الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
المقدمة
فقد تحدثنا في الدرس الماضي عن بعض الضوابط المتعلقة بباب البدعة:
ومنها: أن كل عبادة وردت في الشرع على صفة مقيدة فتغيير هذه الصفة بدعة، فمن أطلق ما قيده الشارع فقد ابتدع، ومن قيد ما أطلقه الشارع فقد ابتدع، وذكرنا أمثلة على هذا في باب المخالفة في الزمان، والمكان، والجنس، والقدر، والعدد، والكيفية، والمخالفة في الترتيب، وتم تفصيل القول في ذلك.
وذكرنا: أنه إذا تردد الأمر بين كونه عبادة أو عادة فالأصل أنه عادة، ولا ينهى عنه حتى يقوم دليل على أنه عبادة، فالأصل في العادات التي اعتادها الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه ألا يحظر منها إلا ما حظره الشرع.
ضابط السنه التركية
ذكرنا: ضابطًا مهمًا وهو ضابط السنة التركية، وهو أن النبي ﷺ ترك أمورًا مع وجود المقتضي لها وانتفاء المانع منها، وأنه ﷺ إذا ترك فعل شيء فإنه قد يترك لأجل أن يسن لأمته الترك، فإذا استحببناه كان نظيرنا استحباب ترك ما فعله ولا فرق، إذا ترك النبي ﷺ ليبين لأمته أن الترك سنة، فمن فعله فقد ناقض الغرض الذي من أجله ﷺ تركه.
ذكرنا أمثلة: من السنة ترك السنن الراتبة في السفر إلا سنة الفجر، فمن ناقض وصلى سنة الظهر القبلية والبعدية وسنة المغرب وسنة العشاء في السفر هذا يناقض قصد الشارع، فتركه ﷺ له معنى، وتركه قد يكون تشريع الترك للأمة، فلا بد أن نعرف أن تركه ليس عبثًا، هذا الترك النبوي وحي من الله، وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا[مريم:64] وذكرنا أن تركه ﷺ فعل أمر من الأمور إنما يكون حجة بشرطين: يعني: يجب ترك ما ترك إذا توفر أمران:
الأول: أن يوجد السبب والمقتضي لهذا الفعل في عهد النبي ﷺ.
والثاني: أن ينتفي المانع لأنه ﷺ قد يترك فعل أمر من الأمور مع وجود المقتضي له في عهده لكن ترك لمانع، النبي ﷺ ترك قيام الليل جماعة في رمضان، مع أنه بدأه مع أصحابه تركه خشية أن يفرض عليهم، فالدافع لهذا العمل كان موجودًا المقتضي لهذا العمل هو صلاة التراويح جماعة في رمضان، المقتضي له الدافع له كان موجودًا في العهد النبوي نعم، لكن كان هناك مانع، ولذلك حتى نقول هذا الترك شرعي يجب أن يتوفر أمران وجود المقتضي وانتفاء المانع.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "والترك الراتب سنة كما أن الفعل الراتب سنة، بخلاف ما كان تركه لعدم مقتضِ" يعني: تركه لأنه لا يوجد السبب، ولا يوجد دافع، ولا يوجد حاجة، ولا يوجد مقتضي لهذا الفعل، فهذا لا يكون تركه مشروعًا، فإذا كان المقتضي موجودًا والمانع مفقودًا وما فعل معناه أنه قصد ألا يفعل، وأن الترك صار تركًا شرعيًا، وأن علينا أن نقتدي بالنبيﷺ في الترك.
قال شيخ الإسلام: "بخلاف ما كان تركه لعدم مقتضى، أو فوات شرط، أو وجود مانع، وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع ما دلت الشريعة على فعله حينئذ"، مثلا ما كان المقتضي له موجودًا وبعده صار المقتضي موجودًا ولا يوجد مانع جمع القرآن، ما كان المقتضي له في عهد النبي ﷺ موجودًا لأن الحفظ متوافر عند الصحابة، بل كان هناك ما يخشى من الكتابة، وهو اختلاط القرآن بغيره، ولذلك لما ما كان المقتضي له موجودًا، ما فعله ﷺ، ولا أمر بجمع القرآن في صحف، ولا أمر بأن يعمم هذا المصحف الجامع، بعده وجود المقتضي القتل استحر في القراء، وعندك قضية قتال المرتدين، والفتوحات، وتفرق الصحابة في الأمصار، وبدأت قضية المسلمون جدد، هذه قضية كبيرة نتيجة الفتوحات، دخل الملايين في الدين، ولما يكون الأمر منضبطًا مع مجموعة معينة غير لما يصير الأمر مفتوحًا، حتى عبد الرحمن بن عوف لما قال لعمر لما أراد أن يعلق في الحج على واحد قال: ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة، ولوكان الأمر كذا لبايعت فلانًا، هذا كلام خطير هذا كلام يهدد مستقبل الدولة الإسلامية، فعمر أراد أن يعلق حينها في الحج، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين أمهل حتى تأتي المدينة، فإنها دار الإسلام، وفيها الفقهاء والصحابة يأخذون عنك، ويفهمون كلامك، الآن تقول كلمة يمكن يأتي من هؤلاء الأعراب والعامة والناس من يطيرها على أي وجه، ولا يفهمون كلامك، أمهل حتى تأتي دار الفقه والعلم والإيمان، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ[الحشر: 9] دار الإيمان، فلما صارت الفتوحات صار المقتضي لجمع القرآن والدافع صار قائمًا، ما كان موجودًا أيام النبوة، ولا يوجد مانع، ما المانع من جمع القرآن؟ هذا شيء يؤدي إلى المحافظة على القرآن، ولا يوجد مانع كذلك ما كان النبي ﷺ يأمر بكتابة السنة، كان فقط كتبة الوحي يكتبون لكن ليس جمعًا، يعني: يكتب في رقاع في عظام ألواح الكتف، في عسب النخل، على جريد النخل، لكن ما جمعها، وكان لا يكتب السنة حتى لا يختلط القرآن بغيره، وجد المقتضي لجمع القرآن بعده جمعوه، ووجد المقتضي لتدوين السنة لما بدأت حركة الوضع في الحديث، وأمنا من قضية اختلاط القرآن بغيره، واستقر الأمر، يعني المصاحف السبعة، وزعت في الأمصار، ودرج الناس عليها، واعتمدت، وانتهينا، آن الأوان لقضية جمع السنة، وتدوين السنة، فعمر بن عبد العزيز بدأ بالمشروع، فإذًا لما نقول هذا ترك شرعي ونقتدي بالنبي ﷺ في هذا الترك، ولا نفعل لأن في الفعل سيكون مخالفة له، معاكسة لقصده، فإن هذا الكلام لا بدّ أن ينبثق عن شروط، ومنها أن يكون المقتضي موجودًا في عهده ولا يوجد مانع، وترك تركاً مقصوداً.
