الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

الذين خلقوا من أجلنا


عناصر المادة
الخطبة الأولى
عالم الملائكة
أعمال الملائكة
علاقة الملائكة بالبشر
صلاة الملائكة على الناس
تعاقب الملائكة في رفع التقارير
الخطبة الثانية
واجبنا تجاه الملائكة

الخطبة الأولى

00:00:07

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

عالم الملائكة

00:00:34

فهذا موضوع غيبي يزيد الإيمان، والصلة بالرحمن، والتعلق بقوم كرام، خلقهم الله من نور قبل خلق آدم ، خلقتهم عظيمة، رأى النبي ﷺ جبريل قد سد الأفق، له ستمائة جناح، يسقط من جناحه التهاويل من الدر والياقوت كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.

وأخبرنا ﷺ عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقة مسيرة سبعمائة عام تخفق الطير، والملائكة ذوو أجنحة مثنى وثلاث ورباع وأكثر من ذلك، وملائكة النار غلاظ شداد، وصورة الملائكة في العموم جميلة، وجبريل  ذُو مِرَّةٍ [سورة النجم:6]. كما وصفه الله أي: منظر حسن، وخلقهم ومنازلهم تتفاوت بأمر الله تعالى، وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ [سورة الصافات:164]. والذين شهدوا بدراً من الملائكة هم أفضلهم، لا يأكلون ولا يشربون، ولا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، ولذلك لما جاؤوا لإبراهيم رأى أيديهم لا تصل إلى الطعام، وقال الله في كفرة العرب: وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ [سورة الزخرف:19]، هؤلاء الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولا يسأمون، أعدادهم غفيرة، يصلي في البيت المعمور في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ولجهنم سبعون ألف زمام على كل زمام سبعون ألف ملك، والملائكة في الأرض في ليلة القدر أكثر من عدد الحصى، وكل إنسان له ملكان يكتبان إعماله، وملائكة تحفظه من الأمام والخلف من أمر الله، فإذا جاء أمر الله تخلت الملائكة فوقع المقدور.

هؤلاء الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولا يسأمون، أعدادهم غفيرة، يصلي في البيت المعمور في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ولجهنم سبعون ألف زمام على كل زمام سبعون ألف ملك، والملائكة في الأرض في ليلة القدر أكثر من عدد الحصى، وكل إنسان له ملكان يكتبان إعماله، وملائكة تحفظه من الأمام والخلف من أمر الله، فإذا جاء أمر الله تخلت الملائكة فوقع المقدور.

إنهم قوم كرام بررة، من أعظم صفاتهم الحياء وسرعتهم عظيمة، فلا تنقضي القضية في الأرض إلا وجبريل حاضر من السماوات إلى النبي ﷺ بالجواب، من رب العزة .

وهم ذوو علم، ولهم نقاشات فيما بينهم، والله أعلم بالملأ الأعلى إذ يختصمون، لما اختصموا في خلق آدم، وهو يفصل بهم عندما تختصم ملائكة الرحمة والعذاب في روح فلان من الناس قد عمل بخير وشر، إنهم قوم منظمون في غاية الانتظام، يصفون عند ربهم، يتمون الصفوف، ويتراصون في الصف، ويأتون يوم القيامة صفاً صفاً وهم في غاية الدقة في تنفيذ الأوامر، وهذا ملك الموت كم يقبض في اليوم والليلة من أرواح الناس، بأمر الله تعالى، لا يخطئ في قبض إنسان أبداً.

أعمال الملائكة

00:04:16

وأولئك الملائكة يفتحون الأبواب بالأوامر كما جاء في ليلة المعراج، وعند دخول الجنة يقول: من؟ فيقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك[1].

إنهم قدوتنا في العبادة، لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ [سورة التحريم:6]، يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ [سورة النحل:50]، وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [سورة الأنبياء:28]. أصحاب تسبيح مستمر، يحجون إلى البيت المعمور، ويضربون بأجنحتهم خضعاناً لقول الله تعالى، خلقهم الله من أجلنا، وأسجدهم لأبينا، وعلموه السلام، وغسلوه عند موته، وألحدوا له في قبره، غسلوه بالماء وتراً كما جاء ذلك في الحديث الصحيح، وعلمونا تلك السنة.

