فقال لهم: تزرعون هذا أول شيء، غير المعتاد، غير العادة، غير ما تعودتموه، لا، تزرعون، فيه استصلاح أراضي، سبع سنين دأباً، دأباً هذه لها معنى، دأباً ليست الزراعة بالمعدل السرعة المعتادة، لا، دَأَبًا يعني ممكن تشغلون ليلاً ونهاراً، ممكن تشتغلون نوبات؛ لأنه قال: دَأَبًا ما هو الزراعة المعتادة، لا، هذا فوق المعتاد، تزرعون سبع سنين دَأَبًا بعد ذلك سياسة التخزين، طريقة التخزين، فما حصدتم فذروه في سنبله، حتى يكون أبعد عن العفونة والسوس والرطوبة المهلكة المتلفة، ومعروف أن إبقاء الحب في السنبل في التخزين له أثره في حفظ القمح، حبات القمح فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ [يوسف: 47]، يعني فيه ترشيد إنفاق، في السبع الخصب الآن هي خصب في إغداق، لكن مع ذلك لا يوجد صرف قدر الذي يأتي، لا، راح تصرف أقل من الذي يأتي، فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا معناها لازم محصول السبع سنوات أكثره يتوفر وأقله يستعمل ِ إلَّا قَلِيلًا ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ [يوسف: 48].
الآن يبدأ تنفيذ وتفعيل خطط الطوارئ لأنه وضعت الخطة الاستباقية اللازمة لمواجهة الأزمة والآن يبدأ تنفيذ خطة الطوارئ في مواجهة الأزمة لما بدأت الأزمة في العام الثامن وكان التنفيذ بدقة وهناك عدل؛ لأنه كان يعطي كل واحد حمل بعير، هذا على مدار السنة كل واحد حمل بعير ولذلك لما جاء إخوته وقال: أنا أعطيكم على العدد قالوا: نحن الوالد والوالدة وأخونا الصغير، مسكهم يوسف من هذا، هو أصلاً يريد أن يصل إليها قال: أخوكم الصغير، يعني تزعمون أن عندكم أخ أين هو؟ هاتوه إن كنتم صادقين، أنتم تريدون على كل واحد حمل بعير أين هذا؟ ولذلك فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ [يوسف: 63]، وظن بعض المغفلين أن نكتل اسم أخيهم، نكتل جواب الطلب أرسل طلب، جواب الطلب نكتل، مجزوم اكتال يكتال نكتال نكتل مجزوم، وكان فيه عدل في التوزيع فعلاً ولذلك مرت السبع الشداد واستفاد أهل مصر ومن هو خارج مصر حتى أهل فلسطين؛ لأن المجاعة ضربت حتى خارج مصر واستفاد أهل مصر وغير أهل مصر من خطة معالجة يوسف للأزمة، بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وانفرجت الأمور اقرأ أكثر دورة في العالم مطورة في إدارة الأزمات ورح اعرضها على فعل يوسف رح اقرأ بالعربي بالإنجليزي بالفرنسي ورح اقرأ بكل اللغات فن إدارة الأزمات والعناصر والخطوات تبعها ستجد في قصة يوسف هي وأكثر، الشاهد كان القصد من النقطة الأخيرة أنه ينبغي أن توجه الرغبة في المفيد والتطوير والتحديث والعوالم الجديدة إلى الأشياء الصحيحة المفيدة بعيداً عن الخزعبلات والوثنيات والشركيات والوافدات الأجنبية عن الدين، كان هذا موضوعنا في هذا الدرس وأرى أن هذا موضوع مهم جدًا، كيف دخلت على الأمة الانحرافات؟ كيف وجهت؟ كيف عولجت؟ والانحرافات الجديدة من لها؟ من يتصدى لها؟ ما هو حكمها شرعاً؟ ما هو الباطل الذي فيها؟ ولازم الواحد يكون عنده علم بها ودقة ليكتشفها، وكلنا نخطئ، قد أخطئ في تصوير شيء، تخطئ في فهم شيء ممكن، لكن في النتيجة النهائية المرجعية الكتاب والسنة بفهم السلف يدلنا عليها أهل العلم إذا جهلنا شيء نسأل عنه، إذا حصل عندنا غموض في شيء نرجع إليهم فهم والله أنوار الدجى والنجوم في الظلمات، يُهتدى بها في ظلمات الآراء كما يُهتدى بالنجم في السماء في ظلمات البر والبحر، نسأل الله أن يرزقنا جميعا العلم الصحيح والإخلاص له سبحانه في القول والعمل.