الخميس 20 جمادى الأولى 1446 هـ :: 21 نوفمبر 2024 م
مناشط الشيخ
  • يتم بث جميع البرامج عبر قناة زاد واليوتيوب

لا تكره لعله خير


عناصر المادة
الخطبة الأولى
أيها المؤمن لا تكره لعله خير
المحن والمصائب في أعماقها المنح والرغائب
المكافآت الربانية في الصبر على المصيبة
الخطبة الثانية
دعاء المصيبة وأثره على المصاب

الخطبة الأولى

00:00:06

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المؤمن لا تكره لعله خير

00:00:49

عباد الله:

يقول ربنا في كتابه مبينًا علمه وجهل المخلوقين، مبينًا أنه مطلع على الغيب والمخلوقون يجهلونه، مواسيًا عباده فيما يصيبهم، ويؤملهم في مستقبل أمرهم وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ سورة البقرة 216. فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًاسورة النساء 19. الله علام الغيوب، وربنا سبحانه علمه كامل فيعلم الماضي والحاضر والمستقبل وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ سورة آل عمران 179. وعندما يقول لعباده وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ سورة البقرة 216. فإنه يبين لهم عجزهم عن إدراك المستقبل، وهذا الغيب الذي طواه عنهم، وأنه قد يجعل في المحن منحًا، وأن المضرة قد يكون في عاقبتها مسرة، المسرة في قلب المضرة وذلك من أفعال الله في خلقه، فيحصل للعبد قَدَرٌ يكرهه؛ لأن فيه مصيبة، لأن فيه فقدٌ لمال، أو نفس، أو ألم نفسي، وحزن، وخوف، يحصل له ما يكرهه لكن المؤمن يعلم بأن الله علام الغيوب فيتوكل عليه، وينتظر الخير من ربه، ولا يصاب بالإحباط والاكتئاب، وإنما يؤمل فيما عند الله، وربنا سبحانه يجعل العواقب أحيانًا بخلاف المنظور تختلف عنه اختلافًا تامًا، ولذلك العبد لا يقترح على ربه بل يفوض الأمر إليه، ويتوكل عليه، ثم يا عباد الله! نحن عاجزون عن الحسابات الصعبة، نحن عاجزون عن معرفة كل الاحتمالات في المستقبل، ولذلك يحصل لك الأمر فتتوكل عليه، وتعلم بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سورة الحديد 22. كتب كل شيء في اللوح  المحفوظ، ما شاء كان ولم يشأ لم يكن، قال الله كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ سورة البقرة 216. كان المسلمون في بدر يريدون غنيمة سهلة، تلك القافلة التي خرجت للمشركين معها حراسة محدودة، فخرج من المسلمين أكثر من ثلاثمائة مجاهد في سبيل الله، يرجون فضل الله، وتعويض شيئًا من الأموال التي فقدوها في مكة وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْسورة الأنفال 7. فماذا قدر الله؟ لقاء جيش عرمرم من الكفار يفوقهم بثلاثة أضعاف، خرج إليهم واقترب من موقعهم، فكره ذلك بعض المؤمنين خرجنا للقافلة فإذا بالقافلة فاتت، ويقدر الله أن يأتي جيش ثلاثة أضعافنا، ولكن الله يريد أن يحق الحق بكلماته، لو أخذ المسلمون القافلة لكانت شيئًا محدودًا لكن الآن أن ينتصروا في أول مواجهة مع قريش أمام العرب، أمام الدنيا، وأن يهزم هذا الجيش من الكفار، وأن يأخذ المسلمون من الغنائم أضعافاً مضاعفة، وأن ينكسر من الكفر من انكسر، وأن يقتل من صناديدهم وطواغيتهم من قتل، أو أن يكون  نصرًا مبينًا، وأن يتسامع بذلك العرب، وأن تبلغ قوة المسلمين ما بلغت، فرقان وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ سورة الأنفال 41. أولها كانت مكروهة وآخرها كانت منحة عظيمة، ومسرة كبيرة، ونصر مؤزر لأهل الإسلام، أخبر النبي ﷺعن قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل، يأخذهم المسلمون سبيًا وهم كفار فيسلسلونهم، وهؤلاء المسلسلين بالتأكيد يكرهون ذلك لكن عندما يكونون بين المسلمين فيفتح الله عليهم، ويدخلون في الدين تكون عاقبة الأسر والسلسلة الهداية والسعادة.

