الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
مقدمة
إن الله بعث نبيه ﷺ بمجاهدة النفس على طاعة الله، وهذا الدين دين المجاهدة الحقّة، وتربية النفس تقتضي هذه المجاهدة، فالنفس تجاهد وتجاهد.
فأما مجاهدة النفس بحملها على طاعة الله بفعل الواجبات وترك المحرمات، فهذه وظيفتنا كل يوم، وأما جهاد النفس بمعنى أنها هي التي تجاهد فإن الله قد جعل لها ميادين كثيرة للجهاد، ومن ذلك: الجهاد بالقران،، وهذا أمر عظيم نربي أنفسنا عليه، وباب عظيم من أبواب الأجر لمن وفقه الله إليه، وقد قال : وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا [الفرقان: 52] بماذا؟ بتلاوة ما فيه من البراهين، والقوارع والزواجر، والمواعظ والتذكير، والردود.
وقد تعرضنا لطرف من جهاد الحجة والبيان في الدرس الماضي، ونريد أن نتكلم عن وجه آخر من وجوه هذا الموضوع، وهو قيام النفس بالجهاد بالقرآن لله.
جهاد النبي -صلى الله عليه وسلم- المشركين بالقرآن
والنبي ﷺ قد نزل عليه هذا القرآن منجمّاً مفرقاً وقال تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا [ الفرقان: 32]. فكان هذا التنزيل القرآني في نجدة النبي ﷺ، كلما ناظروه في مسالة، أمدّه الله تعالى فيها بالحجة، فنزل القرآن ببيانها على الوجه الأكمل، وكلما فاجأوه بسؤال لا علم له به، أنزل الله جوابه، وإذا طرحوا عليه شبه محيرة أنزل الله الرد الدامغ عليها، وإذا زعموا زعماً باطلاً واختلقوا دعاءً واهياً، نزل القرآن بالتكذيب وبين حقيقة الافتراء، وإذا حاولوا بالمفاوضات أن يدهن ، وأن يلين وأن يتنازل نزل القرآن بإبطال ذلك وحسم الأمر وبيان الحق، وتثبيت النبي ﷺ وإذا اتهموه بتهمة شنيعة نزل القرآن بالدفاع عنه وبيان براءته والرد على من أذاه.
وإذا أظهروا شماتة بمصيبة حصلت له نزل القرآن سلواناً له وتصبيراً وتثبيتاً، ووعداً جميلاً بالجزاء الأوفى من الله، وهكذا هو شأن القرآن في مساندة نبي الرحمن، وإذا كان الجهاد له أنواع منه جهاد بالسيف، وجهاد بالمال، فإن الجهاد بالعلم، وعلى رأسه الجهاد بالقرآن من أعظم أنواع الجهاد والله، وقد قال النبي ﷺ: جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم [رواه النسائي في السنن الكبرى: 4289، وصححه الألباني في المشكاة: 3821].
وقال ﷺ لكعب بن مالك لما استشكل قد أُنزل في الشعر ما قد أُنزل، هل أستمر في قول الشعر في الرد على المشركين والله قد قال: وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [ الشعراء: 224] ونحو ذلك، قال النبي ﷺ لكعب: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم بنضح النبل [رواه أحمد: 15785، وصححه محققه الارنؤوط]. يعني: أن هذه الأشعار التي تقولونها ويفهم هؤلاء العرب ما فيها من الفصاحة والبلاغة من جهة الأسلوب، وما فيها من الحجة والبيان من جهة المعنى تدمغهم دمغاً، وترد عليهم رداً مفحماً، حتى أنها تؤلمهم إيلاماً أشد من نضح بالنبل، ولذلك حثّ النبي ﷺ حسّان على الرد. [رواه البخاري: 4123، ومسلم: 2486]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والجهاد منه ما هو باليد، ومنه ما هو بالقلب، والدعوة والحجة والبيان، والرأي والتدبير والصناعة، فيجب بغاية ما يمكن" [المستدرك على مجموع الفتاوى: 3/215]. وأكبر الجهاد وأنفعه والله الجهاد بالعلم والقرآن، وقد وصفه الله ويكفينا أنه قال: جِهَادًا كَبِيرًا [ الفرقان: 52]. لأنه أعظم أثراً في نصرة الإسلام المجاهدة بالسنان، وفي كل خير، ولكل مقام نوع الجهاد اللائق به.
الجهاد بالقرآن نوع قليل من يعرف كيف يتعامل به، فإن في هذا القرآن من القوة والسلطان والتأثير، والبيان والجاذبية والأساليب الحسان ما يهز القلوب هزاً ويزلزل الأرواح زلزالاً، ولقد كان كبراء قريش يخشونه، ويقولون: لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ [فصلت: 26]. مما شعروا لقوة تأثيره، وكانت هذه المقالة دالة على ذعرهم وخوفهم، واضطراب نفوسهم، وقد قال جبير بن مطعم -رضي الله عنه-: "سمعتُ النبي ﷺ يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ * أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ [ الطور: 35-37]. قال: "كاد قلبي أن يطير" [رواه البخاري: 4854].
جاء جبير في فداء أسرى بدر ولم يكن مسلماً، جاء مبعوثاً من قريش ومع كفره انصدع قلبه لما سمع هذا القرآن، وكان انزعاجه عند سماع هذه الآية لفهمه وإدراكه؛ لأن القرآن بلغته وهم أهل الفصاحة والبيان.
قال ابن القيم -رحمه الله-: "فقوام الدين بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين، جهاد باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثير، والثاني: الجهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة، من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة وأفضل الجهادين لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه، وقد قال الله تعالى في سورة الفرقان وهي مكية: وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا [ الفرقان: 52].
فهذا جهاد لهم بالقرآن وهو أكبر الجهادين، وهو جهاد المنافقين أيضاً". [مفتاح دار السعادة: 1/70].
المنافقون وما أكثرهم اليوم لا نستطيع أن نجاهدهم بالسيف والسنان، فكيف سنجاهدهم؟ بالحجة والبيان وآيات القرآن، هذا هو السبيل، وهذا ما نحتاج إليه ونربي أنفسنا عليه ونبين مواضعه؛ لأن الحاجة اليوم إليه ماسة جداً، ما أكثر الشبهات التي تلقى على الشبكة في مواقع التواصل هذه تويتر، فيس بك، إلى آخره..
ما أكثر الشبهات التي تلقى في القنوات، ما أكثر الشبهات التي تلقى في المقالات، الناس تحتاج إلى رد، ولا بد من الرد على الأعداء، ولا يجوز السكوت، والسكوت تأثم به الأمة، والرد فرض كفاية، وتعلم هذا الفرض فرض الكفاية يعطيك من الأجر ما الله به عليم؛ لأنك إذا قمت به أسقطت الإثم عن إخوانك المسلمين فلا بد من التعلم للرد، والجهاد بالقرآن، الله أنزله كتاباً عظيماً، وقال ابن القيم في شأن جهاد المنافقين في القرآن: "فإن المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين بل كانوا معهم في الظاهر، وربما كانوا يقاتلون عدوهم معهم، يدخلون في المعركة مع المسلمين، ومع هذا فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [ التوبة: 73].
