الأحد 23 جمادى الأولى 1446 هـ :: 24 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

آداب السلام في الإسلام


عناصر المادة
المعاني الشرعية للسلام في الإسلام
السلام شعار أمة الإسلام وتحية أهل الجنة
في السلام إشاعة المحبة بين المسلمين
ضوابط تسليم الرجال على النساء
السلام عند القيام من المجلس
فضل السلام على النبي صلى الله عليه وسلم
السلام بالإشارة
إرسال السلام وتبليغه للآخرين
كيفية رد السلام في الصلاة
السلام على الكافر
أبخل الناس
السلام عند الاستئذان بالدخول
البدء بالسلام قبل الكلام
كراهة السلام حال خطبة الجمعة
بدعة السلام بعد الصلاة
أسئلة وإجابات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  [آل عمران: 102] ،  يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا  [النساء: 1] ،  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا  [الأحزاب: 70-71].

أما بعد، فدرسنا اليوم أيها الإخوة عن آداب السلام في الإسلام وتاريخ السلام، متى كان بدء السلام؟

لقد كان بدء السلام أيها الإخوة قديماً قِدم البشرية، فروى الإمام البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺقال: خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعاً، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم  يعني ذهب إلى الملائكة وقال: السلام عليكم  فقالوا: عليك السلام ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله [رواه البخاري: 6227، ومسلم: 2841].

فإذن، أيها الإخوة كان السلام قديماً، من أول ما خلق آدم عليه السلام شُرع السلام، ولما بعث الله محمداً ﷺ بالحق بشيراً ونذيراً جاء إليه الناس بعدما دعا إلى الله تعالى، فكان ممن جاءه قديماً لما كان بمكة أبو ذر ، فروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر الطويل قال: أبو ذر عند الكعبة ينتظر هذا الرجل الذي يُقال له: محمد، حتى يعرف ما هو الموضوع؟ "فجاء النبي ﷺ فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام، قال: "فأتيته فإني لأول الناس حياه بتحية الإسلام.

قال: "قلت: السلام عليكم يا رسول الله، قال: وعليك السلام، من أنت؟ إلى آخر الحديث". [رواه مسلم: 132 ].

هناك أحاديث تعرّف السلام، والأحاديث التي أذكرها إن شاء الله كلها صحيحة أو حسنة.

يقول ﷺ في الحديث الذي رواه أبو هريرة:  إن السلام اسم من أسماء الله تعالى فأفشوه بينكم  [رواه البيهقي في الشعب: 8400، والطبراني في الأوسط: 3008، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1638].

وفي رواية في البخاري في الأدب المفرد عن أنس: إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضع في الأرض  [رواه البخاري في الأدب المفرد: 989]. يعني: وضع في الأرض العمل بمعناه، فافشوا السلام بينكم.

وفي رواية للبزار عن ابن مسعود مرفوعاً إلى النبي ﷺ أنه قال: السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض، فأفشوه بينكم  [رواه البزار: 1771، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 3697].

فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم، فردوا عليه كان له عليهم فضلُ درجة، يعني زيادة عليهم بدرجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه، ردّ عليه من هو خير منهم وأطيب، من هم هؤلاء؟ والله تعالى قال عن نفسه في القرآن الكريم:  هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِن [الحشر: 23]. فذكر من اسمه، فذكر من أسمائه السلام، قيل: هو ذو السلامة من النقائص، يعني السلام بمعنى أنه سليم من النقائص والعيوب، وقيل: هو الذي سلم خلقه من ظلمه، وجاءت أقوال أخرى، فما معنى السلام الذي هو التحية؟ يعني ما معنى عبارة السلام عليكم؟ فكلمة السلام أو السلامة بمعنى واحد، فكأن المسلم إذا سلم على أخيه وقال له: السلام عليك، أو السلام عليكم، فكأنه يعلمه أنه مسالم له لا يخاف منه، يعني ليس بعدو.

وقيل: معناه الدعاء بالسلامة له، وقيل: معناه السلام عليكم، السلام اسم من أسماء الله، يعني الله معكم، كما تقول للإنسان: الله يحفظك أو يحيطك برعايته أو حفظ الله عليكم، هذا معناه السلام عليكم، يعني حفظ الله ورعايته وكلائته عليكم، وقال ابن حجر: "السلام عليكم ورحمة الله، رحمة الله معروفة، وبركاته أي: زيادته من كل خير، رحمة الله إحسانه، وبركاته يعني: زيادته لك لكل خير.

المعاني الشرعية للسلام في الإسلام

00:06:01 

أيها الإخوة، معنى السلام معنى عظيم جداً، وفيه من الأشياء العظيمة في هذا الدعاء ما يبين شيئاً من حكمة الله جلّ وعلا في أمره للعباد عباده المؤمنين بإفشائه بينهم، فقال ﷺ في الحديث الذي رواه الحاكم عن أبي موسى:  أفشوا السلام بينكم تحابوا  [رواه الحاكم: 7310، وقال: هذا حديث صحيح].

وفي رواية إسنادها حسن في الأدب المفرد للبخاري عن البراء مرفوعاً:  أفشوا السلام تسلموا [رواه البخاري في الأدب المفرد: 787، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1087].

تسلموا يعني: تسلموا من العداوات والبغضاء والشحناء.

وفي رواية للطبراني عن أبي الدرداء:  أفشوا السلام كي تعلوا [قال ابن الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني وإسناده حسن:  8/30]. يعني: تعلوا في الدرجات، وتعلوا في المنزلة عند الله، وتعلوا بالحسنات.

وقال ﷺ أيضاً:  أفشوا السلام وأطعموا الطعام وكونوا إخواناً كما أمركم الله [رواه أحمد: 6450، وابن ماجه: 3252، والنسائي في الكبرى: 5929، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 1089].

فصار واضحاً؛ لكي نكون إخواناً  كما أمرنا الله يجب أن نفشي السلام.

وقال إن موجبات المغفرة  الأشياء التي توجب المغفرة  بذْل السلام وحسن الكلام رواه الطبراني، ما هو معنى الإفشاء؟

أولاً: روى البخاري في الأدب المفرد عن ابن عمر، وقال ابن حجر في الفتح: "إسناده صحيح: إذا سلّمت فأسمع، فإنها تحية من عند الله [رواه الطبراني في الكبير: 469، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 2232]. إذا سلّمت فأسمع، يعني: ارفع صوتك بالقدر الذي يسمع أخاك المسلم، وإذا ما رفعت صوتك وما سمعك ما صار إفشاءً، فما صار تطبيق لحديث الرسول ﷺ.

ثانياً: من معاني الإفشاء: عدم تخصيص أناس معينين بالسلام، بل يكون السلام عاماً، فيكون الإفشاء.

فلذلك من المكروه إذا لقيت قوماً أن تخصّ بعضهم بالسلام دون بعض؛ لأن هذا يسبب إيحاشاً ووحشة بينك وبين الذين تركت السلام عليهم، وورد في الحديث الصحيح أن رجلاً سأل النبي ﷺ: "أيّ الإسلام خير؟ قال:  تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف [رواه البخاري: 12، ومسلم: 39].

السلام شعار أمة الإسلام وتحية أهل الجنة

00:08:38

وهذا السلام شعار أمة محمد ﷺ، وهو تحية أهل الجنة:  تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ [الأحزاب: 44]. فعبّر عن التحية الكاملة بكلمة كالعنوان عليه، يعني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في السلام إشاعة المحبة بين المسلمين

00:08:59

وهذا السلام أيها الإخوة من فوائده: إشاعة المحبة بين المسلمين، واستفتاح المخاطبة بالسلام فيه وإشعار للمؤمنين بأنهم إخوة، فلا يستوحش أحد من أحد، والرسول ﷺ وضّح بأنه لا يمكن لأحد أن يدخل الجنة حتى يتحابّ مع إخوانه المسلمين، ولذلك جاء في الإسلام وسائل التحابّ، كيف يحدث التحابّ؟ من ضمن الوسائل: إفشاء السلام،  ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم [رواه مسلم: 54].

فإفشاء السلام من الأمور التي تربط أفراد المجتمع المسلم بعضهم ببعض برباط من الأُخوة والعلاقة الوثيقة في الله ، وفي استعمال السلام تواضع للمسلمين الذي يكلم يتواضع لإخوانه المسلمين بالسلام عليهم، وهذا يدل على الإخلاص لله تعالى.

