الإثنين 11 ربيع الآخر 1446 هـ :: 14 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

10- الأربعون في عظمة رب العالمين - شرح الحديثن 21،20


عناصر المادة
ملخص الحديث السابق
نص الحديث العشرين
شرح الحديث العشرين
محاربة النبي -صلى الله عليه وسلم- لآثار الجاهلية
حكم من قال: ((مطرنا بنوء كذا))
حكم قول: "هذا من سوء الطالع"
حكم تعلم علم النجوم
حكم استعمال النجوم في الاستدلال على الأوقات والأزمان
حكم البحث في أحوال الطقس
نص الحديث الحادي والعشرين
شرح الحديث الحادي والعشرين
مفاسد سب الدهر

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

ملخص الحديث السابق

00:00:17

فنحن الآن مع الدرس في الحديث العشرين.

وقد سبق معنا في الحديث التاسع عشر: قول النبيﷺ:  لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها  والحديث قد رواه ابن حبان في صحيحه كما عرفنا، وإسناده صحيح على شرط مسلم.

وقد ورد الحديث تارة بلفظ: لقد نزلت علي الليلة آية كما عند ابن حبان.

وتارة بلفظ: لقد نزلت علي الليلة آيات  كما عند أبي الشيخ في أخلاق النبي ﷺ.

وتارة: ((وقد أُنزل علي هذه الليلة: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ  [آل عمران: 190] كما رواه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب.

وقد جاء أيضا في رواية: ((وقد أنزل علي الليلة: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [آل عمران: 190] إلى قوله:  فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران: 191].

وهذا في فضائل القرآن للمستغفرين، عرفنا شرح الحديث، وكيف كانت عبادة النبي ﷺ تعظيما لربه.

نص الحديث العشرين

00:01:55

عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: "صلى لنا رسول الله ﷺ صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء -يعني مطر- كانت من الليلة، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟  قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:  أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا  سقوط أو طلوع نجم كذا وكذا، أو غياب نجم كذا وكذا،  فذلك كافر بي، ومؤمن بالكوكب [رواه البخاري: 846، ومسلم: 71].

شرح الحديث العشرين

00:02:51

كانت عبادة الكواكب نوعًا من الانحراف الذي حدث في البشرية عن توحيد الله، ونوعًا من الكفر والشرك الذي طرأ عليها، والشيطان يزين للبشر أشياء، فمنها عبادة الأشياء الكبيرة؛ والكواكب مثال، أو عبادة ما ينفعهم؛ يعبدونها لمنفعتها لهم: كالشمس والقمر والنجوم، مثلا النجوم يستدلون بها على الاتجاهات، وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  [النحل: 16]، ومن قديم ألقى الشيطان في نفوس بعض البشر اعتقاد أن للنجوم تأثيرا في الحوادث الأرضية، إذا طلع النجم الفلاني، إذا غاب النجم الفلاني، يموت عظيم، يولد عظيم النجم، هذا يؤثر في حروب، يؤثر في ولادة، يؤثر في رزق، يؤثر في نزول مطر، ونحو ذلك، وأن النجم هذا، يعني كائن له إرادة وفعل وتأثير وتحكم.

هذه الفكرة ألقاها الشيطان في نفوس بعض البشر قديما، ولا زالت في الجاهلية تتوالى حتى كانت الجاهلية التي بعث فيها النبي ﷺ وإذا بأعداد من العرب عندهم هذه العقائد أن النجوم تؤثر في الأرض، وتتحكم، ولها أفعال وتخلق.

محاربة النبي -صلى الله عليه وسلم- لآثار الجاهلية

00:05:00

والنبي ﷺ كان يحارب آثار الجاهلية في نفوس أصحابه، وفي نفوس الناس عموما، وكان يستثمر الأحداث والمواقف لأجل ذلك في تربية الصحابة على العقيدة الصحيحة، أو تصحيح خطأ يتعلق بالعقيدة، أو التذكير بالآخرة، أو التزهيد بالدنيا؛ كما هو واضح من مواقفه ﷺ في اغتنامه للأحداث في هذا.

