السبت 22 جمادى الأولى 1446 هـ :: 23 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

تفسير قوله تعالى: "فاستمسك بالذي أوحي إليك .."


عناصر المادة
منزلة الثبات وأهميته
نماذج رائعة في الثبات على الدين
التمسك بالكتاب والسنة
الاستمساك يقتضي الانقياد للوحي
قصص رائعة في التسليم للوحي
بعص آثار الثبات ونتائجه
 
الثبات في زمن الانتكاسة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله في هذه الليلة، نسأل الله أن يجعله مجلساً نافعاً مباركا علينا جميعاً، وأن يكتبنا فيه من المغفور لهم عنده إنه هو الغفور الرحيم، وجبت محبتي للمتحابين في  فنسأله أن يجعلنا من المتحابين فيه،  ووجبت محبتي للمتجالسين في [رواه أحمد: 22030 وقال محققو المسند: "حديث صحيح"]، فنسأله تعالى أن يجعلنا من المتجالسين فيه.

كل الناس في خسر وخسار وبوار  إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ  [العصر: 3]، فنسأله تعالى أن يجعلنا من المتواصين بالحق، والمتواصين بالصبر.

منزلة الثبات وأهميته

00:01:11

عالمنا هذا عالم عجيب، عالم فتن؛ شهوات، شبهات، أمواج متلاطمة، ترفع تخفض، تحرف تزيل عن مواقع الإيمان، وتكشف الحقائق، وتزل أقدام بعد ثبوتها إلا من رحم الله.

ونحن على هذا الصراط المستقيم الذي نسأل الله يومياً عدة مرات الهداية إليه، والثبات عليه:  اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة: 6]، والطلب المتكرر للهداية يعني طلب الثبات عليها والاستمرار فيها.

وهذا الصراط المستقيم الثبات عليه، والاستمرار فيه يحتاج إلى علم به حتى يستبين، وإيمان قوي حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23].

وعندما نرى من ينتكس ويتراجع وينكص على عقبيه ويبدل ويغير ويتلون، والله الواحد يخشى على نفسه، لكن الله إذا ابتلى أعان، وهو الذي يقدر هذه الابتلاءات وهذه الفتن، ولكنه أيضا يعين من صدق معه فيثبته، وهو كريم: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا  [العنكبوت: 69].

اليوم نرى عقائد منحرفة، وفرق متعددة، وتشكيكات متوالية، وموجات إلحادية، ونرى كذلك طرائق غير مرضية تجذب إليها الشباب والفتيات، وتوقع في الحيرة والاضطراب، متلونة، تتبهرج، تتزين، هناك مغريات، هناك شهوات أنواع: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ [آل عمران: 14].

ولذلك جاءت الوصية الإلهية للنبي ﷺ: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ  [الزخرف: 43].

 فَاسْتَمْسِكْ  معناها فيه ناس يريدون أن يسحبوك وأن يجعلوك تتخلى عنه، ولذلك قال:  فَاسْتَمْسِكْ  أمسك وتمسك؛ لأن  فَاسْتَمْسِكْ  غير أمسك، فَاسْتَمْسِكْ  شدة المسك.

وكذلك لما قال لنا:  عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور [رواه الترمذي: 4607 وأحمد: 17144، وقال محققو المسند: "حديث صحيح"] أيش يعني  عضوا عليها بالنواجذ ؟ هذا يفيد الاستمساك، تعض عليها ولو تبقى وأنت مستمسك بجذع شجرة، يعني معناها أن هناك أشياء ستحرفك، وهو يوصي حذيفة ويوصي الصحابة.

وربنا قال: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران: 101].

الآن نسمع على سبيل المثال أشياء عجيبة: تقدمت للعمل وشرطوا عليها ترك الحجاب، كان فيه مغريات في الراتب منهن من ثبتت ثبتها الله ورفضت، ومنهن من انزلقت.

تقدم لمكان في العمل فرأى فيه أنواعاً من الرشاوى والأموال التي تتدفق، وقيل له: إذا امتنعت ستطرد، ولا بد تأخذ وتأكل وتأكل، فماذا يفعل أيضاً؟ فتنة المال.

هذا كان يعمل في شيء محرم ثم تاب إلى الله وتركه فانهالت عليه العروض يميناً وشمالاً، وإغراءات مالية.

هذه تزوجت وأصر زوجها أن يعمل معها شيئاً حراماً في المعاشرة وأشياء في الحيض وأشياء في نهار رمضان وأشياء وجعل من الخبث يجعل ذلك شرطاً للاستمرار في النكاح، تختار الطلاق وقد لا يكون لها مأوى جيد أو أهل يحتوونها وفيه مخاطرة ومغامرة، ومع ذلك تختار التمسك بحبل الله، والاستمرار على الدين والأحكام الشرعية مهما كانت المخاوف والمخاطر.

واحد من المسلمين الذين أسرهم الروم، وكانوا يطمعون في حرفه، وأدخلوا عليه امرأة فاجرة منهم جميلة جعلت تتغنج وتتكسر وتتراقص وهي في غاية التهتك في ثيابها، وهو يطرق برأسه ويذكر الله، ولا يلتفت إليها، حتى يئست وخرجت وجعلت تقول: أدخلتموني على بشر أم على حجر.

فيه ناس يثبتهم الله.

نحن الآن نسمع في الأخبار عن شبهات تتوالى في أمور تتعلق بالدين، فيه ناس يثبتهم الله، هذا يقول: كلها أديان سماوية، وكلها صح، طيب لكن هو يعلم أن الأديان الأخرى نسخت بالإسلام لو كانت صحيحة لو باقية على ما هي عليه، بطلت بهذا القرآن {مهيمنًا عليه} يعني على ما سبق، خلاص، فكيف وقد تعرضت للتحريف؟ والله أوكل حفظ الكتب السابقة لأهل الأديان السابقة، قال:  بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [المائدة: 44] الأحبار والرهبان هؤلاء بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [المائدة: 44] أوكل الأمر إليهم في حفظه، والقرآن تكفل الله بحفظه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]، فكتبهم قابلة للتحريف وحرفت، وكتابنا غير قابل للتحريف، ولم يحرف.

بعض الناس يحاول الإغواء، كلها صح، ما دام كلها سماوية كلها صح، ولا تنكروا على أحد، وتروج الفكرة على بعضهم يقول: صح والله مادام كلها سماوية كلها صح.

