الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

رسالة إلى المعلم المسلم


عناصر المادة
خطورة رسالة المعلم
إدراك المعلم لخطورة موقعه
المعلم القدوة
مفاهيم ينبغي غرسها في نفوس الطلاب
نصائح وتوجيهات للمعلمين
أخلاق وآداب المعلم في الإسلام

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخواني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

موضوعنا في هذه الليلة عن "رسالة إلى المعلم المسلم".

ولعلكم تلاحظون في العنوان شيء من الإجمال، وعدم التخصيص والتفصيل، ولكن لعلها تذكرة وتنبيهات أكثر مما هي تفصيلي وتخصصي، ربما تدرسونه بشكل أوسع في كليته.

خطورة رسالة المعلم

00:01:02

أيها الإخوة: إن رسالة المعلم رسالة خطيرة جداً:

أولاً: لأنها أمانة، والمعلم يطلع بأمانة رفضت أن تحملها السموات والأرض والجبال، لثقلها وعظمها، ولكن حملها هذا الإنسان الضعيف الجهول.

والأمانات متعددة؛ فمنها: أمانة العبادة بين العبد وربه، ومنها: أمانة التربية، ومنها: أمانة طلب العلم، وغير ذلك من أنواع الأمانات.

وأمانة التعليم فيما أرى من أهم الأمانات لأثرها العميق في الواقع إذا أُحسن استغلالها، كما أن لها في نفس الوقت أثراً سيئاً جداً إذا أسيء استخدامها.

ونحن نعلم أن أعداء الإسلام نجحوا في الوصول إلى كثير من مآربهم، وتحقيق كثير من مخططاتهم، عبر إيجاد حاملي الأفكار الهدامة وناقليها إلى شباب الأمة الإسلامية، ولو فكرت معي بالخطورة التي تنتج من تبوء بعض سيئ النية لمقاليد التعليم لوجدت أن الأمر في غاية السوء، ووجدت أن سبب انحراف الأجيال هو في قضية المعلم، وفي قضية المناهج التي تدرس في كثير من المدارس والمعاهد والكليات.

إدراك المعلم لخطورة موقعه

00:03:33

وينبغي:

أولاً: أن يدرك المدرس أو المعلم بعد التفكر في الأمانة خطورة موقعه في الساحة، إذا أنه لو أدرك أهمية هذا الموقع فإنه لا بد أن يتحفز ويستعد لإبداء كل ما لديه من الإمكانات والخبرات لخدمة هذا الموقع، وللقيام بهذه المسؤولية، فمثلاً متى تظن أنه يجتمع عندك كل هذا العدد من الشباب في سن التقبل والتحمل لتراهم عدة ساعات في اليوم يومياً، أي داعية، خطيب الجمعة، لا يجتمعون عنده إلا أسبوعياً، والإمام يجتمعون عنده في وقت الفرائض فقط، ولكن المدرس يجتمعون عنده يومياً فيما عدا الإجازة أو فيما عدا نهاية الأسبوع، وليست لساعة، وإنما لساعات، فأين تجد  هذا الجو أو هذا المجال الذي يمكن من خلاله أن تؤثر على هؤلاء الطلبة؟

وإذا أدركت معي وتفكرت في السن الذي يوجد فيه الانحراف للشباب مثلاً لوجدت أنه في سن المراحل الدراسية، ينحرفون وهم في المدرسة أثناء الدراسة، فإذا وجدت الضمانات ووجدت الكفاءات التربوية التي تربي هذا الجيل، وتمنعه من الانحراف؛ نكون قد أدينا وقمنا بمهمة عظيمة جداً من مهمات هذا الدين وتكاليفه، ولذلك باستطاعة المدرس أن يمنع أنواعاً من الانحرافات، وباستطاعته أن يوجد -بإذن الله- نماذج من الطاقات الخيرة التي تعمل في المجتمع.

وأما إذا حصل عدم تقدير الأمانة، وعدم الإحساس بالمسؤولية، وإنما الدراسة من أجل الشهادة والانتظار إلى آخر الشهر لقبض المكافأة، واستلام الراتب، فلا ترجو من وراء ذلك خيراً؛ لأن الأعمال بالنيات، والله يوفق كل شخص بحسب نيته وإخلاصه وسعيه:  وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى  [النجم: 39 - 41].

وإذا كان الله ورسوله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير، فتصور من جهة أخرى حجم الأجر والثواب الذي يصلك إذا كنت معلم الناس الخير، سيأتون إليك في المدرسة، لن تذهب أنت لتبحث عنهم، وسيحضرون عنك في الصف  ويستمعون، ولن تحتاج أنت إلى أن تقول لهم: تعالوا هنا، وسيستمعون بطبيعة الحال لطبيعة الجو الدراسي والمدرسي ولن تحتاج أن تقول لهم دائماً: أنصتوا؛ لأنهم أتوا ليتلقوا ويتعلموا.

والمعلم يدرك بطبيعة الحال -وأنتم طلبة في الكلية قد تتخرجون وتعملون مرحلة من العمر في المرحلة الابتدائية، وجزءًا من العمر في المرحلة المتوسطة، وجزءًا من العمر في المرحلة الثانوية، الله أعلم حيث يجعل كل واحد منكم، ولكن من الناحية التربوية وأنتم تعلمون هذا جيداً- أن طبيعة الطلاب في المراحل المختلفة لها أثر كبير في نوعية الجهد الذي ستقدمه، وفي درجة الأعمال التي ستبذلها، فعلى سبيل المثال لا شك أن الطلبة الصغار في المرحلة الابتدائية مثلاً يختلفون على الطلبة البالغين والطلبة الكبار، فمثلاً الطلبة الصغار يسهل السيطرة عليهم، وبكلمات تستطيع أن تسكتهم، وربما لو لوحت بشيء من العقاب لصمتوا.

ومن جهة أخرى فإن الإجابات التي تقدم إليهم من السهل أن يسكتوا بعدها، وإقناعهم سهل، وإعطاؤهم الأجوبة قد لا يحتاج إلى جهد من المدرس.

ومن ناحية العقوبة مثلاً قد تكون مثمرة في الغالب، لذلك ورد في الحديث:  واضربوهم عليها لعشر  [رواه أحمد:6756، وقال محققو المسند: "إسناده حسن"] يعني هذا السن الذي يعاقب فيه الطالب في المرحلة الابتدائية، العقاب مجدي.

لكن الكبار يصعب السيطرة عليهم من جهة، ولا تقنعهم أية إجابة، ولذلك قد يواجه المعلم إحراجات، مواقف محرجة من بعض الطلاب في المراحل المتقدمة من الدراسة؛ لأن عندهم قدرات على النقاش والاعتراضات على الجواب الذي تقدمه إليهم ما ليس لغيرهم، وفي نفس الوقت فإن العقوبة والضرب مثلاً قد لا تجدي مع هؤلاء، بل إنها في الغالب قد تؤدي إلى نتيجة عكسية، ولذلك يرى بعض اهل العلم بعدم جواز ضرب البالغ لغير الحدود، وقالوا: الرسول ﷺ أمر بالضرب عند الحاجة في العشر سنوات:  واضربوهم عليها لعشر ، لكن إذ بلغ انتهينا، إذا بلغ وما صلى يستتاب؛ لأنه صار رجلاً مسؤولاً عن تصرفاته، وهكذا..