يوم من الأيام في ليلة من الليالي نزل مطر في طريق السفر في الحديبية صباح اليوم التالي أصبح النبي ﷺ صلى الفجر بالصحابة، وإذا بهم يسمعون منه كلامًا عجيبًا مؤثرًا قويًّا، يرويه عن ربه : هل تدرون ماذا قال ربكم؟  لما صلى وأقبل على الناس؛ قالوا: والله ورسوله أعلم، قال:  أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر  يعني في الصباح انقسموا إلى قسمين: مؤمن وكافر، ما الأمر؟ من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته  على المطر الذي نزل في الليل  من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته  هذا مؤمن بالله كافر بالكوكب، يعني لا يعتقد أن للكوكب تأثيرا، ولا أن الكوكب ينزل المطر، ولا أن الكوكب يتحكم في هذا، وقد ذكر الله هذه المسألة من مسائل توحيد الربوبية، وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ  [الشورى: 28]،  وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ  [الفرقان: 48]، فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا  [الروم: 50].

فإذن، من الذي ينزل الغيث؟ الله، من الذي يحيي الأرض بعد موتها؟ الله، من الذي ينبت الزرع؟ الله.

حكم من قال: ((مطرنا بنوء كذا))

00:07:36

و من قال: مطرنا بنوء كذا  كان في ناس لما نزل المطر، قالوا: مطرنا بالنجم الفلاني، بنوء كذا، بطلوع النجم الفلاني، على عادتهم في الجاهلية، فأخبر النبي ﷺ أن هذا مؤمن بالكوكب كافر بالله، الذي يقول هذا، فصار الأمر إذن دائرا بين، يعني فيها تفصيل المسألة: من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته  هذا موحد مؤمن بالله،  ومن قال: مطرنا بنوء كذا ففي الحكم عليه تفصيل، فإن كان يعتقد أن الكوكب أو النجم يتصرف ينزل الغيث يفعل ويفعل، فهذا كافر مشرك بالله، وشركه شرك أكبر؛ لأنه اعتقد أن أشياء من الربوبية يفعلها غير الله الربوبية، يعني ما هي أفعال الرب: الخلق، الرزق، الإحياء، الإماتة، إنزال المطر، الشفاء، وهكذا.. هذه أشياء من أفعال الربوبية، إذا واحد اعتقد أن هناك كائنًا أو مخلوقًا يمكنه أن يفعل ذلك، أو يفعل شيئًا من هذا، لا شك في أن هذا كفر أكبر مخرج عن الملة.

وإذا قال: إن النجم سبب وليس ينزل، يعني النجم لا يخلق المطر، إذا اعتقد أن النجم يؤثر ولا يفعل بذاته، يعني أن المطر لا يفعل بذاته، لكنه سبب في حصول المطر، الفاعل هو الله، والكوكب سبب، فهذا شركه شرك أصغر، واعتقاده حرام؛ لأن النجم ليس حتى سببًا، ليس النجم سببًا في نزول المطر، يعني الآن أنت لما تقول: والله أسباب نزول المطر، ممكن تقول: الشمس تبخر المياه من البحار، ترتفع طبقات الجو، تتكاثف تجتمع في السحاب، الرياح تسوق السحب، فتقول: في أسباب؛ الرياح، السحاب، لكن النجم الذي فوق ما علاقته؟ من الذي قال إنه سبب؟ أين التسبب في الموضوع؟ أين تسبب النجم أو الكوكب في نزول المطر، ما هي العلاقة؟ ما في علاقة.

ولذلك الذي يقول: إنا إنه سبب وليس فاعلا بذاته، نقول: أنت لست كافرًا خارجًا عن الملة، ولكن عندك شرك أصغر؛ لأنك جعلت ما ليس بسبب سببًا، شيء ما له علاقة بالموضوع أدخلته فيه، وكل من اعتقد سببًا لم يدل عليه شرع ولا قدر فهو شرك أصغر، فمثلا من لبس حلقة أو خيطًا لرفع البلاء أو دفعه ما حكمه؟

شرك؛ أكبر أو أصغر، حسب الاعتقاد إذا اعتقد أن هذا السوار مؤثر بنفسه من دون الله، فهو الذي يخلق الشفاء، ويخلق العافية، ويمنع كذا، ويدفع كذا، ويرفع كذا، هذا شرك أكبر مخرج عن الملة، نازع الله في توحيد الربوبية.

وإن قال: إن سوار الطاقة وإن هذا، يعني الخيط أو هذه الحلقة أو هذه التعويذة، أو هذا المعلق القلادة سبب في دفع العين، أو جلب الحظ؛ فشركه شرك أصغر.

طبعا الشرك خطير أكبر أو أصغر:  إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48]، إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ  [لقمان: 13]، لكن الأكبر مخرج عن الملة، الأصغر يبقى في الملة، يعني ما يخلد في النار، لكن الأكبر يخلد في النار.