قال شيخ الإسلام: "والترك الراتب سنة كما أن الفعل الراتب سنة، بخلاف ما كان تركه لعدم مقتضى أو فوات شرط أو وجود مانع، وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع ما دلت الشريعة على فعله حينئذ، كجمع القرآن في المصحف، وجمع الناس في التراويح على إمام واحد، وتعلم العربية، وأسماء النقلة للعلم"، علم الرجال الجرح والتعديل، "وغير ذلك مما يحتاج إليه في الدين بحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به"، يعني ما يمكن من غير تدوين السنة من غير علم الجرح والتعديل، ما يمكن حفظ الدين، "وإنما تركه ﷺ لفوات شرطه، أو وجود مانع"، يعني: هل كانت الحاجة لعلم الجرح والتعديل وعلم الرجال قائمة في العهد النبوي؟ لأنه ما في أسانيد، الآن صاحب الشريعة مصدر الشريعة موجود، فالسماع منه مباشرة، ما في داعي للجرح والتعديل، ما كان في مقتضي لهذا في وقت النبوة.
قال شيخ الإسلام: "فأما ما تركه من جنس العبادات مع أنه لو كان مشروعًا فعله، وأذن فيه، ولفعله الخلفاء بعده، والصحابة، فيجب القطع بأن فعله بدعة ضلالة، ويمتنع القياس في مثله" مجموع الفتاوى [26/ 172].
مثال التلفظ بالنية، أو الجهر بها هل فعله رسول الله ﷺ؟ لا تركه، هل كان له مقتضي أو دافع؟ نعم، تحديد الصلاة ونوع الصلاة نفس المقتضي الموجود عند من ابتكر التلفظ بالنية، أو دعا إليها، أو أقرها، سيقال له لماذا يقول: منعًا للوساوس، وتحديدًا للجهة، واستحضارًا، وقد يغيب عن بال الواحد، هذه المقتضيات كانت موجودة في العهد النبوي، ومع ذلك ما فعله، إذًا تركه متعين، وفعله بدعة، لماذا تفعلون المولد النبوي يا جماعة؟ نريد أن نتذاكر السيرة النبوية، ونتقرب إلى الله باستعراض أخبار نبينا ﷺ وحياته، ونتذكر سيرته، المقتضي لذلك كان موجودًا في العهد النبوي، الصحابة كانوا محتاجين إلى معرفة أخباره، صغار الصحابة محتاجين، تحديدها بيوم مولده له معنى، أول شيء ما فعله ما احتفل بيوم مولده.
لماذا تريد أن تحتفل بيوم مولده؟
نتذكره تقربًا إلى الله، نريد أجر وحسنات.
وهل كان الصحابة أغنياء عن هذا الأجر والحسنات؟
يرد عليك يقول لك: لكن كان موجودًا بينهم لا يحتاج أن يتذكروه لكن الآن هو مات ونحن نحتاج أن نتذكره.
لما مات ﷺ ما احتفلوا بمولده، أبو بكر ما قال: يا صغار الصحابة احتفلوا بمولده، ولا عمر، ولا ابن مسعود، ما فعلوه لن نكون أفقه من الصحابة، ولا أعلم منهم، ولا أتقى منهم، ولا أعبد منهم.
إذًا تركه وتركوه ولا يقال إنه ﷺ ترك الاحتفال بمولده تواضعًا كما يقول بعض هؤلاء.
فيقال: هل كان يصلي على نفسه في الصلاة أم لا؟ هل كان يقول اللهم صل على محمد؟ كان يقولها فعلاً علمنا وسنها وفعلها، وهو يقول: أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، فلماذا ما تركها تواضعًا؟
النبي ﷺ وحي ونحن نتبعه، فإذًا لا يقبل.
ويقال أيضاً لهم: ما فعله الصحابة من بعده، ولما مات ما فعلوه، والجيل الثاني ما فعلوه، وما ظهر المولد إلا في القرن الخامس الهجري في سلطان أربيل، فما بالكم أنتم تزيدون على الدين، أو أنكم تهتدون إلى شيء ما فعله رسول الله ﷺ ولا أصحابه، وأنتم اكتشفتموه وغاب عنهم، وأنتم الآن أتيتم باب أجر فاتهم، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ[الصافات:154].