ويأتي بعض الخبثاء الذين يريدون الطعن مثلاً في الأحاديث، الطعن في السنة، والطعن في الصحابة، فيقول لك مثلاً: هذه أحاديث أبي هريرة، كم بيننا وبين أبي هريرة، يعني ألف وأربعمائة سنة معقول ألف وأربعمائة سنة ما صار لها تحريف تغيير دس زيادة نقصان؟ شف الخبث في طرح الشبه متى بدأ تدوين السنة؟ في عهد عمر بن عبد العزيز يعني تقريباً سنة 100 للهجرة من أبي هريرة إلى عهد عمر بن عبد العزيز في تدوين السنة، والذي خرج فيه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي إلى آخره كم سنة؟ مائة سنة من كان فيها القرون الثلاثة المفضلة الأولى يعني الذي راح يسمع الحديث عن النبي ﷺ صحابي؟ صح بعدين تابعي، بعدين تابع تابعي تقريباً، بعدين يصل الحديث إلى صاحب الكتاب البخاري فيضعه في صحيحه صح وإلا لا؟ وصلنا لمخطوطة صح وإلا لا؟ وصلنا إلى كتاب مثبت بين صاحب المخطوطة، والنبي ﷺ ثلاثة أربعة خمسة يعني، لكن هؤلاء القرون الثلاثة الأولى الذي هم القرون الذي فيها الدين والأمانة والصدق والإخلاص والعلم والفقه، بعدين وصلنا خلاص وصلت إلى المخطوطة، والمخطوطة نسخت منها مخطوطات، خلاص اعتبره كتاباً وانطبع بعد المخطوطات، يعني بعد الكتابة باقي للسند قيمة؟ خلاص بعدين كلها نسخ من النسخة الأولى، والنسخة الأولى موجودة بعضها موجودة في متاحف أوروبا.

إذاً، ما هو ألف وأربعمائة سنة، هي فقط المائة سنة الأولى الذي كان فيها الرجال المرضيون والأسانيد والصحابة والتابعون وتابع التابعين، بعدين خلاص، شف الخبث لما يجي هو يطرح الشبه يقول: معقول ألف وأربعمائة سنة أحاديث أبي هريرة ما صار فيها زيادة ولا نقصان؟

طبعاً الذي يسمع يقول: إيه والله صح يمكن، فيزيغ، يتشكك في السنة.

أما الذي عنده علم ويعرف أصلاً الأحاديث كيف نقلت وكيف ضبطت وكيف كتبت وكيف جمعها علماء الحديث، وكيف صارت في هذه المخطوطات ونسخت وعممت في البلدان، ولها رواة، وحتى المخطوطات لها أسانيد، بعدين وخلاص وطبعت وكما هي يعني هو المخطوط الذي في أيام البخاري هو الآن الذي تشوفه أنت مطبوع؛ لأنها مخطوطة وحققت وطبعت، وكذا يعني مخطوطات كثيرة جداً، وكل مخطوطة لها أسانيد أصلاً أيضاً، فما هي بسهولة قضية إنه معقولة ألف وأربعمائة سنة ما زادوا.

فمشكلة أنه يجي الآن يطرح وبعدين في مقاطع اليوتيوب، والمقاطع هذه المنتشرة في مواقع التواصل وغيرها تشكيكات من الذي يزيغ ما عنده علم، ما عنده فقه، ما عنده خلفية، ما عنده علم بالتاريخ بالسيرة بالسنة جهود العلماء، وما في وقت الآن نسرد جهود العلماء في حفظ السنة، وكيف  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9] حافظون القرآن وشرحه وهو السنة.

على أية حال: هذا مثال أنه كيف الفتن يعني الأفكار الخبيثة تعرض على الناس الآن في الفضائيات وفي الشبكات، ما هو كل الناس عندهم خلفية فقهية أو علم فقد يسمع هذه.

وما تشوفون أحياناً مثلاً مقاطع على صعيد آخر مثلاً مسلمة في فلسطين أخذوها اليهود ويحاولون شدها وخلع الحجاب وهي تتمسك به ويضربونها بأعقاب البنادق.

نماذج رائعة في الثبات على الدين

00:12:26

فيه نماذج للثبات على الدين، نماذج للتمسك بالإسلام، الاستمساك بالأحكام، فيه أشياء فعلاً مشرفة، واحد أسلم في عائلة متعصبة جداً لدينهم وإذا دروا عنه يمكن يقتلوه، وتجي أسئلة ما حكم الصلاة في الحمام؟ لأنه ما عنده مكان آخر يصلي فيه، ما حكم جمع الصلاتين في البيت؛ لأني ما أستطيع كل صلاة في وقتها؟ ترى أبوي دخل علي وأنا راكع وسويت تمارين رياضية، تحس من الأسئلة أنه في ناس متمسكة بالدين وحريصة، قابلت واحد أصله من الجمهوريات الإسلامية هذه التي كانت في الاتحاد السوفيتي، كيف كانوا يروون؟ كيف كانوا يضعون غرفاً تحت الأرض فوقها باب وسجاد حتى ينزل يتعلم القرآن في الأسفل؛ لأنهم لو دخلوا فجأة عليه ووجدو مصحفاً في البيت يقتل.