فإذن، من قال: إن هذه النجوم مؤثرة بنفسها؛ ترزق تمطر تفعل هذا شرك أكبر، ومن قال: إنها سبب ولم يجعلها الشرع سببًا، ولا حتى الواقع والتجربة والخبرة والقدر ليست سببًا، إذن يكون شركًا أصغر، فإذا كان كلام القائل نسبة إيجاد شرك أكبر، نسبة سبب شرك أصغر.

وقد جاء في حديث آخر: لا عدوى، ولا هامة، ولا نوء، ولا صفر [رواه مسلم: 2220]،  لا عدوى، ولا هامة، ولا نوء، ولا صفر  علاقته بالموضوع في قوله:  ولا نوء .

 لا عدوى  يعني: المرض لا يعدي بنفسه، والذي يقدر العدوى ويخلق العدوى الله -عز وجل-، وروود المريض على الصحيح واحتكاكه به سبب للانتقال، لكن المرض لا يعدي بنفسه، المرض لا يخلق مرضًا آخر هناك، وفي الذات الأخرى في الشخص الآخر، الجراثيم لا تخلق، الفيروسات لا تخلق مرضا، هذه أسباب، وقد قال إبراهيم وَإِذَا مَرِضْتُ والمعنى يمرضني، لكن أدبا مع الله ما قال: يمرضني، قال: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ  [الشعراء: 80].

فإبراهيم الموحد لربه كلامه وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ  يعني: يمرضني ويشفيني، فالمرض منه، والشفاء منه، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ [الشعراء: 81] فالإماتة منه، والإحياء منه، يطعمني ويسقيني ويرزقني كلها منه .

 ولا هامة  الهامة: طائر يطير بالليل، كانت العرب تتشاءم به، وبعضهم يقولون: إن روح الميت تتحول إلى هذا الطائر، فروحه تصبح في هامة أو تصبح هامة، طائر يطير، وأن هذا اعتقاد باطل.

 ولا نوء  يعني: لا نوء ينزل المطر ولا يتصرف، ولا يؤثر في نزول المطر، فلا تقولوا: مطرنا بنوء كذا، الجاهلية يقولون: مطرنا بنوء كذا.

 ولا صفر ؟ يعني لا تشاؤم بشهر صفر، وكانت العرب تتشاءم به أو فيه ولياليه، ولذلك لا تسافر ولا تبيع ولا تشتري ولا تتزوج في شهر صفر، عندهم أن هذا شؤم.

كلها اعتقادات جاهلية نفاها النبي ﷺ.

حكم قول: "هذا من سوء الطالع"

00:17:26

قريب من هذا قول بعض الناس إذا أصابه شيء سيء: هذا من سوء الطالع، وإذا حصل أمر سار قالوا: هذا من حسن الطالع، هذه تقرؤونها في بعض كلام الصحفيين مثلا، بعض التعبيرات التي يكتبها بعض الناس يقولون: من حسن الطالع كذا وكذا، ومن سوء الطالع كانت السيارة تسير؛ حسن الطالع، وسوء الطالع، ما هذا الكلام؟

طبعًا بعض الناس يكتب ولا يدري، ما يعرف، يعني ما يتصور هذا، لكن الكلام خطير؛ لأن الطالع عندهم هو النجم الطالع في السماء، فهذا على عادة العرب، حسن الطالع وسوء الطالع، ولذلك جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة": يحرم استعمال عبارتي: حسن الطالع وسوء الطالع؛ لأن فيهما نسبة التأثير في الحوادث الكونية حُسنًا أو سوءًا إلى المطالع، ما الطالع؟ النجم الذي يطلع، وهذا النجم لا يملك لنفسه شيئًا، الله هو الذي يطلعه، وهو الذي يخفيه، وهو الذي يسيره، وهو الذي يصرفه، وليس طلوع هذا الطالع سببًا في شقاء ولا في سعادة، ولا في نحس ولا في خير؛ كله بيد الله، قال الله: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف: 54]، بيده الخير.

فإذا كان القائل يعتقد أن هذا الطالع فاعل بنفسه من دون الله شرك أكبر، وإن قال: هذا سبب فهو شرك أصغر، تقدم هذا في "فتاوى اللجنة الدائمة" في فتاوى الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في "لقاء الباب المفتوح" قال عن هذه العبارة: "هذا من التنجيم الذي هو نوع من الشرك، وذلك لأن الطالع والغارب ليس له تأثير في الحوادث الأرضية، بل الأمر بيد الله، سواء ولد الإنسان في هذا الطالع أو في هذا الغارب، أو في أي وقت".

