السبت 9 ربيع الآخر 1446 هـ :: 12 أكتوبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

06- الأربعون القلبية 6، شرح حديث (لِيَتَّخِذْ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا)


عناصر المادة
نص الحديث
شرح الحديث
المقصود بقولهم: "فأي المال نتخذ؟"
المقصود بقوله: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا
المقصود بقوله:  وزوجة تعينه على أمر  الآخر
بعض فوائد الحديث

نص الحديث

00:00:01

 الحديث السادس:
عن ثوبان قال: لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا: فأي المال نتخذ؟ قال عمر: أنا أعلم ذلك لكم، قال: فأوضع على بعير -يعني أسرع- فأدركه -يعني أدرك النبي ﷺ وأنا في أثره -من الذي يتكلم؟ ثوبان، لماذا في أثر عمر؟ يحصل الفائدة، ماذا سيقول؟ وماذا سيقال له؟- قال عمر: "أنا أعلم ذلك لكم، فأوضع على بعير فأدركه وأنا في أثره، فقال: يا رسول الله أي المال نتخذ؟ قال: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجة تعينه على أمر الآخرة [رواه أحمد: 22490، وابن ماجه: 1856، وهوحديث صحيح، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه: 1505].

شرح الحديث

00:01:07

 المقصود بقوله: "لما نزل في الفضة والذهب ما نزل":
يقول ثوبان:"لما نزل في الفضة والذهب ما نزل قالوا: أي المال نتخذ؟" ما الذي نزل في الذهب والفضة أصلاً؟
وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[التوبة: 34] الصحابة خافوا، مع أن الأمر كما يقول ابن عمر: "كل مال أدَّيت زكاته فليس بكنز"[جامع البيان: 14/217].
يعني: لو واحد خزن عنده ذهباً وفضة، وأدى زكاتها ما يعتبر من الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل  الله، ويشملهم الوعيد الذي في الآية، مع ذلك الصحابة من حساسيتهم لما نزل فيها الوعيد هذا.
قالوا يعني ما الأموال التي نتخذها، الآن الذهب والفضة خطيرة يعني؟ فماذا نكنز؟ أي المال نتخذ؟ إذا الذهب والفضة فيها هذا الوعيد أي المال نتخذ؟ راح عمر يسأله، فأجابه بجواب من نوع آخر تمامًا مختلف، قال: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجه تعينه على أمر الآخرة ثلاثة أشياء.
توضيح الآية تفسيرًا يعني في البخاري: "باب ما أؤدي زكاته فليس بكنز".[الجامع الصحيح: 2/132]، ثم ساق البخاري -رحمه الله- بإسناده عن خالد بن أسلم قال: "خرجنا مع عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ[التوبة: 34]؟
قال ابن عمر: "من كنزهما فلم يؤدّ زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلماأنزلت جعلها الله طهرًا للأموال" [ينظر: صحيح البخاري: 1404].

المقصود بقولهم: "فأي المال نتخذ؟"

00:03:21

قولهم: "فأي المال نتخذ؟" سرعة استجابة الصحابة، وتفاعلهم مع الوحي النازل، وسعيهم لتغيير واقعهم مباشرة فورًا، ما الذي ينجينا؟ ماذا نعمل؟ كيف نغير؟ الذهب والفضة فيها الوعيد نروح إلى أين في الأموال؟ ماذا نفعل؟