وقولهﷺ:  على من عرفت ومن لم تعرف  [رواه البخاري: 12، ومسلم: 39]. فيه إشارة إلى أدب عظيم يتركه كثير من الناس؛ وهو أنهم لا يسلّمون إلا على معارفهم، فأما إذا لقي رجلاً لا يعرفه لا يسلّم عليه، وهذا من أشراط الساعة كما قال في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني وابن خزيمة، الطبراني عن ابن مسعود مرفوعاً:  من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين  تحية المسجد يعني،  وألا يسلّم الرجل إلا على من يعرف [رواه ابن خزيمة: 1326، والطبراني في الكبير: 9489، والبيهقي في الشعب: 8399، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5896]. من أشراط الساعة، وهذا أمر مذموم، وبعض الناس يعتبر السلام على من لم تعرف نوع من اللقافة، يقول ما دخلك تسلّم على، أو مثلاً عندما تسلّم على واحد ما تعرفه، يقول لمن معه: تعرف هذا الرجال؟ لماذا؟ يقول: فأنا سلّمت عليه، فالناس تعودوا للأسف على ترك السلام على غير المعارف.

ولاحظ يا أخي المسلم كيف يقرّب الإسلام بين أفراد المجتمع، حتى لو ما عرف يسلّم عليه، هذا السلام يوجِد بيني وبينه علاقة، وكثير من الناس يفكرون أحياناً كيف ينشئ علاقة مع فلان، ولا يدري أن من أهم وسائل العلاقة هو السلام، إذا سلّمت عليه في المرة الأولى نشأ نوع من العلاقة، المرة الثانية تكبُر هذه العلاقة أكثر وأكثر حتى تنشأ العلاقة التي تريدها، ومن فضل المسلِّم ما قاله ﷺ في الحديث الصحيح: من بدأ بالسلام فهو أولى بالله ورسوله  [رواه أحمد: 22192، والطبراني في الكبير: 7743، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 6121].  

وقال إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام [رواه أبو داود: 5197، والبيهقي في الشعب: 8408، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 2011]. يعني: من بدأ الناس بالسلام، قال المناوي في فيض القدير: "أي من أخصهم من أخص الناس برحمة الله وغفرانه والقرب منه في جنانه، وقيل: أقربهم من الله بالطاعة من بدأ أخاه بالسلام عند ملاقاته؛ لأنه السابق إلى ذكر الله وتنفيذ أمره" [فيض القدير: 2/441].

قال النووي في تعليقه على هذا الحديث في كتاب الأذكار: "وينبغي لكل أحد من المتلاقيين أن يحرصا على أن يبدأ بالسلام لهذا الحديث" [الأذكار للنووي: 414]. ويكفي هذا الحديث حثاً وترغيباً في أن يبدأ الإنسان أخاه بالسلام قبل أن يبدأ الآخر بالسلام، ولذلك كان من أثر السلام في المجتمع المدني أن اليهود حسدوا المسلمين على السلام، فقال ﷺ:  ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين  [رواه ابن ماجه: 856، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5613]. يعني: ما حسدتكم على شيء من أمور دينكم مثلما حسدوكم على إفشاء السلام وعلى التأمين خلف الإمام في الصلاة؛ لأنه يدل على وحدة الكلمة وعلى اجتماع الناس والمؤاخاة والمحبة بينهم، واليهود يريدون المسلمين متفرقين.

وقوله ﷺ:  أفشوا السلام بينكم  [رواه مسلم: 54]. كلمة "بينكم" تدل على عدم جواز السلام على غير المسلمين؛ لأن الرسول ﷺ قال: "بينكم" ومعنى "بينكم" يعني: بينكم يا أيها المسلمون، أما كيف يسلم أفراد المسلمين بعضهم على بعض، فقد روى الإمام أحمد وغيره عن عبد الرحمن بن شبر أن رسول الله ﷺ قال: ليسلّم الراكب على الراجل، وليسلّم الراجل على القاعد، وليسلّم الأقل على الأكثر، فمن أجاب السلام فهو له، ومن لم يجب فلا شيء له [رواه البخاري في الأدب المفرد: 992، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5450].

قال ابن بطال: "تسليم الصغير لأجل حق الكبير؛ لأنه أُمر بتوقيره في أحاديث أخرى، والتواضع له، وتسليم القليل لأجل حق الكثير؛ لأن حقهم أعظم -يعني حق الكثير أكثر من القليل، فلذلك يبدأ القليل بالسلام-، "وتسليم المار لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب -يعني على الماشي- لئلا يتكبر بركوبه، فابتداؤه لأخيه بالسلام يشعره بالتواضع، وأن ينزل بنفسه" [فتح الباري لابن حجر: 11/17]. لأن الواحد يتذكر عندما يركب سيارة مثلاً ويمشي يجد الواحد فيه نوع من ارتفاع المنزلة الدنيوية، فكونه يبتدئ أخاه بالسلام، هذا فيه إشعار له ولنفسه بالتواضع.

وكان ﷺ من تواضعه: يمر بالصبيان فيسلّم عليهم؛ لما روى أنس بن مالك قال: "مرّ بي النبي ﷺ وأنا ألعب مع الصبيان فسلّم عليّ، ثم دعاني فبعثني إلى حاجة له، فجئت وقد أبطأتُ عن أمي" يعني: قضى حاجة الرسول ﷺ ثم رجع إلى أمه، فقالت: "ما حبسك؟"

أين كنت؟ فقلت: بعثني رسول الله ﷺ إلى حاجة، فقالت: أي بُني وما هي؟ فقلت: إنها سر.

فقالت: لا تحدِّث بسِر رسول الله ﷺ أحداً، ثم قال أنس بن مالك للتابعي الذي يروي الحديث عنه وهو ثابت البناني: "والله يا ثابت لو كنت حدّثت بها أحداً لحدّثتك" [رواه أحمد: 13654، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم]. من شدة محبة أنس لثابت لكثرة ما يروي عنه ويهتم بنقل الأحاديث عن الرسول ﷺ، فهنا الرسول ﷺ مرّ على الصبيان فسلّم عليهم، وقبل أن يخطر في بعض الأذهان أن هذه أم أنس لم تتدخل في ابنها وتقول ما هو هذا الأمر؟ هل هو تعدٍ؟ قال ابن حجر: "حاشا وكلا أن يكون ذلك من هذه الصحابية، فإنها أرادت بسؤالها وما هو أن تتأكد من أن أنساً ابنها قد لبّى وقضى حاجة الرسول ﷺ" [فتح الباري لابن حجر: 11/82].

وانظروا إلى هذه الأم في تربيتها لابنها لما قالت له: لا تحدّث بسِرّ رسول الله ﷺ أحداً.

ما قالت له: أنا أمك وأنا قريبة منك، وأنا ما يمكن أفشي الأسرار، حدثني، خصّني بهذا السِّر.

ولاحظوا هذا الصبي الصغير كيف تربى في جو النبوة، ويعرف الأسرار وحفظ الأسرار وهو صغير.

هذا بالنسبة لتسليم الرجال على الصبيان.

ضوابط تسليم الرجال على النساء

00:17:32

أما بالنسبة للتسليم على النساء، تسليم الرجال على النساء، فعن أسماء بنت يزيد إحدى نساء بني عبد الأشهل، قالت: مرّ بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نسوة فسلّم علينا" [رواه البيهقي في الشعب: 217].

قال ابن بطال عن المهلّب: "سلام الرجال على النساء، والنساء على الرجال جائز إذا أُمنت الفتنة" إذا أُمنت الفتنة، هذا الحكم باختصار. وكذلك روى الإمام أحمد عن جرير مرفوعاً: "أن الرسول ﷺ كان يمر بنساء فيسلّم عليهن". [فتح الباري لابن حجر: 11/34].

أما تسليم النساء على الرجال، فقد روى الإمام مالك في الموطأ عن أم هانئ قالت: "ذهبت إلى رسول الله ﷺ عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب، قال: ((من هذه؟)) الرسول يقول لفاطمة: من هذه التي تسلّم عليّ؟ فقلت: أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) [رواه البخاري: 357، ومسلم: 336].

فلما فرغ من غسله، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً في ثوب واحد ثم انصرف، ففيها دليل على سلام المرأة على الرجل، وكما ذكرنا أن هذا مقيد إذا سلّم سلّمت النفوس من الفتنة.