حكم تعلم علم النجوم

00:20:05

التنجيم محرم، وقد قال ﷺ: من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد  [رواه أبو داود: 3905، وابن ماجه: 3726، وصححه النووي، والعراقي، والألباني، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، والشوكاني، والشيخ ابن باز -رحمه الله-، هذا الحديث صححوه:  من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد .

ما المقصود علمًا من النجوم؟ هل يعني دراسة أبعاد النجوم، ولادة النجم، أو سطوع النجم، أو تحركات النجوم؟ هل هذا المحرم؟

لا، هذا ليس بمحرم، لكن من اقتبس علمًا من النجوم المقصود به: الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية التي لم تقع، إذا طلع الشيء هذا سيولد عظيم، إذا طلع هذا سيموت عظيم، إذا طلع هذا ستنشب حرب، هذا للخسارة، هذا ربح، هذا اعتقاد أن للنجوم أثر في الحوادث الأرضية، ولا علاقة لهذا بهذا أبدا، قال قتادة -رحمه الله-: "خلق الله هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء" يعني: لولا النجوم كانت السماء كلها سوداء، ما فيها شيء، موحشة مظلمة، لكن شف فيها النجوم جميلة، نجوم مرصعة، ترصع السماء قال: "ورجومًا للشياطين"، فيرجم الله بها كل من يحاول استراق السمع، "وعلامات يُهتدى بها" هذه الفائدة الثالثة، مثل القطب الشمالي هذا إذا رآه التائه عرف الاتجاهات، بالنجم القطبي هذا يعرف الجهات الأربعة؛ لأنه يعرف خلاص هذا الشمال، خلاص إذن هذا الجنوب، وهذا شرق، وهذا غرب، وبالتالي يعرف أن يتوجه، قال قتادة: "فمن تأول فيها بغير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به" رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم.

فإذا اعتقد أن النجوم والأجرام السماوية هي المدبرة الفاعلة، تحيي تميت، ترزق تمطر، تعطي تمنع، تشقي تسعد؛ كفر بإجماع المسلمين، وإذا اعتقد شخص بأن الخالق المدبر هو الله، ولكنه جعل هذه أسبابًا فهذا شرك أصغر، قال الشيخ سليمان في "تيسير العزيز الحميد": اختلف في تكفيره على قولين".

حكم استعمال النجوم في الاستدلال على الأوقات والأزمان

00:23:40

ما حكم الاستدلال بالنجوم على الجهات والأوقات؟ جائز، وقد يكون واجبًا، مثال: لمعرفة القبلة إذا لم يكن له طريق إلا ذاك فيكون الاستدلال بالنجوم واجبًا: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ  [النحل: 16].

لو قال واحد مثلا: نريد أن نستعمل النجوم في الاستدلال على الأزمان، إذا طلع النجم الفلاني دخل وقت السيل ودخل وقت الربيع، يعني في هذا الوقت عادة، يعني مثلا يصير في سيول، تنبت الأرض، الفلاحون يزرعون الشيء الفلاني، الزروع الفلانية، البذور الفلانية، نقول: لا بأس، خلاص هذا صار قضية النوء الآن ظرفًا، بس مجرد أن يقول: هذا وقت الربيع إذا كان طلع النجم الفلاني الآن يشتد الحر، إذا طلع النجم الفلاني تهب الرياح، إذا طلع النجم الفلاني الآن وقت زراعة النباتات الفلانية، وهكذا.. فهذا الاستدلال بها على الأزمان لا بأس به؛ كما في "القول المفيد".

وكذلك الاستدلال به على الأماكن كالشمال والجنوب والقبلة.

حكم البحث في أحوال الطقس

00:25:22

مسألة أخرى ما حكم البحث في أحوال الطقس، أوقات الكسوف والخسوف، السحب، علم السحب، هذه المنخفضات الجوية، الأرصاد الجوية، التوقعات المناخية، ما حكمه؟

جائز، بل مفيد، بل قد ينقذ البلد من كوارث، قد يكون سببا في نجاة ناس كثيرين، إذا تم الاستعداد لكارثة تقلل الخسائر جدا، أن يكون هناك يعني توقعات، لكن توقعات علمية، ما هو تخرص ضرب بالغيب، ضرب بالمندل، مثلا يقولون: في منخفض جوي، هذا ترى منخفض مرتفع، المرتفعات الجوية، منخفضات الجوية، فمثلا نقول: هناك مرتفع منخفض حرارة برودة، جاء من سيبيريا كذا، حسب اتجاه الريح، حسب سرعة كذا، فإنه بالصور الآن بالأقمار الفضائية، صور الأقمار الفضائية، تقول: إن هناك مثلا سحب ركامية تتجه إلى المنطقة الفلانية، ومتوقع نزول أمطار كذا، هذه السحب من النوع الفلاني، مثلا في رياح أعاصير، هناك إعصار الآن تكون في عرض البحر على بعد كذا من اليابسة يسير بسرعة كذا، يتوقع وصوله إلى المدينة الساحلية الفلانية في الوقت الفلاني، خذوا حذركم، سيكون مصحوبًا بأمطار، ما تطلعوا من البيوت، تحصنوا بكذا، اعملوا كذا.