فإذًا مهما قال المتلفظون بالنية من الأسباب والمقتضيات لهذا، نقول: الظرف نفسه موجود، والحاجة التي يتكلمون عنها، والسبب والدافع، والداعي موجود في العهد النبوي، الوسوسة موجودة والصحابة جاؤوا واشتكوا إليه وساوس، وأن أحدًا يجد في نفسه ما لو يخر من جبل أهون عليه من أن يتكلم به، والصحابي جاء وقال: الشيطان يقطع عليّ صلاتي، ويوسوس لي، وعلمه الاستعاذة في الصلاة، وأن يتفل عن يساره ثلاثًا، لم يقل: تلفظ بالنية قطعًا للوسواس.
قال شيخ الإسلام: "محل النية القلب دون اللسان باتفاق أئمة المسلمين في جميع العبادات" انتهى [مجموع الفتاوى:22/ 217].
وقال أيضاً فيما نقله عنه ابن القيم: "ومن هؤلاء من يأتي بعشر بدع لم يفعل رسول الله ﷺ ولا أحد من أصحابه واحدة منها، فيقول: -يعني: في النية- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، نويت أن أصلي صلاة الظهر، فريضة الوقت، أداء لله تعالى، إمامًا أو مأمومًا، أربع ركعات، مستقبل القبلة، ثم يزعج أعضاءه، ويحني جبهته، ويقيم عروق عنقه، ويصرخ بالتكبير كأنه يكبر على العدو"، فلذلك هذه عملية مضحكة مخالفة السنة، تؤدي إلى العجائب.
قال شيخ الإسلام: "ولو مكث أحدهم عمر نوح يفتش هل فعل رسول الله ﷺ أو أحد من أصحابه شيء من ذلك لما ظفر به، إلا أن يجاهر بالكذب" -يعني: يفتري ويؤلف وإلا لا يوجد، الكلام نقله ابن القيم في إغاثة اللهفان لمصائد الشيطان [1/ 138].
مثال آخر: ترك الأذان لصلاة العيد، تركه النبي ﷺ مع وجود المقتضي لفعله في عهده، وهو إقامة ذكر الله، وتنبيه الناس للصلاة، -يعني: حتى الناس تنتبه- ما فعله، المسلمون في المصلى يكبرون، دخل ﷺ رأوه وانقطع التكبير، قام في المحراب، قاموا خلفه، ما كان هناك أذان ولا إقامة لصلاة العيد.
لو قال قائل: نوذن أذان العيد لأن الناس في غفلة في البيوت غير منتبهين.
نقول: المقتضي لهذا كان موجوداً أيام النبوة، ولم فعله، معناه تركه مقصود، وفعله مناكفة، ومخالفة، ومعاكسة، مصادمة، فقد تركه ﷺ مع وجود المقتضي لفعله في عهده، وهو إقامة ذكر الله وتنبيه الناس، ولو كان هذا مشروعًا عند الله لفعله رسول الله ﷺ فمن فعله بحجة إعلام الناس بدخول وقت صلاة العيد فقد ابتدع في دين الله ما ليس منه.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ترك رسول الله ﷺ مع وجود ما يعد مقتضيًا، وزوال المانع سنة، كما أن فعله سنة.
"فلما أمر بالأذان في الجمعة، وصلى العيدين بلا أذن ولا إقامة، كان ترك الأذان فيهما سنة، فليس لأحد أن يزيد في ذلك، بل الزيادة في ذلك كالزيادة في أعداد الصلوات، أو أعداد الركعات"، أو صيام الشهر، أو الجح يزيد ثمانية أشواط، عشر جمرات، قال: "فهذا مثال لما حدث مع قيام المقتضي له وزوال المانع، لو كان خيرًا فإن كل ما يبديه المحدث بهذا من المصلحة أو يستدل به من الأدلة قد كان ثابتًا على عهد النبي ﷺ ومع هذا لم يفعله رسول الله ﷺ فهذا الترك سنة خاصة، مقدمة على كل عموم، وكل قياس"، اقتضاء الصراط المستقيم [1/280].
الأشياء الشرعية التي فعلوها بعده، مثلاً عمر عمل ديوان الجند، ترتيبات إدارية فعلها عمر ، جمع الناس على صلاة التراويح، مصر الأمصار، وأقام الكوفة والبصرة، وفي ترتيبات جديدة ما كانت في العهد النبوي حصلت.
نقول: إن فعل هذا لا يعتبر بدعة؛ لعدم وجود المقتضي في زمن النبوة، أو لوجود مانع في زمن النبوة زال بعده؛ كخشية افتراض صلاة التراويح على الناس.
الترك عمومًا في اللغة يعتبر من الأفعال، يعني: الترك فعل الله قال عن بني إسرائيل: كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ [المائدة: 79] جريمتهم أنهم كانوا يتركون النهي عن المنكر، ومع ذلك قال في آخر الآية: لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:79] فمعنى ذلك أن الترك فعل، ومن السنة: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده [البخاري: 9، مسلم: 41]، فسمى ترك الأذى إسلامًا، فالترك فعل.
أقسام الترك
ترك النبي ﷺ أقسام: لتوضيح الموضوع:
ترك جبلي: ترك أكل لحم الضب هل هذا قصده الشرع أن يكون متروكًا ويشرع تركه؟ لا. تركه جبلة، شيء لا يحبه تركه.
ثانيا: الترك الخاص به ﷺ لما جاءه الثوم والبصل، قال للصحابي: كل فإني أناجي من لا تناجي [البخاري: 7359، ومسلم: 564]، إشارة إلى أن الملك قد يأتي من غير موعد، فربما وجده على تلك الحال، قال: فأني أناجي من لا تناجي كل ثوم وبصل فليس الترك مقصودًا شرعًا إلا ترك خاص؛ لأن الملك قد يأتيه فجأة، فلا يناسب أن يجده على هذا الحال، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم [مسلم: 564].