فإذاً، إدراك الفروقات وهي كثيرة وليس هذا مجال ذكر الفروقات هو الذي يساعدك على تلمس المواضع التي تضع فيها جهودك، وإدراكك لمدارك الأشخاص في هذه المراحل الدراسية المختلفة، هو الذي يجعلك تتصرف بشكل معين نحو طالب، وبشكل يختلف نحو طالب آخر.

والإنسان عندما يدرس، وإن كانت التجربة نادرة، لكن لو قدر له أن يدرس في نفس الوقت في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ويدخل مرة حصة من حصص المرحلة الابتدائية، وتليها حصة للمرحلة المتوسطة، وأخرى للمرحلة الثانوية، ليتسنى له أن يعرف التدرج الذي يمر به الطالب من خلال سنوات الدراسة، وليقدر بعد ذلك أن ينوع معاملته مع الطلاب.

المعلم القدوة

00:12:19

ومن أهم النقاط -التي هي أهم نقطة التي نتطرق إليها في الحديث في هذه الليلة- قضية أن يكون المعلم قدوة.

من المشكلات التي تواجه التعليم -أيها الإخوة- في هذا الزمان: أن كثيراً من المعلمين والمدرسين ليسوا بقدوات مطلقاً، ولذلك فإن الطالب يتربى على الازدواجية السيئة التي يسمع من خلالها شيء من المعلم، ثم يرى التطبيق شيئاً آخر، وهذا يعلم الطالب ألواناً من النفاق؛ بسبب أنه يرى المدرس يقول له في الفصل شيئاً ثم هو يعمل نقيضه خارج الفصل، وهذا لعمر الله من أسوأ الأمور التي يمكن أن تؤثر أو المؤثرة فعلاً في سلوك الطلبة في هذه الأيام، فمثلاً إذا صار المعلم قدوة من جهة الصلاة، بعض المدارس يلاحظ فيها أن المدرسين يتخلفون عن الصلاة في مسجد المدرسة أو الكلية مثلاً، فماذا سيقول الطالب نفسه وهو يرى المدرس يتخلف عن أداء الصلاة؟

لا يراه يصلي معه.

أين هو المدرس؟ قابع في غرفة المدرسين، متكاسل، وهو قد يصلي في البيت، وقد يكون أصلاً مقصر في الصلاة، وإذا وصلنا إلى مرحلة أن المدرس مقصر في الصلاة، هذه مرحلة خطيرة جداً.

من الأشياء التي لاحظتها بنفسي في بعض المصليات في المدارس إذا صلى المدير صلى جميع المدرسين، وإذا لم يصل المدير تخلف كثير من المدرسين، فماذا عسى ذلك الطالب يقول لنفسه وهو يرى هذا التصرف؟

السبب الإخلاص غير موجود، والرياء قائم ومستحكم، وألوان النفاق العملي شائعة، وماذا نتوقع بعد ذلك؟

مثلاً المظهر الإسلامي للمدرس هذه من علامات القدوة المهمة التي دلت عليه سنة رسول الله ﷺ عندما قال: الفطرة خمس  [رواه البخاري: 5889، ومسلم: 257] وعد منها أموراً، وفي حديث: أنها عشر، وفي أحاديث أخرى زادت عن ذلك.

وجمع ابن حجر -رحمه الله- في "فتح الباري" طرق الأحاديث التي تكلم فيها الرسول ﷺ، وربما وصلت إلى خمس وعشرين.

فمثلاً: الأشياء التي تدل على النظافة الشخصية؛ كالاستحداد، وحلق العانة، والطيب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، واللحية، وقص ما طال عن الشفة العليا من الشارب، وعدم إسبال الثوب، والوضوء، والختان، إلى آخره، أمور كثيرة تتعلق بالمظهر، الإسلام مظهر وجوهر، لا جوهر فقط، ولا مظهر فقط، والذي يقول لك خلاف هذا الكلام فقد يكون من المرجئة، وقد يكون من الناس الذين لديهم سلوك للتفكير بشكل أو بآخر.

المهم أن القدوة تتطلب أن يظهر المدرس أمام الناس والطلبة بالمظهر الإسلامي اللائق.

محاربة المنكرات أياً كانت دليل على تمسك هذا المدرس بهذا الدين.

مظاهر تقليد الكفار، محاربة المناهج الكفرية، الحمد لله نحن في نعمة كبيرة، لكن في بعض البلدان الأخرى قد تدرس مناهج مصادمة للدين من جوانب كثيرة جداً، سواءً في الاجتماع، في الاقتصاد، في علم النفس، حتى طريقة عرض العلوم النظرية قد يكون فيها انحرافات كثيرة، ولذلك نلاحظ: وهبت الطبيعة، وصارت الطبيعة، وعملت الطبيعة، كتب مترجمة حرفياً من كلام الكفار، وماذا نتوقع إذا ترجمت الكتب حرفياً من كلام الكفرة الذين صاروا لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر؟

مقاومة مثلاً: السفور لدى الطالبات من قبل المدرسات، الوشم، النمص، التفليج، تبادل أشرطة الأغاني والأفلام، الصور، تعليق السلاسل والحلق، وربما يكون فيها صلبان، ونحو ذلك، والهتافات الجاهلية، والشعارات والدعايات والملصقات التي تحوي أحياناً أموراً مصادمة للشريعة، يجب مقاومتها بشدة.

وبعض المدارس التي قد يكون فيها اختلاط، نحن أحياناً الواحد يقول: يا أخي أنت أين؟ أنت صحيح تتكلم عنا هنا لكن كثير من الناس في بلدان خارجية يتعرضون لأجواء من الانحرافات والفتنة، والمدارس في حالة يرثى لها؛ الاختلاط، وتعليم الموسيقى، والمناهج الكفرية، ونحو ذلك، هذه أمور متفشية؟

فإذاً، أنا أقول: هذا الكلام سبب أن بعضكم قد ينتقل إلى الخارج لسبب من الأسباب، قد يدرس في بلدان خارجية، قد ينهي عمله هنا وينتقل إلى مكان آخر، قد يتقابل في الحج أو في غيره من المناسبات مع أناس لهم علاقة بالتعليم، قد يحضر ندوات واجتماعات تضم أناساً من بلدان أخرى يجب أن يكون هناك مسؤولية في التواصي بالحق والصبر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

عندما نجد مثلاً طلابنا قد انشغلوا في التوافه مثل التشجيع الرياضي المتناهي الذي يصل إلى درجة الجنون، المصاحب بالهتافات والتصفيقات، ونحو ذلك، فينبغي أن يكون للمدرس موقفاً في هذه القضايا، ينبغي أن يعلم طلابه بأن إيصال العقل الذي يمتلكه هو والذي هو نعمة من الله إلى هذه الدرجة يعتبر انحطاط به، وانحراف عن السبيل الذي خلقه الله من أجله.

واستغلال الطاقات عندما تجد طلابك مثلاً يجيدون حفظ أسماء اللاعبين والأندية والنتائج، ويكون غبياً في الرياضيات مثلاً، لكن عندما يقول لك: دخل الدوري في المرحلة الصعبة، مرحلة الحسابات الصعبة، وهو مستعد أن يقول لك ما هي الحسابات الصعبة، ويأتي لك بنظرية الاحتمالات الذي درسها في الكلية، لكن -طبعاً- هو يأتي بها من الواقع، مستعد أن يبدي لك كافة الاحتمالات ويحسب ويضرب ويقسم، ويستخدم ذهنه للوصول إلى النتائج المحتملة، تدرك عند ذلك أن مثل هذا الأمر ينبغي أن لا يمر أمامك بسهولة، وأنه يحتاج إلى تعقب وتعقيب.