هذه التوقعات المبنية على أسس علمية؛ سرعة الرياح، سرعة الإعصار، مكان الإعصار، اتجاه الإعصار، الوقت المتوقع لوصوله إلى المكان الفلاني؛ هذه أشياء علمية، فهذه مفيدة، والأخذ بها مفيد، ومن الحكمة، والحكمة ضالة المؤمن.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: قد يعرف وقت خسوف القمر وكسوف الشمس عن طريق حساب سير الكواكب، ويعرف بذلك كونه كليًّا أو جزئيًّا، ولا غرابة في ذلك؛ لأنه ليس من الأمور الغيبية بالنسبة لكل أحد، بل هو غيبي بالنسبة لمن لا يعرف علم حساب سير الكواكب، وليس بغيبي بالنسبة لمن يعرف ذلك العلم؛ لكونه يستطيع أن يعرف بسبب عادي، وهو هذا العلم، فمعروفة مثلا يعني حركة الأرض وحركة الشمس وحركة القمر، وين يقع هذا في الظل هذا، وحساب المثلثات والمخروط، يعني هذه بالحسابات الرياضية متى يبدأ الكسوف أو الخسوف بالضبط، وهل هو جزئي أو كلي؟ ومتى سيكون كليًّا؟ ومتى سينقشع الكسوف وينتهي؟ وفي أي بلد هنا هذا كله بالحسابات؛ لأن الله جعل حركة الشمس والقمر والأرض كلها حركة موزونة، يعني في مسارات محددة بدقة، انتقال الأفلاك هذا من بديع صنع الله، وهذا يستفيد منه العباد، هذه المعلومات يستفيد منها العباد، حتى ميلان محور الأرض له فوائد عظيمة، ميلان محور الأرض.

وقالت اللجنة: لا ينافي هذا أن يكون الكسوف والخسوف آية من آيات الله يذكر الله بها عباده، يعني يوم القيامة كيف سيذهب ضوء الشمس ونور القمر: فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ  [القيامة يومئذ: 7- 10] [فتاوى اللجنة].

وجاء فيها أيضًا معرفة الطقس أو توقعه بالرياح أو العواصف أو توقع نشوء السحاب، أو نزول المطر في جهة مبني على معرفة سنن الله الكونية، فقد يحصل ظن لا علم لمن كان لديه خبرة بهذه السنن عن طريق نظريات علمية، أو تجارب عادية عامة، فيتوقع ذلك ويخبر به عن ظن لا علم، فيصيب تارة ويخطئ أخرى [فتاوى اللجنة الدائمة].

لذلك تراهم أحيانا يقولون مثلا: الفرصة مهيأة بمشيئة الله لسقوط أمطار، بعدين يمكن ما تسقط، يتوقع كذا، ما هو دائما إذا أخبروا بشيء سيقع، يمكن في آخر لحظة تجي حاجة ما هي متوقعة، وتشيل السحب وتفرقها تبعثرها.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "ليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب؛ فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر، فهذا ليس من الكهانة؛ لأنه يدرك بالحساب، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في عشرين من برج الميزان مثلا في الساعة كذا، فهذا ليس من علم الغيب، وكما يقولون: إنه سيخرج في أول العام أو العام الذي بعده مذنب هالي، وهو نجم له ذنب طويل، فهذا من الكهانة في شيء؛ لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب، فكل شيء يدرك بالحساب، فإن الإخبار عنه -ولو كان مستقبلا- لا يعتبر من علم الغيب، ولا من الكهانة".

أيضا هل من الكهانة ما يخبر به الآن مذيعو نشرة الأحوال الجوية في خلال أربع وعشرين ساعة؟

الجواب: لا؛ ليس كذلك؛ يقول الشيخ ابن عثيمين: لأنه أيضا يستند إلى أمور حسية، وهي تكيف الجو؛ لأن الجو يتكيف على صفة معينة تعرف بالموازين الدقيقة عندهم؛ فيكون صالحًا لأن يمطر، أو لا يمطر، ونظير ذلك في العلم البدائي إذا رأينا تجمع الغيوم والرعد والبرق وثقل السحاب، نقول: يوشك أن ينزل المطر.