مما يبين أن تركه ﷺ ليس على سبيل التحريم في الثوم والبصل، أنه قال: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئًا فلا يقربنا في المسجد فقال الناس: حرمت حرمت، فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال: يا أيها الناس إنه ليس بي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها [مسلم: 565].
ترك لمراعاة لمصلحة أو درأ لمفسدة، مثلاً: ترك هدم الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم، مع أن النبي ﷺ كان يعرف قواعد إبراهيم، وأنه كان يريد أن الكعبة هذه ينزل مستواها للأرض، والباب يكون على الأرض، وباب يدخل منه الناس، وباب منه يخرجون، ويضم الحجر إليها، وتعود على كل المساحة التي كانت في عهد الخليل؛ لكن خشي مفسدة.
ترك قتل المنافقين ليس لأن قتل الزنديق حرام، فلو عثرنا على زنديق ممكن يقتل شرعًا، القاضي يحكم بقتله؛ لكن كان في العهد النبوي قتل المنافقين ممكن يصد عن سبيل الله، ولو تكرر ظرف مشابه لا يفعل يلتزمه، ولو استقر الدين والإيمان، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وقتل أي زنديق لا يؤثر لا سلبًا، حده القتل، يوجد أدلة على قتل الزنديق الذي يعثر على باطنه الكفري، يضبط متلبسًا.
لماذا ترك الصلاة على الغال من الغنيمة؟ كذلك.
الترك الشرعي
لكن ما هو الترك الذي نقول عنه إنه شرع؟ الترك البياني أو الترك التشريعي، ما تركه ﷺ بيانًا للشرع، وأن الترك ديني شرعي مقصود على الأمة أن تقتدي به في هذا الترك، مثل كما قلنا: ترك الأذان للعيدين، وترك الاحتفال بالمولد، إلى آخره، هذا الذي يعنينا، يمكن تعريف سنة الترك أنها: "ترك النبي ﷺ فعل شيء مع وجوده مقتضيه بيانًا للأمة"، يعني: تركه له هو بيان للأمة.
هذا التعريف يتضمن أربعة أمور:
أولاً: أن يكون هذا الأمر المتروك مقدورًا عليه من جهة النبي ﷺ لاحظ "مقدورًا عليه" فلا يقال: الميكرفونات بدعة؛ لأنها ما كانت أصلا وقت النبي ﷺ، فهل يصح تركها وهي لم تكن موجودة في عهده؟ لا؛ ولذلك أول شيء ما ينطبق عليها التعريف تركه ﷺ فعل شيء مع وجود مقتضيه بيانًا لأمته الترك، هذا ترك بياني.
ثانيا: أن يكون فعلاً لا قولاً، لماذا فعلاً لا قولاً؟
لأن الترك يعرف بعدم الفعل.
ثالثا: أن يكون من الأمور التي قام سببها ووجدت الحاجة إلى فعلها، ومع ذلك ما فعلها.
أن يقع منه على وجه التشريع والبيان، لا على وجه الجبلة، والطبع كترك لحم الضب أن يكون مقصودًا بالترك لبيان التشريع والبيان، وبهذا خرج ما تركه عليه الصلاة والسلام من أجل مانع من الموانع.
تطبيقات السنة التركية في أبواب الاعتقادات، والعبادات، والأعياد، وأبواب الفقه، مثل: النكاح، والجنايات، أمثلة في الاعتقاد: الأشاعرة ومن لف لفهم يقولون: أن أول واجب على المكلف إذا بلغ لا بدّ أن ينظر، ويقصد النظر في ملكوت السماوات والأرض والخلق للاستدلال على أن هذه مخلوقة ومحدثة، وأنه يوجد صانع لها، و بعض غلاة الأشاعرة يقولون: يجب على المكلف أن يشك ثم يعتقد، يعني: لازم يشك في وجود الله، ثم يأتي بأدلة يستدل بها على أنه موجود، هذه كارثة، لما تقول للناس: يجب عليكم أن تشكوا، هذه دعوة للكفر، ولذلك غلاة الأشاعرة مصيبة على الأمة. حتى الآخرون قالوا: لا هو لا يشك لكن ينتقل من التقليد إلى الإيمان الواعي، قال: لازم أول ما يبلغ قام واحد من النوم احتلم أول مرة في حياته أول واجب علي أن استدل بالمصنوع على الصانع، وأن أرى هذه المصنوعات والمحدثات، والحادث والمحدث، والخالق والصانع، وكيف تصحح إمامة المميز؟ وتصح عمرته والحج منه يؤجر عليه؟ يعني العقل يأتي فجأة، العقل يأتي بالتدرج، و المميز له أحكام، والولد يؤمن، والغلام اسمه الغلام المؤمن، وهو لم يبلغ في قصة أصحاب الأخدود، هذا أفعال الغلام كلها ما كان له إيمان، ولا كان له حكم، عقيدته لا تصح، كيف وصغار الصحابة. هذا الكلام ما يقبل.
