الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ :: 31 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

طريقة إعداد درس التفسير


عناصر المادة
مقدمة عن كتب التفسير
نبذة تعريفية عن أشهر كتب التفسير بالمأثور
1- تفسير ابن جرير
2- تفسير البغوي "معالم التنزيل"
3- تفسير ابن عطية "المحرر الوجيز"
4- تفسير ابن كثير
5- تفسير السيوطي "الدر المنثور"
نبذة تعريفية عن أشهر كتب التفسير بالرأي
1- تفسير الرازي: "مفاتيح الغيب للرازي"
2- تفسير البيضاوي، والنسفي، والخازن
3- تفسير أبي حيان "البحر المحيط"
4- "تفسير الجلالين"
5- تفسير الألوسي "روح المعاني"
تفسير القرطبي
تفسير ابن الجوزي "زاد المسير"
أشهر كتب التفاسير المؤلفة في العصور المتأخرة
تفسير الشوكاني "فتح القدير"
تفسير ابن سعدي "تيسير الكريم الرحمن"
طريقة تحضير التفسير
طريقة تحضير التفسير للعامة
طريقة تحضير التفسير لطلبة العلم
طريق تحضير درس التفسير بشكل شامل
تحضير درس التفسير بطريقة الدراسة والمدارسة
تحضير درس التفسير بالنسبة للسورة
تحضير درس التفسير بالنسبة للآية
التطبيق  العملي لتحضير درس التفسير

فيما يتعلق بطريقة تحضير التفسير وإعداد درس في التفسير.

مقدمة عن كتب التفسير

00:00:12

قبل أن نتكلم في هذا الموضوع فإنه يحسن أن نلقي نظرة مختصرة على بعض كتب التفسير الموجودة في المكتبة الإسلامية؛ لأنك إذا أردت أن تحضر درساً في التفسير فلا بد أن ترجع للمراجع.

فالمراجع الموجودة في المكتبة الإسلامية في التفسير كثيرة، ومنها: ما يتعلق بالتفسير مباشرة، منه ما يتعلق ببعض أنواع علوم القرآن المهمة في التفسير كمثل الكتب الموجودة في أسباب النزول، وكل فصل من علوم القرآن له كتب تخدمه، لكن ما هي الأهم أهم الكتب التي تحضر منها درس التفسير؟ هي التفاسير ولا شك.

نبذة تعريفية عن أشهر كتب التفسير بالمأثور

00:01:04

1- تفسير ابن جرير

00:01:04

إذا نظرنا في المكتبة الإسلامية لوجدنا أن هناك عدداً من التفاسير؛ فمن ذلك: تفسير ابن جرير -رحمه الله- تعالى-، ولا يخفى عليكم أن ابن جرير -رحمه الله- إذا صح أن يقال: هو أبو المفسرين فيمكن أن يقال ذلك؛ لأن تفسيره هو أشمل وأقوم وأشهر التفاسير.

وتفسير ابن جرير الطبري -رحمه الله- تعالى- هو المرجع الأول في التفسير، والذين جاؤوا بعده نقلوا عنه.

فالذي لا يعرف طريقة ابن جرير في التفسير فإن طريقته -رحمه الله تعالى- قائمة على التفسير بالمأثور، وأول ما يفتتح الآية يقول: القول في تأويل قوله تعالى، ثم يأتي بالآية، ثم يفسر الآية، ويستشهد بما جاء في تفسيرها من الروايات المرفوعة والموقوفة على الصحابة، والتي تنتهي بالتابعين بأسانيده الخاصة.

وأحياناً تكون الروايات أو الأقوال متعددة في تفسير الآية فيرجح بعضها على بعض، ويشتغل أيضاً بالإعراب إذا دعت الحاجة إلى ذلك .

وكذلك فإن ابن جرير -رحمه الله تعالى- يلتزم بذكر الأسانيد بطبيعة الحال فتفسيره أكثره أسانيد.

ويوجد في تفسير ابن جرير أحاديث ضعيفة وموضوعة، وهو لا يشير إلى ذلك دائماً بل ولا غالباً اكتفاء بالقاعدة التي تقول : من أسند فقد حمل.

فالذي يذكر لك الإسناد حملك أنت تبعة البحث في حاله.

وابن جرير كذلك -رحمه الله- تعالى- يعتني بذكر القراءات ويذكر معانيها المختلفة، والفرق بين قراءة وأخرى .

وكذلك يوجد في ابن جرير عدد من الإسرائيليات المنقولة عن كعب الأحبار أو وهب بن منبه أو ابن جريج أو السدي  ففيه إسرائيليات كثيرة.

وكذلك فإن ابن جرير -رحمه الله- لا يتوسع في أمور لا تهم التفسير كما يتوسع بعض المفسرين فمثلاً إذا جئت إلى قول  الله في المائدة التي أنزلت على أصحاب عيسى قال: وجائز أن يكون كان سمكاً خبزاً، وجائز أن يكون كان ثمراً من ثمر الجنة، وغير نافع العلم به، ولا ضار الجهل به.

وكذلك في سورة يوسف  وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ  [يوسف: 20] كم الدراهم؟ ثلاثة؟ أربعة؟ عشرة؟ هذا الشيء لا يضر الجهل به، ولا تنفع معرفته، فيعرض عنه.

ويمتاز تفسير ابن جرير كذلك بالاحتكام إلى كلام العرب، والاعتناء بجمع الشعر القديم؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، ولذلك فإنه يرجع إلى الشعر العربي الأول، ويكثر من الإتيان بالشواهد، ويتعرض للمذاهب النحوية.

ونعرف أن النحويين لهم مدرستان مشهورتان البصرية والكوفية فيرجح أحياناً مذهب أهل البصرة، أو مذهب أهل الكوفة.

هناك بعض المباحث الفقهية الموجودة في تفسير ابن جرير -رحمه الله- تعالى-، وقد يذكر بعض الأشياء المتعلقة بالعقيدة من المباحث أيضاً.

2- تفسير البغوي "معالم التنزيل"

00:05:13

أما التفسير الآخر الذي نجده أيضاً في المكتبة الإسلامية فيما يتعلق بالتفسير والتفسير بالمأثور هو: معالم التنزيل للبغوي -رحمه الله-.

أولاً: "معالم التنزيل للبغوي" من تفاسير أهل السنة.

ثانياً: هو من التفاسير التي اعتمدت على التفسير بالمأثور.

ثالثاً: هو تفسير متوسط فليس تفسيراً ضخماً.

رابعاً: يحاول فيه جمع الصحيح ويتجنب الواهيات والمنكرات، وقد قال ابن تيمية -رحمه الله- في "تفسير البغوي": البغوي تفسيره مختصر من الثعلبي لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة، لأن تفسير الثعلبي مليء بهذه الأشياء.

ولما سئل ابن تيمية -رحمه الله- عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة، الزمخشري أو القرطبي أم البغوي وغيرها؟ قال: أما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة البغوي، لكنه مختصر من تفسير الثعلبي وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه وحذف أشياء غير ذلك.

تفسير البغوي إذاً من التفاسير المهمة وقد طبع محققاً مؤخراً فاقتناء تفسير البغوي مهم.

الكتاب لا يسلم من مؤاخذات، قد يروي عن بعض الضعفاء مثل الكلبي، ولكن طالب العلم لا شك أنه سيبحث.

ثم إن المفسرين إذا لم يكونوا من أهل السنة فسيرجحون أقوال أهل البدع في التفسير، ولذلك لا بد من أن يكون المفسر سلفياً، فلذلك تفسير البغوي مهم لأن صاحبه سلفي العقيدة بينا كثير من التفاسير أصحابها من أهل البدع أو ينهجون منهجاً مبتدعاً على صلاح وخير فيهم، لكنهم يسلكون في ترجيح الأقوال وفي شرح الآيات مسلك البدعة التي تفشت عندهم أو فيهم.