عدم التساهل في الأمور المحرمة في الفصل؛ كالغش مثلاً، مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية، هذه الصور التي قد يأتي بعض الطلاب بها على قمصانهم أو على بدلاتهم الرياضية ينبغي أن يكون لنا موقف نحوها، -طبعاً- أن تقول لي: هذه أشياء بسيطة لكن أقول لك عندها: في طلاب المرحلة الابتدائية قد يكون هذا هو المجال الذي تنكر فيه لانتشارها، ولكن الانحرافات الفكرية أخطر بكثير الموجودة  عند بعض الطلبة في المرحلة الثانوية، أو ما هو أعلى من ذلك.

ولقد سمعت بنفسي عن أمور من الدعوة إلى الأفكار الهدامة، وتبادل بعض الروايات الممنوعة، وبعض القصص التي لها أغراض سيئة لهدم الفضيلة والأخلاق، والعقيدة قبل ذلك، وتبادل الكتابات المكتوبة بأساليب أهل الحداثة، وغيرهم، موجودة عند البعض، تحتاج إلى تنبه من قبل المعلم، وألا يكون غافلاً عما يحدث بين يديه.

التخلق بالأخلاق الإسلامية؛ كالكلمة الطيبة، والابتسامة، إلقاء السلام.

بدأ الدرس مثلاً بالحمد والصلاة على الرسول ﷺ، وختم الدرس بكفارة المجلس، هذه من السنن المندثرة في كثير من الفصول والدروس، وإذا قلت لهم سيقولون لك: ما علاقة قوانين "نيوتن" الثلاثة بالحمد والصلاة على رسول الله ﷺ وكفارة المجلس؟

ونحن نقول: ليس عندنا والحمد لله في هذا الدين فصل بين الشريعة والعلم، وليس عندنا والحمد لله فصل بين الآداب الإسلامية والنظريات الطبيعية التي تدرس، بل إننا نربط ذلك كله بالدين الإسلامي دون لي الأعناق؛ لأن بعض الناس يحاول أن يدخل كل شيء، يدخل فيه آية أو حديث وقد لا يكون مناسباً وهو أمر غير مطلوب، ولذلك عندما نقرأ في بعض دفاتر التحضير شيء اسمه: الهدف الديني، عندي تحفظ على كلمة: الهدف الديني؛ لأنه معناها بأن هناك هدف ديني، وهدف غير ديني، وهذا شيء لا يصلح أبداً، وفي بعض الدروس يلجأ المدرس إلى نوع من القسر والإجبار لبعض المعلومات والعبارات ويطوعها بشكل غير مقبول أبداً، حتى يصل إلى هدف ديني من الدرس، مع أن المسألة لا تحتمل إيجاد هذا، ولكن يدرس على أنه شيء مفيد في الحياة الواقعية والعملية.

تعليم الطلبة، القدوة أمام الطلبة، التعليم بالقدوة، مثل رد السلام، أدب الاستئذان، آداب المجلس، الترديد وراء المؤذن قد يؤذن وأنت في الفصل، ويصل عبر نافذة الفصل صوت المؤذن وهو يؤذن، هل يقف هنا المدرس للحظات ليردد أمام تلاميذه وراء المؤذن فيعلمهم بالقدوة قبل أن يأمرهم بالكلام سنة الترديد، وطاعة رسول الله ﷺ، حينما قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول [رواه البخاري: 611، ومسلم: 383] وهل يعلم المدرس الطالب عندما يدخل أن يقول: السلام عليكم، أأدخل؟ عندما يطرق الباب أم لا؟

وتشميت العاطس عندما يوقف المدرس الدرس ليقول لطالب: يرحمك الله؛ فإن لها معنى كبيراً في نفوس الطلبة.

ومن الأشياء المتعلقة بشخصية المدرس الإسلامية: دعم النشاطات الإسلامية في المدرسة، بل إيجاد المجالات الإسلامية داخل الأنشطة المختلفة في المدرسة، فقد نجد مثلاً جمعية التوعية الإسلامية هذه من عنوانها معروف أن نشاطاتها إسلامية، لكن ينبغي أن يوجد في بقية النشاطات أيضاً كجمعية الرحلات وجمعية العلوم وجمعية الحاسب الآلي، وغيرها، مجال لربط ذلك النشاط بالإسلام، وأن نفهم الطلاب أنه من الخطأ أن يعتقدوا أن جمعية التوعية الإسلامية هي المسؤولة عن الإسلام بالمدرسة، وأن جمعية العلوم، والحاسب الآلي، لا علاقة لها بالإسلام مطلقاً، وهذه -طبعاً- من الأفكار العلمانية التي انتشرت في كثير من الأوساط.

وحرص المدرس على وقته واستثماره في المدرسة من الأشياء التي تشعر الطالب بأن المدرس جاد وأنه ليس بهازل ولا لعاب، على سبيل المثال كثير من الطلبة عندما يدخل غرفة المدرسين في المدرسة فإنه يرى من تصرفات مدرسه الذي كان في الفصل قبل دقائق أموراً مختلفة لا يمكن أن تتلاءم مع ما كان يدرسه

المدرس قبل ذلك، فقد يجد مثلاً المدرس يقهقه بصوت مرتفع جداً، وقد يجده يدخن في الفصل مثلاً، وهذا المدرس نفسه يقول للطلبة: إن التدخين مضر، وإن أضراره كذا وكذا، ثم يدخل الطالب ليرى المدرس في غرفة المدرسين يدخن إذا لم تكن الإدارة حازمة في تطبيق القرارات.

وعلى فرض أنه رآه خارج المدرسة أيضاً بسلوك مشين فإن الطالب معرض، أو هناك احتمال كبير أن الطالب يجد المدرس في السوق، قد يجده في الدكان، قد يجده على شاطئ البحر، قد يجده في المنتزه، قد يجده يركب السيارة في الشارع، فهنا لا بد أن يراعي المدرس أن عمله ليس منحصراً في المدرسة، وإنما رسالته ممتدة لخارج المدرسة.

وفي غرفة المدرسين تجد الأوقات تهدر بالأحاديث الدنيوية المختلفة، بدلاً من أن تكون النقاشات هادفة بين المدرسين في تبادل الآراء حول فصل معين، أو طالب معين، أو مادة معينة، أو صعوبات ومشاكل موجودة، وإنه لما يسر المرء أنه يجد بعض المدرسين مثلاً يتناقشون في وضع فصل معين، ووضع الحلول للمشاكل الموجودة في هذا الفصل، صحيح أن المسألة أحياناً تكون عبارة عن بث هموم؛ لأن المدرسين عندما يجتمعون في غرفة المدرسين تكون المسألة بث هموم ومشاكل ومشاعر، لكن ينبغي أن تكون المسألة أبعد من ذلك في المناقشات المفيدة.

وبعض المدرسين إذا أراد أن يقرأ في غرفة المدرسين لا يجد الجو المهيأ لارتفاع اللغط والأصوات والضحكات في الأمور المختلفة.

مفاهيم ينبغي غرسها في نفوس الطلاب

00:30:08

ومن الأشياء المهمة أيضاً التي ينبغي أن يقوم بها المدرس ويشعر أنها من واجباته: التفكير في المفاهيم التي ينبغي أن يزرعها في الطلبة، وأنا أعرض لكم على سبيل المثال بعض المفاهيم المهمة التي ينبغي أن يراعي المدرس عرضها على الطلبة بجميع الأساليب:

إعادة الثقة بهذا الدين، هذا المفهوم مهم جداً، وبيان عظمة الإسلام ومزايا هذا الدين، ومزايا الشريعة؛ لأن كثيراً من الناس اهتزت ثقتهم بالدين، مما يرى من كثرة التناقضات الحادثة في الواقع.