الآن ترد عليه رد علمي نقول: هل أمر النبي ﷺ الشباب في عهده أول ما يبلغوا أن ينظروا ويستدلوا، ويصلوا بالاستدلال العقلي إلى الوجود؟
لا، هل ترك ذلك؟ نعم مع وجود المقتضي كما تقولون أنتم أنه حتى يصح الإيمان وتركه، إذًا أمر الشباب بذلك بدعة، أمر الشباب أول ما يبلغوا أن يقف وينظر في الكون ويستدل هذا بدعة، والإيمان الحمد لله يأتي لنفوسهم وآباؤهم وأمهاتهم يشرحون لهم، والولد يسمع من الشهادتين، والذكر، والقرآن، وتحفيظ القرآن، والصلاة، وما عليه أبواه، والمجتمع المسلم يسمع ما يجعل إيمانه صحيحًا والحمد لله، ولا يحتاج إلى أي إجراءات إضافية إذا بلغ من هذه الجهة، أما من جهة اعتقاد أنه الآن جرى عليه قلم التكليف، وكتابة السيئات، ووجوب الواجبات، هذه مسألة معروفة سابقًا، حتى الصلاة يضرب عليها لعشر، وهو ما بلغ تعويدًا له، فهذا الكلام غير صحيح.
في العبادات مثلاً لو قال قائل: أريد أن أصلي ركعتين بعد السعي.
فتقول: ما هو المقتضي لصلاة ركعتين بعد السعي؟ زيادة أجر. النبي ﷺ وأصحابه هل كانوا راغبين في أجر هذه الركعتين أم لا؟ لا. إذًا المتقضي كان في عهد النبوة، وعلى عهد الصحابة، ولم يفعلوه، وهذه عبادة، واضح الآن أن ترك الشرع لركعتين بعد السعي مقصودًا، وأن الفعل بدعة، ومعاكسة لطريقة الشرع، إذا كنت تريد أن تصلي صل من غير ما تتعلق بالسعي، ارجع للفندق وقصر الشعر أواحلق، واغتسل، ورح صل ركعتين، وإذا ما كان وقت نهي صل مائة وثمانية عشر ركعة، مائة وعشرين، ومائتين، صل كما شئت، الشرع قال: الصلاة خير موضوع [الطبراني في الأوسط: 245، وحسنه الألباني صحيح الترغيب: 390]، في غير أوقات النهي، صل كما تشاء، صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
من البدع المنتشرة: سجدة بدون صلاة، ولا شكر، ولا سهو، سجدة بمفردها، أظنها مبنية على حديث موضوع: "أنه من سجد لله سجدة غفر الله له"، تجد بعض الشباب في بعض المناطق بعد الصلاة والأذكار فجأة وقع للسجود.
ولو فتح الباب تخيل ماذا سيحدث في الدين؟ والله ما نعرف منه شيء لو حصل.
من الأمثلة على البدع في قضية الترك: ترك الاحتفال بأيام الإسلام، مثل الاحتفال بذكرى غزوة بدر، الاحتفال بذكر الإسراء والمعراج، الاحتفال بذكرى المولد النبوي، الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية، الاحتفال بذكرى البعثة النبوية، الاحتفال بذكرى مولد فاطمة، مولد إبراهيم، هل فعله رسول الله ﷺ؟ لا، لا يوجد تريدون الكلام عن سيرته السنة كلها مفتوحة، لا تتكلم عن الإسراء والمعراج إلا في سبعة وعشرين رجب، ما ثبت أن الإسراء والمعراج في سبعة وعشرين رجب أصلا، تكلموا في أي وقت في السنة عن الإسراء والمعراج، حادثة عظيمة، وأنه صعد ورأى أن كل الأنبياء أحياهم الله كلهم وصلوا وراءه، وأخذ خبرات مع موسى، ورأى الأنبياء، ورأى جبريل، وسدرة المنتهى، ورأي ناس يعذبون، فيها معاني عظيمة، لكن لا تحولها إلى احتفال، تحويل الدين إلى احتفالات هذه سنة نابليونية استعمارية؛ لأنه هو الذي جاء حول الدين إلى احتفالات، وهذه خطة خبيثة؛ حتى يحس الناس أنهم أدوا الذي عليهم، هم في الحقيقة حضروا احتفال وأكل حلويات، ورقصوا، ودف ومعازف، وقوموا مغفورًا لكم، هذا دين الصوفية.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: "وللنبي ﷺ خطب وعهود، ووقائع في أيام متعددة، مثل بدر، وحنين، والخندق، وفتح مكة، ووقت هجرته، ودخوله المدينة، وخطب له متعددة، يذكر فيها قواعد الدين، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا، وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أيام حوادث عيسى أعيادًا، وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتبع، وإلا لم يحدث الدين ما ليس منه" [اقتضاء الصراط المستقيم: 1/294].
في باب النكاح مثلاً الشاطبي فقال مثال: "وعلى هذا النحو جرى بعضهم في تحريم نكاح المحلل، وأنها بدعة منكرة من حيث وجد في زمانه ﷺ المعنى المقتضي للتخفيف والترخيص للزوجين"، -يعني: الآن بعضهم اخترعوا نكاح التحليل، إذا طلقت المرأة ثلاثًا يعقد عليها زوج ويطلق، وترجع للأول، الزوج الثاني ليس له غرض فيها، ولا يريدها، ولا يحبها، ولا ينجذب إليها، ما له فيها غرض، ولا وطء، فقط مجرد إجراء شكلي، (حتى تنكح زوجًا غيره) هذا تلاعب، المقصود بالنكاح رغبة، ويطأها فيه، هذا ليس نكاح رغبة، هذه تمثيلية، هذا التيس المستعار،
أنت قصدك تلم العائلة هل حدث على عهد النبي ﷺ طلاق ثلاث؟ نعم، وحكم بالتفريق ولا رجعة إلا بعد زوج، وكان المقتضي هذا الذي تتحدث عنه موجودًا أيام النبوة، ولم يسمح لهم بنكاح التحليل، إذًا هذه بدعة هذا في المعاملات.