وكيف كان بعضهم يتسلل إلى الكهوف، يعدهم الشيخ في كهف حتى يذهب يقرأ قرآناً، تصور لما سقطت الشيوعية يقول أحد الإخوة: امرأة مسلمة، كيف أخذت الصلاة؟ يقول: وجدت الفاتحة عند واحدة، ووجدت نصف التشهد عند واحدة في البلد الثانية يعني جمعت الصلاة تجميعاً؛ لأنه ما كان فيه أحد قريب منها يعرف الصلاة كلها يعني ماذا يقال في القيام وماذا يقال في الركوع وفي الجلوس جمعوها تجميعاً لماذا؟ لأنه كان فيه حرب على الدين ضروس لدرجة أنه انمسحت كذا الصلاة عند واحد كامل ما في تجميع فكان فيه ناس مستمسكين بالدين وصابرين ومستمرين، وحدثني أحدهم عن جده قال: كان لنا جار مسلم في واحدة من هذه الجمهوريات، وكان يقول: كان جدي عمره إحدى عشر سنة على دين الإلحاد أو النصرانية فيقول: هذا جاء وصار يتحبب إليه ويعرض عليه الإسلام، يقول: فتأثر وأسلم، ثم كان لا بد من مغادرة المكان والهجرة يقول: فنوى جدي الهجرة، فنوى ذلك الجار الهجرة وواعد جدي وعمره إحدى عشرة سنة الهجرة إلى مكة، يقول فحمل ذاك متاعه وأهله، وجعلوا يسيرون بالليل وينامون بالنهار حتى وصلوا إلى تركيا، ثم منبج في سوريا، ثم مات ذاك الرجل وتزوج هذا بنته، وبقوا في المكان يقول: حتى جئت أنا وأكملت مشوار رحلة جدي وهجرته، وجئت إلى المدينة ودرست العلم وحققت رغبة جدي في الهجرة من ذلك المكان تحقق في الجيل يعني ما هو جيل الجد الأول ولا الثاني، الثالث.

التمسك بالكتاب والسنة

00:16:04

فإذا الذي يريد الاستمساك بالدين سيتعب ويواجه ما يواجه من المصاعب، ويواجه ما يواجه من الشدائد، ولكن في الأخير عنده هذا الإيمان الذي جعله الله في قلبه فيتمسك بدين الله : وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران: 101]  تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه ﷺ.

إذاً، هذا القرآن لازم نتمسك به تلاوة وتفسيراً وتدبراً ومدارسة وتعليماً هذه القمة؛ لأن عندنا التلاوة ثم الدراية ثم الرعاية التي هي العمل بأوامر القرآن ووصايا القرآن، والقمة  خيركم من تعلم القرآن وعلمه  [رواه البخاري: 5027] نقله للآخرين.

وعندنا السنة:  وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى  [النجم: 3-4]،  وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا  [الحشر: 7].

قال ﷺ: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه  يعني خلاص اكتفوا بالقرآن، قال ﷺ ردا على هذا الزعم:  وإن ما حرم رسول الله ﷺ كما حرم الله  [رواه أبو داود: 4604 والترمذي: 2664].

إذاً، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، النواجذ هذه الأسنان قوية: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ [الفتح: 10].

الاستمساك بالوحي على أنه هو طريقة حياة شاملة لكل النواحي؛ عقيدة، عبادة، معاملة، سلوك، تعلم، تعليم، إعلام، اقتصاد، سياسة، تربية، صحة، كل الجوانب  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ  [المائدة: 3] ما ترك لنا شيئاً إلا وجعل فيه تشريعات وأحكام، وحتى قضاء الحاجة، عدينا في درس قضاء الحاجة نحواً من سبعين ما بين أدب وحكم في قضاء الحاجة، والكفار هؤلاء عندهم حمامات يخلع ثيابه ويبول وهو واقف، ويلبس البنطلون على النجاسة، والله ما يعرفونها، ويزعمون أنهم أهل التقدم والحضارة، ما يعرفون إزالة النجاسة، هذا هو ترون حمامات في الجدار يقف الواحد جنبه واحد كلهم شياطين يخلعون ويبول، ويلبس على النجاسة، لا عندهم لا غسل نجاسة، ولا إزالة نجاسة، أين الحضارة؟

أما في ديننا  مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام: 38].

 يقول: الآن أنت إذا أردت أن تقول الذكر في دخول الخلاء متى تقوله؟ قبل الدخول حتى لا تقوله وتدخل ثم تصير داخل الخلاء، ثم لا تستطيع أن تقوله.

فتقول: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث، متى تقوله؟ قبل الدخول، واحد ذهب لقضاء الحاجة في البر لا في جدران ولا حمامات ولا أبواب ولا شيء متى يقوله؟

هو الآن ما راح يتحول المكان إلى مكان قضاء حاجة يكره ذكر الله فيه إلا إذا صار في قضاء حاجة فعلية صح، فهو إذا وقف قبل أن ينزل ويجلس يستطيع فهو يقوله قبل أن يجلس ثم إذا جلس شرع في قضاء الحاجة خلاص هذا بالنسبة له صار المكان الذي لا يذكر الله فيه فقط قبل ما يشرع مكان مثله مثل غيره.

المقصود أن هذا مثالاً على أنه حتى هذه دقائق في قضاء الحاجة، والعلماء ويهتمون فيها ويذكرونها.

ولو دخل الخلاء يتروش ليس لقضاء الحاجة يسمي وإلا ما يسمي، وما دام مكان قضاء حاجة معناها الشياطين موجودة؛ لأنه قال ﷺ: إن هذه الحشوش محتضرة [رواه أبو داود: 6، وابن ماجه: 296، وأحمد: 19286، وقال محققو المسند: "رجاله ثقات رجال الشيخين"] يعني تحضرها الشياطين، فهذا المكان يكره فيه ذكر الله حتى لو يريد يتروش، هذا مكان تقضى فيه الحاجة، مكان النجاسات، فالحشوش محتضرة، ولذلك يذكر قبل، لكن إذا واحد يتروش في البر خلاص ما في مشكلة يذكر الله ويتروش.

الشاهد: أنه ما ترك ديننا شيء إلا أدق الدقائق والتفاصيل فيه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89]،  تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ في الدين والدنيا والمعاد، في هذه الحياة والحياة الأخرى  أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ [العنكبوت: 51].

فإذاً، من تأكد أن القرآن والسنة فيهما كل شيء لن يلجأ إلى مصدر آخر، والذي عنده شك تراه يدور في كتب يقول: يمكن عندهم شيء ما هو عندنا، يمكن عندهم شيء زائد، ما عنده قناعة أصلاً، وهذه مشكلة، والنبي ﷺ لما رأى في يد عمر نسخة من التوراة مما أصابه من بعض أهل الكتاب غضب وقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟  متحيرون يعني في دينكم حتى تبحثوا في كتب الآخرين  والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبركم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني  [رواه أحمد: 15156 وهو حديث حسن].

هذا الاعتقاد مهم جداً في الثبات؛ لأنه خلاص من أيقن بأن عنده شيء كامل ومنهج شامل لن يبحث عن غيره، بل سيستمسك بالذي معه، ولن تخدعه زخارف الغرب والشرق، لا إلحاديات الغرب ولا وثنيات الشرق، ولن يقدم عليه شيء لن يقدم على هذا الوحي شيئاً أبداً: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الزخرف: 43]، لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ [الحج: 67].