أما إذا كان سلام المرأة على الرجل مثلاً فيه خضوع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض فيترك السلام، وكذلك لو كانت المرأة تفتتن بأصوات الرجال فلا يسلّم الرجل عليها، أما في الأحوال الطبيعية العادية فيجوز للمسلم أن يقول للمرأة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ويجوز لها أن تقول له: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويردّ السلام وتردّ السلام في غاية من الحشمة والوقار والابتعاد عن الخضوع بالقول، فإذا كان المجلس فيه خلط من مسلمين وكفار، قدمنا أن السلام على الكفار لا يجوز؛ لأن الرسول ﷺ قال: ((بينكم)) أفشوا السلام بينكم [رواه مسلم: 54]. أفشوا السلام بينكم.

وتأتي أحاديث أخرى في النهي عن السلام عن اليهود والنصارى، فإذا كان المجلس فيه مجموعة من المسلمين والكفار، كأن يكون فيه مسلمون وأناس تاركين للصلاة بالكلية يعني كفار أو يهود أو نصارى أو بوذيون، فما هو العمل؟

روى البخاري وغيره أن النبي ﷺ مرّ بمجلس فيه أخلاط من المسلمين واليهود والمشركين وعبدة الأوثان فسلّم عليهم"، فقال النووي: "السنة إذا مر بمجلس فيه مسلم وكافر أن يسلّم بلفظ التعميم؛ السلام عليكم ورحمة الله ويقصد به المسلم، يعني: في نفسه يقصد بالسلام المسلمين من هؤلاء.

قال ابن العربي: "ومثله إذا مر بمجلس يجمع فيه أهل السنة والبدعة، ومجلس فيه عدْل وظلمة، وبمجلس فيه محب ومبغض، فإنه يسلِّم عليهم ويقصد أهل الطاعة وأهل السنة وأهل الإسلام فيهم" [فتح الباري لابن حجر: 11/39].

أما إذا دخل إلى مجلس فيه أخلاط من نيام ويقظانين، فماذا يفعل؟ حديث على شرط الشيخين عن المقداد بن الأسود قال: "كان النبي ﷺ يجيء من الليل فيسلّم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان".

فهذا من اهتمامه ﷺ براحة إخوانه المسلمين فيسلّم تسليماً لا يوقظ النائم ويسمع اليقظان مخافتة، فيكون سلاماً متوسطاً بين الرفع والمخافتة، وكان ﷺ إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تُفهم عنه، روى البخاري وغيره  أنه -عليه السلام- إذا أتى على قوم فسلّم عليهم سلّم عليهم ثلاثاً [رواه البخاري: 95]. وهذا الحديث فيه إشكال، هل يعيد الإنسان إذا دخل المجلس يسلم ثلاث مرات، هل هذا هو السنة التي تُفهم من ظاهر الحديث؟ قال ابن حجر في الفتح ناقلاً عن بعض أهل العلم: "أن هذا التسليم أو هذه الثلاث مرات المذكورة في الحديث تُحمل إذا سلّم سلام الاستئذان فإنه من السنة أن يستأذن ثلاثاً، فيقول السلام عليكم أأدخل، السلام عليكم، أأدخل؟ السلام عليكم، أأدخل؟ حتى يجيبوه فإن لم يجيبوه فينصرف" [فتح الباري لابن حجر: 11/30].

ويُحتمل أيضاً أن يكون تكرار السلام لمن خُشي أنه لم يسمع سلامه، يعني: قد تسلم فما يرد عليك مثلاً الرجل، تخشى أنه ما سمعك، فترد، تعيد مرة ثانية، تخشى أنه ما سمعك، تعيد مرة ثالثة، حتى تتأكد أنه سمع، فقد يُحمل التكرار ثلاث مرات على هذا المحمل، وقال بعضهم: أنه قد يُحمل على المجلس الكبير؛ بحيث إذا سلّمت مثلاً على طرف المجلس ما يسمعك الطرف الوسط مثلاً، فتسلّم على هؤلاء مرة، وعلى وسط المجلس مرة، وعلى الطرف الآخر مرة، فقد يحمل هذا الحديث ثلاث مرات على مثل هذا.

كذلك من آداب السلام ما قاله ﷺ في الحديث الصحيح عن أبي الدرداء مرفوعاً: إذا اصطحب رجلان مسلمان فحال بينهما شجر أو حجر أو مدر فليسلّم أحدهما على الآخر ويتبادلوا السلام .

وقال ﷺ في الحديث الصحيح:  إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو حائط أو حجر، ثم لقيه فليسلّم عليه  [رواه البيهقي في الشعب: 8471، وحسنّه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 355].

ومعنى كلمة: "حالت" يعني: منعت أو حجزت. ويُستدل من هذا الحديث على: أن الإنسان لو سلّم على أخيه، ثم تركه لفترة وجيزة، ثم لقيه مرة أخرى أن يسلّم مرة ثانية، ولو تركه أيضاً لفترة أخرى، يعني مثلاً عندي ضيف أتى وسلّمت عليه وجلس، ذهبت مثلاً آتي له بطعام أو بضيافة وأتيت فلا مانع من السلام مرة ثانية، وهكذا لو قمت ورجعت مرة ثالثة، لا مانع من السلام أيضاً.

ويفهم هذا الاستدلال كذلك من حديث المسيء صلاته، فإن هذا الرجل المسيء صلاته لما جاء وصلى وجاء الرسول ﷺ سلم عليه ورد الرسول عليه السلام ثم قال له:  ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ فرجع مرة ثانية صلى ورجع وسلم، فردّ عليه الرسول ﷺ وسلم السلام وقال له: ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ  [رواه البخاري: 757، ومسلم: 397]. وراح مرة ثالثة ورجع فسلّم، فهذا الرجل كان برهة وجيزة يروح؛ خصوصاً أن صلاته كانت سريعة يذهب ويرجع فيسلّم، وأقرّه الرسول ﷺ على هذا السلام، فلو قصر الفصل بين الأخوين، فإن من السنة أن يسلِّم أحدهما على الآخر، ما حكم السلام؟

قال القرطبي في تفسيره: "أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سُنّة مُرغّب فيها ورده فريضة لقوله تعالى:  فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء: 86]. فكلمة: {حَيُّوا} هذا اللفظ الأمر يقتضي الوجوب. [تفسير القرطبي: 5/298].

وقال ابن كثير في التفسير: "السلام تطوّع، أي ابتداء السلام، والرد واجب على من سلّم عليه فيأثم إن لم يفعل، لأنه قد خالف أمر الله تعالى:  فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا  [تفسير ابن كثير: 2/370].

وإذا مر جماعة على جماعة، فيقول الرسول ﷺ: إذا مر رجال بقوم  بجماعة، فسلّم رجل من الذين مروا على الجلوس  واحد من الجماعة الذين مروا سلّم على الجلوس،  وردّ من هؤلاء واحد  يعني: من الجالسين أجزأ عن هؤلاء وعن هؤلاء [رواه الأصبهاني في الحلية: 8/251، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 798]. روى الحديث أبو سعيد، وهو حديث صحيح، فإن سلّم واحد من الجماعة ورد واحد من الجالسين يجزئ.

وأما حكم السلام في قضية ابتداء السلام، فقد ذكر بعض العلماء أن ابتداء السلام فرض كفاية، يعني أن إفشاء السلام بين المسلمين المفروض أن يكون عاماً لا يترك، لا يُترك إفشاء السلام، فلو قام بعض المسلمين بإفشاء السلام سقط عن الباقين مع بقاء أنه سنة ومندوب ومستحب.

 فائدة من حديث: "خلق آدم لما قال الله  له:  اذهب فسلّم على أولئك نفر من الملائكة. [رواه البخاري: 3326، ومسلم: 2841].

قال شرّاح الحديث: فيه فائدة: أن ملقِ السلام يتعين عليه أن يقرب من المسلم عليه، بحيث يُسمع سلامه ويُرد عليه"، يعني: لو كان الجماعة موجودين ما أسلم من بعيد إذا كان أستطيع أن أقرب، الأفضل أن أقترب منهم وألقي عليهم السلام، والحديث المعروف في فضل السلام وحسنات السلام، السلام عليكم عشر حسنات، ورحمة الله عشرين سنة، وبركاته ثلاثين" [رواه الترمذي: 3474، وابن أبي شيبة: 56، وصحح  الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب: 2711]    سُنّة، هذا معروف، أما لو واحد يبتدئ السلام ويريد أن يزيد على بركاته، وما حكم أن يأتي رجل مثلاً يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال الشيخ أبو عبد الله عبد العزيز بن باز في هذه المسألة: أن هذا ممنوع مخالف للسنة؛ لأنا لا نعرفه من حال ابتداء السلام، الكلام على مَن يبدأ بالسلام.