وللنطفة ملك، ويحرسون ابن آدم، وكذلك يسجلون أعمالنا، وينزعون أرواحنا عليهم سلام الله.

علاقة الملائكة بالبشر

00:05:32

هؤلاء الملائكة لهم علاقة وطيدة بنا، فهم يحركون بواعث الخير في نفوس العباد، كما قال ﷺ: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة[2] أما قرينه من الشياطين فيأمر بالشر، والقرين من الملائكة يأمر بالخير، قال ﷺ: وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد من ذلك شيئاً فليعلم أنه من الله، وليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم[3] ثم قرأ ﷺ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً [سورة البقرة:268]، فكل عمل صالح يخطر ببالك يا أيها المسلم فاعلم أنه خطر ببالك من إلقاء الملك إياه في روعك وما دلك عليه وأرشدك إليه، فالحمد لله على هذه النعمة العظيمة، وإذا أوى الإنسان إلى فراشه ابتدره ملك وشيطان فيقول الملك: اختم بخير، ويقول الشيطان: اختم بشر، فإذا ذكر الله حتى يغلبه أي النوم، طرد الملك الشيطان وبات يكلؤه، فإذا استيقظ العبد ابتدره ملك وشيطان، فيقول الملك: افتح بخير، ويقول الشيطان: افتح بشر، فإن قال الحمد لله الذي أحيا نفسي بعدما أماتها ولم يمتها في منامها، الحمد لله الذي يمسك التي قضى عليها الموت، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى.. الحديث: طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه[4] رواه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي على تصحيحه، وقال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح، غير إبراهيم الشامي وهو ثقة.

فإذا استجبت لداعي الملك يا عبد الله، استجبت لمخلوق أمرك بخير، وإذا بت على طهارة في فراشك بات معك ملك في فراشك، فهنيئاً لمن طبق السنة.

أيها الإخوة المؤمنون: إن هؤلاء الملائكة لهم محبة لنا إذا كنا من أهل الإيمان ينادي الله جبريل: إن الله يحب فلاناً، إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحببه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض[5].

إنهم يسددون المؤمنين وكانت الملائكة تؤيد المؤمنين في المعارك، وجبريل يؤيد حسان بن ثابت، والملك قد ذكر سليمان بكلمة: إن شاء الله، لما قال: لأطوفن الليلة بمائة امرأة، تلد كل امرأة غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل ونسي. الحديث. فإذاً هو يذكر، الملك يذكر عباد الله تعالى بالإيمان.

وصلاة الملائكة على المؤمنين معلومة، كما قال الله:إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [سورة الأحزاب:56]، وقال الله: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [سورة الأحزاب:43]، فعجباً لهؤلاء العصاة الفسقة المتمردين على أمر الله، هذه الملائكة تصلي وتدعو لكي يهتدي الناس، وهؤلاء مصرون على المعاصي، حرموا أنفسهم من الخير، ولم يكونوا في عداد الذين ذكروا في دعاء هؤلاء الملائكة ممن استجاب الله لهم.

صلاة الملائكة على الناس

00:10:05

وصلاة الملائكة الدعاء بالاستغفار والرحمة، وهم يصلون على معلمي الناس الخير، ويصلون على منتظري الجماعة في المسجد يقولون: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، وهو في مجلسه ما دام لم يؤذ فيه، وهم يصلون بالذات ويدعون بالمغفرة والرحمة للذين في الصف الأول، كما جاء في الحديث الصحيح: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول[6] وفي سنن النسائي: على الصفوف المتقدمة[7] وفي سنن ابن ماجه: على الصف الأول[8] فهنيئاً لأصحاب الصف الأول والصفوف المتقدمة، ومما جاء في الأحاديث الصحيحة أيضاً: أنهم يصلون على الذين يصلون الصفوف، فمن تقدم إلى فرجة فسدها، ووصل صفاً، فالملائكة تدعو له بالذات من بين الناس؛ لأنه وصل صفاً، وكذلك المتسحرون، الملائكة تصلي عليهم، وتدعو لهم، وما من عبد يصلي على النبي ﷺ إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر[9] كما ذكر النبي ﷺ في الحديث الصحيح، فإذا خرجت يا عبد الله لعيادة مريض ابتغاء وجه الله صلى عليك سبعون ألف ملك يستغفرون لك من الصباح إلى المساء، ومن المساء إلى الصباح بحسب الوقت الذي وقعت فيه زيارتك.