فالتفسير لا يخلو من ملاحظات، قد يوجد فيه بعض الأشياء المروية عن الضعفاء وأحياناً يوجد فيه بعض الإسرائيليات، لكنه لا يستغنى عنه.

3- تفسير ابن عطية "المحرر الوجيز"

00:07:56

أما التفسير الثالث فهو: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، هذا الكتاب نشير له إشارة لأن الكتاب هذا بقي فترة طويلة لم يطبع، ثم طبع مؤخراً لكنه كتاب واسع، مطبوع في نحو عشرين مجلداً الآن، وله أكثر من طبعة.

 صاحبه ابن عطية عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي الغرناطي.

هذا الكتاب: اسمه المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ومع أن اسمه يوحي بأنه مختصر لكنه من الكتب الموسعة.

وهو كتاب محترم عند جميع المفسرين، ومؤلفه صاحب روح علمية فياضة، وقد لخص كتابه من التفاسير كلها.

وهذا الكتاب عند المتقدمين كتاب مشهور لكن لأنه ما طبع إلا من فترة ليست بالبعيدة، فإن الكتاب ليس مشهوراً عند طلبة العلم ينقلون عنه لكنه من الكتب المتعمدة للمتقدمين في تأليف التفاسير.

نقصد بالمتقدمين ليس في طبقة ابن جرير، وإنما بعدهم.

وابن تيمية -رحمه الله- سئل عن كتاب ابن عطية هذا فقال: تفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشري وأصح نقلاً وبحثاً وأبعد عن البدع وإن اشتمل على بعضها، بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير.

وقال أيضاً: وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة وأسلم من البدع من تفسير الزمخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل فإنه كثيراً ما ينقل عن تفسير محمد بن جرير الطبري وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدراً.

ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال.

ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس المعتزلة، فإذاً هذه الملاحظة على تفسير ابن عطية كما يقومه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تعالى-.

فإذاً فيه بعض الميل إلى المعتزلة واتباع الطرق الكلامية لكنه تفسير مفيد ولا شك.

4- تفسير ابن كثير

00:10:48

أما التفسير الذي طار صيته وذاع وانتشر وبورك فيه، وحصل بسببه خير كثير، فهو تفسير ابن كثير -رحمه الله- ولا شك.

وتفسير ابن كثير هو أشهر التفاسير على الإطلاق.

والله بارك في هذا التفسير، وهذا ما يجده الملاحظ له في انتشاره بين الناس.

لا شك أن تفسير ابن كثير هو من أنواع التفسير بالمأثور، ويعتبر الكتاب الثاني بعد ابن جرير في هذا الموضوع، وهو يذكر الآية ثم يفسرها بعبارة موجزة من عنده ويفسرها بالآيات أولاً ثم بالأحاديث المرفوعة إن وجدت، ثم بأقوال الصحابة ثم بالتابعين ومن بعدهم وهو يتبع منهج شيخه ابن تيمية -رحمه الله- في هذا فإنه يذكر أن تفسير القرآن بالقرآن ثم تفسير القرآن بالسنة ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة ثم بأقوال التابعين.

وابن كثير -رحمه الله- ينقل بالأسانيد ويبين درجة صحة الأسانيد لأن له اشتغال بالحديث، هذا ما يميزه عن كثير من المفسرين، وهو أن له اشتغالاً بالحديث، ذلك لأنه تتلمذ على المزي -رحمه الله-، وهو من كبار رجالات الحديث في المسلمين عموماً.

ولذلك فابن كثير له اعتناء بذكر درجة صحة الأسانيد والتعليق عليها أو تبيين حال الضعفاء الموجودين أو حال الرواة ونحو ذلك، صحيح انه ليس مطرداً في كل إسناد، لكن هذا واضح في تفسيره، ابن كثير محدث أثره في التفسير واضح.

وابن كثير -رحمه الله- يرجح الأقوال يقول الأقرب الأول أو الأقرب الأخير أو الأرجح كذا ونحو ذلك، عنده ترجيح هذا أيضاً من ميزات تفسير ابن كثير.

ثم إنه إذا ساق إسرائيليات بناء على السماح الذي سمح به في رواية الإسرائيليات فإنه يعلق عليها فيقول: هذه من الإسرائيليات أو هذه من ترهات كذا أو هذه من كعب أو هذه من وهب ونحو ذلك.

صحيح أنه لا ينبه عليها كلها، وقد أخذ عليه أنه أحياناً يأتي بالإسرائيليات ولا ينبه عليها أو يأتي بإسرائيليات كان الأولى أن ينزه تفسيره عنها لأننا نعلم أن الإسرائيليات تروى إذا كانت لا تخالف الكتاب والسنة.

أما إذا كانت تخالف الكتاب والسنة فلا تروى، فبعضها يخالف الكتاب والسنة.

فالمأخذ في الإسرائيليات أنه أحياناً يأتي بأحاديث إسرائيلية تخالف ما في الكتاب والسنة فلو أنه أعرض عنها بالكلية لاستغنينا عنها.

لكن قد يذكر له عذر أنه أراد التنبيه عليها.

وعلى أية حال: أهل العلم طريقتهم في الاستقصاء والجمع أحياناً تتعارض مع قضية التنقيح والاعتماد على الصحيح فقط فلا بد أن يعذر المفسر أو المصنف إذا أتى بأشياء من جهة أنه يجمع وليس ينقح ولا يأتي إلا بقول واحد أو بالصحيح فقط فلا يمكن تحميله ما لا ليس مسؤولاً عنه لأن ذلك يعتمد على طريقته في التفسير، لو قال: طريقتي فقط أن أذكر قولاً واحداً راجحاً ثم أتى بإسرائيليات لانتقدناه لكن إذا لم تكن هذه طريقته فلا يمكن نقده، لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذه سلبية.

وابن كثير -رحمه الله- سلفي ولذلك تفسيره يكتسب أهمية أخرى كبيرة لأنه يفسر الآيات وبالذات آيات الصفات، نحن الآن مشكلتنا في آيات الصفات في التفسير لان المبتدعة إذا مروا بها أولوا وفوضوا وحرفوا فلذلك يحتاج الإنسان ينتبه كثيراً في كلام المفسرين في آيات الصفات مثل إذا مر بقول الله يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10]، أو الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى  [طـه: 5]، ونحو ذلك من الآيات التي تتكلم عن الصفات  لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75] فإنه لا بد أن ينتبه جيداً عند المرور عليها، ولذلك فإن الاعتماد على تفاسير أصحاب العقيدة السلفية مهم في هذا الموضوع.

5- تفسير السيوطي "الدر المنثور"

00:15:28

ومن التفاسير المشهورة المفيدة الموجودة في المكتبة الإسلامية: الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي -رحمه الله-.

السيوطي -رحمه الله- له ثلاثة كتب مشهورة معروفة عنه: الدر المنثور وترجمان القرآن ومجمع البحرين.

يبدو أن ترجمان القرآن ما بدأ فيه إلا قليلاً ثم اخترمته المنية.

مجمع البحرين عامته أسانيد وطرق وهو الذي وضع له كتاب الإتقان كمقدمة له، كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي هو عبارة عن مقدمة لكتابه التفسير الضخم مجمع البحرين.

لكن الدر المنثور هو عبارة عن الآية ما ورد فيها من الأحاديث في تفسيرها بدون أسانيد مع عزو للمخرج، البخاري، مسلم، أحمد، الترمذي، ابن أبي حاتم، إلى آخره، ابن جرير، فقط، ما في كلام من عند السيوطي مطلقاً ولا ترجيح، ما في إلا أحاديث فقط ، فيها الصحيح والضعيف والموضوع.

فمزية تفسير السيوطي أنه ينقل لك أغلب الآثار الموجودة في هذا الكتاب: تحت كل آية.

فالسيوطي اختصر كتابه الدر المنثور وحذف الأسانيد من كتاب آخر له قيل: هو ترجمان القرآن فيه أسانيد ضخمة، وحذف الأسانيد في كتاب الدر المنثور، لكنه عزى الروايات فقط، عزو لصاحب الكتاب الأصلي.

