تتمة لبعض الألفاظ المنهي عنها
مات وما سوى؟ ماذا فعل؟
قال الملا علي القاري: ومن قال: كان ينبغي لله أن يقبضه، أو لا ينبغي لله أن يقبضه فقد كفر.
لو واحد قال: مثل هذا الشرير ينبغي لله أن يقبضه كفر.
لو قال: هذا صالح ما ينبغي لله أن يقبضه، كيف مات؟ لماذا مات؟
كفر.
الله يفعل ما يشاء: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: 23].
هذه بعض الكلمات، بعضها -كما ذكرنا- محرم، بعضها كفر، بعضها مكروه، بعضها خلاف الأدب.
كيف بكم إذا تأملتم بعض الكلمات على ألسنة الناس وهم يقولون مثلاً: من تصيبه مصيبات مختلفة، في البدن في المال في الأهل في كذا يقول: يا رب أخذت مالي وأخذت كذا وكذا، فماذا تفعل أيضاً؟ أو ماذا بقي أن تفعل؟
هذه ألفاظ خطيرة، أسوق لكم الآن أمثلة من باب ناقل الكفر ليس بكافر، لكن لنبين ما هي الأشياء التي تقال الآن؟
من قال لمديونه: أعطني دراهمي في الدنيا، واحد له مال عند واحد، قال له: أعطني يا أخي فلوسي، حرام عليك، ترى يوم القيامة ما في درهم ولا دينار والحسنات والسيئات؟
فقال له ذلك: زدني، أعطني، ولك كل الحسنات التي في الآخرة.
فهذا الرجل ظاهر كلامه إنكار يوم القيامة، أو نفي خوف العقوبة، أو استهزاء لما ثبت في السنة من أخذ الحسنات يوم القيامة.
من قال لمسلم: الله يأخذ منك الإسلام، فقال الآخر: آمين.
ومن قال لسارق قطعت يده: مظلوم، ونحوها، ومن قال: هذه وحشية.
بعض الناس أصحاب الأفكار العلمانية قال: قطع الأعضاء هذه وحشية.
ومن قال: اللعنة عليك وعلى إسلامك.
أب كافر مات كافراً والولد مسلم، هل يرث المسلم أباه؟ لا، المسلم لا يرث الكافر، فلو قال واحد: ليته ما أسلم الولد لين ورث أباه وبعدين أسلم.
مسلم رأى نصرانية حسنة فتمنى أن يكون نصرانياً حتى يتزوجها، يقول الملا علي القاري رحمه الله: وهذا من حماقته، إذ يجوز للمسلم أن يتزوج نصرانية بشرط أن تكون محصنة، مع أن الحسان في الملة الحنيفية كثيرات.
ولو واحد قال لظالم: ألست بمسلم؟ قال: لا، عمداً عامداً.
ولو قيل له: اتق الله ولا تفعل، أو خف الله، فقال: لا أخاف.
وبعض الناس يقول: أنا على اعتقادي يا شيخ أنا على دين إبليس وفرعون، خليني ورح عني.
وبعض الناس يقول لزوجة تريد أن تطلق من زوجها وما هو راض يطلقها يقول لها: أكفري، تصيري مرتدة، فينفسخ العقد، فتطلقي، فيجيز لها هذا.
هو وهي إن رضيا بالأمر على حقيقته على ما في مضمونه فهما مرتدان، كلاهما.
وبعضهم يقول: لو أمرت أن أدخل الجنة مع فلان ما أدخلها.
أو قال إنسان: لو أعطاني الله الجنة لأجلك أو لأجل هذا العمل ما أريدها.
أو قال واحد يحب آخر كثيراً: الجنة من غيرك ما أدخلها.
مثل بعض الرافضة الباطنية يقولون: الجنة من غير آل البيت لا نريدها.
هذا الباب الذي نحن فيه الآن قوي جداً.
الآن ذكرنا بعض الألفاظ، الآن عندنا أسماء وكنى وألقاب في ميزان الشريعة، الأمثال الشعبية في ميزان الشريعة، المصطلحات في ميزان الشريعة مثل الديمقراطية وغيرها، الأشعار في ميزان الشريعة، كلمات الأغاني في ميزان الشريعة.
الله يكون بعون كل العاشقين.
والله، يقف الشعر أحياناً، نحن نعرف الله يكون بعون مثلاً: الحجاج، المعتمرين.
هذا يكون بعون كل العاشقين.
الفوازير والألغاز في ميزان الشريعة، واحد يريد يقول لغزاً فقال: ضابط في أربعين جندياً، كم كرسي يحتاجون؟ الجواب: واحد فقط، لماذا؟ قال: لأن ضابط وأربعين جندي يعني في ذكر الأربعين لوفاة الجندي.
حتى الفوازير والألغاز دخل فيها البدع.