ولذلك بعض الناس هؤلاء الذين اخترعوا دين اسمه: دين الإنسانية، يعني كل البشر زي بعض، وكلهم سواء، وهنئوا الجميع بأعياد الجميع، ويشارك الجميع في عبادات الجميع، ويدخل الجميع أماكن عبادة الجميع، والشغلة سلطة مخلوطة، ما في توحيد شرك سنة بدعة، ما في كله، وهذا لا يمكن أن يفعله مسلم أبداً إطلاقاً، ورغم محاولات حتى لو فعل أولئك أشياء من هذه الأجناس أجناس، محاولة خلط الحق بالباطل، بعضهم يسميها: الملة الإبراهيمية، يقول خلاص نؤلف ديناً مشتركاً يهودية ونصرانية والإسلام، كله مع بعض، الهلال يعانق الصليب، وكله، فهذا لا يرضاه الله: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران: 19]،  وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ  [آل عمران: 85].

النبي ﷺ أخبره ربه أنها ستحدث تغييرات، فقال لنا سلفاً: إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيراً ، وأخبرنا إذا حصل الاختلاف الكثير ماذا سنفعل؟ قال:  فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة [رواه أبو داود: 4607، وأحمد: 17144، وقال محققو المسند: "حديث صحيح"].

قال: أنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به  [رواه مسلم: 2408]، وذكر لنا سنته ﷺ.

وأوصانا بأهل بيته خيراً صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

إذاً، هذا الاستمساك بالكتاب وتفسيره، والسنة وشرحها؛ أمانة في أعناقنا جميعاً، ما لنا خيار، ولازم.

ومن العيب أن تعرف كتلوج الجوال وصفة الدواء، ولا تعرف تفسير القرآن وشرح السنة، هذا عيب كبير، لا بد، كيف نعتصم بالسنة، وما نعرف شروح الأحاديث؟ "السنة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق".

فإذاً، لا بد نستمسك بالوحي قرآنا وسنة: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ [الزخرف: 43] كتابا وسنة.

تركت فيكم أمرين: كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

هذا إذاً ما ينبغي أن نكون عليه، فيه قصة حدثت لعبد الله بن سلام هذا الحبر اليهودي الذي أسلم، وكان إسلامه عظيماً، يروي القصة قيس بن عباد يقول: كنت في حلقة فيها سعد بن مالك، يعني ابن أبي وقاص، وابن عمر، فمر عبد الله بن سلام، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فقمت، فقلت له: إنهم قالوا كذا وكذا، قال سبحان الله! ما ينبغي لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم، من تواضعه، وسأحدثك لم ذاك؟ يعني أن هذه الكلمة جاءت من أين سببها؟ رأيت كأني في روضة، يعني هذا في المنام، ووسط الروضة عمود، رأيت أني في بستان أخضر، روضة ووسطها عمود في أعلى العمود عروة مثل الحلقة، فقيل لي: ارقه، يعني في المنام، اصعد، هذا المنام حدث على عهد النبي ﷺ فله قيمة، والنبي ﷺ تكلم وشرح فيه، فلذلك له قيمة المنام، هذا ما هو مثل مناماتنا، فقيل لي: "ارقه، قلت: لا أستطيع فأتاني وصيف" يعني خادم، "فرفع ثيابي فرقيت، فقيل لي: استمسك، فاستمسكت بالعروة فانتبهت وأنا مستمسك بها" يعني قمت من النوم ويدي قابضة، "فقصصتها على النبي ﷺ، ترى الحديث في الصحيحين في البخاري ومسلم فقال: "الروضة روضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة العروة الوثقى، لا تزال مستمسكاً بالإسلام حتى تموت" [رواه البخاري: 7014، ومسلم: 2484] خلاص هذا خبر من الوحي، عرفوا أن عبد الله بن سلام سيموت على الإسلام.

هذا درس لنا كيف ينبغي أن يكون الاستمساك بالإسلام، وأن الواحد ما يغير ولا يبدل ولا يتلون، ولا يكون الشيء يعني يعتقده حراماً، طبعا عن دليل وعن استفتاء أهل علم، بعدين يغير، يقول: لا، خلاص، يغير بعضهم بلا سبب، وللهوى وبلا دليل يعني مناقض، ولا فتوى رجل أعلم، إنما لمجرد أن هذه أسهل، جاءه قول آخر فتح على قناة، وقال واحد: يجوز.

طيب من هو؟ طيب ما مبلغه من العلم؟

لا بد أن نستمسك بالوحي، نوقن به، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ [الحج: 54]،  فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا [التغابن: 8]، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا  [القصص: 53].

الاستمساك يقتضي الانقياد للوحي

00:30:10

 وهذا الاستمساك يوجب الانقياد، يعني معقول واحد يتمسك بالدين ثم لا يطيع ولا ينقاد ولا يمتثل ولا يستسلم، ويعترض مثلاً على الوحي، يعترض على الأخبار يقول: هذا حديث ما يدخل عقلي، الآن ما يوجد في القنوات وفي مقاطع اليوتيوب، ما يوجد مشككين بالسنة، يطعنون في صحيح البخاري؟

والله كثير الآن عدد، ولسان وفصاحة، وكثير من الشباب مساكين يجيء هذا الضال المضل، يقول لهم: حتى ولو في البخاري أيش يعني البخاري؟

يعني كم مرة البخاري استخار حتى طلع هذا الصحيح؟ إذا كان عدد أحاديث البخاري افرض مثلاً دون المكرر ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف، فرضنا ثلاثة آلاف حديث، يعني ثلاث آلاف مرة البخاري استخار حتى يخرج لك هذا الصحيح، وانتقاه من ستمائة ألف حديث، وما يروي عن راو إلا الطبقة الأولى من تلاميذ الشيخ الطبقة الأولى حضراً وسفراً، وسمعوا منه مراراً وتكراراً، ثم العلماء أخذوه تلقوه بالقبول، يعني ما هو فقط رأي، لا، وراءه علماء، وكم مرة شرح، وكم كان في الشرح في درس الشارح من طالب، وتنقيح من الشيخ الذي يشرح، وطلاب معه حتى تفاصيل التفاصيل، والحرف الواحد في الكلمة، ومناقشات وكلام، وبعدين يجيء واحد يقول أيش يعني البخاري؟ ببساطة يطعنون في كتب السنة، ويجيء يقول: هذا حديث ما يدخل العقل، يجيء يقول لك: حديث يأجوج ومأجوج ما يدخل العقل، حديث الدجال ما يدخل العقل.