دور الطالب في إصلاح بيته، هذا أيضاً أمر مهم، كيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟

الحرص على طلب العلم الشرعي، وتحبيب الطلبة فيه، واعلموا أن كل الآيات والأحاديث الواردة في القرآن والسنة التي فيها مدح للعلم وثناء على أهله، يقصد بها علوم الشريعة، فمثلاً:  هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الزمر: 9] كثيراً ما تكتب في وسائل إيضاح على احترام الاختراع، أو  يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة: 11] نفس الشي،  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ  [فاطر: 28] نفس الشيء، وهذا خطأ كبير، السبب أن مدرس الفيزياء ومدرس الكيمياء أو الرياضيات مثلاً يريد أن يبرهن لطلبته على أهمية الفيزياء والرياضيات والكيمياء فيأتي لهم بالآيات والأحاديث: وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم [رواه أبو داود: 3641، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح: 212] قبل أن يقرأ شرحاً واحداً للحديث، لأي إمام من الأئمة، فيؤدي هذا إلى تفسير الآيات والأحاديث على غير المراد الشرعي، المعنى الشرعي، ولذلك يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ  الكفار يرفع الكفار، الآن فيه مخترعون كثيرون من الكفرة، علماء كثيرون في الذرة والفيزياء والكيمياء، إلى آخره، هؤلاء الله عز وجل يرفعهم درجات يوم القيامة؟

 إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ  هؤلاء الكفرة يخشون الله، يمكن يحدث عندهم نوع من الهيبة إذا صعد للفضاء الخارجي، لكن هم يخشون الله؟ علمهم هذا أدى للخشية أم أنه أدى للبطر والغرور؟ وعندما صعد جاجلين إلى الفضاء كان التعليق الموجود: لقد صعد رائدنا للفضاء ولم يتشرف بمقابلة إلهكم! يخاطبون المسلمين.

إذاً، العلم الدنيوي عندهم ما نفعهم:  يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [الروم: 7] لذلك أكرر لا يصح من أجل أن نبين للطلبة أهمية بعض العلوم الدنيوية أن نفسر الآيات والأحاديث على غير معناها لنقول لهم إنها هي المقصودة بالحديث أو الآية، وهذا خطأ كبير.

وأهمية الرفقة الطيبة، والحرص على مرافقة القدوات مفهوم مهم جداً.

أسباب تخلف المسلمين، وأن الصحيح هو تخلفهم عن العمل بالقرآن والسنة؛ لأنه واحد من الناس قال: هات لي مليون مسلم حاملي شهادة دكتوراه وأنا أقيم لك مجتمعاً إسلاميا مثالياً؟

نقول: مليون حامل شهادة دكتوراه لا يقيمون مجتمعاً إسلامياً مثالياً.

وقد تستغربون إذا علمتم أن نسبة حاملي الشهادات العليا في مصر، يعني بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في مصر نسبة أكبر مما هي في أمريكا، نسبة حاملي الشهادات الجامعية مثلاً في مصر أكثر منها في أمريكا.

طبعاً: المقصود بالأفراد الشعب الأمريكي نفسه، وإلا أكثر طاقات المسلمين كثيرة موجودة عند الكفار يستغلونها ويستفيدون منها.

فلا بد من تبيان الأسباب الحقيقة لتخلف المسلمين ومنها التخلف عن العمل بالقرآن والسنة، هذا سبب من الأسباب.

وفي القرآن: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ [الأنفال: 60]، وقوة نكرة في سياق الأمر تفيد العموم، يعني جمع أنواع القوة بما فيها القوة المادية، نبين لهم أسباب تخلف المسلمين.

مثلاً الحديث عن ماض المسلمين كيف كانوا من قبل، والمقارنة بينه وبين الحاضر، وعندما يعلم الطالب بأن الكفار كانوا يرسلون أبناءهم إلى الأندلس ليتعلموا في جامعات المسلمين، وأن بعض الكفار انتقدوا أبناءهم الذاهبين إلى بلاد الأندلس بأنهم يرقمون باللغة العربية عندما يعودون إلى بلادهم، يعلم الطالب شيئاً أو يحصل لنفسه شيء من معاني العزة، كنا كذلك يوماً من الأيام فكيف العودة إلى ما كنا عليه في الماضي؟

وأهمية العمل، الابتكار، الإنتاج، هذه مفاهيم مهمة.

وجريمة التقليد والإمعية، وأن كثيراً من الأمور الضخمة والأخطار الكبيرة لم تصحح إلا بعد أن تجرد الذين صححوها من التقليد والتبعية.

تربية الطالب على النقد، ما معنى النقد؟

ليس معنى النقد قلة الأدب، يعني عندما يقرأ ينقد ما يقرأ، أليس قد حصل أن بعض المسائل الرياضية مثلاً أو بعض الأسئلة في بعض الكتب رفع للوزارة بشأنها؛ لأنها حصل خطأ في الكتاب، من الذي انتبه للخطأ؟

طالب جريء، ما قال: ألغي عقلي، والكتاب صح؛ لأنه قد يكون في الكتاب خطأ، الكتاب من وضع البشر، فتربية الطالب على أن ينقد ما يقرأ، خصوصاً وأنه يقرأ في مكتبة المدرسة كتباً أخرى، وقد يقرأ خارج المدرسة كتباً أخرى أيضاً، فلا بد من تربيته على أن يقرأ قراءة نقدية، ويعرض ما يقرأ على ما يعلم من نصوص الكتاب والسنة، وعلى مدرسيه من أهل العلم الذي يبين لهم صحة الفكرة من عدمها.

مفهوم إخلاص النية، لماذا ندرس؟ الهدف من الدراسة، أول السنة المفروض أول حصة تكون عن الحديث: إنما الأعمال بالنيات [رواه البخاري: 1، ومسلم: 1907].

كما افتتح المصنفون -رحمهم الله- في كتبهم إنما الأعمال بالنيات ينبغي أن يفتتح المدرسون حصصهم بحديث:  إنما الأعمال بالنيات .

مفهوم التعاون مع الآخرين من الطلبة والمدرسين.

تحديد القراءة للطلاب بشتى الأنواع، وقد ذكرنا في حديث مطول في محاضرة: كيف تقرأ كتاباً؟ أساليب كثيرة جداً لمسألة القراءة.

قضية ربط المناهج بالعقيدة من الأمور التي ينبغي أن يحرص عليها المعلم المسلم.

وقد يأتي إليك رجل علماني خبيث يقول لك: أنت تستغل، سبحان الله! بعض العبارات عجيبة تنبؤك عن مدى ما وصل إليه قلب هذا الشخص من الانتكاس، يقول: أنت يا مدرس الرياضيات إذا تكلمت في الدين معناها أنك تستغل الحصة لمآربك الشخصية؟ يعني يرون أن الدين مآرب شخصية، وأنه ينبغي أن يبعد تماماً عن تدريس العلوم المختلفة.