وهذه الدعوات من الملائكة لها أثر ولا شك في تخليصنا من ظلمات الكفر والشرك والذنوب والمعاصي، فهنيئاً لمن استجابوا لله ورسوله، وهؤلاء الملائكة يؤمنون على دعاء المؤمنين، وإذا مات الإنسان فمن حوله لا يدعو إلا بالخير؛ لأن الملائكة يؤمنون على ما يقول الناس حينئذٍ، وهنيئاً لمن يتذكر أخاه المسلم بدعوة في ظهر الغيب؛ لأن هناك ملك موكل خاص يقول: ولك، فيدعو له بمثل ما دعا لأخيه المسلم.

هؤلاء الذين يحملون العرش من الملائكة الكرام يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا، ماذا يقولون؟ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ۝ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۝ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ [سورة غافر:7-9]، هذا دعاء الملائكة فهنيئاً إذاً لمن استجاب لله، وأخلص له وتاب واتبع سبيل الله ، وتابع محمداً ﷺ في سلوك طريق الحق.

ثم هنيئاً لمن يحضرون مجالس الذكر والعلم، والدروس والمحاضرات الشرعية؛ لأن لله ملائكة يطوفون في الطرق، ويلتمسون أهل الذكر، فإذا جاؤوا حفوا بهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، هذا الحف تكريم، لا شك أن الملائكة تدعو وتدعو وتدعو لهؤلاء الحاضرين في حلق العلم والذكر، والحاضرون يقتربون من الله؛ لأن الملائكة حفتهم بأجنحتهم، وهذه السكينة تنزل، والرحمة تغشى، فهنيئاً لطلبة العلم وأهل الذكر.

ثم تسجل الملائكة الحاضرين لصلاة الجمعة، الأول فالأول، يكتبونهم في الصحف، الأول فالأول، بالترتيب، يسجلون بالترتيب، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر[10] حديث متفق عليه.

وكل كلمة طيبة تخرج من العبد يسجلونها، بل ربما تنافسوا على كلمات عظيمة كما تنافسوا على قول: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. بعد الرفع من الركوع، ابتدرتها الملائكة، بضع وثلاثين ملكاً أيهم يكتبها أولاً. يتنافسون للكتابة.

تعاقب الملائكة في رفع التقارير

00:14:51

هؤلاء الملائكة يتعاقبون فينا بالليل والنهار، وهناك نوبتان تتبادلان في العصر والفجر، بالعصر والفجر تصعد مجموعة وتنزل أخرى، والملك علام الغيوب ترفع إليه تقارير يومية عن أعمال العباد، كما بين النبي ﷺ في الحديث الصحيح: إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل 

هؤلاء الملائكة يتعاقبون فينا بالليل والنهار، وهناك نوبتان تتبادلان في العصر والفجر، بالعصر والفجر تصعد مجموعة وتنزل أخرى، والملك علام الغيوب ترفع إليه تقارير يومية عن أعمال العباد، كما بين النبي ﷺ في الحديث الصحيح: إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل[11]
وهو أعلم بما في السجلات .

وتشهد الملائكة صلاة الفجر، وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [سورة الإسراء:78].

ويتنزلون عندما يقرأ المؤمن القرآن، كما تنزلوا لسماع سورة الكهف من أسيد بن حضير رضي الله تعالى عنه.

وهم يبلغون النبي ﷺ عن أمته السلام، يسيحون في الأرض فأيما إنسان صلى على محمد بن عبد الله ﷺ في أي بقعة في العالم بلغته الملائكة سلام هذا الإنسان من أمته.