السلام عند القيام من المجلس

00:27:52

وكذلك من آداب المجالس أن الإنسان إذا دخل المجلس وسلّم في البداية، وأراد أن يقوم في نهاية المجلس فإن السنة أن يسلّم، وهذا أمر تركه كثير من الناس، فقال ﷺ:  إذا جاء أحدكم إلى المجلس فليسلّم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإذا قام فليسلّم، فما الأولى بأحق من الآخرة [رواه ابن حبان: 493، وأبو يعلي الموصلي: 6566، وصححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: 2712].

يعني: ليست التسليمة الأولى في الإتيان أحق وأوجب وأفضل من التسليمة إذا قام من المجلس، بل كل منهما مندوب ومأمور به لما فيه من الفضل.

فضل السلام على النبي صلى الله عليه وسلم

00:28:28

كذلك السلام على الرسول ﷺ فيه فضل عظيم؛ لأن الرسول ﷺ قال:  ما من أحد يسلم علي إلا ردّ الله علي روحي حتى أرد عليه السلام  حديث صحيح. [رواه أبو داود: 2041، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5679]. وهذه خاصية للرسول ﷺ.

ما هي أكمل الألفاظ في إلقاء السلام؟ معروف وذكرناه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ويجوز أن يلقي السلام بلفظ: السلام عليكم أو السلام عليكم ورحمة الله.

كيف يكون الرد؟ يجوز أن يرد: وعليك؛ لأنه ثبت عن الرسول ﷺ بقوله: ((وعليك)) فقط.

وأكمل الألفاظ في الرد: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أو: عليكم ورحمة الله، أو: وعليكم السلام.

وفي رواية لمسلم: وعليك ورحمة الله في ردّ الرسول ﷺ السلام على أبي ذر، قال له لما قال: السلام عليك يا رسول الله، قال:  وعليك ورحمة الله يعني: وعليك السلام أيضاً. [رواه مسلم: 2473].

هل يقول لما يقول له: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يقول: وعليك السلام أم يقول: عليك السلام؟

الأفضل زيادة الواو، يعني لو واحد قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا [النساء: 86].

لو واحد قال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، هل تكون أحسن منها؟ قال أهل العلم: نعم؛ لأن فيها زيادة الواو، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يعني: وعليكم أنتم كذلك.

ما حكم الزيادة على لفظ بركاته في ردّ السلام؟ هل يجوز للإنسان أن يقول مثلاً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه ورضاه إلى آخره؟ هذه المسألة اختلف فيها العلماء، فبعضهم اعتمد على أحاديث موقوفة على بعض الصحابة وهي صحيحة، أو صحح بعضها الحافظ ابن حجر في الفتح، منها ما رواه محمد بن عمرو بن عطاء قال: "كنت جالساً عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم زاد شيئاً مع ذلك، فقال ابن عباس وهو يومئذ قد ذهب بصره من هذا؟

قالوا: هذا اليماني الذي يغشاك، فعرّفوه إياه، قال: فقال ابن عباس: "إن السلام انتهى إلى البركة".

[رواه مالك في الموطأ: 2019، والبغوي في شرح السنة: 12/257].

هذا بالنسبة لقضية البداية دليل لما ذكرناه من منع الزيادة في ابتداء السلام، أما بالنسبة للإجابة جاء رجل إلى ابن عمر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته.

فقال: "حسبك إلى وبركاته" انتهى إلى وبركاته، هذا هو النهاية، فلا مزيد.

لكن هذا الحديث يُفهم منه الابتداء أيضاً، ولكن ورد إنكار السلف على من زاد على وبركاته؛ لأن السلام انتهى إلى البركة، ولكن وردت أحاديث ضعيفة عن الرسول ﷺ أنه زاد على الرّد، أو زاد بعض الصحابة على الرد عليه: "ومغفرته أو ورضوانه"، قال ابن حجر في فتح الباري: "وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على وبركاته"، وكذلك صحّح محدّث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بعض طرق هذا الحديث في الزيادة على وبركاته مثل زيادة مغفرته أو رضوانه، وقال: "ويؤيد هذا قول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا  [النساء: 86]. فقال:" فلا بأس بالزيادة على وبركاته في الردّ، وليس في ابتداء السلام" [فتح الباري لابن حجر: 11/6]. فهما رأيان للعلماء والرأي الثاني قوي؛ خصوصاً وأن الأحاديث قد صحّت عند من يوثق به من أهل العلم بهذا الشأن.

السلام بالإشارة

00:32:12

ما حكم التسليم بالإشارة؟ قال ﷺ في الحديث الحسن: لا تسلِّموا تسليم اليهود والنصارى، فإن تسليمهم إشارة بالكفوف [رواه النسائي في الكبرى: 10100، والبيهقي في الشعب: 8520، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 7327]. قال أهل العلم: فيدخل في ذلك ردّ السلام مثلاً بتحريك الرأس، يقول لك،  أو بالحاجب، اثنين مع بعض، اثنين خلاص انتهت القضية، كيف حصل المقصود لما واحد يروح يسوي الحاجب كذا أو يحرك رأسه؟ يعني صار إذا تحاببتم وصار الأجر والحسنات صارت بالعكس، هذا فيه تشبُّه باليهود والنصارى ونحن قد نُهينا عن التشبُّه بهم، فلذلك لا يجوز ردّ السلام بهذه الكيفية، ولا حتى ابتداء السلام به؛ لأن فيه تقليد وتشبُّه بالكفار.

أيضاً ليس من السنة ابتداء السلام بقول الرجل لأخيه: عليك السلام؛ لأن الرسول ﷺ قال لأحد الصحابة لما قال له: وعليك السلام يا رسول الله، عليك السلام يا رسول الله، عليك السلام يا رسول الله، قال: إن عليك السلام تحية الموتى، إن عليك السلام تحية الميت، ثلاث مرات ثم أقبل عليّ فقال: إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل: السلام عليكم ورحمة الله  ثم ردّ عليه النبي ﷺ وقال:  وعليك ورحمة الله، وعليك ورحمة الله، وعليك ورحمة الله  [رواه الترمذي: 2721، وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: صحيح على شرط البخاري: 1403]. لو قال قائل: إن تحية الموتى المعروف في زيارة القبور أن نقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين، فكيف يكون عليك السلام تحية الموتى؟ أجاب بعض أهل العلم عن هذا فقالوا: أن العادة المتبعة في الجاهلية بالسلام على الأموات هي عليك السلام، مثل قول الشاعر: عليك سلام الله قيس بن عاصم... إلى آخر الأبيات المعروفة، فإنهم في المراثي إذا رثى بعضهم بعضاً للميت يقول: عليك السلام؛ ولأن هذا حي فلا يصلح أن يشبّه بالميت في السلام، فلا بد أن يقول في ابتداء السلام: السلام عليكم ورحمة الله، ولا مانع لما يسلّم الإنسان على ديار المسلمين الميتين أن يشابههم بسلام الأحياء، لكن المنهي عنه العكس.

إرسال السلام وتبليغه للآخرين

00:34:37

كذلك من آداب السلام إرسال السلام وتبليغه، أتى جبريل للنبي ﷺ فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك بإناء معها فيها إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشّرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب [رواه أحمد: 7156، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين].

يعني: ليس فيه ضوضاء ولا فيه تعب ولا نصب. فقال رسول الله ﷺ لعائشة، يقول: ((يا عائش)) هذا حديث آخر، هذا الحديث في إقراء جبريل السلام على خديجة من الله ومنه.

حديث آخر: قال رسول الله ﷺ: ((يا عائش)) يا عائش، هذا الترخيم، أسلوب الترخيم في اللغة العربية حذف الحرف الأخير، وهو من أساليب المداعبة والملاطفة، ((يا عائش)) هذا جبريل يقرأ عليك السلام

قالت: "وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، قالت: وهو يرى ما لا أرى" [رواه البخاري: 3217، ومسلم: 2447].