وهو له كتاب: آخر فيه التفسير بالمأثور والأشياء المعقولة والاستنباطات والإشارات ووجوه اللغة والإعراب والبلاغة، إلى آخر ذلك وهذا الذي سماه: مجمع البحرين ومطلع البدرين، وجعل كتاب: الإتقان مقدمة له.

وفائدة تفسير السيوطي أنه ينقل لك الآثار الواردة بدون أسانيد.

لو قلت: ما الفرق بينه وبين ابن جرير؟

ابن جرير ينقل بأسانيده هو.

وابن جرير متقدم فقد يكون فاته أشياء من الكتب، فالسيوطي -رحمه الله- يذكر مما هو في الكتب الستة وفي غيرها.

فهو إذاً من ناحية فيه أشياء زائدة على ما في ابن جرير.

فللإحاطة بالأقوال تفسير السيوطي ملم، لأنه عبارة عن كتاب جامع جمع فيه أشياء كثيرة.

نبذة تعريفية عن أشهر كتب التفسير بالرأي

00:18:34

وأما ما يتعلق بالتفسير بالرأي والتفسير بالمعقول الذي لا يعتمد على الآثار اعتماداً أصلياً كبيراً، فهناك عدة كتب في هذا الموضوع، في بعضها كتب مهم للإنسان أن يرجع إليها، لأن التفسير بالمعقول، أو التفسير بالرأي ليس مذموماً كله إذا كان يستند إلى استنباطات صحيحة بطريقة صحيحة فإنه لا يرمى به وإنما يستفاد منه في أشياء كثيرة.

لكن إذا واحد نظر في التفسير بالرأي فإنه سيجد تفاسير كثيرة لن يأبه بها من جهة ما فيها من الترهات والأباطيل، من كثرة ما فيها من الترهات والأباطيل، وإن كان فيها حق وفيها أشياء صحيحة لكن يغلب عليها البدعة والأشياء الباطلة.

1- تفسير الرازي: "مفاتيح الغيب للرازي"

00:19:25

فلو سأل واحد وقال: هل ينصح بالرجوع إلى كتاب: "مفاتيح الغيب للرازي"؟

لا ننصح بالرجوع إلى تفسير الرازي، وخصوصاً أن بعض الشباب قد يعجب بكلامه وبمنطقه وباستنباطاته واستدلالاته العقلية، ويقول: هذا فيه أشياء جديدة، لأن بعض الشباب لما يأتي يبحث  في التفسير، ما يبحث عن الصحيح، يبحث عن الجديد أو الشيء المطرف أو الشيء المدهش أو الغريب ونحو ذلك أو الملفت للنظر، وهذا الشيء فيه خطورة، فلو وجدت مثلاً في كتاب الرازي أشياء من هذا القبيل فليست مدعاة للإعجاب لأنها قد تكون من الأباطيل.

كتاب الرازي لا شك أنه من الكتب الكبيرة والضخمة، والكتاب من جهة اعتماده على التفسير بالمأثور يعد كتاب ضعيف، مع أن الرازي -رحمه الله- لم يتمه لكن جاء واحد بعده أتمه، وقيل: اثنان اللذان أتما الكتاب بعد الرازي، مع أنه يصعب التمييز بين كلام الرازي وكلام غيره حتى لا يعرف الحد الفاصل بالضبط بين الرازي وبين من أكمل الكتاب بعده على طريقته ومنهجه.

لكن على أية حال: لا ينصح بالرجوع إلى تفسير الرازي وإن كان التفسير موجوداً، وقد يكون فيه أشياء مطرفة إلا لشخص يعرف يميز بين الأشياء الباطلة وغيرها، والكتاب فيه علوم رياضية وفلسفية كثيرة، ويذكر ما يقوله أهل الفلك وأهل الهيئة في كلامه، ويتعرض لأقوال الفلاسفة بدرجة كثيرة جداً ويرد عليها، ولذلك التفسير قد يمرض الواحد إذا قرأ فيه.

ولذلك عابوا على الرازي أشياء أنه يورد الشبه نقداً ويحلها نسيئة، فيورد الشبه قوية ومتينة، ثم يأتي بالرد فيكون الرد فيها ضعيفاً، فقد يمرض الإنسان من هذه الجهة أيضاً.

فليس تفسيراً سلفياً مطلقاً، حتى اتهم فيه الرازي.

وقال بعضهم: يلتمس له عذر، الرازي لم يكن بحثه عميق من جهة، أو نفسه طويل فقد يحشد أقوال أهل البدع ليرد عليها بقوتها وإحاطتها وشمولها، وبعد ذلك يأتي للرد فيكون خارت قواه، فلا يكمل.

فعلى أية حال: الكتاب فيه اعتناء بالأشياء اللغوية والنحوية والبلاغية.

2- تفسير البيضاوي، والنسفي، والخازن

00:22:30

ما يتعلق بالتفسير بالرأي عدد من التفاسير لكن لأنها ليست مشهورة أو الاعتماد عليها قد لا يكون كبيرًا، مثل تفسير البيضاوي، تفسير النسفي، تفسير الخازن، في بعض هذه التفاسير تجد فيها ترهات وأشياء باطلة كثيرة.

ولذلك لا يحسن لطالب العلم أن يعتمد عليها إذا فرغ من كتب التفسير بالمأثور أو الكتب التي فيها جودة في المنهج بعد ذلك إذا أراد أن يستخرج بعض الفوائد المتناثرة أو البسيطة من هذه التفاسير ممكن لكن في شيء يغني عن شيء، والحمد لله.

3- تفسير أبي حيان "البحر المحيط"

00:23:10

هناك تفاسير فيها اشتغال بالنواحي اللغوية والبلاغية مثل تفسير البحر المحيط لأبي حيان، هذا الكتاب من جهة وجوه الإعراب من الناحية النحوية هذا كتاب مهم، من جهة ما فيه من البحوث حول هذه القضايا حتى أن الكتاب يشبه أن يكون كتاب إعراب، كتاب نحو، كتاب لغة، أكثر من أن يكون كتاب تفسير.

لكنه على أية حال يتكلم عن أسباب النزول والناسخ والمنسوخ لكن تركيزه على النواحي اللغوية.

وإذا جاء إلى القراءات والفروق بين القراءات فإنه يذكر الفروق اللغوية التي بين القراءات.

4- "تفسير الجلالين"

00:23:55

وكذلك فإن هناك من التفاسير المشهورة تفسير الجلالين، وسمي بتفسير الجلالين؛ لأنه بدأ به جلال الدين المحلي وأتمه جلال الدين السيوطي فسمي بتفسير الجلالين.

وتفسير الجلالين صار له ذيوع وانتشار خصوصاً في الأزهر مع المدارس الأزهرية والمعاهد الأزهرية.

وبسبب صلة هذه المدارس والمعاهد بمدارس أخرى في العالم الإسلامي فإن التفسير هذا ذاع وشاع أيضاً في محيط واسع في العالم الإسلامي.

وهذا التفسير تفسير مختصر، يكاد يكون ذكر معنى الآية باختصار أو معنى اللفظة أو معاني المفردات حتى قال بعضهم: عددت حروف القرآن وحروف تفسير الجلالين فوجدتهما متساويين إلى سورة المزمل، يعني حروف التفسير وحروف القرآن متساوية إلى سورة المزمل، ومن سورة المدثر إلى آخر القرآن زادت حروف التفسير شيئاً بسيطاً وقالوا على ذلك: يجوز إمساكه للجنب، بعضهم يقول: إذا كان القرآن أكثر فلا بد من الوضوء ولا يمسه الجنب إلى آخره، ولا يمسكه، قالوا: إذا كان القرآن فيه كلمات أخرى، إذا كانت الغلبة للقرآن فيمشي على القرآن من جهة الأحكام، فهذا أتعب نفسه وعد الحروف حتى توصل لهذه النتيجة، هذه المسائل تؤخذ بالتقريب، ليس الحاجة داعية إلى أن يعد الحروف لكن في ناس -سبحان الله- قد يصرفون أوقاتهم في أشياء لا طائل منها أو  مضيعة للوقت، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

لكن أردنا فقط بالإتيان بهذه اللفظة لبعضهم، بعض أهل اليمن، أنهم عدوا هذه الأشياء أو نقل صاحب كشف الظنون عن بعض أهل اليمن أنهم عدوا الحروف من أجل الإشارة إلى أن تفسير الجلالين تفسير مختصر جداً.