قال الشاطبي: "وعلى هذا النحو جرى بعضهم في تحريم نكاح المحلل، وأنها بدعة منكرة من حيث وجد في زمانه ﷺ المعنى المقتضي للتخفيف والترخيص للزوجين بإجازة التحليل ليراجعها كما كانا أول مرة، وأنه لما لم يشرع ذلك مع حرص امرأة رفاعة على رجوعها إليه، دل على أن التحليل ليس بمشروع لها ولا لغيرها" [الاعتصام:1/ 364].
أقسام السنة التركية من جهة نقلها
تنقسم السنة التركية بالنسبة إلى نقلها إلى طريقين:
أن يرد نص صحيح صريح من الصحابي بأن النبي ﷺ ترك كذا وكذا، ولم يفعله، كقوله ابن عباس : "أن رسول الله ﷺ صلى العيد بلا أذان ولا إقامة"، الصحابي صرح بالترك رواه أبو داود وهو حديث صحيح [أبو داود: 1149، وصححه الألباني صحيح أبي داود: 1016].
الثاني: اجتماع القرائن الدالة على مواظبته ﷺ على ترك هذا الفعل، بأن تتوافر همم الصحابة ودواعيهم، أو أكثرهم، أو واحد منهم على نقله لو أن رسول الله ﷺ فعله، فحيث لم ينقله أحد منهم البتة، ولا حدث به في مجمع أبدًا علم أنه لم يكن حتى لو ما نص واحد على الترك، مجرد عدم النقل من أي واحد يدل على أنه تركه ﷺ؛ لأنه لو فعله لن يتركوا نقله، لن يكتموه، لن يهملوه، فكونه ما أحد نقل ذلك، معناها أنه ما فعله قطعًا، مثلاً التلفظ بالنية.
لما تقول: هذه بدعة.
يقول لك: هات الدليل؟
تقول له هات الدليل أنت على أنه فعله، ودليلي أنه ما فعله أنه ولا صحابي نقله، لا صغيرهم كابن عباس، ولا كبيرهم كابن مسعود، لا المشهور بالرواية كأبي هريرة، ولا المقل من الرواية، ما أحد نقله أبدًا، هذا معناه أنه ما فعله قطعًا.
وهكذا الدعاء جماعي بعد الصلاة.
حُجية السنة التركية
سادسًا: سنة الترك قسم من أقسام السنة المطهرة، وهي حجية شرعية معتبرة، وقد يقترن بترك النبي ﷺ قرائن تجعل من هذا الترك حجة قاطعة، مثلاً: النبي ﷺ والصحابة والسلف، يعني: القرون الثلاثة كلهم ما فعلوه، ولا نقلوا ذلك، مثل صلاة الرغائب اثنا عشر ركعة بين العشائين ليلة أول جمعة من رجب، أو صلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، كل ركعتين بتسليمة، يقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة الإخلاص، إحدى عشرة مرة.
قال العز بن عبد السلام لما أنكر هذه البدعة: ومما يدل على ابتداع هذه الصلاة أن العلماء الذين هم أعلام الدين، وأئمة المسلمين من الصحابة، والتابعين، وتابع التابعين، وغيرهم ممن دون الكتب في الشريعة؛ مع شدة حرصهم على تعليم الناس الفرائض والسنن لم ينقل عن أي أحد منهم أنه ذكر هذه الصلاة، ولا دونها في كتابه، ولا تعرض لها في مجالسه، والعادة تحيل" -يعني: مستحيل- أن تكون مثل هذه سنة، وتغيب عن هؤلاء أعلام الدين وقدوة المؤمنين، وهم الذين إليهم الرجوع في جميع الأحكام من الفرائض والسنن، والحلال والحرام، هذا كلام العز بن عبد السلام [طبقات الشافعية: 8/251-255].
تتنوع الأدلة الدالة على حجية سنية الترك إلى ثلاثة:
الأدلة الدالة على حجية أفعاله ﷺ، لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب:21].
ما ورد من الصحابة بالاحتجاج بسنة الترك، والعمل بها.
فلو قال قائل: من وين جئتم بأنه إذا تركها فهذا حجة؟
نقول: كلام الصحابي قال حذيفة: "كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله ﷺ فلا تتعبدوا بها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً، فاتقوا الله يا معشر القراء، خذوا طريق من كان قبلكم" [الاعتصام: 1/386].
قال مالك بن أنس إمام دار الهجرة: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" [الشفا للقاضي عياض: 2/88].
قال الشافعي: "كل من تكلم بكلام في الدين أو في شيء من هذه الأهواء -يعني البدع- ليس له فيه إمام متقدم من النبي ﷺ وأصحابه، فقد أحدث في الإسلام حدثًا" [الانتصار لأصحاب الحديث: 1/7].
وقال أحمد لابن أبي دؤاد في مسألة خلق القرآن: "خبرني عن هذا الأمر الذي تدعو إليه الناس أشيء دعاء إليه رسول الله ﷺ؟
قال: لا."
قال: أنت أمام احتمالين "علموه أو جهلوه؟ فإن قلت: علموه وسكتوا اتهمناهم بكتم العلم.
لكن أحمد -رحمه الله- في النقاش معه نزل درجة، قال: أمامك احتمالين إما أن تقول علموه الصحابة أو جهلوه، فإن قلت: علموه وسكتوا، وسعنا وإياك السكوت كما وسعهم، وإن قلت: جهلوه وعلمته أنت، فيا لكع ابن لكع يجهل النبي ﷺ وخلفاؤه الراشدون شيئًا وتعلمه أنت وأصحابك، يعني: يا أيها اللئيم أنت متفوق عليهم [الشريعة للآجري:1/ 62].
وهكذا قول الطرطوشي -رحمه الله-، والشاطبي -رحمه الله- أن النبي ﷺ ترك شيئًا والسلف ما نقل عنهم فهذا دين، هذه حجة.