وعائشة كما ورد في شرح الحديث ما سمعت كلام جبريل، لذلك احتاج الرسول ﷺ إلى أن ينقل السلام من جبريل إليها، مع أنهم كانوا جالسين في نفس المجلس، فلما نقل الرسول ﷺ السلام من جبريل إلى عائشة، وعائشة في منزلة الغائب عن المسلِّم؛ لأنها لا تراه ولا تسمع كلامه، فأخذ العلماء من هذا استحباب نقل السلام من المسلم إلى المسلَّم عليه.

وفي حديث صحيح عن أنس بن مالك أن فتى من أسلم أرسله الرسول ﷺ إلى رجل، فجاء إلى هذا الرجل فقال له: "إن رسول الله يقرئك السلام"، فالصيغة إذا أردتَ أن تبلّغ إنساناً سلاماً أن تقول: إن فلاناً يقرئك السلام، فمشروعية إرسال السلام مع شخص لآخر واضحة، ومشروعية تبليغه لمن كُلّف بذلك أيضاً واضحة، ومشروعية الرد على مرسل السلام وأنه مستحق للرد كما وهو حاضر واضحة.

فقال النووي تعقيباً على هذا الحديث: "وفي هذا الحديث مشروعية إرسال السلام، ويجب على الرسول تبليغُه؛ لأنه أمانة، ويجب على الرسول المرسل بالسلام تبليغ هذا السلام؛ لأنه أمانة" [شرح النووي على مسلم: 15/211].

واعتبره بعضهم وديعة، يعني كأنه يقول شيء ويقول: استودعتك أن توصل هذه الوديعة لفلان.

يستفاد من الحديث إذا أتاه شخص بسلام من شخص أو في ورقة وجب الرد على الفور.

يعني مثلاً: أتيت إنساناً بسلام من شخص، قلت له: إن فلاناً يسلّم عليك، أو يقرئك السلام، كما هو السنة يقرئك السلام، فتقول أنت الذي بلغك السلام: وعليك وعليه السلام في الحال.

وكذلك إذا جاءتني رسالة، في الرسالة مكتوب فيها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فتقول له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ما هي ألفاظ إرسال السلام؟ إذا أردت أن ترسل السلام مع واحد.

فالصيغة: إما أن تقول: اقرأ عليه السلام، هذه الصيغ واردة في الأحاديث اقرأ عليه السلام، أو أقرئه السلام.

تقول لواحد: اقرأ على فلان السلام، أو أقرئه مني السلام.

ما هي ألفاظ التبليغ؟ ألفاظ التبليغ: فلان يقرأ عليك السلام، أو فلان يقرئك السلام كما قدمنا، وألفاظ رد السلام على المرسل هي كألفاظ الرد على الحاضر سواء بسواء.

قال أبو حاتم السجستاني: "تقول: اقرأ عليه السلام، ولا تقول: أقرئه السلام، فإن كان مكتوباً قلت: أقرئه السلام".[فتح الباري لابن حجر: 1/56].

أما ردّ السلام على المصلي أو السلام على المصلي فهذه مسألة أخرى من أحكام السلام، يقول ﷺ في الحديث الصحيح لأحد الصحابة لما سلّم عليه وهو يصلي، بعدما صلّى قال له:  إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي رواه مسلم عن جابر. [رواه مسلم: 540].

في البداية كان الرسول ﷺ يردُّ السلام باللفظ في الصلاة لما روى مسلم عن عبد الله قال: "كنا نسلم على الرسولﷺ وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي -يعني من هجرة الحبشة- سلّمنا عليه فلم يردّ علينا، فقلنا: يا رسول الله، إنا كنا نسلّم عليك في الصلاة فتردّ علينا؟

فقال: إن في الصلاة لشغلاً  [رواه البخاري: 1216]. يعني: من قبل كان رد السلام في الصلاة جائز، ثم نُسخ لما نزل قول الله تعالى:  وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238]. منع الكلام في الصلاة من تشميت العاطس ورد السلام إلى آخره.

كيفية رد السلام في الصلاة

00:39:29

ما هي كيفية ردّ السلام في الصلاة؟

روى الإمام أحمد عن ابن عمر: "دخل رسول الله ﷺ مسجد بني عمرو بن عوف مسجد قباء ليصلي فيه، فدخلتْ عليه رجال من الأنصار يسلّمون عليه ودخل معه صهيب، فسألتُ صهيباً: كيف كان رسول الله ﷺ يصنع إذا سلّم عليه؟ قال: "يشير بيده" [رواه أحمد: 4568، وقال محققه الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين].  

فالآن السنة إذا سلّم واحد على المصلي أن المصلي يردّ بالإشارة، فسئل راوي الحديث أحد الرواة ابن عون، كيف الرد بالإشارة؟ فجعل ظاهر كفه إلى الأعلى إلى الأرض، هكذا الرد، يعني: أنا في الصلاة، سلّم إنسان، أردّ هكذا بالإشارة، وأيضاً يستحب التطهُّر عند ردّ السلام، قال أبو الجهيم في حديث البخاري: "أقبل النبي ﷺ من نحو بئر، فلقيه رجل فسلّم عليه، فلم يردّ النبيﷺ حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم ردّ عليه السلام" [رواه البخاري: 337، ومسلم: 369]. قيل: مسح وجهه ويديه في التراب أو الرمل الذي يتكون منه هذا الجدار، أو بغبار الجدار، ضرب عليه ومسح اليدين والوجه فسلّم، ولهذا يُسنُّ للإنسان إذا كان خارجاً من قضاء حاجة، أو ما كان على طهارة وسلّم عليه واحد أن يتيمم لرد السلام.

السلام على الكافر

00:41:00

 لا يعتبر الكافر كافراً حتى تقيم الحجة عليه أن ذلك يعتبر كافراً، ولكن إذا كان هذا الرجل من هؤلاء القوم الكفار فلا تبدأ بالسلام، اليهود والنصارى، لماذا لا يُبتدئون بالسلام؟ لأنهم من غير المسلمين، وقد أخذنا عدم جواز ابتداء المجوس أو الباطنية بالسلام من قول العلماء: "لما نهى الرسول ﷺ عن اليهود والنصارى وهم أهل كتاب، فدلّ هذا بالاقتضاء على أن من دونهم من الكفار الذين ألعن منهم في الكفر، مثل المجوس والبوذيين وغيرهم من أجناس الباطنيين من الذين هي أسوأ من اليهود والنصارى أولى أنا لا نبدأهم بالسلام، إذا نهينا عن اليهود والنصارى وهم أصحاب كتاب، أصحاب كتاب وأُرسل لهم رسل وفيهم شيء من الشرائع السابقة نُهينا أن نبدأهم فكيف بغيرهم من الذين لا دين لهم أصلاً، فقال ﷺ في معاملة هؤلاء إذا سلّموا علينا، قال:  إذا سلّم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا: وعليكم [رواه البخاري: 6258، ومسلم: 2163].

وقال:  إذا سلّم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السام عليك، فقل: وعليك  [رواه البخاري: 6257].

فمن تحقق أن الشخص الذي يقول له السلام بصيغة السام عليك، فإذا عرف هذا فإنه يقول له: وعليك، قال بعض العلماء: هل يقول له: وعليك أو يقول له: عليك، وردت روايات فيها الواو، ووردت روايات لا ذكر للواو فيها، فقال بعضهم معللاً عدم ذكر الواو: إذا ذكرت الواو، قال لك مثلاً: لك السام عليك، فقلت: وعليك، يعني: عليّ وعليك، هذا مفهوم العبارة، وفي الروايات التي تقول: إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم [رواه البخاري: 6258، ومسلم: 2163]. فقال بعض أهل العلم جمعاً بين الروايات: إذا سلّم عليك بسلام واضح، السلام عليك سلاماً واضحاً وصحيحاً لا إشكال فيه، فتقول له: وعليكم، إما إذا سلّم عليك سلاماً مشتبهاً فيه أو فيه شر، فتقول: وعليك من غير واو، والمسألة فيها أقوال كثيرة، لكن هذا مختصر للموضوع.

أبخل الناس

00:43:58

 الرسول ﷺ ذكر حديثاً يحذّر فيه المسلمين من ترك السلام، فقال:  أبخل الناس من بخل بالسلام 

وهذا الحديث له قصة أن رجلاً كان يؤذيه عذق متدلٍ من بستان جاره، فشكا للرسول ﷺ فراح الرسول ﷺ لهذا الرجل، قال له:  هب لي هذا العذق قال: لا، قال: هبنيه ولك مثله في الجنة  قال: لا، رفض، بخيل، فقال ما معناه:  لا أجد أبخل منك إلا من بخل بالسلام .