فكيف سنجاهد المنافقين؟ قولوا لي كيف سنجاهد المنافقين؟ ما نستطيع أن نجاهدهم بالسيف والسنان، لا بد أن نجاهدهم بالعلم والبيان والقرآن وهذا أهمية الموضوع هنا.
والقرآن أشد على الكفار والمنافقين من ضرب بالسيوف والله العظيم؛ لأجل هذا عادو القرآن، وكذبوه وسخروا منه، وحاولوا تحريفه، لكن فشلو كان بعض العرب حاول، ما استطاع، أما الذين نزل القرآن عليهم وفيهم ألجموا إلجاماً لا يعرف أحد من كفار قريش العرب في الزمن الأول في نزول القرآن حاول وأتى بشيء ألجمهم، في آخر عهد النبي ﷺ لما ادعى مسيلمة الكذاب النبوة، بذل محاولات لكن كانت محاولات فاشلة للغاية ، ومضحكة، بعده جرت محاولات وكان أحد هذه المحاولات لرجل من أدباء العرب المشهورين، وله كتب في الأدب بليغة للغاية، وأسلوب رفيع غاية في الفصاحة، هذا الرجل حكى أنه حاول مرة أن يحاكي القرآن ويعارضه، خرج كي يكد عقله في محاولة للإتيان بمثله، فمر بصبي وهو يقرأ، هذا الرجل خرج مر بصبي وهو يقرأ نيته الآن هذا الرجل أن يحاكي القرآن، خرج ليتفرغ لبذل محاولة، فسمع صبياً في الطريق، وهو يقرأ: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [ هود: 44]. انظر الآية -سبحان الله- مقطعة جملة جملة، كل جملة في الغاية والاختصار، وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ [ هود: 44]. الله -عز وجل- يخبرنا بهذه الآية بنهاية طوفان قوم نوح كيف انتهوا؟ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [ هود: 44] السفينة، فرجع ومحى ما عمل وقال: أشهد أن هذا لا يعارض وما هو من كلام البشر، انظر آية تلاها صبي، من حفظة القرآن، ردت الرجل خاسئاً وهو حسير، على عقبيه، محى ما كتب، وعرف أن ما كتب سخيف، ولا يمكن أن يعارض هذا القرآن.
القرآن في وجه أهل الشرك والإلحاد
هذا القرآن يجب أن نستعمله في الرد، يجب أن نستخدم آيات القرآن الكريم في كلامنا وردودنا ، يجب أن نستعين بكلام الله في الرد على أعدائه، وإذا كان سوق النفاق قد قام اليوم، فما أعظم أثر الرد بالقرآن إذا كان سوق الشبهات منتشراً ناشراً أشرعته اليوم فما أشد الحاجة للاستفادة من هذا الكتاب العزيز الرد، ولا يزال النعيق والصياح والتنادي بحرب القرآن وأهله قائماً إلى يومنا هذا، ولا زالت العداوة لها تعلن في المواقع، والتصريحات المختلفة، لا زالوا من قهرهم، لا زالوا من انزعاجهم، كم مرة من مقاطع اليوتيوب نشاهد إحراق القرآن؟ إهانة القرآن، لماذا الإهانة والإحراق؟ لأن القرآن هذا صدمهم، أفحمهم، رد عليهم، ألجمهم، أسكتهم أخرسهم، أزعجهم، آلمهم، ولذلك كثير من المسلمين لا يعرفون قيمة هذا القرآن و هذه النعمة كسلاح، ويظن الواحد أن ما عندنا مثل الغرب، ما عندنا مثل هؤلاء، ما عندنا القوة، والله إن القرآن الذي عندنا وبأيدينا أنه أقوى من كل ما عندهم، وأنه أمضى فيهم من الأسلحة، وأقوى وقعاً فيهم منها، فهو معجزة خالدة، وسلاح لا يتعطّل، لا يحتاج إلى ذخيرة، لا يحتاج إلى صيانة، وتكلفة، ليس مكلفاً، فإن السلاح عادة يكون مرتفع الثمن، يحتاج إلى ذخيرة، يحتاج إلى صيانة، ولو استُعمل كم يقاتل به الإنسان؟ عشرة، عشرين، القرآن تقاتل به أكثر، وتجاهد به أكثر، وهذا القرآن فيه حجج، وفيه براهين، ويرد على الكافرين، الله -عز وجل- لو شاء لأنزل آية أجبرت الكفار على الإيمان كما قال: إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ [الشعراء: 4]. لو شئنا لاضطررناهم إلى الإيمان اضطراراً، جعلنا هذا قهرياً، يعني جعلنا الإيمان قهرياً، الآن الجبل الذي نطقه الله فوق بني إسرائيل، إما أن تؤمنوا، وإما أن يسقطه عليكم، الله قال: إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ [الشعراء: 4]. اضطررناهم إلى إيمان جبري، ولكن الله لا يريد ذلك، قال: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [يونس: 99].
فكانت آيات القرآن كانت تدعوا للإيمان الاختياري، يدخل القلوب،قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [ الأنعام: 149]. الجهاد بالقرآن يوفر دماء الطرفين، فلا يحتاج إلى سفك دماء لا من المؤمنين، ولا من الكافرين، بل هو مناقشة مقنعة وتبين بالحسنى، وفي تأريخ المسلمين ظهر الخوارج، الخوارج كان عندهم سفك الدماء من أسهل ما يمكن ولغو في الدماء ، لكن كيف تم إخضاع وإرجاع كثيرا منهم؟ ليس الأكثر من الخوارج رجعوا بالسلاح، أكثر الخوارج رجعوا بالقرآن عن يزيد الفقير قال: كنت قد شاغفني رأي من رأي الخوارج أعجبني، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس، من ضلال الخوارج هم عندهم عبادة، لكن ليس عندهم علم، جهلة، فقالوا: اتفقنا نذهب نحج، ثم نخرج على الناس، نخرج عليهم بالسلاح ونضع السلاح في أعناقهم، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبد الله يحدّث القوم جالس إلى سارية عن رسول الله ﷺ يحدّث، قال: فإذا هو قد ذكر الجهنمين، والجهنميون: الذين يخرجون من النار بالشفاعة ويدخلون الجنة، فهم قوم لهم سيئات وكبائر أدخلتهم النار لكن هل يخلدون فيها؟ لا الخوارج يخلدون، أن صاحب الكبيرة يخلد في النار، فإذا جابر يحدث بحديث الجهنمين، وحديث الجهنميين فيه رد على الخوارج الذين يكفّرون مرتكب الكبيرة ويقولون: خالد في النار، فيقول جابر ويحدّث جابر، قال: "فقلت له: يا صاحب رسول الله ﷺ ما هذا الذي تحدثون والله يقول: إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [ آل عمران: 192]. كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا [ الحج: 22]. انظر جهل هذا الخارجي الآن، ثم تاب ورجع، لكن هذا لما كان على هذا المعتقد جاء يستدل يرد على جابر بآيات في الكفار المخلّدين أبداً، والنقاش ليس في قضية الكفار المخلدين أبداً، النقاش أين؟ بأصحاب الكبائر من المسلمين، يعني: من أهل التوحيد، أنه لو دخلوا النار يخرجون يوماً من الأيام منها، فجاء رجل منتزع لك آية ، إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [آل عمران: 192]. كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا [الحـج: 22]. وأنت تقول أنهم يخرجون وكيف يخرجون؟ لأن الحديث في موضوع، والآيات في موضوع آخر، وهذه مشكلة الجهل، يجعل الإنسان يورد دليلاً في غير موضعه.