وهم يبشرون المؤمنين، بشروا إبراهيم أنه سيرزق بذرية صالحة من ولد وحفيد، وبشروا زكريا وهو قائم يصلي، نادته الملائكةأَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى [سورة آل عمران:39]. وبشروا الإنسان المسلم الذي زار أخاً له في الله حباً في الله بشروه بأن الله يحبه، وبشروا خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، كما لم تؤذ زوجها، وحافظت عليه فكوفئت بذلك البيت العظيم، وأروا النبي ﷺ في المنام عائشة في سرقة من حرير، فوقع كما رأى في الرؤيا الصادقة.

ويقاتلون مع المؤمنين، ويثبتونهم في حروبهم، فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ [سورة الأنفال:12]، وهكذا ينزلهم الله تعالى بل يقاتلون ويضربون بالسوط على خيول وجياد ينزلون من السماء، ويؤيد الله المؤمنين إذا استوفوا شروط النصر بجنود من عنده ، ويحمون المؤمنين، وينصرون عباد الله الصالحين.

وهكذا أيها الإخوة تقوم هذه الملائكة بالأدوار العظيمة للأحياء، وتشهد جنائز الأموات الصالحين، كما شهد سبعون ألفاً من الملائكة جنازة سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه، وأظلوا والد جابر وهو الشهيد بأجنحتهم، وكذلك جاؤوا بالتابوت سكينة وتثبيت لبني إسرائيل، لما بعث عليهم طالوت، بعث الله لهم طالوت ملكاً يقودهم بالدين.

وهم يحمون مقدساتنا مكة والمدينة من الدجال، فلا يستطيع أن يدخلها؛ لأن هنالك ملائكة أصلت السيوف استعداداً لمجيئه، فلا يستطيع أن يدخل، وهم باسطوا أجنحتهم على الشام كما بين النبي ﷺ في الحديث الصحيح: تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام[12].

فهم الذين يحمون المسلمين بأمر الله ، ويكرمونهم أحياءاً وأمواتاً.

نسأل الله أن يجعلنا من المؤمنين به، وبملائكته، وبكتبه ورسله، إنه سميع مجيب، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

وأوسعوا لإخوانكم الواقفين.

الخطبة الثانية

00:19:34

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا مالك إلا هو، مالك الملك ، له الملك التام، والعزة التي لا تضام، والمكانة التي لا ترام، .

أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وأزواجه وذريته، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

واجبنا تجاه الملائكة

00:20:13

عباد الله: إذا كانت هذه أدوار الملائكة وأعمالهم فما هو واجبنا نحن نحوهم؟ ما داموا يقومون بكل هذه الأعمال لنا ومن أجلنا، لا شك أولاً الإيمان بهم، والإيمان بهم ركن من أركان الإيمان، لا يصح الإيمان إلا به، أن تؤمن بالله وملائكته، وهذا الذي يفرق بين المسلم والكافر، فالكفار لا يؤمنون بالغيب، والمؤمنون من أول صفات عباد الله المتقين أنهم يؤمنون بالغيب، الم ۝ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ۝ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [سورة البقرة:1-3]. فهذا من الغيب، ونحن نؤمن به، وبهذا يتميز المؤمن عن غير المؤمن.

وثانياً: أننا نحبهم ولا شك في ذلك، ومن عاداهم فهو معادٍ لله تعالى، فيجب الإيمان بهم، ومحبتهم؛ لأنهم صالحون، ومحبة الصالحين من الدين، ومن عاداهم فقد قال الله تعالى فيه: مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ [سورة البقرة:98]، ومن أسباب كفر اليهود أنهم يكرهون جبريل وميكال، فنحن نحبهم، ونحب جبريل أكثر من حبنا لبقية الملائكة لمكانته عند الله، وهو رئيس الملائكة ومقدمهم ، الذي نزل بالوحي على نبينا محمد ﷺ، وهذا الإيمان والمحبة يقتضي أن لا نؤذي الملائكة، وقد قرر العلماء أن من شتم ملكاً من الملائكة فعليه القتل، ونصوا على ذلك، ومن كفر بهم فليس مسلماً على الإطلاق.