أن الذين يقعون في البدع يخلون بالسنن غالبًا، أن الذي يقع في البدع يخل بالسنن، فمن زاد في أعداد الصلوات أو أعداد الركعات أو في الصيام أو في الحج، لا يمكن أن يقال: هذه زيادة مشروعة. وعمل صالح.
قال ابن القيم -رحمه الله- في الرد على من يقول: كونه ما نقل يمكن حصل وما نقل، يقول ابن القيم: "فإن قيل: من أين لكم أنه لم يفعله، وعدم النقل لا يستلزم نقل العدم، فهذا سؤال بعيد جداً عن معرفة هديه وسنته، وما كان عليه، ولو صح هذا السؤال، وقبل لاستحب لنا مستحب الأذان للتراويح، وقال: من أين لكم أنه لم ينقل، واستحب لنا مستحب آخر الغسل لكل صلاة، وقال: من أين لكم أنه لم ينقل، واستحب لنا مستحب النداء بعد الأذان للصلاة يرحمكم الله، ويرفع الصوت، وقال: من أين لكم أنه لم ينقل، واستحب لنا آخر صلاة الليل من النصف من شعبان، أو أول جمعة من رجب، وقال: من أين لكم أنه لم ينقل، وانفتح باب البدعة، وقال كل من دعا إلى بدعة: من أين لكم أن هذا لم ينقل، وهكذا" إعلام الموقعين [2/460].
أمثلة معاصرة للبدعة
نختم موضوع ضوابط البدع هذه بذكر أمثلة معاصرة في الموضوع:
يوجد الآن على الواتس أب ومواقع التواصل الإلكتروني وغيرها بدع كثيرة، وأشياء شبابية تنقل، وأمور من المحدثات.
فلنضرب أمثلة على ذلك: غدًا نهاية العام اختم عامك بصيام بدعة، تخصيص الصيام بآخر يوم من السنة الهجرية بلا دليل، هذا التخصيص بدعة، ما فعله النبي ﷺ ولا أصحابه، ما كان أصلاً العام الهجري ما اعتمد إلا في عهد عمر، هذه من الإصلاحات العمرية، أو من الإداريات العمرية، لأنه لا بدّ للناس من تاريخ، فجمع الصحابة واستشارهم، وصار تأريخاً للمسلمين، وإلا الأشهر في الأول معروفة، وترتيبها معروف في السنة النبوية، أربعة أشهر عند الله الحرم، اثنا عشر في السنة معروفة، لكن من أين يبدأ هذا الذي اعتمد عمر .
لا تفوتنك صلاة الفجر جماعة في آخر يوم في السنة، قل له: لا تفوتنك صلاة الفجر في جماعة.
وبس جاء رجل إلى أحد المشايخ والكآبة بادية على وجهه، وقال: أخشى على نفسي ألا يكون هذا العام عام خير لي فقد فاتتني صلاة الجماعة هذا اليوم، يعني: على خلاف رسائل الواتس أب هذه، جاءت يمكن عشر رسائل توصية إياك تفوتك أول سنة تبدأها بترك صلاة الجماعة، فلقد فاتتني الصلاة مع الجماعة هذا اليوم، في 1/1؟
فقال الشيخ: هل هذا الحزن أصابك عندما فرطت في صلاة الفجر في أيام سابقة؟
قال لا. لاحظ معناه أنه اعتقد أن فجر 1/1 هذا فيه شيء، وإلا لماذا تحسر عليه ما لم يتحسر على فواته في 29 ذي الحجة، 17 ربيع الثاني، 3 ذي القعدة. يعتقدون اعتقادات بدعية.
تخصيص أول العام الهجري بعمرة ابدأ عامك الهجري بعمرة، فإذًا تخصيص أول العام الهجري بعمرة بدعة، اعتمر لما يتسنى لك، وهناك أشهر فيها فضائل، عمرة في رمضان هذه بحق، هذا التخصيص بحق، دل عليه دليل، لكن عمرة في رجب، عمرة في محرم، استفتح عامك بعمرة بلا دليل.
اختم عامك بصيام يوم أو بقيام ليلة أو بصلاة أو صدقة، هذه ممكن تبنى على حديث موضوع يذكرون حديث في الواتس أب "من صام آخر من يوم ذي الحجة وأول يوم من المحرم فقد ختم السنة الماضية، وافتتح السنة المستقبلة، جعله الله كفارة خمسين سنة" واضح من ركاكته، وافتتح السنة المستقبلة بصوم، أصلا ما كان في بداية جعل بداية السنة محرم ما كان في العهد النبوي، فكيف الآن جبنا السنة الماضية، والسنة المستقبلة، وما صار بداية إلا في عهد عمر حديث موضوع.
قال الشوكاني: "فيه كذابان" [الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة: 31].
دعاء ليلة أول يوم من السنة وآخر يوم من السنة: اللهم ما عملته في هذه السنة مما نهيتني عنه ولم ترضه، ونسيته ولم تنسه، وحلمت عليّ بعد قدرتك على عقوبتي، ودعوتني للتوبة بعد جراءتي، اللهم إني أستغفرك منه فاغفر له، وما عملته فيها من عمل ترضاه ووعدتني عليه الثواب، فأسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تقبل مني، ولا تقطع رجائي منك، فيقول الشيطان بعد هذا: قد تعبنا معه سائر السنة، فأفسد عملنا في ليلة واحدة، والشيطان يفرح بهذه الأدعية، وأن الشيطان يحثو التراب على وجهه، ويسبق هذا الدعاء بصلاة عشر ركعات، يقرأ في كل ركعة الفاتحة وآية الكرسي والإخلاص عشر مرات.