فقال جابر: "أتقرأ القرآن؟ قال: نعم، قال: فهل سمعتَ بمقام محمد -عليه السلام- الذي يبعثه الله فيه؟ يعني: المقام المحمود، قال: هو الشفاعة، قلت: نعم، قال: فإنهما مقام محمد ﷺ المحمود الذي يخرج الله به من يخرج، ثم نعت وضع الصراط، يعني: على النار، ومر الناس عليه قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: فيخرجون كأنهم عيدان السماسم، يعني: احترقوا، شبههم بعيدان السماسم بعد الاحتراق، قال: "فيدخلون نهراً من أنهار الجنة، ويغتسلون فيه، ويخرجون كأنهم القراطيس، تغيروا، تغيراً تاماً، القراطيس الصحف التي يكتب فيها، يعني: في تشبيهها بالبياض، كانوا كعيدان السماسم سود من الاحتراق، أدخلوا في نهر من أنهار الجنة خرجوا كأنهم القراطيس، يعني: من البياض.
هذا حديث جابر عن النبي ﷺ يحدّث به الرجل، "فرجعنا" الآن" رجعوا من الدرس من حديث جابر، يقول بعضهم لبعض، قلنا: ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله ﷺ فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد"، [رواه مسلم: 191]. هؤلاء بالقرآن: عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا [ الإسراء: 79]. عندما فسّره له ما هو المقام المحمود؟ كان ذلك كافياً في الرد على شبهتهم، وتوبتهم، وإقلاعهم عما كانوا ينوون الدخول فيه، فانظر كم حُقن من الدماء بهذه المحاجة، المناقشة بالقرآن، الجهاد بالقرآن، يحوّل العدو إلى صديق، فإن الجهاد بالسيف غايته: أن تقتل العدو وتستريح من شره، أما الجهاد بالعلم والقرآن فغايته ونهايته: اقتناع العبد وإيمانه وانتقاله إلى صفك، فيكون المكسب مضاعفاً، استرحتَ من العدو وكسبته إلى جانبك.
قصة ابن عباس مع الخوارج دليل عظيم على ذلك، هو حاجهم بآيات من القرآن، أتوا له بآيات يظنون أنها تساند شبهتهم، فرد عليهم بآيات بينت الحقيقة، فانضموا إلى علي -رضي الله عنه-؛ بسبب مناقشة ابن عباس، ثم نفع الجهاد بالقرآن أعظم، فعالم واحد يستطيع أن يخاطب العالم بهذا، والمجاهد بسيفه لا يستطيع أن يقاتل إلا عدداً محدوداً، ثم الجهاد في القرآن يشمل جميع شرائح المجتمع، يعني: ممكن يجاهد الصغير والكبير والمرأة والرجل بهذا، ويجاهد المسالم والمحارب والرجل والمرأة أيضاً، أما الجهاد بالسيف فهو أضيق منه، ولذلك قال الله، هذا ليس تنقيصاً من الجهاد بالسيف، وفضله، والشهادة في سبيل الله، لكن نريد أن نبين ما معنى قول الله: وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا [ الفرقان: 52]. أن الله وصفه جهاداً.
هذا الجهاد بالقرآن فيه تبليغ للقرآن للناس: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ [ المائدة: 67]. هو تطبيق هذا.
النبي ﷺ قال: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ [النمل: 91-92].
وصف الله الأنبياء بأنهم يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ [الأحزاب: 39].
الصحابة قاموا بهذا الواجب، قاموا بهذا الواجب، عن عروة بن الزبير قال: "اجتمع يوماً أصحاب رسول الله ﷺ فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فقال عبد الله بن مسعود: أنا، قالوا: إنا نخشاهم عليك، أنت مستضعف، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال: دعوني فإن الله سيمنعني، فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ [ الرحمن: 1-31]. رافعاً بها صوته، ثم استقبلها يقرأها، يكمل السورة، فتأملوه فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد، ثم قالوا: إنه ليتلوا بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه، فجعلوا يضربونه في وجهه، وجعل يقرأ، يضربونه ويقرأ، يضربونه ويقرأ، حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذين خشينا عليك، قال: "ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثل هذا غدا، قالوا: لا حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون" [سيرة ابن هشام: 1/315].
اليوم مع التقدم التقني الحاصل، مع تطور وسائل التواصل والتخاطب والتراسل والاتصال مع الناس في العالم، مع قدرتنا اليوم على الوصول اليوم إلى ناس في أماكن بعيدة جداً، في دول متعددة في طبقات متنوعة من الناس، اليوم نحن أحوج ما يكون إلى التسلح بهذا لأنني أقول لك الآن أنت الآن مع الشبكة الموجودة ماذا ستوصل، ماذا يمكن أن توصل بالشبكة الموجودة؟ ماذا يمكن أن توصل بالقنوات؟ ماذا يمكن أن توصل برسائل الجوال وتطبيقاته؟ هذه الآن أكبر ثلاثة وسائل يمكن أن نستعملها، يمكن اليوم استعمال شبكة الإنترنت والقنوات الفضائية، وتطبيقات الجوال، او رسائل الجوال لأن هذه أكثر ثلاثة منافذ يمكن الوصول فيها إلى البشرية عبرها، نصف سكان العالم عندهم جوالات، وربع سكان العالم عندهم إنترنت، أما الذي يصل لهم البث التليفزيوني كثير وكثير جداً، إذن، نحن نستطيع أن نصل إلى أعداد كبيرة جداً، فماذا سنقول إذا وصلنا؟ ما هي الرسائل التي تُعد لتبث، ومن أين تؤخذ؟ فكرة الرسالة التي نريد إعدادها من أين تؤخذ؟ يا إخوان لن نجد أعظم ولا أثرى ولا أنفع ولا أعمق ولا أجدى من القرآن، يا جماعة خذوا منه مواضيع، خذوا مواضيع الحلقات التليفزيونية، خذوا منه مواضيع رسائل البريد الإلكتروني التي ترسلونها، خذوا منه مواضيع المقاطع التي تجعلونها في تويتر، والفيس بك، خذوا منه مواضيع التي تجعلونها في المواقع والمنتديات، خذوا منه مواضيع الحلقات التلفزيونية، خذوا منه مواضيع رسائل الجوال، خذوا منه مواضيع تحويل أشياء في هذا القرآن إلى تطبيقات جوال، تترجم وتنزل، عندك أقوى أسلوباً، عندك أثرى محتوى، عندك أوقع في النفس من هذه الآيات ما فيه.
ولذلك لا بد أن نلتفت إلى الكنز الذي عندنا، وأن نسوقه على الناس في العالم هذه هي الرسالة المطلوبة، أن تتضح من خلال هذه المحاضرة وأرجو أن تكون قد وصلت، العالم يتعطش اليوم لسماع كلام الله، ترجمات القرآن، ترجمات معاني القرآن اليوم أحياناً، بعض الأماكن المطابع ما تلحق على الطلبات، العالم أشد ما يكون إلى الاهتداء بالقرآن، يعني: الناس بدأت تحس، يا جماعة ماذا نقول وماذا ندع، تجربة في موقع الإسلام سؤال وجواب وأنا أذكر لكم من قبل أكثر من يمكن خمسة عشر سنة، عندما بدأنا في موقع الإسلام سؤال وجواب، وضعنا آيات مترجمة وأحاديث مترجمة، وأشياء متنوعة، وأسئلة وآيات متنوعة، هل تصدقون أن امرأة كافرة، نصرانية جاءت من ألمانيا تدرس في أمريكا، أرسلت تقول: لفت نظرها هذه الآيات، وأنها حاولت أن تعثر على ترجمة لمعاني القرآن، وأنها في النهاية حصلت على نسخة منها، وبدأت تقرأ فيها، وهي تقرأ في الأسئلة والأجوبة، مر عليها سؤال، السؤال هذا أصلاً موجه للمسلمات، ليس موجهاً للكافرات إطلاقاً، السؤال فحواه: أن المرأة أثناء العادة الشهرية ما تمس المصحف، والأدلة على ذلك، هذه المرأة النصرانية قرأت الإجابة واستشكلت ما عندها، وأرسلت سؤالاً تقول فيه: عندي الآن نسخة من ترجمة معاني القرآن وقرأت في موقعكم أن الذي يمس القرآن لا بد أن يكون طاهراً، وأن المرأة في أثناء الدورة الشهرية لا يجوز أن تمس المصحف، وأنا علي العادة الشهرية، ولكن حسب فهمي: إن ترجمة معاني القرآن ليست هي القرآن، وكاتبة بالنص: هذه ليس كلام الله، هذه الترجمة لكلام الله؛ لأن كلام الله بالعربي، فبناء عليه أنا يجوز لي أمس الترجمة بدون طهارة صح، هل كلامي صحيح؟
فردينا أن هذا الاستنتاج ليس عند كثير من المسلمات، هذا مستوى في الفهم أنها تفهم أن هذه الترجمة ليست هي القرآن، وأن القرن كلام الله بالعربي، وأن هذه الترجمة ليست هي القرآن فلا ينطبق عليها أحكام القرآن، وبناء عليه يجوز أن تمس بغير طهارة، كتبنا إقرار الفهم وأنه صحيح جداً، وأن هذا يدل على أنه سيقود قريباً إن شاء الله للدخول في الإسلام، ثم أرسلت مرة تقول : ذهبت إلى أهلها في ألمانيا في الكريسمس، وأنها تجنبت شرب الخمر وأكل الخنزير، ولبس أكمام طويلة، ثم بعد مدة أرسلت أنها دخلت في الإسلام والحمد لله.
امرأة كافرة تأخذ الترجمة وتقرأ، وبعد ذلك ترى أحكام القرآن،لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة: 79]. لكن هذه معناها ليس كذلك، وأنها تطبق علي أو لا تطبق، ما أحد علّمها ولا خصها بشيء، هي مجرد دخلت قرأت بحثت نسخت ترجمة القرآن، ومن واحدة إلى واحدة، ومن استنتاج، ومن مسألة إلى مسألة إلى أن دخلت في الإسلام.
إذن، الثروة التي نملكها ثروة عظيمة جداً، وأسلوب الفهم، الله -عز وجل- جعل، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ [ القمر: 17]. وجعل الله فيه حججاً بالغة، بينة واضحة، تقطع العذر، تامة، كافية، براهين، ما فيها نقص ولا خلل تحقق المقصود، وتقطع عذر المجادل، وتزيل الشك، قيل لأبي العيناء: ما أحسن الجواب؟ قال: ما أسكت المبطل وحير المحق، قيل لأبي العيناء: ما أحسن الجواب؟ قال: "ما أسكت المبطل وحيّر المحق". [الوافي بالوفيات: 4/ 244]. حيّر المحق، يعني: احتار لبلاغته ومتانته.
القرآن فيه تحذير للكافرين من العذاب، وفيه تخويف لهم،وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ [ الأنعام: 19]. وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا[ الإسراء: 41]. فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ [ ق: 45]. وأبو الوليد عتبة ابن ربيعة لما جاء للنبي ﷺ وحاول فيه، وكلمه مفاوضات، النبي ﷺ قال: اسمع اسمع أنا سمعت منك اسمع مني، قال : أفعل، قال : بسم الله الرحمن الرحيم* حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فصلت: 1 - 5]. ونزلت الآيات في الرد عليهم، ومضى النبي ﷺ يقرأ وعتبة منصت لا يستطيع، أسرته الآيات، وألقى يديه خلف ظهره.
لما انتهى النبي ﷺ إلى السجدة وسجد، قال: قد سمعتَ يا أبا الوليد قد سمعتَ فأنت وذاك، قام عتبة قال قومه: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به.
قال لقومه: سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بشعر، ولا بالسحر ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني، وخلو بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، اعتزلوه، فو الله ليكونن من قوله الذي سمعت منه نبأ عظيم".
قالوا: سحرك"، القرآن فيه الحجة على أهل الباطل، فيه تثبيت للمؤمنين.
انظر الآن على سبيل المثال كم شبهة تثار حول الصحابة من هؤلاء الروافض ومن تأثر بهم حتى من العرب، وبعضهم يظهر يلقي كلمات لا هو على أخلاق عدنان، ولا هو على منهج إبراهيم -عليه السلام-، بعضهم ينتسب كذه عدنان، لا هو على أخلاق عدنان، ولا هو على منهج إبراهيم -عليه السلام-، كلام، الذي على عائشة، والذي على معاوية، والذي على الشيخين، شبُهات كثيرة، ثم تناقش يقول: هذا صحابي، فيأتيك الآخر الكابس المكبوس يقول: هذا الذي بعد الفتح ليس صحابياً، كيف ليس صحابياً، أجمعت الأمة على أن كل من رأى النبي ﷺ وآمن به ومات على ذلك صحابي، أنت الآن اخترعت علم جديد، الصحابي غير الذي أجمعت عليه الأمة لأجل تخرج معاوية، وتخرج أيضاً خالد ابن الوليد بر، وكم صحابي ستخرجهم، ستخرج العباس بن عبد المطلب، ها تطلع عم النبي ﷺ؟.
ضلالات فنحتاج اليوم، أنت تملّك عامة المسلمين أدوات الرد؛ لأن هذه على قنوات، وعلى مواقع وعلى مقاطع اليوتيوب، موجودة، هات آيات تدل على عدالة الصحابة من القرآن؛ لأن هذه مشكلة شبهة الرد من القرآن، نحتاج نعرف ماذا يوجد في القرآن من الآيات الدالة على عدالة الصحابة بلا استثناء مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ [ الفتح: 29]. قبل الفتح وبعد الفتح، ومعه، فإذا الآية عدلتهم جميعاً ، عدلتهم جميعاً، غيره هات اثنين: وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى [ النساء: 95]. نعم الذي قبل الفتح لا يستوي في الأجر مع الذي بعد الفتح، لكن وَكُلاًّ كلهم الذي قبل والذي بعد، وعد الله الحسنى، معاوية منهم هو بعد الفتح، أليس الذي وعد الله الحسنى حسب الآية. وغيره،وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ[ التوبة: 100]. لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [ الفتح: 18]. فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [ آل عمران: 195]. فنجد آيات تنص على إيمانهم، وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [ الأنفال: 74]
والآيات تنص على أن الله -رضي عنهم-، رضي عنهم ورضوا عنه، وآيات تنص على وعدهم بالجنة، ولأدخلنهم جنات) وآيات تؤكد على التعميم، : وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى [ النساء: 95]. وفي أنهم ممدوحون حتى في الكتب السابقة، محمد رسول الله، صفتهم في التوراة وصفتهم في الإنجيل، وبعد ذلك يأتي واحد ويقول: ارتدوا كلهم إلا أربعة، يا أخي أنت أصلاً لو أتيتَ إلى فصل فيه أربعون طالباً وعندهم مدرس يدرسهم، وآخر السنة ما نجح من الأربعين إلا أربعة ستقول على المعلم أنه فاشل، فعندما يأتي هؤلاء يقولون: الصحابة ارتدوا إلا أربعة، هم مائة وأربعة وعشرون ألف صحابي الذي حجوا معه، معنى هذا قذف النبي ﷺ، هذا الكلام قدح في النبي ﷺ أنه علّم وما نفع التعليم، وأنه ربّى وما نفعت التربية، وأنه...
فإذن، نحتاج الآن معركة حول قضية الحكم في الشريعة، والذي يطعن بالحكم في الشريعة، وأن الشريعة ما تناسب هذا الزمان، ولا هذا المكان، ولا هذه الأحوال، وأن الشريعة على عيننا ورأسنا، لكن كانت لزمان الآن الزمان مختلف، والآن هؤلاء المنافقون يثيرون، أنت تحتاج الآن أن تأتي لهم بالآيات الدالة على أن هذه الشريعة إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [الأنعام: 57] إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ [ النساء: 105]. ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء [ الجاثية: 18]. وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ [ المائدة: 49]. أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ [ المائدة: 50]. وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [ المائدة: 44]. وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [ المائدة: 45] وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [ المائدة: 47].
هذا البيان، الآن يوجد مثلاً من يدعو الأموات ويروج لهذا في قنوات، في قنوات الآن تروج الشرك وتروج الدعوة لأصحاب الأضرحة، ومناداتهم والاستغاثة بهم من دون الله، هات آيات، هاتوا آيات في الرد عليهم، وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [ غافر: 60]. إذا دعوتم غير الله كيف ستكون النتيجة؟ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ [ مريم: 48]. الأموات المدعوون عجزة، الله قال في القرآن: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [ النحل: 20-21]. وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [ الأحقاف: 5]. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [ الأعراف: 194].
فإذن، هذه عندما يأتي واحد يقول: الدين في المسجد بينك وبين الله اعمل الذي تريد، لكن اقتصاد، اجتماع، سياسة كذا هذه لا، هذه لها أحكامها الخاصة وقوانينها، نقول: هل هناك شيء ليس له دخل في الدين؟ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ [ الأنعام: 38]، قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ [ الأنعام: 162]. لله.
فإذا الاقتصاد، وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ [ البقرة: 282]. القضاء، إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [ النساء: 58]. التعليم، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [ المجادلة: 11].
هات جانب العلاقات الدولية في القرآن، موجود، المعاهدات وفعل المعاهدات، أحكام في الكتاب والسنة، نحن نحتاج إلى أن نلقّن أنفسنا ردوداً من القرآن وأنها أقوى الردود على الإطلاق، مع الأسف كثير من المسلمين إذا جاء يرد بالتعبير الذي من عنده، كذا بالعامية، يا أخي عندك تسكت وتفحم، وتكفي وترد صابغة ومانعة، وجامعة، ماذا تريد؟ الذي أنزل علام الغيوب، يعني:كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ[هود: 1].
ويضع الأشياء في مواضعها، وينزلها منازلها، والشرعية أحكمت كل شيء، وفصلت كل شيء، إجمال ما يتغير وتفصيل ما يتغير، هذه المعاملات فيها أبواب، فيها قواعد، والأصل في الأشياء الإباحة، الأصل في الأشياء الطهارة، الأشياء المبينة المفصلة هذه لو جاء واحد وقال: الآن لو طبقنا الشريعة سيقوم علينا الشرق والغرب، ولا نطيق أن ندفعهم، وسوف يفعلون بنا، ويفعلون بنا، نقول له لحظة نعطيك من القرآن آيات أنه إذا طبقنا الشريعة لا يستطيع لا الغرب ولا الشرق، قال الله تعالى: وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا [ القصص: 57].
الجواب لما قالوا قريش للنبي ﷺ قال الله: أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ [ القصص: 57]. إذا خافوا، إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا، تتداعى علينا الأمم، قال الله: أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا [ القصص: 57]. وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا [النحل: 75].
تطبيق الشرع يزيد الرزق، كيف؟ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ [ الأعراف: 96]، وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا [ الجن: 16].
وهكذا إذن سنجد أن الآيات معنا، وأنها في الرد جاهزة حاضرة، وأن هذه الآيات قوية غالبة، وأن كل ما تحتاجه في أي موقف من المواقف ستسعفك الآية به إذا كنت قد حفظتها، وهذه الآيات التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- حجج ترد على أهل الباطل، تريد شيوعياً ملحداً ما يؤمن بوجود الله، تستطيع ترد عليه، تقول: لا يؤمن بالقرآن نقول: أنت الآن ما تقول له هذه قال الله، أو لا بد تؤمن، لا، أعطه مضمون الآية أنت اقرأها على الشيوعي والملحد، قل له: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [ الطور: 36]. خلقت نفسك؟، خلقتم السموات والأرض،؟ جئتم من العدم، من أين جئتم؟
والذين يقولون: هناك عدة آلهة: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [ الأنبياء: 22]
لو كان هناك أكثر من واحد إذن لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً، لو كان هناك أكثر من واحد صارت هناك ممانعة، ومدافعة وفساد الدنيا؛ لأن هذا يريد ينزل مطراً، هذا يقول: لا، هذا يريد أن يفعل يقدر زلزالاً هذا يقول: لا، هذا يريد أن ينشئ بحراً هذا يقول: لا، خلاص، فيصير في صراع الآلهة، وإذا صار هناك صراع الآلهة كيف سيكون الوضع وكما قلنا كثير من الألعاب الالكترونية اليوم التي تشوفها بسوني بلاستيشن والتي موجودة في الأكس بكس، وقائمة على صراع الآلهة وعلى الصراع بين أهل الأرض الأخيار وأهل السماء الأشرار، قائمة على هذا، هذه أشياء يتعلمها أطفالنا من خلال الألعاب، وتجد الآيات تناقش حتى الذي ليس عنده دين، أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى [ القيامة: 36-37]. وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا [ الإسراء: 49-50]. ليس عظاماً ولحماً، قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [ الإسراء: 50- 51].
تجد الآيات حتى الظواهر الطبيعية العادية هي تشرح، وتأتي دليلاً يعضد قضايا الإيمان الكبيرة مثل البعث، فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى [ الروم: 50]. وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى [ فصلت: 39].
الدهريون، الناس ممل ونحل،وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [ الجاثية: 24] لا يوجد دليل واحد على هذا الكلام.
والذين عبدوا عدة آلهة وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ المؤمنون: 91]. لكن الحال الذي حاصل الآن، مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ [ الملك: 3]. تعدد الآلهة فساد للكون، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [ الأنبياء: 22] قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [ البقرة: 111].
أنت الآن تجد الرد على النصارى الذين قالوا: لله ولد، كيف يكون الرد؟ تكذيبهم في قولهم، وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا [ مريم: 88-91]. من زاوية اخرى يبين تعالى استغناءه عن الناس، استغناءه عن الولد، قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ [ يونس: 68] لا يحتاج ولداً، هو الغني له ما في السموات وما في الأرض، هو مالك الملك يحتاج إلى ولد، وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ [ البقرة: 116]. فما يحتاج هو خالقهم، ورازقهم.
ردود القرآن الكريم على النصارى المشركين
ومن زاوية أخرى انظر الردود، القرآن غني بالرد على النصارى، نفي الزوجة؛ لأن الولد سيأتي من زوجة، فمن طرق القرآن في الرد على اتخاذ الولد نفي الزوجة، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ [ الأنعام: 101]. أن لا يكون له ولد ولم تكن له صاحبة، ماله زوجة كيف يكون له ولد، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ [ الأنعام: 101]. حتى عيسى مخلوق، وأنه تعالى صالحو الجن أدركوها، وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا [ الجن: 3]، فإذن قالوا: لكن عيسى ليس له أب؟، معناها أنه ابنه، نقول: خذوها من القرآن: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ [ آل عمران: 59]. آدم له أب لماذا لم تقل آدم ابنه؟ لو كان مجرد أنه ليس له أب، مسوغ أنه يكون ابنه . إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [يونس: 68]. ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ [ التوبة: 30] وهكذا.
ثم يبين من جهة الأخرى بشرية عيسى، وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ [ المائدة: 75]. ومن لازم أكل الطعام عمليات الإخراج وقضاء الحاجة، وهكذا، انظروا الردود من كم ناحية؟ ومن كم زاوية، قوية، لو أنت تؤلف لكن القرآن أغناك وكفاك، كفاك، القرآن صنع البشر من أين؟ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ قالوا: يعلمه نجار رومي بمكة، قالوا: اكتشفنا وأخيراً عثرنا على الدليل والمصدر، وضبطناه متلبس كان يتكلم مع نجار رومي بمكة خفية، وعرفنا مصدر، هو الذي من دل الآن من أين أتى به؟ عرفنا الآن من أين، قال الله: لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ نجار رومي بمكة، رومي يعني لسان واحد رومي، وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ [ النحل: 103]. فكيف سيأتي النجار الرومي بهذا اللسان العربي المبين؟ مستوى القرآن أعلى من مستواكم يا قريش، هل سيأتي واحد نصراني رومي أو نجار رومي يأتي بمثل هذا المستوى؟ سبحان الله.
ولذلك من تأمل -والله- أشياء مذهلة، لكن أحياناً يصير واحد غائب، لا يشعر النعمة التي هو فيها، وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ [ الأنعام: 91]. نفوا الكتب، الرد: قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى [ الأنعام: 91]. يا يهود تنكرون إنزال الكتب، قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى [ الأنعام: 91]. من؟ العرب زعموا أن الملائكة بنات الله، وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ [ النحل: 57]، يعني: هم يقولون: نحن لنا الذكران من العالمين، وتجعلون لله البنات، أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا[ الإسراء: 40]. سبحان الله، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى [ النجم: 22]. تجعلون لله ما تكرهون، وتأخذون وتقولون: لنا البنين ولله البنات، ادعوا أن النبي ﷺ ساحر ومجنون، ماذا قال الله لهم: قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ [ سبأ: 46]. لكن واحدة فقط، ما هي؟ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى [ سبأ: 46]. يا كفار قريش، يا كفار قوموا كل واحد بمفرده أو اثنين مع بعض لكن ليس أكثر؛ لأنه ثلاثة وأربعة وخمسة بعد ذلك ستضيع القضة، فماذا كان الرد؟ ماذا يفعل، ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ [ سبأ: 46]. فكروا أنتم هذا الرجل محمد بن عبد الله، كل واحد بينه وبين نفسه؛ مجنون، مجنون، ساحر؛ حتى تعرفوا الحقيقة، كان هذا الحقيقة.
إذن كانت هذه أمثلة في المجاهدة بالقرآن والاحتجاج بالقرآن، وأخذ الردود من القرآن على الباطل وأهل الباطل.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل القرآن، وأن يفقهنا في القرآن، وأن ييسر لنا حفظ كتابه والعمل به إنه سميع مجيب.
وصلى الله على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أسئلة وإجابات
يقول السؤال: ذكرت أشياء في معاملة المنافقين والرد عليهم فماذا غير هذا؟
الرد عليهم بالقرآن هذا الأمر الأساس؛ لأنه في بيان الحق والرد على الباطل.
كذلك فإن الآيات القرآنية فيها إرشاد لكثير من أساليب معاملة المنافقين، فهذه السورة الفاضحة والمقشقشة التي بينت حقائقهم؛ سورة التوبة، وكذلك سورة النساء، والأحزاب، والنور، والمنافقون، وأوائل البقرة، هذه مواضع مهمة جداً لتأملها واستخراج وسائل مواجهة المنافقين كلما عظمة شوكتهم وسلطانهم.
اقترب الصيف بعض الناس يريدون السفر إلى الخارج؟
نقول النصيحة النصحية، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته [رواه البخاري: 893].
لا تورد أهلك أماكن منكرات أو محرمات، ولا تكن قضية السياحة، والفرجة والتفريج عن النفس أنها تمر عبر بوابة فيها محرمات، والله أغنانا بحلاله عن حرامه، فإذا ينبغي أن يكون المكان المقصود، أن يكون المكان المقصود بعيداً عن المحرمات.
س: هناك بعض من يتعمد تشويه سمعة بعض الشباب والفتيات، ما هي الموعظة لهؤلاء؟
ج: هذه يا إخوان والله ظاهرة خطيرة، وفعلاً سيئة أن بعض الناس عندهم التشويه لأسباب، فقد تكون هناك عداوة شخصية، فتصير عداوة بين -مثلاً- واحدة وواحدة في الكلية أو في المدرسة فتقول: سأريك، وتذهب تخرج عليها إشاعة في الإنترنت، مثلاً، كذلك قد يعادي شخصاً لأي سبب من الأسباب فيخرج ما يشوه سمعته، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات الله هددهم أنهم احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً.
ثانياً: الذي يرمي بريئاً فإن عليه حد القذف، ثمانين جلدة في ظهره، وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور: 4]. فهناك تهديدات شديدة لمن يفعل هذا، وأيضا البهتان، إن لم يكن فيه فقد بهته، وقد سماه الله في كتابه الإفك، فإذا تدبرنا ما في القرآن من هذا، سنجد -والله- أن من يقوم بهذا يرمي بريئاً بما ليس فيه تشويهاً لسمعته، ويقولون حتى البنت هذه ما أحد يتزوجها، وحتى هذا الناس ينفرون منه، تشويه السمعة جريمة عظيمة جداً، ونظراً للأذى النفسي البالغ فإنه قد ورد فيها حدود، تهديدات من الله وذكر عذاب أليم في تشويه السمعة بالباطل.
س: ما رأيك بمن يقول: أن ماء زمزم أن الإكثار من ماء زمزم يؤدي إلى الفشل الكلوي لأنه كثير الأملاح؟
ج: يعني الذي يقول هذا أضل من بعير أهله، إذا كان هو لا يؤمن بحديث ماء زمزم لما شرب له، ولا يؤمن بحديث النبي ﷺ: طعام طُعم وشفاء سُقم [رواه البيهقي في الشعب: 3835، والطبراني في الأوسط: 295، وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه: 9117، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 3572]. الآن نبيك يقول شفاء سُقم، وتأتي تقول فشل كلوي!، كيف شفاء سُقم تكون فشل كلوي؟ لا شك سبحان الله، بعضهم إذا كان كافراً انتهى، شيء متوقع قال بعض الأطباء أو الخبراء البريطانيين أنه طيب مقبول، كافر ماذا تتوقع منه؟ لكن المصيبة أن مسلماً يتأثر بهذا ويقول ويروج، يوجد الآن ملايين من الحجاج والمعتمرين يأخذونه، وأنت تحرم نفسك من الفضائل.
س: أحب أن أقرأ القرآن وإذا قراته يوم أتركه أياماً، أريد أن أقرأ مرة ثانية أحس أن هناك فجوة بيني وبينه، وإذا قرأته أحس بخوف ورجفة؟
ج: طبعاً هذا قد يكون لأذى أو عارض عند بعض الناس يحصل مثل هذه الأعراض، ولكن هذا القرآن شفاء، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء [ الإسراء: 82]. ولذلك واظب عليه يا أخي، والرسول ﷺ اشتكى إلى ربه، وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [ الفرقان: 30]. فإياك وهجر القرآن، وكذلك فالمسألة مجاهدة النفس، تقول: أنه بيني وبينه فجوة إذن، أنت كيف تزيل الفجوة؟ بمواظبتك على تلاوته، هل تعرفون ان الاستشفاء بالقرآن عبادة؟ الاستشفاء بالقرآن رقية بالقرآن عبادة يؤجر عليها الإنسان؛ لأنه لجأ إلى الله بتلاوة كلامه، لماذا يؤجر على الرقية بالقرآن؟ لأنه لجأ إلى الله بالاستشفاء بكلامه، وهذا نوع من التوحيد.
س: طال الوقت وطال الأمد والزمن في محنة إخواننا في سوريا كيف ننظر بهذا شرعاً؟
ج: ننظر لهذا من عدة نواحي.
أولاً: الله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل ، يزيد البلاء فيزيد الصبر والأجر.
ثالثاً: يزيد الإجرام فينزل أخذ الله.
يستحق المجرم الأخذ بتزايد الجرائم التي يفعلها.
رابعاً: صفوفنا فيها دخل، وفيه دخن، وما يصح نبرئ أنفسنا، فنحن مثلاً فينا قوم يستعجلون، الله يربيهم بطول هذه المحنة، وفينا قوم مثلاً لم يتخذوا القرن منهجاً، فالله يعلمهم من خلال هذه المحنة حتى يعودوا إليه، مزيد من العودة إلى الله، مزيد من الهداية بالابتلاء، كذلك في أصحاب نوايا شيئة، واتجاهات منحرفة، أقنعة زائفة لا بد أن تسقط، ناس لا بد أن ينكشفوا، كل ما طال الزمن انكشف المزيد، وظهر عوار المنافقين، وكذلك تزلزل أصحاب الإيمان الضعيف، والأطروحات السيئة تتساقط، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [ الرعد: 17].