المقصود بقوله: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا

00:03:53

هم الآن سألوا عن المال، قالوا: "أي المال نتخذ؟" فأمرهم باقتناء القلب الشاكر، واللسان الذاكر، والزوجة المعينة على الآخرة: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًاهذا الشاهد في موضوعنا في إصلاح القلوب: اتخاذ القلب الشاكر، لا بدّ أن يصل الواحد إلى مرتبة القلب الشاكر؛ لأنه أهم أركان الشكر.
أليس الشكر بالقلب واللسان والجوارح؟ والشكر بالقلب أعظم الشكر، فالاعتراف بالنعمة للمنعم هذا من شكر القلب: أبوء لك بنعمتك عليّ [رواه البخاري: 6306].
نسبة النعمة للمنعم: مطرنا بفضل الله ورحمته [رواه البخاري: 846، ومسلم: 240]، وليس مطرنا بنوء كذا، ونجم كذا، مطرنا بفضل الله هذا من شكر النعمة.
الاعتراف بالنعمة للمنعم شيء قلبي، ونسبة النعمة للمنعم، وتعزى إليه، وظهور التذلل له والامتنان، الشعور بالامتنان للمنعم، أنت ما تشعر بالامتنان لو واحد عزمك على غداء، فكيف بمن يطعمك ويسقيك ويشفيك ويعافيك كل يوم؟ يجعلك قادرًا على التنفس، نعمة المفاصل، نعمة إخراج الفضلات، كل هذا أليس يجب الشعور له بالامتنان؟ هذا عمل القلب الشاكر.
اللسان الذاكر سيصدق القلب الشاكر، فيقول: الحمد لله الذى أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا [رواه مسلم:7069].
والشكر بالجوارح استعمالها فيما يرضي المنعم؛ كاستعمال العين في النظر في المصحف، والنظر في كتب العلم، والنظر في آيات الله المنثورة في الكون، يعني إن الله قال عن السماء: وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ [الأنبياء: 32]لماذا نعرض عن آياتها؟ لماذايا أخي انظر وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ[الأنبياء: 32]، انظر إلى النجوم: وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ [الحجر: 16]، رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ [الملك: 5]،وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16].
-طيب- النظر في الأمانات لتمييز من صاحب الأمانة الفلانية، ومن صاحب الأمانة الفلانية، حتى تعطى له، النظر في عبادات كثيرة للنظر.
إذًا، الشكر بالجوارح استعمالها فيما يرضي المنعم، وفي طاعة المنعم، وعبادة المنعم.
ومما يعين على الشكر يعني: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًاكيف يكون القلب شاكرا؟
إذا نظر القلب إلى من هو أقل في النعمة، وتدبر حال الأقل، حتى يرى فضل الله عليه، وإلا ما يمكن يرى فضل الله يعني، من وسائل أن يرى فضل الله عليه: أن يتأمل فيمن هو أقل منه صحة، أولادًا، أصغر بيتٍ، أقل دخلٍ، أقل في أمور كثيرة: الوظيفة، الثياب، الأثاث، السيارة.

المقصود بقوله:  وزوجة تعينه على أمر  الآخر

00:08:18

قال: وزوجة تعينه على أمر  الآخرةهذا -طبعًا- الكلام للأزواج والرجال.
-طيب- اعلم -يا عبد الله- أن زوجتك الصالحة اسمها في الشرع: "كنز" يقول هو حسب الحديث قال يعني يا رسول الله ماذا نتخذ من المال؟ قال: ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجة تعينه على أمر الآخرة.
فإذًا، الزوجة التي تعين على أمر الآخرة، أنفع من الكنز، وخير ما يدخره المرء، يعني الواحد يحافظ على المال عادة، يحافظ على الذهب وعلى الفضة، ويكنز، ويحافظ على المكنوز، فادخر زوجة صالحة، اكنزها وحافظ عليها، يعني ليس على طول طلاق! تضيعها!
وزوجة تعينه على أمر الآخرة قال في عون المعبود في شرح سنن أبي داود: "وفيه إشارة إلى أن هذه المرأة أنفع من الكنز المعروف، فإنها خير ما يدخرها الرجل؛ لأن النفع فيها أكثر؛ لأنه إذا نظر -الرجل- إليها سرته، أي جعلته مسرورًا لجمال صورتها"[عون المعبود: 5/82-83].
فلذلك المرأة الصالحة تهتم بقوامها وجسمها لأجل أنه إذا نظر إليها سرته، هذه من التعبدات النسائية التي أحيانًا تفوت عليها، أو تفعلها بنية الرشاقة، يعني بنوايا أخرى، مع أنها لو أخذتها من هذه النية، أجرت؛ لأنها هي تبغى تصير التي تسره إذا نظر، شف هذه من التعبدات التي تفوت على كثير من النساء، تهتم بمظهرها، لكن لو صححت النية تأخذ أجرًا، ولو ما صححت يمكن ما تأخذ أجراً، ويمكن تأخذ وزراً، إذا قصدت بالرشاقة والشكل والاهتمام بالمنظر أنها أحسن من فلانة! والعجب والغرور! أو بمجرد كذا أنها تحب تطلع جميلة فقط!
يعني خلها نية مباح لا فيها وزر ولا أجر، لكن لو نوت بجمال قوامها ورشاقتها، وحسن مظهرها، ومنظرها، أنه إذا نظر إليه سرته، هذه فيها أجر، شرح موضوع الرشاقة للمرأة من هذا الباب مهم؛ لأنه يلفت النساء إلى شيء تريده في العادة، وتحرص عليه، ولكن يقال لها: هذا إذا قمت به من هذا الباب فيه أجر، وإلا كلهم في الاهتمام بالمنظر والثياب والحلي، والاعتناء بالقوام، والشكل، والحمية وأنواع الأدهان والأطياب والأصباغ، قال في عون المعبود: "لأن النفع فيها أكثر" يعني أكثر من الكنز.