المحن والمصائب في أعماقها المنح والرغائب

00:07:03

وكم من محنة كانت في طياتها المنحة، فاطمة بنت قيس رضي الله عنها استشارت النبي ﷺ في النكاح، فقال: انكحي أسامة فكرهته -لعل ذلك للونه فقد كان أبوه زيد بن حارثة أبيض من القطن وابنه أسود من الفحم ومع ذلك فهو ابنه وكلاهما كان حب رسول الله ﷺ ثم استشارته ثانية، فقال: انكحي أسامة فنكحته قالت: فجعل الله فيه خيرًا كثيرًا واغتبطتُ به [رواه مسلم 1480]. وكذلك لما أرسل الرسول ﷺ جليبيب الفقير إلى عائلة من الأنصار لتزويجه تمنعوا في البداية، والبنت لما علمت أن هذا وصية رسول الله ﷺ أصرت على الزواج منه، وبالرغم من أن  جليبيب قد قتل شهيدًا إلا أن المرأة كانت أنفق امرأة في المدينة من رزق رزقها الله تنفق، أو تسارع إليها الخطاب فلم تلبث بعد زوجها إلا وقد تزوجت فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا سورة النساء 19. عسى أن تكرهوا شيئًا قد تقع في امرأة فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ بعدما قال: وَعَاشِرُوهُنَّ ذكر للأزواج أنه فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًاسورة النساء 19. فعسى أن يكره شيئًا في المرأة من شكلها مثلًا، أو حدة في طبعها، ولكن يجعل الله فيها خيرًا كثيرًا من ولد صالح يأتيه منها ينسيه كل عيوب أمه، كما قال المفسرون بتفسير هذه الآية، يصاب الإنسان بالمصيبة فيفقد ولدًا مثلًا لا يدري الخير أين هو، ألم يقل ربنا في كتابه في قصة موسى والخضر وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا سورة الكهف 80. يعني إذا كبر فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا سورة الكهف 81. ولد بدل ولد، كان الأول لو عاش سيكون شقاء على أبويه فاختار الله أن يقبض، وهذا فيه مصلحة للولد المقبوض وكذلك مصلحة لأبويه؛ حتى لا يرهقهما طغياناً وكفراً، وأبدلهما خيرًا منه زكاة وأقرب رحماً، وقد لا يكون العوض ولد بولد فقد يكون العوض شيئاً أخروياً عظيماً جداً لا يتصور، كان رجل يحضر حلقة رسول الله ﷺ ومعه ابن له يقعده في حضنه فيداعبه، فقال له ﷺ: تحبه؟ قال: "أحبك الله كما أحبه" حبي له شديد حتى أني أسأل الله أن يكون حبه لك كحبي لهذا الغلام من شدة الحب، ففقده النبي ﷺ فسأل عنه، فقالوا: بنيه الذي كان يأتي معه في الدرس هلك، فلقيه ﷺ فعزّاه وسأله: أتحب أنه عندك أو لا تأتي يوم القيامة إلى باب من أبواب الجنة إلا ولقيته سبقك إليه يفتحه لك؟ [رواه النسائي 1870]. لا تأتي إلى باب من أبواب الجنة إلا ووجدته سبقك إليه يفتحه لك، اختار الصحابي هذا؛ لأن ما عند الله خير وأبقى.