نصائح وتوجيهات للمعلمين

00:40:09

-طبعاً- من أهم المدرسين: مدرس العلوم الشرعية؛ لأنه يعلم الطلاب هذا الدين، ويستطيع أن يتجول في ما يشاء، لأن هذا منهج، أما المدرسون الآخرون فهم ملزمون بمنهج معين قد لا يستطيع من خلاله أن يتكلم دائماً عن أمور تتعلق بالإسلام وعن أمور شرعية، لذلك مدرس الدين يحمل عبئاً أكبر، ما نقول للمدرسين الآخرين ليس عليهم أي مسؤولية، لكن من الذي يتحمل المسؤولية الأكبر؟ مدرس العلوم الشرعية.

وإذا كان الفاشلون في الدراسة الذين لم يجدوا تخصصاً جيداً في جامعة من الجامعات، لتدني النسب ومستواهم العقلي مثلاً هم الذين يدخلون الكليات الشرعية؛ فإن هذا نذير سوء على ما يمكن أن تصل إليه الأوضاع، لذلك نجد أن مدرس الدين هيبته في قلوب الطلاب متدنية جداً أو ليس له هيبة، وكثيراً ما يكون عرضة للاستهزاء والنقد والسخرية من الطلاب لضعف شخصيته.

كذلك مدرس التاريخ مثلاً، وبعض العلوم الاجتماعية ينبغي أن يكون الذين يصلون إلى هذه التخصصات هم من أجود الناس في الذكاء والنبوغ والقدرات، حتى يحصل التأثير القوي في هذا المجال، والحمد لله الآن صارت الآن هناك بوادر في هذا التوجه نسأل الله المزيد.

ومدرس العلوم الشرعية من الأمور المهمة التي ينتبه لها: قضية عدم التكسب من وراء التعليم، لماذا؟ لأن الرسول ﷺ حذر أن من علم علماً يبتغي به وجه الله لشيء دنيوي كان هذا وبال عليه يوم القيامة.

ولذلك نقول له: لا بد أن تعتقد أن الراتب الذي تأخذه ليس لأجل تعليمك للأحكام الشرعية، وإنما لأجل أن تعيش.

ولذلك فرق مهم بين العبارتين: أن يأخذ ليدرس، وأن يدرس ليأخذ.

ما هو الفرق؟

يأخذ ليدرس هي غاية ووسيلة، يأخذ ليدرس ما هي الغاية؟ التدريس، وسيلة الراتب.

يدرس ليأخذ ما هي الغاية؟ يأخذ، والتدريس وسيلة، وهذا الخطأ، وهذا الذي يجعل كثيراً من المدرسين لا يجلسون في أعمالهم، ولا يعطون بمجهود، ويقولون: ما دام الراتب قليل فلماذا أتعب نفسي؟ لأن الهدف هو الأخذ، التدريس وسيلة، فهو ينقص ويزيد بحسب المرتب.

ومدرس العلوم الشرعية -طبعاً- له واجب عظيم جداً ما في مجال نحن نستعرض الآن نقاط فقط.

مدرس التاريخ مثلاً لابد أن يدرس الطلاب سنن الله بالكون السنن الكونية، القصص والسيرة، استخلاص الدروس من القصص والسيرة حتى لو لم تكن مدونة في الكتاب، الرد على شبهات أعداء الإسلام المستشرقين، ولا بد أن يكون واعياً بها؛ لأن بعض الناس يعلم الشبهة ولا يحسن الرد عليها، وهذا -طبعاً- سيء جداً، وهذا ما اتهم به بعض العلماء الجاحظ المعتزلي قال: كان يورد الشبهة نقداً ويحلها نسيئة.

وغيرهم قال: بعض المنتسبين للعلم اتهموا بهذه التهمة، يأتي بالشبهات ثم لا يرد عليها، أو يرد عليها ردا بسيطاً جداً.

وبعضهم من خبثهم كان يؤلف الكتب في شبهات النصارى يقول: قال النصارى كذا، ويأتي بالشبهة قوية جداً، فإذا جاء يرد رد رداً هزيلاً، فماذا يحدث في نفس القارئ؟

تشكك.

وهذه من الأساليب الخبيثة.

وكذلك مراعاة الأخطاء، لأن بعض المراجع تقول: الاستعمار العثماني، الاستعمار التركي مثلاً، مع أنه يكفي أن بقاء الخلافة الإسلامية طيلة هذه السنين مفخرة لآل عثمان، وقس على ذلك الكثير من الأشياء، مثل التركيز على الخلاف بين الصحابة الذي تجده في بعض الكتب، وكثير من الأحاديث المكذوبة والموضوعة والافتراءات في هذا الجانب، أمور كثيرة جداً.

وينبغي أن يكون هذا مدرس التاريخ ليس حافظ التواريخ فقط؛ لأن بعضهم يركز تجد الامتحان أنت إذا استعرضت الامتحانات تجد يعبر لك عن نفسية المدرس، بعضهم قد يكون غرضه فقط حفظ التواريخ، متى قامت معركة كذا؟ متى ولد فلان؟ متى مات فلان؟ متى صار الحدث الفلاني؟ وهكذا..

مثلاً مدرس علم الأرض هناك آيات كثيرة وأحاديث يمكن أن نستغلها في أثناء الشرح واضح جداً.

مدرس الحاسب الآلي يمكن أن يوجد مشاريع في الحاسب الآلي مثل برنامج في الزكاة في المواريث أشياء يقدمها، يحث الطلاب عليها، يشرحها لهم، بحيث أنه يستخدم هذا الجهاز في خدمة الشريعة، حفظ المعلومات الفقهية، كيف تحفظ؟ بدل ما يحفظ أي شيء بعض الأحيان الحافظ الآلي تحفظ فيه أي شيء، فليكن هذا الشيء شرعياً شيئاً طيباً مفيداً.

اللغة العربية باب أو مجال خطير جداً، والأعداء يحاولون تحطيم اللغة العربية لتحطيم الدين؛ لأن الله أنزل القرآن:  بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [الشعراء: 195].

خطورة اللهجات العامية.

تعويد الطلاب على النطق باللغة العربية أثناء الدرس؛ لأنه من الأشياء العجيبة والتناقض أن يدرس اللغة العربية وأثناء الدرس يتكلمون باللهجة العامية، أو لغة عربية فيها تكسير مثلاً.

وتحبيبهم؛ لأن كثيرا من الطلبة لديهم عقدة إذا تخرج من الثانوية ولو سألته: ما هي أشد المواد عليك كراهية؟ لقال: اللغة العربية.

السبب: طريقة العرض والتدريس.

ومن مهمة مدرس الأدب: التحذير من الروايات الماجنة، والشعراء الماجنين، عمرو بن أبي ربيعة، أبي نواس، وغير ذلك، كتاب الأغاني، تبين خطر هذه بعض المؤلفات في مجال الأدب.

مدرس الرياضيات في بعض المناهج قد يدرس الفوائد المركبة مثلاً، دروس على الفوائد المركبة، ينبغي أن يكون له موقف إسلامي واضح.

مدرس الأحياء لفت نظر الطلاب إلى  قدرة الله في الخلق، والرد على النظريات الإلحادية الموجودة في قضية الخلق، إلى آخره.

العجيب أن النظريات الشيوعية الآن تفلس إفلاساً واضحاً في بلدانها، ولا يزال هناك كثير من المسلمين يدرسون هذه النظريات لأبنائهم.

مدرس الأحياء يمكن يتكلم على خطورة الزنا واللواط مثلاً الفاحشة، وهذا باب واسع جداً أيضاً لا مجال للتفصيل فيه، لكن أنتم أدرى بما يمكن أن تستغلوا به، أو توجهوا به الطلبة إلى الله من خلال التدريس.