متى كان الميت يحتفل له بالأربعين؟
فالآن أي سؤال أو إضافة أو ملاحظة أو كذا حول هذه الأشياء يمكن أن تكتبوها الآن أو مستقبلاً، لأن هذا اجتهادي أن متابعة هذه الأشياء عند الناس مهمة.
صحيح أن هذه ليست قضية المسلمين الأولى، ولكن الناس دخلت فيهم تيارات كثيرة خطأ.
وهذه الأشياء هي إفرازات تلك الأشياء السيئة، فلذلك التدقيق عليها ليست ألفاظ فقط، هذه مبادئ، هذه قضايا، قواعد في الدين، كل واحدة من هذه تنشأ عن مخالفة قاعدة في الدين.
قواعد في كيفية الإنكار على الواقعين في الألفاظ المنهية
وختاماً: نتبين -أيها الإخوة- ملاحظات: عدم التسرع في الإنكار على الناس، فإن بعض هذه الألفاظ محرمة، وبعضها مكروهة، وبعضها خلاف الأولى.
وكذلك نراعي درجة الإنكار بحسب قصد السائل القائل؛ لأن الرسول ﷺ قال: إنما الأعمال بالنيات [رواه البخاري: 1، ومسلم: 1907] واحد قصده طيب ما ننكر عليه بشدة.
وكذلك نعلم لماذا علمنا الرسول ﷺ هذا الدعاء: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه [رواه البخاري في الأدب المفرد: 716، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد: 554]؛ لأنه كم من هذه الألفاظ جرت على ألسنتنا بدون علمنا؟
فلذلك هذا الدعاء مهم.
وعدم التنطع في الإنكار على الناس في هذه الأشياء، أو ترصد أي شيء، يقول: هذا حرام، وما عنده علم، ذكر الذهبي -رحمه الله- في السير: قال رجل مرة في مجلس فيه المعافى بن عمران قال: ما أشد البرد اليوم، فالتفت إليه المعافى فقال: استدفأت الآن؟ لما قلت هذه الكلمة: ما أشد البرد، هل تدفيت؟ هل نفعتك هذه الكلمة، كأنه يقول: لا تتكلم.
قال الذهبي -رحمه الله-: قول مثل هذا جائز، لكنهم كانوا يكرهون فضول الكلام [سير أعلام النبلاء: 9/84] السلف.
فإذًا، شفنا واحد يقول: برد يا أخي.
نقول: أدفئت الآن ؟ وأن هذا من فضول الكلام.
فعلينا أن نكون رقيقين وننتقي الألفاظ حتى في كلامنا، عمر مرة كان يعس، فمر على ناس أوقدوا ناراً، فكان يريد أن يخاطبهم، فماذا يقول؟ قال: "يا أهل الضوء" ما قال: يا أهل النار.
هذا كان من لطافتهم في الكلام.
بعض مراجع المحاضرة
وأما المراجع التي استفدت منها في هذا الموضوع، فهي:
-كتاب: "زاد المعاد لابن القيم -رحمه الله-، وقد عقد أكثر من فصل في الألفاظ المكروهة.
-كتاب: شرح الفقه الأكبر للملا علي القاري فقد عقد فصلاً في ألفاظ الكفر والردة تصريحاً وكناية.
-كتاب: معجم المناهج اللفظية أفدت جداً منه من المؤلِف والمؤلَف في هذا الدرس في أكثر ألفاظه.
-وكذلك من المباحثة مع الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين والشيخ عبد الله بن جبرين حفظهم الله وغيرهم من أهل العلم.
وأسأل الله لي ولكم السداد.
الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
التحذير من خطر اللسان
إخواني في الله: لقد جاء الإسلام بحفظ اللسان، ونهى القرآن عن أشياء ذميمة، مما تتحرك به ألسنة الناس لفحشها وكبرها عند الله .
وأمر اللسان -أيها الإخوة- من الأمور الخطيرة، لأنه أسرع الأعضاء حركة وأسهلها، فإنه لا شيء أسرع حركة ولا أسهل حركة من اللسان، ولذلك كان الزلل بهذا العضو وهذه الجارحة من الجوارح من أعظم الزلل وأكبره عند الله عز وجل، ولذلك كان رسول الله ﷺ عندما علم معاذاً حديثاً جليلاً فيه وصايا جامعة، قال له في آخر الحديث: وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم [رواه الترمذي: 2616، ، وأحمد: 22016، وقال الترمذي: "حسن صحيح"].
فجعل رسول الله ﷺ أكبر الأسباب التي تكب الناس في النار وترميهم فيها هو حصائد هذه الألسنة، ونتائج الكلام.
وقال ﷺ مهدداً ومتوعداً في الحديث الصحيح الذي رواه مالك -رحمه الله- والإمام أحمد عن بلال بن الحارث مرفوعاً: ... وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله عز وجل، ما يظن أن تبلغ ما بلغت)) يعني لا يقدر خطورتها، ولا يظن أنها ستبلغ به عذاباً شديداً، ((يكتب الله عز وجل بها عليه سخطه إلى يوم القيامة [رواه مالك: 5، وأحمد: 15852، وقال محققو المنسد: "صحيح لغيره"] بسبب هذه الكلمة.