السلام عند الاستئذان بالدخول

00:44:37

قضية السلام في الاستئذان أيضاً واردة وهي الكيفية الصحيحة في الاستئذان، فلما جاء واحد للرسول ﷺ لم يحسن الاستئذان، فقال لإحدى أمهات المؤمنين: أخرجي إليه فإنه لا يحسن الاستئذان، فقولي له: فليقل السلام عليكم أأدخل  [رواه النسائي في السنن الكبرى: 10075، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 234].

وقال الرسول ﷺ في حديث آخر:  قل: السلام عليكم، أأدخل؟ 

وكان ﷺ إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: السلام عليكم، السلام عليكم، يعني: ما يقصد الباب؛ حتى إذا فتح الباب لا يطلّع الرجل على شيء من عورات صاحب البيت الذي يكره أن يطلع على مثل هذه الأشياء.

البدء بالسلام قبل الكلام

00:45:22

وأيضاً من آداب السلام: أن من لم يبتدئ بالسلام، قال ﷺ: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه [رواه الطبراني في الكبير: 8076، وصححه الألباني في الجامع الصغير وزيادته: 6122]. 

أيضاً صحيح، وقال : السلام قبل السؤال، فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه  [رواه الطبراني في الأوسط: 429، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 3699].

كل واحد يستعجل أو يطرح السؤال فتقول له: يا أخي سلم أولاً، فيسلم أولاً ثم تجيبه على السؤال تعليماً له.

ومن فضل السلام كذلك يقول عليه السلام: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتفرقا  [رواه أحمد: 2727، وأبو داود: 5212، والترمذي: 2727، وحسّنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5777].

وقال: أيما مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه فتصافحا وحمد الله تعالى جميعاً تفرقا وليس بينهما خطيئة [رواه أحمد: 12451، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 2741].  في صحيح الجامع، فإذن، إضافة الحمد عند اللقاء يحمد كل منهما الله هذا فيه فضل.

وقال: ما من مسلمين يلتقيان فيسلّم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا لله  هذه عبارة مهمة،  لا يأخذ بيده إلا لله، فلا يفترقان حتى يُغفر لهما [رواه أحمد: 18548، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته: 5778]  وقال: إذا تصافحا المسلمان لم تُفرّق أكفهما حتى يُغفر لهما  [رواه الطبراني في الكبير: 8076، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 433]. وهذا يشمل المرأة مع المرأة أيضاً، إذا دخل واحد بيته وليس فيه أحد، هل يسلّم أو لا يسلّم؟

قال ابن حجر -رحمه الله-: "ويدخل في عموم إفشاء السلام: السلام على النفس لمن دخل مكاناً ليس فيه أحد، لقوله تعالى: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ [النور: 61]. وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن أبي شيبة بسند حسن، عن ابن عمر أنه قال: "فيستحب إذا لم يكن أحد في البيت أن يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" لأن البيت لا يخلو أن يكون فيه ملائكة، أو مسلمون من الجن فيشملهم بسلامه" [فتح الباري لابن حجر: 11/20]. ولو سلّمت على إنسان فظننت أنه إذا سلّمت عليه لا يردّ عليك، واحد بينك وبينه مشكلة وأنت تخاف إذا سلّمت عليه ما يردّ عليك السلام، هل تسلم عليه أو ما تسلّم عليه؟ قال أهل العلم: ومن ظن أنه إذا سلم عليه لا يرد، فيسلم لأن الظن قد يخطئ، -سبحان الله- قد يستجيب ويردّ عليك السلام، ولو التقيت بشخص في الطريق وأنت مشتبه فيه هل هو كافر أم ليس بكافر، الآن قلنا: أن السلام على الكفار لا يجوز، أنا ماضٍ التقيت بواحد أقول: هو مسلم أو ليس مسلم، فماذا تفعل؟

يقول ابن حجر في فتح الباري: "لو سلّم احتياطاً لم يمتنع حتى يعرف أنه كافر". لو سلم احتياطاً، ربما كان مسلماً، أنت لا تدري، الآن الأمر مشتبه عليك، فابن حجر يقول: "لو سلّم احتياطاً لم يمتنع حتى يعرف أنه كافر"[فتح الباري لابن حجر: 11/20]. يعني الأصل إذا كنت في مجتمع إسلامي الذين حولك من المسلمين، تلقي السلام على الشخص الذي تشتبه فيه، حتى يتبين لك أنه كافر، وهذا بخلاف إذا ما كنت في مجتمع كفار.

 وبعض الأشياء المتعلقة بالسلام متفرقة من غير ترتيب.

قال بعض العلماء: "يُترك السلام على المبتدع تأديباً له"، ومن فتاوي الشيخ ابن باز: "ترك السلام على فرق الباطنية، وترك الرد عليهم". يعني: لا يسلّم عليهم ولا يرد عليهم السلام، لا وعليكم ولا غيره، يترك الرد عليهم تأديباً لهم، قال: لأنهم يدخلون في حكم المبتدعة، وهؤلاء بدعتهم كفرية، قال بعض أهل العلم بترك السلام على المبتدع ورد السلام عليه تأديباً له وزجراً وردعاً، حتى يشعر أنه يعيش في غربة وأن وضعه خطأ، قال النووي: "يُستثنى من عموم الأمر بابتداء السلام من كان مشتغلاً بأكل أو شرب أو جماع، أو في الخلاء أو نائماً أو ناعساً، وأدخل فيها النووي قارئ القرآن والمؤذّن ما دام متلبّساً بشغله، فيكون متلبساً بشغله" [عمدة القاري شرح صحيح البخاري: 22/236].

يعني: الأكل أو الشرب أو النوم إلى آخره، قال: "فلو لم تكن اللقمة في فم الآكل مثلاً فيُشرع السلام عليه" يعني واحد يأكل وفمه فيه طعام إذا سلّمت عليه يُحرج منك ما يقدر يرد عليك السلام، فلو كان أثناء الأكل،في فمه طعام لا تسلّم عليه، لكن لو كان على المائدة وقد انتهى من بلع الطعام وأصبح بإمكانه أن يردّ فسلّم عليه.

كراهة السلام حال خطبة الجمعة

00:50:22

كذلك من أحوال السلام الممنوع: السلام حال خطبة الجمعة، قال الشيخ الألباني جزاه الله خيراً: "لا يسلّم على من بالمسجد ولا يردّون عليه السلام؛ لأن فيه إشغالاً لهم عن سماع الخطبة، وقال الشيخ: غاية السلام أنه مستحب ابتداء السلام وسماع الخطبة واجب، فكيف يفوّت عليهم الواجب بشيء مستحب؟".

ويقول أيضاً ذكر هذا في كلام سؤال شفهي، لكنه ذكر في الأحاديث الصحيحة ردّاً على النووي في قضية السلام على قارئ القرآن والمؤذن، فيقول كلاماً وجيهاً، يقول: "إذا كان الرسول ﷺ قد أجاز السلام على المصلي وهو في صلاة وفي شغل وأجاز السلام عليه، أفلا يكون من الأوجَه أن يسلّم على قارئ القرآن والمؤذن وهو في شغل أدنى من شغل المصلّي؟" ثم قال بعد ذلك: "هل يردُّ قارئ القرآن والمؤذن باللفظ أم بالإشارة؟

فقال: "الأرجح أنه يرد باللفظ؛ ولأن المؤذن مثلاً لا ينقطع أذانه بردّ السلام؛ لأنه شيء يسير، فلو ردّ مؤذن على مسلم أثناء أذانه فلا بأس بذلك؛ لأنه شيء يسير"، لا يُشرع السلام على الملبّي في الإحرام هذا رأي له، وقد يعارَض بما تقدم ذكره آنفاً، وكذلك كره بعض العلماء السلام على الشخص المشتغل بالدعاء، يعني لو رأيت واحداً يدعو ومنهمك ومقبل على الله في الدعاء، مستجمع قلبه على الدعاء، فقد يكون في ابتدائك السلام في تلك الحالة عليه نوع من قطع الخشوع أو قطع إقباله على الله أو صرف همته -يعني في رد السلام- فيترك مثل هذا الشخص إلى أن ينتهي ويسلّم عليه، وأصلاً الابتداء بالسلام سنة الأمر واسع، قال ابن تيمية أيضاً في قضايا تتعلق بالسلام: "يسلِّم على المصلين إذا كان فيهم من يحسن الرد بالإشارة، أما إذا كان فيهم من قد يتكلم فلا ينبغي إدخاله فيما يقطع صلاته".