أخلاق وآداب المعلم في الإسلام

00:49:26

الأمانة من صفات المدرس المعلم المسلم، حسن التحضير، حسن الشرح، عدم التأخر عن الحصة، بعض الفصول فيها فوضى لماذا؟ المدرس متأخر خمس دقائق، عشر دقائق، ربع ساعة، ماذا يعمل؟ يتكلم مع مدرس آخر، اثنان عطلوا فصلين.

وبعضهم قد يكون عنده نية سيئة في التدريس لا يحسن التدريس ليضطر الطالب لأخذ دروس خصوصية، ما يفهم بشكل جيد متعمداً، لكي يأتي الطالب ويأخذ دروس خصوصية.

من المظاهر التي تدعو للدهشة ونوع من الضحك: أن الطالب عندما يرى حال المدرس لما يدخل عليه المفتش في الفصل، كيف يدرس، وبعدما يخرج المدرس الحصص اللي بعدها يعني الطالب يعني تفهمون المقصود.

كون بعض المدرسين لا ينضبط إلا إذا انضبطت الإدارة، أو إذا تحركت الإدارة، عدم تفقده للطلاب أثناء الحصة، حتى لا ينشغلوا عنه بنوم أو حديث مثلاً، أو يقرأ في شيء والمدرس يشرح في شيء آخر، هذه هي من الأمانة.

من الأمانة مثلاً: الحذر في قبول هدايا الطلاب؛ لأنه قد يكون لها أثر نفسي على المدرس وهو يصحح الأوراق عندما تمر به ورقة الطالب، فهو إذا كان المسألة عنده فيها مشاها؛ لأنه يتذكر جيداً أن هذا الطالب أهدى له الهدية الفلانية أو أوصله بسيارته في يوم من الأيام.

الأخلاقيات، التدريس له أخلاقيات -طبعاً-، أخلاقيات مستمدة من هذه الشريعة فمثلاً يتبع النقطة المذكورة سابقاً: عدم استخدام الطلاب في الحاجات الشخصية، بعض المدرسين قد يكون عنده هذا الأمر استغلال الطلاب للحاجات الشخصية.

أحياناً يكلف المدرس الطالب بعمل لوحات إيضاح، لو راجعت نظام التعليم نظام الوزارة لا يسمح بهذا؛ وليس كل وسائل الإيضاح, وإنما نوعية معينة يأخذ فيها الطالب درجات مقابل المبلغ الذي يدفعه لخطاط أو عامل يعمل هذه اللوحة، ليست من عمل الطالب، يكذب، يكتب: عمل الطالب فلان، والمدرس يعلم أن الطالب كاذب، ومع ذلك يبقيها له، وليس للمدرس أي إشراف على اللوحة، ومع ذلك يكتب: بإشراف الأستاذ فلان، فيكلفهم بعمل لوحات من أموالهم، ويعطيهم عليها درجات ليظهر هو أمام إدارة المدرسة! وعندما تعلق اللوحات على جدار المدرسة أنه هو المدرس اللامع الذي له نشاط، انظر لوحات على الجدران معلقة، المفروض يكتب: عمل الطالب فلان، أو عمل الخطاط فلان، بناءً على طلب المدرس فلان.

وهذه مسالة -طبعاً- تتحكم فيها النية؛ لأن بعض المدرسين قد يكون هو فعلاً إفادة الناس عرض لوحة جيدة، لكن قد يكون هذا هو السمعة والرياء، المسألة  إنما الأعمال بالنيات  [سبق تخريجه] هناك نوع من المدرسين فيهم كبر، ويرى نفسه -طبعاً- المشكلة أن الطلبة الذين أمامه هم أقل منه بالتأكيد في الغالب، ولهذا هذا مدخل للتكبر هو دكتور أو هو يحمل لقباً من الألقاب العلمية، وشهادة من الشهادات، وهذا طالب، وهذه مدعاة للتكبر.

ومن التكبر مثلاً والغرور: عدم الاستجابة للخطأ، مثلاً يخطئ يصلح له الطالب قد يكون كلام الطالب صحيحاً، ويقول: لا، هي هكذا، لكي يحافظ على شخصيته زعم، ليحافظ على شخصيته يقول له: أنا صلحت الطالب؛بدل ما يقول: يا أخي أحسنت، جزاك الله خيراً، هذا يدل على متابعتك، ويصلح الخطأ، أو قانون لا يعرف شرحه أو مسألة لا يعرف شرحها، أو سئل سؤالا من طالب والمدرس لا يعرف الإجابة، بعض المدرسين قد يفتي بغير علم، وقد يتكلم بغير الصواب فقط ليقال أنه لم يتلكأ ولم يتلعثم، وأن إجابته على طرف لسانه وأنه يعلم كل شيء ويشرح خطأ هو يظن أنه بهذا الشرح الخطأ أو بهذه الإجابة الخاطئة؛ لأنه لا يعرف الجواب يظن أنه حفظ ماء وجهه أمام الطلبة، لكن إذا كان الطالب ذكياً وسأل مدرساً آخر أو بحث هو بنفسه وعلم الإجابة الصحيحة فأي ماء سيبقى في وجه المدرس أمام هذا الطالب؟

وهذه قضية أخلاقيات أمانة، إخلاص ما في مانع أن يقول المعلم: لا أدري، لا أدري نصف العلم، سأل رجل الإمام مالك -رحمه الله- عن أربعين مسألة فأجاب عن ست وثلاثين عنها: لا أدري، فقال: هذا الرجل للإمام مالك يعني أنا جئت لك من سفر إذا رجعت للناس ماذا أقول؟ قال: قل لهم: يقول الإمام مالك: لا أدري،  وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً [الإسراء: 85].

أو مثلاً سئل سؤالاً لا يعرف معناه، يقول: دعونا في الموضوع، دخل في النقطة التي بعدها، انتهت الحصة، بعض المدرسين قد يكون متعجرفاً مع الطلبة، وهذه تتبع نقطة التكبر فلا هو يبتسم لهم ولا هو يلين معهم بالكلام، وقد يستعمل الشدة والشتم والسباب، والرسولﷺ يقول:  ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء  [رواه الترمذي: 1977، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 320].

بعض المدرسين قد يستهزئ بالطالب ويسخر منه، فيقول: أنت يا أبو كذا، ليشين في خلقته، وهذا لا يجوز: وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ، و لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ، أو يستهزئ باسمه بأن يصغر الاسم أو يغير فيه نبزاً لهذا الطالب.

أو مثلاً يقول: هذا أسخف سؤال سمعته في حياتي، هذا وقع، مرة من المرات سأل الطالب سؤالاً، الآن المفروض المدرس يشجع الطالب على السؤال، المدرس يقول: هذا أسخف سؤال سمعته في حياتي.

هذا الشيء أحد احتمالين: إما أن الطالب ينهدم في نفسه الرغبة في السؤال، ولا يتجرأ على السؤال مطلقاً مهما كان مهماً في المستقبل، ويجلس كاسف البال حزيناً بين الطلبة الذين قد نظروا إليه، وضحكوا على كلام المدرس.

وينبغي أن نربي الطلبة على أنهم لا يتابعوا على خطأ، أو أنه يرد على المدرس الصاع صاعين، واحد منهم، كلاهما نتيجة سيئة، إلا إذا كان رجل آتاه الله حكمة، يقف بالفصل ويقول: أنا سألتك سؤالاً أنا ما أدري لا أعلم، وأنت مهمتك أن تشرح لي، فلما تقول هذا الكلام، أليس هذا فحشاً في القول مثلاً؟ لكن قد لا يحسن كثير من الطلبة هذه الإجابة أو غيرها من الإجابات.

بعض الطالبة يحس أن المدرس يريد أن يغلطه.

بعض المدرسين قد يحمل في نفسه شيء تجاه طالب معين لأمر من الأمور، واحد طالب تصرف تصرفاً خاطئاً، فيبقى هذا التصرف الخاطئ في ذهن المدرس طيلة السنة وهو يحمله في نفسه للطالب، وهذا حقد، هذا شيء مشين جداً أن يكون القدوة يحقد على طالب من الطلاب.

مثلاً ينبغي أن يتنازل المدرس عن مظاهر التعظيم المحرمة كالقيام كلما دخل الفصل؛ لأن الرسول ﷺ يقول: من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار [رواه الترمذي: 2755، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: 4699].

ولذلك تجد بعض المدرسين يفضلون طلبة معينين، فدائماً يسأل طالباً معيناً ما يسأل بقية زملائه، لا يحرص على إشراك الطلبة كلهم في الإجابات، يثني على فلان ولا يثني على فلان، مع أن كلاهما أصابا في الجواب، وهكذا..

وهذه -طبعاً- تنشئ في نفس الطالب حقداً على هذا المدرس، وغيرة على الطالب الآخر، وقد يقع بينهما إحن، أو يحسده الطلاب، يحسدون الطالب هذا أن المدرس يعامله هذه المعاملة الخاصة.

وأما بالنسبة لموضوع المعلم والعقوبات فإنها أيضاً جانب من الجوانب المهمة كثير من الطلبة يسيئون الأدب خصوصاً بين الشباب وهذا الجيل الموجود الآن، لم يتلقوا تربية إسلامية كافية بالبيوت، قد يكون قضوا جزءاً كبيراً من حياتهم في الشوارع، ولذلك فهم لا يحسنون الأدب، ففي هذه الحالة ينبغي أن المدرس لا يفقد أعصابه كما يقولون إن صح التعبير، ولا يندفع في إيقاع العقوبات من أنواع الضرب على الطالب، وبعض النظرات والسكتات في محلها أشد تأثيراً من استخدام القوة، وأحفظ للهيبة، بعض النظرات والسكتات في محل معين لها أثر على الفصل كله وليس على المخطئ فقط على الفصل كله وليس على المخطئ فقط أكثر بكثير من استخدام القوة.

وبعض الطلبة قد يكون فيهم من الشقاوة كلما رأوا المدرس انفعل زيادة عملوا أشياء جديدة ليثيروه ويتفننون في ذلك، وكل منا لو استعرض الماضي وكيف كان في الفصل الدراسي من زمن بعيد في طفولته لتذكر ألوان من الشقاوة التي كان يقوم بها بعض الطلاب.

خصم الدجات قد يكون مفيداً خصوصاً بالنسبة للطلبة أصحاب الوعي بالمستقبل بالشهادة بقيمة الدرجات.

درجت العادة عند كثيرين أن يعطوا علامة السلوك كاملة خمسة عشر، ولو نقصت واحدة جاء الأب يولول بالمدرسة: ولدي قليل الأدب يعني أنا لا أحسن التربية؟ وتصبح مشكلة كبيرة في الإدارة، -طبعاً- المفروض إعطاء الحق لأهله، كوننا نعطي كل الطلاب خمسة عشر مع أن منهم أناس يسيئون الأدب، غير صحيح، والعدل أساس في هذا الدين.

بعض المدرسين قد يلجأ للضرب بالفصل في أول بادرة وهذا خطأ؛ لأنه أولاً ما عالج المشكلة، وثانياً فوت على الطالب أشياء مهمة، وقد يكون الطالب لا يقدر أهمية الأشياء التي فاتته، لكن بعض المدرسين يريدون الراحة منذ البداية، فيقول: أفصل الموضوع، اطلع برا، يطرد الطالب، هذا الأسلوب لا يلجأ له إلا عند العجز عن تدارك الموضوع، وعلاج أمر هذا الطالب.

وأما بالنسبة للضرب فإنه قضية ذات سلبيات كبيرة، -طبعاً- أتكلم عند البالغين، وإلا في تربية الصغار يلجأ للضرب غير المبرح، لكن بالنسبة للبالغين الضرب خطير جداً.

ومن الأشياء المؤسفة الضرب على الوجه، والرسول ﷺ نهى عن الضرب على الوجه، وأن الوجه مكرم، ونهى عن تقبيح الوجه، كأن يقول: قبح الله وجهك، وما في معناها من الألفاظ العامية المنتشرة الآن.

والمشاكل قد تعالج بالعقوبات، وقد تعالج بالحوافز، في علم النفس هناك أشياء مفيدة في معالجة المشاكل، فأنت قد تقول للطفل: لو كففت عن الفعل الفلاني فأنا سأعطيك الحلوى الفلانية، وقد تقول له: لو استمريت في الفعل الفلاني سأعاقبك العقوبة الفلانية.

فينبغي أن نغلب جانب التشجيع للكف عن الأفعال المشينة، وعمل الأفعال الجيدة على قضية العقوبات.

وإيجاد الارتياح بين الطالب والمعلم المسلم من الأهداف التي ينبغي أن يسعى لها المعلم المسلم، فقد أحياناً ينظم المدرس إلى مجموعة من الطلبة في الفسحة يتحدث معهم! قد يجلس معهم في المطعم أحياناً! قد يخرج معهم في بعض الرحلات! قد يصل الارتياح إلى درجة أن الطالب قد يقترض من المدرس في الفسحة شيئاً ويرده له بعد ذلك!

وهنا تبرز نقطة مهمة جداً وحساسة وهي مسألة: ما هو الحد والتوضيح والموازنة بين التداخل الجيد المثمر مع الطلبة وبين ذوبان الشخصية وضعف الهيبة وعدم إعطاء المدرس مكانته بالكلية؛ لأن بعض المدرسين وخصوصاً تقع في بداية التدريس، المدرسون الذين ليست لديهم خبرة في التدريس قد في بداية التدريس بداية الحصص يقول: أريد أن أكسب الطلبة لصفي، فماذا يفعل؟

يبدأ طرائف ونكت وضحك بعد فترة من الزمن يحس المدرس هذا بأن الطلبة تمردوا عليه، وبأنهم يقلبون الجد هزلاً، وعندما يحتاج للحظات والأوقات الثمينة للشرح، هذا من هنا يتكلم، وهذا من هنا يعلق، وانقلب الفصل إلى حيص وبيص، وخرجت الأمور من يده، وفقد الزمام، والسيطرة على الفصل، فنحن لا بد أن نعرف المدرس، لا بد أن يعرف كيف يحفظ هيبته في قلوب الطلبة، وفي نفس الوقت لا يكون متعجرفاً، مثلاً الرسول ﷺ كان إذا ضحك ضحكه تبسماً، أكثر ضحكه، وإذا المسألة زادت قال: حتى بدت نواجذه، يقول الحديث: فضحك حتى بدت نواجذه، نواجذ هذه مقدمة الفم؛ لأن بعض الناس يضحكون حتى تظهر بلاعيمهم.

وهناك مشكلة ليست موجودة عند في مدارس الذكور بقدر ما هي موجودة في مدارس الإناث كما نسمع، وهي قضية تعلق الطالب بالمدرس، هذه موجودة عند النساء لشدة عاطفتهن، وعدم قدرتهن على التحكم في مشاعرهن مثل الرجل، ولذلك تجد أحياناً تنقلب المسألة إلى أمور سلوكية غير طبيعية في كلام الطالبة مع هذه المدرسة كلاماً طويلاً جداً، واتصال عليها في البيت بعد الدراسة، وذهاب إليها في الفسحة دائماً، وإهداءات ورسائل، وأشياء عجيبة.