وأيضاً فإن المسألة أخطر من ذلك، ويبين رسول الله ﷺ هذه الخطورة بقوله في الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعاً: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً، يهوي بها سبعين خريفاً في النار [رواه الترمذي: 2314، وابن ماجه: 3970، وأحمد: 7215، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وقال محققو المسند: "حديث صحيح"].
فهو المتكلم لا يرى بها بأساً يظن أنه لا شيء فيها، ولكنها في الحقيقة تهوي به سبعين خريفاً في نار جهنم.
ولذلك -أيها الإخوة- كان لا بد من المحافظة على هذا اللسان وجعل المجال الذي يستعمل فيه مجال الخير والإصلاح والدعوة إلى الله وطلب العلم وذكر الله .
ونحن -أيها الإخوة- في هذا المقام نتكلم عن قضية مهمة، وهذه القضية أنكم لو تأملتم في ألفاظ العامة اليوم من الأمثال ونحوها لوجدتم أن في ألفاظ العامة وأمثالهم أمور مستشنعة، لوجدتم أن فيها أموراً مستشنعة وبشعة، وبعضها يخالف العقيدة ويمسها مساساً سيئاً.
وبعض هذه الأشياء ورد فيها النهي الصريح.
وبعضها إذا تأملت فيها عرفت مصدر الخطر وعظم الأمر.
حكم تعليق الدعاء بالمشيئة
ونحن نضرب بعض الأمثلة على ما يتداوله العامة اليوم في كلامهم من الأمور المستبشعة المخالفة للعقيدة أو للأدب الإسلامي على الأقل، فيقول رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح: لا يقول أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، اللهم ارزقني إن شئت، وليعزم في المسألة، فإنه يفعل ما يشاء [رواه البخاري: 6339، ومسلم: 2679].
حكم قول: أنا بريء من الإسلام إن فعلت كذا
وكذلك -أيها الإخوة- بعض الناس يقول عند الحلف مثلاً أو إذا أراد أن يعزم على نفسه في مسألة ما، يقول: أنا بريء من الإسلام إن فعلت كذا، أو يقول: ترى أنا يهودي لو فعلت كذا، أو أنا نصراني أو كافر إن فعلت كذا، يريد أن يمنع نفسه من الوقوع في هذا الأمر بعزم وقوة.
وهذه -أيها الإخوة- خطيرة جداً، فإن رسول الله ﷺ يقول في الحديث الصحيح الذي رواه النسائي عن بريدة : من قال إني بريء من الإسلام على أمر من الأمور، فإن كان كاذباً فهو كما قال بريء من الإسلام، وإن كان صادقاً فيما قال لم يعد إلى الإسلام سالماً [رواه الترمذي: 3258، والنسائي: 3258، وابن ماجه: 2100، ] سيناله شيء من الخدش في العقيدة الذي سببه هذا الكلام.
ولذلك -أيها الإخوة- ينبغي إذا أراد الإنسان أن يعزم في مسألة من الأمور أو يبين للناس بأنه لن يفعل هذا الكلام، فإنه لا يستخدم مثل هذه الألفاظ البشعة المخالفة للعقيدة.
كونك ترفض أن تعمل أمراً من الأمور هذا لا يعني بأن تعرض نفسك للخروج من الدين، أو تقول بأنك يهودي أو نصراني من المسميات التي تطلق على الأمم الكافرة.
الحلف بغير الله
وبعض الناس -أيها الإخوة- في حلفهم يحلف بغير الله -تعالى-، فتجد أن بعضهم يحلف بالأمانة مثلاً ويقول: والأمانة لا أفعل كذا، أو واحد يحلف الثاني يقول: بأمانتك حصل كذا وكذا، أو بالأمانة حصل كذا وكذا، إلى آخره، ورسول الله ﷺ يقول في الحديث الصحيح: من حلف بالأمانة فليس منا [رواه أبو داود: 3253، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2954].
وبعضهم يقول: بذمتك ما حصل كذا وكذا، أو بذمتي ما حصل كذا، أو وحياة أبي ما حصل كذا، أو وحياتي وحياتك ما حصل كذا، أو يقسم بشرفه، هذه كلها من الأمور المحرمة: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك كما قال الصادق المصدوق ﷺ[رواه الترمذي: 1535، وأحمد: 6072، وقال الترمذي: "حديث حسن"].
وبعضهم يحلف بالنبي فيقول: والنبي أعطني الشيء الفلاني، والنبي ما حصل كذا، فهذا أيضاً حرام لا يجوز، حتى ولو كان نبي الله ﷺ؛ لأننا -أيها الإخوة- مع احترامنا لرسول الله ، فإننا لا نرفعه فوق منزلته التي أنزله الله إياها.