انتبه -يا عبد الله- قال: "فيه إشارة إلى أن هذه المرأة أنفع من الكنز المعروف، فإنها خير ما يدخرها الرجل؛ لأن النفع فيها أكثر؛ لأنه إذا نظر -الرجل- إليها سرته أي جعلته مسرورًا لجمال صورتها، وحسن سيرتها، وحصول حفظ الدين بها، وإذا أمرها بأمر شرعي أو عرفي أطاعته وخدمته وإذا غاب عنها حفظته [رواه أبو داود: 1666، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود: 293] [عون المعبود: 5/82-83]، وهذا معنى حديث: الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة [رواه مسلم: 3716].
قال العلامة الطيبي -رحمه الله-: "وقيد بالصالحة، إيذانًا بأنها شر المتاع" [فيض القدير: 3/733] إذا كانت عكس ذلك.

ما هو مفهوم الحديث: خير متاع الدنيا: المرأة الصالحة؟ أنه لو كانت عكس ذلك فهي وبال عليه، وسبب من انحرافه وانتكاسه وهبوطه في الدركات.
الزوجة التي تعين على أمر الآخرة: العفيفة، الدينة، المصونة، الكريمة، المؤمنة التي تؤدي حق الله، وتشكر نعمة الزوج، وتعرف حرمته، هذه تكاد تكون أطيب حلال الدنيا، الزوجة الصالحة، ولذلك حث عليها، وحرص، وأمر بها، والسعي في اتخاذها.
وإذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في عرضه وعرضها وماله، وتحفظ عليه نسبه وفراشه.
خير متاع الدنيا: المرأة الصالحة التي تحفظ زوجها من الحرام، وتعينه على أمور الدين والدنيا، وكل لذة أعانت على أمور الآخرة فهي محمودة، وهذه لذة، لكن لأنها تعين على أمر الآخرة فصاحبها يتنعم بها في الدنيا، وتكون سببًا في نعيمه في الآخرة، فهي التي تجتنب مساخط ربها، ومكاره زوجها، وتحسن أخلاقها، وتصبر على جفائها، ولا تخونه في ماله، ويطيب عيشه بذلك.

وقال القاضي عياض -رحمه الله-: "رغبهم عنه" يعني: عن الذهب والفضة- "رغبهم عنه" يعني: ألا يحرصوا عليه "إلى ما هو خير وأبقى من الذهب والفضة" ألا وهي: المرأة الصالحة الجميلة، ما دامت معه، قال: "تكون رفيقتك تنظر إليها فتسرك، وتشاورها فيما يعن لك فتحفظ عليك سرك، وتستمد منها في حوائجك فتطيع أمرك، وإذا غبت عنها تحامي مالك، وترعى عيالك [عون المعبود: 5/83].

بعض فوائد الحديث

00:15:33

ومن فوائد الحديث: أن خير ما يتخذ المسلم من الكنوز والذخر هذه الأشياء الثلاثة: قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجة تعينه على أمر الآخرة.
وفيه: تنبيه السائل عند جوابه على ما هو أنفع له في دينه ودنياه؛ لأنهم سألوه: ماذا نتخذ من المال؟ نزل في الذهب والفضة ما نزل من التخويف، ماذا نتخذ من المال؟
فلفت نظرهم إلى ما هو أنفع من كل الأموال، الكنز الحقيقي.
وكذلك في الحديث: منزلة القلب؛ لأن أول شيء لما قالوا له: ماذا نتخذ من الأموال؟ قال: اتخذ قلبًا شاكرًا فبدأ به، فهذا القلب الذي يتخذه المؤمن، ويجعل هذا القلب شاكرًا لنعمة ربه عليه، بلا شك أنه سيكون نِعم المدخر، نِعم الادخار، ادخر هذا الكنز، هذا القلب الشاكر، واللسان الذاكر، وهذه الزوجة الصالحة، وفعلًا هذه أسباب السعادة في الدنيا والآخرة.