ومن عدم إيذاء الملائكة البعد عن الذنوب والمعاصي، فإن أعظم ما يؤذي الملائكة أيها الإخوة الذنوب والمعاصي والكفر والشرك، لماذا لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلباً ولا صورة؟ لأن اتخاذ صور ذوات الأرواح والكلاب من المعاصي، إلا ما استثناه الشرع الحنيف.

لماذا لا تقرب الملائكة السكران والمتضمخ بالزعفران كما جاء في الحديث الصحيح، لا تقربهم، شارب الخمر، السكران لا تقربه الملائكة، وكذلك من تضمخ وطلا واطلا وادهن بالزعفران.

والجنب يندب له ويستحب أن يتوضأ لكي تقترب الملائكة أو يغتسل وهذا أفضل، وجيفة الكافر منبوذة من الملائكة كما بين النبيﷺ ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق وقد تقدم  والجنب إلا أن يتوضأ[13].

والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، ولذلك لا يقرب المسجد آكل البصل والثوم والكراث، وأصحاب الروائح الكريهة عموماً، وأمرنا بالاغتسال ليوم الجمعة، وأن نلبس أحسن ثيابناً.

وكذلك إذا أتى شارب الدخان إلى المسجد آذى الملائكة وعباد الله المصلين، فويل له، فليقلع عن معصيته، وليتب إلى الله ، ومن أجل عدم إيذاء الملائكة نهينها عن البصاق في الصلاة إلى الجهة اليمنى، لماذا؟ لأن عن اليمين، عن يمين المصلي ملك، كما جاء في صحيح البخاري.

ونحن أيها الإخوة: لا بد أن نعاهد الله تعالى على البعد عن المعاصي والذنوب، فإنها تؤذينا قبل أن تؤذي الملائكة، ولنحرص على موافقة الملائكة في الخير، مثل التأمين عندما يصل الإمام إلى موضع التأمين ويشرع في التأمين، يشرع المأمومون؛ لأن الملائكة تبدأ بالتأمين أيضاً، ومن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه[14] فربطت المغفرة بموافقة الملائكة، فما أعظم الثواب لمن يطبق السنة.

اللهم اجعلنا بدينك مستمسكين، ولملائكتك ورسلك وشرعك محبين، اللهم ثبتنا على الإيمان واليقين، اللهم إنا نسألك أن تهدينا سبل السلام، وأن تخرجنا من الظلمات إلى النور، اغفر ذنبا، واستر عيبنا، وآمن روعاتنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وأخز عدونا، اللهم ارفع شأننا، اللهم حسن خلقنا يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المسلمين في كشمير، اللهم إنك أنت القوي العزيز فأيدهم بقوة من عندك، وأمددهم بملائكة من عندك، اللهم اجعل ملائكتك تقاتل معهم يا رب العالمين، اللهم انصر المسلمين في كشمير على الهندوس الظلمة المشركين، اللهم اخز الهندوس ومن شايعهم، اللهم اهزم الهندوس ومن شايعهم، اللهم اقصم ظهور الهندوس ومن شايعهم يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين.

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

  1. ^ رواه مسلم: (197).
  2. ^ رواه مسلم: (2814).
  3. ^ رواه ابن حبان: (997)، وضعفه الالباني في ضعيف الجامع: (1963).
  4. ^ رواه ابن حبان: (5533)، والحاكم: (2011)، وضعفه الألباني في التعليقات الحسان: (5508).
  5. ^ رواه البخاري: (6040)، ومسلم: (2637).
  6. ^ رواه أحمد: (18643)، وابن خزيمة: (1557)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود
  7. ^ رواه النسائي: (811)، (1842)، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (1842).
  8. ^ رواه ابن ماجة: (997)، وصححه الألباني في صحيح الجامع: (1839).
  9. ^ رواه أحمد: (15689)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: (5744).
  10. ^ رواه البخاري: (3211)، ومسلم: (850).
  11. ^ رواه مسلم: (179).
  12. ^ رواه أحمد: (21606)، وصححه الالباني في التعليقات الحسان: (7260).
  13. ^ رواه أبو داود: (4180)، وحسنه الالباني في صحيح الجامع: (3061).
  14. ^ رواه البخاري: (780)، ومسلم: (410).