فهناك حكم كثيرة من وراء طول المحنة، ولعل الله يريد لبلاد الشام أمراً عظيماً، ولذلك يدخل أهلها في تربية طويلة على الصبر والمصابرة، والمجاهدة والمقارعة، والثبات وزيادة الإيمان، والتعبد لله بانتظار الفرج، وهذه المحنة كشفت ناساً كثيرين ممن خرج وغيرهم كان عندهم تجهيل بالدين، حصل لهم تجهيل حوالي أربعين خمسين سنة، الآن بدأ الالتفات إلى تعلم الدين من عامة الناس، مزيد من الإقبال على الله، لا شرق ولا غرب، ولا شمال ولا جنوب، ولا أحد ولا عرب، ولا عجم، ما أحد يقف معهم، الناس تلقائياً تعود إلى الله ما في طريق اصلاً إلا هذا، فيزداد توحيد الناس، يتخذ الله مزيداً من الشهداء، هناك ناس لهم جراحات وأذى لحق بهم، فيزدادون أجراً، هناك أشياء عظيمة تتاح الفرصة للمسلمين لمزيد من تقديم الدعم لإخوانهم فيزداد أجر المتصدقين؛ لأنه في مزيد صدقات، ومزيد إعانات، ومزيد من الدعم، إذن هناك حكم كثيرة من وراء هذا، نحن على يقين فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [ النساء: 19]. نحن موقنون أن فيه الخير الكثير، ينكشف بإذن الله الله.
س: طالب العلم هل يعتبر في جهاد؟
ج: نعم هو جهاد أي نوع جهاد؟ في تعلم دين الله، يصبر على الحفظ، يصبر على الدرس، يصبر على الشيخ، يصبر على السؤال، يصبر على المراجعة، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن ييسر لك تثبيت حفظ كتابه في نفسك وسائر إخواننا الحفظة والحافظات.
س: امرأة نصرانية أفريقية لديها معاملة في أحد الدوائر وساعدتها حتى انتهت وحاولت أن أقنعها بالإسلام، قالت: إنها مقتنعة بالنصرانية، لكن أعطني بعض الكتب عن الإسلام وسأقرأها.
لو أعطيتها يا أخي ترجمة معاني القرن بلغتها سيكون ذلك أمراً عظيماً أنك تدعوها بكلام ربها، ترجمة معاني كلام ربها.
س: يقول بعضهم: قرأت لا يقبل الله توبة ذنب وإن تاب منه صاحبه؟
ليس هناك ذنب لا يقبل الله توبة صاحبه إذا صحت التوبة قبِل الله، قال تعالى: غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ [ غافر: 3]. يقبل التوبة، وعد لا يخلف.
س: توفي شخص من جماعتنا وقمنا أبناء الحي بجمع مبلغ؛ لكي نوفر الطعام ثلاثة أيام لأهل الميت وزاد من المبلغ هل يمكن أن نجعلها وقفاً للميت؟
ج: لا مانع أن يجعل لهم مزيداً من الطعام، مادام جمع بهذا القصد يعطون إياه، وإن قالوا: لا، تصدقوا به عن ميتنا لا مانع، ونص السؤال: أن هذا الطعام لأهل الميت وليس للناس؛ لأن جمع الناس على العزاء مع طعام نياحة، "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وعمل الطعام من النياحة"، فإذن ما يجوز الاجتماع على ولائم في العزاء، الأكل لأهل الميت وليس لعموم الناس.
س: هل يؤثر القرآن إذا قرئ على ناس كفار لا يعرفون العربية؟
ج: نعم له أثر، وبعضهم سبحان الله حصلت قصة أن رجلاً من المسلمين قام يخطب ببعض المسلمين بخطبة وكان فيها آيات وكلام آخر من كلامه هو، وكان في المستمعين من بعيد امرأة نصرانية، بعد انتهاء الخطبة هذه المرأة تقدمت لتهنئ المسلمين على نجاح القداس، هي ظنت أن هذا مثل تبع الكنيسة، قداس، وأنه نجح القداس، الناس تأثروا، ثم سألت وقالت: هناك عبارات في خطبة هذا الخطيب تختلف عن بقية كلامه، ما هذه؟، هذه امرأة لا تعرف العربية، لكن هي أحست أن هناك جمل وعبارات في الكلام تختلف عن بقية الكلام، فإذا كان الكافر قد يدرك و يميز أن هذا قرآن، وهذا كلام آخر، قد يحصل لبعضهم، أما أنه قد يُشفى من مرضه نعم، أبو سعيد الخدري رقى كافراً لديغاً بسورة الفاتحة سبعاً فشُفي"[رواه البخاري: 2276]. إذن، القرآن يؤثر في الكافر، حتى في شفائه من المرض.
س: القيام ضد السحرة والمشعوذين هل هو نوع من الجهاد؟
بلا شك ولا ريب فإنهم آذوا عباد الله، وفرقوا الأسر، وشتتوا الشمل، وسببوا أمراضاً، تسببوا في قتل ناس، والتفريق بين رجل وزوجته، وحبيب وحبيبه، وقريب وقريبه.
س: هل الإلحاد والشرك فقط؟
لا؛ لأن الإلحاد عند العصر الحديث يطلق على إنكار وجود الله، ونحو ذلك، وذكره الله:وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ[الأعراف: 180]. فيميلون بها عن الحق المراد منها، فإذا الميل عن الحق هو إلحاد، واللحد في اللغة، اللحد في الدفن، معروف هو الشق المائل الذي يجعل لدفن الميت فيه، فإذا الإلحاد أو اللحد، الإلحاد مأخذ من الميل أو العدول، لكن عند هؤلاء بعض المتأخرين يطلقونه على إنكار وجود الله تعالى.
س: بعض السنن باتت مهجورة ومن فعلها يصبح غريباً؟
ويكون إذا احتسب في نشرها له أجر خاص، من أحيا سنة فله أجر عظيم، من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه مثل إحياء السنة.
س: كيف نرد على من قال: الحجاب سنة وليس بواجب؟
ج: هذه النصوص الكثيرة،وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ[النور: 31]، وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور: 31].
هذه أوامر،وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النور: 31]. نهي، وَلْيَضْرِبْنَ هذا لام الأمر وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور: 31].
وقوله -سبحانه وتعالى-: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ [ الأحزاب: 59]. قل أمر، فهذه أوامر تقتضي الإلزام.
س: تابعت مع أبنائي بعض حلقات فيها البوذية والمخلوقات الغريبة، وسفور البنات؟
إذن، هناك غزو في الحقيقة لعقيدتنا وأخلاقنا وديننا فالحذر، ومنع رئيسي، لتفرج على هذه الأشياء المحرمة، حتى لا تتطرق تدخل في النفوس، نظر المرأة إلى الرجال إذا كان بفتنة، تفتتن بالنظر إليه فهذا لا يجوز، لكن الاستشفاء كل القرآن، لكن بشكل رئيسي المعوذتان ثلاثاً، والفاتحة سبعاً.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يرزقنا التمسك بدينه والصبر والمصابرة في الدعوة إليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.