[مختصر الفتاوى المصرية: 76]. يعني: إذا تفطّنت وتوخيت أن هؤلاء الناس فيهم فقه وعلم، إذا سلّمت عليهم وهم يصلون يردون بالإشارة، لكن إذا ظننت أن فيهم جهل، قد تسلّم عليهم فيردوا عليك السلام، فعند ذلك لا ينبغي لك أن تدخل عليه شيئاً يقطع عليه الصلاة؛ لأنه لو ردّ عليك السلام قطع صلاته؛ لأنه أتى بكلام من خارج الصلاة.

ذكرنا أن السلام بالإشارة منهي عنه، لكن بعض الحالات لا بأس فيها من استخدام الإشارة في السلام كأن يكون الشخص الآخر بعيد بحيث أنك لو رفعت صوتك بالسلام ما يسمعك وينظر إليك، تجد اثنين مثلاً في شارع، كل واحد على رصيف ينظر إلى الآخر، ما يدري يسلّم أو ما يسلم، هل يرد عليه أو ما يرد عليه، فلو قرن سلامه باللفظ بالإشارة كأن يقول له: السلام عليكم حتى يلبيها هو فلا بأس بذلك، ذكر هذا ابن حجر" [فتح الباري لابن حجر: 11/14]. كذلك مثلاً أنت في السيارة وواحد بجانبك، الزجاج مرفوع أو بعيد، أو مار بالسيارة، فلو قلت مثلاً: السلام عليكم ورحمة الله، فلا بأس بذلك، وإن استُخدم المنبِّه في السيارة بدل الإشارة، حتى هذا المنبّه ليس للسلام، الآن الناس يرن وانتهت القضية، يعني صار مسلّم عليه، هذا خطأ، لكن إذا استخدمت المنبّه بدل من إشارة الكف لا للسلام عليه ولكن لتنبيهه حتى يلتفت إليك وتسلّم عليه ما فيها شيء.

بدعة السلام بعد الصلاة

00:54:44

أيضاً من القضايا المتعلقة بالسلام بدعة السلام بعد الصلاة على اليمين وعلى الشمال، هذه فيها فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد بأنها بدعة، وهناك أيضاً رسالة صغيرة في هذا الموضوع، المهم من البدع المنتشرة بعدما يسلّم الإنسان من الصلاة يسلّم مباشرة على من يمينه وشماله.

 إذا التقى إنسانان فسلّما في نفس الوقت، هذا قال: السلام عليكم ورحمة الله، وهذا قال: السلام عليكم ورحمة الله، فذكر العلماء أن كل واحد يرد على الآخر أيضاً، يعني سلّما في نفس الوقت ابتدأ كلاهما بالسلام فيرد كل واحد منهما على الآخر بعدما ينتهيا.

ذكرنا أنا الصغير يسلم على الكبير، والراكب يسلم على الماشي، والقليل يسلمون على الكثير، لو اشتبهت الأحوال، يعني: ماشي مع ماشي، فمن يسلّم؟ قال ابن حجر: روى البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح من حديث جابر قال: "الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهذا أفضل"، لو تساوى المتلاقيان من كل جهة فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل، وقال ابن حجر: روى الطبراني بإسناد صحيح عن الأغر المزني قال: "قال لي أبو بكر لا يسبقك أحد إلى السلام". [فتح الباري لابن حجر: 11/16]. يعني: دائماً تكون أنت الذي تبدأ.

هل يجوز لو مر كثير على قليل أو كبير على صغير أن يبدأ بالسلام؟ من ناحية الجواز يجوز، لكن فيه ترك للأفضل، أما إذا أولئك الناس ما سلموا أساساً فحتى لو سلم الكثير على القليل، يعني انتظرت منهم أن يبدأوا بالسلام حسب السنة، أنت مثلاً جالس مر واحد ما سلم عليك، المفروض هو الذي يبدأ حسب السُّنة، لو ابتدأت أنت بالسلام يجوز، لو كان صغيراً في السن كبيراً في المقام، مثلاً واحد عالم التقى مثلاً مع واحد كبير في السِّن، هو صحيح أن العالم هذا أصغر سناً من الشيخ الكبير، من الذي يبدأ؟ بعض أهل العلم قالوا: يرجح جانب الدين والعلم فيبدأ الكبير، ولكن ذكر ابن حجر -رحمه الله- أن جانب السن هو الذي يُقدّم.

 فلو كان كلاهما راكبان، أو كلاهما ماران فمن سبق إلى السلام فهو أفضل من الآخر.

كذلك الأخرس من الناس الذين يردون السلام ويسلمون بالإشارة.

الآن قضية الكفار هذه، نحن اتفقنا على أن لا نبدأهم بالسلام ونعرف كيف نرد عليهم، هل هناك صيغ يجوز أن نبدأهم بها غير السلام من أنواع التحية؟ قال السفاريني في شرح مسند الإمام أحمد: "قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: إذا سلّم الذمِّي على المسلم فلا يردّ عليه، وإن قال: أهلاً وسهلاً فلا بأس" [شرح ثلاثيات مسند أحمد للسفاريني].

يعني رديت على الذمي مثلاً بكلمة أهلاً وسهلاً، أو قلت له: مرحباً، أو صباح الخير، أو مساء الخير، أو أي لفظة من ألفاظ غير السلام نوع من أنواع التحية فلا بأس بذلك، كذلك من الأشياء التي يجوز ابتداء الكفار بها صيغة السلام على من اتبع الهدى؛ لأن الرسول ﷺ لما كتب الكتاب لعظيم الروم، قال له في صدر الخطاب: السلام على من اتبع الهدى  [رواه البخاري: 6260]. يقوله للكافر، يجوز أنك تبدأه بـ:  السلام على من اتبع الهدى  لأن الرسول ﷺ فعل هذا.

وأيضاً ابتداء اليهود والنصارى أو الكفار بالإشارة، روى البخاري في الأدب المفرد وترجم على هذا الحديث بقوله: "من سلّم على الذمِّي إشارة" قال علقمة: "إنما سلم عبد الله -يعني ابن مسعود- على الدهاقين إشارة، وهؤلاء الدهاقين رجال النصارى وعُبّادهم، سلّم عليهم إشارة، فيجوز لك، قال الألباني: وسنده صحيح، فيجوز لك أن تسلّم على غير المسلم بالإشارة. [رواه البخاري في الأدب المفرد: 514، وصححه الألباني].

هناك قضية ذكرها بعض أهل العلم؛ قال: لو أن إنساناً كافراً أو نصرانياً أو يهودياً قال سلاماً واضحاً جداً، هل يجوز لي أن أقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقلنا: بعض أهل العلم قال: لا يجوز، ويقتصر على لفظة: وعليكم أو عليكم، بعض أهل العلم قال: الله يقول: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا  [النساء: 86]. "حُيِّيتُمْ" هذه مبني للمجهول، يعني: من أي جهة جاءت التحية، فهذه الآية فيها عموم يشمل أي واحد رد عليك بسلام صحيح ما فيه شر واضح، فمن عموم قوله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء: 86]. فأنت تقول له: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، رد كامل، وبعضهم قال: إذا لم يكن محارباً من المحاربين، فتردّ عليه بصيغة السلام الكامل، وهناك تحقيق في هذا في السلسلة الصحيحة في المجلد الثاني، ونقل فيه حديث رواه البخاري في الأدب المفرد قال الألباني: "صحيح على شرط مسلم" عن ابن عباس لو قال لي فرعون: بارك الله فيك قلت: وفيك"، يعني: أنه إذا كانت الصيغة التي جاءت من هذا الكافر سليمة وصحيحة فلا بأس من معاملته مقابلها بالحسنى، إذا كانت واضحة وصحيحة، وذكرنا أيضاً أن بعض العلماء قال: لا يجوز، ويجب أن تقول له: وعليكم أو عليكم فقط. [سلسلة الأحاديث الصحيحة : 2/321].