فيه متانة من ناحية الانتقاء لأن الذين كتبوا جلال المحلي والسيوطي من المتأخرين.

لكن مشكلته في العقيدة في آيات الصفات فهو لا يعتمد عليه نهائيًا.

لكن بعض المشايخ يدرسه ويتعقب الأشياء التي في التفسير، هذا مما يوجد في بعض الأباطيل المتعلقة بالعقيدة وبالأسماء والصفات.

5- تفسير الألوسي "روح المعاني"

00:26:52

من الكتب الموجودة أيضا: كتاب: روح المعاني للألوسي.

"روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني" كتاب: للألوسي.

الألوسي متأخر؛ لأنه ولد في عام 1217 للهجرة فهو متأخر.

واشتغل بهذا التفسير فترة طويلة قال: كنت أكتب منه كل ليلة ما يأتي في بالي، هو عجيب، صحيح رجل في الكتابة وقيل أنه كان ينسخ الأوراق في الليلة الواحدة ثم يعطيها إلى المبيضين في الصباح فلا يبيضوها إلا بعد عشرة أيام، يعني ما كتبه هو في ليلة يبيضونه هم في عشرة أيام.

وتوفي في عام 1270 للهجرة.

هذا التفسير فيه بعض الأشياء العجيبة وهو تفسير صعب ليس من التفاسير السهلة.

والتفسير هذا وضع فيه أشياء من الفلك والعلوم التي كانت موجودة في عصره.

والتفسير فيه بعض الأشياء المتعلقة بالوقوع في ترهات الصوفية مما يسمونه بالتفسير الإشاري.

فالألوسي في كل آية يقول: ومن الإشارات في هذه الآية ويأتي بأشياء بعضها أباطيل تعود إلى التفسير الإشاري للصوفية.

وبالإضافة إلى هذا وإدخاله المسائل الكونية في التفسير التي قد لا يوافق عليها مما يعتبر إعجاز علمي في عصره، يعني الإعجاز العلمي للقرآن، فإنه كذلك يستطرد في الأشياء النحوية، ويذكر بعض الأشياء الفقهية، ويتعرض للقراءات.

لكن المآخذ عليه، هي:

قضية التفسير الإشاري.

وقضية إدخال العلوم الكونية في التفسير.

والكتاب ليس من الكتب السهلة، لكن قد ينفع في ذكر بعض الفوائد.

المشكلة في تمييز الفوائد الصحيحة من غير الصحيحة.

تفسير القرطبي

00:29:16

تفسير القرطبي، تفسير مفيد في الأحكام، وهو نقل الأحكام التي فيه من ابن العربي، وأضاف عليها.

"أحكام القرآن" لابن العربي استوعبه القرطبي كله في تفسيره، وأضاف عليه أشياء.

ولكن تفسير القرطبي فيه أحاديث واهية وضعيفة وباطلة.

وله تأويل في آيات الصفات، لكنه يستفاد منه في الأحكام، فيه فوائد غزيرة.

تفسير ابن الجوزي "زاد المسير"

00:29:44

"تفسير زاد المسير، لابن الجوزي".

ابن الجوزي -رحمه الله- تفسيره متوسط لا هو طويل ولا هو قصير ولا هو صغير.

ويعتمد على الآثار، يذكر الأشياء المرفوعة وعن الصحابة والتابعين.

ويذكر مشهور القراءات والمفردات يفسرها ويسوق الأقوال من غير ترجيح في الغالب، زاد المسير ميزته أنك إذا فتحته تجده سهلاً، تجد الأقوال واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، في كل آية.

في تفسير الآيات يسرد الأقوال من غير ترجيح في الغالب، فيفيدك "زاد المسير" في جمع الأقوال في الآية الواحدة بطريقة سهلة.

أشهر كتب التفاسير المؤلفة في العصور المتأخرة

00:30:28

تفسير الشوكاني "فتح القدير"

00:30:28

أما ما يتعلق بالتفاسير التي ألفت في العصور هذا المتأخرة؛ مثل: فتح القدير للشوكاني.

"فتح القدير" أراد به الشوكاني أن يجمع بين فني الدراية والرواية.

بالنسبة لفن الراوية وهي الأشياء المأثورة فلها نصيب كبير من تفسيره.

والدراية ليست أوضح من الرواية فيه وهذا طيب.

ولكن له اشتغال وقصد بها تنقيح وترجيح الأقوال بالاعتماد على الآلات التي يحتاجها المفسرون، والتي لا شك أنها متوفرة في الشوكاني -رحمه الله- لأنه مجتهد من المجتهدين.

والشوكاني يعتمد كثيراً على الدر المنثور للسيوطي، ويزيد عليه أشياء ويرجح، يعني الشوكاني ميزته أنه يرجح.

تفسير ابن سعدي "تيسير الكريم الرحمن"

00:31:31

أما تفسير العلامة ابن سعدي -رحمه الله- الموسوم ب "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، فهو تفسير جيد جداً للمبتدئين؛ لأنه قال رحمه الله: أذكر عند كل آية ما يحضرني من معانيها، فقط، لا يوجد فيه أوجه لغوية ولا شواهد ولا أسانيد، المعنى الإجمالي فقط.

أقول: نحتاج كتاب في المكتبة الإسلامية مثل هذا خصوصا الآن في عصر قل فيه العلم، وصار الناس يحتاجون إلى أشياء مبسطة، وفي نفس الوقت موثوقة، فكتاب ابن سعدي يرشد إليه المبتدئين، كتاب سهل وبسيط جداً.

صحيح أنه أحياناً يستطرد في بعض المباحث فيفصل في أشياء، لكن إذا قال لك واحد مبتدئ: أريد كتاباً في التفسير موثوقا ؟

 تدله على تفسير ابن سعدي.

تفسير جيد للغاية في هذا الجانب.

هناك كتب أخرى في التفسير لكن الآن يكفي هذا في السرد في تبيين بعض مزايا بعض التفاسير.

طريقة تحضير التفسير

00:32:51

نأتي الآن إلى موضوعنا وهو: قضية تحضير درس التفسير.

أولاً: إذا أردنا أن نحضر درساً في التفسير، أو إذا أردت أن تحضر درساً في التفسير فلا بد أن تسأل نفسك السؤال التالي: تحضره لمن؟ تحضر التفسير لمن؟ هل تحضره لأناس مبتدئين أو للعوام، تريد أن تقدمه في مسجد، درس للعامة في مسجد أو للأهل والأقارب، أو تريد أن تحضره لطلبة علم مبتدئين، أو تريد أن تحضره لطلبة علم جيدين؟

هذا السؤال ينبغي أن يعرف جوابه؛ لأن طريقة التحضير تعتمد على الجواب.

طريقة تحضير التفسير للعامة

00:34:04

فإذا قلت: أريد أن أحضر درساً في التفسير مبسطاً للعامة، فماذا أفعل وعلى أي الكتب أعتمد؟

فالجواب في نظري أنه يكفيك ثلاثة أشياء:

أولًا: تفسير المفردات.

ثانياً: المعنى الإجمالي.

ثالثاً: اللطائف والفوائد الموجودة في الآية، العبر والدروس الموجودة في الآية.

للعامة يكفي جداً.

هذا يصلح أن يفعل هذا المنهج، درس يقدم للعامة في مسجد أو في مركز تحفيظ قرآن للنساء من العوام، يقدم التفسير بهذه الطريقة.