والله إنه هو الدجال.

لا، والله أنا أكذب حديث النبي ﷺ.

وفي الصحيحين وفي القرآن حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ [الأنبياء: 96] ما هو فقط في السنة، لا هو الدجال، هو أولى أن يكون، الدجاجلة كثيرون.

ولذلك لما نتكلم عن مسألة الثبات ما هي المسألة فرعية؛ لأنه فيه ناس زاغوا، وفيه ناس أتباع كل منافق عليم اللسان.

طعنوا في السنة، وطعنوا في الصحابة، وطعنوا في الأحكام، هذا جاء يطعن في المواريث يقول: لماذا الرجال ضعف النساء؟ لماذا؟ هذا ظلم.

يعني أأنتم أعلم أم الله؟

يعني لما تجيء تقرأ آية المواريث: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ  [النساء: 11]، لا، يجيء يقول: هذا تمييز ضد المرأة، سبحان الله! شف الاعتراض على الله، يعترض على من؟ على الله، اعتراض على الله، يعني والله شيء عجيب، ترى يوجد بالمناسبة في الغرب حركة نسوية تؤمن وشغالة ولها أطروحات وموجودة وصلت إلى بعض المسلمين أطروحاتها، مفادها: أن الرجل خطأ بيولوجي يجب تصحيحه، والله يعتقدون كذا، ونحن أخطاء جئنا بالخطأ، المفروض ما نجيء أصلا، كيف جينا أصلا؟ ولازم يصححونا ويلغونا ويشطبونا من العالم؛ لأن العالم كله، لازم يكون فيه نساء، فقط الرجل كله هذا خطأ بيولوجي يجب تصحيحه، وهذا ما هي مزحة، هذه حقيقة حركة عالمية قائمة، ولها كتب ومؤلفات وأطروحات.

وطبعاً هم بالنسبة للغرب هذه ردة فعل على احتقار المرأة التي كانت عند الكنيسة؛ لأنه من زمان الكنيسة كان عندها أقوال في المرأة هل المرأة شيطان وإلا بشر؟ يعني هل هي داخلة ضمن البشر وإلا هي صنف آخر؟ يعني خارج؟

فكان بعض الأطروحات في الكنيسة تقول: إن المرأة شيطان ما لها دخل في بني آدم.

فطبيعي الذي يعرف أيش الذي كان مطروحاً عندهم في المرأة يشوف أيش ردة الفعل المعاكسة، خلاص إذا قال هؤلاء رجال الكنيسة عنها سابقاً قبل مئات السنين، إذا قالوا عنها: إنها شيطان ما هي بشر تطلع ردة فعل أنه نحن خطأ بيولوجي يجب تصحيحه.

شف طرح الإسلام  إنما النساء شقائق الرجال [رواه أبو داود: 236، والترمذي: 113، وأحمد: 26195، وقال محققو المسند: "حسن لغيره"]،  وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء: 1].

وبعدين ما في تضاد وتعارض، ومين يلغي الآخر، لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً  [الروم: 21].

شف الطرح الإسلامي يعني ماذا يقول الإسلام؟ وماذا يقول أولئك القوم، وحركات عالمية؟

ولذلك قضية الانقياد، يعني التسليم ما هو فقط بالعمل، بالاعتقاد القلبي، أنك تسلم لله، والرسول ﷺ، إذا قال: أركان الإيمان الستة كذا، خلاص نؤمن، ما يجيء واحد يقول: والله الملائكة ما شفناهم، ما ندري عنهم، لا، كيف هذا؟ أخبرنا عنهم، يعني موجودين حتى ولو ما رأيتهم.

أول صفة: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 1 - 3].

ما يجيء واحد يقول: الجن خرافة ما شفناهم.

الله قال: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا [الجن: 1]،  يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  [الرحمن: 33]، قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ  [الإسراء: 88]، وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا [الأحقاف: 29].

يجيء الآن بعض هؤلاء يقول لك: ما في جن، كل هذا دجل وشعوذة، وكلام فاضي، وهذه خرافات وأساطير الأولين؟ لماذا؟ لأنه ما دخلت عقله هو.

هو عقله متربس، طيب أيش تسوي فيه إذا هو ما يدخل عقله؟ أيش نسوي؟ ماذا نفعل له يعني؟

ولذلك نحن المؤمنون لما نستمسك: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ [الزخرف: 43] يعني أنا أؤمن بما جاء عن الله على مراد الله، وبما جاء عن رسول الله ﷺ على مراد رسول الله، وأستسلم وانقاد للمعنى، والعقيدة ما هو فقط أني أعمل بالشرائع، وأني أصلي وأزكي وأصوم، وأيضا أؤمن وأصدق بكل ما جاء عن الله على مراد الله، وإذا حكم الله حكما ما عندي أي حرج ولا تترد في قبوله إطلاقا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ  [الأحزاب: 36]، فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65]، "من الله الرسالة وعلى رسول الله ﷺ البلاغ، وعلينا التسليم" التوقيع، محمد بن شهاب الزهري.

قصص رائعة في التسليم للوحي

00:37:43

نحن على طريق صحابة رسول الله ﷺ طاعة وامتثال؛ لما نزل تحريم الخمر ماذا فعلوا؟  فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 91] قالوا: انتهينا انتهينا، عمدوا إلى آنية الخمر شقوها وكسروها وأراقوها، وجرت في سكك المدينة.

لما نزلت آية الحجاب: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ  [النور: 31] شقق نساء الأنصار مروطهن والمهاجرات فاختمرن بها، حولت الإزار المروط الأزر، حولهن إلى خمر وغطاء للرأس والوجه.

لما أخبر الصحابة بتحويل القبلة في الصلاة وهم في مسجد قباء تحولوا وهم في الصلاة.

لما خلع النبي ﷺ نعليه وهو يصلي خلعوا نعالهم، حتى بدون ما يعرفوا السبب، من كمال الامتثال والطاعة.

لما رأى في يد رجل خاتماً من ذهب أخذه وألقاه، قال:  يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده  قيل للصحابي: خذه وانتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله ﷺ.

لما استوى النبي ﷺ على المنبر مرة قال: اجلسوا، ابن مسعود كان عند الباب جلس عند الباب، قال تعال يا عبد الله [رواه أبو داود: 1091].

النبي ﷺ قال لصحابي اسمه جابر بن سليم: لا تسبن أحداً  قال: فما سببت بعده حراً ولا عبداً ولا بعيراً ولا شاة" [رواه أبو داود: 4084].

النبي  ﷺ يقول لعمر: لا تحلفوا بآبائكم  عمر يقول: "فما حلفت بعد ذلك بأبي لا آثراً ولا ذاكرا" ما حلفت.

النبي ﷺ يقول للصحابة:  ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة عبد الله بن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت إلا وعندي وصيتي" [رواه البخاري: 2738، ومسلم: 1627] .

وما هو فقط امتثال هذا في الأحوال العادية، حتى لو الواحد كانت نفسيته مليانة ومشحونة وغضبان وزعلان ويمتثل؛ مثال: أبو بكر الصديق تعرض المنافقون لابنته عائشة بأقذع وأحط وأسوأ الألفاظ، واتهموها بعرضها، تناقل الكلام بعض الذين تساهلوا من المسلمين، كان من ضمنهم شخص كان من قرابة الصديق، ورجل فقير، تكلم الصديق غضب حلف أنه ما يعطيه شيئاً، وكان الصديق متكفلاً فيه، ينفق عليه، يعني تتكلم في بنتي تنقل كلام المنافقين؟ تتساهل؟ وتنقل كلام المنافقين في ابنتي؟ حلف ما يعطيه شيئاً، لما نزل قول الله:  وَلَا يَأْتَلِ يعني لا يمتنع  أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ  [النور: 22] قال أبو بكر: والله لا أنزعها منك أبدا"[رواه البخاري: 4141، ومسلم: 2770]، النفقة ماشية، مع أنه الأذى وصل إليه وفي ابنته.

معقل بن يسار، وتخيل الموقف هذا الآن على واحد من الشباب جاءه واحد وقال: أريد أتزوج وكذا، وزوجني وعندك أخت، وهذاك تساهل معه في المهر، ويسر له السبل، وزوجه أخته، حصل خلاف طلقها، رجعت عند أخيها، خلصت العدة حصل ندم رجع إلى نفسه، رجعت إلى نفسها رجع يخطبها من أخيها، وهي تريد تروح لزوجها، فجاء يخطبها، قال: لا والله، زوجتك وأكرمتك وبعدين رميت أختي، لا، والله ما ترجع لك، نزلت الآية  وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ   [البقرة: 232] يعني خلصت العدة إذا يريد يتزوجها إذا كان طلقة أولى أو ثانية كيف يتزوجها؟ بعقد جديد، ولازم الولي يوافق: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ [البقرة: 232] يعني لا تمنعونهن أيها الأولياء أن ينكحن أزواجهن، يرجع إليها بعقد جديد، إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ  [البقرة: 232] ماذا قال معقل؟ سمعاً لربي وطاعة، ثم دعاه فقال: "أزوجك وأكرمك" [رواه الترمذي: 2981].

الآن لو صارت لواحد من الشباب يقول له: والله لو تموت أصلاً.

كعب بن مالك، النبي ﷺ نهى عن كلام ثلاثة، ما أحد يكلمه، كل البلد، كل المدينة النبوية، كلهم، قال: "حتى تنكرت في نفسي الأرض، فما هي بالتي أعرف" هذا في الصحيحين [رواه البخاري: 4418، ومسلم: 2769].

وفي رواية أحمد: وتنكرت لنا الحيطان، يعني البساتين التي نعرف حتى ما هي الحيطان التي نعرف تغيرت علينا الدنيا حوالينا لماذا؟ لأنه كل الناس ما أحد يكلمهم، كله التزام جماعي، كل البلد، كل المدينة، هذه هي الطاعة الصحيحة، ما هو بعضهم، وبعضهم، وبعضهم.

ومعروفة قصة كعب، وماذا حصل بعد ذلك، لكن الشاهد هذا الالتزام الجماعي المدهش، هو كعب نفسه حصلت له قصة كان فيه قرض بينه وبين ابن أبي حدرد، وبعدين جاء يتقاضاه في المسجد وارتفعت أصواتهما فقال النبي ﷺ: يا كعب، لبيك يا رسول الله، فأشار بيده يعني ضع النصف أشار بيده، قال: قد فعلت يا رسول الله، فقال لابن أبي حدرد: قم فاقضه، قال ﷺ للآخر: قم فاقضه، خلاص الحاكم أشار بالصلح ما فيها ولا أتنازل ولا عن الريال، كم أنا؟ كم المبلغ؟ عشرة آلاف وخمسة ريال الخمسة قبل العشرة آلاف، نعم فيه ناس كذا، لا يا أخي هذه ما هي أخلاق، يعني النبي ﷺ أشار، هذا يقول له: أعطيني، وذاك يقول له: ما هو عندي فأشار بالصلح، كان فيه استجابة، هذا الفرق ، فرق أنه كان في استجابة.

 خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ  [الأعراف: 199] عمر كان وقافاً.

وهذه قصص، والقصص كثيرة، كيف كان الصحابة عندهم تسليم للوحي، عندهم رضا بالأمر، عندهم وقوف عند النهي، عندهم احترام لحدود الله، عندهم توقير للحكم الشرعي، عند الواحد منهم رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، هي كذا، الرضا والامتثال والتمسك، وبعدين فيه تعظيم، يعني تعظيم للنص الشرعي، تعظيم للنبوة، تعظيم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، يعرفون الكتاب الوحي كما يعرفون أبناءهم، كيف تعرف ابنك؟ هم يعرفون الوحي كما تعرف أنت ابنك؟

بعص آثار الثبات ونتائجه

00:46:06

 

ولذلك نحن علينا اليوم مسؤولية كبيرة أمام الهجمات والشبهات والشهوات والفتن والزيغ والانحرافات والتلون والتغير.

علينا واجب اليوم، واجب كبير في قضية الثبات، وقضية أنه يكون عندنا تمسك، ذهب طبيب لحضور مؤتمر عالمي في أمريكا فكأنه استنصح بعض إخوانه قالوا له: نحن نوصيك بثلاثة أشياء:

أولاً: الصلاة على وقتها، ما تخليها.

ثانياً: حافظ على ثيابك، ترى فيها نوع دعوة؛ لأن الناس سيقولون: ما هذا؟

ثالثاً: الدعوة إلى الله لا تتركها.

 يقول: لما رحت لهناك وجئت أحضر المؤتمر، فعلاً عزمت أن الصلاة في وقتها، وثيابي ما أغيرها، فلما دخلت قاعة المؤتمر بحثت عن واحد أشد به أزري، شفت واحد سحنته عربية شكله عربي، فجئت وجلست جنبه، قال: رح قم قم لا تفشلنا لا تفشلنا، يقول: قمت، جلست بعد سويعات، جاء وقت صلاة الظهر، قمت إلى زاوية المكان، أذنت بصوت خافت، حتى ما يصيبهم تشويش، وأقمت وصليت ورجعت إلى مكاني وحدي، ما في معي أحد، بعدين جاء وقت العصر قمت نفس الشيء وأقمت وصليت، فجاء واحد حسيت حركة انضم معي واحد، من هو؟ يقول: طلع الذي قال لي من أول: لا تفشلنا بعدها، قال لي: جزاك الله خيراً، أنا جئت أمريكا من أربعين سنة وتزوجت أمريكية، ولكن والله بعد ذلك ما سجدت لله سجدة، لكن أنت لما شفتك أنا الذي اتفشلت من نفسي يعني أربعين سنة اتنازل عن ديني حتى القوم ما يتكلمون عني بشيء، في اليوم الأخير للمؤتمر في الحفل الختامي، وكان فيه عدة فقرات فوجئت بطلب من اللجنة المنظمة للمؤتمر أنه تطلب مني أنا كلمة لمدة خمس دقائق، وسؤال واضح، لماذا أنت مصر على هذا اللباس؟ فيقول: قمت وتكلمت، هذه عادتكم وأنا من بلد له عاداته، وهذا لباسكم الذي أنتم متعودون عليه، وهذا لباسي الذي أنا متعود عليه، والمدة قصيرة جداً، فأردت أن أرجع إلى مكاني، لكن قلت أختم بسؤال لعله ينتج منه شيء؟ فقلت لهم: نحن اجتمعنا في هذا المؤتمر الطبي لأجل دواء أو سائل أو مكتشف كذا مليون دولار على شيء في داخل جسم الإنسان، لكن ما هي الحكمة من وجود الإنسان هذا نفسه؟ لماذا موجود الإنسان على كوكب الأرض؟ لماذا؟ انتهت الخمس دقائق فأردت الرجوع إلى مكاني فإذا إشارات أكمل أكمل أكمل، فأشار لي منظم المؤتمر يقول: فتكلمت في خمس دقائق إضافية لماذا نحن مخلوقون؟ ونتج عن ذلك إسلام أربع طبيبات غربيات في تلك المناسبة.

الشاهد: أنه لما الواحد يروح بالهزيمة النفسية غير لما يروح بالعزة الإسلامية، ولما يروح مداهنة غير لما يروح بروح الاستمساك، وهذا ما نريده اليوم لإنقاذ جيل كامل، وإلا يوجد انهيارات في مواقع مختلفة، نحن نحتاج اليوم والله إلى حديث النبي ﷺ لشداد بن أوس: إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً، وأسألك لساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم؛ إنك أنت علام الغيوب [رواه أحمد: 17114 وابن حبان: 935 وإسناده جيد].

يعلق ابن القيم على الحديث يقول: "الدين مداره على أصلين: العزم والثبات، فمتى أيد الله العبد بعزيمة يمضي عليها في الطريق، وثبات يحافظ فيها على الطريق، فقد أيده بالمعونة والتوفيق.

كم رأينا من حرص مسلمة على حجابها أدى إلى إسلام آخرين؟

كم رأينا تجنب مسلم لحرام أدى إلى إسلام آخرين وإلى ثبات آخرين، حتى تطبيق السنن، يعني واحد مرض من الجالية الإسلامية دخلوه على المستشفى، جاء إخوانه المسلمون يزورونه، جنبه واحد ثاني في السرير غربي، يعني هذاك إذا جاء له واحد كم واحد يزوره الغربي؟ هذاك ابن البلد واحد اثنين، هذا يجي له في اليوم أكثر من عشرة، فالغربي انتهز فرصة خلت الغرفة فقال لجاره هذا المسلم في السرير كلهم مرضى على الأسرة قال له: لا بد أنك شخصية مهمة أنت في أي بي؟ قال له: لماذا؟ قال: كل هؤلاء الزوار يزوروك لازم أنت وزير أو أمير أو تاجر، قال له: لا، أنا طالب أدرس، قال له: مستحيل، لا يمكن، خلاص، شف تطبيق سنة عيادة المريض قادت في النهاية ذلك الرجل إلى الإسلام، تطبيق سنة. ممكن أحياناً تبدأ المسألة باستهزاء، حدثني واحد قال: أنا رحت أمريكا أريد مكاناً أصلي فيه، جاء وقت الصلاة ما في مكان، فأخذت مكاناً على الرصيف يعني أبعدت قليلاً، وأردت وضع سترة، فتحت السيارة لقيت فيها سلندر غاز صغير للشاهي، قال: أسوي عليه شاهي إذا طلعنا، وضعته وصليت، يقول: مر واحد من تلك البلاد وقف وقال: تعبد الغاز يعني، مصدر طاقة، بعدين شرح له بعدما خلص، فهي ممكن تجي كذا، تجي من تطبيق سنة السترة، هذاك يجي يتساءل: تعبد الغاز؟ أيوه مصدر طاقة معقولة، يعني فيشرح له الآن لماذا أنا وضعت هذه.

حدثني واحد راح وذهب وسكن عند عائلة، واحد هو وزوجته عجوز وزوجها الشايب ما عندهم أحد إلا البيت، ولذلك فيه مكان في البيت يؤجرانه ملحق، يقول: أنا مرة رجعت من الجامعة لقيتها تخرج من هذا الجناح الذي أنا مستأجره ثم قالت: أنا أريد أعرف سراً، قال: وما هو؟ قالت: نخن أجرنا لناس قبلك كثير، أنا مستغربة إنه أنت بالذات لما أدخل وراك لما تروح الجامعة أنا أدخل وراك على الجناح ودورة المياه ما أشوف شعرة لماذا؟ والذي قبلك نشوف أشكال وأشياء عجائب، فشرح لها قال: ديني الطهارة، والطهارة كذا، والنظافة، قال: فكان ذلك سبباً في إسلامها، ثم إسلام زوجها.

نفس العملية عامل مغسلة في بريطانيا لاحظ أن هذا الآدمي الذي يجيب له الثياب، هذا ثيابه غير ثياب الباقين؛ لأن هذا عنده استنجاء واستجمار، أما أولئك ما عندهم استنجاء واستجمار، فسأله: لماذا أنت ثيابك تختلف عن ثياب الآخرين؟ فيه ناس عندهم دقة وانتباه، وهؤلاء سبحان الله قد يهديهم ربهم بإيمانهم.

الثبات في زمن الانتكاسة

00:56:11

إن موضوع الاستمساك بالوحي اليوم في عالمنا هذا يكتسب أهمية بالغة من وراء كثرة حوادث الارتداد والنكوص على الأعقاب والتغير، والانتكاسات المتواصلة، وهذه بعض الانتكاسات، هذه انتكاسات عقدية خطيرة لدرجة أن بعضهم قد وقع في الإلحاد مع أنه والله هذا القرآن لو واحد أقبل عليه: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ، ويناقش حتى الملاحدة  أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ  يعني من العدم  أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ  [الطور: 35] لأنفسهم  أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ [الطور: 36]، وخلق  السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر: 57].

كذلك الملاحظ أيضاً ما يحصل من التغيرات التلون في الدين؛ مثل استباحة محرمات كان يعتقد حرمتها فإذا به الآن غير وتغير.

وطبعاً هذا الأمر الثبات فيه يقود أحياناً إلى مواقف مفاصلة لكنها تثمر شيئاً، هذه فتاة في بلد تضع الحجاب وكل يوم ينالها توبيخ من إدارة هذه المدرسة، وطال التوبيخ أمها، وأنهم استدعوها، وأنه في الأخير، قالت: يا بنتي نحن ناس مساكين وهؤلاء تسلطوا علينا، فقالت: يا أمي أنا ما يمكن أتنازل هذا أمر الله، فذهبت في اليوم التالي بحجابها الكامل، فأول ما رأتها تلك المسؤولة وقعت فيها توبيخاً وتعنيفاً، وهذه البنت ما تحملت فانفجرت بالبكاء، فرقت الأخرى أو لانت، رأتها انفجرت بالبكاء، قالت: لماذا تبكي؟ قالت: أنا ما أدري أطيعك أو أطيعه؟ قالت: من هو؟ قالت: ربي الذي خلقني، فكان ذلك سبباً على الأقل في قضية حدوث رضوخ للحق، والكف عن مطالبة هذه الفتاة بترك الحجاب.

وأذكر موقفاً لطالب في الجامعة في أيام قديمة كان قد غشي على عقول كثير من الشباب المداهنة والاستسلام للوافدات الأجنبية والأطروحات الغربية، وإذا بدكتورهم في الفصل الدراسي يقول: متى ستخرج هذه المرأة إلى مسرح التمثيل وتمثل في المهرجانات وتغني في المهرجانات الغنائية وتمثل في المهرجانات السينمائية؟ وبعض الجالسين كان يضحك ويبتسم مجاملة للدكتور غير أن طالباً شجاعاً مسلماً رفع يده، قال: نعم، قال: يا دكتور أنا عندي سؤال، قال: ما هو؟ قال: أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ [البقرة: 140]؟ طبعاً هذا جزء أَمِ اللَّهُ  ما استطاع طبعاً الدكتور أن يقول: إنه هو  أعلم من الله؛ لأن أهل الباطل لهم حد معين، بعد ذلك مجاهرة بالإلحاد والزندقة، قال: لا، طبعاً أكيد الله أعلم، قال: طيب يا دكتور إذا كان الله يقول: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور: 31]، وأنت تقول: تكشف، والله يقول: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ  [النور: 31]، وأنت تقول: تطلع زينتها، والله يقول: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور: 31]، وأنت تقول: ترقص، نسمع كلامك وإلا كلام الله؟

هنا خلاص، هنا الثبات.

ممكن موقف واحد يدخل به الإنسان الجنة، يمكن موقف واحد يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وامرأة سقت كلباً، وواحد أزال غصن شجرة من الطريق، إذا كان أزال غصن شجرة من الطريق غفر الله له كيف الذي يزيل الشبهات من طريق المسلمين؟ كيف الذي يزيل هذه العوائق من طريق المسلمين؟ الآن شباب يتعرضون، شابات في مواقع التواصل مخاطبات نبغى نتعرف، هنالك يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا، طبعاً وفي الآخرة، اكتب الموعظة وامش وأغلق.

أما الاستمرارية والانسجام وكثرة الكلام وفتح الشيطان الأبواب، مرة واحد شاب قال: الذي أوقفني عن الحرام آية في سورة يوسف يقول الله: لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ [يوسف: 24] يقول: أنا كلما أذكر الآية هذه كلما حصل لي موقف في دعوة للحرام وإلا طلعت لي دعوة للحرام وإلا من امرأة وإلا من فتاة يقول: هذه الآية تجيني كذا، يعني كذا على طول؛ لأن يوسف لما  وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ  [يوسف: 23]، وقال الله: لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ  [يوسف: 24]، ففي ناس يثبتهم الله، يعني يخطر في باله شيء تجيه تمر أمامه آية، يقول واحد: أنا ذهبت للخارج الذي وقفني عن الحرام مع كثرته أن أمي كانت قبل أن أذهب أوصتني، قالت: شف يا ابني إياك والحرام، إلا الحرام انتبه، فكانت كلمتها رادعاً لي في مواقف كثيرة.

لماذا؟ أهمية التربية: أن الواحد لما يتعرض للبيئات المختلفة فيه أشياء توقفه.

نسأل الله أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.