فالمهم أن ما استند إلى شيء محسوس؛ فليس من علم الغيب، وإن كان بعض العامة يظنون أن هذه الأمور من علم الغيب، وهذا ليس صحيح، قال: "والشيء الذي يدرك بالحس إنكاره قبيح" يعني كيف واحد يرى شيئًا بعينه بعدين نقول له: لا، يقول: "إنكار ما استند إلى الحس قبيح، فالذي يعلم بالحس لا يمكن إنكاره، ولو أن أحدا أنكر مستندا بذلك إلى الشرع لكان ذلك طعنا في الشرع" [القول المفيد: 1/ 532].

فإذن، هذا التسرع حرام ما يسبب؟

لأن بعض الناس يكذب بالشرع يقولون: ما فيها لماذا طيب، خلاص عرفنا الآن ما هو المحرم، وما هو المباح، ما هو الشرك الأكبر، وما هو الشرك الأصغر.

نص الحديث الحادي والعشرين

00:33:48

 قال الله -تعالى- يؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر؛ أقلب الليل والنهار  [رواه البخاري: 4826، ومسلم: 2246].

وفي رواية: لا تقولوا: خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر ، زاد مسلم: فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره، فإذا شئت قبضتهما  [رواه البخاري: 6182، ومسلم: 2246].

شرح الحديث الحادي والعشرين

00:34:15

رأس الأدب مع الله تعظيمه وتوقيره، ومن الأدب مع الله التأدب في الألفاظ، وهذا ما أرشد إليه هذا الحديث بعدم سب الدهر، فلا يقولن قائل: يا خيبة دهري! ويا لغدر الزمان! جار الزمان علي! عضنا الدهر بنابه!

وكان من عادة أهل الجاهلية إذا أصابتهم شدة أو مكروه أضافوه إلى الدهر وسبوه، وقالوا: يا خيبة الدهر! بؤسًا للدهر! وتبًّا للدهر! ونحو ذلك، فيسندون الأفعال إلى الدهر ويسبونه، فكأن هذا الدهر عندهم هو الفاعل، وهو الخالق وهو الموجد، وهو المتسبب في كل هذه المآسي والكوارث، بينما الدهر مجرد ظرف زمان، ما له دخل لا من قريب ولا من بعيد، الله هو الذي يفعل وهو الذي يقدر، كون هذا القدر حصل في الساعة الفلانية، الساعة الفلانية ما لها ذنب، كون المصيبة حصلت في اليوم الفلاني اليوم الفلاني ما له ذنب، كون الخسارة حصلت في الشهر الفلاني، الشهر الفلاني ما له ذنب، وهكذا...

لكن أهل الجاهلية لا يفقهون يسندون هذه الشرور والكوارث والخسائر والمصائب إلى الدهر وإلى الزمان وإلى الساعة وإلى اليوم وإلى الشهر وإلى السنة؛ فيلعنونها، ويسبونها، ويشتمونها، ويقعون فيها، وهذه الشتيمة وراها عقيدة معناها أن في عندهم اعتقاد أن هذه الساعة، وهذا اليوم هو الذي فعل وإلا لما يسبونه، فإذا سبوه رجع السب على الخالق لهذا الدهر ولهذا اليوم ولهذه الساعة والمقدر لهذا الحدث؛ فصار في ذلك أذية لله، فهذا معنى قوله: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ؛ لأن سب الدهر سيرجع في الحقيقة على خالق الدهر؛ لأن الدهر لا ذنب له، ولا فعل له، ولا تقدير له، ولا مشيئة له، مجرد ظرف، الساعة الفلانية ما علاقة الساعة؟ ما ذنبها؟ ما فعلها؟ ما تقديرها؟ ما مشيئتها؟ ما اليوم هذا؟ ما دخله؟ الزمان هذا تكلم عنه، الزمان والدهر والعصر ما دخلها؟ هل لها فعل؟ هل لها تأثير؟ هل لها تقدير؟ هل لها مشيئة توجد توقع؟ لا.

من الذي يوجد؟ الله ، فالدهر وهو الزمان لا فعل له، بل هو مخلوق من مخلوقات الله، يعني خلاص الله يسير الليل والنهار، وهذا الكلام في "أعلام الحديث " للخطابي و "معالم السنن" و "الاستذكار" لابن عبد البر و"شرح السنة" للبغوي و "تعليق النووي على صحيح مسلم" و "فتاوى شيخ الإسلام" و "تفسير ابن كثير".