هذه بعض الأحكام التي تيسر جمعها من قضايا السلام وهناك غيرها ولم يتيسر إكمالها والبحث فيها وأظن هذا الوقت قارب على الانتهاء، ولكن كلمة أخيرة، عندما تستعرض أبواب السلام في كتب الفقهاء والمحدثين والعلماء تستطيع أن تستدل على أهمية المسألة بحجم المكان الذي فسحوه في كتبهم للكلام عليها، بعض العلماء يستدلون على أهمية بعض المسائل في ابتداء المصنّفين بها، أو بتوسعهم في الكلام عليها، فعندما ترجع تعرف أهمية الموضوع ترجع لكتب العلم تجد العلماء قد أفردوا فيها أشياء كثيرة مما يدل على أهمية هذا الموضوع، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وأتوقف في الحديث على قضية السلام عند هذا الحد، وفقنا الله لإصابة الصواب، وإلى أن نتحاب فيما بيننا ونعرف حقوق بعضنا على بعض، وصلى الله على محمد.

أسئلة وإجابات

00:00:00

هناك بعض الأسئلة:

 إذا كان هناك محدث أو مذيع سلم هل ترد عليه؟

هذا بمثابة من وصل منه الرسالة وهو غائب، فترد تقول: وعليكم السلام ورحمة الله.

امرأة في الصلاة وهي تصلي صاح أحد أطفالها، فلتفتت المرأة إلى الطفل، هل تبطل صلاتها أم لا تبطل؟

هذا يحدث بالنسبة للنساء اللاتي عندهن أولاد، يحدث هذا، يقول الشيخ ابن عثيمين مجيباً على هذا السؤال: إذا التفتت المرأة بوجهها لا تبطل صلاتها، أما إذا التفتت بجسمها كله وانحرفت عن القبلة واختل شرط اتجاه القبلة فإن الصلاة تبطل.

ما حكم التفحيط مع ذكر الدليل؟

هذا الأخ مهتم بالدليل، يا أخي التفحيط حكمه واضح التفحيط حرام لا يجوز، والدليل:

 الدليل الأول: قال الله تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [الإسراء: 27]. وفي التفحيط إتلاف للسيارة وللعجلات ولقيمة هذه الأشياء بدون أي فائدة، وهذا يدخل في التبذير، والتبذير محرم، هذا أولاً.

ثانياً: نهى رسول الله ﷺ أن يُروِّع المسلم أخاه، هذا حديث صحيح، والمفحطون هؤلاء يروِّعون المسلمين، يأتيك الحي ويفحّط ويوقظ النائمين ففيها إيذاء للمسلمين، فهذا أيضاً أمر محرم، كذلك فيه إضاعة في الوقت بلا فائدة، وهو نوع من الاستهتار، والشباب مسئولون أمام الله عن شيئين: شيء يشتركون فيه مع كبار السن عن عمره فيما أفناه، وشيء يختصون به وهو: عن شبابه فيما أبلاه [رواه الترمذي: 2417، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة: 946]. فسيسأل عن فترة الشباب بالذات، لأنها فترة العطاء والحيوية فيما أبلاه، في ماذا أبليت هذا الشيء.

السؤال يقول: امرأة يكون في ملابسها الداخلية بلل دائم، أو أن ينزل منها سوائل دائماً، فهل تصلّي وهذا الذي عليها رطب أم لا؟ يعني في ثيابها رطوبة دائماً هذه الرطوبة، هل تصلي فيها أم لا تصلي؟

يقول الشيخ ابن عثيمين مجيباً على هذا السؤال: أن ما خرج من مجرى البول أو هذه الأشياء التي تخرج من المرأة الأصل فيها أنها نجسة، فلذلك لا تصلي بهذا الثوب الذي فيه رطوبة، قال: وقد كلّفت أحد الأطباء بأن يبحث لي هل كل السوائال التي تخرج من المرأة نجسة أم لا؟ وأنا بانتظار جوابه، فحتى يأتي جوابه فأنا أبقى على الفتوى أو على الإفتاء بأن كل ما نزل من المرأة في ثيابها نجس.

سؤال آخر عن الريح، من به ريح دائماً تخرج منه، كيف يكون حاله؟

يقول الشيخ ابن عثيمين أيضاً: الذي به ريح كثيرة تخرج منه بشكل لا إرادي، تخرج ما يستطيع أن يتحكم فيها، هذا حكمه حكم من به سلسل البول، وهو إذا جاء وقت الصلاة يتوضأ ويذهب ويصلي خرج الريح بعد الوضوء في أثناء الصلاة ما عليه شيء، رفع الله الحرج عنه، من أهل الأعذار؛ لأنه لا يستطيع يتحكم، أما لو كان هناك فترة يستطيع فيها أن يتحكم بنفسه مقدار الصلاة، فإنه في هذه الفترة يصلي، حتى لو أدى استبقاء نفسه في هذه الفترة إلى تفويت الجماعة، فيفوِّت الجماعة ويصلي لوحده إذا استطاع أن يحبس نفسه، يعني واحد يدخل الحمام إذا جاء وقت الصلاة أو قبل وقت الصلاة، وقد لا يخرج منه؛ لأن الفترة طويلة؛ لأن يخرج منه ريح أو كذا أو يعاني مشقة وشدة حتى تفوته الجماعة، فلو فاتته الجماعة لا حرج عليه يصلي لوحده، فيقول الشيخ ابن عثيمين أيضاً في فتوى في هذا الموضوع: ومن علم بأنه لو ركع أو سجد خرج منه الريح، أما إذا قام أو قعد فإنه لا يخرج منه الريح فإنه يصلي قائماً عند الركوع فيومئ إيماء للركوع بالرأس هكذا، ويقعد عند السجود ويومئ إيماء وهو قاعد من غير أن يسجد إذا كان يعلم بأنه إذا ركع أو سجد يخرج منه الريح.

يقول: ما حكم كشف بنات الجيران مع أنهم يعتبرونني أخاً لهم دون أي نوع من العاطفة أو الكلام الفاسد؟

هو كلام فاسد، يعني غير صحيح، هذا ما يجوز حتى لو اعتبروك أو اعتبرتهم ، لا اعتبار إلا ما اعتبره الشرع ، ما كل واحد يعتبر على كيفه، الحرام حرام والأجنبية تبقى أجنبية حتى لو صارت الاعتبارات بأي شكل من الأشكال.

يقول: أريد السفر مع أخي إلى باريس وهناك النساء لا يتحجبون؟ ويجب أن أسافر للعلاج، هل أمشي وأنا مغمض العينين؟

 السفر نوعان رئيسيان؛ سفر طاعة وسفر معصية، ثم هذه الأنواع تتقسم إلى أقسام أخرى؛ سفر جهاد، سفر طلب العلم، وسفر تجارة، وسفر للعلاج، أقسام كثيرة، المهم إذا كان سفرك يا أخي هذا سفر طاعة، للعلاج، هذا العلاج ما يوجد في بلاد المسلمين فتذهب، لكن ما يفرض عليك الشرع أنك تمشي وأنت مغمض، لا، الشرع ما كلفك بهذا، الشرع كلفك بغض البصر، والنظرة الأولى لك لكن الثانية عليك، فأنت تمشي قدر الإمكان تنظر بما تبصر به الطريق فقط، أما تقعد تتفرج وتتلفت وتتأمل في مخلوقات الله العجيبة هذه التي أمامك، فهذا من التأمل المحرم، فلا يجوز لك ذلك.

يقول: هل يجوز أن أسلّم على بعض النساء من خلف الباب من غير أن أكشف عليها؟

ذكرنا أن هذه القضية تتعلق بالسلام، أن هذا لا شيء فيه، يعني إذا كان بالمعروف وليس فيه خضوع بالقول فلا شيء في ذلك تسلّم المرأة على الرجل والرجل على المرأة.

يقول: هل يجوز مصافحة الرجل الكافر إذا مد يده للسلام في حال السلم، وهل يجوز رد السلام عليه إذا سلم؟

جاوبنا على هذا السؤال في قضية السلام، أما المصافحة الحقيقة أنا ما بحثت في المصافحة، لكن قرأت كلاماً للإمام أحمد بن حنبل أنه سُئل عن مصافحة الكافر، فقال: أكره ذلك، وأكره ذلك عند الإمام أحمد تحتمل التحريم والكراهية؛ لأن السلف كانوا يتحرجون لإطلاق ألفاظ التحريم، فكان أحدهم يقول: أكره، وذلك يقتضي التحريم منهم الإمام أحمد، فالمسألة تحتاج إلى بحث، لكن حدود علمي في الموضوع كلام الإمام أحمد بعدم مصافحة الكافر، أظن نكتفي بهذا، وجزاكم الله خيراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.