أو الأقارب والأهل إذا أردت أن تعقد لهم حلقة في التفسير فيكفي تعريفهم بالمفردات، والمعنى الإجمالي واللطائف والفوائد الموجودة في الآيات يكفي جداً.

بالنسبة للمفردات، فهناك أربع كتب من كتب المفردات، فيه كتب خاصة بالمفردات للقرآن، ما تتكلم فقط إلا عن اللفظة ومعناها فقط، لا شواهد، لا آثار، لا أحاديث، لا يوجد فيها شروحات ولا ترجيحات، فقط اللفظة ومعناها، يعني الكلمات الغريبة.

الغريبة عند العلماء المتقدمين لما صنفوا فيه كلمات كثيرة واضحة، لكن الآن إذا جئت إلى العامة عندنا فهي تعتبر من الكلمات الغريبة.

على أية حال: لو أنك رجعت إلى كتاب مختصر تفسير الشوكاني الموسوم ب "زبدة التفسير من فتح القدير" الذي اختصره "محمد سليمان الأشقر" من تفسير الشوكاني، يكفي جداً.

وإذا أردت مرجعاً أصلياً في الفن يعني في فن غريب القرآن، فهناك كتاب جمع أربعة كتب: السيروان، واحد معاصر، أخذ كتاب: "العمدة" لمكي بن أبي طالب القيسي على كتاب "غريب القرآن" للسجستاني، على كتاب ابن أبي طلحة، على ابن قتيبة؛ جمعه في كتاب واحد، يأتي لك على الكلمة، وجعل لكل مؤلف رمزاً، يأتي على كلمة "عسعس" يقول معناها: أقبل كذا، أدبر كذا، فيأتي لك فقط بمعنى الكلمة، وإذا اختلفت يجعل لكل ما يقابلها من الرمز للكتاب المنقول منه؛ لأن هذه الكتب خاصة بتفسير المفردات.

وكذلك كتاب: "غريب القرآن للسجستاني" هذه كتب أصلية في فن غريب القرآن، فيمكن الرجوع إليها إذا أردت أكثر من معنى للكلمة الواحدة.

لكن أنا في نظري والتجربة التي جربناها في إلقاء الدروس في المسجد كتاب: "زبدة التفسير" كاف جداً للعامة.

وإذا جئت إلى المعنى الإجمالي.

المعنى الإجمالي بالنسبة للعامة أكثر من ابن سعدي لا يحتاجون، بل هو تفسير بسيط جداً، يعني إذا جئت تقرأ أحياناً تقول: هذه الآية ما ذكر فيها شيء، إذا احتجت إلى زيادة ممكن توسع، لكن بالنسبة للمعنى الإجمالي يكفي تفسير ابن سعدي.

وكذلك إذا وجد لطائف لابن القيم في الآية.

استطعت أن تصل إليها، الآن المطبوع الآن من كلام ابن القيم في الآيات، يعني نقطة في بحر بالنسبة لكلامه هو -رحمه الله- في الآيات.

والآن فيه أكثر من رسالة جامعية تحضر وتجمع كلام ابن القيم في الآيات من كتبه، هذه تطبع في مجلدات، الموجود مجلد واحد للندوي، يعني مختصراً، كأنه لم ير حتى على الكتاب الواحد لم ير على كل ما فيه فجمع تجميعات لكن إذا وجد الكتب التي فيها أو هذه الرسائل التي فيها إشارات أو كلام ابن القيم ولطائفه التي ذكرها في التفسير أيضاً يمكن يؤخذ منها أشياء.

وإلى هذا الحد أظنه كافٍ في موضوع التفسير الذي يقدم للعامة، ما يحتاج أكثر من ذلك.

طريقة تحضير التفسير لطلبة العلم

00:40:29

أما إذا جئت إلى طريقة تحضير التفسير فيما يتعلق لطلبة العلم، أو الشباب فيما بينهم يدرسون التفسير، فإنني أقول: إن الشباب يتفاوتون فليسوا سواء في المستوى العلمي، ولذلك فيمكن أن يكون تفسير ابن كثير يكفيهم جداً.

والبغوي ينبغي الاعتناء به؛ لأن تفسير البغوي يناسب طبقة معينة مناسبة كبيرة وواضحة، وما استفيد منه كما ينبغي.

كان كتاب: البغوي مطبوع بهامش ابن كثير وكتاب آخر في بعض الطبعات، الآن أفرد وحقق لوحده.

فتفسير البغوي تفسير مهم من التفاسير التي تصلح للمبتدئين في طلب العلم، يعني إذا جئنا ندرس تفسيراً في مسجد وأردنا أن نتدرج في التفسير نأخذ البغوي، إذا أنهيناه ممكن نأخذ ابن كثير.

لكن إذا واحد قال: نريد طريقة شاملة؟

أنا فقط قصدت الإشارة الآن إلى أنه حتى بالنسبة لتحضير التفسير مع الأشخاص الموجودين ليسوا سواء في المرتبة، ولذلك أحياناً واحد يحمل عقول الجالسين ما لا تحتمل بأن يحضر تفسيراً من التفاسير بطريقة قد تملهم وقد تجعل الأشياء معقدة وليست واضحة، ويضيعون في الأقوال، ولا يستطيعون التمييز بين قول وآخر، وهذا ليس بجيد في منهج طلب العلم.

وفي واحد اختصر تفسير البغوي لكن المطبوع الذي طبع حديثاً هذا كامل تفسير البغوي نفسه.

طريق تحضير درس التفسير بشكل شامل

00:43:23

فإذا كان قال: أريد طريقة شاملة في التفسير، يعني طريقة فيها طلب وفيها بحث وفيها نقاش وفيها عرض أشياء وشمولية؟

فنقترح ما يلي:

الموضوعات التي تراعى في تحضير درس التفسير الشمولي هناك طريقتان:

طريقة تعتمد على التحضير.

وطريقة تعتمد على الدراسة والمدارسة.

تحضير درس التفسير بطريقة الدراسة والمدارسة

00:43:55

طريقة الدراسة والمدارسة هذه هي نهاية المشوار، النهاية في موضوع دراسة التفسير، لكن لأن هذه الطريقة نادراً ما تدرس الآن على مستوى البلدان عموماً؛ لأنه لا يوجد أهلية لتدريسها إلا من الندرة.

ومنهج هذه الطريقة غير موجود تقريباً، فنشير إليه إشارة عابرة لعلنا نكون يوماً من الأيام ممن يدرسون بهذه الطريقة.

الطريقة أنك إذا أردت أن تدرس تفسير ابن كثير، فإنك تقرأ التفسير تستخرج الأقوال، وتحقق الأسانيد وتخرج فيستثنى الضعيف ويبقى الصحيح، وإذا كان فيه أسباب النزول يستثنى ما ليس بصريح ويبقى الصريح.

تبقى الأقوال الأخيرة في النهاية تطبق عليه فن قواعد التفسير، وتناقش أيها أقرب إلى الصحيح، وتوضع قواعد تفسير تكون محفوظة للطلاب، ثم يبدؤون في المناقشة مع الشيخ.

مناقشة أقوال العلماء الواردة في تفسير الآية قولاً قولاً، بناءً على قواعد التفسير.

التفسير له قواعد، بناءً على قواعد التفسير يستخلص القول الراجح.

هذه الطريقة المتقدمة والتي نادراً ما يدرس فيها التفسير الآن، لا يوجد إلا قليل في حلق المساجد على مستوى البلاد عموماً.

هذه الطريقة مجهدة من جهة البحث في الأسانيد، معرفة الصحيح.

ثم تحتاج إلى نظر وليس كل واحد أهل لأن ينظر في أقوال المفسرين ويرجح فيها.

وتحتاج إلى استيعاب قواعد التفسير أصلاً.

وتحتاج إلى أن يكون الواحد يفهم دلالة اللفظ على معناه، هل هذا المفسر فسره بشيء من معناه، وهذا فسر كل معناه؟ وهل اللفظ يحتمل أو لا يحتمل؟

وأشياء تحتاج إلى قواعد في اللغة والنحو وأيضا.

فهذه قضية أخرى الآن، هذه ليست داخلة في بحثنا؛ لأن هذه مسألة تحتاج إلى أن نطور أنفسنا لنصل إلى قضية مستوى التخريج والحصر، ثم الترجيح بين الأقوال، بناءً على قواعد فن التفسير.

فهذه مسألة متقدمة.

تحضير درس التفسير بالنسبة للسورة

00:46:26

أما إذا جئت تقول: نريد أشياء شاملة في تحضير التفسير؟

فأقول: إذا جئت إلى سورة تريد أن تحضر التفسير المتعلق بهذه السورة، فهناك بنود تبحثها في السورة، وبنود تبحثها في الآية فمثلا من البنود التي تبحثها في السورة:

أولاً: مناسبة السورة لما قبلها.

ثانياً: سبب نزول السورة إن وجد.

ثالثاً: هل هي مكية أو مدنية؟ يعني مكان النزول، يعبرون عنه بمكان النزول يعني مكي أو مدني.

رابعاً: سبب تسمية السورة، لماذا سميت بهذا الاسم؟ وهل لها أسماء أخرى؟

خامساً: الموضوع الإجمالي للسورة.

سادسًا: المواضيع التفصيلية في السورة.

سابعاً: فضل السورة إذا وجد.

ثامناً: الناسخ والمنسوخ فيها.

تاسعاً: فواصل الآيات.

-طبعاً- في السورة، في مبحث عدد الآيات، وهل يوجد فيها مكي أو مدني؟ لأن السورة كلها قد تكون مكية أو تكون مدنية لكن بعض الآيات في بعض الحالات تكون السورة بعضها مكي، وبعضها مدني.

فينبغي إضافة عدد الآيات وتمييز المكي من المدني إذا وجد.

ويضاف أيضاً مبحث آخر: الأحكام الخاصة والعامة؛ لأن السورة قد يكون فيها أحكام خاصة بالنبي وأحكام عامة للأمة، هذه داخلة في المواضيع التفصيلية للسورة، فقد تشتمل على أحكام، وفيها خاص، وعام فيها شيء عام للأمة وشيء خاص بالنبي ، وسنأخذ مثالاً على ذلك.

فهذا بعض ما يتعلق بالسورة نفسها.

تحضير درس التفسير بالنسبة للآية

00:49:20

أما بالنسبة للآية فإنك تبحث فيها عدداً من الموضوعات منها:

أولًا: سبب النزول إن وجد لأنه قد يكون السورة ما لها سبب نزول لكن الآية في السورة لها سبب نزول، سبب النزول إن وجد.

ثانياً: إعراب الآية والوجوه اللغوية.

ثالثاً: الوجوه البلاغية والبيانية.

رابعاً: المعنى الإجمالي للآية.

خامساً: تحقيق الآثار الواردة في تفسير الآية.

سادسًا: الفوائد أو المباحث الفقهية والأصولية والعقدية المشتملة عليها الآية، قد تشتمل على مبحث فقهي أو مبحث أصولي أو مبحث عقدي ، فتذكر المباحث الموجودة في الآية فيما يتعلق بالفنون الأخرى من العلم كالفقه والعقيدة والأصول.

ثم الفوائد التربوية.

وجوه القراءات تضيفونها في الأول، مع الأشياء اللغوية والإعراب تضاف أوجه القراءات لأن أوجه القراءات متعلقة بالفوائد اللغوية والإعراب.

أنا أعيد وأقول: التحضير بهذه الطريقة قد لا يصلح في جميع الدروس والحلق والمناسبات والشباب أو الحضور؛ لأن المسألة فيها بحث وليس كل الناس يطيقون سماع البحوث الموجودة في المسألة هذه.

التطبيق  العملي لتحضير درس التفسير

00:51:49

إذا جئنا إلى التطبيق العملي لهذا الكلام نأخذ سورة وآية منها، ونرى كيف نفعل.

لو أخذت سورة الأحزاب، نريد أن نتكلم عن تفسير سورة الأحزاب، ونطبق بعض هذه الأشياء الموجودة على السورة.

في كتب التفاسير تتكلم على المكي والمدني، في كتب خاصة بالمكي والمدني لكن الكتب الخاصة صارت تصب في التفاسير في النهاية، فلذلك التفسير يحتوي على الكتب التي جاءت في المكي والمدني وأسباب النزول، إلخ..

إذا بحثت ستجد أن السورة مدنية بالاتفاق.

إذا جئت إلى سورة الأحزاب قلت: هي مكية أو مدنية؟

ماذا نفعل؟

أول شيء نرجع إلى الأحاديث هل هناك أحاديث حددت المكي من المدني.

ما في أحاديث مرفوعة حددت المكي من المدني، لا يوجد، فالعمدة على أي شيء هل هناك جاء شيء عن الصحابة؟

إذا رجعت لتفسير الشوكاني فسيرشدك تفسير الشوكاني أن هناك روايات عند البيهقي في تحديد المكي والمدني بأسماء السور، وأن الأحزاب من المدني فيحتاج إن تبحث في صحة هذه الأسانيد.

فإذا جئت إلى الأسانيد واستخرجتها من البيهقي، مثال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن زياد العدل قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا فلان وفلان، إلى آخره.

إذا جئت للسند تجد أحمد بن زياد العدل ضعيف، هذه خلصنا منها.

تأخذ سنداً آخر ما هو موجود في البيهقي، فتجد كذلك فيه رجل ضعيف.

تأخذ إسناداً آخر، هذا كله ينتهي إلى ابن عباس، تجد إسناداً ينتهي إلى عكرمة قد يكون صحيحاً ورجاله ثقات أو صدوقون، فتجد فيها مثلًا: أنزل الله من القرآن في مكة: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق: 1] إلى آخره.

وما نزل في المدينة: وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: 1]، و.. و.. حتى يذكر الأحزاب.

فهذا سند قد يصح إلى عكرمة، فيه ذكر تعداد السور المكية والسور المدينة.

إذاً، هذا دليل على أن السورة مدنية.

هذا واحد.

 مثلاً تجد أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال: "نزلت سورة الأحزاب في المدينة" فنحتاج ننظر في هذ الأثر.

هذه كلها الآن من جهة الآثار.

 إذا جئت إلى إجماع المفسرين، قال القرطبي: "مدنية في قول جميعهم".

الأول: الآثار.

ثانياً: إجماع المفسرين.

ثالثاً: أدلة على أن السورة مدنية من غير النقل، يعني من استعراض نفس السورة، فمثلًا: السورة آياتها ليست قصيرة مثل الآيات المكية، مع أن هذه ليست قاعدة، فسورة إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر: 1] مدنية مع أن آياتها قصيرة، وسورة الأنعام مكية مع أن آياتها طويلة، هذه قرائن، الغالب أن الآيات القصيرة مكية، والآيات الطويلة مدنية.

فآياتها ليس آيات قصيرة آياتها آيات سورة مدنية.

من الأدلة الآية تكرر فيها: يا أيها الذين آمنوا ، والعادة أن السور التي فيها تكرار  يا أيها  الذين آمنوا  تكون سوراً مدنية، صحيح ليست قاعدة مطردة لكنها دليل وإشارة قرينة، سبع مرات تكرر فيها: يا أيها الذين آمنوا .

كذلك السورة تتكلم عن غزوة الأحزاب، وغزوة الأحزاب لا شك أنها وقعت في المدينة.

السورة تتكلم عن المنافقين وإيذائهم للنبي ﷺ في قضية زينب وزيد، وهذا الكلام حصل في المدينة: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا  [الأحزاب: 37]، وكلام المنافقين.

أيضاً السورة فيها من جهة الأحكام والمحتويات فيها أشياء عن الحجاب والطلاق والتبني والظهار، وهذه الأحكام نزلت بعد استقرار العقيدة، هذه الأحكام لا يمكن أن تكون نزلت في مكة.

فإذاً، من جهة الآثار ومن جهة النظر صار واضحاً جداً وإجماع المفسرين أن السورة مدنية.

نأتي إلى عدد آيات السورة، قالوا: عدد آيات السورة 73 آية، وكلماتها 1280 كلمة، وحروفها 5796، لكن هذا ما فيه طائل من وراء عدد الكلمات والحروف في الغالب لا طائل منه.

 أما الآيات قد يكون فيها فوائد في عدد الآيات.

لما نأتي إلى عدد الآيات 73 آية، نجد هناك آثار جاءت في عدد آيات السورة في بعضها أشياء ملفتة للنظر، مثلاً: قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا خلف بن هشام حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر قال: قال لي أبي بن كعب: كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ يعني كم آية تعد سورة الأحزاب؟ قلت: 73آية، فقال: قط؟ لا، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة، هذا يقوله أبي بن كعب، تعادل سورة البقرة، هذا الحديث إسناده حسن.

كيف تعادل سورة البقرة؟

هذا فيه إشارة إلى أن السورة هذه كانت طويلة، وفي آيات نسخت منها لفظاً ومعنى، أو لفظاً فقط، السورة هذه كانت سورة طويلة تعادل سورة البقرة، معناه أن فيه آيات نسخت، ولذلك يقول أبي: ولقد قرأنا فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عليم حكيم.

فالآن عرفنا: أن السورة هذه كانت سورة طويلة، ثم نسخ منها أشياء كثيرة حتى صارت بهذا الحجم 73، وأن من الأشياء المنسوخة: الشيخ والشيخة إذا زنيا، وهذا يقودنا إلى البحث في قضية المنسوخ، فقد يحتاج أن تقدم إشارة سريعة عن الناسخ والمنسوخ، فتقول إذا قدمت الدرس: ومن هنا نشير إلى أن النسخ في اللغة على وجهين: النقل: كنقل كتاب إلى آخر، فالقرآن كله منسوخ باعتباره منقول من اللوح المحفوظ، ونزل إلى بيت العزة في السماء الدنيا.

وقد يكون النسخ معناه: الإبطال والإزالة، وهذا هو المقصود في النسخ عند الأصوليين.

وهذا ينقسم إلى قسمين: إبطال الشيء وزواله الكلية وإقامة آخر مكانه، مثل ما تقول: نسخت الشمس الظل، راحت وجاء مكان الشمس.

وهو معنى قول الله -تعالى-:  مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا  [البقرة: 106].

ومنه: ما يكون إزالة الشيء دون أن يقوم آخر مقامه كما تقول: نسخت الريح الأثر، وهذا معنى قول الله فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ [الحـج: 52] يعني راح كل ما ألقى الشيطان بالكلية.

وإذا جئت إلى القضية هذه وهي قضية سورة الأحزاب فإن النسخ الموجود فيها من أي نوع؟

 من النوع الذي هو ذهاب الأشياء ولم يوجد شيء مقامها يعني ما نزلت مثلا آيات بدلا منها فيما يظهر.

-طبعا-النسخ في الشرع هو إزالة حكم شرعي متقدم بخطاب شرعي متأخر.

وقد يكون نسخ أثقل إلى أخف كجواز التولي فيما فوق العشر إلى الاثنين، ونسخ الأخف إلى الأثقل كنسخ عاشوراء إلى صيام رمضان، ونسخ المثل بمثل كنسخ القبلة من بيت المقدس إلى مكة.

ونسخ الشيء لا إلى بدل، كصدقة النجوى نسخت لا إلى بدل.

وفي تقسيم آخر تقسيم اللفظ وبقاء الحكم، مثل: والشيخ والشيخة إذا زنيا، نسخ لفظها وبقي حكمها، بدلاً من أن تكون الآية في القرآن صارت حديثا في السنة.

 ونسخ اللفظ وبقاء الحكم هذا الذي عندنا.

نسخ الحكم وبقاء اللفظ بعض الآيات الواردة في الخمر.

وذكر مقدمة عن النسخ لتصل منها إلى المراد أو المقصود في السورة.

إذا بحثت أكثر في أقوال المفسرين تجدهم يقولون: قال القرطبي كانت هذه السورة تعدل سورة البقرة وكانت فيها آية الرجم، وهذا يحمله أهل العلم على أنه تعالى رفع من الأحزاب إليه ما يزيد على ما في أيدينا، وأن آية الرجم رفع لفظها، وأخرج البخاري في تاريخه قال: قرأت سورة الأحزاب على رسول الله فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها، فيه إشارة إلى أن هناك سورة، الصحابة ناموا وقاموا ومحيت من صدورهم أشياء فما وجدوها، راحت منهم، نسخت، فتتكلم على حكمة الله سبحانه وتعالى في قضية النسخ في هذه الأشياء، الله يحكم ما يشاء.

قال عمر بن الخطاب: ولقد أنزل الله آية الرجم في كتابه في الأول فرجم رسول الله ورجمنا بعده، وأخشى أن يأتي أناس فيقولون: لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيتركوا الرجم فيضلوا ويضلوا.

فإذاً، الحكم باقٍ، أنت فقط تحتاج أن تشير إذا جئت تفسر السورة إلى أن هذه الآية كانت في سورة الأحزاب وإنما نسخت لفظًا وبقيت حكماً، الحكم موجود في السنة: رجم رسول الله ورجمنا بعده، وهكذا..

قيل: إن هذه السورة كانت قريبة من مائتي آية في إشارة في بعض التفاسير.

 ثم يحتاج أن يرد على شبهة، وهي: أن الرافضة احتجوا بالحديث هذا وقالوا: هذا الذي نبحث عنه، هذه السورة الطويلة فيها حقوق آل البيت، وفيها الجانب السياسي من الإسلام، عثمان لما جمع المصاحف أحرق ما يتعلق بحقوق آل البيت وسورة الأحزاب 200 آية كان فيها أحكام آل البيت وفضائل آل البيت، وجاء عثمان الحاقد على آل البيت وحرق ما يتعلق بالقسم السياسي وحقوق آل البيت من القرآن.

 من هنا أطلقوا بعض الآثار التي قد تصح عندنا فقد يحتاج أن ترد على شبهتهم في المسألة، وأن النسخ على عهد النبي  ﷺ، وليس على عهد عثمان، إلى آخره.

أو يقولون: تسللت عنز إلى المصحف الموجود في كذا وأكلت القسم السياسي من القرآن، فهذه العنز الفقيهة، فيحتاج إلى نقد بعض الروايات والترهات التي قد يشيرون إليها.

 هذا يذكره علماؤنا في التفسير يقولون: قالوا كذا، واحتجوا بسورة الأحزاب أنها كذا وكذا، إلى آخره.

نأتي الآن إلى ما يتعلق مناسبة السورة لما قبلها، مناسبة السورة لما قبلها قد تجد فيه كلام واضح وقد لا تجد، وهذه استنباطات من المفسرين، مثلاً ما هي السورة التي قبل سورة الأحزاب؟

السجدة، ما هي آخر آية وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ  [السجدة: 28 - 30]؟

مثلاً : قال ابن حيان في البحر المحيط: أخبر الله أنه يوم الفتح أنه لا ينفعهم إيمانهم فأمرهم في أول هذه السورة بتقوى الله، ونهاه عن طاعة الكفار والمنافقين فيما أرادوا به.

 وقال في روح المعاني: ووجه اتصالها بما قبلها على ما قاله الجلال السيوطي تشابه مطلع هذه ومقطع تلك، فإن تلك ختمت بأمر النبي بالإعراض عن الكافرين وانتظار عذابهم، وهذه بدأت بأمره ﷺ بالتقوى وعدم طاعة الكافرين والمنافقين، واتباع ما أوحي إليه والتوكل على الله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا  [الأحزاب: 1].

فالشاهد: قد يوجد رابط وقد لا يوجد، ولا نرضى بالأشياء التعسفية، فيمكن أن تشير إلى أن فلاناً ربط لكن ربطه فيه تعسف، ما هو شرط أن يوجد رابط، وقد يوجد رابط، مثلاً: سورة الفيل وسورة لإيلاف قريش، واضح أنه في رابط، نصوا عليه فيقولون: الله أهلكهم:  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ [الفيل: 1] أهلك أبرهة وقومه لأجل ائتلاف قريش واجتماعهم وحمايتهم، فاللام لام التعليل، متعلقة بالسورة التي قبلها:  لإيلاف قريش  هذا على قول.

فإذاً قد يوجد في آخر سورة علاقة بأول السورة التي بعدها وقد لا يوجد، فأنت تبحث إذا وجد أو ما وجد.

وإذا جئت إلى سبب التسمية: سورة الأحزاب، ما هي سبب التسمية؟

أنها تكلمت عن قصة غزوة الأحزاب، وقد يسمى الشيء ببعض ما فيه، ولا ضير في ذلك، لقول الله يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا [الأحزاب: 20].

إذا جئت إلى مواضيع السورة التفصيلية، من الكتب التي تفيدك في هذا كتابان: مقاصد السور للبقاعي، كتاب مهم، وكتاب: لطائف ذوي التمييز للفيروزآبادي، صاحب القاموس المحيط.

الحقيقة أنه شيء مهم: استعراض مواضيع السورة، قبل أن تدخل في تفسير السورة حتى تكون عندك نظرة عامة للسورة، وما فيها من الأشياء.

لو أنت تستعرض سورة الأحزاب، سورة الأحزاب كم صفحة؟

عشر صفحات، آيات؟

إذا أنت من قراء كتاب الله يسهل عليك أن تستحضر الآيات، لكن إذا لم تكن من الحفظة.

 وبعض الآيات ما تعرف معناها حتى تعرف ما هو موضوعها، فإذا جئت إلى كتاب مثل: لطائف ذوي التمييز اسمع كيف يلخص السورة، تلخيص السورة هذا مهم، قال: هذه السورة فيها تلخيص لا تكاد تحس أنه أخل بشيء يعني من الموضوعات التي في السورة:

الأمر بالتقوى.

ليس في صدر واحد قلبان.

المتبنى ليس بمنزلة الابن.

أن النبي للمؤمنين بمكانة الوالد، وأزواجه الطاهرات بمكانة الأمهات.

 إبطال الظهار، وإبطال أثر من آثار المؤاخاة وهو التوارث، كان من أول إذا آخى بين مهاجري وأنصاري يترتب عليها أحكام منها: الإرث، أنه يرث منه إذا مات، فجاءت الآية بإبطال هذا، ورد التوارث إلى القرابة الطبيعية.

أخذ الميثاق على الأنبياء.

السؤال عن صدق الصادقين.

ذكر حرب الأحزاب.

الشكاية من المنافقين.

وفاء الرجال بالعهود.

ذم المعرضين، ورد الكفار بغيظهم.

تخيير أمهات المؤمنين ووعظهن ونصحهن.

بيان شرف أهل البيت الطاهرين.

وعد المسلمين والمسلمات بالأجور الوافيات.

حديث تزويج زينب وزيد.

تزويج الرسول من زينب ورفع الحرج عنه.

ختم الأنبياء به عليه السلام.

الأمر بالذكر الكثير.

الصلوات والتسليمات على المؤمنين.

وبيان النكاح والطلاق والعدة.

وخصائص النبي في باب النكاح.

وتخييره في القسم بين الأزواج، والحجر عليه في تبدليهن، أنه لا يستطيع أن يبدل، ونهى الصحابة عن دخول حجره النبي بغير إذن منه.

وضرب الحجاب، ونهي المؤمنين عن تزوج أزواجه من بعده.

والموافقة مع الملائكة في الصلاة على النبي .

وتهديد المؤذين للنبي والمؤمنين.

 وتعليم النساء آداب الخروج من البيت.

وتهديد المنافقين في إيقاع الأراجيف.

 وذل الكفار في النار.

والنهي عن إيذاء الرسول .

 والأمر بالقول السديد وبيان عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال وعذاب المنافقين، وبيان التوبة على المؤمنين.

هذه مواضيع السورة الآن يصبح الواحد إذا قرأها يستطيع أن يأخذ فكرة إجمالية عن مواضيع السورة، السورة تتحدث عن أي شيء.

فإذاً، هذا عرضه مهم في مطلع تقديم التفسير أنك تعرض ما تضمنته السورة مهم.

وإذا انتقلنا إلى قضية: هل في السورة أحكام خاصة بالنبي وأحكام عامة؟

الجواب: نعم.

فيه أحكام خاصة: تزويج الله له من زينب بلا مهر ولا ولي.

تزوج المرأة المؤمنة إن وهبت نفسها له ﷺ، فهي حلال له بالهبة، يعني ما في واحدة تقول لك: وهبت لك نفسي يا إمام المسجد، ما في الكلام هذا.

هذا شيء خاص بالنبي .

ولذلك المرأة إذا ما عرفت الحكم ممكن تفعل ذلك أحياناً.

عدم وجوب القسم عليه بين نسائه ﷺ، وأن عدله بين نسائه فضل منه وليس واجباً عليه، هذا على القول المشهور.

وكذلك: عدم تبديل الأزواج.

وكذلك: الجواز على زيادة أربع نسوة في العصمة.

وكذلك: تحريم التزوج بواحدة من نسائه بعد موته ﷺ، خلافاً لباقي الأمة، إذا مات واحد ووراءه زوجة يجوز أن تتزوج غيره من بعده.

فهذه أحكام خاصة.

وإذا جئت إلى مطلع السورة: {يا أيها النبي} نلاحظ أن الله افتتح هذه الآية ب {يا أيها النبي} كما افتح خمس سور أخرى ب {يا أيها النبي}، وهي: المزمل، والمدثر، والأحزاب، وطه، ويس.

وهنا ممكن الإشارة إلى أن طه ويس ليست من أسماء النبي على الصحيح، وإنما هي من الأحرف المقطعة، فتنبه لهذا القول.

ولاحظ أن سورة الطلاق والتحريم التي افتحت ب {يا أيها النبي}، وهذه السورة ب {أيها النبي}.

السور تتشابه في أشياء ثلاثة، فيه شيء مشترك، وهو: الكلام في أحكام الزواج والنساء.

 إذا جئت إلى الإعراب فيحسن بالإنسان أن يفكر في أثناء قراءة الآية في إعراب الآية، {يا أيها النبي} ياء أداة النداء، أي منادى نكرة مقصود، فهو مبني على الضم، النبي بدل من أي {يا أيها النبي} فيتبعه في الحركة.

{ولا تطع} ال "لا" هذه ناهية، فهي ماذا تفعل في الفعل المضارع بعدها؟ تجزمه، فلماذا هو مجرور؟ لالتقاء الساكنين.

وأوجه القراءات بعدها: النبي والنبيء، وستأتي على أشياء أخرى وقد يكون من أوجه القراءات في الاختلاف في المعنى، يعني لو قلت: وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً، في قراءة وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملِكاً كبيراً .

فالآية الأولى فيها رأيت الملك الكبير في الجنة.

وفي الآية الثانية فيها إثبات رؤية الله في الجنة والرد على المعتزلة، أو الرد على الخوارج الذين يقولون بعدم الرؤية.

فالشاهد: أن اختلاف أوجه القراءات فيه أيضاً يؤدي إلى معانٍ أخرى مفيدة لم تذكر.

يعني المهم هذا هو الأشياء العامة.

نحن ذكرنا خطوطا عامة، ذكرنا مثالاً.

وأعيد وأقول: نعرض على الناس الموجودين بحسب حاجتهم، وبحسب ما يناسبهم، ما نضخم القضية أكثر مما تحتمله عقولهم، ولا نجعل المسألة معقدة بالنسبة لهم، ونحضر بالمستوى الذي يناسب حال هؤلاء الأشخاص الموجودين، وطلبة العلم المسألة عندهم واسعة.

فنكتفي بهذا القدر، والإشارة في الموضوع.

ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للخير.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.