إذا رجعنا إلى أشعار العرب في الجاهلية سنجد طوام من هذا، يعني مثلا يقول عنترة بن شداد يقول:

دهتني صروف الدهر، وانتشب الغدر

ومن ذا الذي في الناس يصفو له الدهر

وامتد التأثير إلى بعض المسلمين بعد ذلك، فيهم لوثات من الجاهلية، حتى قال أحدهم:

غدر الزمان بنا ففرق بيننا إن الزمان بأهله غدار

هذا لابن عنين.

ويقول أحد المعاصرين أطيمش يقول:

لا تأمنن غدر الزمان العادي من بعد نازلة بخير عماد
هيهات أن يصفو الزمان وخُلُقه سقم الكرام وصحة الأوغاد
عاد الكرام من الأنام كأنه والحتف قد كان على ميعاد
شلت يد الدهر الخؤون فإنها ذهبت من العلياء بالأمجاد

ماذا سوى الدهر؟ ماذا سوى لك؟ ما دخله؟

فقال أحد الشعراء الأفاضل يرد على هؤلاء:

يا عاتب الدهر إذا نابه لا تلم الدهر على غدره
الدهر مأمور له آمر وينتهي الدهر إلى أمره
كم كافر أمواله جمت تزداد أضعافا على كفره
ومؤمن ليس له درهم يزداد إيمانًا على فقره

وقال أيضًا شاعر آخر في الرد عليهم:

فما الرد بالجاني لشيء لحينه ولا جالب البلوى فلا تشتم الدهر
ولكن متى ما يبعث الله باعثا على معشر يجعل مياسرهم عسرا

لحينه يعني: هلاكه.

مفاسد سب الدهر

00:40:18

قال ابن القيم -رحمه الله- في مفاسد سب الدهر: فيها ثلاث مفاسد عظيمة:

إحداها: سبه من ليس بأهل أن يسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله، منقاد لأمره، مذلل لتسخيره، فسابه أولى بالذم، والسب منه.

الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر، وأعطى من لا يستحق العطاء، ورفع من لا يستحق العطاء، ورفع من لا يستحق الرفعة، وحرم من لا يستحق الحرمان، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة.

وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جدا، وكثير من الجهال يصرح بلعنه وتقبيحه.

الثالثة: أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتبع الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وافقت أهواؤهم حمدوا الدهر، وأثنوا عليه، وفي حقيقة الأمر، فرب الدهر -تعالى- هو المعطي المانع، الخافض الرافع، المعز المذل، والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبتهم للدهر مسبة لله ، ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى -كما في هذا الحديث- فساب الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما: إما سبه لله، أو الشرك به، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله، فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك، وهو يسب من فعله فقد سب الله [زاد المعاد: 2/323-324 بتصرف].

نحن الآن في جانب تعظيم الله ففي الحديث الماضي من تعظيم الله  مطرنا بفضل الله ورحمته  ومما ينافي تعظيم الله: مطرنا بنوء كذا وكذا.

وفي هذا الحديث مما ينافي تعظيم الله: سب الدهر، ومن تعظيم الله: الاعتقاد أن الله هو المقدر والخالق لكل الأشياء، بل حتى الزمن والدهر الله خالقه، فالله خالق الظرف، وما يحدث فيه، خالق الزمان، وخالق المكان، وخالق ما يحدث في الزمان وفي المكان -سبحانه-، هذا من تعظيم الله.

قوله: يؤذيني ابن آدم الأذية هل معناها أن هناك ضرر يلحق بالله ؟ لا، الأذية مثل الشتيمة الآن الذين يسبون الله هذه في اللغة سب الله أذية أذى، بس ما هو معناها أنه يتضرر من أذاهم؟ لا.

فقوله: يؤذيني ابن آدم هذه الأذية ما يلحقونه بالله من الشتم والتنقيص، لكنها لا تضر الله أبدًا، فالله أثبت أنهم يؤذونه كما في القرآن: إِنَّ ‌الَّذِينَ ‌يُؤْذُونَ ‌اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا [الأحزاب: 57]، لكن أذية الله لا يلحقه بها ضرر، ولا يمكن للمخلوق أن يبلغ أن يضر الله شيئا؛ كما قال الله: لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا [محمد: 32]، وقال: وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا  [آل عمران: 144].