وهذا يؤثر على عبادة هذه الطالبة، فتفكر في الصلاة، ولا تحسن العبادة، بسبب هذا التعلق.

فينبغي أن يكون هنا موقف المعلمة حاسماً، وأن لا تعطي المجال لهذه الطالبة لتصل القضية إلى هذا الحد، وأن تبين لها خطورة الأمر، وأن القلب إذا خلا من محبة الله امتلأ بأنواع من المحبات غير المشروعة، وتحرصها على توسيع علاقاتها بالطيبات عموماً، وليس الاختصار على جهة معينة حتى لا تتضخم هذه المشكلة، وتغيب هي عن الصورة، وتتعمد الغياب، وهكذا..

هناك كثير من المدرسين إذا تكلمت معهم عن وجوب المشاركة في حل مشاكل الطلاب، إيجاد الحلول، إقامة العلاقات الوثيقة، قال: يا أخي ما لنا ومال المشاكل؟ أنا مهمتي أن أدرس فقط، أنا فقط علي أن أنهي المنهج، الوزارة كلفتني بالمنهج، وأنهي المنهج فقط، هذه اختباراتي معروفة، وهذه النتائج، وهذا دفتر التحضير، وهذا دفتر الاختبارات الشهرية، وهذه النتائج والشهادة والمراجعة والتصحيح، والمراقبة، وانتهينا، أنا هذه مهمتي، وهو لا يدرك أن عليه مسؤولية أكبر من هذه، وأن مهمته أعمق من ذلك بكثير.

وهذا الشعور هو الذي جعل الكثير من المدرسين يتوارون في زوايا المدرسة والفصول عن المساهمة الحقيقية في سد الثغرات، وتحمل المسؤوليات.

والمدرس الذي يكون همه فقط هو إلقاء الدرس دون أن يضع بصمات على الطالب، ما معنى البصمات؟

يعني آثاراً في نفس الطالب من الدين والخلق والفضيلة، فإنه مدرس قاصر، وفي نفس الوقت الذي يضيع الحصص دون أن ينهي المنهج، ودون أن يؤدي الواجب الذي عليه أيضاً المدرس قاصر.

فينبغي أن يعي المدرس عظم المهمة التي يقوم بها.

ونحن أحياناً -أيها الإخوة- نستعرض الآن في أذهانكم المدرسين الذين سبق أن درسوكم في المراحل الدراسية، هناك شخصيات معينة تقفز إلى الذهن، وقد تترحم على فلان بعينة، وتقول: رحم الله فلاناً، كم استفدت منه؟ هذا الشيء علمني إياه مدرس الرياضيات في سنة كذا...

وهذا الشيء استفدت من المدرس كذا، وهذا الحكم الشرعي أول من علمني إياه المدرس الفلاني، هناك من المدرسين مخلصين تركوا آثاراً في نفوس طلابهم، فهم لا يزالون يتذكرونهم بين الفينة والفينة، وهذه هو المدرس الناجح الذي يعلم كيف يواجه الواقع، ويتعامل معه، وكيف يدخل إلى نفوس الطلبة ليقدم لهم الحلول للمشاكل التي يعانون منها.

وينبغي -أيها الإخوة- أن نشعر أننا أصحاب رسالة وأننا مسؤولون أمام الله -عز وجل-.

ينبغي أن ننظر إلى هذا الشباب على أنه ثروة للأمة، وأن في إصلاحه واستصلاحه خير كبير، ولا نفعل كبعض المتشائمين الذين ينظرون إلى الشباب التائه على أنهم أعداء دائماً، لا نتعامل معهم بهذه النفسية، وإنما نفتح لهم صدورنا، ونحسن معاملتهم، عل الله أن يجعلهم هدايتهم على أيدينا.

وقيام المعلم بدور المستشار للطالب في أموره حتى الاجتماعية منها؛ لأن بعض الطلبة والطالبات قد لا يجدون الفرصة أن يتكلموا مع أحد إلا مع المدرس، وقد يكون يعاني من أوضاع عائلية صعبة كخلاف بين أبيه وأمه، ونحو ذلك، فيفضي ما في صدره لمن يثق به من المدرسين القادرين الذين يظن أن عنده القدرة على حل مشكلاته.

الإشارة على من يطلب الإشارة على من يستشير من الطلبة بما يفعل في المستقبل بما يهتم به بنوعية القراءات، ونوعية التخصص، هل يذهب في المراحل الجامعية أو العسكرية، ونحو ذلك، ينبغي أن يكون لهذا أيضاً مجال في أنفس المعلمين المسلمين.

وأعلموا أن كثيراً من الطلبة قد يكونون يتامى فعلاً:

ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليل`
إن اليتيم هو الذي تلقى له أما تخلت أو أبا مشغولا

وبعض الطلبة يعانون من هذا اليتم الذي هو أشد من يتم فقد الأب، وليس لهم بعد الله إلا هذا المدرس الناصح الذي يقدم لهم هذه الحلول والنصائح المفيدة لهم، والإجابة على أسئلة الطلبة بصدر رحب، وخصوصاً الأسئلة الشرعية التي يطرحها أولئك فيما يتعلق خصوصاً في بعض القضايا الشخصية أو الحساسة كبعض أحكام الطهارة والبلوغ، ونحو ذلك، أو كيفية التوبة من بعض الفواحش، أو بعض المعاصي مسألة مهمة جداً.

وقد يكون دور المدرس أكبر من دور الخطيب والواعظ والشيخ وأحياناً العالم في مجال من المجالات.

وكذلك ينبغي أن يكون للمعلم دوره الاجتماعي، إذا جاء ولي الأمر إلى الإدارة يشرح له بإطلاق عن وضع ولده، ويبين له الحقيقة، ويتعاون معه مع إدارة المدرسة في حل هذه المشاكل.

وبعض المدرسين جزاهم الله خيراً قد حصل لهم مشاركات في معرفة الأسر الفقيرة عبر طلابه، وإيصال الزكوات إليها، وسمعت مرة عن مدرسة في إحدى المدارس الابتدائية كانت ترى في فصل الشتاء طالبة تأتي بثياب رقيقة فنهرتها، وقالت لها: لا تلبسي هذا غداً البسي ثياب صوف، الجو بارد جداً، فلما تكرر الأمر في النهاية بكت الطالبة، وقالت للمدرسة: ليس عندي، فأخذت هذه المدرسة من بعض ثياب بنتها هي، وأتت بها وأعطتها للطالبة في اليوم التالي بأسلوب مناسب.

هناك أسر ليس لها عائل، هناك أرباب أسر مجرمون، أو فاجرون، أو بخلاء، أو لا يحسنون التربية، المدرس يعوض كثيراً دور الأب، بل ربما يفوق الأب كثيراً في بعض الأحيان في علاقته بالطالب، وما يقدم له.

هذه -أيها الإخوة- بعض الملاحظات التي أحببت أن أنقلها إليكم، وأنا على ثقة أنكم قد تعلمون أكثر من ذلك بكثير، ولكن تنبيهاً ونصحاً وتبادلاً وحباً في  التواصي بالحق والصبر إن شاء الله.

ولعل الله يكتب لنا الأجر جميعاً في هذه الليلة.

وصلى الله على نبينا محمد.

والله -تعالى- أعلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.