حكم قول: لولا الله وفلان
وبعض الناس يقول في عباراته أشياء من الشرك كقوله مثلاً: لولا فلان ما حصل كذا، لولا فلان، لولا الله وفلان ما حصل كذا، وهذا خطأ وإنما الصحيح أن يقول: لولا الله ثم فلان.
بعضهم يقول: أنا بالله وبك، أو أنا في جوار الله وجوارك، أو أنا في وجه الله ووجهك كما يقع من البعض.
أو يقول: أنا في حسب الله وحسبك، أو أنا متوكل على الله وعليك، أو أنا معتمد على الله وعليك.
هذا كله محرم، لا بد أن يقول: أنا معتمد على الله ثم عليك.
وكذلك لما جاء أحد الصحابة إلى الرسول ﷺ فقال له: ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله نداً؟ أجعلتني لله شريكاً؟ أساويت مشيئتي بمشيئة الله؟ قل: ما شاء الله وحده .
وكذلك -أيها الإخوة- يقع كثير من الناس في عبارات فيها سب الدهر، يقول مثلاً: يا خيبة الدهر، ويقول ﷺ: لا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر [رواه البخاري: 6182، ومسلم: 2247].
حكم سب الدهر
بعض الناس يقول: الله يلعن الساعة التي صار فيها كذا وكذا، ويلعن السنة التي صار فيها كذا وكذا، هذه ساعة سيئة التي حصل فيها كذا وكذا، هذا زمن تعيس الذي حصل فيه كذا وكذا.
هذا يؤدي كله إلى سب الدهر، والله -تعالى- هو خالق الدهر، فسبك للساعة أو اليوم أو السنة أو الدهر أو الزمان يرجع إلى الله الخالق لهذا الدهر، وهذه الساعة، وهذه السنة.
لذلك -أيها الإخوة- لا بد من الحذر حذراً شديداً في هذا الأمر.
بعض ألفاظ الاستغاثة بغير الله
وبعض الناس يستغيثون في عباراتهم بالمخلوقين، فيقول مثلاً: بجاه النبي، يقول: بجاه النبي أفعل كذا، أو يسأل الناس يقول: بجاه النبي لا بد أن تتغدى عندي.
هذا السؤال -أيها الإخوة- بجاه النبي ﷺ وهو أحد المخلوقين، بل هو أعظم المخلوقين قاطبة، هذا -أيها الإخوة- مناف للسؤال بالله ، فإن الله -تعالى- قال: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف: 180].
لو أردت أن تدعو لا تقل: بحق الولي الفلاني، بحق النبي، بجاه النبي، وإنما قل: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد، اللهم إني أسألك بأنك أنت الله المنان، إلى آخره.
تقول هذه الأسماء الحسنى التي وردت لله في القرآن والسنة: بأنك على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك بأنك رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ارحمني، إنك أنت الغفار اغفر لي، وهكذا..، تسأل الله بأسمائه الحسنى.
أما أن تسأل بأسماء المخلوقين أو بحق النبي الفلاني أو الولي الفلاني، أو كما يفعل بعض الجهلة يستغيثون بغير الله، أو بعضهم يستغيث بالجن.
ويقع هذا في بعض القبائل وبعض الأماكن أنه يقول: يا جن افعلوا به كذا وكذا، أو يا جن خذوه، أو يصرخ في الوادي: خذوه، يقصد عدواً صارت بينه وبينه مشكلة، فيقول: يا جن افعلوا به كذا.
هذا كله من الأمور المحرمة التي لا تجوز.
بعض ألفاظ المغالاة في المخلوقين
وكذلك يقع في ألفاظ بعض العامة مغالاة في المخلوقين ورفعهم فوق منزلتهم رفعاً لا يجوز مطلقاً في الشريعة الإسلامية؛ مثل "تسييد" بعض الناس، أو أعظمه عندما يكون نداء للمنافق، أو الكافر، أو الفاجر، أو المبتدع، أو العاصي الفاسق، بقولك له: يا سيدي.
هذا حرام أيضاً لا يجوز، لا تقولوا للمنافق: سيد، فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل [رواه أبو داود: 4977، وأحمد: 22939، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 2923].
ولذلك ما يقع عند بعض الناس من الكتابة على الرسائل أو الخطابات: السيد فلان.
أو في فواتير التجارية: السادة شركة كذا وكذا.
هذا أيضاً منهي عنه، وإنما تقول: المكرم كذا، الأخ كذا، حضرة فلان كذا، لكن لا تغال ولا تطلق ألقاب المدح على من هو ليس له بأهل، كأن تخاطب الفاسق بهذه الأشياء.
تميز المسلم على غيره
ولذلك -أيها الإخوة- ينبغي أن نبتعد عن هذه الألفاظ.
ورد الإسلام تحيات الجاهلية وتهنئاتها وتسمياتها ومسمياتها وعاداتها؛ لأن الإسلام يحرص على تميز المسلم وابتعاده عن مشابهة الكفرة وأحوال الجاهلية.