المكافآت الربانية في الصبر على المصيبة

00:11:35

وهكذا يا عباد الله! لا بدّ أن يعطي ربنا، ولذلك وعد بثلاثة على ثلاثة في ثلاثة، في أحوال ثلاثة، إذا تصرف العبد بثلاثة أمور يعطيه الله ثلاث مكافآت يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَسورة البقرة 153. ثم قال: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَسورة البقرة 155-156. ذكر المصائب ذكر خمسة تعود إلى ثلاثة أنواع، مصيبة نفسية مثل الخوف، مصيبة بدنية الأنفس، مصيبة مالية الثمرات، هذه الأنواع الثلاثة من المصائب النفسية والبدنية والمالية إذا تصرف العبد حيالها عند وقوعها بثلاثة أعمال فله ثلاثة أنواع من الجزاء عند الله، ما هي الأعمال الثلاثة من العبد؟ قولي، وقلبي، ويجمع بينهما نوع ثالث، فأما القلبي فالصبر يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وأما القولي إِنَّا لِلّهِ نحن ملك له اللام لام الملك إنا لِ، يأخذنا يبقينا، يمرضنا يشفينا، يفقرنا يغنينا، يمرضنا يشفينا إِنَّا لِلّهِ يفعل فينا ما يشاء وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَهذه موعظة أن الملتقى عنده فتلتقي أنت وأحبابك، يا عبد الله! أحبب من شئت فإنك مفارقه، عش ما شئت فإنك ميت إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ سورة الزمر 30. فعمل قلبي وهو الصبر، وعمل قولي وهو الاسترجاع، وإذا صار معه الحمد هذه عدة بناء بيت الحمد في الجنة، وعمل جامع لهما وهو الصلاة اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ثم قال: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ما هي الجزاءات الثلاثة؟ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ يُذكر عنده في الملأ الأعلى الشرف العظيم بين الملائكة وَرَحْمَةٌ يغفر بها ذنوبهم، يربط على قلوبهم، ينزل فيها السكينة، يغشاهم بما يغشاهم من رحمته، يكفر بها سيئاتهم، يضاعف بها حسناتهم، يرفع بها درجاتهم، يعوضهم بها خيراً في الدنيا وفي الآخرة، الثالث: وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَسورة البقرة 157. إلى طريق الحق، ثم إلى طريق الجنة.

الجزاءات الثلاث: أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ يُذكر عنده في الملأ الأعلى الشرف العظيم بين الملائكة  وَرَحْمَةٌيغفر بها ذنوبهم، يربط على قلوبهم، ينزل فيها السكينة، يغشاهم بما يغشاهم من رحمته، يكفر بها سيئاتهم، يضاعف بها حسناتهم، يرفع بها درجاتهم، يعوضهم بها خيراً في الدنيا وفي الآخرة، الثالث: وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ إلى طريق الحق، ثم إلى طريق الجنة.

اللهم بارك لنا فيما أتيتنا واجعله عونًا لنا على طاعتك يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وأدخلنا الجنة مع الأبرار.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

00:15:38

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وأشهد أن محمدًا عبد الله، الرحمة المهداة، البشير والنذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى أزواجه وخلفائه، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، والشافع المشفع يوم يقوم الشهود، اللهم صل وسلم وبارك عليه.

دعاء المصيبة وأثره على المصاب

00:16:21

عباد الله:

كان الصحابة ينزل عليهم القرآن فيأخذون ما فيه من المعاني والعبر والعظات، وكانوا يواجهون الأقدار بالإيمان، فكان هنالك صبر، وكان هنالك رجاء من الله، والله كريم لا بدّ أن يأتي بالعوض، أم سلمة أسلمت وزوجها أبو سلمة في مكة من أوائل المسلمين، وكان أبو سلمة رجلًا كريمًا عاشرها عشرة طيبة تعلقت به، ثم صارت الهجرة فكان بيت أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله ﷺ في المدينة، وحصل ما حصل من تفريق الكفار بين أبي سلمة وأم سلمة، حتى أن المرأة أوذيت رضي الله عنها في نفسها وفي  أولادها، وهاجرت، وتحملت، وبذلت، ثم اجتمعت مع زوجها في المدينة، وبعد مدة يجري قضاء الله تعالى فيأخذ الله أبا سلمة، تتذكر أم سلمة الحديث الذي علمهم إياه رسول الله ﷺ: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها[رواه مسلم 918]. أرادت أن تقولها لكن فكرت وقالت في نفسها مَن خير من أبي سلمة؟ هذا الزوج الكريم، هذا المؤمن القديم، هذا المهاجر الذي يبتغي فضل الله العظيم، قالت: لكني قلتها -قالتها إيمانًا بموعود الله- فأخلف الله لي رسول الله ﷺ، فصارت أم سلمة أمنا جميعًا، أم المؤمنين مع رسول الله ﷺ في الجنة، أم طلحة كانت من أعظم صاحبة مهر في الإسلام؛ لأنها رضيت أن يكون مهرها الإسلام، أم سلمة هذه أيضًا هاتان امرأتان أم طلحة لما تزوجت أنجبت غلامًا ولم يلبث هذا الغلام أن مرض وتوفاه الله وأبوه غائب عند رسول الله ﷺ، فقالت لأهلها: لا يخبر أحد أبا طلحة بولده حتى أكون أنا الذي أخبره، ثم لفته كأنه نائم، ثم تصنعت وتزينت لزوجها، فلما جاء سأل عن الولد قالت: هو الآن أسكن ما يكون، ففهم أنه الآن مرتاح وحاله جيدة، ثم أتى أهله، وبعد ذلك سألته يا أبا طلحة لو أن قومًا أعاروا قومًا عارية -أعطوهم إعارة- ثم سألوهم إياها هل لهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: إن الله أعارك ابنك ثم قبضه فاحتسبه، قال غاضبًا: تركتني حتى إذا تلطخت بما تلطخت به ثم أخبرتني بابني؟ ثم ذهب إلى رسول الله ﷺ فأخبره فدعا لهما بالبركة اللهم بارك لهما في غابر ليلتهما بارك الله لكما في غابر ليلتكما فحملت فأتت بولد يقول الراوي: خرج هذا الولد فأعطته لأنس لم ترضعه حتى يكون أول ما يفتح فم الولد هذا وريق الولد هذا ريق رسول الله ﷺ، جاء أنس بأخيه من أمه جاء أنس الآن بهذا الولد للنبي ﷺ وعنده ميسم يسم الصدقة إبل الصدقة، يعلمها بالعلامات التعليم المعروف، فقال: لعل أم طلحة ولدت، فوضع الميسم ثم أخذه من أنس فمضغ تمرة حتى لينها ثم أوجرها فم الصبي فجعل الولد يتلمض، فقال ﷺ متعجبًا يخبرهم عن حب الأنصار التمر ثم سماه عبد الله [رواه مسلم 2144]. قال الراوي فكان لعبد الله سبع بنين كلهم قد حفظ القرآن، واستشهد عبد الله بفارس في سبيل الله وكان له ذرية عظيمة، إذن قد يذهب ما أخذ ويجعل الله بدلًا منه شيئًا عظيمًا من عوض في الدنيا أو أجر في الآخرة لا يحلم الإنسان به، ولذلك لا مفر للعبد من التوكل على الله، وتسليم الأمر إليه، وعدم الاقتراح على ربه بل هو مستسلم بين يديه، كما مات لبعض السلف سبعة في الطاعون سبعة من الأبناء دفعة واحدة في الطاعون فقال: اللهم إنا مسلِم مسلّم، هذا  حال المؤمن، والدنيا طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار؟ لا يمكن فما هو موقف المؤمنين؟ التسليم، الصبر، احتساب الأجر، والله لا يخلف الوعد وقد وعد بالعوض فلا بدّ أن يأتي.

اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ذنوبنا، وتكفر عنا سيئاتنا، وأن تدخلنا الجنة مع الأبرار، وأن تحرم وجوهنا على النار، اللهم اجمع كلمتنا على الحق يا رب العالمين، اللهم نسألك الثبات حتى الممات، اللهم إنا نسألك نعيما لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين، اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، اللهم أغث اخواننا المستضعفين، اللهم أغث إخواننا المستضعفين، اللهم أغث إخواننا المستضعفين في الشام وسائر الأرض يا رب العالمين، اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وآو شريدهم، وأبرأ جريحهم، واشف مريضهم، وارحم ميتهم، ووحد صفوفهم، واجمع على الحق كلمتهم، اللهم أيدهم بتأييدك، اللهم تول أمرهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين أنت على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، اللهم إنا نسألك الأمن والأمان لبلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين، اللهم اعمرها بالإيمان والأمن يا رب العالمين، اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واغفر لنا يا عزيز يا غفور، لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور وعمل مبرور وسعي مشكور يا حليم يا غفور يا شكور.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

1 - رواه مسلم 1480.
2 - رواه النسائي 1870.
3 - رواه مسلم 918.
4 - رواه مسلم 2144.