رسائل النصر على الأعداء، اقرأ سورة الفيل سبع مرات حتى ينصرنا الله على الأعداء، أمانة برقبتك إلى يوم الدين تبعث لكل من هو فاتح عندك.
سورة النصر على نية النصر، نريد أن يصل هذا إلى أكبر عدد ممكن الليلة؛ لعلها تكون ساعة إجابة.
نريد هذا الدعاء أن يصل إلى أكبر عدد من الناس: "اللهم إني أستودعك الشام، وأهله، وأمنه، وأمانه، وليله، ونهاره، وأرضه، وسماءه، وبصلاة ركعتين، وقراءة سورة يس، واطلبوا لأهلنا في الشام على نية الفرج القريب الساعة الثانية عشر منتصف الليل، انشر تؤجر، أمانة لازم نؤديها لنجمع مليون سورة يس.
أرسل لعشرة أشخاص أخواتي الغاليات جاءنا من الشام أن نوحد قراءة سورة يس يوم الغد الاثنين من الفجر إلى العشاء بنية الفرج، ورفع البلاء، نريد غدًا أكبر قدر من سورة يس يرفع الله به البلاء عنا. وتستغل العواطف ومآسي المسلمين والمصائب في نشر البدع.
سنقرأ -إن شاء الله- كل شخص مائة مرة على نية الفرج: "يا حي قيوم برحمتك نستغيث أغثنا" ورد الدعاء يا حي ياقيوم برحمتك نستغيث [سنن النسائي الكبرى: 10405، وصححه الألباني السلسلة الصحيحة: 227] لكن مائة مرة ما ورد.
اقرؤوا هذه الآية التي جاءت في غزوة بدر نرجو من الجميع قراءة هذه الآية عشر مرات بدعة.
القيام ليلة الخميس، ونبتهل، وندعو لأهلنا هناك، انشروها على عدد كبير، ويبقى عملنا حاجة بسيطة لإخواننا، وعسى الله أن يتقبل منا هذه الحملات المليونية، كلها بدع.
ادع الله لإخوانكم كما أمر ﷺ بالدعاء، القنوت سنة، لماذا ما نقنت؟
لماذا نألف في سورة يس وتألف أدعية؟ وعشر مرات؟ ومائة مرة؟ وحملة مليونية؟ على كل موظف أن يوصلها إلى إمام المسجد -طريقة نشر البدع- فليخبر المدرسون الطلاب لعل الله أن يستجيب لنا، استعملوا البريد الإلكتروني، القوائم لديكم، المنتديات، سجلات الزوار، غرف الدردشة، رسائل SMS، الدردشة الواتس أب.
انشر اليوم -بإذن الله- مليونية قراءة آية الكرسي خمس مرات على نية الفرج عن أهل الشام.
يا أخي: ادع الله، واقرأ القرآن، والآيات، والسور، لا تحدد وقت، ولا تحدد عدد، ولا تقول: اقرأ بنية كذا، لايوجد دليل على أني أقرأ الكرسي بنية أن أتزوج، وأقرأ الفاتحة بنية أني أبني لي بيت، وأقرأ يس بنية أني أعثر على وظيفة.
شارك في حملة المستغفرين، نريد أن يوصل مليون استغفار، انشر القيوم، الماجد، الواجد، الأحد، الصمد، القادر، المالك، أرسلها إلى تسع أشخاص، واسمع خبرًا سعيدًا، بعضها ليست من أسماء الله.
لا إله إلا الله عدد ما كان، ولا إله إلا الله عدد ما يكون، ولا إله إلا الله عدد الحركات والسكون، قال صحابي بعد مرور سنة قال مرة أخرى، فرى الملائكة في المنام، وهي تقول إننا لم ننته من كتابة حسنات السنة الماضية. تأليف وكذب على الملائكة، وكذب على النبي ﷺ، وكذب على الدين، كذب على الإسلام.
اللهم صل على محمد ارسل لعشرة تكون قد كسبت عشرة مليون صلاة في صحيفتك -بإذن الله-.
يا أخي حث الناس على الصلاة على النبي ﷺ بدون أساليب مبتدعة، لا في العدد، ولا في الزمان، ولا في المكان، ولا في الهيئة، الأمثلة كثيرة: الفاتحة عشر مرات تمنع غضب الله، سورة يس تمنع العطش يوم القيامة، الدخان تمنع الأهوال، الواقعة تمنع الفقر، الفلق تمنع الحسد، الناس تمنع الوسواس، هناك أشياء ثبتت مثل قراءة تبارك قبل النوم، لكن هناك أشياء ما ثبتت.
دعاء الأحرف الأبجدية: اللهم ارزقنا بالألف ألفة، وبالباء بركة، وبالتاء توبة، وبالثاء ثواب، وبالجمال جمال، بالحاء حكمة، بالخاء خير، وبالدال دليل، وبالذال ذكاء، وهكذا هذا دعاء الأحرف الأبجدية، علموه الأطفال، انشر تؤجر، صيغ معينة مبتدعة مخترعة، تعمم تحفظ تنشر، يدعا إليها، هذه بدعة.
الدعاء الذي هز السماء -بدون دليل شيء غيبي-، الدعاء الذي يستغيث منه الشيطان، وأشياء كثيرة لكن لا يكفي وقت لعرضها، فلعل هذا يكفي أمثلة كيف يبتدع في الدين، ويزاد فيه، ويفترى عليه، ويلصق به، ويدعى الناس إليه.
ونسأل الله أن يحيينا على السنة، وأن يميتنا عليها، وأن يرزقنا الثبات على الإسلام حتى الممات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.