من عقيدة الإسلام -أيها الإخوة-: التميز عن سائر ألوان البدع والكفر والجاهليات.
الإسلام يحرص على أن يبرز المسلم بين الناس بروزاً صحيحاً لا لبس فيه من شرك ولا بدعة.
يحرص الإسلام على أن المسلم يكون متميزاً بأخلاقه وعقيدته وشكله ومظهره عن سائر أمم الكفر وفرق الضلال، ولذلك نهى الإسلام عن التشبه بالنصارى، نهى عن التشبه بالكفار، ونهى عن التشبه بالأعاجم.
بعض الألفاظ المنهي عنها في التحية والتهنئة
ومن ضمن هذه الأشياء: نهيه عن تحية المسلمين بعضهم لبعض بتحيات الجاهلية، فلذلك نهى ﷺ المسلم أن يقول لأخيه: أنعم صباحاً، أو أنعمت صباحاً، وما شابه هذا من الألفاظ؛ لأنها من تحيات الجاهلية.
وإنما يقول الإنسان المسلم: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أو يقول: مرحباً وأهلاً، كما قال : مرحباً بابنتي فاطمة [رواه البخاري: 2450، ومسلم: 2450] إلى آخر ذلك من الألفاظ الحسنة الطيبة التي لا يعلم اختصاص الكفار بها.
فمتى علم اختصاص الكفار بهذه الأنواع، فلا يجوز حتى لو كانت حسنة في ظاهرها.
ولذلك نهى الإسلام عن أن يهنئ الناس المتزوج بقولهم: بالرفاء والبنين، كما يحدث اليوم وتطبع هذه الكلمة على بطاقات التهنئة ودعوات وولائم الأعراس، فإنهم يقولون: بالرفاء والبنين، أو بالرفاه والبنين، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى في الحديث الصحيح عن هذا النوع من التهنئة، لماذا؟
أما كلمة: "الرفاء" فإنها تعني الالتحام والمقاربة والوئام، وهذه لا إشكال فيه، أن تدعو للمتزوجين بالمقاربة والوئام والتوافق لا إشكال.
ولكن الإشكال في قولهم: "بالبنين" لماذا -أيها الإخوة-؟
لأن العرب كانت تكره البنات، وكانوا يئدون البنات وهن أحياء، وكانوا ينسبون البنات لله : وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل: 58].
ولذلك إذا جاء أحدهم البنت تمنى موتها، وإذا جاء لجاره بنت تمنى له أن تموت البنت، وهكذا..، فلذلك كانوا يقولون في تهنئتهم بالزواج: بالرفاء والبنين، أي الذكور وألا يجيئك أناث.
ولذلك حرم هذا القول في الإسلام ونهي عنه، وإنما تقول مهنئاً للمتزوج أو المتزوجة: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير" [رواه أبو داود: 2130، والترمذي: 1091، وأحمد: 8956، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: 2445].
وكم يود الإنسان المسلم إذا فتح بطاقة من هذه البطاقات، أو تهنئة من هذه التهنئات بدلاً من أن يجد: بالرفاه والبنين، أو بالرفاء والبنين، كما هي تهنئة الجاهلية، يجد مثلاً: "بارك الله لهما، وبارك عليهما، وجمع بينهما في خير".
لا بد -أيها الإخوة- أن نتميز عن الكفار وأهل الجاهلية في ألفاظنا وعباراتنا وتحياتنا وتهنئة بعضنا لبعض.
بعض الألفاظ المنهي عنها في التعزية
ويقول بعضهم في جواب على كلمة: حياك الله، يقول: أبقاك الله.
وهذه اللفظة أيضاً كلمة: أبقاك الله، مكروهة، لماذا؟ لأنه لا بقاء إلا لله، كل الناس سيموتون ويفنون: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 26 - 27] فلذلك يكره أن تقول: أبقاك الله، أو أدامك الله، لأن الله لن يديم أحداً ولن يبقي أحداً، كل الناس سيموتون.
فلننتبه -أيها الإخوة- لهذه الألفاظ، هذه الألفاظ المشكلة أو المكروهة أو المحرمة، ينبغي الانتباه لها وتحذير الناس منها.
وكذلك ما يفعل البعض في تعازيهم عندما يقولون: البقية في حياتك، يقول واحد للثاني معزياً: البقية في حياتك.
هذه -أيها الإخوة- لفظة منكرة، لو كان هناك بقية هل مات الرجل؟ لو كان هناك بقية في عمر الرجل الذي مات هل كان سيموت؟ لا.
وهذه العبارة قد يقصد بها بقية عمر ذلك الرجل الذي انقطع، بقيته في حياتك أنت، هذه لفظة منكرة مستبشعة، فلا يقل أحد للثاني: البقية في حياتك.
فأما إن قصد بقية الخير، بقية البركة، فهذا لا إشكال فيه، ولكن كثير من الناس إنما يقصدون بهذه اللفظة بقية عمر الميت في حياتك أنت، وهذه مسألة غير جائزة، والدعاء فيها غير صحيح.
بعض الألفاظ المنهي عنها عند المرض
ويقع في ألفاظ العامة كذلك: رجاؤهم وتعلقهم بغير الله ، فتجد أحدهم في لحظة الحرج ولحظة الشدة، واللحظة التي يكون فيها في خطر محقق، يقول للآخر: أرجوك رجاءً حاراً، رجاءً خاصاً، كذا وكذا من ألفاظ الترجي، ألا تفعل لي كذا، ولا تفعل كذا، بينما من المفروض أن يتوجه في هذه الحالة إلى الله -تعالى-، هو الذي يرجى وحده عز وجل لإزالة الضر، وكشف الكربة، وإزالة الخطر.
وإن كان لا بد فيقول: أرجو الله ثم أرجوك مثلاً.
وهذه اللفظة كلمة: أرجوك، ليست محرمة إن لم يرج في عمل لا يقدر عليه إلا الله، إذا قال: أرجوك يا دكتور أن تشفي مريضي، هذا حرام شرك لا يجوز، لأن الله هو الذي يشفي.
أما لو قلت مثلاً: أرجوك يا فلان أن تذهب بهذه الحاجة إلى جيراننا، هذا لا إشكال فيه.
لكن الرجاء الذي يكون في مجال أو في قضية لا يقدر عليها إلا الله، هذا شرك بالله -تعالى- لا يجوز.
ولذلك تجد بعض الأمهات الفارغة قلوبهن من الإيمان والتوحيد، وبعض الآباء الذين استزلهم الشيطان، إذا ذهبوا بولدهم وحالته خطيرة إلى الطبيب، يقول له: يا دكتور أرجوك أنقذ الولد.
من الذي ينقذ الولد؟ من الذي يشفي الولد؟
أيها الإخوة: يقع في ألفاظنا حقيقة، وعباراتنا تساهلات شنيعة تؤدي إلى قضايا خطيرة إذا اعتقدها الإنسان تخرجه من الملة.
ونحن عندما نقول هذه التحذيرات لا نقول: إن كل من تلفظ بها كافر، حتى ولو كانت العبارة نفسها كفر، لماذا؟
لأن كثيراً من القائلين لا يقصدونها، لا يقصد المعنى، لا يعتقد بقلبه أن الطبيب هو الذي يملك الشفاء من دون الله، يعتقد أن الله يشفي.
ولكن هذه الأخطاء لا يُسكت عنها مع ذلك.
كون الناس الآن يقعون فيها بغير قصد أو بنية حسنة لا يعني أن نقول لهم: لا بأس يا جماعة استمروا على هذه الألفاظ.
لا بد أن نحذر ونصحح هذه الألفاظ، حتى لو ما قصدنا المعنى، لا بد أن تكون ألفاظنا صحيحة.
لا تكن ألفاظنا شركية أو موهمة أو مشتبه فيها ، لا بد أن تكون ألفاظاً واضحة دالة على التوحيد.
وفقنا الله وإياكم لقول الحق، وعمل الحق، وأن نكون من أهل الحق.
وصلى الله على نبينا محمد.
الخطبة الثانية
الحمد لله لا إله إلا هو وحده لا شريك له الكبير المتعال.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله سيد الأبرار، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
حكم قول: شاءت الظروف، أو شاءت الأقدار
ويقع -أيها الإخوة- في ألفاظ بعض العامة قوله: شاءت الظروف، أو شاءت الأقدار، فتجده يقول: ثم شاءت الظروف أن يحدث كذا وكذا، وشاءت الظروف أن أجد فلانا في مكتبه، وهكذا..
وهذا -أيها الإخوة- أيضاً من الأشياء المخالفة للتوحيد، فإنك لا بد أن تقول في كلامك: وشاء الله أن أجد فلاناً في مكانه، وشاء الله أن يقف لي على الطريق فلان الفلاني، وشاء الله أن يحدث كذا وكذا، فتنسب المشيئة إلى الله وحده .
حكم قول: وهبت الطبيعة كذا
ويقع في ألفاظ بعض الناس المثقفين عبارات كفرية؛ مثل قول البعض: وهذا الطائر وهبته الطبيعة كذا وكذا، وهذا الحيوان وهبته الطبيعة المقدرة الفلانية.
من الواهب؟
الله أيها الإخوة.
فعندما ننسب الوهب للطبيعة نكون قد وقعنا في عين ما تكلم به الشيوعيون وأهل الإلحاد الذين يعتقدون أن الطبيعة خلقت هذا الكون، وخلقت هذه الحيوانات، وخلقت الأرض والسماوات -تعالى الله عن هذا القول علواً كبيراً-.
وهذا يكون من تأثر كثير من هؤلاء المثقفين -كما يسمون- بكتب الكفار الملاحدة التي كتبت وسبكت عباراتها بألفاظ الإلحاد والشرك التي انطوت عليها قلوب أولئك الناس الذين لا يؤمنون بالله رباً، ولا بمحمد نبياً، ولا بالإسلام ديناً.
ولذلك ينبغي عند نقل عباراتهم من هذه الكتب أن يحرص الإنسان المسلم على أن ينقل العبارات بصيغة إسلامية، وعلى أن يؤديها إلى السامعين تأدية تتقيد بالتوحيد وما يرضي الله .
وكذلك ما يرد في بعض هذه الكتب التي تسمى كتباً علمية من القوانين والقواعد المخالفة للتوحيد؛ مثل قولهم: إن المادة لا تفنى ولا تستحدث، هكذا يقولون، في علم الفيزياء مثلاً.
وهذه القاعدة مخالفة للتوحيد، ومخالفة لقضية خلق الله للمادة، وأنه لم يكن هناك شيء، فخلق الله -تعالى- السموات والأرض وخلق العرش وخلق الحيوانات وخلق الآدميين وخلق سائر ما يدب في الأرض والسموات.
والله -تعالى- قادر على أن يفني هذه الأشياء كلها ويرجعها إلى العدم، إلى لا شيء مرة أخرى كما كانت.
فلذلك قولهم: إن المادة لا تفنى ولا تستحدث، إنما هو من الوقوع في هذا الشرك المنافي للتوحيد، وهذا الكفر والضلال.
ولذلك يجب على من درس شيئاً من هذه المواد أن يبين لطلاب المسلمين وأبناء المسلمين خطأ هذه المعتقدات والقواعد الفاسدة.
حكم تسمية: عباد الشمس
بل إن التسميات المخالفة للعقيدة -أيها الإخوة- قد وصلت إلى حد التسميات، حتى تسمية الورود والأزهار، فأنت مثلاً إذا نظرت إلى هذا النبات الأصفر الذي يتوجه إلى الشمس، هناك نبات يزرع يتوجه إلى الشمس إذا أشرقت، ويستدير معها حتى تغرب، فيكون متوجهاً إلى الغرب في المساء وإلى الشمس في الصباح.
ماذا يسمي العامة هذا النبات؟
يسمونه عباد الشمس، أو عبادة الشمس.
وهذا اسم خطير، إنهم يقولون: أن هذا النبات يعبد الشمس.
هذه الألفاظ -أيها الإخوة- ليست سهلة، ولكن مع ذلك شائعة حتى في الأشياء الدقيقة، مثل تسمية الأزهار وغيرها، لا بد أن ننتبه إلى هذه القضايا المخالفة للتوحيد.
بعض الألفاظ المنهي عنها في المطر
وعندما ينزل مطر من السماء تجد بعض العامة يقولون: هذا النجم، طلع النجم كذا، وتتعلق قلوبهم بأن الذي أنزل المطر هو ظهور النجم الفلاني.
ليس هكذا -أيها الإخوة-، لذلك ورد في الحديث الصحيح عن الذين قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، مطرنا بنجم كذا وكذا، هؤلاء قد أشركوا بالله -تعالى-: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب [رواه البخاري: 846].
فالذين قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا مؤمنون بالكوكب كافرون بالله.
والذين قالوا: مطرنا بفضل الله، وهذا المطر من الله وحده، هم الذين أصابوا الحق وكانوا على ملة التوحيد.
ويقع عند بعض العامة أيضاً أنه إذا نزل المطر بكثافة وأغرق أشياء يقولون: هذه قطرة ما وزنت -تعالى- الله عن ذلك-.
إن الله يقول: وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ [الرعد: 8]، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر: 21] ما في شيء ينزل من السماء بلا حساب ولا وزن، إن الله -تعالى- عنده خزائن هذه الأشياء ينزلها كيف يشاء.
وإن حصل غرق فهذا ابتلاء من الله، وعقاب لبعض عباد الله.
حكم قول: "ما صدقت على الله أن يحدث كذا"
وكذلك يقع في ألفاظ العامة -أيها الإخوة- بعضهم في حكاية يرويها: ما صدقت على الله أن يحدث كذا، ما صدقت على الله أن تنتهي المشكلة، ما صدقت على الله أن أنجو من الحادث، ما صدقت على الله أن أنجو من الإحراج الفلاني، وهكذا..
هذه العبارة -أيها الإخوة- من العبارات المشكلة والموهمة، لماذا؟
لأنه قد يكون معنى ما صدقت على الله: أن هذا القائل يشك في قدرة الله ما صدق على الله أن الله يفعل كذا، ما صدق، كان يشك في قدرة الله ثم حصل، هذا احتمال.
واحتمال آخر: أن يكون في هذه العبارة سوء ظن بالله، كيف ذلك؟
كأن هذا القائل يقول: ما ظننت أن الله يخلص هذه المشكلة، أو ينهي هذه المشكلة، ولكن حصل، هذا ماذا يعني؟ يعني سوء الظن بالله .
وإن كان -أيها الإخوة- أعيد وأقول: بأن كثيراً من الذين يقولون هذه العبارة لا يعنون هذا المعنى الفاسد والباطل، لكن لا بد من التصحيح، تقول مثلاً: ما صدقت أن يحدث كذا، ما ظننت أن يحدث كذا، لماذا تضيف إليها كلمة: "على الله" تقول: ما صدقت على الله، فتقع في هذه الإشكالات والعبارات الموهمة.
وكذلك قول بعض أهل البادية إذا جئت وقلت له: كيف حالك؟
يقول: الله ينشد عن حالك، أو الله يسأل عن حالك.
الله يعلم العلم كله، لا يحتاج إلى سؤال عن أحد.
وتجد هؤلاء يقولون: الله يسأل عن حالك، كأنها عبارة يريدون أن يكرموا بها الشخص الآخر الذي سأل عن حالهم.
وهذه عبارة خاطئة تخالف المفهوم الصحيح للعقيدة.
حكم قول: الله على ما يشاء قدير
وقول بعضهم: الله على ما يشاء قدير، من الألفاظ الموهمة الموافقة من الذرائع التي تؤدي إلى تأكيد مذهب القدرية، الذين يقولون: إن هناك أشياء يشاءها الله تحدث، وأشياء لا يشاءها الله لا يستطيع الله أن يحدثها، هكذا يقولون، ولذلك يقولون: الله على ما يشاء قدير، فإذًا، هو على ما لا يشاء ليس بقدير.
هذه العبارة من الذرائع التي ينبغي أن تسد، وإنما ماذا نقول؟
إن الله على كل شيء قدير، وليس على ما يشاء قدير، فيفهم بعض الناس على ما لا يشاء ليس بقدير.
بعض الألفاظ المنهي عنها في الأذان
وكذلك يقع في بعض الأحيان اختصار للعبارات وتغيير وتحريف فيها يؤدي إلى معان قبيحة، مثل قول بعضهم: لا حول لله، أو لا حول الله.
والصحيح: لا حول إلا بالله، أو لا حول ولا قوة إلا بالله.
أما أن يحدث الاختصار الشنيع : لا حول لله، يعني لا قوة لله، فهذا شيء مستبشع.
أو يقول بعضهم عند التكبير: الله أكبار، بمد التكبير.
وما هو الأكبار ؟
الأكبار جمع كبر وهو الطبل.
فإذا قلت: الله أكبار، يعني تقصد الله طبول، أو هذا مفهوم كلامك الذي يفهم منه، وإنما تقول: الله أكبر، بالفتحة وليس بالألف: أكبار، كما يقع البعض.
أو يقولون في الفاتحة: إياك نعبد، لا يقول: إياك نعبد بالتشديد، وإنما يقول: إياك نعبد.
والإياك هو قرص الشمس، معنى ذلك أننا نعبد قرص الشمس إياك نعبد.
والصحيح الموجود في كتاب الله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة: 5] بالشدة على الياء.
أو كما يفعل بعض المؤذنين اختصاراً يقول: حصلاه، بدلاً من "حي على الصلاة" وهكذا..
أو يقول بعض الناس الذين يحيون وبعضهم يقول: كالله بالخير، أو ساك الله بالخير، أو الله بالخير، ونحو ذلك، وهذا خطأ.
هذه الكاف كاف التشبيه، كيف يعني كالله بالخير؟ عبارة خاطئة خطيرة لا بد أن نقول: مساك الله بالخير، واضحة، لا داعي للاختصارات، ما وراءك شيء يعجلك عن قول التحية بعبارة صحيحة كاملة، قل: مساك الله بالخير، لا تقل: كالله بالخير.
وكذلك هناك من الأشياء من الأدب تركه، قد لا يكون حراماً في ذاته، ولكن من الأدب تركه، مثل عبارة تحياتي لفلان.
لا يعلم كما قال بعض أهل العلم التحيات بالجمع لا تكون إلا لله وحده.
في التشهد: التحيات لله.
فلذلك لا يستحب جمعها لأحد غير الله -تعالى-، فتقول مثلاً: تحيتي لفلان، أو أبلغ فلان تحيتي.
القضية واسعة ومتشعبة، وهناك ألفاظ كثيرة وأمثال مخالفة للعقيدة مخالفة صريحة، أو فيها سوء أدب مع الله على الأقل.
ينبغي أن ننقح وندقق في هذه الألفاظ التي تخرج من الألسنة.
وفقنا الله وإياكم أن نحصن ألسنتنا من الكذب والشرك والنفاق.
اللهم واجعلنا من أهل ملة التوحيد، أهل لا إله إلا الله، عليها نحيا وعليها نموت، وعليها نلقاك يا رب العالمين.
وصلوا على نبيكم محمد ﷺ، فإن من صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.