وفي الحديث القدسي:  يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني  فلو واحد عبد الله طيلة حياته ما ينفع الله بشيء، ولو واحد سب الله طيلة حياته ما يضر الله بشيء، هي اسمها في اللغة: أذية، لكن لا يعني أن الأذية تؤثر فيمن يؤذى، يعني بالنسبة لله ما في أي ضرر، نحن ممكن نتأثر إذا واحد آذانا نتأثر نفسيًّا ماديًّا جسديًّا، يعني ممكن؛ لكن الله -عز وجل- مهما آذوه ما يضروه، مهما آذوه لن يضره، ولا يضرونه.

قال:  وأنا الدهر  ماذا يعني أنا الدهر؟ هل من أسماء الله الدهر؟ هل الدهر هو الله؟

لا، الدهر هو الزمان، جملة: أنا الدهر اعتبرها من المشتبهات الآن، في القرآن في نصوص شرعية محكمات ومشتبهات، طيب المشتبهات يعني اعتبرها من المشتبهات، ما هو موقفنا من المشتبهات؟

أن نفسرها بالمحكمات الواضحات.

المشتبهات التي هي يعني التي تحتمل أكثر من معنى، غير واضحة لعامة الناس.

ما الذي يفسرها ما بعدها؟ قال: وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار .

إذن، ما تفسير: أنا الدهر أقلب الليل والنهار؟ يعني وأنا الدهر أقلبه، وأنا الدهر أصرفه، يعني في تقديم وتأخير، وأنا أصرف الدهر، وأنا أقلب الدهر، بس هي جاءت في العبارة هنا، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار، خلاص، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، فتفسير أنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، هذا معناه.

إذن، أنا الدهر يعني: مدبر الدهر، مصرف الدهر: وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران: 140].

ولذلك فسره بقوله بعده يعني اعتبر أن هذه جملة كذا متشابهة، وإذا بتفسير جاءك في الجمل التي بعدها، يعني ما هي متروكة، ما هم متروكين في حيرة.

مفسرة بيدي الأمر أقلب الليل والنهار  فليس الدهر من أسماء الله، وإن ذهب إلى بعض ذلك بعضهم، لكن هذا مرجوح، وليس بصحيح، الدهر ليس من أسماء الله، لكن معناه أنه يقلب الدهر ويصرفه.

سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أن يقصد به الخبر المحض دون اللوم، مثلا يقول: تعبنا من شدة الحر، آذانا البرد، لا بأس، قال لوط : هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ [هود: 77]، هذا مجرد وصف يوم عصيب، يعني أنه شديد علينا، مثلا ناس تقول: هذا يوم بادر، هذا يوم حار، هذا صحيح، نحن الآن في شهر شدة الحر، لو قال واحد: هذا يوم حار، كان اليوم حر شديد جدا، فيها شيء؟ لا.

هذا وصف، أنا الآن أصف اليوم أنه يوم حار؛ لأنه من أيام الصيف، وأنا صادق، ما سبيت الدهر، أنا وصفت اليوم أنه في حرارة شديدة، وصفت الشهر هذا أنه شهر بارد، شتاء ثلج، مطر، وما أشبه ذلك، قال لوط هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ [هود: 77]، إذن، هذه جائزة.

الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل، وهو الذي يقلب الأمور، هذا شرك أكبر، وكفر عظيم.

الثالث: أن يسب الدهر ما يعتقد أن الدهر هو الفاعل، ويعتقد أن الله هو الفاعل، ويقول: إن الدهر هو ظرف حدوث الأشياء.

إذن، لماذا تسبه أنت الآن لست كافرا ما دام تعتقد أن الله هو الفاعل، والدهر لا يفعل.

يعني لا تكفر، لكن ترى فعلك محرم، وفعلك ما فيه تعظيم لله، بل فعلك يؤدي إلى شيء خطير، فأنت لست مشركًا كافرًا، لكن ترى فعلك يؤدي إلى يعني شيء، عبارة خطيرة، يؤدي إلى سب الله، ليس هو سب الله، لكن يؤدي إلى، في فرق يؤدي إلى سب الله؛ لأنه في الحقيقة يعود على الله، السب هذا يعود على الله؛ لأن الدهر هذا ما له ذنب، فتروح على من الشتيمة، هذه تعود على من؟ على الفاعل الحقيقي.

من هو الفاعل الحقيقي؟ هو الله .

القائل: لا يقول، أنا أقصد الله ، لكن نقول انتبه يا أخي، انتبه وتب إلى الله، وأمسك لسانك، ولا تتكلم بهذا الكلام، ترى هذا الكلام نتيجته خطيرة مؤداه خطير.

وبهذا وصلنا إلى الحديث الثاني والعشرين -بإذن الله-.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد